دراسة حول مجزرة مخيم جنين
إعداد وصفي الذباينة


الفصـــل الأول


• مقدمة الدراسة
• أهمية الدراسة
• أهداف الدراسة
• حدود الدراسة
• أبواب الدراسة


المقدمة
ـمخيم جنين، دخل بقوة إلى قــائمة المجد والخلود الفلسطينية، كما دخل من قبله إلى السجل الحافل بالتضحيات والمواقف البطولية العديد من المخيمات ومواقع اللجوء والشتات الفلسطينية. ففي الماضي القريب صمد مخيم الكرامة في الغور الشمالي قرب مدينة اربد الأردنية في العام 1968 وقاتل أبناؤه جنباً إلى جنب مع القوات الأردنية والفلسطينية قوات الغزو الإسرائيلية التي حاولت احتلال مواقع لها على الضفة الشرقية لنهر الأردن والقضاء على العمل الفدائي الفلسطيني الوليد، فشكلت معركة الكرامة وصمود مخيم الكرامة علامة بارزة على طريق نهوض وتطور الحركة الفدائية الفلسطينية الناشئة .
ومخيم تل الزعتر أيضا كتب رحلة صمود ومأثرة ، ومخيمي صبرا وشاتيلا، ومخيمات: عين الحلوة، الرشيدية، البص، البرج الشمالي.. التي قاومت هجمات قوات الاحتلال على مدار أيام طويلة من صيف العام 1982 أثناء الغزو الصهيوني للبنان. فغدا مخيم جنين عنوان المرحلة، ورمزا يلخص قصة أليمة، وحكاية لمأساة شعب بدأت خيوطها تنسج مع ولادة القضية الفلسطينية ووقوع النكبة الكبرى عام 1948، وفي المقدمة منها قضية اللاجئين الذين يمثلون أكثر من (%65) من التعداد العام للشعب الفلسطيني، نصفهم وأكثر بقليل خارج فلسطين في الشتات.
مخيم جنين، استهدف بعد مقاومة باسلة أذهلت العالم كله، وأثارت عند الفلسطينيين في الداخل والشتات الروح الوطنية العالية والثقة في اجتراح الـمــــآثر، واشتقاق كل الوسائل والأنماط الكفاحية التي تمكنهم من البقاء وإدامة الحركة الوطنية التحررية على طريق العودة والاستقلال. فضلاً عن ما تركه صمود المخيم من بصمات أثرت على الشارع العربي وحركة التضامن مع الشعب الفلسطيني في كل أنحاء العالم. فقد استعادت وقفة مخيم جنين الأجواء والمناخات الشعبية التضامنية العربية والدولية في حينها، وكشفت حقيقة وزيف الادعاءات الإسرائيلية الصهيونية التي طالما تشدقت بمقولات «محاربة الإرهاب .

ما أثارت المقاومة الباسلة لمخيم جنين في حينها، الألم العميق من الحالة الرسمية العربية التي لم تحرك ساكناً لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين المحاصرين داخل المخيم من بين أنياب عدو فاشي، كما تكرر العجز ذاته في إنقاذ المناضلين الــ (39) الذين حوصروا داخل كنيسة المهد في بيت لحم أثناء حملة شارون الدموية المعنونة تحت اسم «السور الواقي» فتم ترحيلهم باتفاق جائر خارج فلسطين .

معركة الدفاع عن مخيم جنين فتحت الجرح المتقيح الذي راكم الاحتقان بشكل متواصل منذ انطلاقة تسويات (مدريد-أوسلو) والتهميش الذي أصاب قضــــية اللاجئين، والعزوف العربي والفلسطيني الرسمي عن رعاية وحماية حق العودة. فقد أضحت قضية اللاجئين جزءا منسياً، وانكشفت هزالة التسوية التي بشروا بها، وقصور الرمال التي بنوها، وتبخرت وعود وأحلام البناء القادم لسنغافورة الشرق الأوسط في فلسطين ودول الطوق كمحصلة لعملية التسوية.

أظهرت ملحمة مخيم جنين والدور المتعاظم لأبناء المخيمات الفلسطينية في الانتفاضة مدى قلق اللاجئين الفلسطينيين على مستقبلهم وحقهم في العودة، نتيجة لما يلمسونه من عملية سياسية تجري منذ وقت طويل عبر قنوات الدبلوماسية السرية، وعبر الأفكار التي يتم طرحها بين الحين والأخر. ففي ردهات مفاوضات كامب ديفيد2 يوليو 2000 قدم الرئيس الأميركي الأسبق وليام كلينتون ورقة عمل لطرفي التفاوض من الفلسطينيين والإسرائيليين تقفز عن قضية اللاجئين وحق العودة وتدعو إلى حلول تتناقض مع مرجعية القرار 194 .
على كل حال، إن الصمود الأسطوري الذي سطره المدافعون الفلسطينيون ابان حصار المقاطعة والرئيس الرحل ياسر عرفات وفي القتال ضّد قوات الاحتلال، وصد هجماتها على المخيمات في مناطق رام الله ونابلــس وجنين وبيت لحم، أعاد إلى الأذهان الصمود ذاته الذي كتبته المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية منذ احتلال عام 1967، كما في الانــــتفاضة الأولى بين أعوام 1987-1993، فضلاً عن الصمود المستديم لمخيمات الشتات الفلسطيني عبر المسيرة المعاصرة للثورة الفلسطينية منذ عام 1965..
أهمية البحث
تستمد هذه الدراسة أهميتها مما يلي:
1- تنبع أهمية الدراسة من أهمية الموضوع الذي تتناوله وهو الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين لما يشكله من حلقة ضمن سلسلة المجازر الإسرائيلية ضد المخيمات الفلسطينية في الداخل والخارج(الشتات)، ولما يشكله مخيم جنين من أسطورة في الكفاح والنضال والتصدي للقوات الإسرائيلية .

2-كما تستمد أهميتها من خلالها تشكل دراسة مهمة في توضيح المخصصات التي ترمي إسرائيل من ورائها لتحقيق مأربها وهو وقف التصدي والصمود من قبل سكان مخيمات فلسطين، وتشريدهم من ديارهم مرة أخرى ، وكذلك يمكن أن تشكل هذه الدراسة واحداً من المصادر التي يمكن الرجوع إليها في الحديث عن مجازر فلسطين ومخيماتها .

أهداف البحث
ترنو هذه الدراسة إلى تحقيق الأهداف الآتية:
1-التعرف على التطورات التاريخية لمخيم جنين والمتغيرات السياسية التي مر بها هذا المخيم، وكذلك التعرف على الآليات التي استخدمتها إسرائيل ضد الفلسطينيين .

2-الحصول على المعلومات حول الاجتياح الإسرائيلي على مخيم جنين ، وذلك بالرجوع إلى الدراسات حول مخيم جنين والاجتياح علية ، واستنباط الأفكار والحقائق حول هذا الاجتياح.

3- التعرف على ردة فعل الفلسطينيين، والعرب والمنظمات الدولية تجاه النتائج التي ترتبت عن مجزرة جنين، وتوضيح تلك الأدوار لهذه المنظمات والحكومات في الوقوف في وجه آلة البطش الصهيونية.



أبواب البحث :
يتألف البحث من ثلاثة فصول هي على النحو الآتي :
الفصل الأول: الإطار التاريخي، مخيم جنين مقدمة عامة في الموقع والنشأة.
الفصل الثاني : ويتناول فيه عملية الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين من حيث الآليات التي تم الاستيلاء استخدامها في الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين.
الفصل الثالث: ويتم الحديث خلاله عن الموقف الفلسطيني، والعربي والدولي تجاه الاجتياح الإسرائيلي ضد مخيم جنين.
ثم ينتهي بخاتمة تتضمن تلخيص الاجتياح الإسرائيلي على مخيم جنين.






















الفصـــل الأول


الإطار التاريخي لمخيم جنين



• بداية التهجير
• مخيم جنين النشأة والتأسيس



الفصل الأول
الإطار التاريخي لمخيم جنين
_____________________________________________________

بداية التهجير :
في عام 1947 قررت الأمم المتحدة تقسيم فلسطين إلى دولتين، إحداهما للعرب والأخرى لليهود، حيث دعا القرار 181 إلى تأسيس دولة لليهود على مساحة 54% من أرض فلسطين، في وقت كان فيه اليهود أقل من الثلث، من حيث عدد السكان، أما من ناحية الأرض فكانوا يملكون حوالي 6%، وقد رفض العرب والفلسطينيون منهم على وجه الخصوص، هذا القرار كما رفضتها بعض الجماعات الصهيونية.
من هنا فشلت مبادرة الأمم المتحدة، تلا هذا الفشل حرب 1948 ـ النكبة أو الكارثة التي حلت بالفلسطينيينـ والتي أدت إلى تفريغ وتدمير حوالي 531 مدينة وقرية، وتهجير أكثر من 80% من الفلسطينيين العرب، وبقي هؤلاء أقرب ما يكونون من المناطق التي اقتلعوا منها، بقوة السلاح، آملين العودة إليها .
كانت عملية التحطيم، التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، خلال نكبته، كاملة، فهي لم تكن عملية اقتلاع بل كانت عملية تحطيم للمقومات اللازمة لقيام واستمرار مجتمع ما. فالشعب الفلسطيني فقد خلال النكبة، أرضه وممتلكاته، وثرواته القومية. وعاش الفلسطينيون، وخاصة المخيمات، محرومين من الأساس المادي، الذي يشكل إنسانية الإنسان .
طبقاً لإحصائيات الأمم المتحدة بلغ عدد الفلسطينيين، الذين أُجبروا على مغادرة بلادهم، حتى 14 مايو/ أيار 1948 ما لا يقل عن 900 ألف فلسطيني، كان عدد اللاجئين وفي الأشهر الثلاثة الأولى من عام 1948، نســـــــــــــــــــــــــباً صغيرةً، لكنه تضخـــــــــم واتســـــــــع، نتيجة لمذبحــــــــــة دير ياسين، في أبريل، نيســـــــــــــــــــــــــان 1948 .
اعترافاً بمسؤوليتها المباشرة عن تهجير هذا الكم الهائل من الفلسطينيتين، قامت الأمم المتحدة باستحداث هيئة دولية خاصة، لتوفير الحماية والمساعدة لهؤلاء اللاجئين، حيث تأسست "لجنة التوفيق الدولية حول فلسطين في كانون الأول ديسمبر عام 1948، بناءً على القرار 194، وبعد حوالي عام تم تأسيس "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونوروا"، وتم تسجيل اللاجئين، وليس كل اللاجئين ـ في المناطق الخمس التي تعمل فيها هذه الوكالة وهي الضفة الغربية، وقطاع غزة، والأردن وسوريا، ولبنان
ومن هنا نشأت المخيمات، وكانت البيوت، في البداية، خياماً، استُعيض عنها، بعد ذلك بوحدات سكنية مبنية من الأسمنت، وألواح الزينكو. وقد أُقيمت المخيمات ـ أو معظمها ـ في ضواحي المدن وكأنها جزء منها. وقسِّم المخيم إلى أحياء تضم وحدات سكنية متراصة، بجانب بعضها البعض، ولا يفصل الساكن عن جاره سوى متر، أو أقل، ويفصل الأحياء عن بعضها البعض شوارع ترابية، توحل في الشتاء، تصبح مجاري للمياه الآسنة في الصيف، ولا يتعدى عدد الغرف في الوحدات السكنية غرفتين أو ثلاثاً، تضم الغرفة ما بين 5-7 أشخاص، ويسبب هذا الزحام مشاكل صحية واجتماعية، ويؤدي إلى تحلل الأخلاق، وافتقاد التنشئة .
جدير بالذكر أن اللاجئين واجهوا عام 1948، ظروفاً بالغة القسوة، فقد افتقروا لوسائل الرزق والمعيشة، واضطر بعضهم للمكوث في المساجد، والأماكن العامة، بينما وجد مئات الآلاف منهم أنفسهم بلا طعام أو مأوى، فضربوا الخيام، تحت الأشجار، وسكنوا المغاور في الجبال في أحسن الأحوال، وتوزعوا في البراري هنا وهناك. ومن الظواهر الملاحظة في المخيمات أنها تضم مجموعات سكنية من نفس القرى، والمدن الفلسطينية، وتعيش نمط حياتها السابقة. فعلى سبيل المثال نجد مخيماً، كمخيم الحسين، في عمان، أو الجلزون في رام الله، يضم أحياء باسم حارة "اللدادوة" نسبة إلى مدينة اللد، أو "الرمالوة" نسبة إلى مدينة الرملة، أو "اللفاتوة" نسبة إلى قرية لفتا .
الملاحظ أن الشعب الفلسطيني تعرض لأكبر عملية استئصال تمت ما بين عام 47-1948، و1967، أي في حوالي عشرين عاماً، تم خلال هذه الأعوام اقتلاع ثلاثة أرباع الفلسطينيين من بيوتهم وديارهم، ووزعوا على أربعة أركان المعمورة.
المجازر الصهيونية ضد الفلسطينيين
منذ قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين بدأت إسرائيل وعصاباتها الهاجاناة وشتيرن بتنفيذ سلسلة من المجازر ضد الشعب الفلسطيني بهدف التطهير العرقي التي تمارسه ضد الشعب الفلسطيني، نستطيع الوقوف على أبرزها، من عام (1948- 2002)، ولعل من أبرز تلك المذابح مذبحة دير ياسين في 10 ابريل 1948، حيث أن قرية دير ياسين من قرى مدينة القدس إلى الغريب منها مساحتها حوالي 2857 دونماً ،وعدد سكانها عام 1945 حوالي 610 نسمة، نفذت الحركة الصهيونية على أرضها مجزرة تعد من أكبر المجازر في تلك الفترة، حيث راح ضحيتها 256 شخـــــــــص بين طفل وشيخ وامرأة وصبي ورجل .
مذبحة كفر قاسم حدثت هذه المجزرة الرهيبة مساء يوم الاثنين في 29 أكتوبر 1956 والتي قُتل فيها 49 من المدنيين العزل على أيدي حرس الحدود الإسرائيلي حين أعلن نظام منع التجول، وكان الناس حينها في أماكن عملهم خارج القرية، حيث تمّ تطويق القرية وأُقيمت الحواجز العسكرية على مداخل القرية في منطقة تدعى باسم "الفلماية"، وانتشرت الدوريات العسكريّة في الشوارع، وتم توقيف كل إنسان عاد في ذلك اليوم إلى بيته سواءً كان ماشيًا أو مع أغنامه أو راكبًا وقتله بدم بارد. وكان القتل جماعيًّا حيث أوقف الجنود السيارات التي تنقل العمال والعاملات وأجبروهم على النزول منها وتمت تصفيتهم دون رحمة، فقتل الرجال والنساء والأطفال والشيوخ .
مذبحة مخيمي صبرا وشاتيلا هي مذبحة نفذت في مخيمي صبرا وشاتيلا لللاجئين الفلسطينيين في 16 أيلول 1982 واستمرت لمدة ثلاثة أيام على يد المجموعات الانعزالية اللبنانية المتمثلة بحزب الكتائب اللبناني وجيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي. عدد القتلى في المذبحة لا يعرف بوضوح وتتراوح التقديرات بين 3500 و5000 قتيل من الرجال والأطفال والنساء والشيوخ المدنيين العزل من السلاح، أغلبيتهم من الفلسطينيين ولكن من بينهم لبنانيين أيضا. في ذلك الوقت كان المخيم مطوق بالكامل من قبل جيش لبنان الجنوبي والجيش الإسرائيلي الذي كان تحت قيادة ارئيل شارون ورافائيل أيتان أما قيادة القوات المحتله فكانت تحت إمرة المدعو إيلي حبيقة المسؤول الكتائبي المتنفذ. وقامت القوات الانعزالية بالدخول إلى المخيم وبدأت بدم بارد تنفيذ المجزرة التي هزت العالم ودونما رحمة وبعيدا عن الإعلام وكانت قد استخدمت الأسلحة البيضاء وغيرها في عمليات التصفية لسكان المخيم العزل وكانت مهمة الجيش الإسرائيلي محاصرة المخيم وإنارته ليلا بالقنابل المضيئة .
مخيم جنين .
إثر نكبة عام 1948، اضطرت أسر عديدة من قرى الساحل الفلسطيني وخاصة حيفا إلى التوجه تحت وطأة المجازر الصهيونية شرقاً الى مدينة الشهداء جنين، حيث استشهد المجاهد العربي عز الدين القسام دفاعاً عن عروبة فلسطين في نهاية عام 1935. ومنذ عام النكبة بقيت أنظار اللاجئين في جنين القسام مصوبة باتجاه قراهم الوادعة على بعد أربعين كيلو متراً من الغرب .
في عام 1953 أنشأت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين الأونروا مخيم جنين من الجهة الغربية لمدينة الشهداء على مساحة تقدر بنحو 272 دونماً. اضافة الى تسعة عشرة مخيماً في مناطق الضفة الفلسطينية الأخرى. وبفعل الزيادة الطبيعية التي تتعدى أربعة في المائة سنوياً ارتفع مجموع اللاجئين في المخيم ليصل الى (13361) لاجئاً فلسطينياً في عام 1999. ثم ارتفع الى (15600) لاجئاً فلسطينياً في عام 2002. وأصبحت مساحة المخيم تصل الى (480) دونماً، أي حوالي نصف كيلو متر مربع. يشكل الأطفال دون الخامسة عشر من العمر نحو (50) في المائة من إجمالي سكان مخيم جنين أي نحو (7800) طفل فلسطيني، الأمر الذي أدى الى رفع معدلات الإعالة بين قوة العمل في المخيم لتصل الى مستويات عالية مقارنة بباقي تجمعات الفلسطينيين. وتعمل النسبة الكبيرة من قوة العمل في المخيم الصامد بالأعمال المهنية المختلفة في مدينة جنين، كما تعمل نسبة لا بأس بها في قطاع الزراعة، حيث تشتهر مدينة جنين القسام بمزروعاتها المختلفـــة. وتشكل الإناث نصف المجتمع الفلسطيني في مخيم جنين، و يلاحظ أن نسبة مشاركتهن في النشاط الاقتصادي قليلة مقارنة بالتجمعات الفلسطينية الأخرى في الضفة الغربية، التي تضم عشرين مخيماً تديرها وكالة الأونروا. ومرد ذلك الى التركيبة الاجتماعية الخاصة

وأصبح مخيم جنين يتبوأ المرتبة الثالثة من حيث المساحة هناك بعد مخيمي عقبة جبر وعين السلطان، في محافظة أريحا، وفي هذا السياق يذكر أن مساحة مخيمات الضفة قد وصلت الى نحو (20) ألف دونماً تمثل نحو (31) في المائة من مساحة المخيمات التي تديرها الأونروا والبالغ عددها (59) مخيماً في كل من ســورية والأردن ولبنان والضفة وقطاع غزة، تعود أصول غالبية اللاجئين الفلسطينيين في مخيم جنين الصمود الى قرى قضاء حيفا وعين غزال وجبع وعين حوض والطنطورة وغيرها من قرى عروس الساحل الفلسطيني، وشارك أهل المخيم في كافة المناسبات الوطنية، كما انخرط العديد منهم في فصائل العمل الوطني الفلسطيني منذ بداية الستينات وقدموا عشرات الشهداء خلال الفترة المذكورة .
ومنذ انطلاقة انتفاضة الأقصى قدم مخيم جنين عشرات الشهداء بينهم العديد من الاستشهاديين، حيث أصبح يطلق عليه اسم مخيم الشـهداء.




الفصـــل الثاني


عملية الاجتياح الإسرائيلي لمخيم جنين



• تمهيد
• الاجتياح الاسرائيلي للمخيم
• النتائج التي ترتبت عن اجتياح القوات الاسرائيلية للمخيم






الفصل الثاني
عملية الاجتياح الاسرائيلي لمخيم جنين
تمهيد
اندلعت انتفاضة الأقصى منذ عام 2000، وأخذت اسرائيل تشن هجماتها العسكرية بكافة الأسلحة التي تمتلكها ممعنة في القتل والتصفية الجسدية للعديد من الأبطال الفلسطينيين الذي حملوا لواء الجهاد والنضال والقتال دفاعاً عن مقدساتهم وديارهم وأرضهم، ولكن هذه الانتفاضة أخذت شكلاً آخر، في سياسة ردة الفعل الإسرائيلية التي صعدت خلالها الهجمات على البيوت والمساكن والمقدسات الدينية، ولم يسلم من اعتداءاتها الحجر والبشر والشجر .

أطلقت دولة الاحتلال على عمليات الاجتياح والقتل والتدمير ضد المخيمات الفلسطينية، في المرحلة الأولى من خطة "الجدار الواقي" اسم "رحلة بالألوان" أو "مذبحة المخيمات". في دلالة واضحة بأن هذه العمليات ستكون ملطخة باللون الأحمر على نحو خاص.
في فجر الثالث من نيسان 2002، اجتاحت مئات الدبابات وناقلات الجنود المدرعة والآليات الثقيلة الأخرى مدينة جنين من جهاتها الأربع، وتوغلت داخل المدينة، متجهةً صوب المخيم. وعلى الفور، حاصرت الدبابات المخيم. وفي اليوم التالي حاولت اقتحام الحي الشرقي من المخيم ، فاشتبكت مع المقاتلين الفلسطينيين. ثم بدأت الجرافات الإسرائيلية، تعززها من الجو المروحيات الحربية، بتجريف المنازل الواقعة في حي الدمج" والبالغ مساحته ٣ دونمات حتى تمت تسويته بالأرض. بعد ذلك قامت الجرافات الإسرائيلية بتجريف منازل المواطنين " الواقعة في أحياء "الصباغ " و "الحواشين" بغرض شقّ شارع يتّسع لدخول الآليات الثقيلة. ترافق كلّ ذلك بقصف عنيف لمنازل المواطنين بقذائف الدبابات والرشاشات الثقيلة. كما تمركز القناصة الإسرائيليون على أسطح البنايات العالية وأخذوا يطلقون النار على أي جسم متحرك، مما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين في اليوم الأول، بينهم ممرضة وفتى في السادسة عشرة من عمره، أصيبا أثناء تواجدهما داخل منزليهما في حي جبل أبو ظهير، في الجزء الجنوبي من مدينة جنين.

نظراً للمقاومة التي أبداها المقاتلون الفلسطينيون، ورفضهم الإستسلام، ارتكبت قوات الإحتلال الإسرائيلي في2002، شملت تلك الجرائم قتل المدنيين في المخيم وارتكاب أبشع الجرائم خلال فترة الاجتياح وإعدام المقاتلين خارج نطاق القانون، ودون أن تكون حياة الجنود الإسرائيليين معرضة للخطر، ومنع دفن جثث القتلى، ومنع إسعاف الجرحى ونقلهم إلى المستشفيات وترك بعضهم ينزفون في الطرقات حتى الموت، وإطلاق النار على سيارات الإسعاف، وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها، بالإضافة إلى ذلك، مارست قوات الإحتلال أقسى درجات الإهانة والإذلال بحقّ أهالي مخيم جنين، مثل إجبارهم على الخروج من منازلهم رافعين الرايات البيضاء، وإجبارهم على خلع ملابسهم والمشي عراة في الطرقات أو حشرهم في مجموعات في غرف أو بيوت لفترات متفاوتة، أو استخدامهم دروعاً بشرية أثناء عمليات الإقتحام والتفتيش. وفيما يلي عرض لأبرز الانتهاكات الإسرائيلية في محافظة جنين:

الإعدام خارج نطاق القانون
استدمت قوات الاحتلال الاسرائيلي استراتيجية الاعدام الفوري دون محاكمة أو تحقيق حيث أعدمت العديد من الشبان مباشر لحظة دخولها المخيم، ولم يأبهوا بعرف أو شرع، أو ما يمت للإنسانية بصلة، حيث عرف من بينهم الشاب وضاح فتحي صالح شلبي(37) عام ويوسف محمود السعدي (29) سنة، وكانت عملية الاعدام تتم عن طريق تكبيل الأيادي وتغميض الأعين وإطلاق وابل من الرصاص على أجسادهم، تتعدى الذخيرة التي تطلق على الشخص الواحد ما يلزم لقتل مائة على الأقل.



إستخدام المدنيين دروعاً بشرية
إستخدمت قوات الاحتلال مدنيين فلسطينيين دروعاً بشرية أثناء اقتحامها لمخيم جنين، وتفتيشها بعض المنازل. 2002، عند الساعة الرابعة عصراً، بتاريخ ٦ /٤/ فقد أفاد أحد شهود العيان من مخيم جنين لباحث الهيئة بما يلي " وبعد أن هربنا من منازلنا إلى منازل جيراننا، وبعد أن طاردتنا المروحيات الإسرائيلية من منزل إلى منزل، استسلمت أنا وخمسة شبان نسكن حارة "الحواشين" في مخيم جنين لقوات الإحتلال، ورفعنا الأعلام البيضاء، وتم إحتجازنا ونحن عراة لمدة يومين في مخزن في أحد المنازل. بعد ذلك أخرجنا الجنود، وأجبرونا ونحن عراة على السير أمامهم وإحداث ثغرات في بعض منازل المخيم ليتنقل الجنود من خلالها من منزل إلى آخر .

هدم الأحياء والبيوت
بعد فشل الجيش الإسرائيلي في دخول مخيم جنين نتيجة المقاومة الضارية التي واجهها في طرق المخيم وأزقته الضيقة، قامت قوات الاحتلال بهدم مئات المنازل بالجرافات، بهدف شق طرق واسعة تمكّن الدبابات والآليات الثقيلة من الدخول إلى والتحرك داخل المخيم. فقد تمت تسوية حيي "الحواشين والدمج" في جنوب المخيم، وتعرض حيا " الساحة وجورة الذهب لدمار كبير، ونتج عن أعمال التجريف تلك تدمير ما يزيد على٤٥٠ وحدة سكنية بصورة كلية، وتدمير ما يزيد على 300 وحدة سكنية أخرى بصورة جزئية. وقد أظهرت الصور التي تم التقاطها من الجو للمخيم فجوة واسعة وسط المخيم بمساحة تقدر بـ 700 متر مربع. لقد أدى الدمار الذي لحق بمنازل المواطنين إلى تشريد حوالي 5000 شخص، فلم يجد بعض المواطنين ملاذاً أمام مشهد الجرافات سوى القفز من نوافذ البيت، أو الخروج منه بسرعة دون ارتداء الملابس أو حمل بعض المقتنيات. والبعض الآخر من المواطنين تم اقتيادهم إلى قرى رمانة وسالم المجاورتين لمدينة جنين، ومكثوا في العراء قبل أن يتم إحضار خيام أو إستئجار مساكن لهم. ونتيجة الهدم والقصف، قُتل ما لا يقلّ عن عشرة مواطنين تحت الردم. فقد عثر على جثث المعاق بعض المعاقين حركيا، من لم يتمكنوا من الخروج من بيوتهم، وهي أشلاء، وذلك بعد أن أجبرت قوات الاحتلال العائلات على الخروج من التي تعرضت لقصف مركّز، ولم تمكنها من إخراج المرضى والمعاقين ومن لا يقوون على الحركة، ويستعين بكرسيه المتحرك.
منع نقل جثث القتلى والجرحى وتعطيل الخدمات الصحية والإغاثية
لقد عطلت قوات الاحتلال الطاقم الطبية المسعفة من القيام بأعمالها، ليس هذا وإنما كعادتها في الاجتياحات للمدن الفلسطينية فقد أطلقت النار على طواقم الاسعاف والدفاع المدني الفلسطيني، وقد أستشهد على إثرها العديد من العاملين بالطواقم الطبية المسعفة ومع بدء هجوم الجيش الاسرائيلي على مخيم جنين برز اسم مخيم جنين الى الأمام على أنه مخيم الصمود والأسطورة، حيث لم تتمكن الدبابات الاسرائيلية من إخضاع المدافعين عن المخيم، فأصبح كل فرد منهم مشروع شهادة. وكانت الشهيدة إلهام الدسوقي 42 عاماً رمزاً لتلك الأسطورة، حيث فجرت نفسها في تجمع لجنود الاحتلال حاولوا اقتحام منزلها فقتل جنديان وجرح سبعة جنود آخرين. وقد اعترف رئيس أركان الجيش الصهيوني بصمود مخيم جنين وبسقوط سبعة قتلى وعشرات الجرحى على أبواب المخيم. و قد كان لإرادة أهالي المخيم في الثبات بالغ الأثر في صمودهم وتحطيم كبرياء آلة الحرب العسكرية على أبواب المخيم الصغير بمساحته الكبير بأهله.
وكان الجنود الإسرائيليون الذين اجتاحوا مخيم جنين يحملون معهم خريطة لمنازل المخيم، حيث أخذوا يفتحون الثغرات في جدران المنازل لينتقلوا من منزل إلى آخر وقاموا خلال ذلك بجرائم التحطيم والتدمير وسرقة الأموال والأجهزة وبث الرعب في أوساط النساء .
النتائج التي ترتبت عن الاجتياح الاسرائيلي لمخيم جنين
لقد اعترفت اسرائيل بأن مخيم جنين كان الموقع الذي دفع فيه الجيش الإسرائيلي الثمن الأبهظ، ولأن القوات الإسرائيلية فشلت تمامًا في اقتحام المخيم على مدى سبعة أيام كاملة، ولأن المعارك في المخيم كانت قاسية جدًا ومثقلة بالإصابات فقد قرر الجيش الإسرائيلي استخدام الجرافات العملاقة في هدم المنازل التي دارت فيها معارك ضارية، وأخفقت القوات والدبابات في اقتحامها، ولأن المقاتلين والمدنيين الفلسطينيين أظهروا مقاومة أسطورية لم تكن في حسابات الإسرائيليين، إذ نجحت في تمريغ أنوفهم في الطين، وحطمت قدرة الجيش الأسطوري معنويًا.. وكأن بلدوزر الإرهاب الصهيوني "شارون" كان يبيت المجازر والدمار والخراب للفلسطينيين، فها هو "شاؤول موفاز" رئيس أركان الجيش الإسرائيلي يتولى قيادة الهجوم على المخيم بنفسه، بعد أن أخفق كبار قادة الجيش في تحقيق مآرب الادارة العسكرية الاسرائيلية.
لقد إعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك المستوى السياسي والأمني في إسرائيل مدينة جنين، وبالتحديد مخيمها، " عشّ الإرهابيين ومنطلق الإنتحاريين". وعليه كانت الجريمة البشعة في مدينة جنين ومخيمها بمستوى تلك التعبئة وذلك التحريض. ولم يكن غريباً أيضاً أن يشرف رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي بنفسه على العملية في بعض مراحلها.
كانت مدينة جنين ومخيمها مسرحاً لمعارك دامية بين قوات الإحتلال الإسرائيلي وبين مجموعة من المقاتلين الفلسطينيين تمركزوا وسط المخيم. سقط خلال هذه المعركة القتلى الفلسطينيين، وتم تدمير مئات البيوت، وشردت مئات كثيرة من العائلات. وقد دفعت بشاعة الجريمة التي ارتكبها جيش الإحتلال المجتمع الدولي إلى إدانة ما جرى في مخيم جنين. ووصف أحد المبعوثين الدوليين ما حدث في مخيم جنين بأنه أعنف من زلزال. واتخذ مجلس الأمن الدولي القرار رقم ١٤٠٥ القاضي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، لم تباشر عملها بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية التعاون معها تحت حجج وذرائع مختلفة".
ومن النتائج التي رافقت هذه المجزرة البشعة بحق الشعب الاعزل هو الصمود والإباء والتمركز حول الذات الفلسطينية، وعدم الاذعان للمجازر التي ارتكبت في فلسطين قبل ذلك ولا سيما تلك التي كانت في عام 1948 والتي شردت العائلات خوفاً من الهجوم والقتل ، فقد استبسل السكان في المخيم رافضين أن يجري لهم مثلما جرى للآبائهم وأجدادهم في عام 1948.








الفصـــل الثالث

الموقف الفلسطيني والعربي والدولي تجاه الاجتياح


أولاً : الموقف الفلسطيني والعربي
ثانياً :ردود الفعل الدولية على المجزرة وفشل لجنة التقصي




الفصل الثالث
الموقف الفلسطيني والعربي والدولي من الاجتياح
________________________________________________

أولاً : الموقف الفلسطيني والعربي
تبلور الرد الفلسطيني بمقاومة عارمة عمت مدن وقرى وبلدات الوطن استنكاراً واستياءً مما أقدمت عليه قوات الاحتلال من ارتكاب تلك الجريمة البشعة ضد مخيم جنين وغيره من المناطق الفلسطينية، وقد نظمت المسيرات المنددة بهذه الجريمة، وكذلك الاعتصامات والصدامات مع قوات الاحتلال والتي راح ضحيتها العديد من الأبطال الشهداء في معركة التحرر والثأر للشعب أينما وجد، وكعادتها اندلعت العمليات المقاومة ضد الكيان الغاشم الظالم الذي يتحرر من كل معاني الإنسانية ولا يملك من أخلاق وكرامة الأمم أي شيء، هذا ما كان على المستوى الشعبي.
أما ما كان من الموقف الرسمي الفلسطيني، فقد انتقدت السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان بأن قوات جيش الدفاع الإسرائيلي قامت أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين بارتكاب أعمال قتل غير مشروعة، واستخدام دروع بشرية، واستعمال القوة بصورة غير متناسبة، وبعمليات اعتقال وتعذيب تعسفية، ومنع العلاج الطبي والمساعدة الطبية. ويشير جنود جيش الدفاع الإسرائيلي الذين اشتركوا في اجتياح جنين إلى حدوث انتهاكات للقانون الإنساني الدولي من جانب المقاتلين الفلسطينيين داخل المخيم، بما في ذلك تمركزهم في منطقة مدنية مكتظة بالسكان واستخدامهم للأطفال لنقل الشراك المفخخة وربما نصبها، ورفعت التقارير متزامنة مع تقارير الهيئات والمنظمات الحقوقية، ومنظمات حقوق الانسان إلى المنظمات الدولية، وإلى هيئة الأمم من أجل التصدي لتلك الهجمة الشرسة الاسرائيلية ضد انسانية الانسان في فلسطين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي .
السلطة الوطنية الفلسطينية دعت المجتمع الدولي إلى معاقبة إسرائيل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة واتخاذ قرار حازم لحماية الشعب الفلسطيني، وإرسال بعثة تقصي الحقائق الدولية فوراً إلى المنطقة. وقال الوزير حسن عصفور رئيس اللجنة الوطنية الفلسطينية لمتابعة جرائم إسرائيل إن هذا الموقف الإسرائيلي (رفض اللجنة الدولية) يمثل جريمة حرب ضد الشعب الفلسطيني ويؤكد ارتكاب مجازر في مخيم جنين.

وقال الوزير ياسر عبد ربه، وزير الثقافة والإعلام، أن القرار الإسرائيلي هو بمثابة دليل واضح على أن هناك جرائم حرب ارتكبتها قوات الاحتلال في مخيم جنين وغيره من المدن والقرى الفلسطينية، مشيراً إلى أن إسرائيل تحاول إخفاء حقائق هذه الجرائم التي ارتكبتها ضد المدنيين العزل، واصفةً قرار إسرائيل منع اللجنة الدولية لتقصي الحقائق من الوصول إلى المنطقة بأنه مثل الذي يمنع القاضي من حضور جلسة المحكمة 30/4/2002. وأشار عبد ربه إلى أن القرار الإسرائيلي هو بمثابة تحد خطير للمجتمع الدولي وتحد لمصداقية المجتمع الدولي وقدرته على فرض إرادته على جميع الدول بدون استثناء وتساءل إذا لم تتعاون إسرائيل مع هذه اللجنة فكيف يمكن لنا أن نتوقع بأن تطبق القرارات الأخرى للأمم المتحدة ذات العلاقة بالشعب الفلسطيني.
من جهة أخرى قال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات نطالب الأمين العام للأمم المتحدة سرعة إرساله فريق تقصي الحقائق إلى الأراضي الفلسطينية، واعتبر عدم إرسال الفريق وصمة عار للأمم المتحدة والقانون الدولي.
غير أن ردود الفعل لا تقتصر فقط على المستوى الرسمي فقد عبرت شعوب الأرض قاطبة عن دعمها لنضال الشعب الفلسطيني ووقوفها إلى جانب قضيته العادلة. فجرت مظاهرات وفعاليات تضامن في مختلف العواصم والمدن العربية بما فيها تلك المناطق التي لم يسبق أن جربت مثل هذه الفعاليات. وكانت حركة الشارع قوية لدرجة أخافت الأنظمة العربية التي إما حاولت ركوب الموجة ومسايرة الجماهير وإما العمل على قمعها بالقوة ومنع انتشار الحركة التضامنية. وقد سجلت الشعوب العربية مواقفاً مثيرة للفخر وهي قد توجهت إلى السفارات الأمريكية وحيث توجد سفارات إسرائيلية وعبرت عن الدعم بالمظاهرة وبالمال وبالاجتماعات وحتى بالتضحية بالنفس. ودعت الشعوب العربية حكوماتها إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني ومساندته وفتح الجبهات مع إسرائيل ودعمه بالسلاح والرجال والعتاد. كما طالبت بإغلاق السفارات الإسرائيلية وقطع العلاقات مع إسرائيل والضغط على واشنطن حتى لو كان عبر مقاطعة البضائع الأمريكية من أجل إجبارها على موازنة مواقفها المنحازة لإسرائيل .
نفس الحركة شهدتها عواصم دولية وإسلامية عبرت عن التضامن المخلص مع الشعب الفلسطيني والرفض التام لممارسات وجرائم الاحتلال. وقد وصلت هذه التحركات الشعبية حتى الولايات المتحدة والبلدان المعروفة تاريخياً بتعاطفها مع إسرائيل.

ثانياً : ردود الفعل الدولية على المجزرة وفشل لجنة التقصي
كان واضحاً أن الولايات المتحدة رغبت في منح شارون الوقت الكافي ليكمل خطته المسماة "السور الواقي" فكانت التصريحات الأمريكية متناقضة وتحمل في طياتها تآمراً واضحاً على الفلسطينيين. وفي الوقت الذي كان فيه المسؤولون الأمريكيون يطالبون إسرائيل بإنهاء عملياتها العسكرية ووقف التوغل والانسحاب من المناطق الفلسطينية التي تم اجتياحها، كان الرئيس جورج بوش وبعض وزرائه ومستشاريه يؤكدون على أن ما تقوم به إسرائيل هو دفاع مشروع عن النفس. الأمر الذي يعني أن الإدارة الأمريكية تشجع شارون وتؤمن له الغطاء الكافي لمواصلة الحرب. وقد منعت حصول أي نقاش جدي في الأمم المتحدة للانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الإنسان الفلسطيني تحت طائل استخدام حق النقض "الفيتو" إلى أن استكمل الإسرائيليون حلقات المرحلة الأولى من حربهم العدوانية ضد الشعب الفلسطيني .
التعتيم الإعلامي الإسرائيلي على ما حدث في جنين لم يحل دون اكتشاف الحقيقة فمنظر الدمار الهائل والجثث التي بقيت تحت الأنقاض حتى التعفن لا يمكنه إلا أن يوقظ كل ذي ضمير إذا ما تسنى له مشاهدة المخيم عن قرب. مبعوث الأمم المتحدة تيري لارسن شاهد ما جرى وصرح بأن إسرائيل ارتكبت جرائم ضد "الإنسانية" في مخيم جنين. هذا التصريح جعل لارسن شخصية غير مرحب بها في إسرائيل، صحيح أن الدولة العبرية لم تصل في خطواتها ضده إلى الطرد، ولكنها فرضت مقاطعة رسمية عليه، حيث قرر مكتب رئيس الحكومة مقاطعته والامتناع عن الالتقاء به، حتى المبعوث الأمريكي وليام بيرنز عندما زار مخيم جنين وصف الدمار فيه بأنه "مأساة إنسانية لآلاف الفلسطينيين الأبرياء"، مع ذلك يتهم الإسرائيليون لارسن بأنه السبب في قرار الأمين العام للأمم المتحدة تشكيل لجنة تقصي حقائق حول جنين. وهو القرار الذي تبناه مجلس الأمن وحمل رقم 1405 في الاجتماع الذي عقده مساء الجمعة في 19/4/ 2002
وعلى ضوء التراجع الإسرائيلي قرر مجلس الأمن عقد جلسة مشاورات عاجلة حول الشرق الأوسط ولكنه لم يتخذ أي قرار وترك الباب مفتوحاً للاتصالات بين الأمين العام والسلطات الإسرائيلية. في هذه الأثناء كانت إسرائيل تستعد لاقتحام مبنى المقاطعة للقبض على المتهمين بقتل وزير السياحة الإسرائيلي رحبعام زئيفي. وأيضاً استكمال العملية العسكرية في غزة. لكنها تلقت رسالة حاسمة من الولايات المتحدة بعدم اقتحام المقاطعة. وقالت صحيفة معاريف (21/4/2002) أنهم في واشنطن يشكون أن إسرائيل تستعد الآن لاقتحام مكتب عرفات من أجل القبض على قتلة الوزير زئيفي وفؤاد الشوبكي. ويخشى الأمريكيون أنه إذا اقتحمت إسرائيل الموقع، فإن عرفات سيقرر التضحية بحياته والانتحار ونقلت الصحيفة عن مصادر أمريكية كبيرة أنه في الأيام الأخيرة توجه إليهم الكثير من قادة الدول العربية وأوضحوا أنه من المباحثات التي جرت مع الفلسطينيين اتضح أن هناك خوفاً من أن يضع عرفات حداً لحياته إذا اقتحمت إسرائيل الموقع
وفي هذه الحالة يخشى الأمريكيون من اندلاع النار في الشرق الأوسط كله. وفي نهاية الأسبوع خلال جلسة المطبخ كرر رئيس الحكومة أريئيل شارون موقفه بوجوب طرد عرفات، مع ذلك علم أنه يوجد في القيادة السياسية والجيش خلافات في الرأي حول اقتحام المقاطعة. من ناحية أخرى، حث أعضاء مجلس الأمن إسرائيل على عدم إيذاء الرئيس ياسر عرفات الذي تحاصره القوات الإسرائيلية داخل مقره في رام الله.
يبدو أن قرار إسرائيل بالتراجع عن قبول لجنة تقصي الحقائق له علاقة بالموقف من اقتحام مبنى المقاطعة. وفي اللحظة التي امتنعت فيها الحكومة الإسرائيلية عن اتخاذ قرار باقتحام مقر الرئيس عرفات، قررت تعطيل عمل اللجنة الدولية. طلبت إسرائيل من كوفي أنان تأجيل إرسال اللجنة حتى تبحث معه تركيبتها وصلاحياتها، فوافق أنان على ذلك وأرجأ وصول اللجنة إلى يوم السبت 27/4/2002 ولكنه لم يتم التوصل إلى اتفاق مع الحكومة الإسرائيلية فعادت إسرائيل وطلبت ثانية الإرجاء. وبالرغم من أن بعثة الأمم المتحدة أعلنت أنها تنوي الوصول إلى الشرق الأوسط يوم السبت وأنه لا وجود لاتصالات إضافية مع إسرائيل وهذا الإعلان جاء في أعقاب لقاءات أجراها رئيس البعثة مارتي اهتيساري مع اثنين من أعضائها الآخرين، وافق الأمين العام على طلب الحكومة الإسرائيلية هذا وأجل إيفاد البعثة مؤقتاً .
وقال فرد ايكهارد المتحدث باسم أنان إن هذا التأجيل سيكون مناسبة لإجراء المشاورات لكنه يتوقع أن يكون الفريق في الشرق الأوسط بحلول السبت المقبل. وقال إن السفير الإسرائيلي إيهودا لانكري قال لأنان إن حكومته ترغب في إرسال مندوبين إلى نيويورك ليشرحوا للأمين العام وجهة نظر إسرائيل. وقال إن السفير يسعى للحصول على إيضاحات حول تشكيلة الفريق وحجم مهمته وحول نقاط أخرى. وخلص المتحدث إلى القول إن الأمين العام أعلن أن مناقشة مسألة اختيار أعضاء الفريق غير مطروحة وهو لا يستبعد أن يكون وجود خبراء إضافيين ضرورياً". وقال لا نكري بعد اجتماعه مع أنان: "نعتقد أن التفويض الممنوح لفريق تقصي الحقائق يجب أن يشمل ليس فقط عملية إسرائيل العسكرية بل أيضاً الشبكة الإرهابية التي ترعرعت في مخيم جنين والتي سببت في الواقع العملية العسكرية الإسرائيلية، نرى أنه يجب أن يكون الفريق متوازناً بشكل أكبر وأن يضم عسكريين وخبراء في مكافحة الإرهاب... إن إسرائيل تطالب بأن تحقق لجنة تقصي الحقائق أيضاً في البنية التحتية الإرهابية في مخيم جنين .
وضعت إسرائيل العراقيل أمام وصول لجنة تقصي الحقائق الدولية إلى المنطقة. وفي وقت أعلن فيه أن أعضاء اللجنة أرجأوا سفرهم، دعت السلطة الوطنية الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان إلى عدم الاستجابة للمماطلات الإسرائيلية وإرسال فريق تقصي الحقائق فوراً إلى الأراضي الفلسطينية. ويذكر أن اجتماع الحكومة الإسرائيلية لم يتخذ قراراً بشأن اللجنة وقد طلب شمعون بيريس 28/4/2002 من أعضاء اللجنة تعليق مخططاتهم للقدوم إلى المنطقة معتبراً أن الظروف لم تنضج بعد لوصول أعضاء اللجنة إلى المنطقة، وهذا يعني أن أعضاء اللجنة غير مرحب بهم في إسرائيل، وذلك في وقت هدد فيه مسؤولون إسرائيليون بمنع أعضاء اللجنة من الوصول إلى مخيم جنين. وقد بعث الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان رسالة إلى إسرائيل أوضح فيها أن فريق تقصي الحقائق يتمتع بصلاحيات واسعة رغم احتجاجات الحكومة الإسرائيلية التي تسببت في بقاء بعثة الأمم المتحدة في جنيف حتى 29/4/2002.
الولايات المتحدة التي لم تتدخل في الاتصالات بين الأمم المتحدة وإسرائيل أبدت (29/4/2002) رغبتها في التوصل إلى اتفاق سريع بين إسرائيل والأمم المتحدة لكي يتمكن فريق تقصي الحقائق حول جنين من التوجه إلى المنطقة في أسرع وقت ممكن>>.هذا الموقف الشكلي لم يدعم بأي ضغط أمريكي أو حتى وساطة أمريكية لتذليل العقبات التي تحول دون معارضة إسرائيل وصول البعثة الدولية. ومن الواضح أن هناك صفقة إسرائيلية ـ أمريكية تكشفت تفاصيلها عندما تم حل موضوع المقاطعة. فالولايات المتحدة مثلها مثل إسرائيل لا تريد لجنة دولية يمكنها أن توجه اتهام إلى الدولة العبرية أو حتى يمكن أن تحرجها دبلوماسياً.هكذا وصل موضوع اللجنة الدولية لتقصي الحقائق في مخيم جنين إلى نهايته ولم تلق نداءات رئيس مجلس الأمن الدولي السفير الروسي الذي بقي ينتظر الرد الإسرائيلي الذي لم يأت. وفي الواقع كان الرد الإسرائيلي أقوى من الصفعة لطَم المنظمة الدولية واستخف بها. المجلس الوزاري الأمني المصغر قال في ختام اجتماع له في 30/4/2002 إن إسرائيل لم تتلق إجابات مقنعة على القضايا التي أثارتها من أجل ضمان <<مراجعة عادلة لما حدث في جنين. و<<مادامت هذه الشروط لم تلب فلا إمكانية لبدء المراجعة. وصرح رئيس الحكومة الإسرائيلية أريئيل شارون <<بذلنا جهوداً استثنائية كي لا نؤذي الأبرياء... أية محاولة لتشويهنا أو تقديمنا للمحاكمة أمام العالم لن تنجح، لا يوجد جيش آخر تصرف طبقاً لمثل هذه المعايير الأخلاقية العالية
وأيد كوفي أنان حل لجنة تقصي الحقائق وقال (30/4) إن الأمم المتحدة <<فعلت كل شيء للاستجابة لبواعث القلق الإسرائيلية بشأن لجنة تقصي الحقائق في الهجوم الإسرائيلي على مخيم جنين. وقال كييران برندير غاست الأمين العام المساعد للشؤون السياسية للصحافيين <<يميل الأمين العام إلى حل فريق تقصي الحقائق إذ يبدو من خلال بيان مجلس الوزراء الإسرائيلي أمس أن الصعوبات التي تواجه نشر الفريق لن تحل قريباً. وأكد، في اليوم التالي، كوفي أنان. صحة هذا النبأ.
ثالثاً : ردود الفعل على أحداث جنين وفشل لجنة تقصي الحقائق:
زارت مجموعة برلمانية تمثل الطيف السياسي في أوروبا مخيم جنين والمناطق الفلسطينية (30/4). وقال البرلمانيون الأوروبيون في تعليقهم على ما شاهدوه "إن ما قامت به الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية عموماً وفي مخيم جنين خصوصاً يمثل جريمة حرب"، وفي الوقت الذي أكدوا فيه على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي أريئيل شارون وحكومته إنما يشكلون كارثة على المنطقة، فإنهم شددوا على أن أوروبا لن تقف مكتوفة الأيدي تجاه ما يجري، وأنهم سيدعون لفرض عقوبات على إسرائيل تبدأ بتجميد الاتفاق التجاري الأوروبي ـ الإسرائيلي. وبعد زيارتهم لمخيم جنين عبروا عن صدمتهم مما شاهدوه مؤكدين على أن ما يسميه رئيس الوزراء الإسرائيلي حرباً ضد الإرهاب، إنما هو في حقيقة الأمر محاولة إسرائيلية لتدمير السلطة الفلسطينية والآمال الفلسطينية بالسلام مشيرين إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي دمرت البنية التحتية في الأراضي الفلسطينية. وأفاد تقرير للمنظمات الإنسانية الدولية نشر في 23/4 في جنيف عن تدمير حوالي 600 منزل في جنين. وأعربت كل من منظمة الصحة العالمية والوكالة الحكومية الأمريكية للمساعدة ووزارة الصحة الفلسطينية في تقرير مشترك عن قلقها من العراقيل الحالية الموضوعة أمام دخول المنظمات الإنسانية. وأشار التقرير إلى أن الأرقام المقدمة من الأمم المتحدة بتقييم أولي تشير إلى تدمير 600 منزل وإلى أن 200 آخرين لم يعودوا صالحين للسكن .
فرنسا بدورها انتقدت الموقف الإسرائيلي من لجنة تقصي الحقائق وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرانسوا ريفاسو عبر تعقيد وتأخير ورفض عمل بعثة الأمم المتحدة في جنين، فإن إسرائيل تسيء إلى صورتها. على إسرائيل أن تقبل دون إبطاء هذه المهمة التي قررها مجلس الأمن في الأمم المتحدة بالإجماع>>. <<نعرف أن إسرائيل ترغب في إدخال خبراء مكافحة الإرهاب في البعثة غير أن الأمين العام للأمم المتحدة سبق أن أخذ الأمر في الاعتبار. ودعا وزير الخارجية الدانماركي بيرسيغ مومر إسرائيل (24/4) إلى الموافقة فوراً على استقبال بعثة الأمم المتحدة المكلفة بتقصي الحقائق في مخيم جنين مؤكداً أنه لم يعد في وسعها المماطلة، وذلك في تصريح نقلته وكالة الأنباء الدنماركية. وقال مومر (محافظ) الذي تتولى بلاده في الأول من تموز الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي إنه لا يمكن أن ننتظر أكثر، ينبغي أن تتوجه البعثة إلى جنين طالما أن الدلائل لا تزال موجودة، لا أصدق أن إسرائيل مستمرة في الرفض بعد الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريس خلال مؤتمر أوروبا ـ المتوسط في فالنسيا، وأعرب فيها عن دعمه التام لهذه المهمة... على إسرائيل أن توافق على استقبال هذه المجموعة التي عينها أنان .
وفيما يبدو أنه رد فعل على الدعوات الشعبية العربية للدول العربية بفتح حدودها أمام المتطوعين لمحاربة إسرائيل، ألمح رئيس الوزراء المصري عاطف عبيد أن مصر مستعدة لإعلان الحرب على إسرائيل في حال وضعت الدول العربية تحت تصرفها 100 مليار دولار .
المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ماري روبنسون قالت في 24/4/2002 أنه يجب وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية والعمليات ضد المدنيين الإسرائيليين، وأوصت بإجراء تحقيق شامل ومستقل حول كل أعمال العنف التي تجري في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل. وأضافت <<هناك حاجة ماسة لإجراء تحقيق شامل حول كل الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، تحقيق يكون مستقلاً عن أطراف النزاع على أن يجري بتعاون تام معها .
وفي خطوة جريئة وشجاعة وأصيلة أعلن سفير النيجر لدى قطر أن بلاده قررت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل بعد أن رأت في الآونة الأخيرة ما يحدث للشعب الفلسطيني من قتل وتدمير، وأضاف في تصريح لصحيفة الوطن أن النيجر دولة إسلامية يدين 98% من سكانها بالإسلام وأن سياساتها ثابتة تجاه القضية الفلسطينية وتدعم الرئيس ياسر عرفات وسلطته الفلسطينية الشرعية، كما أعلن وزير الخارجية الإندونيسي حسن ويرايودا في أبو ظبي أن بلاده لا تعتزم إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية، ووصف ميغيل موراتينوس (المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى الشرق الأوسط) (29/4/2002) الدمار في مخيم جنين بأنه "مأساة إنسانية" وقال خلال تفقده للمخيم: "أخرج متأثراً للغاية وبانطباع مريع لما شاهدته... إنه فشل لأناس مثلي يعملون بلا كلل لتفادي هذا النوع من الحوادث"، هذا وقد علق رئيس المفوضية الأوروبية رومانو برودي على الرفض الإسرائيلي لاستقبال اللجنة الدولية بأنه "غير مقبول"، وقالت (الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية) التي زارت مخيم جنين لعدة أيام "إن الجيش الإسرائيلي ارتكب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني في هذا المخيم"، كما