هل اللغة كائن بريء محايد؟ ما الأسبق اللغة أم الفكر؟ هل الفكر هو الذي يقَولب اللغة أم أنّ ‏اللغة هي التي َتقولب الفكر؟
يؤخّر العرب في لغتهم الفاعل لأنّه استقرّ في أذهانهم أنّهم بلا إرادة أمام سلطة عليا لا قِبل لهم ‏بمواجهتها
ولولا مباركتها فإنّ الفعل لن يُكتب له التحقّق.‏
وتراهم يجعلون ذلك مبدءًا في شؤون حياتهم جميعها، فييأسون بعد محاوات قلائل ويعلّقون فشلهم ‏على مشجب القدر.‏
حتى اللغة عند بعض ممّن يرَون أنفسهم أرباب البيان تراها مستكينة ضعيفة تريد من القارئ أن ‏يفهم ما بين السطور، و تراهم يتّهمونه بالعجز والقصور إن هو لم يدرك هذا البعد الخياليّ في بعض ‏الكتابات التي ليس فيها بعد حقيقيّ ليكون فيها آخر خياليّ.‏
أقرأ لبعضٍ من غير العرب فأجدهم يخاطبون عقلي الواعي، وأحسّ بدغدغة في أجزاء من دماغي ‏تستفزّ مقدرة الفهم عندي، وأقرأ لبعضٍ من كتّابنا العرب فأجدهم يستغفلون عقلي ويمطرونه بوابل من ‏الفرضيّات الساذجة. ‏
إلى زمن قريب كنت أقرأ كلّ ما تقع عليه عيني وكلّ ما تصل إليه يدي، أمّا اليوم فصرت أجسّ ‏نبض هذا المقروء قبل أن أسترسل في قراءته لأنّي صرت أخاف على عقلي من عدوى الاستغفال. ‏