بسم الله الرحمن الرحيم
مصطلح المجازالتعريف اللغوي:
جاز الموضع،وجاوزه جوازا أي:تخطاه،وجازه:سار فيه وتخطاه،وهو اسم للمكان الذي يجاز فيه كالمعاج والمزار وأشباههما،وحقيقته هي الانتقال من مكان إلى آخر .
الاصطلاح:
بدأ هذا المصطلح كغيره من المصطلحات الأخرى هشاً ضعيفاً(حياء البدايات)،فهو وإن كان معروفا كمعنى حيث استعمل فى نقل الألفاظ من معنى إلى آخر،لم يعرف بهذا اللقب(المجاز)إلا بعد انقضاء القرون الثلاث وفي ذلك يقول ابن تيميه(661:728هـ)(إن الحقيقة والمجاز من عوارض الألفاظ وبكل حال فهذا التقسيم هو اصطلاح حادث بعد انقضاءِ القرونِ الثلاثةِ..)
وقال أيضا(فإن تقسيم الألفاظ إلى حقيقة ومجاز إنما اشتهر في المائة الرابعة وظهرت أوائله في المائة الثالثة،وما علمته موجودا في المائة الثانية اللهم إلا أن يكون في أواخرها)
وبالرغم من ذلك فإننا نلاحظ أنه – كمعنى - كان موجودا عند العرب وكانوا يستخدمونه في كلامهم لكن لم يسمه أحد بهذا الاسم بل وجدنا سيبويه(148:180هـ)( يطلق عليه(سعة في الكلام) أي أنه كلام ليس بحقيقي وأطلق عليه الفراء (144:207هـ) هـ)(الإجــازة) وذكر قوله تعالى(وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ..)
فالبشارة إنما تكون للفرح والسرور فكيف تكون للعذاب!
وأول من أطلق عليه لفظ (المجاز) هو:أبو عبيدة معمر ابن المثنى (112:208هـ) في كتابه (مجاز القرآن) ولم يكن يقصد به المجاز الذي هو قسيم الحقيقة وإنما عنى بمجاز الآية وتفسيرها.
وقد أشار إليه الجاحظ (163:255هـ)في عدة صور وأورد بعض الآيات القرآنية على ذلك.
قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا..).
قوله تعالى(أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ..).فيقال ذلك حتى وإن شربوا بتلك الأموال الأنبذة ولبسوا الحرير وأكلوا ما لذ وطاب وذلك من قبيل المجاز وكان يدعم أقواله بما ورد عن العرب من أشعار.
جاء بعد ذلك ابن قتيبه(213:276هـ) (واتسع فيه حيث عقد له بابا كبيرا سماه (المجاز)تكلم فيه وتوسع في شرحه ورد على الطاعنين في القرآن بالمجاز بأنه كذب بقوله (وهذا من أشنع جهالاتهم وأدلها على سوء نظرهم وقلة أفهامهم ولو كان المجاز كذبا وكل فعل ينسب إلى غير الحيوان باطلا – كان أكثر كلامنا باطلا لأنا نقول:نبت البقل،طالت الشجرة،أينعت الثمرة،أقام الجبل،,,,)
لأن هذه الأشياء لا تستطيع القيام بشئ بذاتها.
واستعمله المبرد (210:286هـ)كما استعمله أبو عبيده(التفسير).
وقال العلوي(000:322هـ)(المجاز-مفعل- واشتقاقه إما من الجواز وهو التعدي ،وإما من الجواز الذي هو نقيض الوجوب والامتناع)ثم قال (وأحسن ما قيل فيه :ما أفاد معنى غير مصطلح عليه في الوضع الذي وقع فيه التخاطب لعلاقة بين الأول والثاني).
وقال عنه ابن جني(000:329هـ) أنه ضد الحقيقة.
وقال ابن رشيق(282:370هـ) )(العرب كثيرا ما تستعمل المجاز وتعده من مفاخر كلامها فإنه دليل الفصاحة ورأس البلاغة وبه بانت لغتها عن سائر اللغات).
وقال ابن فارس(329:395هـ)(المجاز مأخوذ من جاز يجوز إذا استن ماضيا..).
وقال عبدالقاهر(400:471هـ)(المجاز من جاز الشئ يجوزه إذا تعداه كل كلمة أريد بها غير ما وقعت له في وضع واضعها..)،وهكذا قال عنه الرازي.
وقال السكاكي(555:626هـ)(هو الكلمة التي المستعملة في غير ما تدل عليه بنفسها دلالة ظاهرة...).
وقال ابن الأثير(558:637هـ)(المجاز ما أريد به غير المعنى الموضوع له في أصل اللغة).
............هذه التعريفات السابقة لأصحاب (المعني والبيان.)
- أصحاب البديع
المجاز عبارة عن تجوز الحقيقة بحيث يأتي المتطلع إلى اسم موضوع لمعنى فيخصمه إما أن يجعله مفردا بعد أن كان مركبا أو غير ذلك من وجوه الاختصاص)وهم بذلك يعولوا على اللفظ أكثر من المعنى.
- ولم يقسمه الأوائل إلى أنواعه التي هي معروفة الآن إلى أن جاء عبدالقاهر في(دلائل الإعجاز،أسرار البلاغة) فقسمه إلى(مجاز لغوي,عقلي) وبذلك استقرت قواعده وأصوله وسماهم الرازي(544:606هـ)(مجاز في الإثبات ،مجاز في المثبت).
- واللغوي عند السكاكي ما كان في المفرد أما العقلي فهو ما وقع في الجملة وورد أنه كان يرى أن المجاز ينبغي أن يكون لغويا كله وهو مفيد،وغير مفيد،والمفيد استعارة وغير استعارة.
ثم قسمه القزويني(666:739) (إلى مجاز مفرد وهو"لغوي،شرعي،عرفي"ومركب وهو التمثيل على سبيل الاستعارة،ثم قسمه إلى مرسل،استعارة وتبعه بعد ذلك البلاغيون.
تولد من هذا المصطلح العديد من المصطلحات البلاغية الأخرى وهي:
المجاز الإسنادي
سمي إسنادي لأنه عقلي من جهة الإسناد ويقال عنه(التركيبي)،ويستعمل في الألفاظ المفردة في موضعها الأصلي،ولم يشر إليه الأوائل كمسمى ولكنه ورد فى كتاباتهم ،مثل ورد في (الكتاب) لسيبويه
قول الخنساء:
ترعى إذا نسيت حتى إذا ادكرت.......فإنما هي إقبال وإدبار
وورد في (الكامل) للمبرد(210:286هـ)
قول رؤبة بن العجاج :
حارث قد فرجت عني غمي......فنام ليلي وتجلى همي
وفي (الصاحبي)لابن فارس أورده باسم(إضافة الفعل إلى ما ليس بفاعل في الحقيقة)
ويرجع تسميته إلى عبد القادر الجرجاني الذي فصله عن المجاز اللغوي وسماه (مجازا عقليا،مجازا حكميا،مجازا في الإثبات، وإسنادا مجازيا) وقد نبه العلوي إلى هذه الحقيقة.
وسماه السكاكي(مجازا عقليا)وكذلك مالك والقز ويني وشراح التلخيص.
ورأى السبكي(721:771هـ) أن يطلق عليه (مجاز الملابسة)
وسماه السيوطي(849:911هـ)( (المجاز في التركيب)
وقد أخرجه القزويني من علم البيان وأدخله في علم المعاني .
والمجاز العقلي ثلاثة أقسام:
الأول:طرفاه حقيقيان :قوله تعالى(وأخرجت الأرض أثقالها)وقولنا (أنبت الربيع البقل)
الثاني: طرفاه مجازيان:قوله تعالى (فما ربحت تجارتهم)
الثالث:أحدهما حقيقي والآخر مجازي ولابد له من قرينة إما لفظية
مثل:
أفناه قيل الله للشمس اطلعي.............حتى إذا وافاك أفق فارجعي
أوغير لفظية مثل:
أشاب الصغير وأفنى الكبير ...........كر الغداة ومر العشي
ولا بد لهذا النوع من علاقة وأشهر علاقاته
- المفعولية :مثل(عيشة راضية)....والمعنى(مرضية)
- الفاعلية :مثل(سيل مُفعَم) الأصل (مُفعِم)
- المصدرية :مثل(شِعرٌ شاعر)
قول أبي فراس:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم.....وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
- الزمانية :قوله تعالى(والضحى والليل إذا سجى)،نهاره صائم،ليله قائم
- المكانية :قوله تعالى(وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم)..(النهر لا يجري لأنه مكان الماء
- السببية :قول الشاعر:
وإني لمن قوم أفنى شبابهم.....قيلُ الكماة : ألا أين المحامونا.
الذي أفنى ليس قيل الكماة وإنما الذي أفنى هم الشجعان
المجاز الإفرادي(المرسل)
هو أحد أنواع المجاز اللغوي وهو نفسه المجاز المرسل (هكذا سماه الزملكاني والزركشي)وسماه السيوطي(المجاز في المفرد) ،وأول من سماه هكذا هو السكاكي(مرسل) ثم تبعه ابن مالك والقز ويني وشراح التلخيص أما المتقدمون عنه مثل الفراء والآمدي فأوردوا له أمثلة مثل: قولهم للمطر(سماء)
إذا نزل السماء بأرض قوم.......رعيناه وإن كانوا غضابا
وأشار إليها الآمدي بالسببية والمجاورة وهي من أنواع المرسل
وقد قسم القزويني المجاز اللغوي إلى مرسل،استعارة
وعرف المرسل بأنه (ما كانت العلاقة بين ما استعمل فيه وما وضع له ملابسة غير التشبيه)وسمي هكذا لأن الإرسال في اللغة يعني الإطلاق وهو هكذا على عكس الاستعارة فهي مقيدة بأن يكون المشبه من جنس المشبه به.
وقد قسم الإمام الغزالي المجاز إلى أربعة عشر نوعا معظمها يدخل تحت المرسل
ووسع ابن الجوزي والعلوي والزركشي في هذا النوع وجمعوا له علاقات كثيرة من أشهرها
- الجزئية:ذكر الجزء وإرادة الكل:قوله تعالى(قم الليل إل قليل)وقوله(فتحرير رقبة مؤمنة)
وقول الشاعر:
وكم علمته نظم القوافي ......فلما قال قافية هجاني
- الكلية:ذكر الكل وإرادة الجزء:قوله تعالى(يجعلون أصابغهم في آذانهم) أي أناملهم
- السببية:يطلق السبب ويراد المسبب:قوله تعالى(يد الله فوق أيديهم) أطلق اليد وأراد القدرة..فاليد سببها
- المسببية:عكس السابقة:قوله تعالى(وينزل لكم من السماء رزقا) أي المطر هو سبب الرزق
- السبق:اعتبار ما كان: قوله تعالى (وآتوا اليتامى أموالهم)أي اللذين كانوا يتامى
- الاستعداد:اعتبار ما سيكون: قوله تعالى (إني أراني أعصر خمرا)
- المحلية:ذكر المحل وإرادة الحال: قوله تعالى(فليدع ناديه)النادي هو المكان الذي يجتمعون فيه فقد أطلق وأريد به من يجتمع فيه
- الحالية:عكس السابق: قوله تعالى (وإما الذين ابيضت وجوههم ففي رحمة الله)أطلق الحال(في رحمة الله)وأراد المحل(الجنة)
- المجاورة: نحو(خلت الراوية)أي السقاء والراية هي للبعير الحامل للسقاء وأطلقت لمجاورتها لها عند الحمل
- إقامة الفاعل مقام المفعول: قوله تعالى(لاعاصم اليوم من أم الله إلا من رحم):لا عاصم أي لا معصوم
- إقامة المفعول مقام الفاعل: قوله تعالى (إنه كان وعده مأتيا)إي آتيا.
- إقامة الفاعل مقام المصدر:قوله تعالى(ليس لوقعتها كاذبة)أي تكذيب
- إقامة المفعول مقام المصدر: قوله تعالى(بأيكم المفتون)أي الفتنة.
- وصف الشئ بالمصدر: قوله تعالى(فإنهم عدو لي)أي عداوة لي
- مجئ المصدرعلى فـُعول: قوله تعالى(لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) أي شكراً
- مجئ المصدر بمعنى المفعول: قوله تعالى(ذلك مبلغهم من العلم)أي من المعلوم
مجاز التركيب
وهو الإسنادي أو العقلي وقد سبق ذكره
مجاز التشبيه
وهو التشبيه المحذوف أداته
مثل: قوله تعالى(وأزواجه أمهاتهم) أي كأمهاتهم.
التضمين
تضمين معنيين في لفظ واحد ولا فائدة من ذكر اللفظين معا
مثل: قوله تعالى(وأخبتوا إلى ربهم)ضمن أخبتوا معنى أنابوا فأفادت الإخبات والإنابة معا
(لا تشرك بالله شيئاً)...لا تعدل ولا تساوي في العبادة
مجاز الحذف (النقصان)
مثل: قوله تعالى(واسأل القريةَ)أي اسأل أهل القريةِ
(واختار موسى قومهَ سبعين رجلا لميقاتنا).........من قومهِ
المجاز الحكمي
وهو العقلي وقد تقدم ذكره
مجاز الزيادة
مثل: قوله تعالى(ليس كمثله شئ) أي ليس مثله شئ.
ولكن إذا ترتب على هذه الزيادة أو الحذف (سابقا)حكما آخر؛فلا يعد مجازا
المجاز العقلي
وهو(الإسنادي والتركيبي والحكمي)وقد تقدم ذكره
المجاز في الإثبات
وهو(الإسنادي والتركيبي والحكمي والعقلي)وقد تقدم ذكره
المجاز في المثبت
وهو المجاز في المفرد ويسمى اللغوي وهو قسمان (الاستعارة والمجاز المرسل)وقد تقدم ذكره
مجاز اللزوم
والذي ذكره هو عز الدين بن عبدالسلام وذكر أنواعه وهي:
1- التعبير بالإذن عن المشيئة:مثل قوله تعالى(وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله) أي :بمشيئة الله
2- التعبير بالإذن عن التيسير والتسهيل:مثل قوله تعالى(والله يدعو إلى لجنة والمغفرة بإذنه)أي:بتسهيله وتيسيره
3- تسمية ابن السبيل في قوله تعالى
وابن السبيل)لملازمته الطريق
4- نفي الشئ لانتفاء ثمرته:مثل قوله تعالى(كيف يكون للمشركين عهد)فنفي العهد لانتفاء الثمرة منه وهو الوفاء
5- التجوز بلفظ الريب عن الشك:مثل قوله تعالى(لاريب فيه)أي:لاشك
6- التعبير بالمسافحة عن الزنا:مثل قوله تعالى(محصنين غير مسافحين)أي :غير مزانين
7- التعبير بالمحل عن الحال:مثل التعبير باليد عن القدرة وبالقلب عن العقل ..إلخ
8- التعبير بالإرادة عن المقاربة:مثل قوله تعالى(فوجد فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه)
9- التجوز بترك الكلام عن الغضب:مثل قوله تعالى(ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم)
10- التجوز بنفي النظر عن الإذلال والتحقير:مثل قوله تعالى(ولا ينظر إليهم يوم القيامة)
11- التجوز باليأس عن العلم:مثل قوله تعالى(أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا)
12- التعبير بالدخول عن الوطء:مثل قوله تعالى(وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلت بهن..)
13- وصف الزمان بصفة ما يشتمل عليه ويقع فيه:مثل قوله تعالى(فذلك يومئذ يوم عسير)
14- وصف المكان بصفة ما يشتمل عليه ويقع فيه:مثل قوله تعالى(رب اجعل هذا البلد آمنا)
15- وصف الأعراض بصفة من قامت به:مثل قوله تعالى(فما ربحت تجارتهم)فالربح للتاجر وليس للتجارة
المجاز اللغوي
وهو المثبت أو المفرد ،وهو نوعان (المرسل،والاستعارة)وقد تقدم ذكره
مجاز المجاز
:مثل قوله تعالى(ولكن لا تواعدوهن سرا)أي لا تواعدوهن عقد نكاح
وعقد النكاح فيه مجاز لأن النكاح تعبير عن الوطء
مجاز المراتب
سماه الزركشي والسيوطي(مجاز المجاز)
المجاز المرسل
وهو المجاز الإفرادي وهو أحد أنواع المجاز اللغوي،وقد تقدم ذكره
المجاز المرشح
هو الاستعارة الترشيحية كما قال ابن الزملكاني:مثل قوله تعالى(أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين)
المجاز المركب
قال القزويني (هو اللفظ المركب المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه لتمثيل للمبالغة في التمثيل...)
مثل قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله)عبر عن ترك الاتباع باليدين
المجاز المفرد
قال القزويني هو ثلاثة أنواع:
الأول:لغوي:مثل لفظ(أسد)استعملت في اللغة بمعنى الشجاع
الثاني:شرعي:مثل لفظ(الصلاة)عرفت في الشرع بمعنى الدعاء
الثالث:عرفي وهو نوعان:
أ- خاص:مثل لفظ(فَعَلَ)إذا استخدمه المخاطب بعرف النحو في الحديث
ب- عام:مثل(دابة)إذا استخدمه المخاطب بالعرف العام في الإنسان.
=========== انتهى.... والله الموفق ============