د انور غني الموسوي
بعد الدعوات بتجاوز فكرة التجنيس الادبي و اتجاه الاعمال الابداعية نحو ذلك الى حد ما ، صار من المهم و المفيد تصنيف اللغة الفنية كمقدمة لتلمس مواطن الابداع و الفنية في العمل الادبي ، و صار الوعي بشكل اللغة التي يكتب بها النص امرا مهما ، و في الحقيقة هذا توسع ايجابي في وعي الكاتبة و اعطاء مساحة اكبر للغة الجملية .
بعد ان اتممت مجموعتي الاولى ( لغات) التي اشتملت على نصوص ( ومضات) بلغة وامضة ، و نصوص ( حكايات ) بلغة حاكية ، و نصوص ( رسومات ) بلغة راسمة . نتقدم بأشكال لغوية تشتمل على الامتاع و الفنية كما تدعي و تجادل ، في اشكال اربع ، الاول نصوص ( رسائل ) بلغة الرسالة ، و نصوص ( خطابات ) بلغة الخطابة ، و نصوص ( خواطر ) بلغة الخاطرة ، و نصوص ( سرائر ) بلغة المناجاة . وهنا نماذج من تلك الاشكال اللغوية .
1- فصل من ( رسائل) : لغة الرسالة .
(رسالة الى العرب )
هل ترون ذلك الطير ، الجميل الواقف منتصبا مزهوا يملأه الطموح و الحيوية ،انه هم ،الغرب .
وهل ترون هذا الطير الهزيل ،الساقط على وجهه ،انه كالجثة يغط في سباته ،انه نحن ،العرب .
اذن ، ألا يجب ان نتساءل قليلا؟ أنبقى نسير الى الموت المهين؟
الا نرجو مساحة ما ؟ ارجوكم دعونا نطلب شيئا من الحياة
2- فصل من ( خطابات ) : لغة الخطابة
الحياة اطلالة عريضة لإرادة الله القوي ، فلا طريق للضعف الى قلوب عاشقيه ، الشكر بداية طريقنا نحو مجده .تمجيد الله حقيقة وجودنا و سرورنا العظيم ، حينما تتمكن الخطيئة من قلوبنا تنقطع نسمات الهناء ،فلا تعرف السعادة الينا طريقا . لان الله احب العالم خلقه من الاخوة ، و جعل النور بين ايدينا رسالة ، ينزل كلماته فينجي الصادقين ، فيفرح الله بهم ،ولهم الحياة الخالدة . تذكر دوما انك وريث كلمات الله ، و لتكن عينك نحو الوجهة الصحيحة و لا تنخدع ، ليس بأيدي الغرباء الا الحزن ، وحينما تنظر الى نفسك فاعلم انه لا يملكها الا ربك ، الذي لا يريد لقلبك سوى السرور . و اعلم ان الخبز من السماء ، و كذلك الزهور الجميلة ، و ان الصدق جنة رحيمة بدايته حب يسع الكون و نهايته سعادة لا تموت .
3- فصل من ( خواطر ) : لغة الخاطرة .
(مسج )
انها الساعة الثامنة مساء ، في هذه الليلة الشتائية ، و حينما كنت مشغولا بمراجعة مصادر لبحث اعمل عليه ، جاءت رسالة ( مسج ) على الهاتف ، ورغم عدم اهتمامي كثيرا بهكذا رسائل بسبب دعايات الشبكة ، الا انني و لا اعرف لماذا هذه المرة ، سارعت لقراءتها ، و اذا فيها (تهنئة ) ، انه خبر سار ، انه شيء كبير ، في تلك اللحظة انتابني شعور مميز ونادر ، لا يحدث الا في لحظات قليلة في الحياة الطويلة ، انها رسالة تستحق الشكر . و دوما هناك شيء يستحق الشكر .
4- فصل من ( سرائر ) : لغة المناجاة .
انها هباتك الحبيبة الغالية ، ذلك الوجد الذي يخطف اعماق القلب ، و تلك الحقول و الازاهير ، و نهر من الطمأنينة يحيي صحراء انفاسي القاتمة .
انها هباتك الحبيبة الغالية ، تغسل ثياب الروح ، بالنور الفضي ، فتتوهج انغام الخشوع ، و اتطاير كسحابات الربيع شفافة نحو عالم بهيج و لماع .
انها هباتك الحبيبة الغالية ، تنهي فصول الالم و الحيرة ، و تضحك عروق الوجل ، في لحظات الرغبة و الاقتراب في لحظات انت تهبها فقط .
انها هباتك الحبيبة الغالية ، تعيديني افراحا و ابتسامات تنزع عني كل هذا الضجر و الضوضاء و الجوار المرير ، تخرجني من زجاجة الالتفاتات المضنية و التجاذبات القاتمة ، لست اعلم كيف يمكن ان تكون صورة الحياة من دون ذلك الشعور الحبيب .