السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
بعد أن انقضت صلاة الجماعة، وجدته في انتظاري خارج المسجد،
للوهلة الأولى.. بدا شاحبًا، مضطربًا
تأخره مخاوف، وتقدمه هموم،
ثم تغلب على كل انفعالاته، وتقدم نحوي قائلًا:
شيخ!! عندي سؤال هام.
قلت: تفضل.
قال: على انفراد.
انتحيت به جانبًا، فبدأ يسرد..
أنا من القاهرة، ومتزوج من ضواحيها منذ أشهر قليلة، وزوجتي من أكبر نعم الله علي.
صحيح كان زواجنا سريعًا جدًا، ولم تكن فترة الخطوبة كافية ليتعرف كل منا على الآخر؛ لكنني لست بنادم، فلم يظهر خلاف ما أحب، غير..
- وفي الحقيقة أنني كنت إلى هذا القدر أعيره أذنًا غير واعية؛ أنتظر
السؤال، ولولا ما رأيته من حالته ما أطلت صبري في سماع قصته...فلما بلغ
هذه الجملة قلت له بشغف:
غير ماذا؟
قال: غير أن هناك تصرفات لها تقلقني جدًا.
-قلت: ما هي؟
- قال: أولًا: لا أشعر لها بانفعالات نفسية.
قطبة حاجبي مستفسرًا، فقال شارحًا:
يعني ليس عندها الإ كلمتين اثنتين: "نعم" و "حاضر".
قلت: لعلها قليلة الكلام، وهذه ميزة نادرة الوجود في النساء.
وافقني برأسه إيماء، كفاقد الحيلة، أو كأنه يريد أن يتجاوز هذه النقطة إلى غيرها، فقال:
- ثانيًا: لا تنام!!
لم أتمالك نفسي من الدهشة أن قلت:
كــــيف؟
- قال: أنا على الأقل لم أرها كذلك منذ زواجنا الذي تجاوز النصف عام، إن استيقظت ليلًا أو نهارً، وجدتها مفتوحة العينين.
داخلني شعور لا أعرف وصفه، لكنني قلت له مطمئنن:
يا أخي هذه وساوس، ما من أحد لا ينام..فقط عساها خفيفة النوم على حد تعبيركم في القاهرة.
أراد أن يدخل معي في جدل عند هذه النقطة، ولكنني قلت مقاطعًا للحديث:
يا أخي لا أحد من بني آدم لا ينام..
قال: وهذا ما يقلقني!!
فغرت فاهي رغم عني، ولم ألبث أن قلت:
كـــيف؟؟
قال: مهما تحركت بخفة حولها أحست بي..وقالت دون أن تلتفت: تريد شيئًا.
قلت مقاطعًا: ولو،..
لم يلتفت لمقاطعتي وقال:
ومهما سألتها عن الوقت تخبرني بالساعة والدقيقة والثانية دون النظر في أي مؤقت..وجربتها فإذا قولها في دقة الوقت كالساعة الرقمية.
حاولت مقاطعته لكنه نطق بجملة لم أستطع معها إلا أن أطبق شفتي:
يا مولانا وفي رقبتها من الخلف أسفل شعرها مباشرة ثلاثة أزرة آلية..
قال هذه الجملة وكأنه يزيح عن صدره جبل طال صبره في احتماله.
ولكنني سكت..وطال انتظاري،
ثم نظرت إليه اتفرس في ملامحه، فقال على الفور:
لا تصدقني؛ أبدو لك كذابًا أو مجنونًا...أليس كذلك؟؟
لم يكن من عادتي أن أترك سائلي - مهما كان - حتى أحاول - قدر استطاعتي -
مساعدته، وفكرت أن أقول له شيئًا اصرفه به عن هذا الخاطر..ظننت أنه يعاني
من حالة نفسية، فقطع على أفكاري قائلًا:
هل تسمح بزيارتي ورؤية الأزرة في عنقها بنفسك..قاطعته:
طبعًا لا؛ لا يجوز.
قال: يا سيدنا فكيف تفتي؟.. أليس قد ذكرت لنا في درس الفقه: "النظر جائز للضرورة".
وفي الحقيقة لقد ألجمني الحجة..وحرك دافع الفضول الكامن بداخلي، وبعد أن كنت أريد التنصل أصبحت لا أرفض الفكرة من حيث المبدأ.
لكنني استفقت على خوف بداخلي لم أعرف له ساعتها مبررًا، في الحقيقة أنني
كنت (نصف مغيب) إن صح التعبير، فمن ثم حاولت تأخير الموعد، فقال على الفور:
الوقت الآن مناسب جدًا.
قلت محاولًا التهرب منه، وإيجاد مخرج من هذه الورطة: وهل صارحتها بهذا الذي ذكرته لي، فقال خاتمًا للحديث:
لم أجرأ على ذلك.
إزداد خوفي عند تلك النقطة، فقلت:
فكيف سأرها أن إذن وأنت وهي لم تتناقشا في الأمر من قبل، قال:
ستراها دون أن تشعر بك
- قلت: كيف؟
- قال: من الطابق الأعلى، ولم يترك لي فرصة الاستيضاح؛ فقال شارحاً:
ستصعد أنت إلى الطابق الأعلى، وتنظر من فسحة السُلم، وسأطلب منها أن تخرج
لتنظف أمام الشقة التي نسكنها، فإذا ما انثنت للتنظيف ظهرت الأزرة في
رقبتها.
يا شيخ البيت قريب، وأنا أسكن الطابق الرابع، فهلم معي وننفذ ما اتفقنا عليه.
وانطلقنا سويًا..
البقية في الحلقة القادمة
دمتم بحفظ الله