1-1 تمهيد
إن التطور في معالجة البيانات و تحويلها إلى معلومات والاهتمام بقواعد البيانات و من بعد ذلك تقنية المعلومات أدت إلى ظهور نظرة جديدة للتعامل مع المعرفة - التي تعنى تجميع و ترتيب لمعلومات - و في محاولة للتقدم بالحاسب للمعالجة المعرفة , للقيام بمهام توصف بأنها ذكية , مع تطور لغات البرمجة و العتاد المادي تطور ما يسمى بالذكاء الصناعي .
الذكاء الصناعي هو احد علوم الحاسب الحديثة و هو من العلوم المثيرة ويعتبر حلقة الوصل بين عدة علوم , ظهرت فكرته فعليا و على مستوى عالي مع الجيل الخامس الذي كانت انطلاقته من اليابان منذ سنة 1985 ف , وكان من نتاج تفكير عالما فذ من علماء الحاسوب البانيين " كازو هيرو فورنش " و قد كان مقدور لهذا الجيل و مخططا له لمدة 10 سنوات حتى يتم ما أراد له , و قد تم افتتاح معهد خاص لهذه الأبحاث " أبحاث الجيل الخامس – الذكاء الصناعي " وهو معهد تكنولوجيا الجيل الخامس الجديد في سنة 1982 ف في طوكيو , و السر وراء هذا الاهتمام و البداية القوية أدرك اليابان بأهمية المعرفة و أنها تشكل قوة و ثروة ودخل قومي للبلاد
1-2 تعريف الذكاء الاصطناعي و معالجة العقل البياني :
و يعرف اختصارا AI وهو مصطلح يطلق على علم من أحدث علوم الحاسب الآلي , وينتمي هذا العلم إلى الجيل الحديث " الخامس " من أجيال الحاسب الآلي , ويهدف إلى أن يقوم الحاسب بمحاكاة عمليات الذكـــاء التي تتم داخل العقل بحيث يصبح لدى الحاسب القدرة على حل المشكلات و اتخاذ القرارات بأسلوب منطقي و مرتب بنفس طريقة تفكير العقل الإنساني .. هذا هو تعريف الذكاء الاصطناعي حسب وروده في قاموس الموسوعة العربية للكمبيوتر والانترنت , انه مصطلح يتركب من كلمتين و تعريفة يعتمد عليهما.
إن عدم الدقة في التعريفات الواردة في عدة مصادر راجعة إلى عدم معرفة ماهية الذكاء البشري أساسا , و من التعاريف التي اطلعت عليه تعريف صاحب كتاب " الحاسوب وعصر شغيلة المعرفة " و عرفة بأنــه " قدرة الإنسان على استخدام اكبر قدر من ملكاته " , هنا يبرز شيئين هما الملكة أولا واستخدمها ثانيا و قد يوفق هذا التعريف بين معنى العقل و الذكاء " العمليات التي تحدث داخل الدماغ " ويهتم بدراسة الجانب الأول علم الأعصاب و وظائف الأعضاء و يهتم بالجانب الثاني كل من علمي النـفس " علم الإدراك و التفكير " , و علم الفلسفة " المعرفة و كيفية اكتسابها - الابستومولوجيا " .
هناك طريق أخر اعتمدت بعض المصادر عليه في تعريف الذكاء على ما يعرف بحاصل الذكاء " IQ " , و لإجراء عملية الاختبارات قد تم تقسيمه إلى عدة أقسام تصل إلى سبعة أقسام , و البعض منها قد يكون لا علاقة له بالذكاء الصناعي حاليا على الأقل " مثل الذكاء العاطفي و الوجداني " , و حاول البعض لتسهيل العملية وضع معايير لوصف العمليات الذكية بدلا من الذكاء , و هناك عدة محولات للسير في مجال الذكاء العاطفي وفق بعضها في مجالات محدودة و توجد له بعض التطبيقات البسيطة .
لكن من خلال تحليلنا اللفظ مباشرة نلاحظ انه يكافئ صناعة الذكاء أو " ميكنة الذكاء البشري " , و بمعنى أخر محاكاة العمليات العقلية التي تحدث داخل الدماغ , و هذا يعني القيام ببناء آلة لها القدرة على القيام بإعمال توصف بأنها ذكية , و من أهم التعريفات التي تتطابق هذا المفهوم تعريف أبو الذكاء الصناعــي مار فــن منسكيMarvin mink " "الذكاء الاصطناعي هو العلم القادر على بناء آلات تؤدى مهاما تتطلب قدرا من الذكاء البشري عندما يقوم بها الإنسان".
وقد تحدث منسكي عن ميكنة الإدراك البشري " حوسبة الإدراك " و أهمية هذه الحوسبة في فهم ماهية المعرفة البشرية , و أكد أن حجم قاعدة البيانات أو المعلومات مع اختلاف بين الاثنين المطلوبة , للقيام بحوسبة الإدراك ليست كبيرة , فقرص واحد قد يكفي للقيام ببناء نظام نحوي حاسوبي ,و لكن المهم في عملية البرمجة الأزمة للاستفادة من هذه المعلومات , و الدليل على هذا أنه يوجد قرص واحد موجودة به أكثر من 10 آلاف مجلد من علوم اللغة , ولكن لا نستطيع أن نوجد برنامج يضاهي قدرة طالب بسيط في علم النحو و الصرف , اى أن العتاد لمادي ليس هو الأساس , فحاسوب بسرعة 500 ميجا مع ذاكرة رئيسية 128 ميجا مثلا قد يكفي لإيجاد برنامج في معالجة اللغة العربية و خاصة جانب تحليل النصوص, إذا وجدت الخوارزمية الملائمة , و هنا تكمن أهمية فهم العقل البياني من الأساس و كيف تم التوصل إلى هذه القواعد التي بها يفهم النص , و فهم التركيبية المنطقية لهذه القواعد قبل أن ندرس كيف نفهم نحن النص, و هذه وجهة نظر قد تغير مسار الأبحاث في الذكاء الصناعي في مجال معالجة اللغات و بالذات اللغة العربية, و هذا ما تحاول هذه الدراسة أن تبدأ به.
و هنا نطرح سؤال مهم و هو : هل تستطيع علوم الذكاء الصناعي أن تدرس و تصحح و بل تكشف نظريات في فهم آليات العقل البياني العربي حسب ما ذكره الجابري في كتابة تكوين العقل العربـي, و تقوم بتطوير علوم اللغة .
نريد أن نركز هنا على قضية أخرى مهمة وهي هل يهتم الذكاء الاصطناعي بالذكاء " كملكة " يستخدمها الإنسان أم يهتم بالعقل و العمليات العقلية على أساس انه منظومة فكرية وقاعدية مترابطة و خاصة في موضوعنا معالجة اللغة العربية عند تحليل النصوص و دلالة الألفاظ و سنتكلم في مبحث خاص عن هذا الموضوع .
1-3 أهمية الذكاء الصناعي و علوم اللغة :
لن نتحدث هنا عن أهمية الذكاء الصناعي في كافة المجالات و أنما سوف نركز على أهميته في مجال بحثنا إلا وهو معالجة اللغة العربية و بالذات في مجال تطوير علوم اللغة وتحليل النصوص .
إن أهم الأسباب لدراسة الذكاء الاصطناعي هو محاولة فهمنا لعمليات العقل البشري وخاصة العقل اللغـوي و هذه تفيدنا جدا في مجال دراسة معالجة اللغة العربية " تحليل النصوص " و تطوير قواعد التحليل , فكما نعرف أن قواعد اللغة من نحو وصرف و دلالة تم الاعتماد في بنائها على الشعر العربي إلى فترة معينة ولم يتم بنائها من القران الكريم , وقد تم تأسيس هذه القواعد منذ زمن طويل بوسائل تلك العصور و أيضا بعلوم و عقلية تلك العصور , و من المؤكد أن الوسائل العلمية في البحث قد تطورت و علوم المعرفة أيضا حدث لها قفزة نوعية , فهل يمكن لعلوم الذكاء الصناعي أن تقدم لنا جديد للغة العربية بحث يكون تطور للأصل ومحافظة عليه , و وصولا باللغة العربية إلى عصر الجيل الخامس على كافة مستويات اللغة هذا على الأساس النظري أما في الجانب التطبيقي " في مجال معالجة اللغات الطبيعية " فله العديد من الفوائد اقلها إنشاء أنظمة تعليمية خبيرة لعلوم اللغة و نظام خبير في المواريث مثلا قد تم طرحه و مناقشته في الندوة الأولى لمعالجة اللغة العربية في السعودية وأيضا الترجمة الإلية و استرجاع النصوص وتطبيقات عديدة جدا مذكورة في كتب الذكاء الصناعي و سنتعرض لها في الفصل القادم عند الحديث عن معالجة اللغة وعلم الحاسوب اللغوي .
1-4 فروع علم الذكاء الصناعي في معالجة اللغة :
إن العلوم التي لها علاقة بعلم الذكاء يمكن تقسيمها إلى مستويين الأول نظري عام و هو يتعامل مع الذكاء و المعرفة بصورة عامة و من أهمها أولا :- علم النفس و بالذات في جانب " علم الإدراك "و هو العلم الذي يتهم بدراسة العمليات العقلية من ناحية نفسية وفيسولوجية , و يحاول أن يخرج بنظرية عامة تفسر الذكاء البشري, و الجزء الأخر من علم النفس الذي يدرس علاقة العاطفة بالذاكرة والعقل و كيف تتم العمليات العاطفية وعلاقتها باللغة , و العلم الثاني هو علم الفلسفة و خاصة في جانب نظرية المعرفة وتمثيل المعرفة و كيف تتم المعرفة , و من أهم تطبيقاتها تركيبية العقل البياني مثلا كجزء من منظومة معرفية , وكيف تم بناء علوم اللغة و النظريات المعرفية التي يعتمد عليها , ومن العلوم الأخرى علم المنطق و الرياضيات و الإحصاء و سوف نفرد فصل خاص للحديث عن العلاقة بين معالجة اللغة وهذه العلوم .
و مستوى أخر تطبيقي عملي له علاقة وثيقة بالتطبيقات , ونحن هنا نركز على معالجة اللغة في جانب تحليل النصوص و من أهم هذه العلوم علوم اللسانيات و بالذات النحو التوليدي " التحويلي " لنعوم تشومسكي و النوع الأخر علوم اللغة من نحو وصرف و دلالة الألفاظ و قد اعتمدنا في هذا النموذج على كتاب شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك كبداية .
أما عند النظر إلى فروع علم الذكاء يمكن النظر إليها من جهتين الأولى علمية نظرية وتهدف إلى فهم آليات الذكاء عند الإنسان و فهم العقل البشري, و التحقق من نظريات الذكاء و المعرفة, و هذه النظرة مهمة جدا في تطور علوم اللغة و التحقق من عدة نظريات في المعرفة و الذكاء و كذلك في إيجاد منطق تجريبي مناسب للغة العربية و بل يمكن إيجاد مناهج لنظرية المعرفة في الذكاء الصناعي بهذا الأسلوب, و وجهة النظر الأخرى تجريبية هندسية و تهدف إلى إكساب الحاسوب بعض المهارات و القدرات للقيام ببعض الأعمال الذكية لإنجاز برامج تطبيقية يستفاد منها الإنسان مباشرة مثل الأنظمة الخبيرة و التعليم بواسطة الآلة.
و وجهتي النظر لهما علاقة ببعض فالأولى تمد الثانية بالبناء النظري العام إما الثانية ومن خلال الجانب التجريبي تقدم لنا مدى صحة الجانب الأول .
و هناك نقطة مهمة إلا وهي عدم ثبات فروع علم الذكاء الصناعي و مجالات الذكاء , ففي نهاية الستينات اعتبرت طرق قراءة الكتابة اليدوية جزء من الذكاء الصناعي و لكن بعد تطوير قارئة الحروف لم تعد كذلك , و لهذا يبدو أن من سمات الذكاء الصناعي انه في أي مجال إذا ما أصبحت الطرق و التقنيات ثابتة ومعروفة و مبرهنة عمليا لم تعد من الذكاء الصناعي
و سوف نتحدث هنا عن موضوع له علاقة بعلم الذكاء , و بالذات في احد أنواع الذكاء ألا وهو الذكاء العاطفي , قد لا يتعرض له كثيرا و لازال في طور البحث, و يواجه عدة إشكاليات و له علاقة بمعالجة للغة ألا وهو علاقة دراسة الذاكرة والتذكر بالذكاء و اللغة و الجدير بالذكر انه توجد عدة تطبيقات تعتمد على الذكاء العاطفي موجودة حاليا في الأسواق .
1-5 أهمية دراسة الذاكرة في الذكاء الصناعي
من خلال برامج الذكاء نحاول دراسة الذاكرة وعملية التذكر لدى الإنسان و علاقتها بالذكاء أو العمليات المعرفية التي تحدث لدى قيام الإنسان بوظائف له علاقة باللغة خاصة , وأيضا دراسة كيف تتم عملية النسيان وبالذات نسيان التفاصيل الغير مهمة , والتي تعتبر هي أساس عملية التعلم وهذا خطوة مهمة جدا في تعلم الآلة .
و في مستوى أخرى دراسة الذاكرة وعلاقتها بالعاطفة و التفكير , و على اعتبار أن العواطف مستوى معين من التفكير , إذ سيكون الأساس هو دراسة العلاقة بين الذاكرة و العاطفة و التفكير و علاقة هذا بإنتاج اللغة سواء المنطوقة أو المكتوبة , لان هذا له تأثير على قدرة الحاسب على معالجة اللغة في مجال تحليل النصوص و دلالة الألفاظ , لان نفس الكلمة قد تعنى معنى معين الأمر مثلا في مكان, و قد تعنى نفس الكلمة النهي في مكان أخر, و فهم هذا الفرق مرتبط بفهم السياق و المقام الذي ورد أو قيل فيه النص و الذي يحمل دلالة عاطفية, و من هنا تبرز أهمية دراسة العاطفة و علاقتها بالذكاء, و هذا موضوع شائك و صعب و لم أرى كثيرين تعرضوا له .
1-6 مكونات الذكاء الصناعي و عملياته في معالجة اللغة :
من أهم عمليات الذكاء هي التعلم والتعليل و الاستنتاج و التصحيح التلقائي , فالتعلم اكتساب المعلومات من خلال البيانات و معالجتها لتتحول إلى معلومات و من ثم إيجاد علاقات و روابط بينها لكي تتحول إلى معرفة و تخزن في قاعدة المعرفة فهذه هي مراحل التعلم بيانات مدخلة و معالجتها على أساس قواعد مداخلة و للوصول بها إلى المعرفة و تسمى عملية استخدام القواعد التعليل أو الاستنتاج ومن ثم تبقى العملية الأخيرة وهي التأكد من صحة النتائج .
و من هنا تبرز أهمية تمثيل البيانات داخل قواعد البيانات و كيف يمكن لعلم الذكاء أن يقدم لنا تطور في هذا المجال, و سوف نفرد فصل خاص نتحدث فيه عن قواعد البيانات و معالجة اللغة العربية , بل إن نسبة النجاح و التقدم في عملية معالجة اللغة تعتمد أساسا على أسلوب قواعد البيانات .
أما مكونات الذكاء اللازمة لانحاز عملياته فهي التمثيل أولا و البحث و خوارزميات استخدام القواعد ثانيا و أخير البرمجة ولغة مناسبة .
و يعتبر التمثيل جحر الأساس و يعنى كيف يمكن تمثيل المسألة بقواعدها و بياناته بطريقة ملائمة للحاسب , و البحث هو يعتبر بمثابة التفكير و يعنى البحث وفقا لمعايير و قواعد موضوعة للنظام أو يقو هو باستنباطها وفقا لخوارزميات معينة و هذه الخوارزميات و معها عملية تمثيل البيانات و القواعد محتاجه إلى لغة برمجة مناسبة وقد تكفى في مرحلة معينة أي لغة أما في مراحل متقدمة من معالجة اللغة كتطبيق للذكاء و كمحور لبحثنا فنحن نحتاج إلى لغة ذات موصفات خاصة .
1-7 مميزات الذكاء الصناعي:
يمتاز الذكاء الصناعي بعدة مميزات من أهمها
1-لتمثيل الرمزي : أنها تستخدم أساساً رموزاً غير رقمية وهى في هذا تشكل نقضاً صارخاً للفكرة السائدة أن الحاسب لا يستطيع أن يتناول سوى الأرقام، فعلى المستوى القاعدي يتكون الحاسب من نبائط ثنائية binary devices ولا يمكن لهذه النبائط أن تتخذ إلا أحد وضعين اتفق على أن يرمز لهما ب "1 أو صفر". وقد أدى اختيار هذين الرمزين الرقميين إلى انتشار الفكرة القائلة إن الحاسب لا يستطيع أن يتفهم سوى "نعم أو لا"، وأنة لا يستطيع تمييز ظلال المعنى بينهما. و لهذا واجهت لغة الاله صعوبة في برامج الذكاء و كانت اساليب البرمجة هي احد أهم العوائق بالنسبة لتطبيقات الذكاء , ولكن إذا نظرناً على نفس المستوى للإنسان، مستوى الخلايا العصبية neurons ، لوجدنا أن الفهم الإنساني يعتمد أيضاً على الوضع الثنائي مما يشير إلى إمكانية التعبير عن الأفكار والتصورات والمفاهيم البالغة التعقيد واتخاذ القرارات بتشكيلات متطورة من هذه الأوضاع أو الحالات الثنائية. ولا شك أن إمكانية التعبير عن التصورات العليا والمعقدة بواسطة الرموز الثنائية التي يفهمها الحاسب تجعل محاكاة عملية اتخاذ القرارات ممكنة .
2-البحث التجريبي : بعد تمثيل المسألة يتم البحث في الخيارات الموجودة حتى الوصول إلى الهدف المطلوب وفقا لمعايير موضوعة له أو قام باستنباطها بعد عدة عمليات استنتاجية و توجد عدة أنواع من البحث منها البحث الأعمى و البحث المثقف " البصير " و يتم استخدام البحث في مسائل لا يمكن إيجاد حلول لها باستخدام خطوات مرتبة و هو يحتاج إلى مساحة ذاكرة كبيرة وسرعة من الحاسب . ومن اشهر استخداماته البحث في" المكنز " قاعدة بيانات المعاني لإيجاد معنى الكلمة المناسب للسياق أو في النحو التوليدي لإيجاد جملة مولدة تكافي الجملة المدخلة .
3-تمثيل المعرفة : تتميز برامج الذكاء بوجود قاعدة المعرفة و التي تحتوى على تمثيل للمعرفة عن طريق إيجاد روابط وعلاقات بين المعلومات المخزنة و كذلك تخزين الخبرة الإنسانية مع هذه المعلومات , وعملية تمثيل المعرفة من أهم أصعب الأمور في برامج الذكاء و بالذات في مجالنا و عليه يعتمد نجاح البرنامج بشكل كبير , وعملية التمثيل قد تكون أكثر أهمية من كمية المعلومات و المعرفة المخزنة , ولها علاقة بطريقة التمثيل الرمزي للبيانات و للقواعد التي تشكل أساس قاعدة المعرفة .
4-البيانات غير المؤكدة و غير المكتملة : يمكن لبرامج الذكاء أن تتعامل مع بيانات غير مكتملة أو غير مؤكدة " بالذات باستخدام المنطق الضبابي " و تعطي نتائج مقبولة وعملية و التعامل مع البيانات غير المكتملة ظاهرة موجودة في اللغة عند التعامل مع النص و تحليلها و من اشهرها وجود ضمير مقدر أو محذوف و تقدير كلمة محذوفة في مكان ما و لهذا نحتاج إلى التعامل مع البيانت غير المؤكدة " في سؤال مختصر مثلا " أو المكتملة .
5-القدرة على التعلم تصحيح الأخطاء : تعتبر القدرة على التعلم من احد مميزات التي يجب توفرها في البرنامج الذكي و يتم التعلم عن طريق الملاحظة و الاستفادة من الأخطاء ,و في نموذجنا هذا يحاول أن يستفيد من الخطأ المتمثلة أولا في عدم القدرة على تحديد نوع الكلمة عن طريق إضافة صفات جديدة لتميز الكلام و ثانيا يقوم بحصر الحالات التي لا تنطبق عليه الصفات و كانت النتائج خاطئة لكي تم معالجتها بطريقة أخرى.
6-البيانات المتضاربة : قدرة برامج الذكاء على التعامل مع بيانات قد يناقض بعضها البعض و هذا موجود بكثرة في برامج معالجة النصوص و خاصة عند إيجاد معنى كلمة معينة فنفس الكلمة قد تعني معاني متناقضة أمر ونهي مثلا وتعتمد على السياق وعدة أمور أخرى .
7-الاجتهاد : مسائل الذكاء كما قلنا في العادة ليس له حل خوارزمي معروف أي عدم وجود سلسلة من الخطوات المحددة التي يودي إتباعها إلى ضمان الوصول إلى الحل , و الاجتهاد يتمثل في الطرق الغير منهجية في البحث و التي لاضمان لنجاحها و يتمثل في اختيار احد طرق الحل و التي تبدو ملائمة في ظل دالة تسمى دالة الاجتهاد أو دالة المنفعة مع ضمان الرجوع إلى حل أخر
وفي النهاية يتميز الذكاء بمنهجيته التي يختلف بها عن باقي العلوم و ذلك في تحقيق أهدافه عن طريق المحاكاة بواسطة كتابة برنامج و ملاحظة سلوك و نتائج هذا البرنامج , و أيضا يقوم بمحاكاة بعض الوظائف التي يقوم بها الإنسان دون أدنى تفكير مثل النظر و السمع و الكلام و يحاول أن يخرج بنظريات توضح و تفسر آليات هذه الوظائف
8-1 أشكال استخدام الذكاء الصناعي و علاقته بمعالجة اللغة العربية :
يمكن أن يظهر الذكاء الصناعي و مفاهيمه التي لها علاقة بمعالجة اللغة بعدة طرق أو أشكال و من أهمها :
1- الأنظمة الخبيرة : تعددت مفاهيم الأنظمة الخبيرة و لكن يمكن تبسيط التعريف بأنها برامج تتصرف آليا و برمجيا بمنطق شبيه بمنطق الخبير البشري في معالجة المسائل المعقدة , و يتكون من عدة أجزاء من أهمها الواجهة الذكية التي تسهل على المستخدم التعامل مع النظام و علاقتها بمعالجة اللغة إن المستخدم يتعامل مع النظام بلغة طبيعية أو قريبة منها و تقوم الواجهة بتحويل لغة الإدخال إلى لغة يفهمها النظـــام " الحاسوب " ومن هنا تبرز علاقة معالجة اللغة بالأنظمة الخبيرة و سوف نتحدث عنه في مبحث معالجة اللغة و ثاني الأجزاء محرك الاستدلال الذي يمكنه من استخلاص النتيجة من خلال مقارنة البيانات الموجودة في قاعدة البيانات و الحقائق المخزنة في قاعدة المعرفة و ذلك بعد تحليل الطلب المدخل من واجهة المستخدم و ثالث الأجزاء و أهمها وهى قاعدة المعرفة و هي التي يتم فيها تمثيل البيانات بطريقة مناسبة و هناك عدة أساليب لتمثيل البيانات من أهمها قواعد الإنتاج و الشبكات الدلالية و سوف نركز عليها لأنها مهمة جدا في طرق تمثيل النصوص و القواعد عند معالجة اللغة .
عملية تمثيل المعرفة أهم موضوع , و له علاقة بما يعرف بهندسة المعرفة و نحن سوف نتحدث في هذه الدراسة عن أهم جزء في هندسة المعرفة آلا و هو هندسة اللغة .
و للأنظمة الخبيرة لها علاقة تطبيقية بمعالجة اللغات اقلها أنشاء نظام تعليمي خبير في اللغة مثل نظامنا الذي يحتل فيه نموذجنا الرياضي جزء مهم منه.
2-الشبكات العصبية : و هو جهاز مصمم لمحاكاة الطريقة التي يقوم بها العقل – المخ - بمعالجة المعلومات , وهو معالج ضخم مكون من عدة وحدات معالجة صغيرة متصلة على التوازي , وتقوم بتخزين ومعالجة المعرفة لتجعلها متاحة للمستخدم , وتتم اغلب العمليات عن طريق ضبط الأوزان داخل طبقة المعالجة و من هنا يكون التركيز على علاقة الأوزان و ضبطها و خصائص و صفات الكلمات و حالاتها الإعرابية . أي إيجاد العلاقة بين العمليات اللغوية و العمليات التي تحدث داخل الشبكات العصبية عند ضبط الأوزان من طبقة الإدخال , و تنقسم طرق محاكاة العمليات العقلية بواسطة الشبكات العصبية إلى عدة أنواع من أسهلها و أهمها كتابة برنامج يقوم بعملية ضبط الأوزان طبقا للصفات الكلمات بعد تحويلها إلى صيغ رياضية , ومن هنا توجد عدة تطبيقات للشبكات العصبية منها القدرة على تصنيف الكلمات إلى عدة أقسام و فئات نحوية و قد تم استخدمه في التعرف على حروف الجر و ذلك في ورقة بحثية قدمت إلى ندوة مجمع اللغة العربية بالأردن و كان مقدمها الدكتور محمد زكى خضر المتخصص في هذا المجال و نمنها التعرف على الصور و إكمال الصور الناقصة و المشوهة و تمييز الأنماط و عدة تطبيقات أخرى مهمة, ومن هنا نعرف أن مكونات الشبكة العصبية هي طبقة الإدخال و طبقة – أو طبقات المعالجة – و هي التي تتم فيها العمليات الحسابية لضبط الأوزان و طبقة الإخراج , و يتم تعليم الشبكة عن طريق تقديم نموذج للإدخال و الإخراج و يسمى النموذج فئة التدريب و هذا النوع الأول من طرق التعليم يطلق عليه التعليم بواسطة معلم أم التعليم بدون واسطة فيتم إدخال فئات الإدخال فقط و تقوم الشبكة بمحالة إيجاد فئات الإخراج الملائمة , و هذه مجرد لمحة بسيطة جدا عن الشبكات العصبية
3- المنطق الضبابي : "منطق الغموض " هو أحد أشكال المنطق المستخدمة في برامج الذكاء الصناعي ، يستخدم في بعض الأنظمة الخبيرة وفي برامج معالجة اللغات و بالذات عند تحليل النصوص و إيجاد دلالة الألفاظ المشتركة المعنى ، نشأ هذا المنطق عام 1965 على يد العالم الإذريبجاني الأصل "لطفي زادة" من جامعة كاليفورنيا حيث طوّره ليستخدمه كطريقة أفضل لمعالجة البيانات و هنا تكون أهميته في معالجة اللغة العربية , حيث صعوبة تطبيق المنطق العادي " منطق الدرجة الأولى و المنطق الرياضي " لما تتسم به اللغة من عدم ثبات و مرونة و ضبابية و خاصة في دلالة الألفاظ و معانيها ، حيث يمكن للكلمة أن تحتمل أكثر من معنى في نفس الوقت و تنتمي إلى أكثر من فئة نحوية .
لكن نظريته لم تلق اهتماماً حتى عام 1974 حيث استخدم منطق الغموض في تنظيم محرك بخاري، ثم تطورت تطبيقاته حتى وصلت لتصنيع شريحة منطق ضبابي fuzzy logic chip والتي استعملت في العديد من المنتجات كآلات التصوير.
هناك العديد من الدوافع التي دفعت العلماء إلى تطوير علم المنطق الضبابي فمع تطور الحاسوب و لبرمجيات نشأت الرغبة في اختراع أو برمجة أنظمة يمكنها التعامل مع المعلومات الغير الدقيقة على غرار الإنسان لكن هذا ولد مشكلة حيث أن الحاسوب لا يمكنه التعامل إلا مع معطيات دقيقة و محددة. و قد نتج عن هذا التوجه ما يعرف بالأنظمة الخبيرة أو الذكاء الاصطناعي و يعتبر علم المنطق الضبابي أحد النظريات التي يمكن من خلالها بناء مثل هذه الأنظمة.,و سوف نتحدث في فصل خاص عنه و أهميته في معالجة اللغات الطبيعية واهم تطبيقاته المتاحة كصورة من صور تمثيل المعرفة .
9-1 : مجالات وتطبيقات الذكاء الاصطناعي و علاقته بمعالجة اللغة :
هناك اهتمامان مهمين جدا يهتم بهم للباحثين في مجال AI هما , و نلاحظ أن كل التطبيقات و مجالات العمل ترتكز بصفة أساسية عليهما .
1- تمثل المعرفة Knowledge representation .
2- البحث Search .
يتعلق الاهتمام الأول بالتجميع الكامل للمعرفة للمطلوبة للتصرف الذكي في لغة منهجية بمعنى أنها تكون مناسبة للمعالجة الحاسوبية وفى هذا المجال يقوم الحساب الاسنادى " منطق الدرجة الأولى " predicate calculus كلغة بتوصيف الخواص والعلاقات بين الكائنات في مجال المسألة التي استنتاج عالي أكثر منه حسابات رياضية لحلها, و بالنسبة لمعالجة اللغات الطبيعية قد يعجز هذا المستوى و لهذا نحتاج إلى منطق من رتب أعلى , و قد نستخدم المنطق الضبابي للتعبير عن المعرفة التي لا تتناسب مع منطق الدرجة الأولى,إضافة إلى ذلك يمكن استخدام عدة أساليب أخرى تمتع بمنطق خاص لها مثل الشبكات العصبية و الخوارزميات الجينيه , المهم أن نجد وسيلة مناسبة لتمثيل المعرفة تلائم الحاسوب .
أما الاهتمام الثاني وهو البحث فعبارة عن تكنيك حل مسائل من شأنه الاستكشاف المنظم لفراغ حاله المسألة ويعنى أيضا تواجد مراحل متابعة للبدائل في عملية حل المسألة.
و في مجال معالجة اللغة ألا تعتبر تمثيل القواعد و النصوص بشكل رمزي هي أساس المشكــلة واغلب الأبحاث تتركز عليها و كذلك عملية البحث في القواعد الموجود في قاعدة المعرفة و الألفاظ في المكنز أو المعجم و كيفية التحكم في هذا البحث تحث شروط معينة .
و توجد عدة محالات و تطبيقات للذكاء الصناعي و التي لها علاقة بمعالجة اللغة و هو ما نركز عليه من أهمها:
1- إثبات النظريات : بدا البحث لإثبات النظريات باستخدام الحاسوب مع بدايات الذكاء الصناعي و أحرز نجاحا في بناء أنظمة خبيرة لها القدرة على إثبات النظريات في الهندسة و الجبر و هنا نتسأل هل هناك علاقة بين أسلوب هذين العلمين و هذه البداية أم أنها كانت مجرد اختبار لآليات الذكاء و خاصة أن اغلب النظريات التي اثبت كانت مثبتة من قبل الإنسان و لهذا لم تصل هذه الأنظمة إلى إثبات نظريات ل ثبت من قبل الإنسان و لكنها كانت تقدم دعما في طرقة التفكير للرياضيين , هنا يخطر لنا نقطة مهمة آلا يمكن دراسة هذا الطرق في برامجها الأولى مثلا " " لاستخدامها في إثبات و استنتاجات نظريات علم اللغة و بالذات النحو لأنه يشبه الرياضيات كثيرا , ودراسة علم المعرفة في كلا العلمين وإيجاد العلاقة بينهما و تحويلها إلى برامج تطبيقية , وكما نعرف يتطلب إثبات نظرية ما إلى تركيب و ترتيب مجموعة من البديهات و قواعد الاستنتاج بطرية تمثيلية رمزية مناسبة للوصول إلى النتيجة , نلاحظ مما سبق أمرين الأول وهو كيفية ترتيب مجموعة قواعد للوصول إلى نتيجة و الثاني كيفية التمثيل الرمزي لهذه القواعد وهو ما نحتاج إليه في معالجة قواعد اللغة
2- الألعاب : و أهمية هذا التطبيق بالنسبة إلى معالجة اللغات هو كيفية ترتيب المعلومات و كيفية بناءها و تمثيلها و من ثم البحث فيها للوصول إلى النتائج , وقد تطورت أساليب البحث في الألعاب إلى مستوى أخر حيث استخدمت في مجال إثبات النظريات و حلول المسائل , كما يمكن أن تستخدم في بنفس الطريقة مجال البحث عن علاقة بين قواعد اللغة وألفاظه .
3-هندسة المعرفة : هذا ليس تطبيق و لكنه مجال يدخل في عدة تطبيقات و من أهمها الأنظمة الخبيرة و معالجة اللغات و القن الالى , فقد استهدفت بعض الدراسات مثلا تطوير أنظمة استشارية لتخزين المعرفة والخبرة بداخلها و تمكن الحاسوب من التعامل مع هذه المعرفة بسهولة , و من اشهرها نظام راندال الكيميائي بحيث يمكن له استنتاج التركيب لمركب عضوي من خلال معرفة بيانات تحليل الكتلة , وقد تم تزويد هذا النظام بعدد كبير من القواعد لاستنتاج البناء التركيبي لمادة من واقع خصائص بيانات المطياف , وإنتاج صيغ التركيب الممكنة من الصيغة الجزئية , و التنبوء ببيانات طيفية من الصيغة التركيبية , و إنتاج أجوبة بتركيب و تطبيق ملائم لهذه القواعد , وهنا نقول آلا يمكن الاستفادة من إمكانيات هذا النظام في معالجة النحو لاستنتاج نوع الكلمة وإعرابها عن طريق تزويده بقواعد وكلمات خاصة مثل أحرف الجر و غيرها
و المشكلة الرئيسية في هندسة المعرفة هي تطوير طرق لتمثيل المعرفة المتخصصة و طرق انتقاء و تطبيق المعرفة و طرق اكتسابها .
1-10 : تاريخ الذكاء الصناعي :
تعود كثير من جوانب الذكاء إلى فترات قديمة , كون علم الذكاء كعلم مستقل حديث نسبيا , في العقود الستة الماضية حيث ظهر اسم الذكاء الصناعي تقريبا في مؤتمر في الولايات المتحدة سنة 1965 ف , اى قبل وجود الكمبيوتر و حتى وجود الكهرباء , كانت هناك محاولات على سبيل المثال في القرون الوسطي أن البابا " سلفتر الثاني " صنع آلة قادرة على النطق ببعض الكلمات و الإجابة بنعم أو لا على بعض الأسئلة , بل نستطيع أن نقول إن هندسة الحيل العربية هي السلف الأول لكثير من الأجهزة الحديثة مثل ساعة الماء و , ومن أهم المحاولات التاريخية القديمة و التي تحتاج إلى اهتمام و بحث جاد ,محاولة تحدث عنها الدكتور عادل فاخوري في لقاء مع مجلة العقل و الدماغ آلة العالم المغربي احمد السبتي المسماة " الزابراجة " التي كانت تجيب عن الأسئلة الموجهة إليها في علوم محددة من علوم اللغة بترجمة السؤال إلى حساب الجمل " أعداد " و من ثم القيام بعدة عمليات حسابية تتناسب مع نوعية السؤال من خلال آلة ذات دوائر له مركز واحد ومكتوب عليها مصطلحات وجمل مأخوذ من العلوم العربية " النحو مثلا " و في النهاية يكون لدينا ناتج العمليات على شكل أرقام و نقوم بتحويله إلى أحرف باستخدام حساب الجمل و تكون الإجابة الصحيحة , أن هذه الآلة تحتاج إلى بحث و دراسة ... و قد تأثر بهذا العالم الراهب ريمندوس صاحب كتاب " الصناعة العظمى " و هي آلة تشبه آلة العالم المغربي سالف الذكر ....أما في العصر الحديث فكان أول من وضع مبادئ و فلسفة هذا العلم هو تيورنج صاحب الاختبار المشهور و قد مر هذا العلم بعدة مراحل .
أما في العصر الحديث و الذي بدا فيه العلم الذكاء الاصطناعي كعلم له أساسياته المتمثلة في معرفة المبادئ الفلسفية للمعرفة و كيفية تطبيقيها عمليا عن طريق علم الفيسولوجي في دراسة الأعصاب و الخلايا العصبية وأدى إلى خروج الشبكات العصبية الصناعية و دراسة تطبيقها نظريا عن طريق دراسة المبادئ المنطقة و الرياضية للمعرفة وتمثيلها , و كن هذا في أربعينات القرن و تمكن من تصميم أول شبكة اصطناعية عصبية تحاكى عمل الخلايا العصبية و تسطيع القيام ببعض الحسابات المنطقية باستخدام الجبر البوليني , و خرج في خمسينات القرن أول لغات الذكاء الاصطناعي " LISP " بسبب الارتباط الوثيق بين الذكاء و اللغة سواء في التعامل و البرمجة , و اتجه الاهتمام إلى الجانب البر مجي النظري فخرج برنامج يمثل أول نظام صناعي متكامل تحت اسم برنامج آخذ النصيحة , و ضم المبادئ الرئيسية في تمثيل المعرفة و خوارزميات طرق التفكير , و يوجد تمثيل صريح للبئيه المحيطة و كيفية التصرف في كل حالة من الحالات باستخدام طرق استدلالية , و كان هذا دافعا لأمال كبيرة في أن يقتحم الذكاء الاصطناعي عدة مجالات و لكن هذه الآمال واجهت عدة صعوبات و منها في مجال محاولات الترجمة الأولى و كانت من أهم الصعوبات تمثل في قلة المعرفة حول الموضوع المراد التعامل معه و صعبة تمثيله داخل الحاسب , حتى انه وصل إلى قناعة استحالة تمثيل قواعد نحو لغة بأكملها داخل الحاسب و كان هذا احد أهم أسباب عجز برامج الترجمة الأولى , و الصعوبة الثانية كانت في ممانعة المجالات الكبيرة عند تطبيق البرامج عليها مع بعض التعديلات , تلك البرامج التي اثبت نجاحا في مجالات صغيرة و محدودة , و سبب آخر هو عدم المعرفة البشرية الكافية حول الموضوع المراد برمجته وكيفية إنجازه من قبل العقل البشري , و من اشهر البرامج الأولى البسيطة كان برنامج اليزا الذي اعتمد على طريقة مداولة النص , وهو يحاكى معالج نفسي يتبع مدرسة التداعي الحر , و هذه مرحلة مهمة في معالجة اللغات , و بعد عدة مراحل من الصعوبات و بعد النظرة الواقعية حدثت عدة إنجازات في العصر الحاضر و من اشهرها انتصار الحاسوب الأزرق الغامض deep blue على بطل العالم في الشطرنج كاسباروف , و هنا نتسال هل انتصار البرنامج هو كان بسبب تقدم في استراتيجيات الذكاء أم انه كان بسبب زيادة السرعة و المساحة التخزينية لدرجة أن تكلفة صيانة الحاسوب كانت مكلفة أكثر من تصميمه مما أدى إلى تفكيكه , و توجد عدة إنجازات أخرى منها برنامج يعتمد على معالجة اللغة الطبيعية مهمته استيعاب الحديث يسمى Pegasus و هو عن عبارة عن محاورة بين مسافر و البرنامج , يسأله المسافر عن تكلفة و مسار الحلة بعد أن يحدد له المكان الذي يقصده و زمن الرحلة فيحدد له البرنامج المسار و التكلفة وزمن الرحلة ,و يقوم البرنامج بالحجز و أجراء المعاملات المالية , بل تم أنجاز سائق آلي يقوم برحلة فعلية بسرعة تقدر 55 ميل /ساعة على طريق رئيسي , و توجد أنظمة خبيرة لمعالجة البيانات القادمة من مركبة فضائية و يحللها ومن ثم يقوم بتنفيذ المهام الروتينية و و ينبه المحللين إلى المسائل الخطيرة الطارئه .
و في مجالنا قد حدثت تطورات منذ ثمانينيات القرن الماضي تمثلت مثلا في برامج في علم العروض " عند وزن الشعر " و قد تمت بأكثر من طريقة و أسلوب رياضي و نوقشت فيها أكثر من رسالة دكتورة و من الأبحاث المتقدمة كتاب الدكتور نبيل علي " اللغة العربية والحاسوب " عن دار غريب والذي يعتبر أول كتاب في هذا لمجال و هناك الآن أكثر من متخصص في هذا المجال منهم الدكتور رأفت الكمار و الدكتور زكي محمد خضر و الدكتور صلاح الناجم الذي يدرس علم الحاسوب اللغوي في الكويت و آخرون ,بـل توجد عدة برامج في النحو " الإعراب الآلي " و الصرف و الترجمة و التعرف على الكتابة و استرجاع النصوص و سوف نتحدث عنها بالتفصيل في الفصل لقادم عند الحديث عن معالجة اللغة العربية
1-11 لغات الذكاء الاصطناعي :
علم الذكاء الصناعي بشكل عام هو طريقة للتفكير ( أي خوارزميات ) بكيفية تجعل الحاسوب يقوم بحل المشكلات , و لذا يمكن أن تبرمج برامج الذكاء بأي لغة , و قد وجدت برامج بلغة البيسك , و لكن نتيجة لطبيعة البيانات في برامج الذكاء و البحث فيها , و كتابة القواعد في قاعدة المعرفة, استلزم هذا لغات خاصة لها مميزات معينة , مثل القدرة على صياغة تراكيب البيانات المعقدة , و القدرة على فرز و بحث في قواعد البيانات و قاعدة المعرفة , و ربط الحقائق بالقواعد و الوصول إلى حقائق جديدة أو ما يسمى بالاستنتاج الذاتي , و إمكانية التعامل مع القوائم ومعالجته بسهولة وكفاءة عالية و خاصة في لغة lisp ,و أيضا معالجة الجدول و مطابقة الأنماط ,و القدرة على التعامل مع المنطق الاسنادي المتمثل خاصة في لغة البر ولوج . المهـم أن الفرق الأساسي أن اللغات العادية عند حل أي مشكلة المطلوب كتابة الحل بالترتيب الإجرائي و الخطوات المنطقية المرتبة , و إضافة إلى هذا كلــه عدم القرة على استخدام اللغات الطبيعية في دوالها واجراتها , أما لغات الذكاء و " بالذات لغـة البرولوج لغة الجيل الخامس " فالمطلوب أن تكتب لها القواعد و الحقائق , ثم تحدد المشكلة أو السؤال المطلوب أجابته , و تقوم هي بالبحث عن الطريق إلى الوصول إلى هذه الإجابة , و سوف نتحدث في بند خاص عن علاقة معالجة اللغات الطبيعة بلغات البرمجة وخاصة لغــة البرولوج و استخدامه في التعبير المنطقي الدلالي للغة .
تكمن أهمية لغات البرمجة في معالجة اللغات الطبيعية أن لغة البرمجة كلما اقتربــت من اللغــة الطبيعية ,ازدادت كفاءتها , و اقتربت من مفاهيم الذكاء ,لان الذكــاء في النهاية هو لغة , و القدرة على استخدمها ألم يقولوا أن اللغة هي وعاء الفكر و المعرفة , و نحن نفكر بلغة , و مستوى تفكيرنا مرتبط بهذه اللغة كما يؤكد علم الفلسفة و النفس .
12-1 محدودية الذكاء الاصطناعي:
على الرغم من التطور الكبير الذي ابتدعته أبحاث الذكاء الاصطناعي نحو إضفاء بعض من خصائص الذكاء على الآلة الحاسبة إلا أن الوقت لا يزال مبكرا جدا للقول بان هناك برامج يمكن أن تنتج تحاكي العقل البشري في أسلوبه في التفكير و الخلق و الإبداع ، و النجاح الحالي الذي تشهده برامج الذكاء الاصطناعي إنما هو تطوير لبرمجيات معينة متخصصة في مجالات تطبيقية محددة تحتضن فيه الآلة حصيلة خبرة بشرية في مجال من المجالات .
وان محدودية الذكاء مرتبط بقدراتنا على فهم العمليات المعرفية التي تصاحب الذكاء و بالذات عند معالجة اللغة , سواء كان فهم أو تحليل أو توليد , و مدى كفاءة لغات البرمجة و اقترابها من اللغات الطبيعية ,لان معنى معالجة اللغة تعنى مدى إمكانية التعامل بلغة طبيعية مع الحاسوب, و بمعي أخر مدى اقترب لغات البرمجة من لغاتنا العادية في قواعدها ومعانيها و مفردتها , ولهذا نقول و عندما يقوم الإنسان بمهمة فكرية فانه لا يرى إلا جزءا ضئيلا ظاهرا من اللاوعي ، فقد يبذل كثيرا من الجهد الواعي في كتابة رسالة ، و لكن يبقى هنالك خلف كل كلمة توضع على الورق ألف أو أكثر من الحاسبات غير الواعية المتعلقة بالقواعد و التهجئة و الكيفية .
و لنا أن نتساءل : إلى أي مدى يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصل ؟
هل سيصل التصميم يوما ما من حاسب يقترب من تصور إنساني ؟ و هل يمكن أن يكون لديه القدرة على الذكاء العاطفي و التفاعل مع إنجازاته و لغاته , و من أدلة ذلك أن الذين يرون أن الإنسان هو أساس الكون و غايته يشددون على انه إذا كانت الحاسبات في لاعب الشطرنج قادرة على ربح المباريات ، فإنها لا ترى و تتمتع بانتصاراتها ولا هي حتى تعرف إنها هزمت بشرا لهم طموحات و اهتمامات.
أن هذه الحاسبات يمكن لها أن تتعرف على الكلمات أو أن تنسخها بغباء لكنها لا تفهم شيئا مما تسجله ، و إذا كانت البرامج الموسيقية تلحن الألحان فإنها لا تقدر على الاستمتاع بما تلحن مثل العود و الناي بل إنها لا تستطيع أن تحكم عليه أو أن تفخر به ، فهي في النهاية لا تستطيع أن تدرك أو تعي، فما من حاسب صمم ليدرك و يعرف ما يقوم