منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارخصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زهر السوسن
عضو شرف
عضو شرف
زهر السوسن

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
879

نقاط :
1493

تاريخ التسجيل :
17/10/2012


خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه Empty
مُساهمةموضوع: خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه   خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2012-11-23, 01:17

خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه(*)
ملخص:‏
ظل النحو العربي حبيس المنهج الشكلي لوقت طويل، ولم تعرف دراسة المعنى مكاناً لها فيه إلا في قليلٍ مما كتبه النحاة. وفي بعض ما كتبه المحدثون دعوة إلى الاحتفال بالمعنى في دراسة النحو العربي، وتأكيد على أنه قمين بالرعاية والاهتمام، وأن دراسته كفيلة بتصحيح بعض المسارات المنهجية وبحلّ كثيرٍ من الإشكاليات على الصعيد العلمي أو التعليمي. وفي سياق الكشف عن جوانب الأهمية في هذا النوع من الدراسة النحوية نستعرض بعض خصائص النحو العربي في ضوء تحويل منهج الدراسة من الاحتفال بالمبنى إلى الاحتفال بالمعنى، وفي ضوء المقاربة مع بعض النظريات اللسانية الحديثة. وقد اعتمدنا، في ذلك كله، على ثنائية «النظام المغلق والنظام المفتوح» التي ينادي بها بعض دعاة لسانيات التلفظ Linguistique d’énonciation. وإذ نعتمد على هذه الثنائية فإنا نراها إطاراً منهجياً هو من أفضل ما يُمكن أن تُدرس به ظواهر المعنى في خصائص النحو العربي، وخلفيةً مفاهيميةً تستند إليها دراسة حركية المعنى اللغوي، وتفسّر بها تداعياته الاستعمالية بين تعبيرات المتكلم واختياراته من جهة، وتوقعات المخاطب وتأويلاته من جهة أخرى.‏

تستند دراسة النظام النحوي، في أي لغة من اللغات، إلى مستويين اثنين: مستوى المعنى، ومستوى المبنى وتسميهما اللسانيات الحديثة مستوى الوظيفة Fonction، ومستوى الشكل Forme (أو الصورة)، ومما يلحظه المتتبع لدروس النحو العربي قديماً وحديثاً إقبال النحاة واللغويين على الاهتمام بالجانب الشكلي من خلال نظرية العامل، بينما لا يولُون دراسة المعنى إلا لمام القول وقليل الاعتناء باستثناء ما كان من سيبويه، ومن معه من متقدمي النحاة، وقلةٍ من النحاة المتأخرين أمثال أبي بكر بن السراج (316هـ)، وابن جني (392هـ)، ومحمود بن مسعود الغزني (431هـ)، وعبد القاهر الجرجاني (471هـ)، والسكاكي (626هـ)، وشمس الدين السخاوي (902هـ)، وغيرهم ممن يرون أن وظيفة النحو هي معرفة تأليف الكلام العربي كما نطق به الفصحاء من العرب وليس مجرد بحث في أواخر الكلم(1).‏

وفي سنوات العقود الأخيرة من القرن العشرين ظهر اتجاه جديد في دراسة النحو العربي على يد جماعة من اللغويين المحدثين(2) نذروا أقلامهم في سبيل الاحتفال بدراسة المعنى والسعي في رد الاعتبار إليه. ومن الأسباب التي يمكن أن يُوعز إليها تمسك هؤلاء اللغويين بهذا المنزع الإبستمولوجي الجديد ما يلي:‏

ـ الأهميةُ التي يحظى بها المعنى في التواصل اللغوي؛ فهو الغاية التي من أجلها وُضعت اللغات، والأساس الذي تُبنى عليه صيغ الكلام وتنتظم له عباراته.‏

ـ إغفال كتب النحو للمعنى وإهمالها لشأنه بتركيزها على البنية اللفظية رغم ما له من فضل السبق عليها، ذلك «أن الوظيفة (أن يكون لدينا شيء نقوله) تسبق الشكل (قول هذا الشيء بطريقة ما)»(3).‏

ـ توقف النحاة ـ في ظل اقتصارهم على المنهج التحليلي ـ عند حدود المعاني النحوية الجزئية (وهي معاني الأبواب) إذ لم يُولَ التفاعل الحاصل فيما بينها اهتماماً، فانصرفت الهمم عن اكتشاف المنهج التركيبي، وقصرُ النظر، في ظل الانكفاء على دراسة صور البنية اللفظية، عن إدراك أهمية ما يحصل بسبب ذلك التفاعل من معان نحوية كلية مثل معاني الخبر، والإنشاء، والقصر، والوصل، والفصل، والإيجاز، والإطناب، وغيرها مما عدّوه جزءاً من علم البلاغة بينما عدَّه عبد القاهر الجرجاني من صميم علم النحو.‏

ونظراً لذلك اتجهت عناية اللغويين المحدثين الذين احتفلوا بالمعنى إلى تتبع مستويات المعنى النحوي وإلى دراسة خصائصه التركيبية بوصفه أثراً لما يحصل في العقل من ارتباط وتفاعل بين دلالات الألفاظ ومعاني النحو، وبوصفه جانباً ضرورياً لا مندوحة من الاهتمام بمجاله الحركي dynamique والانتقال إليه بعد دراسة المجال السكوني statique في المبنى؛ ذلك أن حركية النشاط اللغوي تبرز ـ فيما يمكن أن تبرز فيه(4) ـ في ظاهرة الكلام من حيث هو مجال حيوي حركي تنفتح فيه الطاقة التعبيرية على ألوان مختلفة من الأغراض والمعاني. لكن النحاة ـ خاصةً المتأخرين منهم ـ ركزوا على دراسة المباني، واكتفوا بتقديم قواعد النشاط اللغوي في شكله الصوريّ السكونيّ المستقرّ.‏

ومنذ منتصف القرن العشرين تتابعت جهود لفيف من اللسانين الغربيين(5) في سبيل بيان أهمية الجانب الحركي المفتوح في دراسة اللغة. وذلك بعد أن أدركوا أن من أبرز أسباب العقم في نتائج الدرس اللغوي أن تنكفئ مقدماتها على دراسة البعد السكوني في قواعد المبنى لا تتعداه، وأن «التنظير [اللساني] لا ينبثق بوصفه إنتاجاً نهائياً لمعطيات مكدسة، بل يجب الانتقال، إلى مرحلة التمثيل والإجراء والحساب. ويكون الأمر أكثر وجاهة حينما نجتهد في معالجة الظواهر المحوزة في بعدها الحركي وليس في وضعها الذي تكون فيه جاهزة وتامة»(6).‏

1 ـ بين النظام المغلق والنظام المفتوح:‏

يمكننا أن نلتمس التقابل المنهجي بين النظام المغلق والنظام المفتوح في مقولة التقابل المنهجي بين الدراسة السكونية E.synchronique والدراسة الحركية E.diachronique في اللسانيات الحديثة؛ ذلك أن البعد السكوني يمثله النظام المغلق، وأن البعد الحركي يمثله النظام المفتوح؛ في الأول يكون المتكلم مجبراً على الالتزام بقواعد المبنى اللغوي، وبما يمكن أن تمنحه ـ على وجه الأصل والافتراض ـ من معان صورية يُنطلق في فهمها أو الإفهام بها على ما هي به في أبنيتها النموذجية وتواضعاتها الاجتماعية، وفي الثاني يكون مخيراً بحيث تنفتح طاقاته التعبيرية ـ في ظل تنوعات سياقية داخلية وخارجية ـ على احتمالات معنوية متعددة، غير أن فسحة الحرية والاختيار تظل ـ رغم الحاجة الملحة لدى المتكلمين إلى هذ الانفتاح ـ مقيدة بحدود العلاقات البنوية التي يفرضها النظام المغلق، «فالمتكلم ينشد ممارسة حريته في التعبير عن فكرة، وقوانين اللغة المبنوية تشدُّه إلى إسارها فلا يستطيع منها فكاكا»(7).‏

ومما يبرز به فضل التقييد في النظام المغلق أنه يعصم اللغة من أن ينفرط عقد وحداتها فيختل فيها ميزان الوظائف، وتتحول إلى تعبير فوضوي هرائي لا صلة له بغرض الإبلاغ والتواصل. وبين هذا التقييد وذاك الانفتاح تنتظم جمل العربية وتترتب وحدات عباراتها بين جمود تارة ومرونة تارة أخرى، وفي هذا ما يكسبها قدرة على التوسع في المعاني بما لا نجد له نظيراً في أنظمة اللغات الأخرى، وبما تحصل، به، الحاجة إلى الانفتاح بناءً على أن المتكلم يعجز في كثير من الأحيان عن أن يجد في النظام المبنوي ما يعبر به عن كل ما في نفسه من معان(8).‏

ويمكننا أن نلتمس وجهاً آخر للمقابلة بين النظام المغلق والنظام المفتوح، وذلك من خلال المقابلة بين اللغة والكلام؛ إذ يكون الانغلاق في اللغة بينما يكون الانفتاح في الكلام، وحتى نفهم أبعاد الانفتاح ومستوياته ههنا لا بد من بيان حدود الكلام ضمن علاقته باللغة، ويعتبر شارل بالي من أوائل من تحدث عن هذه المسألة حينما استخرج من ثنائية اللغة والكلام السوسيرية ثنائية أخرى سماها الافتراضي virtuel والمتحقق actualisé موضحاً أن الافتراضي «يجب أن يكون ـ حتى يُصبح متحقّقاً ولفظاً صالحاً للتلفظ (أو التعبير) Enonciation ـ محدداً بتمثيل فعلي لدى الشخص المتكلم، أي بتمثيل فردي»(9)، وذلك بناءً على أن وظيفة التحقيق actualization هي تحويل اللغة إلى كلام، وأن آليته تشير ـ بطريقة بديهية، ومن منظور سكوني ـ إلى أن اللغة يسبق وجودُها وجود الكلام، وبأن الكلام يفترض اللغة ما دامت هي التي تسعفه بالوحدات المحقِّقة actualisateurs التي من دونها لا يمكن له (أي الكلام) أن يتحقق(10).‏

وقد يكون هنالك وجه ثالث للمقابلة بين النظام المغلق والنظام المفتوح وذلك من خلال المقابلة بين النحو والمعجم؛ «فإذا كان النحو هو مجال الاختيارات المغلقة فإن المعجم هو مجال الاختيارات المفتوحة. إن الوحدات النحوية الخالصة لا تعمل إلا داخل نظام مغلق وبإمكانها أن تتحدد بكيفية سلبية إلى جانب تحديدها الإيجابي: فالدال s ـ في اللغة الإنجليزية يمكنه أن يتحدد بكونه دالاً على الجمع Plriel كما يمكنه أن يتجدد بكونه ليس مفرداً non – singulier، بينما لا يمكن للوحدات المعجمية أن تتحدد بطريقة سلبية»(11) لكونها ترجع، في تحديدها، إلى الواقع الخارج عن المدى اللغوي réalité extra –linguistique. وهذا أمر شائع في سائر أنظمة اللغات.‏

ومع هذه الأهمية التي يحظى بها مبدأ المقابلة بين النظامين المغلق والمفتوح إلا أن فكرة الفصل بين الواقع اللغوي للمبنى (وهو ما يتمثل في صورة اللغة) والواقع اللغوي للمعنى (وهو ما يتمثل في مضمون اللغة) لا وجود لها في الواقع الاستعمالي لأنظمة اللغات؛ إذ لا صورة (مبنى) بلا مضمون (معنى) يحققها ويجعل منها أداة للتواصل، ولا مضمون بلا صورة تكون له قانوناً ينضبط به ونموذجاً يحتذيه، «ذلك لأن الصورة هي دائماً صورة شيء ما، فلا تنفك أبداً عن المضمون، والمضمون هو دائماً مضمون في شيء ما، فلا ينفك أبداً عن الصورة، وعليه، فلا ينبغي أن نقابل بين الصورة والمضمون مقابلة تفرّق كما هي مقابلة المتناقضين، وإنما مقابلة تعلق كما هي مقابلة المتضايفين [...] كما يصح بهذا الصدد أن نقول، على طريقة "كانط" في كلامه عن علاقة المفهوم بالحدس، بأن المضمون بغير صورة عماء والصورة بغير مضمون خواء»(12).‏

وفي ظل هذه النتيجة من التحليل يبدو سعينا لبيان التخوم الفاصلة بين المبنى والمعنى إجراءً منهجياً فيه شيء من التعسف تحتّمه ضرورة التصنيف المنهجي من أجل الاستجابة لمقتضيات الدراسة العلمية الساعية إلى وصف اللغات بما يسمح بالكشف عن خصائصها وبيان كيفية عمل أنظمتها. وفيما يلي سنتناول بعض خصائص النحو العربي في ضوء استحضارنا لفكرة تحول منهج الدراسة النحوية من المبنى إلى المعنى، وفي ضوء الفصل والتفريق بين جوانب الانغلاق وجوانب الانفتاح في نظام اللغة العربية.‏

2 ـ مظاهر النظام المغلق في خصائص النحو(13) العربي:‏

2 ـ 1 ـ في خصائص النظام الصرفي:‏

يعدُّ النظام الصرفي من مظاهر الانغلاق في العربية، فموضوعه يتعلق بدراسة الكلمات من جهة صيغها وأوزانها ومتغيرات أبنيتها اللفظية وليس من جهة معانيها المعجمية ولا من جهة معانيها النحوية أو السياقية أو التعبيرية المختلفة التي هي من مظاهر النظام المفتوح. وإن كان هنالك حديث عن المعاني في الدرس الصرفي فهو من جانب المعاني الصورية المجردة التي يمكن أن تدل عليها الصيغ الصرفية دلالة نموذجية «مغلقة». فكل صيغة إنما وُضعت لتدل على معنى صرفي عام؛ ومن الأمثلة على ذلك: صيغة «إفْعَال» تدل على مصدر الفعل الرباعي «أَفْعَلَ» مثل «إكْرَام» من (أكْرَم)، وصيغة «انفَعَلَ» تدل على أحد الأفعال الثلاثية المزيدة، ومن معانيها الصرفية العامة كذلك معنى المطاوعة مثل «انكسر» و«انفتح»، وصيغة «فَاعَلَ» تدل على أحد الأفعال الثلاثية المزيدة، ومن معانيها الصرفية العامة كذلك معنى المشاركة مثل: «جالس»، و «خاصم».. إلخ.‏

إن الوظيفة الرئيسة للنظام الصرفي هي تشكيل العناصر التي يتألف منها نظام اللغة، وإبراز سماتها، وصياغة بناها، وتحديد معانيها الصرفية في إطارها النموذجي المغلق. ولعل أبسط صورة من صور الانغلاق في النظام الصرفي العربي ـ وفي أي نظام صرفي لأي لغة من لغات البشر ـ هي تميزه بخاصية النهائية التي تعرفها وحداته في مقابل خاصية اللانهائية التي نجدها في المعاني المادية المتحققة في الخطاب. وتبرز النهائية في وحدات النظام الصرفي العربي في كونها صيغاً تندرج ضمن مجموعات متقابلة تحتكم في تصنيفها وتحديد وظائفها إلى توزيع منتظم وترتيب محصور.‏

وفي ظل هذا التوزيع والترتيب يقسم النحاة الوحدات الصرفية تقسيماً يخضع لاعتبارات مختلفة يبدو أن أشهرها ذلك الاعتبار الذي أسفر عنه التقسيم الثلاثي المعروف للكلم العربية: اسم وفعل وحرف(14). ومن التقسيمات الصرفية للوحدات التقسيم الثنائي بين الوحدات المبنية والوحدات المتصرفة، أو ما يسميه النحاة بالأسماء المبنية والأسماء المتمكنة، ومنها كذلك تقسيم الوحدات إلى صيغ (وهي التي تقبل التحليل الاشتقاقي)، وعلامات (وهي التي تقبل التحليل التقطيعي)، ومبنيات (وهي التي لا تقبل الاشتقاق وقد تقبل الاشتقاق وقد تقبل التقطيع ولكنها تستند في تحليلها، أساساً، إلى نموذج التصريف).‏

هذا عن صور الوحدات الصرفية من حيث هي أصول نموذجية كبرى لأنواع الكلم. ويمكن أن نرجعها ـ في ضوء تأملنا لتقديرات النحاة وتحديداتهم لها ـ إما إلى تحديدات مفهومية(15)، وإما إلى تحديدات لغوية. أما عن صورها من حيث هي فروع لتلك الأصول الكبرى فهي الصيغ والأوزان والأبنية الصرفية المختلفة كأن نقول: الاسم يتفرع إلى جامد ومشتق، والجامد ما لم يؤخذ من غيره، والمشتق ما يؤخذ من غيره، والجامد ما كانت صيغته وأوزانه سماعية، والمشتق ما رجع في صيغه إلى توزيع قياسي مطرد: «فَاعِل» هي صيغة اسم الفاعل من الثلاثي، و«مَفْعُول» هي صيغة اسم المفعول من الثلاثي، و«أفْعَل» هي صيغة اسم التفضيل... الخ. والفعل يتفرع إلى فروع مختلفة في ضوء اعتبارات صرفية مختلفة؛ فهنالك الثلاثي وغير الثلاثي (الرباعي والخماسي والسداسي)، والمجرد والمزيد، والمتصرف والجامد، والصحيح والمعتل والمهموز... الخ.‏

ومما يتميز به النظام الصرفي العربي انطواؤه على قدر كبير من الدقة والانتظام في توزيع وحداته عبر تفريعاته الاشتقاقية وتقابلاته الصرفية المختلفة. وتبدو هذه الخاصية سبباً هاماً مكّن الصرفيين والنحاة من أن يستخرجوا من بنية كل كلمة(16) وحدةً نموذجية مقدّرة سموها المثال(17) أو الحد(18)، وقد كان غرضهم من ذلك تصنيف الوحدات وتتبع مراتب صياغتها، ووضع نماذج عامة لقياس أبنيتها وذلك بضم المتشابه منها بعضه إلى بعض في مجموعات محددة متباينة، لكل مجموعة مثال يختزلها ويكون وسما لها تقاس به وُيستدل عليها بصورته:‏

كأن نقول مثلاً إن الوحدات: قَبِلَ، وقَدِمَ، وشَرِبَ.. إلخ يجمعها مثال واحد هو صيغة «فَعِلَ». وهذا مبدأ إجرائي هام في التحليل الصرفي العربي لا نكاد نعثر له على نظير في أنظمة اللغات الأخرى.‏

2 ـ 2 ـ في خصائص النظام النحوي:‏

إن أبرز مظهر للانغلاق يمكن ملاحظته في نظام النحو العربي هو صور المبنى أو صور كلام العرب كما يسميها بعض النحاة؛ يقول أحد شراح «أوضح المسالك»: «تتبع النحاة كلام العرب فوجدوه يرد على ست صور إجمالاً ـ وهي إحدى عشرة صورة تفصيلاً ـ وذلك لأنه إما أن يتألف من اسمين، وإما من فعل واسم وإما من جملتين، وإما من فعل واسمين، وإما من فعل وثلاثة أسماء، وإما من فعل وأربعة أسماء، فهذه ست صور على وجه الإجمال»(19). ثم يواصل الشارح في استعراضه لما يتفرع عن تلك الصور الإجمالية الست من صور تفصيلية نستغني عن ذكرها هنا نظراً لطول النص الواردة فيه. ويقول عبد القاهر في نفس السياق: «معلوم أن ليس النظم سوى تعليق الكلم بعضها ببعض، وجعل بعضها بسبب من بعض. والكلم ثلاث: اسم، وفعل، وحرف. وللتعلق فيما بينها طرق معلومة وهو لا يعدو ثلاثة أقسام ـ تعلق اسم باسم، وتعلق اسم بفعل، وتعلق حرف بهما»(20) ثم يمضي في تفصيله مفرعاً عن هذه الصيغ التركيبية الأصول جميعَ الصيغ التركيبية الممكنة في النظام البنيوي المغلق للنحو العربي(21).‏

ومن صور التركيب في النحو العربي كذلك تقسيم النحاة للجمل إلى فعلية واسمية؛ فالفعلية ما تصدّرها فعل على رأي البصريين أو هي ما حوت فعلاً تقدم أم تأخر على رأي الكوفيين، والاسمية ما تصدرها اسم على رأي البصريين أو هي ما لا يكون أحد ركنيها فعلاً على رأي الكوفيين. وعلى هذا فالجملة العربية، مهما تنوعت تراكيبها وتعددت، لا تخلو من أن تكون متمثّلة في إحدى هذين الصورتين. ومن النحاة من يضيف صورة ثالثة هي الجملة الشرطية لكن ابن هشام يرى أنها من قبيل الفعلية ويقترح بدلاً منها الجملة الظرفية(22). ولفاضل صالح السامرائي رأي متميز في مسألة الصور الأصول في الجملة العربية، فهو يرى أن الجملة العربية إنما ترجع في أصلها إلى صورتين اثنتين: فعل مع اسم، واسم مع اسم. وبالتعبير الاصطلاحي فعل وفاعل أو نائبه، ومبتدأ وخبر نحو «أقبل سعيد» و«سعيد أقبل»، وكل التعبيرات الأخرى إنما هي صور أخرى لهذين الأصلين(23).‏

إن إشارة النحاة، قدماء ومحدثين، إلى مثل هذه الصور تعدّ محاولة لحصر جميع الأبنية الممكنة في النحو العربي سواء أكانت الصور الأصول التي تشير إلى حدود النظام المغلق لأبنية التركيب العربي أم تلك التي يتحوّل بها المتكلم عن أصولها ـ بالتقديم والتأخير، أو الحذف، أو الزيادة(24) ـ للتعبير عن أغراضه وانفعالاته وحاجاته الطارئة. ولعل أبرز معلم من معالم الانغلاق في تلك الصور ـ بما فيها صور التراكيب الفرعية المتحولة عن الأصول ـ أن المتكلم لا يمكنه، بأي حال من الأحوال، أن يخترقها أو أن ينشئ نظماً للوحدات على غير هديها. وقد بلغ من اهتمام النحاة بهذه الصور على مستوى المبنى أن جعلوها موضوع النحو سواء أكان ذلك في إطار ظاهرة الإعراب أم في إطار نظرية العامل.‏

لكن النحاة وإن كانوا قد تعهدوا بتصنيف جميع صور الجملة العربية وبالتفريق فيما بينها، كأن يفرقوا مثلاً بين ما يعود فيها إلى ترتيب أصلي وما يعود فيها إلى ترتيب يخالف الأصل بالتقديم والتأخير. فإنهم لم يعتنوا بغير الصور النموذجية التي تشكل نظام النحو العربي في مجاله المغلق، وإن اعتنوا بالصور التحويلية المتفرعة عن الأصول مثل ما هو الحال في جمل التوكيد والنفي والاستفهام وغيرها فلا يزيدون عن تحديد معانيها الصورية، وتتبع حالات إعرابها، وصور أبنيتها التركيبية، أي أنهم لا يراعون معانيها التعبيرية التي يقصدها المتكلم. ولذلك لم يتعرضوا لظواهر التقديم والتأخير إلا من قبيل الجواز والوجوب على ما يسمح به كلام العرب من التراكيب ـ في بعدها السكوني ـ أو لا يسمح، ولم يراعوا من معانيها إلا معنى واحداً، هو معناها العام، سموه الاهتمام بأمر المتقدم(25).‏

يقول عبد القاهر منتقداً النحاة الذين يقصرون دراستهم على الجانب الصوري للغة:‏

«وهل رأيتم إذ قد عرفتم صورة المبتدأ والخبر، وأن إعرابهما الرفع، أن تتجاوزوا ذلك إلى أن تنظروا في أقسام خبره، فتعلموا أنه يكون مفرداً وجملة، وأن المفرد ينقسم إلى ما يحتمل ضميراً له، وإلى ما لا يحتمل الضمير [...] وإذا نظرتم في الصفة مثلاً، فعرفتم أنها تتبع الموصوف وأن مثالها قولك: (جاءني رجل ظريف، ومررت بزيد الظريف) هل ظننتم أن وراء ذلك علماً وأن ههنا صفة تُخصص وصفة توضح وتبين، وأن فائدة التخصيص غير فائدة التوضيح، كما أن فائدة الشُياع(26) غير فائدة الإبهام، وأن من الصفة صفة لا يكون فيها تخصيص ولا توضيح، ولكن يؤتى بها مؤكدة، كقولهم (أمس الدابرُ)، وقوله تعالى: ?فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ?، وصفة يراد بها المدح والثناء كالصفات الجارية على اسم الله تعالى جدّه. وهل عرفتم الفرق بين الصفة والخبر وبين كل واحد منها والحال؟ وهل عرفتم أن هذه الثلاثة تتفق في أن كافتها لثبوت المعنى للشيء، ثم تختلف في كيفية ذلك الثبوت»(27).‏

نلمس في كلام عبد القاهر ههنا إشارة واضحة إلى حدود النظام المغلق من حيث هو إطار نموذجي تحدده صورُ اللغة، تلك الصور التي يتخذها النحاة غاية في درسهم النحوي ويقفون عندها، ومثال ذلك أن الرفع علامة إعراب المبتدأ والخبر، وأن الصفة تتبع الموصوف، وأن الصفة والخبر والحال تتفق في أنها لثبوت المعنى للشيء. لكن عبد القاهر يدعو النحاة إلى تجاوز هذه الصور المغلقة للتعرف على ما تحويه من اختلافات وفوارق ينفتح بها التعبير على وجوه متعددة من المعاني والأساليب. وهو يرى أن من لم يأخذ نفسه بالتقوّي في دراسة هذه المعاني فقد أصابته الآفة العظمى بأن يُكثر في غير تحصيل، وأن يحسن البناء على غير أساس، وأن يقول الشيء لم يقتله علماً(28).‏

ويمكننا، كذلك، أن نلتمس مظاهر الانغلاق في النظام النحوي فيما سماه نحاتنا القدامى بالأبواب. وهنا نقف عند مسألة هامة، وهي أن تصور النحاة المهتمين بنظرية العامل لمظاهر الانغلاق في النظام النحوي يختلف عن تصور الذين يخالفونهم ممن يحتفلون بالمعنى: أما الأول فقد كان مبنياً على إلحاق النحاة للمعاني بالمباني من حيث إن المباني هي الأصل والمعاني تبع لها وفرع منها، وعليه تصبح صور الانغلاق في المعنى هي ذاتها صور الانغلاق في المبنى. أما في التصور الثاني فنجد توسعاً واضحاً في بيان صور الانغلاق وتصنيفها على هدي من فكرة الاحتفال بالمعنى.‏

في كتاب تمام حسان «اللغة العربية معناها ومبناها» إشارة إلى ما يوحي بمظاهر الانغلاق في المعنى ضمن استعراضه لما سماه بالنظام النحوي، هذا النظام الذي يتميز باحتوائه على مكوّنات تنتمي إلى النظام المغلق وأخرى تنتمي إلى النظام المفتوح، ويمكن استعراضها كالتالي(29):‏

1 ـ مجموعة من المعاني النحوية العامة التي تسمى معاني الجمل أو الأساليب كالخبر والإنشاء والإثبات والنفي والتأكيد وكاطلب وفيه الأمر والنهي والاستفهام والدعاء والتمني والترجي والعرض والتحضيض وكالشرط والقسم والتعجب والمدح والذم إلخ.‏

2 ـ مجموعة من المعاني الخاصة أو معاني الأبواب النحوية المفردة كالفاعلية والمفعولية والحالية إلخ.‏

3 ـ مجموعة من العلاقات التي تربط بين المعاني الخاصة حتى تكون صالحة عند تركيبها لبيان المراد منها، وهي ما سماه تمام بالعلاقات السياقية أو القرائن المعنوية مثل: الإسناد، والتخصيص، والنسبة، والتبعية.‏

4 ـ مجموعة من المباني والحركات والحروف التي يأخذها علم النحو من الصوتيات وعلم الصرف وهي ما سماه بالقرائن اللفظية مثل: العلامة الإعرابية، والصيغة، والرتبة، والربط، والأداة، والتضام، والمطابقة، والنغمة.‏

5 ـ القيم الخلافية أو المقابلات بين أحد أفراد كل عنصر مما سبق وبين بقية أفراده.‏

أما المجموعة 1 فهي تنتمي إلى النظام النحوي المفتوح وسنرجئ الحديث عنها إلى حين التعرض، في المباحث الموالية، لخصائص النحو العربي من خلال النظام المفتوح. أما المجموعات: 2، 3، 4، 5 فهي تنتمي إلى النظام النحوي المغلق سواء أكان ذلك من جهة أن بعضها تنظيم معنوي صوري لأنواع الوظائف النحوية في التركيب العربي (المجموعتان 2 و3)، أم من جهة أن بعضها تنظيم مبنوي يصيب الحركات والحروف وبعض المباني الصرفية الدالة على وظائف نحوية (المجموعة4)، أم من جهة أن بعضها قيم خلافية تتحدد وظائفها بالمقابلة بين المباني المتجانسة أو بين المعاني المتجانسة (المجموعة5)، كأن نرى «الخبر في مقابل الإنشاء، أو الشرط الإمكاني في مقابل الشرط الامتناعي، أو المدح في مقابل الذم، أو المتقدم رتبةً في مقابل المتأخر، أو الاسم المرفوع في مقابل الاسم المنصوب، أو المتعدي في مقابل اللازم، وهلم جرا»(30).‏

وسبب الانغلاق في هذه المكونات ـ سواء أكانت قرائن لفظية أم قرائن معنوية أم قيماً خلافية أم أبواباً ـ أنها، من جهةٍ، ذات وظائف نحوية صورية لا صلة لها بالواقع الخارج عن المدى اللغوي réalité extra linguistique، وأنها، من جهة أخرى، مما لا سبيل للمتكلم إلى التصرف فيه أو تغيير وظيفته.‏

أما ظاهرة تعدد الوظائف في المبنى الواحد التي يوحي ظاهرها بمبدأ الانفتاح بسبب التعدد مثل «ما» التي «تصلح على إطلاقها للشرط والاستفهام والموصول والمصدرية، وأن تكون كافة أو زائدة.. إلخ»(31)، فإن مبانيها مفاهيم صوتية وصرفية وليست نحوية بالإضافة إلى أن ما يبدو فيها من انفتاح بسبب التعدد تغلقه القرائن اللفظية والمعنوية المصاحبة للمعنى في السياق ضمن ما سماه تمام بتضافر القرائن. وإذا ظل الانفتاح، بعد ذلك، قائماً رغم توفّر القرائن فإن ذلك يرجع سببه إلى قابلية التركيب للتأويل الذي يحدث بسببه «التفاضل بين المُعربين للجملة الواحدة»(32). وفي هذا مظهر من مظاهر الانفتاح كما سنرى في المبحث رقم: (3 ـ 1 ـ 2).‏

3 ـ مظاهر النظام المفتوح في خصائص النحو العربي:‏

يقول أنطوان كيليولي A.culioli: «إن اللغة نظام لكنها نظام مفتوح»(33).استناداً إلى مضمون هذا التحديد يمكننا أن ننطلق في تصورنا للمعنى من المنظور الوظيفي الذي يرى «أن اللغة ذات مستويات ثلاثة: المستوى النحوي، والمستوى الدلالي، والمستوى الكلامي الذي يتفاعل فيه المستويان الأولان في عملية التواصل اللغوي»(34). وفي ظل المستويين الثاني والثالث يتم الانفتاح على معطيات وظروف الواقع الخارج عن المدى اللغوي ليتمكن المتكلم من استيعاب اختيارات تعبيرية لا يمكنه التعبير عنها فيما لو اقتصر، في استعماله، على القواعد النموذجية للغة(35).‏

ولو تتبعنا جميع مظاهر الانفتاح في سائر أنظمة اللغات مثلما تصورها اللسانيون المحدثون خاصة أولئك الذين اهتموا بلسانيات الكلام (أو لسانيات التلفظ Linguistique d’énonciation) لوجدنا فسنجد أنها تكون على مستويين: مستوى انفتاح المعنى في السياق اللغوي (السياق الداخلي)، ومستوى انفتاح المعنى في السياق المقامي (السياق الخارجي). ولذلك ينبغي التفريق بين نوعين من الانفتاح: الأول يكون فيه النظام منفتحاً انفتاحاً داخلياً بسبب ما يطرأ من تغيير في معطيات واقعه اللغوي، والثاني تتغير فيه المعاني بتأثير من الظروف الخارجية لمقام الكلام ويكون على صورتين: في الأولى تتغير المعاني وتتغير معها معطيات الواقع الداخلي للنظام، ولكن بتأثير من ظروف المقام، وفي الثانية لا تقع تأثيرات المقام إلا في المعاني.‏

3 ـ 1 ـ مظاهر الانفتاح في السياق اللغوي:‏

مما يحتدُّ به هذا المستوى أن المتكلم لا يخرج فيه ـ مهما بلغت درجة تصرفه في الكلام ـ عن حدود التراكيب اللغوية التي يسمح بها نظام النحو في صوره الأصلية أو الفرعية، تلك «التي اتفقت عليها الجماعة، فالجماعة اللغوية مثلاً اتفقت على جعل الرفع للعُمَد، والنصب للفضلات، كما اتفقت على وجوب مطابقة النعت للمنعوت، وتقدم المنعوت على النعت، وتأخر المعطوف عن المعطوف عليه. كل هذا وغيره جعلته الجماعة اللغوية قرائن لفظية تعين على إبراز المعنى»(36). وفي هذا المستوى يكون انفتاح النظام في سياق اللغة بكيفية ترجع، فيها، حرية تصرف المتكلم في المعاني إلى قيودٍ في المباني، وإلا انتفى التواصل بينه وبين السامع، وانطمست معالم الفهم والإفهام. ومن هنا يقوم الاعتقاد بأن «البنية اللسانية يجب أن تكون مغلقة ومرنة في الوقت ذاته حتى تتكيّف مع مقامات متنوعة تنوعاً لا حدود له، ومتجددة باستمرار»(37)‏

وعملاً بهذا المبدأ فإن الالتزام بحدود الانغلاق في نظام التعليق بين المباني والمعاني، في إطار ما سماه نحاتنا القدامى التقيد بظاهر الصناعة، لا يكون قيداً ثابتاً في تحليل التراكيب العربية، وإنما يعتمد عليه إذا وافقت مواضعه ومراتبه موارد المعنى أما إذا خالفتها فلا اعتماد، وفي هذا مظهر من مظاهر الانفتاح رغم توفر المعطيات الصورية للانغلاق، يقول ابن هشام في المغني في معرض ذكره للجهات التي يدخل الاعتراض على المعرب من جهتها:‏

«الجهة الأولى: أن يُراعي (أي المعرب) ما يقتضيه ظاهر الصناعة ولا يراعي المعنى، وكثيراً ما تزلُّ الأقدام بسبب ذلك [...] وها أنا مورد بعون الله أمثلة متى بُني فيها على ظاهر اللفظ ولم ينظر في موجب المعنى حصل الفساد [...] فأحدها: قوله تعالى:?أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء? [هود: 87] فإنه يتبادر إلى الذهن عطف (أن نفعل) على (أن نترك)، وذلك باطل؛ لأنه لم يأمرهم أن يفعلوا في أموالهم ما يشاؤون، وإنما هو عطف على «ما»؛ فهو معمول للترك، والمعنى أن نترك أن نفعل [...] وموجب الوهم المذكور أن المعرب يرى أنْ والفعلَ مرتين، وبينهما حرف العطف»(38).‏

ولعل من أبسط مظاهر الانفتاح في النظام النحوي أنه لا يستمد وجوده من المباني في ذاتها وإنما مما بينها من العلاقات السياقية والمعاني التركيبية. ويرى تمام حسان أن النظام النحوي ليس له بنية وأنه لا يعرف من المباني غير ما يقدمه له النظامان الصوتي والصرفي(39). وتعود خلفية هذا الرأي عنده إلى رفضه لنظرية العامل(40) وإطراحه لجدواها في تحليل الجملة العربية لكونها تحتفل بدراسة المباني وتهمل دراسة المعاني.‏

يدخل في مستوى الانفتاح على السياق اللغوي (الداخلي) جميع ظواهر الاتساع في معاني النحو التي قصرها القدماء على البلاغة العربية(41)، وهي ما سماه تمام حسان بالمعاني النحوية العامة المتمثلة في المعاني الكلية للجمل والأساليب(42): كالتقديم والتأخير، والإنشاء والقصر، والمجاز، والإثبات والنفي، والتأكيد، وغيرها من المعاني التي تدل على أن وظيفة النحو ترتبط بتحديد المعنى وتخصيصه أكثر مما ترتبط بضبط المبنى وتنظيمه(43). وفيما يلي بعض المظاهر الدالة على انفتاح نظام اللسان العربي في السياق اللغوي:‏

3 ـ 1 ـ 1 ـ أسلوب التقديم والتأخير وأثره في الدلالة المفتوحة:‏

يشير عبد القاهر إلى أهمية المعاني النحوية المفتوحة بالتقديم والتأخير في كلام العرب فيقول: «ولا تزال ترى شعراً يروقك مسمعه، ويلطف لديك موقعه، ثم تنظر فتجد سبب أن راقك ولطف عندك أن قدِّم فيه شيء، وحول اللفظ عن مكان إلى مكان [...] وقد وقع في ظنون الناس أنه يكفي أن يقال إنه قُدم للعناية، ولأن ذكره أهمّ، من غير أن يُذكر من أين كانت تلك العناية، ولم كان أهمّ. ولتخيلهم ذلك، قد صغر أمر التقديم والتأخير في نفوسهم، وهوّنوا الخطب فيه، حتى إنك لترى أكثرهم يرى تتبعه والنظر فيه ضرباً من التكلف [..] وكذلك صنعوا في سائر الأبواب؛ فجعلوا لا ينظرون في الحذف والتكرار، والإظهار والإضمار، والفصل والوصل، وفي نوع من أنواع الفروق والوجوه [....] وليت شعري إن كانت هذه أموراً هينة، وكان المدى فيها قريباً والجدى (44) يسيراً، من أين كان نظم أشرف من نظم، وبم عظُم التفاوت، واشتدَّ التباين، وترقَّى الأمر إلى الإعجاز وإلى أن يقهر أعناق الجبابرة؟»(45).‏

إن الذي يسعى عبد القاهر إلى التنبيه إليه، في هذا النص، أن مزية التقديم والتأخير ليست محصورة في العناية بالمتقدم فحسب بل هي في كونه إجراءً مبنوياً اختيارياً ينفتح على جملة من المعاني النحوية الدقيقة التي يجد فيها المتكلم ضالة البيان الكافي بما يحصل به التفاوت والتباين ويجد فيها السامع الفهم الدقيق والمتعة الرائقة.‏

وتبرز خصوصية التقديم والتأخير في نظام النحو العربي في أنه لا يحترم مبدأ الرتبة(46) إلا فيما سماه النحاة قديماً بالرتب المحفوظة، مثل: الجار والمجرور، والصفة وموصوفها، والصلة وموصولها، والمضاف والمضاف إليه، والمعطوف والمعطوف عليه وغيرها مما لا يكون، فيه، الربط بين الوحدات إلاَّ على شاكلة واحدة مفروضة. بل إن هذه الرتب المحفوظة ذاتها قد يصيبها التغيير بالتقديم والتأخير أحياناً مثل تقديم الصفة على الموصوف لإبرازها ولفت النظر إليها، كما جاء في بيت لعمرو بن قميئة (ت58ق /هـ) يقول فيه:‏

فلمّا لم يَرَيْنَ كثيرَ ذُعرٍ‏





وَرَدْنَ صَوَادِياً وِرْداً كميّاً(47)‏



فقوله «كثيرَ ذعر» أراد به ذعراً كثيراً، فقدّم الصفة على الموصوف.‏

وفيما عدا الرتب المحفوظة والمواطن التي يجب فيها التقديم والتأخير فإن التركيب العربي يستند إلى علاقة اختيارية حرة يتصرف فيها المتكلم ويحدد وجهتَها بحسب مقصده من الكلام، وذلك في إطار ما يُسمح له في النظام النحوي من إمكانية التصرف بالتقديم والتأخير إن على نية التأخير، وذلك في كل تقديم لا يزول معه الحكم في المقدم والمؤخر عن ما كانا به قبل التقديم، أو لا على نية التأخير، وذلك مع كل تقديم يُنقل معه المقدم والمؤخر من حكم إلى حكم(48). علماً أن صوغ العبارة بالمحافظة على الترتيب الأصلي لعناصرها إنما يكون لمجرد الإخبار وهو التعبير الطبيعي الذي لا يحتاج فيه المتكلم إلى غرض تعبيري خاص. أما حينما تُصاغ بتقديم ما حقه التأخير وتأخير ما حقه التقديم فإن مجال التعبير يكون فيها، مفتوحاً على العديد من الأغراض التعبيرية والمعاني الخاصة.‏

وللتقديم والتأخير في الجملة العربية صور(49) متعددة، وهي في تعددها محكومة بنظام من العلاقات التركيبية دقيق ومحدد، لكنه من حيث المعاني التي يمكن أن يعبر عنها غير محدد والسبب في ذلك يرجع إلى أن المعاني المعبر عنها بالتقديم والتأخير صنفان: معان ترتبط بالعلاقات الداخلية لوحدات الجملة في السياق اللغوي ولا تتعدّاها، ولذلك فهي معان محصورة ومحددة، وقد تكلم عنها البلاغيون ووضعوا لها القواعد فيما انصرف عنها النحاة وأهملوها، ومعان لا حصر لها ولا حدّ لأن العبارة ترتبط فيها بسياق المقام الذي تتعدد فيه أحوال التعبير بتعدد المتخاطبين وتعدد ظروف تخاطبهم. وفيما يلي نستعرض بعضاً مما يمكن أن تحمله صور التقديم والتأخير من الأغراض والمعاني في ضوء العلاقات الداخلية للنظام النحوي المفتوح(50):‏

ـ تقديم الخبر المفرد على المبتدأ، ومن أغراضه التعبيرية: 1ـ التخصيص كقولهم: «قائم زيد» إذا كان المتكلم يريد تخصيص القيام بزيد خلافاً لقولهم: «زيد قائم»؛ والمعتبر في ذلك أن المتكلم لا يريد مجرد الإخبار عن زيد أنه قائم وإنما يريد أنه قائم وليس قاعداً مثلاً. 2ـ الافتخار كقولهم: «تميمي أنا» فثمة فرق بين قولهم «أنا تميمي» و«تميمي أنا»، فالأولى إخبار عن نفسه، والثانية فللفخر بنفسه، وبقبيلته. 3ـ التفاؤل أو التشاؤم كقولهم: «ناجح زيد!» و«مقتول إبراهيم».‏

ـ تقديم الخبر الظرف والجار والمجرور، ومن أغراضه التعبيرية: 1ـ الاختصاص والحصر نحو قوله تعالى:?لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ? [التغابن:1] قُدّم الجار والمجرور ليدل بتقديمهما على معنى اختصاص الملك والحمد بالله عز وجل لا بغيره. 2ـ مراعاة المشاكلة لرؤوس الآي وهذا كقوله تعالى: ?وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ? [القيامة: 22 ـ 23] ليطابق قوله (باسرة) و(فاقرة).‏

ـ تقديم المبتدأ على الفعل، ومن أغراضه التعبيرية: 1ـ التخصيص أو الحصر، مثل قولك «سعيد أعانني»؛ وبيان ذلك أنك إذا قلت «أعانني سعيد» كان إخباراً ابتدائياً، والمخاطَب خالي الذهن، فإن قلت «سعيد أعانني» فقد خصّصت سعيداً بالإعانة وقصرتها عليه، وذلك بأن كان المخاطب يظن أن الذي أعانك خالد مثلاً. 2ـ تحقيق الأمر وإزالة الشك من ذهن السامع، كقولك «هو يغيث الملهوف» لمن يظن أنه لا يفعل ذاك فأنت لا تريد أن تقصر إغاثة الملهوف عليه وتحصرها فيه، ولكنك أردت أن تزيل الشك من ذهن السامع. 3ـ التعجيل بالمسرة أو المساءة، كقولك: «أبوك عاد!» لمن كان أبوه غائباً، وقولك: «السفاح حضر!». 4ـ تعظيم المقدّم أو تحقيره، كقولك: «السلطان حضر!»، وقولك: «الغبي جاء!». 5ـ التعبير عن الغرابة في أمر المقدّم كقولك: «المقعد مشى!»، أو«الأخرس نطق!».‏

ـ تقديم المفعول على الفاعل، ومن أغراضه التعبيرية: ـ الاعتناء بأمر المقدّم كقولك: «أعان خالداً محمدٌ» إذا كان المخاطب يعنيه أمر خالد وكانت دلالة سياق الكلام تنصبّ عليه، وكقوله تعالى:?وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ? [هود67] تقدم على الفاعل المفعول وهو «الذين ظلموا» لأن الكلام، في الآية الكريمة، عليهم وعلى عاقبتهم.‏

ـ تقديم المفعول على الفعل، ومن أغراضه التعبيرية: 1ـ الاختصاص، كقوله تعالى: ?إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ? [الفاتحة:5] أي نخصك بالعبادة والاستعانة، بخلاف قولنا «نعبد إياك» الذي يدل على الإقرار بعبادة الله ولا يمنع من عبادة غيره. 2ـ رد الخطأ في التعيين، كقولك: «زيداً عرفت» لمن اعتقد أنك عرفت إنساناً غير زيد. 3ـ التعجب، كقولك: «ديناراً أعطى خالدٌ!» إذا كانت مثل هذه الحادثة مستغربة كأن يكون أكثر من أن يُعطيه خالد، أو أقل فيكون مثار تعجب. 4ـ المدح والثناء، كقوله تعالى: ?وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ? [الأنعام: 84] فهذا ليس من باب التخصيص والحصر إذ ليس معناه ما هدينا إلا نوحاً من قبل، وإنما هو من باب المدح والثناء. 5ـ التعظيم، كقولك لمن سأل الله «عظيماً سألت»، وغيرها من المعاني والأغراض.‏

هذه بعض الأمثلة والتأخير، وغيرها كثير(51)، أردنا أن نبين من خلالها مدى ما يمكن أن تتحلى به الجملة العربية من المرونة في التركيب، ومن التوسع في دلالات الكلام، ومن الدقة في التعبير عن المعاني المتباينة داخل التراكيب والسياقات المتشابهة، وهو ما تفتقر إليه الكثير من اللغات البشرية.‏

ومما يبدو جديراً بلفت النظر إليه، عند التعرض لظاهرة التقديم والتأخير في اللسان العربي، الإشارة إلى خاصية الإعراب باعتبارها قرينة كبرى تحصل بها إمكانية التوسع بالتقديم والتأخير، وتمتنع بوجودها قرينة الرتبة إلا فيما يدخل على التركيب من الطوارئ، فقد يطرأ على الرتبة غير المحفوظة ما يدعو إلى حفظها مما يُخشى معه اللبس مثل «ضرب موسى عيسى»: فالطارئ هنا هو غياب العلامة الإعرابية وقد يكون الطارئ مخالفة حكم من أحكام الباب كالتقديم الواجب في الخبر في مثل قولنا: «عندي درهم» لورود المبتدأ نكرة والأصل فيه أن يعرّف، وكورود الفاعل ضميراً في مثل قولنا: «زرت محمداً».‏

3 ـ 1 ـ 2 أثر الإعراب في تأويل المعاني وتوجيهها:‏

قد يرجع انفتاح المعاني في التراكيب والعبارات إلى ما يستدعيه نظامها التركيبي من الحركات الإعرابية المختلفة، وذلك في ضوء ما تنفتح عليه الأبنية النحوية للجملة العربية من مختلف التقديرات والوجوه الاحتمالية إن على المستوى التركيبي أو الاستبدالي، وفي ضوء ما تتحلّى به تلك الأبنية من مرونة في التركيب بسبب التقديم والتأخير. وإن في ذلك من المرونة والتوسع ما يمكّن المتكلم من التعبير عن مختلف المعاني التي يريدها والأغراض والحجات التي يقصدها. ولنتأمل الأمثلة التالية:‏

ـ قرأت الكتابَ حتى خاتمتَه.‏

ـ قرأت الكتابَ حتى خاتمتُه.‏

ـ قرأتَ الكتاب حتى خاتمتِه.‏

لا نجد في هذه الأمثلة من الفرق في المبنى إلا ما كان من تغير في حركة التاء من (خاتمته)، لكنه فرق ينجم عنه تغيير واضح في المعنى؛ في الجملة الأولى (خاتمتَه) لفظ معطوف على (الكتابَ)، وفي الثانية (خاتمتُه) مبتدأ من جملة استئنافية تقديرها: (... حتى خاتمتُه قرأتها) والمعنى في الجملتين الأوليين: قرأت الكتاب وقرأت كذلك خاتمته، وفي الثالثة (خاتمتِه) اسم مجرور بـ «حتى» التي تكون للغاية، والمعنى: قرأت الكتابَ إلى غاية خاتمتِه إما بتقدير معنى للغائية تكون فيه الخاتمة مشمولة في المقروء، وإما بتقدير تكون فيه الخاتمة غير مشمولة في المقروء(52). وفي المثالين التاليين:‏

ـ أنا مكرمُ أخيك.‏

ـ أنا مكرمٌ أخاك.‏

لا نلاحظ من الفرق في المبنى غير وجود التنوين في حركة الضم على آخر (مكرمٌ) في المثال الثاني، وعدم وجود التنوين في حركة آخر (مكرمُ) من المثال الأول: ومما ترتب على ذلك، من حيث التحليل الإعرابي، علامة النصب على المفعولية في (أخاك) بصفته معمول اسم الفاعل (مكرمٌ) منوّن الضم في الآخر بعد ما كان مجروراً على الإضافة بصفته معمول المضاف (مكرمُ) غير منوّن الضم في الآخر. أما من حيث المعنى فالفرق واضح؛ في الأول كلام عن حدث مضى فيه وصف للمتكلم بأنه مكرمُ أخي المخاطب، وفي الثاني كلام عن حدث لم يقع بعدُ يَعِد فيه المتكلم المخاطَب بأنه سيكرم أخاه.‏

ولعلّ أحسن نموذج يمكن أن تُبرز به هذه الظاهرة النحوية المتميزة في اللسان العربي هو اختلاف الأداء في القراءات القرآنية وما ينجم عنه من تعدد في الوجوه، وما يرتبط بتلك الوجوه من توجيهات دلالية وتأويلات نحوية مختلفة عدَّها علماء القراءات شرطاً من شروط صحة القراءة(53).‏

ومن أمثلة الاختلاف بين القراء اختلافهم في قوه تعالى: ?وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ? [النساء: 1]. «قرأ حمزة: «والأرحامِ» خفضاً. وقرأ الباقون: «والأرحامَ» نصباً. والمعنى [أي عند من قرأ بالنصب]: اتقوا الأرحام أن تقطعوها، أي صلوها [...] ومن قرأ «والأرحامِ» فالمعنى: تساءلون به وبالأرحام»(54). واختلفوا في قوله تعالى: ? فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى? [الكهف: 88]. «قرأ حمزة والكسائي وحفص «فله جزاءً الحسنى» منوناً منصوباً. والمعنى: فله الحسنى مجزياً بها جزاءً، فالنصب على التقديم والتقدير. وقرأ الباقون: «فله جزاءُ الحسنى» بالرفع والإضافة، فالحسنى على هذه القراءة تحتمل أن تكون الطاعة. المعنى: فله جزاء إحسانه، أي له جزاءُ الأعمال الحسنى. ويُحتمل أن يجعل «الحسنى» الجنة ويكون الجزاء مضافاً إليها»(55) وغير هذين المثالين كثير في وجوه القراءات مما يُبرز أثر اختلاف الحركة الإعرابية في اختلاف المعاني.‏

ولمزيد من البيان لأثر الحركة الإعرابية في انفتاح الكلام وتوجيه معانيه نستعرض نصاً لعبد القاهر ينتقد فيه تحليل النحاة لبيت من الشعر على غير مراد الشاعر تعسفاً. يقول:‏

«ومن العجيب في هذا المعنى قول أبي النجم:‏

قد أصبَحَت أم الخيار تدّعي‏





عليَّ ذنبا كلُّه لم أصنع‏



قد حمله الجميع على أنه أدخل نفسه من رفع «كلّ» في شيء إنما يجوز عند الضرورة من غير أن كانت به ضرورة. قالوا لأنه ليس في نصب «كلّ» ما يكسر له وزناً أو يمنعه من معنى أراده. وإذا تأملت وجدته لم يرتكبه، ولم يحمل نفسه عليه إلا لحاجة له إلى ذلك، وإلا لأنه رأى النصب يمنعه ما يريد، وذاك أنه أراد أنها تدّعي عليه ذنباً لم يصنع منه شيئاً البتة لا قليلاً ولا كثيراً، ولا بعضاً ولا كلا. والنصب يمنع من هذا المعنى، ويقتضي أن يكون قد أتى من الذنب الذي ادّعته بعضه، وذلك أنا إذا تأملنا وجدنا إعمال الفعل في «كل»، والفعل منفي لا يصلح أن يكون إلا حيث يراد أن «بعضاً» لم يكن. نقول: (لم ألق كل القوم ولم آخذ كل الدراهم)، فيكون المعنى أنك لقيت بعضاً من القوم، ولم تلق الجميع، وأخذت بعضاً من الدراهم وتركت الباقي، ولا يكون أن تريد أنك لم تلق واحداً من القوم ولم تأخذ شيئاً من الدراهم. وتعرف ذلك بان تنظر إلى «كلّ» في الإثبات وتتعرف فائدته فيه»(56).‏

وكأن عبد القاهر يريد أن يقول، بملاحظته النقدية الدقيقة في هذا النص، أن إعراب الجمل وتحليل وظائفها لا ينبني على ما تضعه ـ لضبطها ـ قوانين النظام النحوي من تحديدات نهائية مغلقة بقدر ما ينبني على اختيارات أصحابها الذين نظموها وما يرتبط باختياراتهم من أغراض ومقاصد. ويبدو أن تفسير ذلك يرجع على أن لكل صورة من الصور المبنوية في النظام المغلق ما يقابلها في النظام المفتوح من الوجوه المعنوية المتعددة بتعدد الفروق المبنوية القائمة في تنوعات تلك الصور، وبتعدد الأحوال والظروف المحيطة بإنتاج الكلام، وهو ما يشكل في كل لغة حدود الطاقة التعبيرية في نظامها البياني الخاص ومنطقها النظْمي المميز.‏

3 ـ 1 ـ 3 أثر قرائن السياق اللغوي في توجيه المعاني النحوية:‏

لا يخفى على المتتبع لخصائص أبنية التراكيب في الجملة العربية ما تتضمنه من أثر واضح للقرائن السياقية في توجيه معانيها النحوية على ما تقتضيه أغراض المتكلمين ومقاصدهم. ومن الشواهد الدالة على انفتاح النظام المبنوي على القرائن السياقية في النحو العربي الظواهر التالية:‏

ـ حركيةُ التعبير عن دلالة الزمن في الفعل العربي؛ تظهر هذه الحركية في تعلق صيغة الفعل بدلالتين زمنيتين: إحداهما دلالة صرفية صيغية افتراضية virtuelle ترتبط باللغة أكثر مما ترتبط بالكلام، والأخرى دلالة نحوية مفتوحة على السياق بنوعيه (الداخلي والخارجي) ومتحققة actualize بفعل القرائن التي تقتضيها أغراض الكلام؛ ففي صيغة «يكتبْ» مثلاً من قولنا: «لم يكتبْ محمدٌ درسَه» دلالتان زمنيتان: دلالة صيغية صفية هي دلالة المضارع بزمنه الافتراضي الدال على الحال أو الاستقبال، ودلالة نحوية متحققة بدخول «لم» على الصيغة هي دلالة المضي، وفي قوله تعالى: ?فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ? أخذ الفعل «قرأ» دلالة الاستقبال مع أن صيغته الصرفية تدل على الزمن الماضي، وذلك لاقترانه بـ«إذا».‏

ومن هنا تبرز خصوصية زمن الفعل العربي في أنه ذو نظام مفتوح يقوم على توزيع قرائني يستمد قيمه النحوية من تأثيرات السياق الداخلية والخارجية وليس مجرد زمن صيغي temps modal ترتبط دلالته بالصيغة ارتباطاً مبنوياً مغلقاً كما هو الحال في نظام زمن الفعل الفرنسي الذي تتحدد في دلالة الزمن ـ أساساً ـ بحسب الدلالة الصيغية والشكلية للفعل(57)؟ وقد كان هذا الانغلاق سبباً في كثرة صيغ أزمنة الفعل الفرنسي وأشكاله في مقابل الفعل العربي الذي يبدو مفتقراً إلى الأزمنة الصيغية الصرفية بينما تكثر فيه الأزمنة النحوية وتتعدد بتعدد جهات زمن الفعل الموكلة إلى القرائن السياقية(58).‏

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهر السوسن
عضو شرف
عضو شرف
زهر السوسن

القيمة الأصلية

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
879

نقاط :
1493

تاريخ التسجيل :
17/10/2012


خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه Empty
مُساهمةموضوع: رد: خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه   خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه I_icon_minitime2012-11-23, 01:19

ـ ارتباط المعاني الكلية في الجمل والأساليب بما تتضمنه تراكيبها من القرائن السياقية التي يرجع إليها الفضل في تحديد الدلالة وتوجيهها. وههنا نرجع، مثلما تقدم الوعد به، إلى التفصيل في مظاهر الانفتاح في النظام النحوي عند تمام حسان وهو ما يتمثل في مجموعة المعاني النحوية العامة التي يسميها معاني الجمل أو الأساليب. ومن أسباب الانفتاح في هذه المعاني أنها تُستمد من المعاني الكلية للجمل والأساليب وليس من وحداتها الجزئية، وأنها لا تستند إلى أوضاع ثابتة في الألفاظ والمباني وإنما تستند إلى علاقات تركيبية متغيرة بتغير الوحدات وبتغير القرائن المصاحبة لها.‏

وللإمام الشاطبي، في موافقاته، نص يتناول فيه إشارة دقيقة لاختلاف العربية عن لغات العجم من جهة خصوصيتها في القدرة على التوسع في معاني الجمل باختلاف القرائن الداخلة عليها، يقول فيه:‏

«للغة العربية ـ من حيث هي ألفاظ دالة على معانٍ ـ نظران: أحدهما: من جهة كونها ألفاظاً وعبارات مطلقة، دالة على معانٍ مطلقة، وهي الدلالة الأصلية. والثاني: من جهة كونها ألفاظاً وعبارات مقيدة، دالة على معان خادمة وهي الدلالة التابعة. فالجهة الأولى هي التي يشترك فيها جميع الألسنة، وإليها تنتهي مقاصد المتكلمين، ولا تختص بأمة دون أخرى [...] وأما الجهة الثانية فهي التي يختص بها لسان العرب [...] وذلك أنك تقول في ابتداء الإخبار «قام زيد» إن لم تكن ثمة عنايةٌ بالمخبر عنه بل بالخبر، فإن كانت العناية بالمخبر عنه قلت «زيد قام»، وفي جواب السؤال أو ما هو مُنْزَل تلك المنزلة «إن زيداً قام»، وفي جواب المنكر لقيامه «والله إن زيداً قام»، وفي إخبار من يتوقع قيامه أو الإخبارَ بقيامه «قد قام زيد» أو «زيد قد قام»، وفي التبكيت على من ينكر «إنما قام زيد». ثم يتنوع أيضاً بحسب تعظيمه أو تحقيره ـ أعني المخبر عنه ـ وبحسب الكناية عنه والتصريح به، وبحسب ما يُقصد في مساق الأخبار، وما يعطيه مقتضى الحال، إلى غير ذلك من الأمور التي لا يمكن حصرها. وجميع ذلك دائر حول الإخبار بالقيام عن زيد»(59).‏

بشيءٍ من التأمل في هذه الأمثلة التي ساقها الشاطبي يتبيّن لنا أن للسان العربي قدرة على تلوين التعبير وتنويعه بوجوه معنوية تختلف باختلاف ما تحتمله الألفاظ من القرائن السياقية المحيطة بها؛ فبالإضافة إلى المعنى النحوي للتقديم والتأخير هنالك معاني الخير التي يكون سبب تحصيلها انفتاح العبارة على السياقين الداخلي والخارجي: في الداخلي يكون الخبر إما ابتدائياً لا يُحتاج فيه إلى مؤكد (زيد قام، أو قام زيد)، وإما طلبياً إذا كانت حاجة التعبير إلى مؤكد واحد (إن زيداً قام)، وإما إنكاريا إذا كانت حاجة التعبير إلى أكثر من مؤكد (والله إن زيداً قام). وفي الخارجي يرجع اختيار القرينة اللفظية المناسبة للوجه المعنوي المقصود ـ في هذه الأضرب الثلاثة للخبر ـ إلى ما يتوقعه المتكلم عن السامع.‏

وهنالك نص مهم لعبد القاهر يتناول فيه تنوّع الفروق المعنوية في الجمل والأساليب بما يحصل فيها من تنوعٍ في الوجوه الأدائية وفي القرائن السياقية المصاحبة لها يقول:‏

«واعلم أن ليس النظم إلا أن تضع كلامك الوضع الذي يقتضيه علم النحو، وتعمل على قوانينه وأصوله، [...] وذلك أنا لا نعلم شيئاً يبتغيه الناظم بنظمه، غير أن ينظر في وجوه كل باب وفروقه، فينظر في الخبر، إلى الوجوه التي تراها في قولك: «زيد منطلق» و«زيد ينطلق» و«ينطلق زيد» و«منطلق زيد» و«زيد المنطلق» و«المنطلق زيد» و«زيد هو المنطلق» و«زيد هو منطلق» [...] وينظرَ في الحروف التي تشترك في معنىً، ثم ينفرد كل واحد منها بخصوصية في ذلك المعنى، فيضع كلاً من ذلك في خاص معناه، نحو أن يجيء بـ «ما» في نفي الحال، وبـ«لا» إذا أراد نفي الاستقبال، وبـ«إن» فيما يترجح بين أن يكون وأن لا يكون، وبـ «إذا» فيما علم إنه كائن، وينظر في الجمل التي تُسرد فيعرف موضع الفصل فيها من موضع الوصل، ثم يعرف فيما حقه الوصل، موضعَ «الواو» من موضع «الفاء»، وموضع «الفاء» من موضع «ثمّ»، وموضع «أو» من موضع «أم»، وموضع لكن من موضع «بل». ويتصرف في التعريف والتنكير، التقديم والتأخير في الكلام كله، وفي الحذف والتكرار، والإضمار والإظهار، فيضع كلاً من ذلك مكانه، ويستعمله على الصحة وعلى ما ينبغي له»(60).‏

3 ـ 1 ـ 4 انفتاح المعنى الصرفي في السياق اللغوي:‏

قد تخرج الصيغة عن معناها الصرفي الأصلي إلى معان فرعية ينفتح بها الكلام على أغراض تعبيرية خاصة، وهو ما يمثل جهات الانفتاح في المستوى الصرفي وإن كان ورودها في الاستعمال قليلاً بالقياس إلى جهات الانفتاح في النظام النحوي؛ ذلك أن «التصريف نظر في ذات الكلمة والنحو نظر في عوارضها»(61)، أي ما يعرض لها من معان تتغير بتغير السياقات والمقاصد.‏

والحقيقة أن الفرق بين جهات الانغلاق وجهات الانفتاح في الدرس الصرفي هو نفسه الفرق بين المعاني الصرفية العامة والمعاني الصرفية الخاصة؛ فكلما تعلق الحكم الصرفي بمبدأ نموذجي عام ارتبط تنفيذه بقاعدة كلية يكون من أبرز سماتها أن تنغلق على مجموعة من الظواهر المتشابهة أو الوحدات المتشابهة لا تتعداها، وهذا ما يتجلى في معظم ما حكم به الصرفيون في نتائج استقراءاتهم وتحليلاتهم، ومن الأمثلة على ذلك قول الصرفيين: كل فعل على وزن «فعَّل» يكون المصدر منه على وزن «تفْعِيل» مثل عَجَّل تعْجِيل، وكَرَّمَ تكْرِيم، وقَدَّر تقْدِير... إلخ، وقولهم: كل فعل غير ثلاثي يصاغ منه اسم الفاعل بإبدال حرف المضارعة منه ميماً مضمومة وكسر ما قبل آخره مثل: «مُتَعَلِّمٌ» من الفعل «تَعلَّمَ»، و«مُكْرِم» من «أَكْرَمَ»، و«مُسْتَخْرِج» من «اِسْتَخْرَجَ»... إلخ. ويبرز الانغلاق في مثل هذه الأحكام من جهتين: 1 ـ من جهة التعميم الذي تتسم به القاعدة الكلية؛ فالحكم العام يفترض استغراقاً محصوراً لسائر الظواهر المتشابهة أو الوحدات بحيث لا تخلو واحدة من الدخول فيه، كما لا يمكنه أن ينطبق على غيرها مما لا يشبهها أو لا يربطها به علة أو سبب. 2 ـ من جهة التزام المتكلم بالحكم وامتناعه من التصرف فيه أو تغييره إلا ما كان من تغيير يوافق السائد في الاستعمال العربي، وبغير ذلك تنتفي المواضعة وتتشوش معالم الفهم والتواصل.‏

وكلما تعلق الحكم الصرفي بحالة خاصة كانت الدلالة الصرفية دلالة مفتوحة لأنها لا تكون، حينئذٍ، مرتبطة بقاعدة كلية ولا بدلالة صرفية نموذجية، وإنما ترتبط بحاجة تعبيرية فردية خاصة، ويبرز الانفتاح ههنا في حرية المتكلم حينما يتصرف في صيغ الكلام بما يخرج بها عن الأصل ولكن في ضوء ما يسمح به النظام وتقره المواضعة والاستعمال، وذلك بأن ينقص أو يزيد في مبنى الوحدة من الحروف والحركات ما يقتضي التعبير عن معنى خاص يريده مثل استعمال أسلوب الترخيم. فقولهم: «يا أحمَ» يكون الغرض منه إما الفراغ من النداء بسرعة، أو إظهار عجز المتكلم عن إتمام بقية حروف المنادى لمرضه مثلاً(62) أو إظهار الود والتحبب، ومثل إطالة حركة من حركات الاسم عند النداء كقولنا «محمّاد» إذا كان بعيداً، وذلك بغرض إسماعه، أو بأن يستعمل المتكلم صيغةً من الصيغ في غير معناها الصرفي الذي وضعت له. ومن الأمثلة على ذلك صيغة «فاعل» التي يكون الأصل فيها أن تؤدي معنى المفاعلة وهو ما يكون من اثنين من البشر، ولكن قد تأتي المفاعلة من واحد في كلام العرب، قالوا: طَارَقْتُ النَّعْلَ، وداويتُ المريض، وعاقبتُ اللصَّ(63). ومنه كذلك استعمال صيغة اسم الفاعل للدلالة على معنى اسم المفعول «والعرب تفعل ذلك في المدح والذم فتقول: هذا ليل نائم، وسر كاتم، وماء دافق»(64)، كما في قوله تعالى: ?فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ? أي مرضية [الحاقة: 21] وكما في قول الحطيئة يهجو:‏

دعِ المكارمَ لا ترْحَل لبُغيتِها‏





واقعُد فإنَّك أنت الطَّاعمُ الكاسي‏



أراد المطعوم المكسو، فجعل اسم الفاعل بدل اسم المفعول بقصد التعبير عن التهكم والاستهزاء.‏

وقد نجد في العربية صيغا مختلفة في أبنيتها الصرفية لكنها تؤدي معنى واحداً، كما في نزّل وأنزَل، ومسَّها وماسّها، وفدَى وفادَى، وغيرها، وفي هذا مظهر من مظاهر الخروج من معطيات النظام الصرفي المغلق. ومن اللغويين من يُرجع اختلاف هذه الصيغ إلى اختلاف لغات العرب كما في حَزَنَه وأحْزَنه؛ فحزنه لغة قريش وأحزنه لغة تميم. ويرى بعض اللغويين وبعض موجهي القراءات أن هذه الصيغ تختلف في معانيها كذلك(65)، وهو اختلاف يتبع معطيات النظام الصرفي المغلق مثلما بيّناه.‏

3 ـ 2 ـ مظاهر الانفتاح في السياق المقامي:‏

يتعلق هذا المستوى بمجال المعنى المقامي، وهو مجال «الخيار الذي يُقْدم عليه المستعملون في جميع التصرفات اللسانية [...] ويمكن أن يكون هذا الخيار واعياً أو غير واعٍ: لكنه يشكل انزياحاً [...] بين اللسان [اللغة] وتحقيقه الشخصي المكون من الكلام»(66).‏

ويمكن القول إن مجال المعنى المقامي تتضافر في إنجازه سائر الأحوال والقرائن المصاحبة لإنتاج الكلام وهو مما ينفتح على أصناف وعوالم من الدلالة لا حصر لها ولا نهاية؛ فإذا كانت المباني (القرائن اللفظية) والمعاني النحوية الخاصة (القرائن المعنوية، ومعاني الأبواب) محدودة في النظام النحوي العربي مما يشير إلى انغلاق النظام على ما بيّناه في المباحث السابقة فإن المعاني النحوية العامة ـ مع ما يرتبط بها من القرائن اللغوية والمقامية ـ «كثيرة ليس لها غاية تقف عندها، ونهاية تجد لها ازديادا بعدها»(67) «ومن هنا يستطيع المتكلم في كل جماعة لغوية أو يولد عدداً لا نهاية له من الجمل التي لم ينتجها ولم يتلقَّها من قبل باستعمال عدد محدود من المباني»(68). والسبب في ذلك يرجع إلى أن تحويل الأبنية المفترضة إلى تحقيق كلامي ملموس يرتبط بأوضاع فردية مخصوصة. ومن ههنا يصبح مبدأ التحقيق في ظل التنوعات الفردية والمقامية لكل خطاب شرطاً لازماً لانفتاح المعنى المقامي. «إن المفهوم الافتراضي لشيء أو قضية أو صفة يجب أن يكون ـ حتى يُعد متحقّقاً، ويكون لفظاً صالحاً للتلفظ Enonciation ـ محدداً بتمثيل فعلي لدى الشخص المتكلم، أي بتمثيل فردي»(69).‏

نلاحظ ههنا أن انفتاح معاني النحو يحدث بسببين اثنين: الأول هو التغيرات التي تطرأ على المعطيات الداخلية للنظام مثل التقديم والتأخير، وقرائن السياق اللغوي المختلفة مثلما بيناه في المباحث السابقة، والثاني هو ظروف المقام وأحواله؛ ففي قولنا مثلاً: (زيد في الدار) «إخبار أولي يكون فيه المخاطَب خالي الذهن، فإذا قلت: «(في الدار زيد) كان المعنى إن المخاطَب ينكر أن يكون زيد في الدار، أو يظن أنه في المكتب مثلاً، فتقول له: (في الدار زيد لا في المكتب). فهذا من باب الاختصاص»(70): فانفتاح العبارة ههنا ليؤدي معنى الاختصاص تسببت فيه العلاقة السياقية «النظامية» في تقديم الخبر شبه الجملة على المبتدأ. أما عبارة «زيد في الدار» التي حافظت على رتبتها الأصلية فلم تتعرض لتغيير بالتقديم والتأخير، ولا لزيادة أو حذف فبإمكانها أن تنفتح على غرض تعبيري خاص سببه الظروف المقامية المحيطة به، فقد تكون جواباً عن سؤال (أين زيد؟)، كما قد تكون عبارة (في الدار زيد) جواباً عن سؤال (من في الدار؟) وليس من باب الاختصاص، وقد تكون بغرض التعجب والاستنكار إذا كان المخاطب لا يتوقع (أو لا يحب) أن يكون زيد في الدار، في هذه الحالة تؤدّى العبارة أداءً تنغيمياً يختص بمعنى الاستنكار، ومعروف أن التنغيم قرينة من قرائن السياق المقامي وليس وحدة من وحدات النظام الداخلية، ولا قطعة من قطعه الصوتية أو الصرفية أو النحوية الدالة.‏

ويرتبط بالسياق المقامي جميع الأساليب وإن بدت في ظاهر نظمها مرتبطة بالسياق الداخلي «لأن الأساليب إنما تُستخدم على النحو الذي تتطلبه مناسبات القول، وحال المخاطب فيها، فلا توكيد دون أن تُشعر حالُ المخاطب بحاجتها إلى التوكيد، ولا نفي دون أن يُلاحظ ما في نفس المخاطب من أحاسيس ساورته خطأً مما اقتضى المتكلم أن يسعى لإزالة ما علق في ذهنه منها بأسلوب النفي [...] ولا استفهام دون أن يُراعى فيه مقتضيات الأحوال، ومتطلبات القول»(71).‏

وقد يكون انفتاح معاني النحو ـ بتأثير الفعل الفردي في السياق الخارجي ـ بخروج الأساليب النحوية من معانيها الأصلية إلى معان فرعية تستدعيها أغراض تعبيرية خاصة مثل خروج الاستفهام من معناه الحقيقي إلى استفهام بغرض التعجب، أو الاستنكار، أو التهديد، أو غيرها، وخروج الأمر من طلب الفعل على وجه الإلزام والوجوب إلى طلبه على وجه النصيحة، أو التهديد، أو الاستهزاء، أو الدعاء، أو الاستعطاف، أو غيرها من المعاني. فهذه كلها معان لم تحدث بتأثير المعطيات الداخلية للنظام ولكن بتأثير إرادة المتكلم وفعله الفردي في ضوء علاقته بالمخاطب وبالظروف المقامية المحيطة بالخطاب.‏

وهنالك ظواهر أخرى تدل على انفتاح معاني النحو العربي بتأثير خارجي (مقامي) مصدره القيم العرفية الماثلة في التوضعات الثقافية والدينية للمجتمع. «فعلى سبيل المثال، الذي يجعل (أو) للتخيير ـ وهو ما يمتنع فيه الجمع نحو (تزوج هنداً أو أختها) ـ أو يجعلها للإباحة ـ وهي ما يجوز فيه الجمع نحو (جالس العلماء أو الزهاد) ـ إنما هو الدلالة الملابسة للكلام. ففي عبارة (جالس العلماء أو الزهاد) لا يوجد مانع من الجمع بين مجالسة العلماء والزهاد معاً»(72). ومن أمثلة التأثير الخارجي (المقامي) دلالة زمن الفعل حينما ترتبط بمقام المتكلم فيما سماه النحاة بصيغ العقود (عقود البيع والزواج وغيرها): مثل قول الولي لخاطب ابنته «زوجتك ابنتي»، وقول الخاطب: «قبلت الزواج منها»: فالفعلان «زوجت»، و«قبلت» انفتح التعبير فيهما على دلالة زمن الحاضر رغم أن صيغتيهما تدلان دلالة صرفية افتراضية على زمن الماضي. وسبب الانفتاح ههنا هو ملابسة الكلام لمقام خاص هو إبرام عقد الزواج.‏

ومما يمكن أن يُعَد ظواهر للدلالة في مجال المعنى المقامي العبارات الإشارية التي تتعلق بالمقام بشكل مباشر، (انظر إلى هذه الشجرة، ارفع يدك هكذا، التقوى ههنا..)، وظواهر التنغيم، وحركات الجسم الدالة (كإشارة اليدين، وتعبيرات الملامح، وغمزات العين، وغيرها)، وعبارات الأسلوب الفني عند الشعراء والأدباء مما ينزع إلى الغموض والانزياح ضمن مقامات فنية خاصة تقوم على المواضعة المغلقة، والسبب في ذلك أن جملها تكون مقبولة في الاعتبار النحوي وغير مقبولة في الاعتبار الدلالي.‏

وفي ضوء ما سبق نخلص إلى أن في النظام البياني للسان العربي ثلاثة أنواع من معاني الكلام هي:‏

1 ـ معان صورية افتراضية virtuels متعلقة بالألفاظ وتراكيبها من حيث أصول ونماذج، وهي معان خاصة بنظام اللسان العربي (ويقابلها ما يكون خاصاً بكل لغة على حدة) ويمثلها مستوى المغلق في المبنى والمعنى.‏

2 ـ ومعان مادية متحققة actualisés تنتج عن ظاهرة تنتج عن ظاهرة تحويل اللغة إلى كلام، ويتم تحقيقها في ضوء العلاقات الداخلية للنظام اللغوي ولكن عبر مستوياته المفتوحة على السياق، وهي كذلك معان خاصة باللسان العربي (ويقابلها ما يكون خاصاً بكل لغة على حدة).‏

3 ـ ومعان مادية ترتبط بمستوى المعنى المفتوح على سياق المقام، وهي نوعان:‏

ـ معان تتصل بمعطيات لغوية داخلية في نظام اللسان العربي إلا أن انفتاحها يرتبط بتأثيرات خارجية في المقام مثل دلالة زمن الفعل العربي لألفاظ العقود، ومثل استعمال أسلوب الاستفهام للتهديد، أو التوبيخ، أو الاستنكار، أو غيرها.‏

ـ معان عالمية ترتبط بالمقام ارتباطاً مباشراً، وتكون موجودة وجوداً واحداً في كل اللغات، وسبب ذلك أنها لا تستمد إلا من الواقع الخارج عن المدى اللغوي الذي هو واقع المقام، ولذلك فإن اللغات لا تختلف بها ولا تتفاضل: ومثال ذلك سائر المعاني التي تعكسها التجربة الإنسانية ويشترك في التعبير عنها جميع بني البشر، مثل معاني الأمر، والنهي، والاستفهام، والنداء، وطلب التخيير، والتعبير عن التعجب، والاستنكار، والاستعطاف، والتهديد، وغيرها مما لا فرق فيه بين لغة وأخرى إلا في صوره المبنوية وقواعده التنظيمية، والدليل على ذلك أن المتكلم يستطيع أن يعبر إلى من يجلس إليه ـ مهما استعصت سبل التواصل اللغوي بينهما ـ عن بعض المعاني بالإشارات ويستعيض بها عن الألفاظ والمباني، بل إن هذه المعاني ليستطيع التعبير عنها الأصم الأبكم الذي لا سبيل له إلى اكتساب اللغات والتحدث بها.‏

ويمكننا أن نشير ـ ضمن تصنيف آخر ـ إلى أن المعاني تنقسم إلى أصول وفروع، فأما الأصول فهي التي تتحدد بدلالة اللفظ ليس إلا، وهي من معطيات المواضعة (donnéessémiologiques) الخاصة بلغة من اللغات. أما الفروع فهي المعاني التي تتحدد بدلالة غير لفظية: دلالة الحال ودلالة المعنى وغيرهما، وهي تتفرع عن الأولى بعمليات تحويلية(73).‏

من خلال ما سبق يتبين لنا أن المنطق البياني في نظم التراكيب العربية يستند، في عمله اللساني fonctionnement linguistique، إلى طريقة متميزة لا نعثر لها على نظير في اللغات الأخرى خاصة حينما يتعلق الأمر بحدود قدرته على الانفتاح مثل مرونة التركيب التي ترجع إلى أثر القرائن السياقية، وإلى حرية التقديم والتأخير لوجود قرينة الإعراب أو ما ينوب عنها كقرينة المطابقة أو قرينة الدلالة، ومثل قابلية النظم للتنويع في دلالاته بمختلف الوجوه والفروق التي ترجع إلى أغراض المتكلم ومقاصده وظروفه المقامية أكثر مما ترجع إلى المكونات النموذجية للنظام المبنوي المغلق.‏

ولعل من أخص الخصائص في آلية المنطق البياني للغة العربي أن العقل الإنساني يعمل فيها بطريقة تبدو مختلفة كثيراً عن طرائق عمله في اللغات الأخرى؛ ولعابد الجابري نص حول هذه الخاصية في نظام العربية نقدّر أن في نقله كاملاً، رغم طوله، إضافة مضيئة لبعض الجوانب في موضوع هذا المقال. فهو يقول:‏

«المتكلم يفكر وهو يتكلم أو يتكلم وهو يفكر. وإذا كان هذا عاماً في جميع اللغات فإن الفرق بين اللغة العربية واللغات الأخرى التي تُكتب فيها الحركات، وتعتبر حروفاً تدخل في تكوين الكلمة، إنما نلمسه بصورة جلية واضحة عند القراءة، فنحن عندما نقرأ: «لَهُ عِلْمٌ عِلْمُ الفُقَهَاءِ» لا نستطيع النطق بهذه العبارة إلا بعد التفكير في المعنى، أي بعد اتخاذ قرار نختار بموجبه المعنى الذي نعتقد أنه قصد المتكلم، وبالتالي فإذا كان النحو في اللغات الأجنبية يساعد على النطق الصحيح لغوياً دون أن يكون لذلك كبير علاقة بتحديد المعنى الذي يقصده المتكلم، فإننا في اللغة العربية لا نستطيع قراءة النص قراءة صحيحة إلا بعد اتخاذ قرار بخصوص المعنى الذي نعتقد أن نرجح أن المتكلم يقصده دون غيره. وبعبارة قصيرة: في اللغات التي تُكتب فيها الحركات مع الحروف: نقرأ لنفهم. أما في اللغة العربية فيجب أن نفهم أولاً حتى نتمكن من القراءة الصحيحة»(74).‏

وإذا ما سعينا إلى قياس درجة الانفتاح الدلالي في التركيب العربي فسنجد أنها تعود إلى مرونة كبيرة في تصرف الألفاظ في المعاني وفي طريقة نظمها، كما تعود إلى جهد معتبر من إعمال العقل والتفكير تتداخل عبره قواعد النحو بقواعد المنطق(75): ففي تحليلنا للتراكيب العربية نتناول الوجوه المتعددة وفروقها بتقسيمها إلى جهات نحوية ومنطقية لا تخضع فيها عملية التواصل لعلاقات الترتيب النحوي الصوري «الداخلية» ولأثر الظروف المقامية الخارجية فحسب بل تخضع، كذلك، لأثر العلاقات الدلالية المنطقية أين يكون إعمال الفكر والرؤية عنصراً حاسما في تحديد المعاني وإدراك مقاصدها.‏

وحتى تستجيب العربية لهذا المستوى من العقل البياني فإنه لا ينبغي لها أن تكون جامدة على أصول ومبان، ومحدودة المباني والأبعاد، فهي لغة مفتوحة مطواعة، وقد مكنتها هذه الطواعية وهيأتها لأن تقبل كل جديد طارئ، ولأن تستوعب، باستمرار، صياغات جديدة في بعض بناها واشتاق ألفاظها، وخير شاهد على ذلك ما حدث في العربية من توسع وتجدد من والمفاهيم في زمن حركة العلوم والترجمات واقتحام العقل العربي لمجالات العلوم المختلفة(76).‏

مصادر البحث ومراجعه‏

1 ـ باللغة العربية:‏

ـ الاتجاه الوظيفي ودوره في تحليل اللغة، يحيى أحمد، مجلة عالم الفكر، المجلد العشرون، العدد 3.‏

ـ الإشكالية اللغوية في الفلسفة العربية، جيرار جهامي، دار المشرق ـ بيروت، ط1، 1994.‏

ـ البحث النحوي عند الأصوليين، مصطفى جمال الدين، دار الهجرة ـ إيراني ـ قم، ط2، 1405هـ.‏

ـ البرهان في علوم القرآن، بدر الدين الزركشي، (تح محمد أبو الفضل إبراهيم)، دار المعرفة، بيروت، ط2، 1972.‏

ـ بنية العقل العربي، محمد عابد الجابري، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ـ لبنان، ط6، 2000.‏

ـ تقدم اللسانيات في الأقطار العربية، وقائع ندوة جهوية، (عبد الرحمن الحاج صالح، المدرسة الخليلية الحديثة والدراسات اللسانية الحالية في العالم العربي) أبريل 1987 الرباط، دار الغرب الإسلامي.‏

ـ تقويم المقرر التدريسي في النحو العربي للمرحلتين الإعدادية والثانوية، عبد الجبار توامة وآخرون، طبع الدار العربية ـ غرادية / الجزائر لصالح مخبر اللغة العربية وآدابها / جامعة الأغواط، 2005.‏

ـ التوجيه البلاغي للقراءات القرآنية، أحمد سعيد محمد، مكتبة الآداب، القاهرة، ط2، 1421/2000.‏

ـ جامع البيان في تأويل القرآن، الطبري، (تح/ أحمد محمود شاكر)، مؤسسة الرسالة، ط1، 1420/2000.‏

ـ حجة القراءات، ابن زنجلة أبو زرعة عبد الرحمن بن محمد، (تح/ سعيد الأفغاني)، مؤسسة الرسالة، بيروت ـ لبنان، ط5، 1422/2001.‏

ـ الخصائص، ابن جني، (تح/محمد علي النجار)، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، (د.ت).‏

ـ دلائل الإعجاز، عبد القاهر الجرجاني، (شرح وتقديم ياسين الأيوبي)، المكتبة العصرية ـ صيدا، بيروت، 2002.‏

ـ عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك، محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، د.ت.‏

ـ في النحو العربي نقد وتوجيه، مهدي المخزومي، دار الرائد العربي، بيروت ـ لبنان، ط2، 1406/1986.‏

ـ علم اللغة في القرن العشرين، جورج مونان، (تر/ نجيب غزاوي)، مؤسسة الوحدة سوريا.‏

ـ الكتاب، سيبويه، (تح/ عبد السلام هارون)، مكتبة الخانجي ـ القاهرة، ط3، 1408/1988.‏

ـ كتاب الكشف عن وجوه القراءات السبع وعللها وحججها، مكي بن أبي طالب القيسي، (تح/ محيي الدين رمضان)، مطبوعات مجمع اللغة العربية ـ دمشق.‏

ـ كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلامي البزدوي، علاء الدين بن أحمد البخاري، (ضبط وتعليق وتخريج محمد المعتصم بالله البغدادي)، دار الكتاب العربي ـ بيروت، ط3، 1417/1997.‏

ـ اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي ط1، 1998.‏

ـ اللغة العربية معناها ومبناها، تمام حسان، دار الثقافة ـ الدار البيضاء، د.ت.‏

ـ مدخل إلى الألسنية، بول فابر وكريستيان، (تر/ طلال وهبة).‏

ـ معاني النحو، السامرائي صالح فاضل، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، عمان ـ الأردن، 2003/1423.‏

ـ مغني اللبيب، ابن هشام الأنصاري، (تح/ مازن المبارك ومحمد علي حمد الله)، مؤسسة الصادق للطباعة والنشر، ط1، 1378.‏

ـ المقتضب، المبرّد، (تح/ عبد الخالق عضيمة)، عالم الكتب، (د.ت).‏

ـ الموافقات، شرح الشيخ عبد الله دراز، دار الكتب العلمية، بيروت ـ لبنان.‏

ـ النحو والدلالة، محمد حماسة عبد اللطيف، ط1، 1983.‏

ـ نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية، مصطفى حميدة، الشركة المصرية العالمية، الجيزة ـ مصر، ط1، 1997.‏

2 ـ باللغة الأجنبية:‏

- Aborder la linguistique, Dominique Maingueneau Mémo Seuil, paris ????.‏

- Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, O.Ducrot / T.Todorov, Edt de Seuil, ????.‏

- Eléments de linguistuque générale, A. Martinet, Armand Colin.‏

- la linguistique générale et la linguistique française, Charles Bally, Editions Francke Berne, ????.‏

- La linguistique structurale, Giulio c. lepschy, Petite bibliothque payot, Paris.‏

- L'usage de la linguistique en classe de français, R.Uluerd, T?, les éditions ESF Paris.‏

- Pour aborder la linguistique, Roland Uluerd, (T?), les éditions ESF Paris.‏

- Pour une linguistique de l'énonciation, Antoine CULIOLI, T??, OPHRYS, ????.‏

- Sur quelques contradictions en linguistique, Culioli Antoinne, (leSeuil), ????.‏

3 ـ دوريات ومواقع انترنت:‏

ـ الموسوعة الشعرية (الموقع: www.cultural.org.ae).‏

ـ الاتجاه الوظيفي ودوره في تحليل اللغة، يحيى أحمد، مجلة عالم الفكر، المجلد العشرون، العدد3.‏

(1) ينظر: البحث النحوي عند الأصوليين، مصطفى جمال الدين، دار الهجرة ـ إيراني ـ قم، ط2، 1405هـ، ص 27ـ 29.‏

(2) نذكر منهم: مصطفى إبراهيم في كتابه «إحياء النحو»، ومهدي المخزومي في كتابه «في النحو العربي نقد وتوجيه»، وجعفر دك الباب في كتابه «نظرية الإمام الجرجاني اللغوية وموقعها في علم اللغة الحديث»، وكتابه «نظرة جديدة إلى فقه اللغة»، وتمام حسان الذي استطاع في كتابه «اللغة العربية معناها ومبناها» أن يخرج، في مطلع السبعينات، ببناء منهجي جديد لنظام النحو العربي جعل فيه المعنى غاية الدرس اللغوي، متأثراً بنظرية «سياق الحال» عند فيرث (Context of situation) 2، وبنظرية «النظم» عند عبد القاهر الجرجاني.‏

(3) علم اللغة في القرن العشرين، جورج مونان، (تر / نجيب غزاوي)، مؤسسة الوحدة سوريا، ص 88.‏

(4) يرتبط المظهر الحركي Aspet dynamique بمستويات مختلفة لظاهرة الانفتاح في النظام اللساني نذكر منها ما يلي: 1 ـ الانفتاح على مستوى الدراسة التطورية للغة، وهو انفتاح تتجلى حركيته في متابعة البعد الزمني التعاقبي لأنظمة اللغات. 2 ـ الانفتاح اللغوية المفترضة syntagmes virtuels إلى تعابير متحققة énoncés actualizes توجهها الأغراض والمقاصد على مستوى إنتاج اللغة في التصور اللساني للنظرية التوليدية والتحويلية، وهو انفتاح محصور بالعمل الإجرائي للغة في الأذهان وبالحركية الداخلية لقواعدها في ضوء ما تسمح به من إمكانات لتحويل الجمل الأساسية إلى جمل مشتقة يستطيع بها المتكلم المثالي أن ينتج جملاً لا حصر لها. 3 ـ الانفتاح على مستوى إنتاج اللغة عند المتكلمين، وهو ما يتجلى في تحويل التراكيب والانفعالات. وهذا المظهر الأخير هو ما تعنينا دراسته في هذا البحث.‏

(5) أمثال: هاليدي، وأ. كيليولي، وأد.ديكرو، وإ.بنفنست. وهم الذين تصب أعمالهم في الاتجاه المسمى بلسانيات التلفظ أو الملفوظية Linguistique d’énonciation. وقد نذكر كذلك لسانيي مدرسة جنيف (ش. بالي، وأ. سيشهاي، وهـ. فراي) الذين يعتبرون أول من فتح الباب لدراسة اللغة في جانبها الحركي لوظائف الكلام وملفوظيته إلا أن أعمالهم كانت تحسب ـ باعتبارهم تلاميذ دو سوسير ـ على منهج اللسانيات البنوية، وهو المنهج الذي أوصد أبوابه دون ما يتصل بمادة اللغة أو بواقعها الخارج عن المدى اللغوي ré.‏

)6( pour une linguistique de lénonciation, Antoine culioli, tol, ophrys, ???? p ??.‏

(7) نظام الارتباط والربط في تركيب الجملة العربية، مصطفى حميدة، الشركة المصرية العالمية للنشر، الجيزة ـ مصر، 1997، 01، ص 49.‏

)8( Dictionnaire encyclopédique des sciences du langage, o.Ducrotl T.Todorov, p ??.‏

)9( la linguistique générale et la linguistique, charles bally, p ??.‏

(10) ينظر:‏

ibid, p ??-??.‏

)11( La linguistique structurale c. lepschy, petite bibliotheque payot, p, 147.‏

(12) اللسان والميزان أو التكوثر العقلي، طه عبد الرحمن، المركز الثقافي العربي ط1، 1998ن ص 35 ـ 36.‏

(13) نقصد بالنحو ههنا ما يشمل القضايا النحوية والصرفية معاً مثلما هو معتمد في كتب النحاة القدامى.‏

(14) انتقد هذا التقسيم بعض المحدثين ووجدوه شكلياً غير دقيق؛ فهو من جهة يركز عنايته بالمبنى ويهمل المعنى، ومن جهة أخرى فهو لا يستوعب جميع الصور اللفظية التي يمكن أن ترجع إليها الكلم العربية. ولذلك «اقترح بعضهم أن تكون القسمة رباعية بإضافة الصفة قسماً رابعاً، واقترح آخر قسماً خامساً هو الضمير، وزاد آخر قسماً سادساً هو الظرف، وانتهى تمام حسان بالقسمة إلى سبعة بإضافة ما سماه بعض القدماء بالخوالف» (تقويم المقرر التدريسي في النحو العربي للمرحلتين الإعدادية والثانوية، عبد الجبار توامة وآخرون، طبع الدار العربية ـ غرداية /الجزائر لصالح مخبر اللغة العربية وآدابها /جامعة الأغواط، 2005، ص 18).‏

(15) يقصد بالتحديد المفهومي notionel لوحدة ما، في اللسانيات الحديثة، تعريفها بما تدل عليه من مفاهيم تربطها بالواقع الخارج عن المدى اللغوي réalité extra –linguistique كأن يُحدد الاسم بأنه ما دل على شيء أو على معنى، أو ما دل على حدث غير مقترن بزمن. (ينظر: Pour aborder la linguistique, Roland Uluerd, (T1), les editions ESF parisp 79). ويقابله التحديد اللغوي الذي يميز الوحدة بمجموعة من القرائن المتوزعة بانتظام غير محيطها اللغوي، كأن يحدد الاسم بأنه يقبل التعريف والتنوين، وأن يوصف، وأن يضاف، وأن يعرّف، وأن يُجرّ.. إلخ، ويحدد الفعل بأنه يقبل السين، وسوف، وقد، ولا يقبل التعريف، والتنوين.. إلخ.‏

(16) يُستثنى من ذلك الوحدات المسماة بالمبنيات كالأسماء الموصولة، وأسماء الإشارة، والضمائر، وسائر الأدوات لخلوها من الاشتقاق.‏

(17) ينظر: المقتضب، المبّرد، (تح /عبد الخالق عضيمة)، عالم الكتب، (د. ت)، ص 1/30، 88، 107. وينظر أيضاً: الخصائص، ابن جني، (تح / محمد علي النجار)، دار الهدى للطباعة والنشر، بيروت ـ لبنان، (د.ت)، ص 1 /180، 198.‏

(18) ينظر: الكتاب، سيبويه، (تح /عبد السلام هارون)، مكتبة الخانجي ـ القاهرة، ط3، 1408 /1988، ص 1 /17، 231، 345، وينظر أيضاً: المقتضب، المبرد، ص 1 /6. والخصائص، ابن جني، ص 1 /88.‏

(19) عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك، محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة العصرية، صيدا، بيروت، د. ت، ص
مجلة التراث العربي11
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» خصائص النحو العربي: من النظام المغلق إلى النظام المفتوح (1)
» التصريف العربي من خلال علم الأصوات الحديث د الطيب البكوش
» المبهمات في النحو العربي.. تساؤلات .. من يشارك ؟؟
» قضايا النحو العربي .
»  الاساليب الانشائيه في النحو العربي

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: النحو والصرف-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


خصائص النحو العربي من النظام المغلق إلى النظام المفتوح ـــ أ.الطيب دَبّه 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
التداولية كتاب اسماعيل النقد مدخل الحذف بلال اللسانيات الأشياء محمد النص البخاري قواعد العربي ظاهرة على الخطاب اللغة المعاصر مبادئ الخيام العربية مجلة ننجز النحو موقاي


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | انشئ منتدى | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع