قراءة في عنوان مجلة نسائية
         
تصدر غلافَ إحدى المجلات العربية التي تعنى بشؤون المرأة عنوان استأثر بالمرتبة الأولى من بين العناوين الأخرى التي هي مادة المجلة . يقول العنوان : ( أزواج خائنون ونساء متسامحات ) استفزني هذا العنوان كثيرا ، خاصة وأنه كتب بلون أكثر ظهورا وبخط أكثر بروزا ، قلت في نفسي هل إن صاحبة العنوان تمحض بنات جنسها  النصيحة أم تُراها تحرضهن ، فإن كانت ناصحة لهن ، ما كان لها أن تعنون مقالها بمثل هذا العنوان ، فهو من حيث السياق ليس له من دلالة إلا تبكيت الزوجة المتسامحة وتوبيخها . وإن سلمنا جدلا أنه يدخل في باب النصيحة فبماذا يمكن أن تنصح هذه الكاتبة في ظله وبحسبه ، أقصد سياقه ؟ لا يخلو الأمر في نظري ، إما أنها تنصح الزوجة بأن ترد على الزوج بالمثل فتعمد إلى الخيانة كما يخونها وتبتذل للرجال جماعات وفرادى؛ وإن لم تستطع وحال دون ذلك شرفها وإيمانها وعزتها وكرم محتدها ، فلا أقل أن تطلب الطلاق من هذا الزوج  الخائن .
        لعمري، إن الأمرين أحلاهما مر ، وهذا هو ما وعته الزوجات المتسامحات ولم تعه كاتبة العنوان  إنهن بتسامحهن ( طبعا بشروط التسامح ) قد اخترن الحل الأوفق والأكثر تعقلا والأجدى نفعا ، أليس هو الطريق الأمثل الذي يمنع عِقد الأسرة من أن ينفرط وتتشتت حباته التي كان ينتظمها عقد النكاح ، أليس هو الحل الأوفق للإبقاء على الأبناء يعيشون في ظل أسرة ،وفي كنف أب وأم يحدبان عليهم ، فبالطلاق أو المعاملة بالمثل التي ستكون نتيجتها لا محالة هي الطلاق ستعمّ الويلات الأسرة ويتولد عن مشكل واحد مشاكل كثيرة لا حصر لها تعصف بكل أفراد الأسرة دون تجليلتها على باقي أفراد العائلة والأصهار ، تتمنى بعدها الزوجة لو أنها غضت الطرف ـ بشروطه ـ  بدل القرار الأرعن الذي ترتب عليه ما ترتب ، لكن هيهات ، هيهات ، ولات حين مناص .
       لأجل هذا كانت حكمة الإسلام لما شدد في إثبات الزنا ، حتى أصبح من باب الاستحالة إثباته إلا ما في ما نذر.لذلك كانت النساء المتسامحات أكثر حكمة من الكاتبة ، والله سبحانه يؤتي الحكمة من يشاء.
       لنفترض أن أزواجا اشتكوا للكاتبة خيانة زوجاتهن لهم فما عساها أن تقول في النازلة وبأي عنوان ستعنون مقالها، وهل سيوضع في مقدمة عناوين المجلة وبخط بارز وبلون متميز كما  هو الشأن بالنسبة للعنوان السالف الذكر.!

حسن ستيتو