: الفلسفة المادية:
نجمع تحت هذه التسمية العامة عدة مذاهب فلسفية: فلسفة برنارد راسل والوضعية الجديدة والمادية الجدلية.
وكل الفلاسفة الذين ينتمون لهذه المجموعة طبيعيون لأنهم يرون في الإنسان جزءا من الطبيعة وينكرون تميزه عن سائر الكائنات الطبيعية، كما أنهم تجريبيون بسبب اعتقادهم المطلق بالسلطة العليا لعلوم الطبيعة.
5-برتراند راسل(1872) :
يعد راسل أحد أشهر الفلاسفة الغربيين وأخصبهم إنتاجا مما يدل على تنوع القضايا التي يعرض لها.
ويتكون مذهب راسل من قسمين مختلفين:قسم الرياضيات وقسم النظريات الأخرى على أن القسم الأول هو الأكثر أهمية.
وقد تحول راسل من اعتقاده بوجد مبادئ كلية خارج نطاق التجربة إلى نفي أي وجود لها.
6-الوضعية الجديدة:
تعود أصول هذه المدرسة إلى الوضعية التقليدية التي مثلها أوغست كونت، وتعد الوضعية الجديدة أحد أبرز التيارات الفلسفية في منتصف القرن العشرين، أهم فلاسفتها ألمان.
وقد تميزت هذه المدرسة بالتحزب الشديد، كما اتخذوا موقفا عقلانيا تجاه القضايا.
من أهم نظرياتهم: أن الحواس هي المصدر الوحيد للمعرفة أي أن المعرفة تحكمها التجربة كما اعتبروا قوانين المنطق قبلية،كما يقولون بأن معنى القضية قابل للتحقق، وهم يجعلون من العلم بناء من الجمل المرتبة ترتيبا منطقيا، وهذا البناء يبدأ بقضايا أساسية (القضايا البروتوكولية).
*الفلسفة التحليلية:
هي نتاج مشترك بين أفكار الفيلسوف الإنجليزي جورج مور وأفكار الوضعيين الجدد ويمكن أن نميز داخلها عدة تيارات:
أ-أتباع كارناب الذين يحاولون الوصول إلى تعريفات دقيقة للمفاهيم الأساسية في إطار لغة صورية تماما.
ب-أتباع مور وهم يستخدمون اللغة العادية ويشترطون توافقها مع اللغة المشتركة بين الناس للتحليل العلمي الصحيح.
ج-العلاجيون الذين يرون في الفلسفة علاجا من المشكلات الزائفة.
د-الجدليون.
7-المادية الجدلية:
تحتل المادية الجدلية مكانا شديد الخصوصية في الفلسفة الأوروبية، فهي غير ممثلة في الدوائر الأكاديمية ، غير أنها تشكل الفلسفة الرسمية في روسيا، حيث تمثل فلسفة الحزب الشيوعي، ولا يوجد منافس لها هناك إذ تتميز بعدائية شديدة إزاء المذاهب الأخرى، كما أنها تتميز بطابع رجعي حيث تحاول إعادة الحياة إلى الموقف العقلي الذي كان سائدا في منتصف القرن التاسع عشر.
تأسست المادية الجدليةعلى يد الإقتصادي الروسي كارل ماركس(1818-1883) الذي كان من أتباع هيغل، وقد تعاون معه تعاونا وثيقا الفيلسوف فريدريك إنجلز، حيث تولى هذا الأخير وضع الأسس الفلسفية للنظام.
وقد أخذ لينين بنظريات ماركس ووضعها على رأس الحزب.
يرى المذهب المادي أن العالم الحقيقي ينحصر في المادة، ولم يعارض الجدليون هذه الحقيقة وإنما عارضوا غياب الطابع الجدلي عنها.
كما يرى الماركسيون أن المادة في تطور خطي دائم، يتسبب في موجودات جديدة تكون أكثر تعقيدا، وهذه العملية التطورية تجري بغير هدف سابق، ولا يوجد شيء ف العالم ثابت فالكل في تطور، والذي يبقى خالدا في الكون هو المادة.
أما بالنسبة للعقل والوعي فما هما إلا صورة فوتوغرافية للمادة عند الماركسيين، والإنسان في جوهره جزء من المجتمع.
نظرية المعرفة:
المادة هي التي تحدد الوعي، والعالم قابل للمعرفة على التمام، ومنهج المعرفة الحقيقي هو العلم الطبيعي ، أما المعرفة فهي حسية في المقام الأول مع ضرورة التفكير العقلي.
نظرية القيم:
لا تعترف المادية الجدلية بوجود أي قوانين خالدة للأخلاق، وهناك عنصر موضوعي داخل الأشياء هو الذي يحدد لنا تذوقاتنا الجمالية، أما الدين فهو عبارة عن نسيج من الأقوال الخاطئة و العجيبة، ومنشأ الدين هو الخوف.
وإذا كانت الماركسية ترى ضرورة تغيير وجهة الأخلاق و الفن ، فإنها ترى وجوب إلغاء الدين.
ملاحظات انتقادية للفلسفات المادية:
إن الحدس الذي يوجد في أسس هذه النظم الفلسفية يقوم في إحساس حاد بضخامة الكون لدرجة يظهر فيها الإنسان ضعيفا غير ذي قيمة، وهو إحساس مادي، وهنا تظهر عبادة العلم الطبيعي المخلص للإنسان.
إن هذه المذاهب تتميز بضعف نظري، و الأهم من هذا أن هؤلاء الفلاسفة يقفون حيارى أمام مشكلات الإنسان الكبرى( الألم ، العذاب....).
وبسبب كلما ذكرناه فإن الفلاسفة في منتصف القرن العشرين قد تخلو حتى عن مشكلات الفلسفات المادية.