]رؤية الواقع في السردالأنثوي
كلية دار العلوم – جامعة الفيوم2009
د/نجلاء علي مشعل- كلية الآداب- جامعة كفر الشيخ

المقدمة
الحمد لله الذي وسع نوره السماوات والأرض، ومنَّ على الإنسان بنعمة العقل. والصلاة والسلام على سيد الخلق  وعلى آله وصحبه الأكرمين أجمعين. وبعد:
فتواتر روايات المرأة وازديادها من الظواهر التي لفتت الانتباه في أواخر القرن المنصرم، فلم يكن للمرأة في جيل الرواد ـ في النصف الأول من القرن العشرين ـ إسهام ملحوظ في مجال الرواية، إذ كانت حديثة عهد بالتعليم والعمل وترك الخدور؛ ومن ثم كانت خبراتها الحياتية محدودة، حالت دون ولوجها هذا الفن الذي يعتمد على الخبرة والتخييل. وفي النصف الثاني من القرن ذاته ـ حينما تبدلت أحوال المرأة ـ لوحظت زيادة متنامية في عدد الروائيات والروايات التي خطتها المرأة خاصة في فترة التسعينيات، حتى قيل عن الجيل الحالي منهن على الساحة الروائية في مصر، إنه "لأول مرة في التاريخ العربي كله يصبح لدينا عدد من الكاتبات ـ في جيل واحد ـ يماثل أو يقارب عدد زملائهن من الكتاب"( ). وهذه ظاهرة لافتة للنظر؛ ومن ثم فهو أمر يستحق البحث خاصة مع الاهتمام المتزايد والملحوظ بقضايا المرأة وأحوالها في كل مناحي الحياة؛ لنقف على تصورها لطبيعة واقعها بعدما خرجت من خدرها واختبرت الواقع العملي في ظل تزايد الضغوط الحياتية من حولها.
وجاء تحديد المدة الزمنية بدءاً بـ 1973 لما لهذا التاريخ من أهمية على المستويين التاريخي والأدبي، ونقطة النهاية وقفت عند عام 2005 وهو زمن تسجيل البحث لنقف على أحدث ما صدر للمرأة من روايات. كما يتضح مقدار التباين أو الاتساق في رؤيتها لواقعها فيما بين النقطتين الزمنيتين تبعاً لتغير الظروف السياسية والاجتماعية.
والمدة الزمنية المحددة 1973-2005 تتسم بالطول النسبي ولذا كان حصادها عدداً كبيراً من روايات المرأة المصرية؛ لهذا اعتمد البحث على الانتقاء. وقد جاء اختيار نصوص الدراسة مبنياً على عدة أمور منها:
1-الجودة الفنية.
2-التركيز على الروايات المعاصرة التي لم يتناولها النقد في غالب الظن.
3-التنوع في تواريخ الروايات ومداراتها؛ بحيث يُختار من بينها ما يعبر عن أهم الأحداث السياسية التي وقعت بمصر، وكذلك ما يعكس أهم القضايا الاجتماعية والسمات النفسية.
وقد عثرت على عدة دراسات سابقة تماشت مع موضوع الدراسة واقتربت من مداراته تتمثل فيما يأتي:
1-رؤية الواقع في الرواية المصرية( ) 1970-1995، وشملت أكثر من ثلاثين رواية في تلك المدة المهمة من تاريخ مصر، بيد أنها لم تتعرض لرواية المرأة على الإطلاق.
2-الروائية المصرية وصورة المرأة 1880-1985 لـ "سوسن ناجي"( )، وفيها غلبت الدراسة المضمونية على الجانب الفني؛ ذلك أن البحث كان مهتماً بالقضايا النسوية.
3-جماليات الرواية النسائية في مصر ظواهرها وتطورها الفني لـ "عبد الخالق قاسم خلف"( )، وقد عرضت هذه الدراسة لست روايات فقط، وكانت الدراسة مهمومة بطرح ما يجمع بين تلك النصوص من تقنيات؛ ليستخلص من خلالها ما يشكل قيمة فنية مُطَّردة في السرد النسائي، وإن كان ذلك لا يمكن تحققه من خلال ستة نصوص فحسب، ففات البحث عنصر الاستقراء الذي يُمكِّن من الوصول إلى جماليات الرواية النسائية كما حدد الباحث في عنوان دراسته.
4-قراءة في الكتابات الأنثوية( ) لـ "عبد الرحمن أبو عوف"، والدراسة عبارة عن تأملات في الرواية والقصة القصيرة، تناولت أربع روايات فقط، كما حظي المضمون بكل اهتمام الكاتب.
5-تأملات في إبداع الكاتبة العربية( ) لـ "شمس الدين موسى" وتعرض لخمس روايات مصرية، وكان جل اهتمام الكاتب منصباً على المحتوى إلا من إشارات للجانب الفني.
6-السرد الأنثوي العربي قراءة في الأنساق لـ "وجدان الصائغ"( ) وفيه تعرضت لأربع روايات مصرية من بين ثمانية عشرَ نصا عربيا، أبرزت من خلالها أهم جماليات السرد في تلك النصوص النسائية.
فالدراسات السابقة كما وضح عرضت لرواية المرأة المصرية بشكل جزئي، أو تناولت صورة المرأة في إبداعها فقط، أو عمدت إلى الموضوعات النسوية تجليها وتدافع عنها، فلم تخرج عن إطار الذات والتوجه نحو جنس الكاتبة. كما أن معظمها لم يمس الجانب الفني إلا مساً طفيفاً، وكان هذا سبب اختيار موضوع البحث، لمحاولة رأب الصدع، واستقراء رؤية الكاتبة لواقعها سياسياً واجتماعياً، إذ هي ليست عنصراً منبتاً عن أحداث وطنها ومجرياته، فضلاً عن بيان أثر تلك الرؤية في تشكيل البناء الفني، ومدى أصالتها في محاولة لاستكشاف جماليات السرد من خلال دراسة راصدة لأدوات البناء الفني وآلياته.
منهج البحث :
ولتحقيق هدف الدراسة اعتمد الباحث "المنهج الفني" الذي يراعى من خلاله الجانب الشعوري والتعبيري في العمل الأدبي دون الميل لأحدها على حساب الآخر، ولما يشمله من إمكانية دراسة شِقيّ البحث؛ الرؤية والأداة؛ لأن الرواية ليست نصاً فحسب وإنما هي نص مفعم بالفكر، وهذا لا يمنع أن نفيد من كل المناهج لإنارة العمل الأدبي، فضلاً عن الإحصاء والتحليل قدر الإمكان.
وجاء البحث بعنوان :
[رؤية الواقع عند الروائية المصرية 1973-2005 دراسة فنية]، (وقسم حسب طبيعة مادته إلى خمسة فصول، سبقت بمقدمة وتمهيد، ولحقت بخاتمة ثم ثبت بالمصادر والمراجع).
وتعرض التمهيد للموضوعات التالية :
-مفهوم الرؤية.
-مفهوم الواقع وعلاقته بالرواية.
-بين رؤية الواقع والمحاكاة ورؤية العالم.
-لماذا 1973 و 2005 ؟
-رواية المرأة بين 1967-1973.
وجاء الفصل الأول بعنوان: "الواقع المصري دراسة لمحتوى الشكل"، وفيه تعرض لمضمون نصوص الدراسة، وقسم إلى جزءين:
أ-الواقع السياسي.
ب-الواقع الاجتماعي والنفسي.
وجاء الفصل الثاني بعنوان: "الفعل القصصي والزمن"، وفيه تناول البحث دراسة:
أ-أنساق البنية، من حيث المفهوم والأنواع؛ ولذا شملت:
1-البناء بالتتابع. 2-البناء بالتداخل.
3-البناء بالتوازي. 4-البناء التكراري.
5-البناء بالتداول.
ب-المفارقة الزمنية.
والفصل الثالث بعنوان: "المكان"، وقد عرج على:
1-أنواع المكان وأبعاده.
2-علاقات المكان:
أ-المكان والشخصية.
ب-المكان والزمن.
ج-المكان والحدث.
3-المكان رمزاً.
4-أشياء المكان.
والفصل الرابع بعنوان : "الشخصية والراوي" ويتضمن:
(أ)بناء الشخصية:
أولاً: البعد الفني، وقد تناول:
أ-طريقة تقديم الشخصية وتطورها.
ب-الشخصية والمفاجأة.
ج-الشخصية والنهاية.
د-الشخصية والفعل.
هـ-الشخصية والرمز.
ثانياً: البعد الاجتماعى:
الملمح الخارجى:
أ-الاسم
ب-الشكل والمهنة.
البعد النفسي، ويشمل:
أ-السمات النفسية السلبية للشخصية.
ب-السمات النفسية الإيجابية للشخصية.
(ب)الراوي والرؤية:
1-رؤية داخلية.
2-رؤية خارجية (راو عليم محايد- راو عليم غير محايد).
3-رؤى مختلطة.
والفصل الخامس بعنوان: "وسائل السرد وأساليبه"، وتناول:
1-الحوار. 2-التناص.
3-الكولاج. 4-المفارقة والسخرية.
5-شعرية اللغة. 6-الرمز.
7-الأحلام
وجاءت الخاتمة مضمنة أهم النتائج التي توصل إليها البحث، ثم أخيراً ثبت المصادر والمراجع.
وبعد، فهذا العمل محاولة متواضعة لاستشفاف رؤية الكاتبة المصرية لواقعها عبر البناء الفني، والله أرجو أن أكون قاربت الصواب، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

الرجاء ارشادى عن كيفية تحميل الكتب الهامة فى هذا المنتدى الرائع وخاصة الرسائل المعروضة فى قسمالرسائل- الدكتوراة والماجستير مع كل الحب والشكر