كتب تراثيّة ـــ محمد نجيب بو طالب
-"الفكر العربي في بواكيره وآفاقه الأولى"
يمثل هذا الكتاب الجزء الثاني من "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي منذ بداياته حتى المرحلة المعاصرة"، الذي بدأ الدكتور طيب تيزيني بإصداره منذ سنوات قليلة، فقد أصدر كتاب "مشروع رؤية جديدة للفكر العربي في العصر الوسيط"- وهو ا لذي أشار فيه إلى هذا المشروع وقضاياه.. ويمثل كتابه "من التراث إلى الثورة- حول نظرية مقترحة في قضية التراث العربي" الجزء الأول، وقد طبع ثلاث طبعات، وهذا المشروع يتألف من اثني عشر جزءاً. وإذا كان الجزء الأول قد تعرض إلى المسائل النظرية والمنهجية التي يقترحها الدكتور التيزيني لدراسة التراث، عبر نظرية "الجدلية التاريخية التراثية". فإن الجزء الثاني يمثل دراسة تطبيقية لتلك النظرية المنهجية التي يبدو أنها لم تكتمل بعد، بل إنها خاضعة للحوار العلمي النقدي من ناحية، وبالتالي (فإنها تكتسب مشروعية امتدادها في الجزء الثاني من "مشروع الرؤية") المذكور.
صدر هذا الكتاب عن "دار دمشق للطباعة والنشر" في طبعته الأولى (نيسان 1982) في مجلد يتألف من 554 صفحة ويتألف الكتاب من مقدمة وأربعة أقسام:
يتناول القسم الأول بعض المفاهيم الشائعة في دراسة التاريخ والتراث العربيين، إلا أن معالجة مفهوم "الجاهلية" تأخذ مجالاً أوفر من هذا القسم، إنه المفهوم الذي يسلب المرحلة التاريخية لما قبل الإسلام محتواها الإنساني والمعرفي والاجتماعي. كما يتناول مفهومي "التاريخ العربي" و "التاريخ الإسلامي" ويتوصل إلى أنهما وجهان لأمر واحد. ويتناول أيضاً المنطلقات العلمية للتاريخ العربي القديم منطلقاً من أن شعوب المنطقة العربية، في المرحلة المدروسة، كانت تمثل وحدة تاريخية أثنوغرافية.
وفي القسم الثاني يتعرض إلى الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي كانت تحيط بالفكر إبان تلك المرحلة.
أما القسم الثالث فيدرس خصائص الفكر العربي القديم ويستكشف تخومه، كما يركز على دراسة بعض روافده كالسحر والأسطورة والدين، ثم يتعرض إلى بعض الإشكاليات التي تتعلق بآفاق ذلك الفكر وكيفية الخروج منها.
وفي الأخير ينتقل إلى دراسة بعض المسائل المنهجية المتولدة عن البحث ودلالاتها اللاحقة في مجال البحث التراثي، ولا يفوتنا أن نشير إلى أهمية المعلومات والنصوص التاريخية التي استشهد بها الدكتور التيزيني في كتابه الجديد.
"قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي"
تأليف الدكتور محمد عابد الجابري أستاذ الفلسفة بكلية الآداب –جامعة محمد الخامس، الرباط –المغرب-408 صفحات من الحجم الصغير دار الطليعة ببيروت- 1980.
وهو يضم مجموعة من الدراسات تعيد قراءة بعض قمم الفلسفة العربية. وهي دراسات كتب بعضها بمعزل عن بعض، غير أنها تصدر عن منهج واحد ورؤية واحدة كما يشير إلى ذلك المؤلف، ويبدأ الكتاب بمدخل عام يعرض فيه مبادئ القراءة الجديدة للتراث والمنهج المتبع، مبدياً رأيه في كيفية التعامل مع التراث العربي وفي الموقف من البحوث والدراسات الحديثة والمعاصرة المتعلقة به.
ويذهب في ذلك المدخل المنهجي إلى تفسير "القراءة" بأنها ليست مجرد بحث أو دراسة، لأنها تتجاوز البحث الوثائقي أو التحليلي أو التجميعي بل تقترح تأويلاً يعطي المقروء "معنى" يجعله في آن واحد ذا معنى لمحيطه الفكري- الاجتماعي- السياسي، ولنا نحن القارئين. وأما كون تلك القراءة معاصرة فمن حيث حرصها على جعل المقروء معاصراً لنفسه ومحيطه الخاص من جهة، وجعله معاصراً لنا على صعيد الفهم والمعقولية من جهة أخرى: (جعل المقروء معاصراً لنفسه معناه فصله عنا.. وجعله معاصراً لنا معناه وصله بنا.. إن قراءتنا تعتمد، إذن، الفصل والوصل، كخطوتين منهجيتين رئيستين).
ثم ينتقل الكاتب إلى نقد النزعات الدراسية للتراث فيقسمها إلى محاور ثلاثة هي: النزعة السلفية والنزعة اللبرالية- الاستشراقية التي يمكن أن نطلق عليها (نزعة المركزية الأوربية)، والنزعة اليسارية. وهو يرفض هذه القراءات الثلاث لأنها قراءات "سلفية" تشترك في أنها تفتش عن سلف تتكئ عليه، كما تتفق في اتباع منهج القياس القائم على "قياس الغائب على الشاهد".
فبالنسبة للنزعة الأولى فإن الماضي الذي أعيد بناؤه بسرعة قصد الارتكاز عليه لتحقيق النهضة العربية، أصبح لدى هؤلاء هو نفسه مشروع النهضة.
أما بالنسبة للنزعة الثانية فإنها تقرأ التراث العربي قراءة أوربية من منظومة مرجعية.
وأما النزعة الثالثة فإنها رغم تبنيها المنهج الجدلي فإنها لا تتبناه منهجاً للتطبيق بل تتبناه منهجاً مطبقاً، ومن الخطأ الذي يقع فيه هؤلاء أنهم فضلوا الواقع التاريخي على القوالب النظرية وتلك القراءة برأي الكاتب، غير تاريخية.
ثم يعرض الكاتب خطوات المنهج ومستويات القراءة التي اتبعها. فهو يؤكد ضرورة القطيعة مع الفهم التراثي للتراث، أي نبذ الأسلوب الذي قوامه قياس الغائب على الشاهد بلا مراعاة للشروط التي تجعل هذا القياس منهجاً علمياً. وهو في هذا المجال، لا يدعو إلى القطيعة مع التراث بالمعنى اللغوي الدارج بقدر ما يدعو إلى التخلي عن الفهم التراثي للتراث وفي المقدمة: القياس النحوي والفقهي والكلامي في صورته الآلية اللاعلمية التي تقوم على ربط جزء بجزء ربطاً ميكانيكياً، والتي تفكك الكل إلى أجزاء فتفصلها عن إطار الكل الزماني –المعرفي- الأيديولوجي، وتلك القطيعة هي التي تحولنا من "كائنات تراثية" إلى كائنات لها تراث. أي إلى شخصية يشكل التراث أحد مقوماتها، ثم يتعرض الكتاب إلى دعائم الموضوعية في دراسة التراث، وهي:
-المعالجة البنيوية (أي ضرورة محورة فكر صاحب النص حول إشكالية واضحة).
-التحليل التاريخي (أي ربط فكر صاحب النص الذي أعيد تنظيمه، بمجاله التاريخي بكل أبعاده).
-الطرح الأيديولوجي (أي ضرورة الكشف عن المضمون الأيديولوجي للفكر، فهو الوسيلة الوحيدة لجعله فعلاً لنفسه، مرتبطاً بعالمه).
وفي إطار عرض خطوات المنهج يركز الجابري على مشكلة الاستمرارية التي يعبر عنها بـ (وصل القارئ بالمقروء)، وهذا الوصل أقرب إلى الحدس الرياضي وإلى الرؤية المباشرة الريادية الاستكشافية، عبر حوار جدلي بين الذات والموضوع.
أما القسم الثاني فهو تلك القراءات الفلسفية التي جاءت عناوينها كما يلي:
-مشروع قراءة جديدة لفلسفة الفارابي السياسية والدينية.
-ابن سينا وفلسفته المشرقية (حفريات في جذور الفلسفة العربية الإسلامية في المشرق).
-المدرسة الفلسفية في المغرب والأندلس (مشروع قراءة جديدة لفلسفة ابن رشد).
-ابستمولوجيا المعقول واللامعقول في مقدمة ابن خلدون.
-ما تبقى من الخلدونية (مشروع قراءة نقدية لفكر ابن خلدون).
وأخيراً يمكن تلخيص النتائج التي توصل إليها الكاتب من خلال هذه القراءات المعاصرة في النقاط التالية:
1-إثباته أن الفلسفة الإسلامية كانت تمثل جزءاً من الصراع القائم في المجتمع العربي، وإنها من صلب التراث العربي الإسلامي. ومن هنا يرد على التصور السائد عند المستشرقين وتلاميذهم من أن الفلسفة الإسلامية ما هي إلا نقل للفلسفة اليونانية.
2-إثباته أن الفكر العربي الحديث بتطلعاته المستقبلية بحاجة إلى الأخذ بالعقلانية الرشدية والتاريخية الخلدونية.
3-إن الفكر العربي الحديث والقديم بحاجة إلى الدراسة النقدية والتاريخية، فقد أخطأ الفكر الحديث في اعتماده منهج قياس الغائب بالشاهد وخاصة في تطلع الرعيل الأول من الباحثين المحدثين إلى الفكر الأوربي.
4-إن مهمة الفلسفة في الوطن العربي أساسية، وهي إعادة تأسيس الذات العربية في حاضرها حيث تستطيع مواجهة مشاكلها الحاضرة مواجهة سليمة.
مجلات تراثية
"فكر"
-صدر العدد الرابع والخمسون من مجلة "فكر" وهو العدد الأول من سلسلة فكر- التاريخ" وذلك في شهر نيسان 1982 بيروت.
يتألف العدد من بعض الدراسات والآراء والوثائق التي تهتم بالجانب التاريخي والتراثي العربي. وقد جاءت الافتتاحية لتؤكد الوجهة العلمية التي تتبعها المجلة وردها على الدراسات التي تنطلق من المنطلق الأيديولوجي أولاً، والتي تعتمد الأسلوب التبريري والمساير للنظرية المسبقة ثانياً. وتتبع "فكر –التاريخ" أسلوب الرد على الفكر الانعزالي بنشر بعض وثائقه التي تكشف ارتباطه وانفصاليته. على أنها تدعو إلى دراسة تلك الآراء دراسة علمية نقدية. كما تشير المقدمة إلى أهمية دراسة التاريخ والتراث في عصرنا فتقول: "للتاريخ ماض مشبع بالبحث والتنقيب. وللتراث حضور ملموس في حياتنا الثقافية، حضارة وفناً وإبداعاً. ولعل القيمة الأساسية تكمن في أن التاريخ والتراث صارا مصدري الهام لكثير من الدراسات التي تتحدد على نتائجها ممارسة فكرية وسياسية...).
ولعل أهم ما يمكن استنتاجه من هذا العدد، تحمله مسؤولية الرد على "الفكر التاريخي" الانعزالي الذي يقرأ التاريخ لتبرير مشروع سياسي جاهز "عندما يجعل من هذه المنطقة. مشروع أقليات تاريخية لم تتحقق بحكم ظروف خارجية وداخلية... وهم يستدلون على مصداقية مشروعهم بدراسة التاريخ من زاوية النفعية الآنية لمواقفهم السياسية..".
كما أن أهم ما يمكن أن أوجهه من نقد لهذا العدد، تركيزه على جزء معين من الوطن العربي (الإقليم السوري). وانطلاقاً من أن الجزء لا يمكن فصله عن الكل دائماً، لا يكون المشروع التاريخي والتراثي الذي يتبع النقد العلمي، كاملاً، إلا إذا كان المنطلق والهدف القومي العربي أساساً من أسس ذلك المشروع. وتلك الملاحظة أوردها انطلاقاً من استقراء المادة المنشورة باستثناء الدراسة الطريفة والهامة لملامح الصراع السياسي في كتاب البخلاء.
"المناهل"
صدر العدد الثاني والعشرون من مجلة "المناهل" التي تصدرها وزارة الشؤون الثقافية بالمغرب. وذلك بتاريخ –يناير 1982م في 733 صفحة.
وهو عدد خاص بالحركة الفكرية في مدينة "سبتة" المغربية.
من أهم المواضيع التي وردت:
-سبتة، رجالاتها ومكانتها وصلاتها العلمية.
-كتاب الشفا للقاضي عياض.
-أبو الحسن المسفر فيلسوف سبتي في عهد الموحدين.
-ابن أبي الربيع السبتي إمام أهل النحو في زمانه.
-الرحالتان السبتيان ابن رشيد والتجيبي.
-شيوخ العلم وكتب الدرس في سبتة.
"أخبار التراث العربي"
بدأ معهد المخطوطات العربية في الكويت، التابع للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، بإصدار نشرة جديدة توزع مرة واحدة كل شهرين بعنوان "أخبار التراث العربي".
في العدد الأول (أيار- حزيران 1982): أخبار المعهد، أخبار التراث العربي، أخبار مراكز التراث ومعاهده، رسائل عن التراث في الجامعات العربية.