رهانات فلسفة الثقافة  في الفكر العربي
   ملخص من إشكالية الملتقى الذي إحتضنته دار العلوم بإربد ـ المملكة الاردنية الهاشمية
تثير فلسفة الثقافة بوصفها فرعا من فروع  الفلسفة المعاصرة  إهتماما متزايدا منذ إسهامات الفيلسوف الكانطي الجديد  أرنست كاسيرر ، أو فلسفة الثقافة والتاريخ عند  يوهان غوتفريد هردر،  أو  فلسفات ما بعد الحداثة، وعلى الرغم من عدم وجود توجه واضح المعالم في فلسفة الثقافة على مستوى الفكر العربي المعاصر، فإن هناك بالمقابل اهتمام فلسفي متواصل بفلسفة الثقافة، يظهر ذلك من خلال الجهود التي تبذل من طرف الكثير من المفكرين العرب المعاصرون في سبيل النهوض بمبحث وموضوع  فلسفة الثقافة.  
  تنظيم هو سعي لفهم فلسفة الثقافة في بعدها المعرفي بعيدا عن التوجه الإيديولوجي الذي سيطر على منبتها في الفكر الغربي ، أو تمثلاتها في الفكر العربي المعاصر من خلال الكثير من المفكرين الذين اهتموا بها من زوايا عقدية وسياسية.
  تتأكد أهمية فلسفة الثقافة في كونها تنفتح على إمكانات الذات وقدراتها على فهم أشكال الممارسات الثقافية ،  وبالتالي صناعة الذات الثقافية بما هي المنتج الإجتماعي التاريخي.  ولا يقتصر الأمر على فهم السلوك الثقافي انطلاقا من مؤطراته الاجتماعية و المادية، وإنما هو كذلك في ماهية هذه الذات من حيث هي نتاج اجتماعي وتاريخي يتكون ضمن علاقات وآفاق تواصلية بين الذات والأخر. بل أن الفلسفة ذاتها يمكن فهما في إطار الثقافة العالمة بما هي ثقافة فكرية تطورت وتشكلت تاريخيا كنشاط فكري تساؤلي دائم، هذا ما يبرر ويشرع لها أن تكون فعالية ثقافية يمكن من خلالها الانفتاح على الكثير من مستجدات الثقافة الإنسانية أو التأسيس لها من خلال فعالية فكرية ذهنية مستمرة تدفع بالإنسان إلى الإبداع والابتكار وصناعة التاريخ من جديد.
ولاشك أن هناك تراث تاريخي للثقافة في فكرنا العربي والإسلامي، ولكنه ظل متواريا داخل التاريخ ذاته أو متكلسا في زمن الماضي نتيجة غياب الفلسفة الثقافية التي توجه هذا التراث توجيها حضاريا فعالا في واقع الإنسان العربي والإسلامي المعاصر. ونظرا لعدم وجود توليفة فكرية يمكنها أن تفلسف التراث الثقافي وفق متطلبات الراهن الحضاري. كما أن غياب الفهم الحقيقي للثقافة وأدوارها وكذا للمثقف ودوره أدى إلى سيادة أفكار مغلوطة حول الثقافة والمثقف لا تعتمد الفهم الفلسفي الحقيقي لها، أو التدبر الفلسفي المكثف والعميق.
إنطلاقا من هنا صار ضروريا  النظر في فلسفة الثقافة من خلال تجديدها النظري والمعرفي أو التأسيس له من خلال المنظومات الثقافية والمعرفية، أي تجديد الثقافة ذاتها من خلال فلسفة مفهومها أولا وفتح أفاقها وأبعادها النظرية والعملية.




  ساعد السيلاوي ـ عضو ـ   مختبر الدراسات الانتروبولوجية  و السوسيولوجية.