ا
المقصود بجدلية العلاقة هو ماذا يمكن أن يقدم الحاسوب للغة و ماالذى يمكن أن تساهم اللغة في تطور الحاسوب أو بمعنى أخر انه يدل على مدى تداخل العلاقة بينهما، فقد طرح الدكتور نبيل على في كتابه المشهور " اللغة العربية و الحاسوب " سؤالا مفاده علاقة لغات البرمجة باللغة الإنجليزية وهل تشكل اللغة الإنجليزية عائق نحو تطور لغات البرمجة، وإذا كانت هناك لغة برمجة عربية ماذا يمكن أن تقدم من تطور في أساليب البرمجة هذا هو الوجه الأول من العلاقة. أما الوجه الثاني وهو مدار بحثنا.
فنقول بداية تعرف معالجة اللغة بأنها علم فرعي من علوم الذكاء الاصطناعي، وتتداخل بشكل كبير مع علوم اللغويات التي تقدم التوصيف اللغوي المطلوب للحاسوب.
وهذا العلم يمكننا من صناعة برمجيات تتمكن من تحليل ومحاكاة فهم اللغات الطبيعية، والهدف الرئيسي منه هو جعل التعامل مع الحاسوب يكون بلغة اقرب إلى اللغة الطبيعية، والاستفادة منها لأجل هدف معلوم ومحدد مسبقا، وتحديد الهدف من المعالجة يحل مشكلة من أهم مشاكل المعالجة آلا وما هي الفائدة العملية من معالجة اللغة؟
و العلم الذي له علاقة بمعالجة اللغة هو علم اللغة الحاسوبي و لهذا يعرف ببساطة بأنه العلم الذي يهتم بدراسة طرق تناول الحاسوب للمسائل اللغوية، والمشاكل الشائعة التي تواجه المعالجة الحاسوبية للغة المكتوبة و المنطوقة،يعرف أيضا بأنه دراسة الخوارزميات الحاسوبية لغرض فهم وتوليد الكلام باللغة الطبيعية، وهو الجزء التطبيقي لمعالجة اللغة، ويهدف إلى استخدام مفاهيم الرياضيات والهندسة في حوسبة اللغة، لان الرياضيات تُعرف بأنها تجميع اللامحدود في معادلة محدودة، ومثال ذلك معادلة الخط المستقيم ص = أ س + ج تصف كل أنواع الخطوط، واقرب علوم اللغة إلى الرياضيات هو النحو والصرف، وقد أطلق عليه رياضة اللغة، لأنه يوصف جمل اللغة في صيغ وقواعد محددة يمكن التعبير عنها رياضيا، ومثال ذلك أن
جملة الاسمية --< مبتدأ خبر
الفاعل = اسم مرفوع مهما كان نوعه و مكانه.
ومن هنا تتضح أهمية دراسة اللغة بمنظور حاسوبي أي من وجهة نظر مبرمج، والملاحظ في الدراسات التي اعتمدتُ عليها أن أصحابها انتقلوا من علم اللغة إلى الحاسوب وليس العكس، ربما لأنه لم يكن الحاسوب هو تخصصهم الأصلي، ولهذا فهم يحاولون استخدام الحاسوب كوسيلة " tools" لمعالجة اللغة من اجل أهداف محددة، فهم يحددون الهدف اللغوي التطبيقي ثم يحالون معالجته حاسوبيا، ولكن لو تمت دراسة اللغة دراسة حاسوبية، أي تكون البداية من هندسة وطرق البرمجة وكتابـة قواعد اللغة على هذا الأساس فسوف تكون النتائج مختلفة.
هذا هو المجال التقليدي في معالجة اللغة ولكن هنا سوف نطرح طريقة تأخذ اتجاها مغايرا لما هو موجودا نوعا ما، إلا وهو ماذا يمكن أن يقدم الحاسوب للغة العربية من تطوير و حل للعديد من إشكاليات اللغة، نحن لن نخالف الأساسيات و المنطلقات الأولى التي منها قد بدأت اللغة و لكن الحاسوب يقدم وسائل استقراء و بحث لم تكن موجودة في السابق.
أنشطة معالجة اللغة
إن الأنشطة التي تندرج تحت معالجة اللغات يمكن تقسيمها إلى ثلاث مستويات, أولها وهو الأسهل والأكثر تطبيقا ونجاحا وواقعية وهو:
1- تعليمات الحاسوب الطبيعية: وهي المجال الذي يبحث في إيجاد طرق تسمح للحاسب بفهم التعليمات المعطاة إليه بلغة طبيعية، فالهدف الأساسي من معالجة اللغات هو جعل التعامل مع الحاسوب يتم بلغة أقرب ما تكون إلى اللغات الطبيعية، أي أن تعاملنا مع الحاسوب يكون بلغتنا، وتتحول اللغة هنا في هذا المستوى إلى صيغ من التعليمات والأوامر والأسئلة وطلب المساعدة...الخ، وبهذا نستطيع الاتصال مع الحاسوب بلغة طبيعية وجعل الأوامر التي تلقى إليه بلغة طبيعية أيضا، وهذا النشاط يسمى النشاط النفعي أو تفاعل الإنسان المباشر مع الآلة.
ومن اجل التعامل مع الحاسوب وجدت لغة الآلة ومن بعد ذلك طورت إلى لغات البرمجة المعروفة إلا أنها تظل مع ذلك لغات اصطناعية، والإشكالية التي نواجهها هنا هي أننا نود أن نتحاور مع الآلة بوسيلة طبيعية وبدون أن نضطر لتعلم إحدى لغات البرمجة، ولتحقيق هذا الهدف يتعين علينا أن نجد طريقة ما لترجمة ما يدخله مستخدم الحاسب بلغته الطبيعية إلى شكل يمكن للآلة فهمه والاستجابة له.
2 – المصحح النحوي: وهو المجال المنطقي أو القانوني اللغوي، ويختص بما إذا كانت عبارة ما صحيحة لغويا وممكن قولها فعلا في الحياة اليومية وإيجاد سبب الغرابة أو الخطأ وتحديد مكانه، ويتم ذلك عن طريق دراسة قواعد اللغة أو الصيغ العامة للجمل في اللغة وتحويلها إلى صيغ منطقية رياضية يمكن للحاسوب التعامل معها، وإثبات صحة أوخطا أي جملة، أو ما يسمى بالنحو الصوري في علوم اللغة، ومن فوائد هذا المجال دراسة قواعد اللغة دراسة منطقية واثبات تناسقها وتطويرها ومحاولة إيجاد تركيبية العقل المنطقـي الذي كان وراء أنتاج هذه القواعد، وإن محاولتنا هذه من ضمن هذا النشاط، وقد أكد عالم اللغة واللسانيات تشومسكي انه يمكن دراسة الخصائص الرياضية والشكلية للغة دون الرجوع إلى الكيفية التي يتم بها الاستخدام اللغوي أو ما يسمى بالنحو التوليدي الصوري، وقد عرفه بأنه مجموعة من القواعد والقوانين والشروط التي تكون الأسس والخصائص العامة لكل اللغات، وقد أطلق احد المتخصصين على الصورة الرياضية والمنطقية التي تعبر عن اللغة بأنها لغة وصف اللغة " ميتا لغة ".
3 - محلل المعاني: وهو الأعمق والأصعب، ونعنى به اكتشاف العلاقة بين البينية السطحية للنص التي تم تمثيلها عن طريق النحو الصوري الرياضي والبنية العميقة للنص والتي تعنى الفهم بكافة مراحله ومستوياته والذي يعنى أيضا التمثيل الدلالي الرمزي للجمل، و يتم ذلك عن طريق تحويل نظريات علم الإدراك في الفهم إلى برامج حاسوبية وتطبيقها على النصوص للتأكد من صحـة النظرية وتطويرها، المهم أن هذا النشاط يسعى لتفسير كيفية عمل عقولنا وهو ينحصر تحت المستوى النظري العملي للذكاء الاصطناعي، وأن المستويين الأوليين ينحصران تحت المستوى الأخر وهو التطبيقي الهندسي، وأن العلاقة بينهما تكمن في تعريف معنى " فهم النص " وكيفية التمثيل الرمزي لعملية الفهم.
مشاكل وصعوبات معالجة اللغـــة
تعددت المشاكل التي صادفت الباحثين في معالجة اللغات الطبيعية لإكساب الحاسب القدرة على التعامل باللغة الطبيعية وكانت الصعوبة على نوعين: النوع الأول له علاقة بأداة المعالجة "الحاسوب" و تمثلت في القيود المادية والبرمجيه منها:
1- حجم وسائط التخزين اللازمة للقيام بعملية المعالجة بسرعة، ولهذا كانت هذه احد المشاكل التي تحد من إمكانية إيجاد معجم دلالي نحوي يحتوي على نماذج كلمات اللغة كلها والتعامل معها مباشرة وقت المعالجة، ومن جهة أخرى عند النظر إلى حجم المعرفة الأزمة للقيام بعملية ترجمة بسيطة نجد أنها تكافئ موسوعة معرفية متكاملة تحتوى كل المعلومات التي لها علاقة باللغة، ابتداء من مفردات وقواعد اللغة نفسها والوسط المحيط، وهذا لم يكن ممكن في السابق ، وإن تطور العتاديات قد سهل حل هذه المشكلة نوعا ما ولو على مستويات بسيطة للمستخدم العادي.
2- سرعة الحاسب العالية المطلوبة لمثل هذا النوع من المعالجة مقارنة بقدرة الإنسان الذي سوف يتعامل معه الجهاز، فمثلا في مجال برمجة الألعاب قد فاقت سرعة الحاسب حاليا في كثير من الأحيان سرعة الإنسان، ولكن في هذا المجال لازال الحاسب يعاني من بطء وخاصة في المحاورة والعمليات التي تتطلب الاتصال المباشر والفوري.
3-إيجاد خوارزمية ملائمة ومعقولة من ناحية الزمن اللازم للبحث والتحليل وذلك بسبب كمية القواعد والبيانات الهائلة، وثانيا إيجاد ترتيب جيد للبيانات والقواعد لتسهل وتسريع عملية البحث، وأخيرا البرمجة بلغة حاسوبية مناسبة لكل أغراض معالجة اللغة قدر الإمكان.
أما النوع الثاني فله علاقة باللغة نفسها، فهناك العديد من المشاكل التي لم تحل في تحليل اللغات الطبيعية، فبالإضافة إلى صعوبة وضع قواعد كاملة للنحو الصوري التي تسمع بتوليد جمل صحيحة للغات طبيعية، وتحيط بكافة تعقيدات واستثناءات اللغة وخاصة في لغة مثل لغتنا العربية، وتحويله "النحو الصوري" إلى صيغ رياضية ومنطقية يمكن برمجتها، وكل العمل الموجود حليا هو محاولة حصر وصياغة كل الصور المنطقية للجمل في شكل معادلة رياضية.
وفي النهاية فهناك السؤال المنطقي والعملي المهم فيما إذا كان هناك فائدة من وراء ذلك "معالجة و تحليل الجمل و التأكد من صحتها "، لأننا ببساطة نستطيع فهم الكثير من الجمل غير النحوية والتعامل بها والدليل وجود اللغة العامية، وهذا مما جعل وضع هدف محدد للمعالجة أجدى وأكثر عملية من الاتجاه إلى فهم وتحليل نصوص اللغة بشكل عام كما إن غنى اللغات الطبيعية نتيجة للمعاني الكثيرة التي يمكن أن تفهم بها الكلمة الواحدة والغموض واللبس الذي يعطي اللغة الكثير من الجمال سيظل يجعل تحديد طرق تمثيل معرفتنا بالعالم تحديا رئيسيا.
ويمكن تلخيص المشاكل التي درجت كتب معالجة اللغة عن الحديث عنها:
1- الغموض (Ambiguity) وينتج الغموض من ثلاثة احتمالات هي:الأول احتمال الكلمة أكثر من معنى، وتحتاج المعالجة هنا إلى تحليل دلالي للكلمة والجملة. والاحتمال الثاني الغموض في التركيب اللغوي ويعنى وجود غموض وعدم دقة في التركيب النحوي للجملة، أي بمعنى أن الجملة لها أكثر من إعراب، وهذا مجاله واسع في اللغة العربية، والاحتمال الثالث عدم التحديد وخاصة في عودة الضمير في الجملة، والأصعب عندما يكون العائد محذوف أو مقدر.
ب. عدم الدقة: (Imprecision) إن معظم الناس غالبا ما يعبرون عن مفاهيم أو أفكار معينة باستخدام مفردات أو كلمات غير دقيقة وبالرغم من وضوحها عند الحديث مثلا عندما تقول لشخص ذهب لإحضار ماء " لقد تأخرت " ولشخص آخر ذهب لإنجاز مهمة تستغرق أياما " لقد تأخرت " فكيف يحدد الحاسوب الزمن هنا، وماذا يعني التأخير، إن المنطق الظني مهيأ للتحليل مثل هذه المواقف، وقد أورد صاحب كتاب الذكاء الصناعي [1[هذه الأمثلة من اللغة الإنجليزية ليتضح أنها مشكلة عامة في كل اللغات بعكس بعض المشاكل الأخرى التي تختص بلغة دون أخرى:
1. I have been waiting in the doctor’s office for a long time.
2. The crops died because it hadn’t rained in a long time.
3. The dinosaurs ruled the earth a long time ago.
ففي هذه الأمثلة يستطيع الإنسان تحديد الفترة التي تمثلها شبه الجملة ( a long time) وذلك نتيجة خبرته السابقة فيمكنه تقدير مدة خمس ساعات مثلا للجملة الأول وشهر مثلاً في الثانية وعدة قرون في الثالثة ولكن كيف يفهم الحاسب مثل هذا التحديد ؟
ج- عدم الكمال (Incompleteness): غالبا ما يسقط الناس في حديثهم كثيرا من التفاصيل بدون فقد المعنى المراد وذلك لأن الناس يمكنهم عن طريق خبرتهم السابقة فهم ما بين السطور وما يعنيه المتحدث.
مراحل معالجة اللغة العربيةِ
يمكن تقسيم مراحل معالجة اللغة الى اربع مراحل كالتالي
مرحلة المعالجة الصرفية
يتميز الصرف العربي بحساسية رياضية عالية جدا بل انه يمثل أسلوب رياضي لوحده، فلو قمنا مثلا بتحويل الحرف المتحرك إلى 1 والحرف الساكن إلى 0 وتحويل الحروف الأساسية في الميزان الصرفي إلى قيم رقمية تتناسب مع أهميتها وتعريف الزوائد أيضا بقيم رقمية تتناسب مع أنواع الكلمات، وكيفية معرفة نوع الكلمة عن طريق اللواحق والسوابق رياضيا، فسوف يكون لدينا نموذج صرفي رياضي، ونستطيع أن نقوم بمعالجات ليست متضحة الآن وتحتاج إلى تجربة وعمل طويل.
تهتم هذه المرحلة بالكلمة و ليس بالجملة، لان الكلمة هي الوحدة المكونة في الجملة، ويتم حذف الزوائد واللواحق من الكلمة للحصول على الكلمة المجردة، ثم تُرد الكلمة المجردة إلى جذرها الأصلي واشتقاق المعنى المطلوب، مثال عند إدخال كلمة المسلمون إلى الحاسوب يقوم بقص حرف التعريف مع الاحتفاظ بالقيمة الدلالية له، وهذه إشكالية لوحدها – دلالة أداة التعريف- وحذف " ون " ثم إيجاد الوزن الصرفي " فاعل " و معناه الدلالي، ومن بعد ذلك يقوم الحاسوب بالبحث داخل قاعدة البيانات أو المعجم الدلالي الذي يحتوى على معنى الكلمة أو كما يقترح الدكتور رأفت الكمار والدكتور زكي خضر بالرجوع إلى قاعدة بيانات القران الكريم لاستخراج كل الكلمات التي لها نفس الوزن والحصول على آيات وتفسيرها وعمل إحصائيات حول الآيات أو المعنى أو التكرار....الخ [3] مما له علاقة بالمعالجة الصرفية.
مرحلة المعالجة النحوية
النحو هو رياضة اللغة أو الصورة الرياضية للغة، وهو أساس التعامل مع اللغة عند برمجة ومعالجة اللغة، لان النحو عبارة عن قواعد محددة مثل الرياضيات، مثال ذلك هذه الصيغة للجملة الفعليـة " جملة ---< فعل فاعل مفعول "، وتحت شروط محددة من قواعد اللغة حيث أن الفاعل اسم مرفوع، والمفعول اسم منصوب، يحصر أنواع عديدة من الجمل مثلما تحصر معادلة الخط المستقيم ص =م س + جـ كل أنواع الخطوط المستقيمة، ومن هنا يجب أن نبدأ بدراسة قواعد النحو العربي دراسة منطقية رياضية وإيجاد منطق خاص به،وهذا ما نسعى إليه في هذا النموذج الذي نحاول أن يكون بداية لدراسة للنحو العربي بشكل جديد يعتمد على قواعد ومنطق النحو بشكل أساســي، لان المعالجة الموجودة حاليا تعتمد على عدة نظريات نحوية خرجت أساسا لدراسة اللغة الإنجليزية، ومن اشهرها نحو الجملـة المحددة والنحو المتحرر من السياق ونحو شبكات الانتقال المتكرر[1].
إن الصيغة الرياضية السابقة للجملة الفعلية يمكن أن تُعرب وتولد عدد لانهائي من الجمل مثل "لعب الولد الكرة و أكل الطفل التفاحة"، وهنا تبرز أهمية هذا النموذج في الإعراب بالذات، لأنه يحدد نوعية الكلمة وعلاماتها، فمثلا يحدد أنها اسم مرفوع جاءت بعد الفعل إذاً فهي فاعل، ويمكن كتاب قواعد اللغة وشروطها في شكل قواعد أنتاج تكون ملحقة بهذا النموذج، وبهذه الطريقة نستطيع أن نقوم بأعراب الجمل، وهذا ما سوف نتعرض له بتوسع اكبر في باب المحلل النحوي، أما عملية توليد الجمل فإننا نحتاج إلى معجم لكي نأخذ منه الكلمات، وهنا تبرز ملاحظة مهمة جدا وهي كما أن الصيغة تولد جملة صحيحة دلاليا يمكن أن تولد جملة خاطئه دلاليا وصحيحة نحويا مثاله " أكل الجبل التفاحة " وغيرها كثير جدا، ولهذا من المهم أن نقوم بعملية المعالجة الدلالية عند توليد الجمل وقد نحتاج إليها عند الأعراب لتحديد بعض الخيارات النحوية، وتسمى عملية الوصف المنطقي الرياضي لجمل و قواعد اللغة لغة وصف اللغة [2] وهي اللغة الوسط بين اللغة وبرمجيات الحاسوب.
مرحلة المعالجة الدلالية
إن المعالجة النحوية هي مرحلة في اتجاه بناء نموذج رياضي منطقي لفهم اللغة وهي تضع الأساس الرياضي لمعالجة اللغة دلاليا، ونؤكد أن معنى الجملة هو الأهم لان التركيبية النحوية للجملة قد تتغير ولكن المعنى العام لا يتغير، بالرغم من تأثير التركيب الظاهري في المعنى العام للجملة مثلا جملة في الدار رجل لا تساوي رجل في الدار دلاليا، ولهذا فان النحو عموما لا يعطينا سوى المعنى الظاهري والقانوني للجملة، ولكي يسهل على الحاسوب فهم الجملة لابد من وجود نموذج دلالي موجود في هذا النظام.
وينقسم التمثيل الدلالي للنص إلى مراحل بداية من إيجاد معنى الكلمة من القاموس، مع الأخذ بعين الاعتبار التحليل الصرفي لإيجاد الدلالة الصرفية للكلمة سواء مباشرة من القاموس أو من خلال نموذج يحدد نوعية الكلمة صرفيا، وبعد ذلك دمج تلك المعاني مع بعضها لتكوين نموذج منطقي للجملة يحمل في مكوناته المعنى العام للجملة، ويأتي بعد ذلك مرحلة تفسير وفهم النص بعد دمج معاني الجمل المترابطة معا في معنى أو نموذج عام.
مرحلة المقام و السياق
مرحلة المقام وتهتم هذه المرحلة بالمحيط الخارجي للمتكلم ومدى تأثيره في كلمات النص، وهي مرحلة التعرف التام على الظروف الخارجية المحيطة بنص الكلام، ومن أمثلة اختلاف معنى الكلمة بسبب البيئة المحيطة معنى كلمة الجو حار في الصحراء يختلف عن معناها في المدينة، وكذلك فإن معنى الكلمة يختلف من حالة التعجب مثلا عن حالة الاستنكار بالرغم أنها نفس الكلمة، وهذه المرحلة لم تدرس بالقدر الكافي وخصوصا في لغتنا العربية .
أما مرحلة السياق فتهتم بدراسة موقع الكلمة داخل الجملة وموقع الجملة داخل النص وتأثير ذلك في المعنى، فالتقديم و التأخير يؤثر في المعنى، ومن اشهر الأمثلة في اللغة دلالة التقديم على الحصر فعند تقديم الخبر شبه الجملة على المبتدأ النكرة أو المفعول على الفاعل يدل على هذا على حصر معنى الخبر في المبتدأ و حصر معنى الفعل في المفعول فقط.
إما أهم علاقة بين الحاسوب و اللغة فتمثل في النحو الذي يعتبر بحق رياضة اللغة و يمكن تلخيص أهم النقاط التي تربط الحاسوب باللغة كما يلي.
علم بناء الجملة" النحو=رياضة اللغة":
النحو هو العلم الذي يدرس بنية الجملة، وهو نظام مكون من فئات نحوية وعلاماتها، وقوانين وقواعد لصياغة الجملة.
يمثل إيجاد الفئة النحوية التي تنتمي إليها الكلمة، المرحلة الأولى في تحليل الجملة وتوليدها، والوظيفة الأساسية لهذا النموذج هي اختبار عملية إيجاد هذه الفئة النحوية، في اللغات الأخرى يتم الاعتماد على المعجم لتحديد نوع الكلمة وعلاماتها، ولكن في اللغة العربية يمكن إيجاد نوع الكلمة اعتماد على العلامات التي بها، لان علماء اللغة أوجدوا علامات لكل نوع فهناك علامات الاسم وعلامات الفعل[5]، وكل مهمتنا أن نحول تلك العلامات إلى صيغ رياضية ومن ثم نوجد العلاقة بين النوع وتلك العلامات ومن الممكن أن نكتشف علامات أخرى، ونقوم رياضيا باختبار مدى ملائمة هذه العلامات للنوع الكلمة.
وثاني هذه المراحل هي اكتشاف القوانين التي يمكن بناء الجملة من خلالها أو إيجاد صيغ عامة للجمل داخل اللغة، ومن الممكن أن يتم اكتشاف تلك الصيغ عن طريق استخدام هذا النموذج باستقراء النصوص، وبناء نظام نحوي لإعراب الجمل من خلال هذا النموذج بعد تزويده بقاعدة المعرفة "المولدة منه " تحتوى كل الصيغ العامة للجمل في اللغة العربية.
و نخلص إلى أن هذا العلم ينقسم إلى مستويين كما يلي:
1-فئات نحوية: تنقسم الكلمة إلى عدة أنواع بسبب عدة علامات ومنها المعنى والسوابق واللواحق والكلمات المرافقة و.الخ، وبالطبع لها علاقة باللغة المراد دراستها، ففي اللغة العربية علامات الاسم هـي التنوين و الجـــر والتعريف والنداء والإسناد والإضافة [5]، وفي بعض اللغات مثل الإنجليزية يمكن للكلمة أن تنتمي إلى أكثر من فئة نحوية، وفي اللغة العربية توجد المشكلة في الصورة العامة لبعض للكلمات مثل كلمة " سَاق"، وهي من الحالات الشاذة، ويمكن لعلم الصرف " إيجاد الوزن الصرفي للكلمة رياضيا " أن يحل المشكلة.
2- بنية العبارة: وهو الجزء الثاني من علم الحاسوب اللغوي، وهو قواعد وقوانين لترتيب الكلمات داخل الجملة أو إيجاد الصيغ العامة للجملة داخل اللغة، والتعبير عنها بتركيب رياضي معين "معادلة رياضية " أو تركيب شجري خاص.
و أساس ذلك التعبير تحويل الفئات إلى مركبات والمركبات إلى جملة كالأتي:
ال ولد = أداة تحديد " تعريف " اسم = مركب اسمي م.س
محمد = اسم العلم = مركب اسمي " لوحده"
قال علي = فعل مركب أسمي = مركب فعلي م. ف
لم يقل علي = حرف فعل مركب اسمي = مركب فعلي م . ف
قل = مركب فعلي فعل فاعل مستتر " الفاعل مستتر = المركب الاسمي المرافق"
في الحديقة = حرف مركب اسمي = مركب حرفي "جر= شبه جملة "
باب المدرسة = اسم مركب اسمي = مركب جر " شبه جملة م. ج.
ويعتبر هذا هو المستوى الثاني في الإعراب، وفي المستوى الأخير نوجد الصيغ العامة للجمل ونعبر عنا كالأتي " جملة = م. س م.ف S= NP NV "، وهذه الصورة العامة الرئيسة للجملة.
[right][center]