4- التيارات الكبرى في القرن العشرين(1918-1950)
أولا: المدارس
ظهرت في هذه الفترة مدرستين جديدتين إضافة إلى المدارس السابقة وهما: المدرسة الوضعية الجديدة، والفلسفة الوجودية.
ويمكن أن نميز بين النظم الفلسفية لهذه الفترة ابتداء من وجهتين للنظر: من حيث المحتوى ومن حيث المنهج.
أما من حيث المحتوى فيمكن تقسيمها إلى ست مجموعات:
-المذهب التجريبي والمثالية في صورتيها الهيجلية و الكانتية.
-فلسفة الحياة وفلسفة الماهيات/ الفينومينولوجيا.
-فلسفة الوجود وفلسفة ميتافيزيقا الوجود.
وهو تقسيم لا يخلو من تعسف، إذ الفروق كبيرة بين الفلسفات التي وضعناها تحت عنوان واحد، كما تجدر الإشارة إلى وجود مفكرين منفردين ومعهم مدارسهم وهم يشكلون همزة وصل بين مجموعة و أخرى.
و إذا أتينا إلى التصنيف بحسب المنهج ، وإن كان هذا التصنيف لا يبدو حاسما هو الآخر فإننا نجد منهجين اثنين: الفينومينولوجي و المنطقي الرياضي فالأول يستخدمه أصحابه طبعا، كما يستخدمه الفلاسفة الوجوديون، كما يستخدمه عدد من الفلاسفة الميتافيزيقيين.
ولكن عدد آخر من الفلاسفة الميتافيزيقيين انضموا إلى المدافعين عن منهج التحليل المنطقي الرياضي ، من أمثال وايتهد .
ثانيا: الأهمية النسبية للمذاهب
يمكن النظر إلى الأهمية النسبية للمذاهب من زاويتين: عند الفلاسفة، وعند الجماهير(الشعبية).
فأول الفلسفات شعبية عند الغرب في القرن العشرين هي فلسفة المادة لبساطتها تليها الفلسفة الوجودية حيث تتمتع بشعبية كبيرة وسبب ذلك هو الصورة المبسطة(وإن كانت أعظم الفلسفات صعوبة للدخول إلى أفكارها)التي اكتسبتها فقد اكتسحت الرواية و المسرح....، أضف إلى ذلك الجانب اللاعقلي و الذاتي الذي تميزت به.
هذا ويمكن أن نقارن النجاح الذي حققته الفلسفة الوجودية في القرن العشرين بنجاح الفلسفة الرواقية في القرون الأولى للميلاد.
أما المذاهب الأخرى فلم تنل إلا أشياعا معدودين، وبينها تقف المدرسة الميتافيزيقية في أفضل مكان، وخاصة في صورتها التوماوية ، أما فلسفة الحياة و الفينومينولوجيا فإنهما معروفتان بدرجة أقل خاصة الأخيرة.
أما من زاوية الفلاسفة فتختلف الصورة كثيرا ، حيث تحتل فلسفة الحياة و الفينومينولوجيا مكانة عريضة، وعلى ضد ما رأينا في الجدول السابق فإن المركز الأول للمدرسة الميتافيزيقية تليها الفلسفة الوجودية.أما فلسفة المادة فتحتل المركز الأخير.
رابعا: الخصائص العامة
لا شك في وجود خصائص عامة بين معظم التيارات الفلسفية، حيث تعدى الفكر الجديد التفرع بين العالم والآلة من جهة والذات المفكرة من جهة أخرى، بسبب الفشل الذريع الذي لاقاه كل تيار منفردا. ويمكن أن نقول بصفة عامة أن هناك اتجاها يتأكد نحو تصور عضوي للحقيقة، إضافة إلى سمات أخرى نشير إلى ما يكفينا منها لتعريف الفكر الجديد:
أ-معارضة الوضعية: حيث يعترض فلاسفة الوجود و فلاسفة الحياة و الفينومينولوجيون على أن يكون لعلوم الطبيعة أي قيمة كمصدر للمعرفة الفلسفية، أما الميتافيزيقيون فيكتفون بتحديد حيز لها لا تتجاوزه.
ب- التحليل: حيث يكثر استعماله أكثر من أي وقت مضى.
ج-الواقعية: يقول بها بعض فلاسفة الوجود و فلاسفة الحياة والميتافيزيقيون وقسم من فلاسفة المادة على حين يرفضها المثاليون.
د- التعددية:يغلب استخدامه عند الفلاسفة الحاليين باستثناء قلة قليلة.
ه-الاتجاه النشاطي/الفعلي: يقول به كل الفلاسفة الحاليين، فهم يوجهون انتباههم إلى الصيرورة، ويذهب عديد الفلاسفة الحاليين إلى رفضهم لأي صورة نموذجية خالدة وهو حال فلاسفة الوجود و فلاسفة الحياة و فلاسفة المادة وكثير من المثاليين. وتحارب هذا الاتجاه بقية المدارس الأخرى.
و-الاتجاه الشخصاني: يتجه اهتمام معظم الفلاسفة الحاليين إلى الشخص الإنساني ويؤكدون على الأهمية الخاصة لكرامته خصوصا فلاسفة الوجود، و كثير من الميتافيزيقيين والفينومينولوجيين، وربما كانت هذه السمة هي الأميز ل فلسفة هذه الفترة، فهي تتميز بقربها الشديد من الوجود الفعلي الواقعي للإنسان.
كما نشير إلى خصائص أخرى خارجية منها شدة التخصص وخصوبة الإنتاج ومدارسها على علاقات وثيقة فيما بينها.