ضمير الفصل
تعريفه : ــ
هو ضمير يأتي للفصل بين الخبر و الصفة بمعنى أنه يعرفنا أن ما بعده خبر و ليس صفة فمثلا لو قلنا محمد الناجح فمحمد مبتدأ مرفوع و الناجح يحتمل شيئين إما أن يكون خبرا عن المبتدأ أو يكون صفة لمحمد فلما قلنا محمد هو الناجح تعين أنا يكون الناجح خبرا للمبتدأ مرفوع .
و يسميه بعض النحاة ضمير العماد لأنه يُعتمد عليه في فهم معنى المراد.
و سمي بضمير الفصل لأنه يفصل بين الخبر و الصفة أو لأنه يفصل ( يُقحم ) بين المبتدأ و الخبر أو ما أصله المبتدأ و الخبر مثل قوله تعالى { وأولئك هم المفلحون } و قوله تعالى { إن ترن أنا أقل منك مالا و ولدا } و قوله تعالى { و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا } و قوله تعالى { و كنا نحن الوارثين } و قوله تعالى { أنهم هم الفائزون }

فائدة ضمير الفصل : ــ
التوكيد و التنبيه على تمام الاسم الذي قبله و أن الاسم الذي بعده خبر لما قبله و ليس صفة له.

شروط ضمير الفصل : ــ
لضمير الفصل شروط يجب توافرها حتى يسمى ضمير فصل و هي
1/ أن يقع بين المبتدأ و الخبر مثل محمد هو القائم و مثل قوله تعالى { وأولئك هم المفلحون } أو يقع بين ما أصله المبتدأ و خبره كاسم إن وخبرها و اسم كان و خبرها مثل إن محمدا هو القائم و مثل قوله تعالى { أنهم هم الفائزون } و مثل كان محمد هو القائمَ و مثل قوله تعالى { و كنا نحن الوارثين } .
2/ أن يكون ما قبله معرفة و ما بعده معرفة أو أن يكون ما قبله معرفة و ما بعده يشبه المعرفة في عدم قبول التعريف كأفعل التفضيل المقترن بمن .
3/ أن يكون من ضمائر الرفع كـ أنا و هو و هي و هما و أنت و نحن وغيرهم .
4/ أن يطابق ما قبله في الخطاب أو التكلم أو الغيبة و في الإفراد و التثنية و الجمع و التذكير و التأنيث مثل محمد هو القائم و زينب هي القائمة و الفتيات هن الفائزات و الطالبان هما الناجحان .
إعراب ضمير الفصل : ــ
ضمير الفصل على أرجح الآراء ضمير لا محل له من الإعراب حيث أن وجوده من الناحية اللفظية لا يتأثر بما قبله و لا يؤثر فيما بعده فمثلا لو قلنا محمد هو الفائز كان محمد مبتدأ و الفائز خبرا و هو ضمير لا محل له من الإعراب . و يتبن ذلك أكثر في قوله تعالى { و ما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا } حيث وقعت كلمة خير منصوبة مفعول ثان لتجدوه و لم يتأثر الضمير هم بالفعل تجدوه فينصب و لم يؤثر في خير فيرفعه لذلك حُكم عليه أنه لا محل له من الإعراب .
و قال بعض العلماء أنه يأخذ حكم الاسم الذي قبله فيكون مبتدأ ثان في محمد هو الناجح .

و الله أعلى و أعلم

استخدام ضمير الفصل كضرب من ضروب التوكيد، ومن ثم فهو لا يجامع التوكيد، فلا يقال: زيد نفسه هو الفاضل، وقد سماه بعضهم: دعامة؛ لأنه يدعم به الكلام، أي: يقوي ويؤكد. ومن أمثلته قوله تعالى: ((وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى ، وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا، وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ، مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى ، وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى ،وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى ،وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى ،وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى ،وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى ، وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى)) [النجم:43-52 ] .
فإذا تأملت مواضع ذكره وتركه، تبين لك وظيفته في توكيد المعنى المراد، فقد ذكر في الأفعال التي هي مظنة الاشتراك؛ كالإضحاك والإبكاء، والإماتة والإحياء، والإغناء والإقناء، أما حيث لا تُدَّعى الشركة فلا يذكر، كما في خلق الزوجين، وإهلاك القرون الأولى، ثم أعيد ذكره لبيان جرم من طال عليهم الأمد، فلما لم يستجيبوا لنوح -عليه السلام- مع مكثه فيهم ألف سنة إلَّا خمسين عامًا, كانوا مبالغين في الظلم والطغيان.
ومن ذلك: قوله تعالى حكاية عن إبراهيم -عليه السلام- متحدثًا عن ربه: الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ، وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ، وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين،َالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ، الَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ)) [الشعراء: 78 - 82], فتجد الضمير حيث يتوهم في الفعل شركة، كما في الهداية والإطعام والشفاء، أما حيث لا تدَّعى الشركة فلا يأتي الضمير كما في الخلق والإماتة والإحياء، فإن قلت: كيف تكون الإماتة والإ-حياء مظنة الشركة في الآيات الأولى، ولا تدَّعى فيها الشركة في الآيات الثانية؟ قلت: الأولى حديث رب العالمين لمن جحده، وقد يظن أن له قدرة على الإماتة والإحياء، كما قال النمرود: ((أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ)) [البقرة: 258]، أما الثانية فكلام الخليل -عليه السلام- الذي لا مظنة عنده, في أن الله وحده هو الذي يستطيع الإماتة والإحياء.
وقد يقوى التوكيد بضمير الفصل, حتى يصل للدلالة على القصر والاختصاص، كما يظهر ذلك مما سبق، وتأمل قول عيسى -عليه السلام: ((فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ)) [المائدة: 117]، فبعد رفع عيسى -عليه السلام- لم يكن الرقيب عليهم سوى الله وحده.

الشكر لك..الفضل لمن سبق..