منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك من الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة من الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنامن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة من الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارمن الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 من الأثر الأدبي إلى النص

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد بكاي التلمساني
عضو شرف
عضو شرف


وسام النشاط :
وسام النشاط

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
210

نقاط :
602

تاريخ التسجيل :
15/08/2010

المهنة :
باحث وكاتب


من الأثر الأدبي إلى النص Empty
مُساهمةموضوع: من الأثر الأدبي إلى النص   من الأثر الأدبي إلى النص I_icon_minitime2010-09-06, 12:08

من المسلم به أن تحولا طرأ٬ منذ بضع سنوات على مفهومنا عن اللغة٬ وبالتالي على الأثر الأدبي œuvre الذي يدين للغة بوجوده الظاهر على الأقل. ومن البين أن هذا التحول مرتبط بالتطور الذي عرفته حاليا بعض الدراسات ٬ومن بينها اللسانيات و الأنثربولوجيا والماركسية والتحليل النفسي ( نستخدم هنا لفظ الارتباط قاصدين به معنى محايدا٬ إذ أننا لا يمكن أن نتحكم في التحديد و الإشراط حتى ولو كان تعدديا وجدليا). إن الجدة التي عرفها مفهوم الأثر الأدبي لا ترجع بالضرورة لتجدد تلك الدراسات٬ وإنما بالأولى لالتقائها على مستوى موضوع لم يكن لينسب إلى أي منها . فباستطاعتنا أن نؤكد أن تكامل الدراسات٬ الذي ينظر إليه اليوم كقيمة بحث عظمى ٬لن يتم بمجرد المواجهة بين معارف متخصصة. إنه لا يتم في هدنة٬ وإنما يبدأ بالفعل (لا بمجرد الطموح الصادق) عندما يتصدع التعاضد بين الدراسات القديمة٬ الأمر الذي قد يتم بعنف عبر هزات الموضة٬ وذلك لصالح موضوع جديد ولغة جديدة لا علاقة لهما بما كانا عليه داخل حقل العلوم التي كنا نود المواجهة بينها . وهذه الصعوبة في التصنيف هي التي تسمح بتشخيص نوع من التحول . وبالرغم من هذا فلا ينبغي التضخيم من شأن ما طرأ على مفهوم الأثر الأدبي . إن الأمر أقرب إلى زحزحة إبستيمولوجية منه إلى قطيعة حقيقية .هذه القطيعة قد تمت ٬كما قيل مرارا٬ في القرن الماضي مع ظهور الماركسية و الفرويدية . ولم تقع أية قطيعة أخرى منذ ذلك الوقت . وباستطاعتنا أن نقول إننا نعيش منذ مائة عام على التكرار والاجترار. وما يسمح لنا به التاريخ٬ تاريخنا اليوم٬ الزيغ والتنويع والتجاوز والتخلي . ومثلما أن علم أينشتين أخذ النقط المرجعية بعين الاعتبار في الموضوع المدروس ٬فإن التأثير المتولد عن المزاوجة بين الماركسية و الفرويدية والبنيوية يتطلب في مجال الأدب٬ أخذ العلاقات بين الناسخ والقارئ والملاحظ (أي الناقد) بعين النسبية . مقابل الأثر الأدبي – وهو مفهوم تقليدي نظر إليه وما زال بمنظور نيوتوني [غير نسبي] – دعت الحاجة إلى موضوع جديد٬ نتج عن زحزحة المقولات السابقة أو قبلها .هذا الموضوع هو النص . لا أجهل أن استعمال هذا اللفظ أصبح من قبيل الموضة (وأنا نفسي غالبا ما أنجر إلى استعماله). بناء على ذلك فإن البعض ينظر إليه بعين ملؤها التشكك. ولكن٬ لهذا السبب بالضبط أود أن أذكر نفسي بالقضايا الأساسية التي يوجد النص في ملتقاها في نظري .هذه القضايا هي تقريرات وليست عمليات استدلال ٬إنها مقاربات ترضى لنفسها أن تظل أقرب إلى المجاز . وهي تتعلق بالمنهج و الأجناس والدلالة والتعدد والسلالة والقراءة واللذة.
1 – لا ينبغي أن يعامل النص كموضوع يُبَعَّض ٬ فمن العبث أن نحاول التمييز المادي بين الآثار الأدبية والنصوص . كما لا ينبغي ٬على الخصوص٬ الذهاب إلى القول بأن الأثر كلاسيكي٬ أما النص فطلائعي ؛لا يتعلق الأمر بتسليم جوائز باسم الحداثة٬ والزعم بأن بعض الإنتاجات الأدبية أصابت الهدف٬ وأن الأخرى أخطأته بسبب موقعها الزمني . فقد يحدث أن يكون في الأثر القديم نصوص ٬مثلما أن كثيرا من النتاجات الأدبية المعاصرة ليست بالنصوص . الفارق بينهما هو أن الأثر قطعة من مادة ٬ إنه يشغل حيزا في فضاء الكتب (كالخزانة على سبيل المثال) . أما النص فهو حقل منهجي . بإمكان هذا التقابل أن يذكرنا بالتمييز الذي اقترحه لاكان Lacan بين «الواقع النفسي» و«الواقع » : الأول يشار إليه٬ إما الثاني فيبرهن عليه. وبالمثل فإن الأثر يُرى (عند الكتبي٬ وفي مدارج التوثيق٬ وبرامج الإمتحان ) ٬ أما النص فيبرهن عليه ويتحدث عنه وفق بعض القواعد (أو ضد بعض القواعد)؛ الأثر تتناوله اليد ٬أما النص فتتناوله اللغة. فلا وجود له إلا داخل خطاب (أو لنقل إنه نص بما هو يعرف ذلك). ليس النص تجزئة للأثر٬ بل إن الأثر هو الذيل الوهمي للنص ؛ وبعبارة أخرى : إن النص لا يعرف نفسه إلا داخل عمل وإنتاج. يترتب على ذلك أن النص لا يمكن أن يتوقف (في رف خزانة على سبيل المثال) . حركته المكونة هي العبور والاختراق ( يمكنه أن يعبر الأثر الأدبي أو حتى عدة آثار ).
2 - إن النص لا ينحصر في الأدب (الجيد) . إنه لا يدخل ضمن تراتب ٬ولا حتى ضمن مجرد تقسيم للأجناس . ما يحدده٬ على العكس من ذلك٬ هو قدرته على خلخلة التصنيفات القديمة. داخل أي صنف ينبغي أن نضع ج .باتاي ؟ هل هذا الكاتب قصاص أم شاعر أم كاتب مقالة ؟ هل هو رجل اقتصاد أم فيلسوف أم متصوف ؟ إن الجواب عن هذا السؤال جد عسير إلى حد أن الكتب المدرسية في الأدب عادة ما تفضل السكوت عن باتاي وتناسيه . والحق أن باتاي كتب نصوصا ٬ولعله لو يكتب إلا نصا واحدا . إذا كان النص يطرح مشاكل التصنيف (وتلك إحدى وظائفه «الاجتماعية» ) ٬ فإنه يستلزم على الدوام ما يطلق عليه صولرس P.Sollers تجربة الحدود . لقد سبق لتيبودي Thibaudet أن تحدث عن الآثار التي توجد على الحدود (مثال ذلك حياة رانسي Rancé لشاتوبريان التي تبدو اليوم نصا ) : النص هو ما يوجد على حدود قواعد القول (من معقولية وقابلية للقراءة). لا علاقة لهذه الفكرة بالبلاغة ٬ ولا يلجأ إليها قصد التفضيل :إن النص يحاول أن يضع نفسه بالضبط وراء حدود الرأي السائد ( ألا يعرف الرأي السائد الذي يشكل مجتمعاتنا الديموقراطية والذي تسعفه وسائل الإعلام ٬ بحدوده ونهاياته وقدرته على الإقصاء ٬ وحصاره ورقابته؟) . النص دوما بدعة وخروج عن حدود الآراء السائدة.
3 - يقترب النص من ذاته ويدركها بالمقارنة مع الدليل signe .أما الأثر فهو ينحصر في مدلول. يمكن أن ننسب لهذه المدلول نوعين من الدلالة : فإما أن نعتبره ظاهرا ٬ وحينئذ يكون الأثر موضوعا لعلم يهتم بالمعنى الحرفي أي لفقه اللغة ٬ أو نعتبره مضمرا خفيا ٬ ينبغي التنقيب عنه ويصبح الأثر موضوع تأويل( ماركسي أو تحليلي أو موضوعاتي...)؛ ومجمل القول فإن الأثر يعمل كدليل عام . و من الطبيعي أن يمثل صنفا من أصناف المؤسسات داخل حضارة الدليل والعلامة . أما النص ٬ فإنه يكرس ٬ على العكس من ذلك ٬التراجع اللانهائي للمدلول . النص تمددي . مجاله هو مجال الدال . ولا ينبغي تصور الدال على أنه «الجزء الأول من المعنى »٬ وحامله المادي ٬ وإنما هذا الذي يأتي بعد حين .وبالمثل فإن لا نهائية الدال لا تحيل إلى ما يعجز اللسان عن التعبير عنه (أي إلى مدلول لا يمكن أن يجد التعبير عنه) ٬وإنما إلى فكرة اللعب ؛ إن التوليد الدائم للدال داخل مجال النص ( أو لنقل الذي مجاله النص) لا يتم وفق النمو العضوي أو حسب طريق تأويلي ٬ وإنما وفق حركة تسلسلية للتداخل والتغير . إن المنطق الذي يتحكم في النص ليس منطقا تفهميا (يحدد مقصد الأثر وما يريد «أن يقوله») ٬ وإنما هو منطق كنايات . فالتداعي والتجاوز والإحالة هي هنا نوع من الإفصاح عن الطاقة الرمزية (التي إذا اعوزت الإنسان مات). الأثر الأدبي (في أحسن الأحوال) رمزي بدرجة وضيعة ٬(ورمزيته قصيرة النفس٬ أي أنها سرعان ما تتوقف). أما النص فهو أساسا رمزي : الأثرُ الأدبي الذي نفهم طبيعته الرمزية المطلقة وندركها ونتلقاها٬ نصٌ . على هذا النحو فإن النص يحيل إلى اللغة٬ إنه مثلها يخضع لبنية ٬ لكنها بنية لا مركز لها ولا تعرف الانغلاق (لنذكر ٬ ردا على الاحتقار المتشكك الذي يوجه إلى البنيوية٬ أن الفضل الإبستيمولوجي الذي يعترف به حاليا للغة يرجع أساس إلى كوننا وجدنا فيها فكرة غريبة عن البينة : إنها منظومة لا نهاية لها ولا مركز.)

4 – النص تعددي. لا يعني هذا فحسب أنه ينطوي على معان عدة ٬وإنما أنه يحقق تعدد المعنى ذاته. إنه تعدد لا يؤول إلى أية وحدة . ليس النص تواجدا لمعاني ٬ وإنما هو مجاز وانتقال . بناء على ذلك فلا يمكن أن يخضع لتأويل ٬وحتى لو كان حرا٬ وإنما لتفجير وتشتيت. ذلك أن تعددية النص لا تعود لالتباس محتوياته٬ وإنما لما يمكن أن نطلق عليه التعدد المتناغم للدلائل التي يتكون منها : إن قارئ النص شبيه بذات مرتبكة (تعطل فيها عمل المخيلة)٬ هذه الذات الفارغة تتجول قرب واد ينحدر في أسفله نهر ٬ ما يدركه متعدد يصدر عن مواد ومستويات متنوعة من أضواء وألوان وخضرة وحرارة وهواء وضجيج وزقيق وأصوات أطفال وحركات وملابس . كل هذه الحوادث تكاد تدرك كل على حدة : إنها تخضع لقواعد معروفة . بيد أن المزج بينها متفرد . وهو ما يحدد النزهة في اختلافها الذي لا يمكن أن يكرر إلا كاختلاف. هذا هو شأن النص ٬ إنه لا يمكن أن يكون هو ذاته إلا في اختلافه (الأمر الذي لا يعني تفرده). وإن قراءته لا تتم إلا مرة واحدة (مما يجعل علما استقرائيا -استنباطيا بالنصوص أمرا وهما .ليس هناك «نحو» للنص)٬ وبالرغم من ذلك فهو نسيج من الاقتباسات والإحالات والأصداء ٬ وأعني من اللغات الثقافية ( هل يمكن للغة ألا تكون ثقافية ؟ )السابقة أو المعاصرة التي تخترقه بكامله . إن التناص الذي يدخل فيه كل نص ٬لا يمكن أبدا أن يعتبر أصلا للنص : إن البحث عن «أصول» الأثر والمؤثرات التي خضع لها رضوخ لأسطورة السلالة والانحدار . أما الاقتباسات التي يتكون منها النص فهي مجهولة الإسم ولا يمكن ردها إلى أصولها . ومع ذلك فقد سبقت قراءتها: إنها اقتباسات لا تقدم نفسها كذلك ولا توضع بين أقواس . الأثر لا يزعج الفلسفات الواحدية . والتعدد عند هذه الفلسفات هو الشر بعينه. مقابل الأثر يمكن للنص أن يرفع شعار الإنسان الذي سكنته الشياطين «اسمي كثرة٬ لأننا عديدون» (إنجيل مارقوس 9٬5). النسيج التعددي أو الشيطاني الذي يجعل النص في مقابل الأثر يمكن أن يؤدي إلى إعادة نظر عميقة في القراءة حيث لا سيادة إلا للمونولوغ : فبإمكان نصوص الكتاب المقدس التي كانت الفلسفات اللاهوتية الواحدية قد تبنتها ٬ بإمكانها أن تخضع لتفكيك المعاني( أي في النهاية لقراءة مادية)٬ هذا في ذات الوقت الذي يمكن فيه للتأويل الماركسي للأثر ٬ الذي ظل حتى الآن واحدي النظرة ٬ أن يغني نظرته المادية وذلك بتفتحه على التعدد( هذا إن سمحت «المؤسسات» الماركسية بذلك).
5- يحشر الأثر ضمن تطور سلالي. فيفترض أن العالم (والجنس ثم التاريخ) يحدد الأثر ٬ وأن الآثار تتسلسل فيما بينها٬ وأن المؤلف يمتلك الأثر . ينظر إلى المؤلف على أنه أبو الأثر ومالكه. ويكون على علم الأدب أن يتعلم كيف يحترم المخطوط ويراعي نوايا المؤلف ٬كما أن المجتمع يسن قوانين تضبط العلاقة بين المؤلف وأعماله (تلك هي «حقوق المؤلف» وهي حديثة العهد حيث إنها لم تتخذ شكلها القانوني إلا مع الثورة الفرنسية). أما النص فهو يقرأ من غير أن يسند إلى أب. هنا أيضا تتميز الصورة المجازية للنص عن الصورة المجازية للأثر : فهاته توحي بصورة الكائن العضوي الذي ينمو بفعل التكاثر الحيوي؛ أما الصورة التي يحي بها النص فهي الشبكة. فإذا كان للنص امتداد فبفعل تركيب وانتظام (وهذه الصورة قريبة من نظرية البيولوجيا الحديثة إلى الكائن «الحي»)٬ فليس في النص إذن ما يدعو إلى «احترامه» في حيواته٬ إذ أنه يمكن أن يهشم (هذا ما كانت القرون الوسطى تقوم به إزاء نصين كانا يسودان أيما سيادة٬ وأعني الكتاب المقدس وأرسطو)؛ يمكن للنص أن يقرأ من غير أن يضمنه أب. فقيام التناص يلغي التراث ويقضي عليه .لا يعني هذا أن المؤلف لا يمكن أن يعود للظهور في النص ٬في نصه٬ لكنه لو عاد فإنما في صورة «مدعوّ». فإن كان كاتب رواية ٬فإنه يظهر فيها كشخصية من شخصياتها٬ بيد أن ظهوره لا يتمتع بأي امتياز. إنه يصبح كائنا من ورق إن صح التعبير. فلن تعود حياته مصدر حكاياته وأصلها٬ وإنما حكاية تنافس عمله وأثره . فهناك انعكاس للأثر على الحياة (لا العكس) .إن آثار بروست Proust و جوني Genet وأعمالها هي التي تمكن من قراءة حياتهما كنص .إن الكلمة الفرنسية Biographie بربطها بين الحياة والكتابة ٬ تحمل دلالة قوية . على هذا النحو فإن الصدق الذي شكل عقيدة الأخلاق الأدبية يغدو مشكلا زائفا ٬ف«الأنا» الذي يكتب النص ليس هو أيضا إلا «أنا» من ورق.
6 - عادة ما يكون الأثر موضوع استهلاك؛ لست أقع هنا ضحية نوع من الديماغوجية برجوعي إلى الثقافة التي تدعى ثقافة الاستهلاك ٬ولكن ينبغي أن نعترف أن «جودة» الأثر الأدبي (الأمر الذي يفترض تقويما «للذوق» ) هي التي تتحكم اليوم في الاختلاف بين الكتب وليس عملية القراءة ذاتها : فالقراءة «النيرة» لا تختلف في بنيتها عن القراءة العابرة. أما النص (على الأقل بفعل تعذر قراءته) فهو ينقذ الأثر من الاستهلاك وينظر إليه كلعب وعمل وإنتاج وممارسة. وهذا يعني أن النص يتطلب منا أن نحاول قهر( أو على الأقل تقريب )المسافة التي تفصل الكتابة عن القراءة٬ لا بالزيادة من إسقاط القارئ على الأثر٬ وإنما بضمهما معا في نفس الممارسة الدالة . إن المسافة التي تفصل القراءة عن الكتابة مسافة تاريخية. فعند احتداد التقسيم الاجتماعي (أي قبل قيام المجتمعات الديمقراطية )كانت القراءة والكتابة تتمتعان بنفس الامتياز الطبقي٬ فكانت البلاغة ٬وهي النبراس الأدبي لذلك الوقت٬ تلقن الكتابة (رغم أن ما كان ينتج عادة كان خطابات لا نصوصا ). أمر له دلالته أن تعمل الديموقراطية على قلب الأمور: فما تفاخر به المدرسة الثانوية هو أنها تعلم القراءة (الجدية )لا الكتابة (إن الشعور بهذا النقص أصبح اليوم من قبيل الموضة: يطلب من الأستاذ أن يعلم التلميذ «القدرة على التعبير» وهذا يعني على وجه التقريب الاستعاضة عن الحصار والرقابة بسوء فهم) . والواقع أن القراءة٬ بمعنى الاستهلاك٬ تعني ألا يلعب القارئ لعبة النص . ونحن نقصد بهذا أن يحاول القارئ استعادة النص لحسابه . ولكن ٬لكي لا يرتد عمله إلى مجرد محاكاة سلبية منفعلة باطنية فإنه يمثل النص (تمثيلا مسرحيا). غير أننا لا ينبغي أن ننسى أن للفظ للعب ٬بالإضافة إلى معناه الحرفي والمسرحي دلالة موسيقية . تاريخ الموسيقى (كممارسة لا كفن) يماثل إلى حد بعيد تاريخ النص ٬لقد مضى زمن كان فيه الهواة كثرة ٬ولم يكن هناك فارق بين تأدية الألحان والإصغاء إليها. وفيما بعد تحددت الأدوات وظهر العازف الذي كان الجمهور البرجوازي يفوض له تأدية اللحن (رغم أنه كان لا يزال قادرا على العزف٬ وهذه هي قصة البيانو)٬ ثم الهاوي(السلبي المنفعل) ٬الذي يسمع الموسيقى دون أن يتمكن من عزفها (فحلت الاسطوانة محل البيانو)؛ نعلم أن الموسيقى المعاصرة قد زعزعت اليوم دور «العازف» الذي يطلب منه اليوم أن يكون مشاركا للمؤلف في مقطوعته التي يعمل على إكمالها أكثر مما يعمل على «التعبير عنها» . يكاد النص يشبه مقطوعة من هذا النوع :إنه يتطلب من القارئ مساهمة فعالة. وهذا تحول كبير: فمن يقوم بتأدية الأثر الأدبي ؟ ( وقد سبق لمالارمي أم طرح على نفسه هذا السؤال : وهو يرى أن الجمهور يبدع الكتاب). إن الناقد وحده هو الذي يحقق الأثر ويؤديه ويحاكمه. إن رد القراءة إلى الاستهلاك هو المسؤول عن «السأم» الذي يستشعره الأغلبية أمام النص الحديث (العسير القراءة) أو الفيلم أو اللوحة الطلائعية٬ السأم يعني العجز عن إنتاج النص ولعبه وفك أواصره واستبعاده.
7 – يقودنا هذا نحو مقاربة أخيرة للنص: وهي التي تتعلق باللذة. ليست أدري ما إذا كان هناك علم جمال يقوم على اللذة. حقا إن الأثر الأدبي لا يخلو من متعة( بعض الآثار على الأقل)٬ قد أتسلذ بقراءة بروست وفلوبير وبالزاك بل وحتى٬ (ولم لا )الكسندر دوما ٬بيد أن هذه المتعة مهما كانت درجتها٬ حتى ولو تحررت من كل حكم مسبق تظل في جزء منها متعة استهلاك (اللهم إن بذلنا جهدا نقديا كبيرا ) : ذلك أنني إن كنت أستطيع قراءة هؤلاء المؤلفين٬ فأنا أعلم أنني لا أستطيع إعادة كتابتهم (وأنني لا أستطيع الكتابة «على هذا النحو») ٬ ويكفي أن أعلم هذا كي أنفصل عن إنتاج هذه الآثار ٬هذا في الوقت التي يؤسس ابتعادهم عني حداثتي (أليست الحداثة هي أن نعرف ما ينبغي تجنب العودة إليه ؟) . أما النص فهو مشدود إلى المتعة أعني إلى اللذة التي لا تنفصم. إن النص بما هو مستوى الدال و انتظامه فهو ينتمي ٬ على طريقته٬ لأتوبوبيا اجتماعية .إنه إن لم يكن يحقق٬ قبل التاريخ٬ شفافية العلاقات الاجتماعية. فعلى الأقل شفافية العلاقات اللغوية٬ إنه الفضاء الذي لا تتغلب فيه لغة على أخرى٬ والذي تروج فيه اللغات وتدور.
لا تشكل هذه القضايا بالضرورة عناصر نظرية للنص . وهذا لا يعود فحسب لتصور من يقدمها ( الذي لم يعمل إلا على تسجيل ما يدور حول أبحاثه)٬ وإنما يرجع إلى كون نظرية النص لا يمكن أن تقنع بعرض لما وراء اللغة: ذلك أن تقويض ما وراء اللغة٬ أو على الأقل٬ وضعها موضع شك( قد يكون من الضروري اللجوء إلى ذلك مؤقتا) يدخل ضمن النظرية ذاتها ٬إذ أن الخطاب حول النص لا يمكن أن يكون هو ذاته إلا نصا ٬ ما دام النص هو ذلك الفضاء الاجتماعي الذي لا يدع أية لغة بمعزل عنه وخارجه٬ ولا أي فاعل في عملية التعبير في مكان الحاكم والأستاذ والمحلل والمعترف والمنقب: إن نظرية النص لا يمكن أن تتم إلا مع ممارسة فعلية للكتابة .

من كتاب «درس السيميولوجيا» لرولان بارط ٬ترجمة عبد السلام بنعبد العالي٬ تقديم عبد الفتاح كيليطو٬ دار توبقال للنشر٬ الدار البيضاء٬ المغرب.ص 59 – 67 .


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

من الأثر الأدبي إلى النص

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» النص الأدبي بين لسانيات اللغة وعلم الجمال في (علم النص)
» بين سوسيولوجيا وسيميولوجيا النص الأدبي
» النص الأدبي وسنن التلقي والتأويل
» في مهارات التدريس: التدريس الهادف وآليات تحليل النص الأدبي - مرحلة التعليم الثانوي أنموذجا -
» الأثر الأجنبي في البلاغة العربية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: البلاغة والنقد-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


من الأثر الأدبي إلى النص 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
اسماعيل الخطاب ننجز النحو ظاهرة المعاصر على اللغة قواعد الخيام بلال محمد الأشياء النص اللسانيات مبادئ التداولية النقد البخاري العربي موقاي كتاب مجلة مدخل العربية الحذف


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع