اللون في القرآن الكريم(2/2)

أسماء وليد حمدون(*)
(خاص للمعهد)
:المبحث الرابع: اللون الأصفر
ورد الأصفر في القرآن الكريم خمس مرات هي:
قوله تعالى: (قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ).
قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ).
قوله تعالى: (ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ).
قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ).
قوله تعالى: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ* كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ).
إن اللون الأصفر في القرآن الكريم ورد نعتا للحيوان والجماد والنبات الذي يصفر ويجف، وصفر من الألوان معروفة في الحيوان والنبات وحكاها ابن الأعرابي في الماء أيضا، والصفرة أيضا في السواد وفي قوله تعالى: (كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ)، قال الصفر سود الإبل إذ لا يرى أسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرة، ولذلك سمت العرب سود الإبل صفرا، والأصفران الذهب والزعفران. والصفراء الذهب للونها.
وأول ما يطالعنا من موصوفات الأشياء باللون الأصفر بقرة بني إسرائيل التي وصفت على أنها (صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ)، الفقوع أشد ما يدكون في الصفرة وأنصعه وهو توكيد لصفراء، فكأنه قال شديد الصفرة. ويقال أصفر فاقع كما يقال أحمر قان، وهو نظير النصوع في البياض. وعن وهب إذا نظرت إليها خيل اليك أن شعاع الشمس يخرج من جلدها.
وفي ذكر اللون فائدة التوكيد لأن اللون اسم للهيئة وهي الصفرة فكأنه قال: شديد الصفرة صفرتها فهو من قولك جد جدّه.
ورد اللون الأصفر كذلك وصفا لشرر المتطاير من جهنم لقوله تعالى: (إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ* كَأَنَّهُ جِمَالَةٌ صُفْرٌ). إذ شبهه في لونه بالجمالات الصفر، وهي الإبل السود والعرب تسمي السود من الإبل صفرا كقول الشاعر:
تلك خليلي منها وتلك ركابي هن صفر أولادها كالزبيب
ووصف شرار جهنم بتلك الأوصاف جاءت لزيادة التهويل والترويع، إن الله شبه الشرارة أولا حين تنفصل عن النار بالقصر في العظم وثانيهما حين تأخذ في الارتفاع والانبساط فتنشق عن أعداد لا نهاية لها بالجمالات في التفريق واللون والعظم والثقل. وقيل الجمالات الصفر هي الإبل السود والعرب تسمي السود من الإبل صفرا.
قال الواحدي الصفر معناها السود في قول المفسرين، قال الفراء: الصفر سود الإبل لا يرى أسود من الإبل إلا وهو مشرب صفرة، لذلك سمت العرب سود الإبل صفرا. قيل والشرر إذا تطاير وسقط وفيه بقية من لون النار أشبه شيء بالإبل الأسود، قيل هذا القول محال في اللغة ان يكون شيء يشوبه شيء قليل فينسب كله إلى ذلك الشائب. فالعجيب لمن قال بهذا، وقد قال تعالى (جِمَالَةٌ صُفْرٌ) وأجيب بأن وجهه أن النار خلقت من النور فهي مضيئة، فلما خلق الله جهنم هي موضع النار حشا ذلك الموضع بتلك النار وبعث إليها سلطانه وغضبه فاسودت من سلطانه وازدادت سوادا وصارت أشد سوادا من كل شيء فيكون شررها أسود لأنه من نار سوداء.. ولو كان الأمر كذلك لقيل جمالات سود ولكن إذا كانت العرب تسمي الأسود أصفر لم يبق إشكال لأن القرآن الكريم نزل بلغتهم وقد نقل الثقاة عنهم ذلك. ويدل على ذلك الحديث في صفة جهنم بأنها (سوداء مظلمة) فكان ما في القرآن الكريم واردا على الاستعمال العربي.
ومن موصوفات اللون الأصفر التي وردت في القرآن الكريم النبات إذا يبس في قوله تعالى: (يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا). وقوله تعالى: (كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا).
وقد فسر اصفرار النبات بعد خضرته وهياجه (جفافه) بأنه يصبح فتاتا متكسرا. وقد كانت تلك إشارة إلى مشاهدة هذه الأحوال في النبات على أن أحوال الحيوان والإنسان كذلك إذ أنه إذا طال عمره فلا بد له من الانتهاء إلى أن يصير مصفر اللون محطم الأعضاء والأجزاء ثم تكون عاقبته الموت فإذا كانت هذه الأحوال في النبات تذكرة حصول هذه الأحوال في نفسه فحينئذ تعظم نفرته من الدنيا وهذا ما يقوي الرغبة في طاعة الله... والترغيب في الآخرة.
أما وصف الجماد بالاصفرار فهو ما وصف به الريح. إن صح التعبير أن الريح من الجماد في قوله تعالى: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا)، فقد فسر على عود الضمير (الهاء) بأنه الزرع أي رأوا أثر الريح مصفرا أو يبسه أو دليلا على أن الريح الصفراء تحمل سحابا لا يمطر أو لا تلقح. وهنا دل الله سبحانه وتعالى على حال تقلب ابن آدم بعد الاستبشار بالمطر لأن السحاب إذا اصفر لم يمطر. إن رؤية الكافرين للريح الصفراء كانت سببا في تغير حالهم إلى القنوط من رحمة الله ومبلسين، فإذا أصابهم المطر برحمة الله استبشروا، وإذا أرسل عليهم ريحا ضجوا وكفروا.
إن دلالات اللون الأصفر في آيات القرآن الكريم وردت ببعدها السلبي فهو لون حمم النار والنبات المصفر وشحوب الحياة والريح العقيم واللون الذي اختاره الله للإجابة على تعنت اليهود في الطاعة لربهم.
المبحث الخامس: اللون الأزرق:
لم يرد اللون الأزرق في القرآن الكريم إلا مرة واحدة وهي قوله تعالى: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا).
الزرقة في العين تقول زُرِقت عينه بالكسر زُرقا والزرقة البياض حيثما كان، والزرقة خضرة في سواد العين. وقيل هو أن يتغشى سوادها بياض، وتسمى الأسنة زرقا للونها، والزرقاء الخمر. والزرقم الشديد الزرق. وقوله تعالى: (وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا) قيل: معناه عطاشى، وقيل: إن هذا ليس على القصد الأول إنما معناه ازرقت أعينهم من شدة العطش. وقيل عميا يخرجون من قبورهم بصراء كما خلقوا أول مرة ويعمون في المحشر، وإنما قيل زرقا لأن السواد يزرق إذا ذهبت نواظرهم، ويقال زرقا طامعين فيما لا ينالونه. وزرقت عينه إذا انقلبت ظهر بياضها. وزرقت الناقة الرجل أي أخرته إلى الوراء فانزرق، وسمعت بعض العرب يقول للبعير الذي يؤخر حمله إلى مؤخره مزراق وردل زراق خداع.
ذكر المفسرون عدة تأويلات لازرقاق المجرمين يوم النفخ في الصور فقيل زرق العيون مع سواد الوجوه، والزرقة الخضرة في العين كعين السنور، والعرب تتشاءم بزرقة العين لأن الروم كانوا أعدى أعدائهم وهم زرق. والزراقة أسوء ألوان العين وأبغضها إلى العرب.
وحصر اللون الأزرق في المجرمين بعيونهم فهذا أمر مستبعد لأن الله سبحانه وتعالى خلق العيون الزرقاء وهي سمة جمالية ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون لونا لعيون المجرمين بوصفها عاقبة لهم لمجرد أن عيون الروم زرقاء. فالأزرق كما قال ابن عاشور: هو الذي لونه أزرق كزرقة السماء أثر الغروب، وهو في جلد الإنسان قبيح المنظر لأنه يشبه لون ما أصابته حروق نار، وظاهر الكلام أن الزرقة لون أجسادهم فيكون بمنزلة قوله تعالى: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ).
لو أجرينا مقارنة بين الدنيا والآخرة لوجدنا أن كل نعيم أو عذاب في الدنيا له نظير في الآخرة مع الفارق ففي ذكر النعيم نقرأ قوله تعالى: (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا).
فالذي رزقوا به في الدنيا من الثمرات يشبه هذا الرزق الذي رزقهم الله به في الآخرة.
وهكذا في العذاب- فهناك تشابه بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة واللون الأزرق في المجرمين هو شبيه ما يحصل من منظر قبيح للحروق التي تصيب جلد الإنسان اثر تعرضه للنار.
المبحث السادس: اللون الأحمر:
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ).
يظهر ان اختلاف الألوان هنا الذي أشارت إليه الآية منوط باختلاف العناصر الموجودة فيها نوعا وقدرا وخصوصية التكوين.
وهنا الإشارة إلى الاختلاف في الجبال هو اختلاف ألوالنها فمنها بيض ومنها ما يكون لونها أحمر، واللون الأحمر هنا جاء إشارة واضحة إلى أنه لون خاص ويمتلك استقلالية كما هو الحال في بقية الألوان الأساسية الأخرى ومنها اللون الأبيض.
أسود غربيب، وهو الذي أبعد في السواد وأغرب فيه، ومنه الغراب، والجدد هي الطرائق المختلفة الألوان، وإن كان الجميع حجرا وترابا. وقيل: إن الجدد القطع، مأخوذة من جددت الشيء إذا قطعته... والجدة الخطة التي في ظهر الحمار تخالف لونه، والجُدّة الطريقة والجمع جُدد وقوله تعالى: (وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا) أي طرائق تخالف لون الجبل. فمن الجبال جدد أي طرائق وشعاب مختلفة الألوان بيض مختلفة البياض، وحمر مختلفة حمرتها وغرابيب سود أي شديدة السواد.
والتحريات الجيولوجية تقول بأن الاختلاف في ألوان الجبال الصلبة دلالة أولية على وجود خامات المعادن المحتوية على عناصر الحديد والنحاس والرصاص والزئبق وغيرها من العناصر الكيماوية المنتشرة في هذا الكون تبعا للون المميز لهذه الخامات. إن في ألوان الجبال شبه عجيب بألوان الثمار وتنوعها وتعددها وكذلك في خلق الدواب والأنعام والناس مختلفا ألوانها كاختلاف الثمار والجبال. وترى جمال هذا الكون عنصرا مشتركا وتلك يستحق النظر والالتفات ويستشعره القلب ويتحرك به ويرى به يد الله المبدعة للألوان والتكوين والتنسيق في ذلك الكون الجميل.
إن اللون الأحمر في هذه الصورة ليسله خصوصية مميزة عن اللونين الآخرين الأبيض والأسود لأنها جميعا جاءت لتعبر عن ألوان الطبيعة وعن قدرة الله على الخلق والإبداع في خلق الأشياء المختلفة في أشكالها وهيئاتها وأحجامها وألوانها وكل شيء من مخلوقاته ينطق بعظمته فتبارك الله أحسن الخالقين.
المبحث السابع: الألوان الفرعية:
إن العربية منذ نشأتها الأولى وعبر تاريخ الحضارة العربية الإسلامية من أكثر اللغات قدرة على التعبير عن الألوان وظلالها وما أسمته بالألوان الفرعية أو الألفاظ الدالة على الإشباع والتأكيد عن الألوان. والألوان وإن كثرت أصنافها وتعددت أنواعها ترجع إلى قسمين: القسم الأول: الألوان الأصلية، والقسم الثاني: الألوان الفرعية.
ونرى في القرآن الكريم ذكر لبعض الألوان الفرعية مثل: لون الدهمة في قوله تعالى: (مُدْهَامَّتَان)، فهي وصف مشتق من:
1. الدُهمة: بضم الدال وهي لون السواد ووصف الجنتين في السواد مبالغة في شدة أشجارها حتى تكونا بالتفاف أشجارها وقوة خضرتها كالسوداوين لأن الشجر إذا كان ريان اشتدت خضرة أوراقه حتى تقترب من السواد، فورد لون الدهمة دالا على شدة اخضرار الزرع إشارة إلى ما يعنيه ذلك من النعيم والرخاء عند أهل الجنة.
2. لون الحوة: في قوله تعالى: (فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى)، والأحوى: الأسود أي النبات يضرب إلى الحوة من شدة الخضرة كالأسود.. والحوة: السواد وهو حال من (المرعى) والمعنى كأن من خضرته يضرب إلى السواد والتقدير: أخرج المرعى أحوى، ويجوز أن يكون (أحوى) صفة ﻠ(غثاء) والمعنى أنه صار كذلك بعد خضرته، قال أبو عبيدة: فجعله أسود من احتراقه وقدمه، والرطب إذا أيبس أسود. وقال عبد الرحمن بن زيد: أخرج المرعى أخضر، ثم لما يبس اسود من احتراقه فصار غثاء تذهب به الرياح والسيول، وهو مثل ضربه الله تعالى للكفار لذهاب الدنيا بعد نضارتها. فالأحوى هو الذي يضرب إلى السواد إذا أصابته رطوبة أو أن يكون أسود لشدة خضرته.
3. اللون الوردي والدهني: في قوله تعالى: (فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ)، والورد لون أحمر يضرب إلى صفرة حسنة. وقال الزجاج: (فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) أي: صارت كلون الورد، والورد يتلون فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف وأراد أنها تتلون من الفزع الأكبر كما تتلون الدهان المختلفة.
4. لون اليحموم: في قوله تعالى: (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ). واليحموم الدخان الأسود على وزن يفعول مشتقا من الحمم اسم للفحم والحممة الفحمة. وصف (ظل) بأنه (من يحموم) للإشعار بأنه ظل دخان لهب جهنم والدخان الكثيف له ظل لأنه بكثافته يحجب ضوء الشمس، والسواد القبيح منه الأحم واليحموم. فاليحموم إذن هو لون ظل أصحاب الشمال العصاة المجرمين إذا أضفى الله سبحانه وتعالى اللون الأسود على عذاب أهل النار إذ هم يعذبون (في سموم) ريح حارة من النار تنفذ في المسام (وحميم) ماء شديد الحرارة. (وظل من يحموم) دخان شديد السواد، فاليحموم هو اللون الداكن الداخن الذي أضاه الله على عذاب أهل النار، والله أعلم.
5. لون التقر: في قوله تعالى: (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ). والقترة غبرة يعلوها سواد كالدخان، والقتار ريح القدر. فهذه هي أوصاف وجوه الكفرة الفجرة يعلوها الغبار والظلمة والسواد، قاتمة حالكة الظلمة فتلك الألوان تتناسب وجو أهل النار وظلهم وحميمهم.
6. لون الحور: ورد لون الحور أو صفة الحور في قوله تعالى: (وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ)، وقوله تعالى: (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ)، والحور: أن يشتد بياض العين وساد سوادها وتستدير حدقتها وترق جفونها ويبيض ما حواليها. وقيل الحور شدة سواد المقلة في شدة بياضها في شدة بياض الجسد. وليس في بني آدم حور وإنما قيل للنساء حور العين لأنهن شبهنَ بالظباء والبقر.. وقيل الحور أن يكون البياض محدقا بالسواد.. والحوراء البيضاء لا يقصد بذلك حور عينيها. والحواريات من النساء النقيات الألوان والجلود لبياضهن. وقوله تعالى: (وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ). وهو من محاسن النساء. ونجد أن صفة (الحور) هي مجموعة من الجزئيات والألوان والانعكاسات الخلقية التي تجعل لنساء الجنة صفة الجمال والبهاء عن طريق خلق الحور في صفاتهن، والله أعلم.
(نتائج البحث)
1. إن اللون صفة أو مظهر للسطوح التي تبدو لنا نتيجة لوقوع الضوء عليها واللون نعمة كغيرها من نعم الله ووسيلة من وسائل التعبير والخطاب واللون قوة موحية تؤثر في جهازنا العصبي فيبعث فرحة لا يستهان بها عند التطلع إليه وهو شعر صامت نظمته بلاغة الطبيعة وبيانها.
2. إن اللغة العربية استوعبت دلالات اللون وتدرجاته وتبايناته المختلفة.
3. ورد في القرآن الكريم ستة ألوان رئيسة (الأبيض، الأسود، الأحمر، الأصفر، الأخضر، الأزرق).
4. ورد اللون الأبيض في عشرة مواضع لتحمل دلالة على النصوع للوجوه والنور والراحة النفسية فضلا عن حسن المنظر وهو أيضا رمز للنقاء والصفاء.
5. ورد اللون الأسود سبع مرات وهو لون غير محبوب ويرمز إلى الفراق والبعد لذلك استعمل في الحداد.
6. ورد اللون الأخضر تسع مرات تدل على الخصب والنماء والري والنعومة ويوحي سيكولوجيا بالراحة والنمو والأمل.
7. ورد اللون الأصفر خمس مرات ودلت دلالة سلبية فهو لون حمم النار والنبات المصفر وشحوب الحياة والريح العقيم وهو اللون الذي اختاره الله للإجابة على تعنت اليهود في الطاعة لربهم.
8. ورد اللون الأزرق مرة واحدة في القرآن وهو لون ناتج عن تعرض الجسم للنار أو أثر الضرب لذلك اقترنت بالمجرمين المعذبين يوم القيامة بسبب تعرضهم لنار جهنم وضرب الملائكة.
9. ورد اللون الأحمر مرة واحدة في القرآن يرمز للخطورة والشدة وهو اللون المعبر عن الحب والمودة وأطلق على البياض.
10. الألوان الفرعية لها دلالات وهي:
(‌أ) الدهمة دلت على شدة الاخضرار.
(‌ب) الحوة الأخضر المائل إلى السواد بسبب إصابته بالماء أو لشدة خضرته.
(‌ج) اللون الوردي والدهني: ون أحمر يضرب إلى الصفرة.
(‌د) القتر السواد الحالك الذي يناسب أهل النار.
(‌ه) اليحموم هو لون الدخان الداكن.
(‌و) الحور شدة سواد سواد العين وبياض بياضها.


الهوامش
ـــــــ
(*) معهد اعداد المعلمات ، الموصل .
1.البقرة: 69.
2. الروم: 51.
3. الزمر: 21.
4.الحديد: 20.
5. المرسلات: 32-33.
6.لسان العرب: مادة (صفر)؛ وينظر المخصص: 1/103.
7. ينظر مدارك التنزيل وحقائق التأويل: 1/98؛ وصفوة التفاسير، محمد علي الصابوني: 1/67.
8. فتح البيان في مقاصد القرآن، صديق حسن خان: 1/67.
9. البحر المحيط، أبو حيان الأندلسي: 3/120.
10.المرسلات: 32-33.
11. الجامع لأحكام القرآن، محمد بن احمد الانصاري القرطبي: 19/163.
12.التحرير والتنوير: 29/437.
13.المصدر نفسه: 29/437.
14.الجامع لأحكام القرآن: 19/163.
15. فتح البيان في مقاصد القرآن: 15/18-19.
16. الزمر: 21.
17. الحديد: 20.
18. مدارك التنزيل وحقائق التأويل: 4/82.
19. التفسير الكبير، أبو عبد الله محمد بن عبد الله الرازي: 16/264.
20. الروم: 51.
21. الجامع لأحكام القرآن: 14/45.
22. البحر المحيط: 7/179.
23. إرشاد العقل إلى مزايا القرآن الكريم، أبو السعود محمد بن محمد العمادي: 4/189.
24. طه: 102.
25. لسان العرب: مادة (زرق).
26. ينظر: معاني القرآن، أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء: 2/191؛ الجامع لأحكام القرآن: 11/244؛ مدارك التنزيل وحقائق التأويل: 3/100؛ إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم: 2/323.
27. آل عمران: 106.
28. التحرير والتنوير: 16/304.
29.البقرة: 25.
30. فاطر: 27.
31. مدارك التنزيل وحقائق التأويل: 3/493.
32. إرشاد العقل السليم إلى مزايا القرآن الكريم: 4/243، وينظر: الجامع لأحكام القرآن: 14/332.
33. يسألونك عن الجبال: عبد الإله عبد الله الصراف: 31.
34. الألوان في معجم العربية: 28.
35. الرحمن: 64.
36. التحرير والتنوير: 27/272.
37.الأعلى: 5.
38. الجامع لأحكام القرآن: 20/18؛ وينظر: فتح البيان في مقاصد القرآن: 15/187؛ التفسير الكبير: 31/140.
39. الرحمن: 37.
40. لسان العرب: مادة (ورد).
41. الواقعة: 43-44.
42. المخصص: 1/103.
42. عبس: 40-41.
44.لسان العرب: مادة (قتر).
45. الواقعة: 22-23.
الرحمن: 72.
لسان العرب: مادة (حور).
الدخان: 54.
الجامع لأحكام القرآن: 18/273.