يمكن تعريف النفس التربوي من خلال المفردات المكونة له. وذلك بتناول مفهوم كل من العلم, والنفس. والتربية.
أ- العلم Science
يعرف العلم بأنه عملية أو منهج لتوليد جسم المعرفة. فهو يمثل منطق الاستقصاء أو منهجا لحل المشكلات ولهذا المنهج خمس خطوات هي:الإحساس بالمشكلة وتحديدها.ووضع التصميم التجريبي. وتطبيق التجربة واختبار الفرضيات, ونشر النتائج.
والعلم لايكون ناضجا إلا إذا كان له ميدان محدد, تدرس ظواهره بمنهج علمي, وله تراث نظري كاف لتفسير ظواهر ميدانه والتنبؤ بها وضبطها, وله من الأدوات مايمكنه من قياس هذه الظواهر, ونتائجه قابلة للإعادة بغض النظر عن الزمان أو المكان أو الثقافة.
ب- النفس Psychology
لقد كانت النفس تدرس في إطار المذهب الفلسفي منذ رفع سقراط شعاره "اعرف نفسك" وتبعه أفلاطون الذي قسم النفس إلى ثلاث قوى, قوى عاقلة وفضليتها الحكمة, وقوى غضبية وفضليتها الشجاعة, وقوى شهوانية وفضليتها العفة. ولم يجعل للنفس مركزا محددا في الجسم الإنساني, بل جعلها قوة ذات وظائف تسير الإنسان وتوجه سلوكه, وسادت آراء أفلاطون حتى أواخر العصور الوسطى, ثم جاء ديكارت الذي ميز بين الجسم والنفس, ونظر إلى النفس باعتبارها الحالة الشعورية للأفراد, ورأى أن المنهج الملائم لدراستها هو الاستبطان أو التأمل الباطني, أي انتباه الفرد إلى نفسه وتسجيل مايشعر به من حالات تسجيلا وصفيا يبين طبيعتها وكيفية حدوثها. وفي عام 1879 افتتح العالم الألماني فونت Wundt أستاذ الفلسفة في جامعة ليبزج في ألمانيا أول معمل لعلم النفس التجريبي في العالم, وحدد المنهج الذي يجب أن يسير فيه البحث في علم النفس.
وللنفس في الفكر الإسلامي مكان متميز, فقد زخر الخطاب القرآني بالحديث عن النفس وتحدث عن حالاتها, كما تعامل الفلاسفة المسلمون معها بطرق مختلفة.
وفي عام 1890 نظر وليم جيمس إلى النفس باعتبارها تمثل الحياة العقلية للإنسان, واعتبرها ولهلم فونت عام 1892 بأنها الخبرة الداخلية للفرد المكونة من الأحاسيس والمشاعر والأفكار والإرادة, أما جيمس أنجل فقد وصفها عام 1910 بأنها الحالات الشعورية للفرد, ونظر إليها واطسون عام 1919 بأنها مرادفة للسلوك ألإنساني, وانفرد سيجموند فرويد بالنظر إليها بأنها مرادفة للعمليات اللاشعورية, وفي عام 1951 وصفها نورمان بأنها تشمل السلوكين الخارجي والداخلي, ثم جاء ماير عام 1981 ورأى أنها مرادفة لكل من السلوك والعمليات العقلية المسؤولة عن إحداث هذا السلوك.
من هنا يلاحظ أن النفس أصبحت موضوعا لعلم النفس, الذي يعرف بأنه الدراسة العلمية للسلوك الإنساني والعمليات العقلية والإنفعالية والشعورية والأنشطة الجسمية ذات العلاقة.
ج- التربية Education
اختلفت تعريفات التربية باختلاف المدارس الفكرية التي ينتمي إليها العلماء الذين حاولوا تعريفها, فأبو حامد الغزالي يرى أن أهم غرض للتربية هو الفضيلة والتقرب إلى الله, ويراها الفيلسوف الألماني كنت Kunt بأنها ترقية جميع أوجه الكمال التي يمكن ترقيتها لدى الفرد, ويراها بستالوتزي Bestalotzi بأنها عملية تتفتح بها قابليات المتعلم الكامنة, أما سبنسر Spenser فينظر إليها باعتبارها عملية إعداد الفرد للحياة, في حين يراها ديوي مرادفة للحياة نفسها, وهي عملية تكيف مابين الفرد وبيئته.
من هنا فالتربية عملية منظمة ومخططة ترمي إلى مساعدة الفرد على النمو المتكامل من جميع الجوانب الجسمية والمعرفية والإنفعالية والإجتماعية, ليصبح قادرا على التكيف مع نفسه ومع ما يحيط به.
مما سبق يمكن القول إن علم النفس التربوي ميدان متميز بنظرياته ومناهجه البحثية ومشكلاته وأساليبه, فهو يهتم أساسا بفهم العملية التعليمية-التعلمية, وتطوير طرائق تحسين هذه العملية. وهو فرع نظري وتطبيقي من فروع علم النفس يهتم أساسا بالدراسات النظرية والإجراءات التطبيقية لمبادئ علم النفس في مجال الدراسة, وتربية الأفراد, وتنمية إمكاناتهم وشخصياتهم, ويركز بصفة خاصة على عمليتي التعلم والتعليم, والأسس النفسية لعمل المدرس. ويمكن تحديد طبيعة علم النفس التربوي فيما يلي:
1- يعتمد على مجموعة من الحقائق والمعارف المشتقة من البحث العلمي في علم النفس.
2- يركز على دراسة السلوك في مجالات العمل المدرسي.
3- يتبنى منهجا للبحث العلمي وتجميع البيانات والمعارف وتنظيمها.
4- يعنى بدراسة المبادئ والشروط الأساسية للتعلم.
5- يهتم بإكساب الأطفال العادات والإتجاهات السليمة.
6- يركز على إجراء التجارب لمعرفة أفضل الطرائق والإستراتيجيات التعليمية-التعلمية.
7- يوظف الإختبارات والمقاييس النفسية لقياس ذكاء التلاميذ.
المراجع:
- كتاب علم النفس التربوي/ الدكتور محمد بكر نوفل والدكتورة فريال محمد أبو عواد
- كتاب علم النفس التربوي/ الدكتور صالح أبو جادو