رحلة في «رحلة شمس»
عمار زعبل الزريقي
الثورة صامدة، والناس وأعلام الثورة
فوق القمم الأبطال
وخفاش الليل
الإنسان العورة
يرقص فوق الاوحال
مسكين لا يملك فكرة
لم تنبت في عالمه الأجدب زهرة
الدگتور عبدالعزيز المقالح
إنها أبيات من قصيدة «رحلة شمس» القصيدة الخالدة التي فيها تشخيص وأيما تشخيص لحالة شعورية، عميقة في الوصف، وقوية في النقد، النقد لحياة شعب تتربص به الدوائر، يحيط به الخفاش من كل مكان، رموز الشر والغدر الذين يتشكلون في كل زمان ومكان، إنها «العورة» وما تحمل هذه الكلمة من معاني شريرة، تتمايل وترقص فوق الاوحال النتنة التي تدل على القذارة والشذوذ، فالعدو هو قذر بل شيطان لا يحمل فكرة صلاح أو حب أو جمال.
يعيش في عالمه الأجدب الخالي من الزهور الوردية الجميلة زهور الخير التي لاتنبت في الحقول الشيطانية الشريرة بل تنبت في حقول الحب والخصوبة والعطاء.
إنها أسطورة قديمة مازالت تتجدد «ايتيلا» ملك قديم تزحف جيوشه تأكل الأخضر واليابس، كان يعتقد في أغوار نفسه الحاقدة، أنه نقمة الرب على الأرض، ولا يستطيع أحد قهره أو هزيمته، وأن العشب لاينمو تحت حوافر خيله الغازية.
وهنا تتجلى هذه الأسطورة في نفسية الإنسان العورة الذي يبيع وطنه ومبادئه بثمن للمأجورين والمتربصين ويجني من ذلك الأوهام، بل وعلّم نفسه ووطن ذاته بأن يحيا دوماً وأبداً في أرض مقيدة ذليلة مكبلة لا في أرض حرة تنعم بالخير والسلام والأمن والأمان
يا رحلة شمس عربية
عبرت شرقاً
طافت فوق بلادي أفقاً أفقاً
عبرتها في ليل شات
وجدت بلقيس اليمنية تبكي
تتلوى في سجن القات
يصلب عينيها جلاد عات
إنه الجلاد «الإمامة» الذي تخلص منه إنه «القات» جلاد آخر سوس ينخر في جسد الوطن وأبنائه مأساة وأية مأساة،وهي هكذا عندما تجتمع المأسي وتتعكر الصورة وتغدو قاتمة السواد يخيم فيها ليل الجهل والتخلف فتجعلنا نبكي وبمأساة.
أنا من بلاد القات مأساتي تضج بها الحقب
أنا من هناك قصيدة تبكي وحرف مغترب
غادرت سجن الأمس ملتحفاً براكين الغضب
اثرا القيود على يدي ساقي تنوء من التعب
نعم لابد من رحلة من ثورة مباركة وكانت وتحققت، وطافت، بأعلام الحرية بعد أن عبرت شرقاً مجاوزة البحر الأحمر، لتتلاقى كل الثورات العربية حينها من مصر والجزائر وسوريا وحتى بلاد الحب اللامتناهي، والعشق الخالد يمن العروبة والسلام بعد أن كانت تئن تحت أقدام الرجعية والتخلف فعبرتها وتجاوزتها محنة الليل الشاتي الحالك السواد، أرض بلقيس اليمنية التي تتلوى في سجن القات، ذلك العشب اللعين الذي أصبح ليلاً وشراً مستطيراً، ودوداً ينخر في جسد هذا الشعب وأرضه ومائه.
إذاً بلقيس هي الإنسان اليمني الطامح للخير، والانطلاق نحو التقدم والنماء والبناء والتحديث لا ذلك الإنسان العورة الذي كل أمله الخراب، والهدم والانقضاض على ما كل هو جميل، فهي المفارقة العجيبة.
مدت يدها
غسلت قدميها في البحر الأحمر
تركت في كل مكان من وطني
قبراً
نجماً أسمر
ذكرى لعبور الحرية
هاهي بلقيس تمد يدها، بعد أن غسلت قدميها في ماء الوطنية العذب، ماء الحب السلسبيل الرقراق فعدت تلك الفتاة البرئية البعيدة عن الشر وبمنأى عنه، فهي تتطلع إلى الانطلاق والبناء دون قيد دون ألم. فتتعمق الحرية وبجلاء في ذكرى الشهداء الذي روى دمهم هذه الأرض السعيدة فهي قبورهم الشاهدة على بطولتهم، فكانوا نجوماً سمراء، وجسوراً لعبور الحرية.
نعم إنه تلون الصورة وتماوج الحركة وانبلاج الفكرة، وتتابع الحياة في تناغم وتشكيل وقطار الفجر مازال يسير نوراً وحبوراً وحضوراً ما أراد لذلك أهل الوفاء والحب لأرضهم بأن تنعم خيراً وتقدماً، أن يشع النور والعلم بعدأن رحل الجهل والظلام إلى غير رجعه.