سوبا
وانتحيتٌ
أفرَّق همي في مفاصل الحروف,
أتجشَّأ جوعاً.
أرصدُ المشاهدَ
مشهداً مشهداً:
(1)
رأيتُ (ود تَْكْتُوك) جدَّي,
يشرع باب مدينتنا
حية رقطاء,
مثلنا رقطاء,
ينادي:
من يقبل الله؟
ينتهي المشهد بجدي يبكي مبتسماً!
(2)
مدينتنا تئن بالدراويش,
ودم الذبائح والخريف,
وبقية من كيد (عجوبة),
وطفل في الشتاء بين فخذية يديه.
(3)
رمض يجوب شوارعنا,
ونيل يصوت مثل أمعاء غليظةٍ,
مليئةً مرةَ
ومرةً...!
(4)
حكاية المدينة,
تشبه الحية مثلما العمامةْ.
قال:
إنّ جدّي فارسُ
رفيعٌ العمادِ,
طويل النجادِ,
كرارْ!
كان اللَّجام عمامةً,
تشدنا كلَّما جمحنا نحو الأصالة.
(5)
قالوا:
في مدخل المدينة,
يمسك الرجل بلسانه.
فيح البابُ علي مصراعيه,
بَقْطُ.
مرّ العبيدُ معفرين,
وألوفُ من القطيعِ,
أمام المئذنةٌْ.
هذه بأولئك,
قسمة ضيزي
قالوا:
زيدوهم خمرةّ
(6)
لكلِ زمانِ ٍِ وأوانٍٍِِِ رجالْ,
كان منتظراّ
دماّ يسيلُ,
يجرفُ مفتاح المدينة نحونا.
كان يشبهنا,
حينما أغلق الباب علينا,
فتحنا,
ورداً يحتضن الشمس,
بخوراً من صمغ اللبان،
يفوح بنا
عبقاً في سماء مدينتنا
يزيدنا سمرةً.
الشمس أقوي من أسوار مدينتنا
(7)
تكوّمَ الحصيد ليوم يبعثون,
كل المدائن حولنا مزاراتُ وعيدْ,
حملنا أكْداَسنا نطلبُ المزيدْ,
من المهد الي اللًّحد,
مدينتنا جبالاتُ مقبرةٍ,
تَغُصُّ الآن باللًّحود.
(8)
ذاكرة تتثاءبُ,
وأحاج ٍ تنداحُ لغة ً عرجاء َ,
تفضحُ جلد العمامة,
تهٌزّ جَذْع الشجرة,
تساقط ثمراً فجاً,
مختلفاً ألوانُه.
زمنُ هجّنَ النبض فينا,
يمد ُّ شرياناً من أقصانا إلي أقصانا
(9)
صوتي مثلي يخُْبو
شُخُوصاً وكَدَرْ.
من يأتيني بصوتي؟
فأنا,
غفوتُ إذ انتحيتْ.