(1) يقصد بالتداولية (Pragmatics) ـ أو البرجماتية في استعمال بعض الباحثين ـ «دراسة المعنى في المواقف المختلفة، أي بالإشارة إلى متحدث معين أو مستخدم معين للغة» ، وهي بهذا تقترب من البلاغة بوصفها مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته، «فإنَّ البلاغة والتداولية البرجماتية تتفقان في اعتمادهما على اللغة كأداة لممارسة الفعل على المتلقى؛ على أساس أنَّ النص اللغوي في جملته إنما هو (نصٌّ في موقف)، مما يرتبط ـ لا بالتعديلات التي يفرضها أشخاص المرسِل والمتلقي وموقعهما على معناه فحسب ـ وإنما بالنظر إلى تلك التعديلات التي تحدث في سلوكهما أيضًا».
والمقصود من وصف الإحالة بالتداولية الإشارة إلى أنَّ هذا المفهوم للإحالة يرتكز على العلاقة بين المتكلم والمخاطب في مقام ما، إنه توجيه من الأول للثاني بواسطة اللغة، ليحقق مرادًا ما للمتكلم لدى المخاطب، فالمقتضِي لهذه الإحالة مرادُ المتكلمِ لا نظامُ اللغة، ولاشك أنَّ الغاية التي يقصدها المتكلم، والنتائج العملية والسلوكية التي تحدثها العبارة في المخاطب والمستمعين من أبرز عوامل المقام التي تشكل المعنى التداولي أو البرجماتي لعبارة ما.
وما الإحالة التداولية إلا نمط من العلاقة اللغوية المقامية دُرِجَ ـ في الاستعمال اللغوي العام، وفي بعض الاستعمالات العرفية الخاصة ـ على تسميته بالإحالة، ويمكن ضبطها بأنها: إرجاعُ المتكلم المخاطبَ صراحةً أو ضِمْنًا إلى نصٍّ أو شخص أو شيءٍ أو حدث أو واقع مركب لأجل استيثاقه أو تمام الفائدة أو التذكير أو بيان الاتساق.