بسْـمِ الله الرَّحمَنِ الرَّحِيــمِ
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات إعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشدا …ونصلي ونسلم علي سيد العالمين محمد بن عبد الله وعلي آله وصحبه أجمعين … وبعد :
يسرني أن أتقدم بموضوع شيق ومهم… كان ولازال محور الحديث اليومي بين أولياء الأمور وبين المربيين وبين المعلمين… بحيث نتناقش هذا الموضوع في المحور التالية:
-تطور مفهوم التربية:
-تطور مفهوم التربية في العصور الوسطي.
-التربية العربية: كيف كانت التربية عند العرب الجاهلية؟
-التربية الإسلامية : ما ملامح التربية الإسلامية؟
-التربية بين الماضي والحاضر: خصائص التربية في الماضي؟
-ما التحولات التي نتوقعها للتربية؟
-التربية بين الحاضر والمستقبل:
-فما مسؤولية التربية اتجاه هذه التغيرات الجديدة؟
-أوجه التشابه والاختلاف بين التربية في الماضي ،والحاضر:
-العوامل التي تؤثر في تربية الفرد:
-أهمية التربية:
-أنواع التربية :
-أهم المبادئ التي قامت عليها التربية الحديثة في مطلع القرن العشرين:
-مرحلة التفكير المجرد(المراهقة):
-العوامل المؤثرة في المراهقة (البلوغ):
-خصائص التغيرات النمائية التي تطرأ علي المراهق:
1-النمو الجسمي
اثر التغيرات الفيزيولوجية على نفسية المراهق )
2- النمو العقلي المعرفي(العوامل التي تعيق النمو العقلي) 3- النمو الانفعالي:
4-النمو الاجتماعي:
أ-الأسرة
أساليب المعاملة الوالدية،حجم العائلة،ترتيب الطفل الميلادي، حوادث الفراق، الخلاف الأبوي،المرض الأبوي، الطبقة الاجتماعية)
ب- العلاقة مع جماعة الرفاق: ج- العلاقة داخل المدرسة :
– أهم المشكلات التربوية ) الخجل،العنف والعدوان ، القلق،)
– بعض المقترحات التربوية والنفسية للمربين:
- ماهية التربية:
ظهرت التربية مع ظهور الإنسان على وجه الأرض وشعوره بكيانه باعتباره فرداً في جماعة من الجماعات كالأسرة والقبيلة.وبدأت في وسط مليء بالكائنات الحية المختلفة،وكان لابد له من الدخول في تنافس مع مختلف هذه الكائنات من أجل الحفاظ على بقائه مستغلاً قواه الجسدية للتغلب على كل ما يواجهه من مشاكل، وقد أدرك انه متميز عن باقي المخلوقات الحية ،وانه متفوق عليها وان عليه أن يستغل التميز والتفوق بعقله لتحسين ظروف حياته وكان أول شيء سخر له عقله وأفكاره هو القدرة على ملاحظة الظواهر الطبيعية المحيطة به للعمل على الإفادة منها في حياته، وبذلك بدأت تتكون لديه المعارف والمعلومات والخبرات المختلفة التي أخذت توفر له مع مرور الزمن كيفيات جديدة.
ومن هذا المنطلق يمكن القول بان تفاعل الإنسان كان مستمرا مع بيئته حيث يكتسب ويتعلم مهامه ويمارسها ،وهذا التفاعل المستمر بينه وبين بيئته هو ما نسميه(التربية)التي هي الحياة نفسها.
وقد تطورت أساليب التربية وطرقها مع تطور الإنسان ،وأخذت أشكالا مختلفة من حيث أغراضها وعواملها ووسائلها المقصودة منها وغير المقصودة، ومن حيث استجابة الإنسان في أطواره المختلفة للعوامل المؤثرة فيه،ومن حيث ما وجه من عناية واهتمام لجانب معين من جوانب حياته أكثر من غيره.
تطور مفهوم التربية: ما التطورات التي مرت بها التربية؟
للإجابة على هذا السؤال علينا استعراض المجتمعات البشرية عبر العصور:
لقد أدركت المجتمعات البشرية منذ بدء الخليقة أهمية التربية، فكانت تمارس في المجتمعات البدائية بطريقة عفوية تلقائية،عن طريق التلقين والمشاركة في أنشطة الكبار ، سواء في مجال الأسرة أو مع الأقران ، وأثناء الشعائر الدينية، وحفلات التدشين، وفي مجالات المهن والألعاب.
فقد كانت التربية في المجتمعات البدائية تهدف إلي تحقيق التوافق والانسجام بين الفرد وبيئته المادية والروحية.
ونتج عن ذلك خبرات تناقلها الأجيال، وبذلك كانت الأسرة والقبيلة والبيئة الطبيعية(يتعلم منها تقلبات الجو،وتعاقب الفصول،ومعايشة الحيوانات) معاهد الطفل البدائي في التربية والتعليم.
ركزت التربية البدائية على الحاجات المباشرة للإنسان والتي تتعلق بإشباع جوعه وحماية نفسه وتفادي الضرر.وهكذا ارتبطت بالحاضر وحاجاته العاجلة ارتباطا أساسياً.
ولقد كانت التربية البدائية تتم بطريقة عشوائية عرضية ،ولكن وفق لخطوات منظمة تتمثل في الاحتفالات الهامة والخاصة بالتدشين والتي ينتقل عن طريقها الشاب المراهق إلى حياة الرجولة الكاملة والعضوية القبيلة.
ويتعلم الشاب من خلال هذه الممارسات والاحتفالات ، طاعة أوامر الكبار والعلاقات الصحيحة بين الجنسين ، وعادات ضبط النفس والصلابة ،وكل التدريبات العملية والنظرية الضرورية لصالح الجماعة .
استمر الحال كذلك حتى تم اختراع الكتابة والأرقام الحسابية ، وبدأ تسجيل خبرات المجتمع في شكل رموز وأرقام، وبدأت تتلاشي صورة الرجل العجوز الذي كان يختزن تاريخ القبيلة وحكمتها في رأسه لينقلها إلى الأجيال الناشئة،وحل محله الكاهن الذي ينقل التاريخ والخبرات والمعتقدات عن طريق الكتابة والحساب، في مكان يقصده إليه نخبة من أبناء المجتمع الذين في مقدور آبائهم الاستغناء عنهم في مجال العمل.
ولم يقتصر التطور على المعلومات والخبرات،بل شمل أيضا المهن والمهارات ،حيث اتسعت معارف المجتمع ،وبرعت فئات أفراده في المهن المختلفة،وكان يقصدهم فئات أخرى من أبناء المجتمع ليتعلموا على أيديهم هذه المهن، وقد تعارف المجتمع على هذا النظام(بالصبينة).وهكذا ظهرت المدرسة على أيدي الكهنة ورجال الدين، وصارت تمارس على الناشئة عملية تربوية تختلف في شكلها ومضمونه تبعا للظروف الإيديولوجية والسياسية للمجتمع.
ومن أهم التطورات التي طرأت على التربية بعد اكتشاف الكتابة هي انه صار للتربية فلسفات لها تصوراته متكاملة عن الإنسان والكون والحياة، كما هو عند اليونان، حيث استهدفت التربية عندهم تنمية القوي العقل،والجوانب الفنية والبصيرة الدينية والمشاركة المدنية.
كيف تطور مفهوم التربية في العصور الوسطي؟
من أبز النماذج التربوية في القرون الوسطي التربية المسحية،وارتبطت هذه التربية ارتباط يكاد يكون كليا بالكنيسة، وبالتالي كانت منسجمة مع التعاليم الدينية فاهتمت بتهذيب الروح وتصفيتها،وتنمية الروح العقلية عن طريق الدعوة إلى حب الله،والحياة النقية،والتمرس بالطقوس الكنسية،وكبح الشهوات، وإخضاع الجسم لنظام قاس من التقشف والزهد والحرمان من ملذات الحياة.
وقد تأثر لمسيحيون بفلسفة أرسطو وخصوصا بفكرة الشكل والمادة،وصاروا يعتقدون أن الإنسان يتكون من شكل ومادة،فالجسم يمثل مادة ،والعقل يمثل الشكل أو الصورة.
إلا إن السمة العامة للتربية في هذه الفترة هو التركيز على الثقافة الدينية المسحية،لان الهدف الأسمى لها هم إعانة الفرد على التخلص من خطيئته الأولى وإخضاع شهوات الجسد،وإعداد الإنسان لحياة أخرى بعيدة عن الحياة الحاضرة.
التربية العربية: كيف كانت التربية عند العرب الجاهلية؟
لقد كانت تركز على إعداد النشء للحياة في البيئة البدوية،وما تمليه على المرء من تبعات والتزامات حول نفسه، وأهله،وقبيلته،واكتساب ما تنطوي عليه هذه البيئة من خبرات.
وأهم ما كان يتعلمه البدوي الصيد والرماية وتربية الماشية…وكانت وسيلة التربية هي المحاكاة والتقليد والنصح والإرشاد والتوجيه من كبار السن أو الوالدين والأقارب،وفي البيئة الحضرية ركزت التربية على إعداد النشء لحياتهم الحضرية وما فيها من مهن وصناعات،كالهندسة والطب والنقش والتجارة.
ألا إن هدف التربية العربية كان بث روح الفضيلة وغرس الصفات الخلقية كالشجاعة والإخلاص والوفاء وكرم الضيافة،كما كانت تهتم بأخلاق القبيلة وتنمية القوي الجسدية للأفراد وإعداد المحاربين.
التربية الإسلامية : ما ملامح التربية الإسلامية؟
عندما جاء الإسلام أخذ مفهوم التربية أبعاد جديدة، فإذا كانت التربية قي السابق تعني مجرد إعداد للنشء في مرحلة عمرية معينة، فقد أصبحت في الإسلام عملية إعداد للإنسان في مراحل عمره المختلفة،فهي عملية مستمرة من المهد إلى اللحد.
ومن جوانبها الهامة الإعداد المتكامل المتوازن لحياة الدنيا والآخرة (إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً،وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداً)،وجعلت العلم فريضة على كل مسام ومسلة، كما جعل الإسلام للعلم والعلماء مكانه رفيعة(قل هل يستوي الذين يعملون والذين لا يعملون).
التربية بين الماضي والحاضر:
خصائص التربية في الماضي؟
إن المتتبع للمفاهيم التربوية التي سادت في الماضيـة، والتي لازال البعض منها مستمر معنا في الحاضر، يجد أن التركيز كان في بعض الأحيان على المعرفة،وبالتالي اتجه الاهتمام إلى عقل الطفل،أي حشو العقول بالمعلومات والخبرات عن طريق التلقين والتسميع.وفي مراحل أخرى انصب اهتمام المربين على اهتمام المربين على تهذيب السلوك، وتكوين الخلق ،مما أدي إلى التركيز على وسائل العقاب والتأديب الصارمة.
ونتيجة لذلك كان ينظر إلى الطفل على انه مجرد مستقبل سلبي للمعرفة، و عليه أن يستوعب المعلومات والخبرات التي ستفيده في حياته المستقبلية..
ما التحولات التي نتوقعها للتربية؟
إن التحول الرئيسي هو الانتقال من مفهوم العملية التربوية إلى الإستراتيجية التربوية(مجموعة من الأفكار والمبادئ التي تأخذ في الاعتبار ميادين النشاط التربوي بصورة شاملة متكاملة،وتوجيه أساليب لعمل الدائرة فيها،بقصد إحداث تغييرات من أجل الوصول إلى أهداف محددة، كما أن الإستراتيجية تهتم بالمستقبل واحتمالاته المتعددة،ومن ثم فإنها قابلة للتعديل وفق مقتضياته)فهي تستوعب خبرات الماضي،وخصائص الحاضر واحتمالات المستقبل ،على اعتبار إن التربية عمل استقصائي مستمر يستوعب حياة الإنسان من المهد إلى اللحد.ومن سماتها المهمة مايلي:
1.أن يتجاوز العمل التربوي نطاق المدرسة إلى المجتمع ومؤسساته،في ارتباط تكاملي يجمع الأسرة والمدرسة والنوادي والمؤسسات الثقافية والإعلامية والترفيهية ،لان التفاعل بينها يساهم في بناء الشخصية المتكاملة التي يمكن الاعتماد عليها في المجتمع.
2.أن يكتسب جيل الغد القدرات والكفاءات التي تمكنه من استيعاب تجارب الماضي وما فيها من ايجابيات وسلبيات،والتعامل المباشر مع الحاضر ومشكلاته.
3.أن يأخذ العمل التربوي في اعتباره السمات الأساسية الإنسان وهي كما يلي:
– أنه كائن يتذكر ،والتذكر يشده إلى الماضي، وهو كائن يتأمل والتأمل يربطه بواقعه المعاش،وما ينطوي عليه من حاجات ومشكلات،كما أنه كائن يتخيل،والتخيل يجعله يتطلع إلى المستقبل وما ينطوي عليه من احتمالات ومفآجات.
– أن يتسم العمل التربوي بالتكامل والشمول ،فالتكامل هو استيعاب الإستراتيجية التربوية لجوانب الشخصية الإنسانية المختلفة،أما الشمول فهو استيعاب للماضي والحاضر والمستقبل.
-التربية تمكن الطبيعة البشرية من التغير، وتمكن كل جيل من نقل الحكمة التي اكتسبها،والتجربة التي مر به للجيل الذي يليه،وتحرر الإمكانيات الخلاقة الكامنة والموجودة بدرجات متفاوتة عند كل البشر.
التربية بين الحاضر والمستقبل:
بناء على ما سبق نستطيع أن نقول بأن موضوع التربية هو الإنسان، وما ينطوي علية من خصائص وإمكانيات؛والمجتمع وما يحتويه من ثقافة وحضارة، وما يتطلع إليه في المستقبل من مطامح وآمال.
إي أن موضوع التربية الأساسي هو المجتمع بأفراده وأنظمته ومؤسساته،فهي تتعلق بالأسرة والمدرسة وباقي مؤسسات المجتمع.
فالتربية إذن نظام أنساني، وبناء قومي له وظائفه الفكرية،والثقافية،والخلقية، والسياسية، والاقتصادية .فمن الناحية الفكرية تعني إعداد الفرد إعدادا يمكنه من التفكير الجيد في شئؤون الحياة وتنمية مهاراته واستعداداته. أما من الناحية الخلقية تعني تعهد قيم الجماعة بالتطوير والتعميق.أما السياسية تعني إعداد الفرد ليشارك مشاركة فعاله في القضايا العامة على أساس واع مدروس.أما الاقتصادية تهدف إلى تنمية الموارد البشرية المدربة ذوي كفاءة،التي يمكن الاعتماد عليه في بناء الكيان الاقتصادي للدولة.أما الثقافية تعمل على تحليل الثقافة ونفدها،و وتطويرها على أساس من الوعي بالتطورات والتغيرات المختلفة.
ونلاحظ من السابق بان التركيز كان منصبا على الماضي،في حين أن الآية انقلبت الآن ،وصار الاهتمام منصبا على الحاضر والمستقبل دون إغفال للماضي.حيث أصبحت التربية تعمل من أجل تهيئة رجال الغد،لكي ينهضوا بمسؤولياتهم في مجتمعات ستختلف اختلافا جذريا عن مجتمعات اليوم.
إن هذا العمل المنوط بالمؤسسات التربوية يعتبر جديداً،لان وظيفة التربية في الماضي انحصرت على وجه العموم في ربط ماضي المجتمع بحاضره،وفي المحافظة على معتقداته،وعاداته،وتقاليده،وخبراته، وما بني عليها من علاقات اجتماعية.
ويمكن أن ندرك سر هذا التحول،إذا قارنا بين الاستقرار النسبي للمجتمعات في الماضي،وبين التطور المتسارع للمجتمع المعاصر.
فما مسؤولية التربية اتجاه هذه التغيرات الجديدة؟
حملة السكينة
رابط الموضوع : http://www.assakina.com/studies/45837.html#ixzz3Rl6VrCVv