رغم أن علم الدلالة لم يؤسس بوضوح على علم النقد الفني بل اقتصر غالباً على اللغة، ولكننا نعتقد أن الفن التشكيلي بوصفه لغة مادتها الصورة يقوم أيضاً على عنصري الدلالة، الدال والمدلول. فالنص التشكيلي هو نظام من الرموز الشكلية (الإشارة والصورة والمعنى)، قابلاً للقراءة الدلالية التي تقوم على دراسة الرموز وأنظمتها كما عرضها فلاسفة علم الدلالة Semantique..
يرى هربرت ريد H. Reed أن الفن لغة رمزية، ويرى علماء الدلالة أن النص الفني بوصفه لغة يتضمن دالاً ومدلولاً. ويكمن دور الناقد في ممارسة قراءة النص قراءة جمالية تخترق ظواهرية الشكل إلى أعماقه, للتعرف على الشفرات الملغزة أو الملتبسة التي كونت النص. وهذا دور دلائلي تحليلي يقوم به الناقد.
وتبحث القراءة السيمانتية بشكل مستمر عن طرائق جديدة لقراءة النص وتفكيكه, ورسم المسار في دهاليز النص المعقدة للوصول إلى المدلول الأكثر عمقاً وشمولاً, المدلول المنفصل عن الشكل الظاهري والمتصل بالموقف الذاتي, فالعالـَم الذي يكتشفه المتلقي في أعماق النص, عالـَمٌ قد لا يكون المؤلف قد رآه.
وثمة مسارات تحدث عنها دوسوسور De sausssure وبارت Barthes تقوم على عدم الارتباط بين الدال والمدلول في النقد. فالدال يمثل حالة حضور, بينما يمثل المدلول حالة غياب لأنه يعتمد على فعل المتلقي في عملية الربط بين الحاضر الدال وبين الغائب المدلول، بين النص الحاضر وبين الصورة الذهنية عن النص. وبهذا تصبح القراءة أو النقد عملاً إبداعياً. ويرى بارت أن النص الأدبي أو الفني ليس نتاجاً، بل علاقة مع شيء يقع وراءه، ومهمة النقد تأويل الدلالة.
شملت دراسة جمالية الفن العربي جميع أشكال الإبداع, الأدب والشعر والخط والرسم والعمارة.. ومع أن المفكرين الأوائل قد اختاروا صيغة محددة للتعبير عن الإبداع, فكانت الكلمة عند محيي الدين بن عربي, وكانت صيغة الكلمة والحرف عند أبي حيان التوحيدي, ثم كانت الصيغة الموسيقية عند أبي الفرج الأصفهاني.. مما نراه مؤكداً أيضاً في الفكر الفلسفي العربي عند ابن خلدون وقد قال: "إن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الوظيفية المقدمة".
وعندما تحدثنا عن علم الجمال عند التوحيدي, كان ذلك تعبيراً عن ولادة هذا العلم عربياً, قبل التعرف عليه عند فلاسفة الغرب من أمثال كانط وبومغارتن.
ونرى هذه المفاهيم الدلالية منتشرة في أبحاث سيبويه وابن جنى عند الحديث عن "المصطلح الدلالي", وفيه يكون للدال أكثر من مدلول كما في المترادفات أو في النظائر. بل إننا نقول إن النشاط الإنساني بمجمله هو نشاط دلالي.
الفكر الدلالي عند ابن عربي
وبقراءة كتاب "الفتوحات المكيّة" لمحيي الدين بن عربي, نكتشف أيضاً أن هذا الشاعر والمفكر الصوفي، لم يكن متخلفاً عن البحث في ماهية الإبداع. بيد إنه لم يتح لقارئي هذا الكتاب اكتشاف معالم الفكر الجمالي عند ابن عربي، مما يتوجب استجلاؤه مع محاولة استبدال مصطلح علم الكتابة بوصف الكتابة إبداعاً، بمصطلح علم الجمال بوصف الفن كتابة. وذلك تمشياً مع تعريف الفيلسوف جاك دريدا في كتابه "الكتابة والاختلاف" لما سماه "غراما تولوجيا"، وتعني غراما الوسيط الأول للغة، والمولّد لكل ما يجعل الكتابة ممكنة، فكلّ إبداع كتابة، سواء كان صورة أو نغمة أو رقصاً وتمثيلاً. أي إن الغراما عملية بنيوية كان دوسوسّور قد تحدث عنها في نطاق البحث في الدال والمدلول.
وأول ما يؤكد ارتباط الكتابة بالإبداع عند ابن عربي التزامه النظم الشعري في تأليف كتابه "الفتوحات المكّية" حيث أنشأ الكتابة شعراً بقصد أن تجسد الكتابة انفتاحاً على قراءات مختلفة قد تكون فكرية فلسفية، أو علمية منطقية.
لقد ميّز ابن عربي بين ما أسماه "الكتابة الإلهية" و"الكتابة الإنسية" متماهياً مع تقسيم أبي حيان التوحيدي في كتابه "الإمتاع والمؤانسة"؛ بيد أن ابن عربي لم يعرض الخلاف بين نوعي الكتابة كما فعل التوحيدي، بل فضَّل تقريب المسافة بين النوعين. وتحدث عن "الكتابة على المحو" بوصفها إلهاماً إلهياً, دون أن يكون للمؤلف دور في إنشاء النص, ولعله يرى أن الإبداع لا يستقيم إلا مع التلقائية المفرغة من المعرفة السابقة مما أطلق عليه "اللامقام" أي تجاوز المذهبية والسببية، أي أن ابن عربي انسجاماً مع فكرة الاختلاف في قراءة النص, يرى "اختلاف الصور في العين الواحدة " ويرى قراءة النص من المتلقي تبدو كتابة جديدة لذلك النص، ذلك أن النص مكون من علامات تتحول إلى إشارات تساعد على تعدد القراءات, مما يجعل النص منفتحاً على إبداعات متنوعة بتعدد القراءات. ومع ذلك فإن ابن عربي لا يتجه إلى إقرار غياب المؤلف أمام هجمة التأويلات, بل إلى تخفيف دور ذاتية المؤلف في بناء نص لا يصل إلى هدفه إلا بعد قراءته جمهورياً.
وفي الفن التشكيلي العربي والإسلامي، تعبر الإشارات التشكيلية عن حدث أو عن أي شيء يشير إلى حدث تشكيلي آخر، وهذه الإشارة الدلالية تتضمن دالاً ومدلولاً, وتبدو هذه الإشارة على شكل خط أو لون أو حجم في التشكيل الفني, بوصفها لغة نظام أيقوني مؤلف من وحدات ذات تأثير متبادل بين عناصره البنيوية.
وفي فن الرقش العربي، فإن ثمة دلالات جدية شاعرية تتجاوز الالتباس الذي يصيب الناقد، وتدفعه لتصور دلالات أسطورية خيالية. ذلك أن النص التجريدي يحتوي في باطنه على دلالات جمالية مؤلفة من شفرات تأويلية أو رمزية غالباً. كما يحوي في ظاهره على إشارة أيقونية ذات معنى، ومهمة الناقد توضيح العلاقة بين ظاهر النص التشكيلي وباطنه. ففي الرقش العربي نرى الخط يحمل مدلوله الرمزي مشتركاً مع دالاته، وتقابل شفراته الباطنية عدداً أقل من المدلولات التأويلية، بل تحمل في المنمنمات والمرقنات مدلولاً واحداً. على أن حضور المدلول الواقعي في المنمنمات والترقين, يجعل قراءة النص التشكيلي أكثر وضوحاً عند المتلقي, بينما يبدو غياب المدلول الواقعي في الرقش طريقاً رحباً يسهل للمتلقي عملية التأويل ومشاركة الفنان في صنع النص التشكيلي.
لم يتناول الفكر الجمالي العربي النص التشكيلي العربي مباشرة، بل تناوله غالباً من خلال النص الأدبي. أو من خلال النص التشكيلي الخطي, بوصفه حلقة بين الأدب والفن. ويهمنا أن نستعير مبادئ علم الدلالة لنستعيد قراءة النص التشكيلي العربي التقليدي في المنمنمات والمرقنات والمرقشات والخطوط، وفي الفن الحديث. فلقد تحدّث الجاحظ عن أواصر النص التشكيلي؛ الرقم والخط والرسم, ورآها كتابة يعبّر بها عند عجز اللغة, التي لا تتوفر فيها دينامية التواصل بين الماضي والحاضر والمستقبل التي يحققها النص التشكيلي.
ويبقى الجاحظ ذا رؤية بنيوية كما هي أفكار المعتزلة. فلقد تحدث في (الدلائل والاعتبار) عن الإشارات, ومنها الإشارة الصامتة والمعبرة عن مكنونها, وأطلق عليها اسم "النصبة" وهي إشارة تواصل ودلالة في آن واحد، والإشارة عنده لغة شبيهة بلغة الكلام، ولكنها منفصلة عن الكلام. ولقد اعتمد عبد الكبير الخطيبي على آراء الجاحظ في الحديث عن الخط العربي (الاسم الجريح).
كان النص التشكيلي بوصفه نظاماً من الرموز الشكلية قابلاً للقراءة من خلال ما قدّمه علماء السيمولوجيا وقبلهم المفكرون العرب الذين تحدثوا عن الدلالة بوصفها آلية في مباحث اللغة, وهكذا يصدق ما قاله ابن خلدون في المقدمة (إن استفادة المعاني على الإطلاق من تراكيب الكلام على الإطلاق يتوقف على معرفة الدلالات الوظيفية). هذا القول يمكن أن ينطبق على النص التشكيلي بوضوح أقوى.
كذلك تحدث الجرجاني عن الدال والمدلول في اللغة، وتحدث سيبويه وابن جنى عن مصطلح (المشترك الدلالي) وفيه يكون للدال أكثر من مدلول, كما في المترادفات أو في النظائر حيث يختلف اللفظ ويتوحد المعنى.
قراءة الصورة والتأويل
انتشر مصطلح التأويل لكي يكون مرادفاً لمصطلح التفسير كما يبدو من مصطلح Interpretation. وهذا مخالف لمعناه الذي أراده النقاد عند كلامهم عن التناص وتعددية القراءة والمشاركة في بناء النص، مما دعا إلى اعتماد مصطلح Hermeneutique المشتق من أصول أسطورية (هرمز) ولكنه يعني التأويل بالمعنى الذي عرضناه في هذا البحث وكما ورد عند الفيلسوف جوس.
ثمة اتجاهان في مفهوم التأويل، الاتجاه الأول يرى أن كل تأويل للنص ممكن ومقبول على أن يكون مناسباً مع تصور تفكيكي للنص. والاتجاه الثاني يرى التأويل مشروطاً بالقواعد والحدود والآفاق. والتأويل لا يعني التفسير الذي لا يحتمل إلا وجهاً واحداً. بل يعني توجيه النص إلى معان مدعومة بالدليل. ولا بدّ من التمييز بين التأويل وسوء التأويل والإفراط بالتأويل
ويتجلّى التأويل، بالأدائية التي يقوم بها العازف لنص موسيقي قام بتأليفه الملحن الموسيقي, فالعازف يعيد خلق النص الموسيقي، ولقد قيل إن الأداء هو اشتراك في إبداع المؤلف، إذ يخرج اللحن إلى الوجود من خلال العازف, ويصل إلى المتلقي من خلال العزف وطريقة أدائه، ولكن الناقد يشترك أيضاً في بناء النص الموسيقي من خلال قراءته البنيوية أو الدلالية للنص الموسيقي.
ولكي نوضح ميزات القراءة التشكيلية التأويلية، لا بد أن نذكـِّر بالقراءة العلمية لنص رياضي أو فيزيائي، حيث لا مجال للتأويل بل للمحاكمة العقلية الصرفة والمنطق، فالنص العلمي وحيد وثابت وجامد، بينما يحتفظ النص التشكيلي بصفاته التحويلية والحيوية, عندما ينفتح على التأويل والتناص، ويبدو التأويل رحباً, لأن الإشارة تتألف من شفرات، وهذه الشفرات معروفة عند المؤلف والمتلقي, ولكن تركيبها يتطلب برنامجاً جمالياً مشتركاً بين المؤلف والمتلقي, ومع ذلك فإن مجموعة الإشارات تشكل مدلولات مترادفة أو متعارضة، وهكذا فإن القراءة التشكيلية ليست واحدة الدلالة, فثمة تعددية تأويلية لجمالية العمل التشكيلي, تبدو أكثر خصباً في الفن التجريدي العربي أولا ً, ثم في الفن الأوربي الحديث لاحقاً.
والنص هنا لا يحتاج إلى إحالة باتجاه القاعدة أو المرجع، بل يبقى قانعاً بمرجعيته الخاصة داخل نظامه الداخلي على حد قول" بارت".
لا بد من أن نفرق بين المتلقي العادي وبين الناقد، إذ إن الأول ثابت يعتمد على التفسير أما الثاني فهو متغير, يتمتع بقدرة التأويل, مما يمنح النص فرصة التشكل المتجدد، فرصة توقع دلالات غير متوقعة، يمارسها الناقد. على إنه لا بد من الاعتراف أن أكثر النقاد لا يقرؤون النص إلا من خلال ظواهره، ونادراً ما استطاع الناقد تحقيق نوع من التناص، نوع من إبداع مدلولات تتجاوز المدلول الموضوعي الذي زرعه المؤلف في رحم النص.
والتأويل إسقاط ذاتي على النص يحمل موقف الناقد ورؤيته، فاتحاً الباب لدلالات جديدة غابت عن المؤلف. هنا يبدو الناقد وقد شارك في بناء النص أو في مضاعفة إنتاجيته.إنه محاولة لاحتلال موقع المؤلف لتوجيه النص إلى أبعاد لم يفصح عنها المؤلف، وقد لا يكون قد توقعها أصلاً, على أن يمر الناقد في طريق تحليلي قد يتجاوز قصدية المؤلف، فاتحاً الباب لقبول دلالات خاصة، تختلف باختلاف مستوى قدرتهم على قراءة النص قراءة جمالية وليست أدبية أو وصفية صحفية. وهذه القراءة تخترق ظواهرية الشكل إلى باطنيته للتعرف على البنى التحتية للنص, وإلى الشفرات الملغزة التي تضمنت النص، سواء أكان هذا النص واقعياً أو تجريدياً. وهذه الشفرات توجه رسالة ما, رسالة مركبة تقوم على التساند التركيبي أو التكافؤ الاستبدالي حسب "جاكبسون"Jackpson, والتي ترشد المتلقي في تأويله للنص، وفي الكشف عن الوظيفة التشكيلية في النص، فالنص الذي وضعه المؤلف اليوم أو في الماضي البعيد لم يقدم من أجل مؤلفه بل من أجل الجمهور المتلقي عبر الزمان، وعبر تحولات منهاج القراءة الذي يرتبط بتطور الفكر والسياسة والمجتمع.
ولا تقف وظيفة الناقد عند حدود مضاعفة إنتاجية النص أو تحقيق التناص، بل على العكس فإن ثمة تفكيكاً يقوم به الناقد لهذا التناص سعياً وراء الكشف عن مجموعة من النصوص كانت قابعة في غمار الغاز الشفرات الدلالية.
والمتلقي الناجح عند بارت هو ببساطة أي إنسان قادر أن يجمع في حقل واحد جميع الدلالات التي يتضمنها النص. ولكن المتلقي يحقق تناصاً وليس تهديماً للنص. كما ترى الظواهرية (الفينومولوجيا) على لسان هوسرل.
إن عملية تفكيك التناص أي تفكيك مضاعفة إنتاجية النص, يدخل في نطاق القراءة التي تكشف عن مجموعة من النصوص في نص واحد. ولذلك فإن "هيدغر" يرى أن النص هو موقع مشاركة ذاتي موضوعي بين المؤلف والمتلقي, ولكنه ليس موقعاً ذاتياً فقط كما يراه الرومانسيون، وليس هو موقع موضوعي فقط كما يراه "ديلتاي" أبو التأويلية في قراءة النص وكان هو أول من لفت الانتباه إلى دور المتلقي، ولكنه لم يصل إلى حدود موقف بارت، إذ يقف المتلقي عند ديلتاي في حدود شروط النص، دون الخروج عنه, على نقيض ما يراه بارت. ويتألف النص التشكيلي من بنية ظاهرية هي الإشارة والرمز, ومن بنية باطنية هي الدلالة الجمالية التي تقوم على الشفرات، وغالباً ما تكون هذه الشفرات غير دلالية، بل تأويلية أو رمزية. وهكذا فإن مسألة الشكل والمضمون التي أخذت أبعاداً واسعة في فصول علم الجمال التقليدي غابت اليوم, لكي تحل محلها البنية الظاهرية والبنية الباطنية التي تساعدنا في قراءة النص التشكيلي قراءة تأويلية دلالية.
ولكن في الفن الحديث حيث تغيب الدلالة, حولت السريالية والميتافيزيائية والرمزية والمفهومية المدلول غير الواقعي إلى معنى غريب عن المعنى الموضوعي.
ومن البدهي أن التأويل يبقى نسبياً, بمعنى إنه يتحرك حسب المؤوّل، مما يشكل اختلافاً في عملية التأويل يدفع النص إلى معنى وقصد مختلف. فثمة موقف تأويلي نسبي يختلف من رؤية إلى أخرى فيما عدا الكلام المقيّد بسنن الأوائل وعادات العرب.
على أن قراءة النص ليست مجانية، بل تخضع إلى قيم تتجلى في تحويل التأويل نحو الأسمى إنسانياً وفكرياً. ونحن نرى أن القراءة السيمولوجية تبحث بشكل مستمر عن طرائق جديدة لقراءة النص وتفكيكه ورسم المسار في دهاليز النص المعقدة للوصول إلى المدلول الأكثر عمقاً وشمولاً، المدلول المنفصل عن الشكل الظاهري والمتصل بالموقف الذاتي، فالعالـَم الذي يكتشفه المتلقي في أعماق النص, عالـَمٌ قد لا يكون المؤلف قد رآه، فالصدفة أصبحت صنماً مقبولاً عند الذرائعيين الذين يبحثون عن تجربة لا سابق لها، لتبرير حضورهم المفاجئ الذي يسعى إلى دهشة المتلقي, هذه الدهشة التي بقيت وحيدة تفسر الحافز الذي يدفع المتلقي للكشف عن أسرار جمالية النص.
مع أن التأويل مختلف عن التفسير، فإن ابن منظور في لسان العرب قال: "أوّلَ الكلام وتأوله، دبره وقدّره، فسّره. ويضيف " التأول والتأويل تفسير الكلام الذي تختلف معانيه, ولا تصح إلا ببيان غير لفظه".
ويقول ابن الأثير "أوّل الكلام من آل الشيء, يؤول إلى كذا, أي رجع إليه وصار إليه". وهذا يعني تفسير الكلام المختلف بمعناه. واستعمل الآمدي في كتابه "الموازنة" لفظ التأويل من خلال جذره الأصلي ,أوّل تأويلاً, وتأوّل, وآل, ومتأوّل.
وتأويل النص الأدبي أو الفني محاولة لإخراجه عن قصده البياني إلى قصد يسعى إليه المتلقي, وتأويل النص القرآني محرم لأنه تصدٍّ للتناص مع كلام الله.
ويبدو التأويل لازماً عند قراءة الرقش العربي، إذ تعبر الإشارات التشكيلية عن حدث أو عن أي شيء يشير إلى حدث تشكيلي آخر، وهذه الإشارة الدلالية تتضمن دالاً ومدلولاً, وتبدو هذه الإشارة على شكل خط أو لون أو حجم في التشكيل الفني, بوصفها لغة نظام أيقوني مؤلف من وحدات ذات تأثير متبادل بين عناصره البنيوية.
د. عفيف البهنسي... المصدر : الباحثون العدد 61 تموز 2012