منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنافي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارفي مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا -

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بكاي التلمساني
عضو شرف
عضو شرف


وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
210

نقاط :
602

تاريخ التسجيل :
15/08/2010

المهنة :
باحث وكاتب


في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - Empty
مُساهمةموضوع: في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا -   في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - I_icon_minitime2010-09-03, 12:03

أوّلاً : نموذج التّدريس الهادف :
يُعدّ نموذج التّدريس الهادف من النماذج التعليمية الأكثر رواجًا واستعمالاً في الأنظمة التربوية المعاصرة. وهو نموذج يستمدّ شهرته من مكوناته المنهجية التي تمكّن العاملين في الحقل التربوي من وضع استراتيجيات تربوية علميّة وعقلانية دقيقة. وعليه تستند بيداغوجية الأهداف إلى مبدأ بيداغوجي رئيسي مؤداه أنّ كلّ عمليّة تعليمية ينبغي أن تنطلق من أهداف محدّدة ترومُ تحقيقها.
لماذا التّدريس بواسطة الأهداف ؟ لتنظيم الفعل التّربوي تنظيمًا عقلانيًا وعلميًا دقيقًا، وجعل الفعل التربوي قائمًا على التّخطيط الهادف، وتمكين الأساتذة إلى إنجاز الدّروس داخل الفصل الدراسي وَفق منظور منهجي يساعدهم على اختيار وتوظيف الطرائق والوسائل الملائمة لمَا يريدون بلوغه من أهداف، وبالتالي تُترجم النوايا التربوية إلى أفعال وسلوكات ملموسة. قال أحد علماء التربية: »إنّ المدرّس ينتظر من المتعلّمين عندما يقوم بدرس معيّن الخروج بفائدة، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإنّ ما يقوم به لا يعدو أن يكون وسيلةً لملء الوقت وتسليةً وبعيدًا كلّ البعد عن التربية«.
من أين تستمدّ التّربية أهدافها ؟ تُعدّ الأهداف التربوية الجانب التطبيقي للفلسفة السائدة في المجتمع، بحيث تمثّل الأداةَ الفعّالة في تأكيد مبادئ هذه الفلسفة وتأصيل اتجاهاتها، ومثلها العليا عن طريق غرسها في الأجيال الجديدة، وتربيتهم تربيةً تتشكّل فيها الشخصية المرغوب فيها تشكلاً يتّفق وهذه المبادئ.
إذا كانت هذه مصادر الأهداف التربوية، فماذا عن مستوياتها؟ الأهداف التربوية مراتبُ ودرجاتٌ، ولتحديدها يجب التمييز بين مستوياتها المختلفة، ومثل هذا العمل يقتضي التدرّج من العامّ إلى الخاص، ومن المجرّد إلى المحسوس، ومن المثل والقيم إلى السلوكات، ومن النوايا العامّة إلى الإنجاز الفعلي الذي يبدو في ما يحصل عند المتعلّمين من تغيير معرفي أو وجداني أو مهاري.
ولتبيان ذلك ننطلق من أهداف تدريس اللّغة العربية وآدابها: الهدف الأوّل؛ المحافظة على الهويّة الثقافية للوطن، وهو يعبّر عن التوجهات السياسية التربوية. الهدف الثاني؛ اكتساب القدرة على التّعبير الفصيح، وهو مرمى يحوّل الغايات إلى توجهات أكثر تحديدًا. الهدف الثالث؛ التمكّن من تصريف الأفعال، يشير إلى مهارة عامّة يُراد من المتعلّم أن يتحكّم فيها. الهدف الرّابع؛ يكون التلميذ قادرًا على تصريف فعل معتلّ الآخر، يُترجم المهارة إلى محتويات ملموسة خاصّة بدرس. الهدف الخامس؛ يكون المتعلّم قادرًا على تصريف الفعل (عدا) في المضارع شفهيًا، يُترجم بدقّة ما ينوي الأستاذ تحقيقه إجرائيًا.



وفي ما يلي تمثيل لما سبق ذكره في الجدول الآتي :
مستوى الهدف مضمونه مصـدره صيغـتـه صفـاتــه
إذا كان الهدف فإنّه يعبّر عن.... صادر من لدن.... على صيغة أو شكل... تتـميّـز.......
غايةً فلسفة التربية وتوجهات السياسة التعليمية رجال السياسة والجماعات الضاغطة (برلمان) مبادئ وقيم عليا ورغبات وتطلعات بشكلها المثير والجذاب وكذلك القابل للتأويل
مرمى نوايا المؤسسة التربوية ونظامها التعليمي إداريين ومؤطرين ومفتّشين ومسيّري التعليم أهداف البرامج والمواد وأسلاك التعليم بارتباطها المباشر بالمواد والوسائل والمناهج
عامًا أنماط شخصية المتعلّم العقلية والوجدانية والحس حركية مؤطّريـن
ومدرّسين قدرات ومهارات وتغيرات نريد إحداثها في المتعلّم تمركزها حول المتعلّم وقدراته ومكتسباتـه
خاصًا محتوى درس معيّن سيُنجز في حصّة أو أكثر مدرّسيـن
أو متعلّمين فعل سيقوم به المتعلّم مرتبط بمحتوى درس تصريحها بما سيقوم به المتعلّم في الدرس
إجرائيًا سلوكات يُنجزها المتعلّم لكي يبرهن على بلوغه الهدف مدرّسيـن
أو متعلّمين فعل الإنجاز وشروطه ومعايير الإتقان تصريحها بأدوات التقييم وأشكاله
على ضوء هذا الجدول يمكننا أن نحدّد مستويات الأهداف، كما نرى أنّها مترابطة في ما بينها، ومنسجمة في ترتيبها؛ فالغايات تتحقّق بمرامي البرامج والمقررات، والأهداف العامّة تترجم هذه المرامي إلى مهارات وقدرات عامّة، والأهداف الخاصّة تؤطّر ما هو عام في محتويات ملموسة، بينما تترجم الأهداف الإجرائية الإنجازات والسلوكات التي سيقوم بها المتعلّم لكي يبرهن على أنّه قد تعلّم بالفعل . إذا كان هناك تسلسل بين الأهداف فإنّ هذا يعني أنّ هناك مستويات في اتّخاذ القرار بحيث كلّ مستوى يحدّد من طرف جهة معيّنة .
لا جرمَ أنّ الأهداف الإجرائية من صلب عمل الأستاذ؛ لأنّ مستقبل المتعلّم ومساره التّعليمي مرهون بمدى نجاعة وقيمة عمل الأستاذ، كلّ ذلك متوقّف على قدرة الأستاذ في التحكّم في الأهداف الإجرائية وقدرته على صياغتها، لذا سنحاول تحديد مفهوم الهدف الإجرائي :
1 ـ صيغة معبّرة بوضوح تبيّن للمتعلّم الإنجاز الذي سيقوم به، وتكون هذه الصياغة بأفعال سلوكية قابلة للملاحظة : يستخرج، يصنّف، يقارن، يصوغ، يسرد، ينثر . . .
2 ـ إجراء عملي نقوم به لتنفيذ وتحقيق النوايا التعليمية على المستوى المعرفي أو الوجداني أو المهاري .
3 ـ تقنية يتمّ فيها تحديدُ الإنجاز (السلوك) الذي سيقوم به المتعلّم، والشروط التي سيتمّ بها هذا السلوك، ومعايير التقييم .
صفوة القول : الهدف الإجرائي هو صيغة تتضمّن فعلاً سلوكيًا على المستوى المعرفي أو الوجداني أو المهارة، مرفوقة بشروط الإنجاز ومعايير التقييم .
ثانيًا : النصّ الأدبي وآليات التحليل :
إنّ المتتبّع لواقع الدّراسة الأدبية للنّصوص في مجال التّعليم عمومًا، والثّانوي منه على وجه الخصوص، يجد أنّ المتعلّمين، وحتّى المشتغلين في القطاع، لم يصلوا إلى تحديد آليات لمقاربة النّصوص الأدبية ومُدارستها، وإنْ يكن من أساليب لتحليل النّصوص، فهي لا تعدو أن تكون مجرّد قوالب جاهزة تُصَبّ في النصّ، في محاولة لإيجاد ما يبرّر هذه القوالب داخل مضمون النصّ. كما أضحى النصّ، والأمر كذلك، أجزاءً مبتورة لا رابط بينها؛ كأنْ يقسّم إلى "شكل ومضمون" دون تقدير للعواقب التي قد تنجم عن هذا التّفريق، إذ يفقد معها المتعلّم القدرة على تلقّي النصّ كبنية متكاملة، كلّ عنصر فيه يشكلّ مع بقيّة العناصر كلاّ متكاملاً، وهو ما يصطلح عليه "النصّ".
ارتأينا ـ ونحن نتحدّث عن آليات التحليل ـ تقديم العوائق التي تحول دون تمكّن المتعلّم من تحليل النّصوص الأدبية بطريقة يصل معها إلى بَرَدِ اليقين، ولعلّ أبرزها، غيابُ الفهم الصحيح للمعايير (المقاييس) النّقدية، وكذا المصطلحات التي يدور في دائرتها النصّ، إذ لا يعرف منها المتعلّم إلاّ الأسماء. وهذا النقص ـ فيما نحسب ـ يعود، فيما يعود، إلى غياب المصطلح النّقدي الدّقيق أثناء التّحليل؛ إذ كثيرًا ما تجد مجموعة من المصطلحات النّقدية المُتَدَاولة توظّف بطريقة عشوائية، كأنْ تُستخدَم للدلالة على معنى واحد. فتمثيلاً لا حصرًا، تجد الكثيرين يستخدم مصطلحين للدلالة على معنى واحد، مثل "البساطة والسهولة"، فالأوّل في عرف النقّاد لا يعني البساطة بمعنى الإسفاف، أي أن تصل لغة النصّ الأدبي إلى لغة قريبة من اللّغة العامّية، وكأنّ الأديب يُريد أن يوصل المعنى إلى القارئ بلغة تقارب مستواه الثقافي، وهو ـ بلا شكّ ـ ما يتنافى والبساطة في مجال الفنّ، فهي، والحال هذه، بعيدة عن التّسطيح اللّفظي، هي طريقة في التّعبير والتّصوير، تجعل من المتلقّي يتفاعل وينفعل مع أفكار النصّ فيتشكّل لديه إحساس بلذّة القراءة ومتعة التلقّي، لأنّ من خصوصيات لغة الأدب التلميح لا التصريح، الإشارة لا المباشرة، الرمز لا الوضوح، المجاز لا الحقيقة، الغياب لا الحضور...
كما نلمح، أيضًا، خلطًا في فهم ما اصطلح عليه لدى أهل الذّكر من النقّاد "الوحدة العضوية"؛ إذ تجد هذا المصطلح عندهم يعني ترتيب الأفكار وَفق ما يرتضيه منطق العقل، أي أنّ الأديب يفتتح نصّه بمقدّمة تسوقه إلى العرض ليصل في الأخير إلى خاتمة تكون نتيجة لما تمّ عرضه في المقدّمة والعرض. إذا كان لائقًا مثلُ هذا الأمر في النصّ النّثري، كما أثبت ذلك "أرسطو" في حديثه عن الفروقات الموجودة بين "فن الخطابة" و"فن الشّعر"؛ إذ أثبت أنّ للنصّ المسرحي وحدةً منطقيةً، فإنّه لا يتّفق وعالم الشّعر، لأنّه عالم المشاعر والأحاسيس، والجامع بين الأفكار فيه هو هيمنة شعور أو إحساس واحد، وهو ما يصطلح عليه "الوحدة العضوية" أو "الوحدة الشعورية".
كما يعدّ المنهج المعياري، الذي قام عليه الدّرس النّقدي قديمًا، أحد أبرز العوامل التي أسهمت في تشكيل ثقافة نقدية كمّية تقوم، فيما تقوم، على الأحكام القيمية، والاستنتاجات المسبقة، التي لا ترقى إلى مستوى الدقّة والتحليل العميق لمجاهيل النصّ، إذ تكتفي بإسقاط مجموعة من المعايير الماقبلية على النصّ في محاولة لإيجاد ما يبرّرها، بل وتُفرض على النصّ عُنوةً، فيقَوّلُ النصّ بما ليس فيه، كأن يأخذ نصًّا من البيئة الجاهلية فيتحامل عليه، ناعتًا إيّاه بالضعف فنّيًا، أو ينفي وجود الوحدة العضوية فيه، لكونه يقوم على وحدة البيت وتعدّد المواضيع، أو غياب الخيال، وهو إذ يفعل ذلك، ينطلق من حكم معياري قيمي أقرّه بعض الدارسين، حين قالوا بأنّ ارتكاز القصيد الجاهلي على وحدة البيت يؤدي بالضرورة إلى غياب الوحدة العضوية، أو أنّ الصور البيانية عقلية لتنفّسها في بيئة صحراوية يتّصف أصحابها بالغلظة والخشونة، فتكون الصورة، والأمر كذلك، معبّرة عن طبيعة أهلها.
وكان الأجدى بهم، انطلاقًا من على شرفة ما تقدّم، التحاور مع هذه النصوص، والانطلاق من بنيتها الداخلية لاستكشاف ما سكتت عنه، وأضمرته في طبقات الغياب فيها، هذا الحوار مع النّصوص، هو الذي يسمح بإعطائها فرصة التّعبير عن حالها، من خلال ما تزخر به من مكنون حس، وفيض مشاعر، فهي، والأمر كذلك، تعبّر عن خصوصية أفراد أرادوا أن يسجّلوا شهادتهم التاريخية في هذا الوجود، فلم يجدوا إلاّ النصّ قناةً ليتواصلوا بها مع الأجيال التالية لهم، مسجّلين بصماتهم، التي وإنْ عبّرت عن الهموم المشتركة، فإنّها تعطي التفرّد والتميّز لكلّ واحد منهم، ليكون النصّ، انطلاقًا من هذا المُعطى، لسانَ حاله، يهب نفسه لمن يشاء، ويُعرض عمّن يشاء، بيده أنْ ينفتح على من يرتضيه محاورًا فيكون المعنى ثمرة هذا اللّقاء، وإنْ أبدى تمنّعه وأشاح وجهه عنّا، فليس أمامنا من سبيل إلاّ أن نسعى لإرضائه، عساه يتكرّم علينا ببعض من الدلالة يُبقي لنا بها أمل التواصل معه...
هذا ما يتوخّاه هذا البحث المتواضع، الذي وإن ادّعى الإخلاص فهو لا يدّعي الكمال، فهو جُهد المُقلّ، مأربه هو محاولة التذليل من معاناة المتعلّم، في سبيل الوصول إلى آليات، تتّفق وما جدّ على السّاحة النّقدية، لمقاربة النّصوص الأدبية، وحسبه أنّه قد تجرأ لكسر الجمود الذي يكبّل الممارسة النّقدية. قد يقول قائل، إنّ إدراج المناهج النّقدية المعاصرة: البنيوية، السيميائية، الأسلوبية، نظرية التلقّي" في المرحلة الثانوية مغامرة، أو محاولة مصيرها الفشل، بل إنّها ستزيد من تعقيد عملية التحليل، وتجعل من المتعلّم أبعد ما يكون عن تحليل النصّ الأدبي، وربّما يكون المعلّم نفسُه عاجزًا، لمَا تتطلّبه هذه المناهج من تحصيل وإلمام، قد لا يكون في إمكان المعلّم الإحاطة بمبادئها.
إذا كان ذلك كذلك، أفلا يُمكن إكساب المتعلّم القدرة على تذوّق النصوص، كمرحلة أولى، في محاولة لجعله يكتسب طرائق التحليل، والسماح له بمعاشرة النصوص والتردّد عليها بين الحين والآخر، من غير ملل، لأنّها تملّكته وسلبت أحاسيسه، فلا شيء أحبّ إليه من قراءتها، بل تراه يُراود نفسه على الرجوع إليها المرّة تلو الأخرى لفكّ إسارها، وهو، إذ يفعل ذلك، يكون قد خطا أهم خطوة، ألا وهي حسن الظنّ بالنصّ، والإيمان بتعاليه وتفلّته من كلّ دلالة قارّة، أو كما يقول "إليوت" يُصاب بعدوى النصّ، أو "المماطلة" على حدّ تعبير النّاقد "فخر الدّين الصابي"، حيثُ يقرُّ بأنّ النصّ أكبر من أن يُحيط به منهج، أو إجراءات نقدية تُصادر صوته، فلا يبقى إلاّ "الذّوق"، في هذه المرحلة، معينًا ومرشدًا إلى حين. حالما يحصل ذلك، يكون قد تهيّأ لتعلّم مبادئ المناهج النّقدية المعاصرة، ومن ثمّ القدرة على تفجير طاقات تلك النصوص، والوصول إلى مرتبة القارئ المتمرّس...
هذا الإجراء لا يتحقّق إلاّ إذا أدخلنا في برامج دراسة النصوص الأدبية مفاهيم "علم الجمال" باعتبارها المدخلَ الرّئيس الذي يلج منه المتعلّم، في المرحلة الثانوية، إلى عالم النّقد . لا أقول أن يُلقّن مفاهيم "فلسفة الجمال"، التي لا تتّفق وقدراته الذهنية في هذه المرحلة، بل يكفي أن يتعرّف على بعض المصطلحات الفنّية، من مثل: "الوحدة العضوية، العاطفة، الخيال، الصورة الشعرية، الرّمز"، والتّركيز في تعريفها على علماء النّظرية نفسها، أقصد "كروتشه، كولردج، إليوت، ريتشاردز"وغيرهم، كما يحسن بنا أيضا تصحيح بعض المفاهيم البلاغية لدى المتعلّم، حتّى نخرجه من سجن "البلاغة المدرسية"، التي تجعل النصّ مجرّد كتلة صمّاء لا حياة فيها، همّها الوحيد، هو استخراج أكبر عدد ممكن من الصور البلاغية، دون الوقوف عند جمال الصورة، ومدى ارتباطها بسياق النصّ، أو عملها مع مثيلاتها لتحقيق أدبية النصّ، كما أنّ هذه الطريقة جعلت المتعلّم يركز كبير اهتمامه على الجانب الشكلي في الصورة البيانية، إذ تراه يركز على نوعها، والسعي إلى شرحها من خلال تحديد عناصرها، وإهمال الجانب الأهمّ، وهو الدلالة التي تضمرها، كما تراه يُصدر أحكامًا ما قبلية على النّصوص التي ينتمي أصحابها إلى "مدرسة البديع"، فيُتّهم الأديب بالمغالاة، ويوصف النصّ بالرّداءة لكونه يزخر بالمحسّنات البديعية التي جيء بها للتزيين والتنميق ليس غيرُ، فلمَ لا يكتسب القدرة على تفسير علّة شيوع البديع في النصّ، الذي قد يكون أحد عوامل بناء "شعرية النصّ"، ما دام أنّه ظاهرة جمالية "مُهيمنة Dominante" بمفهوم "جاكبسون"، كما يجب تعليل هذه الظاهرة، ظاهرة الصنعة، في سياقها التّاريخي، أي العودة إلى عوامل ظهور البديع في البيئة العبّاسية، وكيف انتقل النصّ الشّعري من الطبع إلى التطبّع، ومن الوضوح إلى الغموض، بل يجب الإشارة إلى أنّ هذا العصر انتقلت فيه الثقافة العربية من "حضارة الشفاهية" إلى "حضارة الكتابية"، أو "حضارة النصّ"، وما لذلك من تأثير في كتابة الشّعر، ويكفي دليلاً على ذلك قول "أبي تمام" لمن سألاه "لمَ تقول ما لا يُفهم" فردّ قائلاً :"لمَ لا تفهمان ما يُقال". وهو بذلك يقرّ انتقال الشّعر من مركزية الإبلاغ والإفهام إلى مركزية الغموض والرّمز، وهو أوّل بيان تأسيسي لأبجدية جديدة في تلقّي الشّعر، حيث لا يقول النصّ شيئًا ويقول كلّ شيء.
العمل على استثمار مفاهيم "علم المعاني" المقرّرة في المرحلة الثانوية في دراسة النصوص الأدبية، إذ بدل حصرها في إطار "الأمثلة والقاعدة"يمكن للمتعلّم أن يتوسّل بها في تذوّق النصوص وتحليلها، فهذا العلم، كما هو معروف، يعدّ أساس "نظرية النّظم" التي أرسى دعائمها الإمام عبد القاهر الجرجاني، الذي عمل على مزج البلاغة بالنّحو من خلال علم المعاني، إذ اعتبر أنّ جمال الصورة البلاغية يتحكم فيه المعنى النّحوي. ولعلّ من أبرز مباحث هذا العلم، التي تحدّد جماليات النصّ، التقديم والتأخير، الفصل والوصل، أسلوب القصر... كما يتوجّب، والحال هذه، التعامل مع النصوص لاستثمار هذه المفاهيم، بدل الوقوف عند الأمثلة المجرّدة، التي تجعل المعاني مبتورة، وتسهم في تشتيت تفكير المتعلّم، فلا يقوى على تشكيل رؤية نقدية متكاملة، ينظر من خلالها إلى الكلمة داخل سياق النصّ الذي وردت فيه، وما يجمعها بما قبلها وما بعدها. وبهذا العمل يتبيّن للمتعلّم أنّ تحديد دلالة النصوص مرهونٌ بالإلمام بمفاهيم البلاغة وقواعد النّحو، وأنّه لا يوجد فصل بين اللّغة والأدب في تحليل النصوص، بل إنّ جماليات النصّ تنطلق من المُعطى اللّغوي. (وفي هذا السياق يكون قد تهيأ لتلقي مفاهيم اللّسانيات في المرحلة الجامعية).
ولمَ، أيضًا، لا يُعاد قراءة التّراث الأدبي، من هذا المنطلق، ضمن دراسة الأنساق المعرفية التي أسهمت في تحوّل المنظومة المفاهيمية التي يتّكئ عليها النصّ كنموذج لا يعدو أن يكون الجانب المرئي لتلك المنظومة، كدراسة الشّعر الجاهلي وربطه بالرؤية الدّينية والأعراف الاجتماعية للبيئة، واستنطاق البعض منه، كشعر الصعاليك، في إطار علاقة الشاعر المثقف بالسلطة/ القبيلة، أو الهامش والمركز، فتدرس لامية العرب للشّنفرى في إطار "شعرية الرّفض"، رفض الشّاعر/ المثقّف لقوانين القبيلة/ السلطة، التي في نظره تحرّم قبل أن تحلّ. ودراسة شعر صدر الإسلام انطلاقًا من المنظومة الفكرية التي أرسى معالمها الدّين، كإعادة تشكيل القصيدة، من السؤال إلى المعرفة "نموذج حسّان"، غياب المكان في شعر صدر الإسلام، بعدما كان يعجّ به في العصر الجاهلي، لأنّ المكان كان مطمحًا للإنسان الجاهلي حتّى يحقّق به الاستقرار اجتماعيًا بدل حلّه وترحاله، أمّا في صدر الإسلام فهو ثانوي، لأنّه استعاض عنه بالعقيدة كملجأ يأوي إليه من تيه العقائد الجاهلية. إذًا، قدسية المكان ارتبطت بالمعرفة الدّينية. تحوّل الشّعر من المركز إلى الهامش، وبالتالي تراجع مكانة الشّاعر، الذي كان بمثابة النبيّ عند العرب، وهو ما يجعل الشّعر يتنازل عن مركزيته ككلام معلّق في الكعبة، فاسحًا المجال للقرآن ككلام مركزي تتمحور حوله المعرفة... كما تسمح هذه النظرة، أي قراءة الشّعر انطلاقًا من الأنساق المعرفية، الالتفات إلى ما سكت عنه النصّ، كأنْ يُنظر إلى شعر المتنبيّ كمثقف ثائر ضدّ السلطة الأعجمية، في محاولة لإحياء الحضارة العربية على مستوى النصّ، وكأنّه يدعو إلى"يوتوبيا جديدة"، على غرار الفارابي وأفلاطون. وليس مثلما اعتاد عليه المتعلّم ودرسه، بأنّ المتنبّي لا يعدو أن يكون مجرّد شاعر يتكسّب بشعره، قصد التقرّب من الخلفاء، أو يُنعت بجنون العظمة من خلال فخره، وسعيه إلى بلوغ منصب سياسي. وتجد البعض يربط ظاهرة الإطناب بأنواعه المختلفة في نصوص "طه حسين" بظاهرة العمى، وأنّه كان يُملي على زوجته، فيطمس بذلك المعنى الجمالي لهذه الظاهرة...
ثالثًا : المناهج التّربوية والخصوصية الحضارية :
إنّ الملفت للانتباه في المناهج التّربوية، ذات الأصل الغربي، أنّها سارت في تطوّرها جنبًا إلى جنبٍ مع تطوّر المناهج النّقدية؛ إذ المتتبّع لهذه المنهج يجد بأنّ النظرية الكلاسيكية التي قامت عليها المدرسة الغربية في بداية القرن العشرين تقابل الرؤية الكلاسيكية في مجال النّقد. ففي مجال التّربية تقوم هذه النظرية على التّلقين المباشر، حيث يكون التّركيز على المعلّم؛ فهو الذي يسيّر الفعل التّربوي، وعليه يتمّ التّركيز في وضع البرامج التربوية، فيغدو، والأمر كذلك، مركز العملية التّربوية، وما المتعلّم إلاّ ذلك الوعاء الذي تصبّ فيه المعرفة، دون مشاركة منه، أو السماح له بإبداء رأيه فيما يتلقّاه. وهو ما نجده في الخطاب النّقدي الكلاسيكي، حيث يكون المؤلّف محور الدّراسة النّقدية، وما القارئ إلاّ متلقٍّ سلبي، يستهلك النصّ، وإن كان ولابدّ من موقف حياله، فهي المشايعة أو المعاداة، متوسّلاً في ذلك بآليات قيمية، تقتل النصّ في مهده، بل قبل ولادته.
ومن على شرفة الانفجار المعرفي الذي أحدثته العلوم الإنسانية، أطلّت النظرية السلوكية، معلنةً خواء المنحى الكلاسيكي، فكانت بديلاً في عصر البدائل، ومعها انتقل الفعل التّربوي إلى التّجربة والممارسة الميدانية، فظهر في مجال التّربية ما يُعرف باسم "التّدريس بواسطة الأهداف"، حيث يكون "المُثير والاستجابة"، بيدَ أنّ سلطة المعلّم لم تتخلخل، فهو من يملك عوامل التأثير، أمّا المتعلّم فهو مجرّد متأثّر يستجيب لمَا يُثار فيه، وعى ذلك أم غاب عنه، لا يملك أن يضيف شيئًا من عندياته، فهو لا يعدو أن يكون تجربة قد تنجح أو تفشل، لأنّ الأهداف/ النتائج حُدّدت مسبقًا، ويُنتظر فقط إيجاد ردّ الفعل لدى المتعلّم، الذي قد يخيّب فروض معلّمه، بل إنّ المعلّم نفسَه قد يعجز عن تطبيق ما رسمه إجرائيًا. وإذا انتقلنا إلى مجال النّقد، نجد أنّ البديل الذي خلف النظرة الكلاسيكية، هو ما عُرف باسم المناهج السياقية ( المنهج النّفسي، التّاريخي، الاجتماعي)، التي تتّكئ على النتائج التي حقّقتها العلوم الإنسانية، لكن بقي المؤلّف هو مركز الدّراسة، لا سيّما في المنهج النّفسي، الذي يتقاطع مع النّظرية السلوكية، فأضحى النصّ، والحال هذه، معملاً تجريبيًا، يُستدلّ به على عُقد الأديب التي تفجّرت أدبًا، بعد ما خزّنها في لا وعيه. وبقي القارئ، كذلك، مجرّد شاهدٍ على مسرح الأحداث، بل عليه أن يظهر انبهاره إزاء ما وصل إليه النّقد من علمية ودقّة، بعد توسّله بالعلوم الأخرى، غير أنّ الخاسر في كلّ هذا هو النصّ، الذي سُلبَ حقّ الإفصاح والبوح بما يخفيه من أسرار في شقوقه ومناطقه المحرّمة، المعتمة.
أمّا ما يُعرف اليوم لدى علماء التّربية بـ"النّظرية الاتصالية"، أو "بيداغوجية الكفاءات"، التي يُجمع أهل الذّكر من العلماء في مجال التّربية على أنّها تطوّر طبيعي لمسيرة الفكر الغربي، لكونها تصوّرًا يروم تحقيق إنسان/ متعلّم، يجمع بين الكفاءة الإنسانية والتّقنية معًا، أو قل هو "الإنسان السوبرمان" أو "إرادة القوّة" بمفهوم "نيتشه". وهذا المصطلح ،"الكفاءة" ظهر أوّل ما ظهر في الولايات المتّحدة الأمريكية في المجال العسكري، لينتقل بعد ذلك إلى مجال التكوين المهني، ثمّ تبنّاه النظام التربوي في بداية الستينيات بغرض تصحيح مردود المتعلّمين التّربوي، ليعمّم بعد ذلك في باقي البلدان الغربية . وكان مأرب الباحثين في مجال التربية، من خلال هذا المشروع، تنمية المهارات والقدرات المعقّدة وتطبيق مبادئ العلوم لتتوافق مع العولمة. كما كان لثقل المناهج التّربوية بالمعارف غير الضرورية للحياة دورُه في بروز هذا المشروع، إذ كان يُرجى تكوين أفراد متفاعلين مع واقعهم، وهذا ما لم يحصل، فكان البديل "بيداغوجية الكفاءات" لإدخال الوظيفية في عمل المتعلّم، فبدل أن يكون مجرّد وعاء تصبّ فيه المعرفة، أصبح فاعلاً؛ إذ أضحى مركز العملية التعلّمية، كما أنّ الذي يتلقّاه لا ينفصل عن واقعه.
أمّا في مجال النّقد فنجد أنّ ما عُرف بالنّقد الحداثي كان البديل الذي حلّ بدل الاتجاهات السياقية (الاتجاه النّفسي، الاتجاه الاجتماعي، التاريخي)، البنيوية بتركيزها على النصّ وجعله مركز العملية النّقدية باعتباره معجمًا لذاته، لا يحيلك إلاّ على بناه وأنساقه التي تقوم بتحديد الدلالة. ونظرية التلقّي بجعلها القارئ محور الدراسة، حيث يبقى المعنى مؤجلاً إلى حين قدوم القارئ النموذجي، الذي يخرجه من اللاّوجود، من خلال تحاورهما، لتكون الدلالة ثمرة هذا اللّقاء...
إذًا، فمركزية "النصّ"، أو "القارئ" يقابلهما في "بيداغوجية الكفاءات" مركزية المتعلّم، إذ من شروط نجاح هذا المنهج أن ينتج المتعلّم المعرفة دون مساعدة المعلّم، كأن يكتب رسالة أو نصًا شعريًا... وهو عينُه ما يقوم به القارئ النموذجي، حيث يقوم بإنتاج الدلالة وإتمام المعنى المُرجأ، من خلال الشقوق والفراغات التي يفتحها النصّ.
هكذا، وتأسيسًا على ما تقدّم، يمكن القول، إنّ المناهج التربوية مرتبطة بالمنظومة الفكرية للحضارة الغربية، وهو ما يعبّر عن وفاء هذه المناهج لأصولها الفكرية التي أسهمت في تشكيلها أفكارًا قبل أن تلفظها مشاريع راسيةً، لتلقي بها، بعد ذلك إلى سوق الرّواج حتّى تؤتي أكلها. فهي، والأمر كذلك، ابن بارٌّ لهذه الثقافة، لا يقوى على التنفّس في غير البيئة الحضارية التي أنشأتها. كما يعبّر هذا التلاحم بين المناهج الغربية عن مدى تواؤم ضفيرة العقل الغربي المتمركز حول ذاته، الذي لا يؤمن إلاّ بالانغلاق والانحباس إجراءً وآلية تفكير. إذا كان ذلك كذلك، فما هو موقفنا، ونحن ننقل هذه المناهج إلينا، تربويةً كانت أو نقديةً، ألا نقع في المحظور عند تطبيقها على المتعلّم عندنا، علمًا بأنّها وضعت لتشكيل وبناء شخصية الفرد الأوروبي، الذي له من الخصوصية الفكرية والحضارية ما يجعله يختلف عن الفرد عندنا؟ ألا نكون قد وقعنا في فخّ التّبعية لثقافة الآخر/ الغرب، الذي يعتبر نفسه مركزًا يشعّ بالمعرفة والثقافة، وغيره، أي الشرق/ الأنا أطراف وهامش، لا حياة له إلاّ في كنف هذا المركز ؟ أم أنّ هذا يدخل في أوهام الذات وما تمليه عليها نظرية المتخيّل، أمّا الواقع والمعقول فهو مخالف لذلك، ما دام أنّ الآخر/ الغرب يسعى لتحقيق مبدأ المثاقفة بين الأمم، من خلال فتح ما أسماه "حوار الحضارات"، وهو إذ يفعل ذلك يروم إلغاء الفروقات بين المجتمع الإنساني، ويحرّر الذات/ الشّرق من عقدة الخوف والانغلاق ؟ لكن ألم تصبح المثاقفة مطابقةً ومماثلةً، والانفتاح انبطاحًا، وفقدت الذات معالم وجودها، بالتمرّد على كلّ سلطة تراثية بدعوى التحرّر والحداثة، بل إنّ الذات لم تعُد ترى نفسها إلاّ في مرآة الآخر/ الغرب...
مراجع البحث :
1 ـ دور المدرّس في العملية التربوية، زين الدّين صمودي، مجلّة الرواسي، ع10، رمضان 1414 ﻫ ـ جانفي ـ فيفري 1994 م.
2 ـ قراءات في المناهج التربوية، مجموعة من الباحثين، جمعية الإصلاح الاجتماعي والتربوي، باتنة، ط1، 1995 م.
3 ـ المناهج المعاصرة، عبد المجيد سرحان، مكتبة الفلاح، ط4، الكويت، 1983.
4 ـ منهاج التعليم الثانوي، وزارة التربية الوطنية، جوان 1995.
5 ـ إشكالية المصطلح في الخطاب النّقدي العربي المعاصر، عبد الغني بارة، رسالة ماجستير (مخطوطة)، جامعة باتنة، 2001 م.
6 ـ مخطط تكوين أساتذة التّعليم الثانوي، وزارة التربية الوطنية، 1998.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا -

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» أساليب التدريس الخاصة باللغة العربية التعبير أنموذجا"
» النص الأدبي بين لسانيات اللغة وعلم الجمال في (علم النص)
» تنمية مهارات القياس والتقويم وبناء الاختبارات لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات
» من الأثر الأدبي إلى النص
» تحميل كتاب طرائق تحليل السرد الأدبي - دراسات

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللسانيات التطبيقية :: تطوير المناهج-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا - 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
الحذف التداولية النقد قواعد بلال البخاري الأشياء ننجز الخطاب مدخل العربي اللغة موقاي محمد ظاهرة الخيام اسماعيل مبادئ النص مجلة كتاب على العربية النحو المعاصر اللسانيات


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع