ابن أحمد بن علي مشرف منتدى
البلد : الجزائر عدد المساهمات : 8 نقاط : 22 تاريخ التسجيل : 15/05/2010 المهنة : أستاذ محاضر بجامعة بشار-الجزائر-
| موضوع: تعقيب على المستشرق الألماني لكسنبرغ صاحب كتاب معاني القرآن على ضوء علم اللسان 2010-05-23, 16:33 | |
| بسم الله الرحمن الرحيم ، و بعد : السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
إن هذه القراءة الجديدة التي قام بها المستشرق الألماني كريستوف لكسنبرغ لفهم القرآن من خلال كتابه : معاني القرآن على ضوء اللسان ، في نظري لا تمت بسبب أو صلة إلى المقاييس و الآليات العلمية التي ترتكز عليها الدراسة اللسانية الحديثة ؛ فاللسانيات الحديثة وضعت الفوارق المنهجية بين الدراسة التاريخية و الدراسة الوصفية ؛ إذ اللسانيات التاريخية تبحث في الظاهرة اللغوية في الزمن الماضي و ترصد حالات التطور عبر مراحلها المتعاقبة ، و هنا نعوِّل على مجال المكتوب للغة من آثار و حفريات و ما كان مخطوطا لهذه اللغة أو تلك . و أما الدراسة الوصفية في اللسانيات فهي تعتمد على معاينة الوقائع اللغوية في نقطة زمنية معينة ؛ و ذلك قصد الوصول إلى نتائج علمية موضوعية .و إنه لمن المجازفة علميًّا و منهجيًّا أن نخلط بين المنهجين التاريخي و الوصفي في دراسة واحدة .
إن المستشرق لكسنبرغ قدّم دراسة للنص القرآني الذي هو بمثابة المدونة الواقعية الحية للغة العربية على ضوء اللغة السريانية التي لم يبق منها إلاّ أشباحها و عقابيلها . و هو لم يقدم لنا دراسة تبحث في الأصول التاريخية التي تطورت عنها بعض الكلمات في النص القرآني ، و كيف حدث هذا التطور، مثلما أشار إلى ذلك بعض علمائنا القدماء ، نحو : كلمة قَسْوَرَة ، قالوا أصلها حبشي و معناها الأسد و ليست الكلمة سريانية كما يزعم . و العرب قبل الإسلام كانت تنقل بعض الكلمات من الأمم الأخرى التي تجاورها أو تحتك بها مثل الفرس و الأحباش و الروم ، ثم تُعَرِّب هذه الكلمات بما يتوافق و سليقتَها فتصير عندها عربية خالصة . و هذا موجود حتى في لهجاتنا العامية الآن ، مثل : كلمة صُبَّاط ، في الجزائر التي تعني الحِذاء ، و القليل منا من يعلم أنها إسبانية الأصل (sabatos) ، و كذا كلمة بَسِينَه التي تعني الوعاء الكبير من مادة البلاستيك أو الطست في العربية ، و التي أصلها فرنسي (bassine) و هلمَّ جرًّا من هذه الكلمات التي تحتاج إلى دراسة تأصيلية في ضوء علم اللهجات .
و العَجَبُ العُجاب اللافت للانتباه في دراسة هذا المستشرق للنص القرآني أنه راح يقدم تصحيحاً لقراءة النص القرآني من خلال الرسم القرآني الأول الخالي من نقط أبي الأسود الدؤلي الأول ، و كذا إعجام (التنقيط الثاني) نصر بن عاصم الليثي ، ثم الرموز التي وضعها الخليل بن أحمد الفراهيدي للحركات و غيرها كمرحلة ثالثة و أخيرة في رسم الكتابة العربية و كذا في الرسم القرآني و أُزيل نقط أبي الأسود . هذا الرسم القرآني الأول الخالي من أيِّ نقط تعلَّق به لكسنبرغ من أجل قراءته الجديدة المزعومة للفهم الأمثل في نظره للقرآن ، و نظن أنه جهل أو تجاهل أن هذا الرسم القرآني ما هو إلا وسيلة لتقييد ما نزل من القرآن لأجل مراجعته و حفظه ، و كان هذا الرسم توقيفي أي خُطَّ بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم ، و الله عز و جل يعلمنا أن نأخذ بالأسباب و الأمر كله إليه سبحانه ، هذا من جهة ، و من جهة أخرى نسي أو تناسى أن القراءات القرآنية الصحيحة المتواترة المنقولة إلينا بالسند المتصل إلى رسول الله جيلا عبر جيل هي القرآن الكريم و لا يَحِقّ لنا أن نتصل بالقرآن إلا من خلال هذه الصورة الحية المتسلسة بأجيال متصلة ، و الذي يتعلق برسم القرآن لأجل استجلاء معانيه كمن يتعلق بحبل إلى السماء . و المستشرق لكسنبرغ مَثَلُه في دراسة النص القرآني (المدونة الحية للسان العربي الفصيح) على ضوء اللسان السرياني مَثَلُ الذي يدرس الإنسان الحي من خلال الإنسان المَيْت ، و شَتَّان بين الحياة و الموات . وسيَتْبَع هذا التعقيب ردًٌّ علميٌّ في القريب العاجل إن شاء الله ، و الله الهادي إلى سواء السبيل .
عدل سابقا من قبل ابن أحمد بن علي في 2010-05-25, 22:41 عدل 1 مرات |
|
آمال بن غزي مدير المنتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 1570 نقاط : 2344 تاريخ التسجيل : 09/01/2010 الموقع : بنغازي المهنة : أستاذ جامعي
| موضوع: رد: تعقيب على المستشرق الألماني لكسنبرغ صاحب كتاب معاني القرآن على ضوء علم اللسان 2010-05-24, 00:16 | |
| كلام جميل ورد علمي مقنع بانتظار المزيد تقبل تحياتي |
|