علاقات الحبك
تقديم
المبحث هو جزء من رسالة ماجستير تتناول عناصر الربط النصى فى ديوان الشلعر أحمد رامى ، وتتمثل تلك العناصر فى عنصرى السبك والحبك وهما من معايير النصية السبعة ، والسبك هو عنصر يضم مجموعة الوسائل التى تتحقق بها الاستمرارية فى ظاهر النص وينقسم إلى سبك نحوى يتمثل فى عناصر الوصل والاستبدال والحذف ، وسبك معجمى يتمثل فى عنصرى التكرار والمصاحبة المعجمية ، أما الحبك فهو عنصر يختص بالاستمرارية بين المفاهيم / المعانى داخل النص وتمثله عناصر مثل دور العنوان فى حبك النص ودور الإحالة أيضا إضافة إلى المبحث الذى بين أيدينا.
تقوم بين النصوص علاقات متعددة تجمع بين المفاهيم المختلفة وبخاصة عند انتقالها وتحركها ، إذ لابد من صلة ما تقوم بين المعانى داخل النص حتى نستطيع أن ندرك مراد المرسل من حديثه ، فعلاقات الحبك هى " علاقات تجمع بين أطراف النص دون أن تظهر فى وسائل شكلية مثل علاقات العموم والخصوص ، والسبب والمسسب ، والمجمل والمفصل ، تحقق شرطى الإخبارية والشفافية مستهدفة تحقيق درجة معينة من التواصل " (1)
والنص فى ذاته يتكون من بنى صغرى ، كل من هذه البنى الصغرى تسلمك إلى مشابهتها بعلاقة دلالية معينة مكونة فى نهاية الأمر البنية الدلالية الكبرى / النص ، وهذا هو ما يعطينا انطباعاً بأن النص الشعرى بصفة خاصة والنص بصفة عامة هو وحدة دلالية بالدرجة الأولى .
وقد جعل فاندايك الحبك عنصراً يتحدد على مستوى الدلالات حين يتعلق الأمر بشيئين(2):ـ
الأول / حين يتعلق بالعلاقات القائمة بين التصورات والتطابقات والتشابهات والمقارنات فى المجال التصورى .
الثانى / حين يتعلق الأمر بمستوى الإحالة ، أى ما تحيل إليه الوحدات المادية فى متوالية نصية.
وقد ذكر "روبرت دي بوجراند" أن علاقات الحبك تتمثل فى(3):ـ
1ـ العناصر المنطقيه ؛ كالسببية والعموم والخصوص .
2ـ معلومات عن تنظيم الأحداث والأعمال والموضوعات والمواقف .
3ـ السعى إلى التماسك فيما يتصل بالخبرة الإنسانية ويدعم الحبك بتفاعل المعلومات التى يعرضها النص مع المعرفة السابقة بعالمه .
وتتمثل المواقف التى يذكرها "دي بوجراند" فى العنصر الثانى فى تشكيلات الأشياء الموجودة وأوضاعها الحاضرة فى حالاتها الراهنة ، مثل : أطفال يلعبون ، وفرس يركض ، وجدار منهدم ، أما الأعمال فهى ما يقوم به فاعل ما على نحو مقصود ، مثل : الأكل ، الشرب ، الخروج ، وتتمثل الأحداث فى الوقائع التى توقع تغيراً فى المواقف أو تغير حالة فى إطار موقف ، مثل : السهو والغرس فى قولهم " سها فسجد ، وغرس فأكل " فالسهو حدث وقع فغير الموقف وأدى به إلى السجود ، والغرس أدى إلى الأكل (4) .
وقد زاد تمام حسان على ما ذكره دى بوجراند من علاقات ، فذكر من هذه العلاقات "علاقة السببية ، والعلاقة التفسيرية ، وعلاقة قلب الدعوى ، وعلاقة الملابسة ، وعلاقة التفصيل والإجمال ، وعلاقة الإنكار ، وعلاقة الإجابة بالسؤال ، وعلاقة الأجزاء ، وعلاقة الإلزام "(5) ، وقد لخص فاندايك أبرز هذه العلاقات فى الآتى(6):ـ
1ـ السببية 2ـ الزمنية 3ـ الإبدالية 4ـ المقارنة
5ـ التضمين : وقد شملت علاقة الكل والجزء وعلاقة الملكية .
ومن جملة النماذج التى قدمتها أبوغزالة وحلمى خليل يمكن أن نستخلص عدداً من علاقات الحبك وردت أثناء الحديث عن نماذجهم ، مثل (7):ـ
1ـ السببية : مثل سها فسجد ، فالسهو هو سبب السجود .
2ـ الإتاحة : مثل غرس فأكل ، فالغرس أفاد الأكل .
3ـ التسويغ : مثل اكفنى شرّك ، لم أعد احتمل .
4ـ الغايـة : مثل جاء به لخدمته ، ومنه قوله تعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)" (الذاريات) .
5ـ القرب الزمانى : مثل قوله تعالى "فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (24)" (النازعات ) .
6ـ علاقات المكان : مثل تبدو الشمس وهى خلف السحاب .
7ـ علاقات الارتباط النحوى : كالفاعلية والمفعولية .
وقد لخص سعد مصلوح علاقات الحبك فى " علاقات الفاعلية والكيان المؤثر ، وعلاقات المفعولية والكيان المتأثر ، وعلاقات الحضور العينى أو الذهنى المكانية والزمانية ، وعلاقات التلازم النسبى كالحنان الملازم للأب والأم والانتماء الملازم للأهل والقرابة ، وعلاقات المعية والمصاحبة ، وعلاقات الارتداد واستدعاء الضد " (8)، أما فولفجانج هاينه مان و ديتر فيهفجر فهما يرون أن " النصوص عبارة عن مركبات قضوية تحددها تحديداً حاسماً المعرفة التى يمتلكها مفسر النص عن المحيط الطبيعى والاجتماعى"(9) ، ولهذا فقد جعلا علاقات ربط النصوص تتمثل فى :ـ
(أ) علاقات قضوية متداخلة (نحوية) مثل :
(وصل / عطف / سببية / شرطية / تعاقبية / اعتراضية / ختامية / زمنية / كيفية / مقارنة / استدراك) .
عدا هذه الأنواع يجب أن يوضع فى الاعتبار فى أوجه الوصف الدلالى للنص .
(ب) علاقات قضوية غير متداخلة (دلالية) مثل :
(معللة / موضحة / مخصصة / مؤكدة / مصوبة / علاقات السؤال والإجابة) (10) .

عرضنا السابق ليس حشواً أوزيادة ، ولكن أردنا أن نخلص منه إلى ما أشار إليه الدكتور محمد حماسة بقوله أن " العلاقات الدلالية متنوعة ومتجددة بتنوع وتجدد النصوص بحيث يكاد كل نص يبتكر وسائل تماسكه الدلالية ، ولا شك أن هذا التنوع والتجدد لهذه العلاقات يؤكد نسبية هذا المعيار ـ الحبك ـ من نص لآخر "(11) ، وتعلو هذه النظرة عند كل من براون ويول حيث لايعتبران أن هذه العلاقة ـ الحبك ـ تتنوع بتنوع النصوص فقط بل تختلف باختلاف فهم المتلقين للنصوص " فهما لايعتبران انسجام الخطاب شيئ معطى ، شيئ موجود فى الخطاب ينبغى البحث عنه للعثور عليه ، وإنما هو شئ يبنى فليس هناك نص منسجم فى ذاته ونص غير منسجم فى ذاته باستقلال المتلقى، بل إن المتلقى هو الذى يحكم على نص ما بأنه منسجم أو غير منسجم ، فيستمد الخطاب انسجامه من فهم وتأويل المتلقى ليس غير "(12) ، وذلك هو ما "جعل رولان بارت يطرح فكرة موت المؤلف وولادة القارئ ، وقطع الصلة بين النص وصوت بدايته ، ومن هنا تبدأ الكتابة التى أصبح بارت يسميها النصوصية textuality بناء على أن اللغة هى التى تتكلم وليس المؤلف لأن وحدة النص لاتنبع من أصله ومصدره ، وإنما من مصيره ومستقبله" (13) .
ومن هذا المنطلق فإن "التواصل الإنسانى يعتمد بشكل حاسم على مقدرة المتلقى على استخلاص فهم أكثر دقة للمعنى المقصود فى اللفظ من المعنى الذى تنقله الكلمات بمفردها"(14) .
ستنطلق الدراسة فى تناول علاقات الحبك ما تواجد منها فى النص المدوس ، لربما ذكرت البعض وأغفلت الآخر ، ولربما ظهرت لنا بعلاقات جديدة ، وهذا ما سنورده فيما يلى .

1ـ علاقة السببية
تأتى هذه العلاقة لتربط بين جملتين تكون أحدهما سبباً فى حدوث الأخرى ، وبالتالى تكون الأخرى نتيجة لها ، وهى علاقة تتواجد بكثرة فى اللغة نظراً لأن اللغة تقوم على التواصل بين الأفراد " والفرد العاقل لا يفعل فعلاً إلا لغرض أو علة "(15) ، ويقتضى السياق فى بعض الأحيان أن يلجأ المرسل إلى هذه العلاقات لتكون معيناً له على بيان سبب وقوع الحدث ، فضياع الأمل هو سبب أحدث نتيجة البكاء فى قول الشاعر :ـ
وأمان ضاعت بكيت عليها بين أدراسها التى تحتوينى
{الديوان صـ 36}
فالرابط بين جملة " بكيت عليها " وجملة " أمان ضاعت " يتمثل فى علاقة السببية الكامنة بين الجملتين ، والتى اعتمد عليها المرسل فى حديثه ليحدث نوعاً من الربط لايعتمد على الأدوات الشكلية ، وقد أكثر منه الشاعر فى الديوان فكان منه قوله :ـ
خلق الناس عاملين وقال الله سعيا إلى مراقى الكمـال
فانبرى كلهم يريغ سبيل المجد حفت بالأمن والأوجال
{الديوان صـ 38}
فقول الشاعر "فانبرى كلهم يريغ سبيل المجد " هو نتيجة حدثت بسبب قول الله لهم على لسان الشاعر "سعياً إلى مراقى الكمال " .
ومنه قوله :ـ
أمل واحد تباين معناه فكان الخلاف فى الأعمال
{الديوان صـ 38}
فجملة "كان الخلاف فى الأعمال " هى نتيجة لجملة " تباين معناه " فإن لم يختلف معناه ـ الأمل ـ لم يحدث الخلاف .
وقوله :ـ
دب حب النفوس فيهم فأطغاهم وعفى على حميد الخصال
{الديوان صـ39}
فجملة " فأطغاهم " هى نتيجة لقول الشاعر قبلها " دب حب النفوس " ، فالواضح أن "الربط السببى شأنه شأن الروابط الدلالية جميعاً يقوم مقام الإحالة على المدى البعيد "(16)، كما ظهر فى الأمثلة السابقة ويؤكده قول الشاعر :ـ
سكنت فما انتزعت مكين سنانها كف وما سقته كأس حمـام
{الديوان صـ 40}
فقد وقعت جملة " فما انتزعت مكين سنانها كف " نتيجة لقول الشاعر " سكنت " .
وقوله :ـ
وأخذت أذنى بالنواح فأصبحـت تستعذب الأنـات فى الأنغام
وتركت عينى للدموع فأصبحـت فى الضوء آنسة وفى الإظلام
ورجعت وطنت الفؤاد على الضنى فاعتاده واعتدت برح سقامى
وغرست فى قلبى الشجون فأثمرت وجنيت منهـا نعمـة الآلام
{الديوان صـ 41}
فقد اعتمد الشاعر اعتماداً كلياً على علاقة السببية فى المثال السابق ، فكل بيت من الأبيات السابقة يحتوى على سبب ونتيجة وقعت به ، فمؤدى نتيجة "أصبحت تستعذب الأنات " هو السبب فى قول الشاعر "وأخذت أذنى بالنواح" ، ووقعت جملة "أصبحت فى الضوء آنسة " نتيجة لجملة " وتركت عينى للدموع " التى تأخذ دلالة السبب ، كما وقعت جملة "اعتاده واعتدت برح سقامى " نتيجة لجملة " ورجعت وطنت الفؤاد " ، وجملة " فأثمرت " نتيجة لجملة "وغرست فى قلبى " التى تأخذ دلالة السبب .
ومنه قوله :ـ
بين الحقيقة والخيال مصارع أودت بما فى النفس من إقدام
{الديوان صـ 41}
فعجز البيت السابق نتيجة لصدره .
وقوله :ـ
عاودتنى وكنت منفـردا فى الليل أبكى على شقـائى المقيـم
فجلت لى ستر السنين عن الماضى كأنى فى روضة المنظوم
{الديوان صـ 42}
النتيجة هى تلك القضية / المعنى التى يسعى الشاعر إلى إبرازها من خلال الأسباب ، فمثلا القضية فى المثال السابق الذى يسعى الشاعر إلى إبرازها هى كشف ما سترته السنوات عن الماضى إذ إن النتيجة هى جملة "فجلت لى ستر السنين " وسببها هو جملة "عاودتنى " والضمير فى جملة السبب يعود على الذكرى .
وقوله :ـ
وعيوب النقوش تخفى على البعد فيبدو الدميم غير دميم
{الديوان صـ 43}
فجملة "يبدو الدميم غير دميم " هى نتيجة لجملة " عيوب النقوش تخفى " التى تأخذ دلالة السبب ، فلولا السبب ما وقعت النتيجة .
وقوله :ـ
لقد جف من هذى الحياة ربيعها فلا عجب أن تذبل الوجنات
{الديوان صـ 47}
فقد وقعت جملة " لاعجب أن تذبل الوجنات " نتيجة للسبب "جف من هذى الحياة ربيعها " ، فربط الشاعر بين الجملتين ربطاً دلالياً أدى إلى استمرارية المعنى داخل البيت .
وقوله :ـ
وهاجر الطير فلا صادح يشدو على الأغصان أو يسجع
{الديوان صـ 49}
فجملة "فلا صادح يشدو" هى نتيجة لجملة " وهاجر الطير " .
وقوله :ـ
ربت همومى فنبا مضجعى وصاحب الآلام لايهجع
{الديوان صـ 49}
فجملة "نبا مضجعى " وقعت نتيجة لجملة " ربت همومى " .
وقوله :ـ
سمع الطير فى الغصون تحييه فغنى لها يرد السلاما
{الديوان صـ 56}
فالسبب فى وقوع الغناء هو سماعه الطير وهى تحييه فجملة " فغنى لها " هى نتيجة لجملة "سمع الطير تحييه" .
وقوله :ـ
وسمونا على جناح الأمانى فاتخذنا بين النجوم مقاما
{الديوان صـ 56}
فجملة " سمونا على جناح الأمانى" هى السبب فى وقوع جملة "فاتخذنا بين النجوم مقاما " .
وقوله :ـ
حب تضرم فى ثنايا أضلعى فأصابه يأس بطول قـرار
وبكيته حتى مللـت بكـاءه فسكت منطويا وحزنى وار
{الديوان صـ 59}
فقد جاء عجز البيت الأول نتيجة لصدره ، وعجز البيت الثانى وقع أيضاً نتيجة لصدره ، فأحدثت علاقة السببية استمرارية بين المفاهيم داخل النص .
وقوله :ـ
فجلا من الأيام ظلمتها فبدت وفيها متعة المقل
{الديوان صـ 53}
فقد وقعت جملة " بدت وفيها متعة المقل " نتيجة لجملة "جلا من الأيام ظلمتها " ، فارتبطت الثانية بالأولى نتيجة لعلاقة السببية التى لاتكاد قصيدة فى الديوان تخلو منها ، فهى عنصر حبك أساسى اعتمد عليه الشاعر فى محاولة منه لاستمرارية المفاهيم داخل النص .
ومنه قوله :ـ
كلما شاقه الجمال تغنى فسمعنا غناءه إلهاما
{الديوان صـ 55}
فجملة "كلما شاقه الجمال " هى سبب أحدث النتيجة (تغنى) ، وفى الوقت ذاته تقع النتيجة (تغنى) سبباً فى وقوع النتيجة بعدها (سمعنا غناءه إلهاما ) ، وبالتالى فقد كانت عنصر مشترك كالتالى:ـ



سبب ـــــــــــ نتيجة
| |
كلما شاقه الجمال تغنى فسمعنا غناءه
| |
سبب ـــــــــــ نتيجة

وقد استطاعت هذه العلاقة الانتشار داخل النص ، كما ساعدت على الربط بين عدة جمل وليس جملتين فقط ، كما فى قول الشاعر :ـ
خلقت آهة فكانت عزاء من هموم الحيـاة والأحـزان
وجرت دمعة فكانت شـ ـفاء للمعنى ورحمة للعانـى
وسرت أنه فكانت غناء يطلق الروح فى سماء الأمانى
{الديوان صـ 61}
فجملة "كانت عزاء" هى نتيجة لجملة " خلقت آهة " فى البيت الأول ، وجملة "كانت شفاء " هى نتيجة لجملة " جرت دمعة " فى البيت الثانى ، وجملة " كانت غناء " هى نتيجة لجملة " سرت أنة " فى البيت الثالث ، فلولا المسبب فى الجمل السابقة ما وقعت النتائج .
ومنه قوله:ـ
إننى فى رباك فتحت عينى فأبصـرت أول الأنــوار
وسقانى النمير من نيلك العذ ب فروى تعطشـى وأوارى
وغذانى ثراك فاشتد غرسى وصفا موردى وطاب قرارى
{الديوان صـ 66}
فعلاقة السببية فى المثال السابق لاتحتاج إلى توضيح ، وتوافر هذه العلاقة بهذا الكم فى الديوان هو دليل على اعتماد الشاعر عليها فى الربط بين منظومة المفاهيم التى يسعى إلى إقناع المتلقى بها ، ودليل على أهمية هذه العلاقة وقدرتها على استمرار المفاهيم داخل النصوص أى حبكها .


2ـ علاقة التعليل
تفيد هذه العلاقة التقرير ، وهى علاقة قريبة من علاقة السببية تقوم بالربط بين قضايا متنوعة يقدّر أحد طرفيها إجابة لاستفهام أداته ( لماذا ؟ ) ، ويؤدى التعليل فى اللغة بحروف تدل عليه مثل : اللام ، إن ، أن ، إذ ، الباء ، كى ، لعل ، وقد وردت هذه العلاقة فى الديوان فى قول الشاعر :ـ
وطاولت حبل الهجر منك لعلنى أطامن نفسى أن تطيق جفاك
{الديوان صـ 116}
فلو قدر السؤال فى الجملة الأولى بالأداة لماذا ؟ فأصبح صدر البيت " لماذا طاولت حبل الهجر منك ؟" لوقعت الإجابة فى الطرف الثانى / عجز البيت "لعلنى أطامن نفسى أن تطيق جفاك " فالجملة الثانية هى تعليل للجملة الأولى فى المثال السابق .
ومنه قوله :ـ
أنت ضنّى ولا أضنّ على الناس بمرأى جمالك الفتان
كل من يفهم الجمال حرى بمتاع العيـون والوجـدان
{الديوان صـ 111}
فجملة "كل من يفهم .............." هى جملة تعليلية ـ تقدر قبلها أداة التعليل المحذوفة (لأن) ـ لجملة " لا أضنّ على الناس ........." ، والضنين هو البخيل بالشئ النفيس ، فعلى الرغم من أنّ محبوبته شئ غال ونفيس إلا أنه لا يبخل على الناس برؤية جمالها لأنه علم أنّ كل من يفهم الجمال حق له أن يمتّع ناظريه به ، فالبيت الثانى قد ارتبط باليت الأول فى ظل غياب رابط شكلى بينهما إلا أن الرابط كان معنوى ظهر فى استمرارية المفاهيم وتعليق فهم البيت الثانى على الأول .
ومنه قوله أيضا :ـ
أقرأ الكون صفحة أستبين الرأى فيها واستمد فنونى
{الديوان صـ 36}
فجملة " أستبين الرأى فيها " هى تعليل لقول الشاعر " أقرأ الكون صفحة " ويقدر قبلها إما "اللام" أو "كى" .
وقوله :ـ
مرحبا ياعوالم الروح إنى ضقت ذرعاً بعالم مأفون
{الديوان صـ 37}
فجملة " إنى ضقت ذرعاً " هى تعليل لقول الشاعر " مرحبا ياعوالم الروح " ، فالشاعر يرحب بعالم الأرواح لأنه لم يعد يريد الحياة فى عالمه ، فوقعت الجملة الثانية تعليل للجملة الأولى فحدث الربط بين الجملتين على الرغم من غياب الروابط الشكلية بين كليهما .
وقوله :ـ
هات املئى كأس الشقاء فإننى أستمرئ الأحزان يا أيامى
{الديوان صـ 41}
فالجملة المؤكدة بإن " أستمرئ الأيام يا أحزانى " تعليل لجملة "هات املئى كأس الشقاء " .
وقوله :ـ
وأكذب نفسى إننى إن صدقتها أغار عليها الهم والحسرات
{الديوان صـ 48}
فجملة " أكذب نفسى " تعليلها الجملة المؤكدة بعدها " إننى إن صدقتها أغار ......." ، فعلى الرغم من خلو البيت من الروابط الشكلية إلا أنه توافرت استمرارية فى المفاهيم داخل البيت نتيجة لعلاقة التعليل بين الجمل .
وقوله :ـ
سمع الطير فى الغصون تحييه فغنى لها يرد السلاما
{الديوان صـ 56}
فجملة " يرد السلاما " هى تعليل لقول الشاعر " فغنى لها " ، فالعلة من غناء الشاعر هو رد التحية والسلام على الطيور التى تحييه .
وقوله :ـ
فاجعلى أنت رويّا فبعض النـ ـوح أشجى من مطربات الأغانى
{الديوان صـ 57}
فجملة " فبعض النوح أشجى ........." هى تعليل للأمر القائم على جهة الطلب فى قول الشاعر " فاجعلى أنت رويّا " ، والمقصد أنه يطلب من نفسه أن تتمهل وتتروى لأن بعض الطيور فى نواحها تكون أشجى من مطربات الأغانى ؛ فهو يهون الأمر على نفسه إذ يعادل قوله ما يقال من البعض " ربّ ضارة نافعة " .
وقوله :ـ
رجعى كل محزن من أغانيك فإنى أهوى الذى يبكينى
{الديوان صـ 72}
فجملة الشاعر "فإنى أهوى الذى يبكينى " تعليل لقول الشاعر " رجعى كل محزن من أغانيك " .
وقوله :ـ
فدعينى أنزف دموعى فقد أحرم سقياً من بادرات الجفون
{الديوان صـ 72}
فالجملة المؤكدة بقد " فقد أحرم سقيا "هى تعليل لقول الشاعر " فدعينى أنزف دموعى ".
وقوله :ـ
إنما الدمع راحة فأفيضه أروح عنى بسكب شئونى
{الديوان صـ 72}
فجملة " أروح عنى بسكب شئونى " تعليل لقوله " فأفيضه " يقدر بينهما لام التعليل .
وقوله :ـ
هبنى جناحك كى أطير به وأحط فوق شواهق القنن
{الديوان صـ 74}
فجملة " كى أطير به " هى تعليل لقوله " هبنى جناحك ".
وقوله :ـ
تمنيت أخطر بين رباه أضم من الزهر ما أنتقى
{الديوان صـ 91}
فجملة " أضم من الزهر ........" هى تعليل لقول الشاعر " تمنيت أخطر بين رباه " .
وقوله :ـ
تعب الشوق بيننا واستجار الوجد من طول جيئة وذهاب
{الديوان صـ 92}
فقول الشاعر " من طول جيئة وذهاب " تعليل لقوله " تعب الشوق واستجار الوجد " .
وقوله :ـ
والبرايا تحف من كل فوج تتملاك روعة وذهولا
{الديوان صـ 95}
فالناس تأتى من كل مكان لتشاهد رمسيس ، فقوله " تتملاك روعة وذهولا " هو تعليل لقوله "والبرايا تحف من كل فوج" .
وقوله:ـ
سوف نعليك قامة ومقاماً ثم نوليك فينـا مرقباً معـزولاً
تشهد النيل منه ينداح فى الوادى ويطوى روابياً وسهولاً
{الديوان صـ 95}
فهم سوف يرفعون مكان رمسيس إلى مكان أعلى مما كان فيه ليشاهد النيل من هذا المكان وهو يمر فى الوادى ، فوقعت جملة " تشهد النيل منه ينداح فى الوادى " تعليل لجملة "سوف نعليك قامة ومقاما ".

3ـ علاقة الإجمال / التفصيل
تأخذ هذه العلاقة صفة المرجعية ، إذ إنها " علاقة تقوم على شرح ما أجمل ذكره سابقاً"(17) ؛ أى أن يذكر الكلام مجملاً ثم يأتى بعد ذلك مفصلاً دون رابط لفظى بين التفضيل وما سبقه من إجمال .
وقد تسير العلاقة فى اتجاه معاكس فتنتقل من التفصيل إلى الإجمال ، ويطلق علماء البلاغة على هذه العلاقة علاقة (التقسيم ثم الجمع) ، أما إن ذكر الكلام مجملاً ثم فصل بعد ذلك فيسمى عندهم علاقة ( الجمع ثم التقسيم)(18) ، ومن هذه العلاقة فى الديوان قول الشاعر:ـ
ذكرت شبابى وما قد لقى على شاطئ الابيض الأزرق
زمان خطرت على رمله أجر ذيول الصبا المونــق
مع الليل من مغرب ساحر إلى الفجر فى مطلع مشـرق
أهيم مع الموج فى كـره متى يتفــرق أو يلتقــى
وأسرى مع النجم عبر السماء تهاوى على صفحة الزئبـق
{الديوان صـ 90}
تكمن العلاقة فى الأبيات السابقة فى علاقة إجمال بالتفصيل ، حيث جاء البيت الأول مجملاً ، فقد أشار الشاعر إلى ما لقيه فى شبابه على شاطئ البحر بالاسكندرية، ثم فصل بعد ذلك هذه الأشياء فى الأبيات التى تلته قائلاً " زمان خطرت على رمله أجر ذيول الصبا ، أهيم مع الليل ، أسرى مع النجم ........." ، فقد استطاعت هذه العلاقة أن تربط بين الأبيات ربطاً محكماً أدى إلى الاستمرارية فى النص وتوحد الحدث ، وقد اعتمد الشاعر على هذه العلاقة فى الكثير من قصائده ليخلق نوعاً من الترابط المفهومى داخل هذه القصائد ، فكان منها قول الشاعر :ـ
ودار الزمان بنا فانتبهنـا على صيحة الثائر المحنق
إلام السكوت علام الرضا ونحن مع الحق فى مأزق
تفشى الضلال وساء المآل وجار الغنى على المملـق
وبيعت ضمائر لاتشتـرى وراجت أكاذيب لم تصدق
وسار بنا ركب هذا الزمان ونحن على الدرب لم نلحق
{الديوان صـ91}
فقول الشاعر "صيحة الثائر المحنق" إجمال تفصيله الأبيات بعده، وكأنه أراد أن يقول : كنا فى غفوة فانتبهنا إلى أحد يصيح قال فى صيحته كذا وكذا وكذا ، فالأبيات الأربعة التالية للبيت الأول هى تفصيل لما أجمل فى قوله " صيحة الثائر المحنق " .
وقوله :ـ
والناس صنفان : ريان أخو شبع منضر الوجه غض الجسم حاليه
ونضرة الوجه مر العمر يذبلهـا وزاهر الثوب طول العهد يبليـه
وشاحب ضامر من طول مسبغة عريـان لكن لـه طبع يحليـه
{الديوان صـ 45}
ففى قوله " الناس صنفان " إجمال تفصيله قوله " ريان أخو شبع ، شاحب ضامر " .
وقوله :ـ
وكل مافى العيش من راحة أو تعب أو دعة أو خطر
{الديوان صـ 164}
فقول الشاعر " كل مافى العيش " هو إجمال تفصيله " من راحة أو تعب أو دعة أو خطر " .
وقوله :ـ
إلى أسوان أزمعت الرحيـلا أشاهد ذلك العمل الجليلا
وانظر كيف بات النيل فيها أسيرا بين شطّيه ذليـلا
{الديوان صـ 96}
فقول الشاعر " العمل الجليلا " هو إجمال تفصيله قوله " بات النيل فيها ـ أسوان ـ أسيرا بين شطّيه " ، ويقصد به حادثة بناء السد .
وقوله:ـ
تعالى الله أجراه نميـرا يفيض على الجوانب سلسبيلا
تمايل غصنه ثمرا شهيا وأينع عوده زهـرا جميـلا
إذا بلغ المدى حفت إليـه جموعهم وضاق بهم سبيـلا
يؤدون التحايا والهدايـا إلى مهديهم الخيـر الجزيـلا
{الديوان صـ 96 ،97}
ففى قول الشاعر " يفيض على الجوانب ، تمايل غصنه ثمرا ، أينع عوده زهرا " تفصيل إجماله قول الشاعر " مهديهم الخير الجزيلا " .
وقوله :ـ
وفى أسوان حيث الليل صبح رأيت العزم يصنع مستحيلا
يهد رواسياً ويهيل صخـراً ويعلى سمكة فيـرد نيـلا
ويفتح فى الجبال له طريقـاً يقدره ركـوداً أو مسيـلا
{الديوان صـ 97}
فجملة " يصنع مستحيلا " هى إجمال تفصيله الجمل التالية لها " يهد رواسياً ، يهيل صخراً ، يفتح فى الجبال طريقاً " ، فالأفعال السابقة هى ضرب من ضروب المستحيل .
وقوله :ـ
تعالى نفـن نفسينـا غراما ونخلـد بين آلهـة الفنـون
أرتل فيك أشعارى وأصغى إلى ترجيعك العـذب الحنون
وأنظم فيك من حبات قلبـى معانى الوجد والحب الحزين
{الديوان صـ 104}
فجملة " نفن نفسينا غراما " هى إجمال تفصيله قول الشاعر بعدها " أرتل فيك أشعارى ، أصغى إلى ترجيعك العذب ، أنظم فيك معنى الوجد " .
وقوله :ـ
نم قريرا فليس بالميـت مـن خلف من بعد موته ابناً أبرا
أنا أحنو على اليتامى وأرعى أيما عاشرتك بالطهر دهرا
ثم أحيى ذكـراك ميتا وقد خلدت ذكـرى تصوغ فى الكون نشـرا
{الديوان صـ 162}
فقول الشاعر " ابناً أبراً " إجمال تفصيله الأعمال التى يقوم بها الابن ليكون باراً بأبيه ، مثل قوله " أحنو على اليتامى ، أرعى أيماً ، أحيى ذكراك " ، ومن الملاحظ أن هذه العلاقة تتنشر بين عدد ليس بالقليل من الجمل تربط بينها ربطاً مفهومياً يساعد على التواصل بين المرسل والمتلقى.

4ـ علاقة التقابل
يعرف التقابل على أنه علاقة يؤتى فيها بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم بما يقابلهما أو يقابلهم على الترتيب (19) ، وبالتالى فهى علاقة تقوم بين المعانى وليست بين المبانى ، كما فى قول الشاعر :ـ
لا تطيق الخطى القصار وقد جبت بعيد البلاد براً وبحراً
{الديوان صـ 161}
فهناك مقابلة بين قول الشاعر " لاتطيق الخطى القصار " وقوله جبت بعيد البلاد " ، فالتقابل غير واقع بين لفظ وآخر فى المثال وإنما وقع بين المعانى ، فيكمن التقابل بين الجملتين فى عدم القدرة على الحركة فى الجملة الأولى وعدم الانقطاع عنها وكثرتها فى الجملة الثانية .
وقد تعددت علاقة التقابل فى الديوان ، إذ اعتمد عليها الشاعر فى إظهار الضديات المعنوية ، ذلك أن " التقابل يشكل أنساقاً تكون أعمق من الدلالة السريعة التى تطفو على سطح الخطاب الأدبى ـ من حيث البناء اللغوى ـ لبنية الدلالة ، فيكون بينهما تماس يؤدى إلى التماثل ويكون بينهما تقاطع يؤدى إلى التقابل "(20) ، ومن ذلك قول الشاعر :ـ
محمود كانت أسرتى دوحة يظل روحى ظلها المنتشر
فصار فيها العطب المنتوى وأذبل الغصن وأذوى الثمر
{الديوان صـ 163}
فالدوحة هى الشجرة العظيمة المتفرعة المثمرة ذات الغصون الممتدة ، فقول الشاعر " أسرتى دوحة " فيه مقابلة مع قوله " العطب المنتوى ، أذبل الغصن وأذوى الثمر " .
وقوله :ـ
وقضيت أيامى ، خيالى حافل بمواقفى من قلبك المرتاب
أحيا حياة أنت مجلى أنسهـا وأنا مجال الهم والأوصاب
لك ضحكة العيش الأنيق تجا وبت أرجاؤها برنينها الخلاب
ولى الأنين ترددت آهاتــه بلسان آلامى وطول عذابى
{الديوان صـ 120}
فهناك تقابل بين قول الشاعر ( أنت مجلى أنسها ) وقوله (وأنا مجال الهم والأوصاب) ، وأيضا يظهر التقابل فى أعلى درجاته فى البيتين الأخيرين فهو يصف حال محبوبته بقوله ( لك ضحكة العيش الأنيق ) وحاله بقوله ( ولى الأنين ) ، ويقابل أيضا جملة ( تجاوبت أرجاؤها ) بالنسبة لحال محبوبته بجملة ( ترددت آهاته ) بالنسبة لحالته مع الأنين، ويجعل مع جملة ( ضحكة العيش الأنيق ) جملة ( برنينها الخلاب ) دليل على السعادة والفرحة بينما يجعل مع جملة ( لى الأنين ) جملة ( بلسان آلامى وطول عذابى ) ، فالتقابل واقع بين البيتين بصورة كاملة فقد أجاد الشاعر فى الربط بين الأبيات من خلال المتقابلات .
وقوله :ـ
عشت غريب الدار حتى إذا ثويت عشت غريب الحفر
{الديوان 164}
فبين جملة " عشت غريب الدار " وجملة " إذا ثويت أصبحت غريب الحفر " تقابل فى المعنى ، فكلمة عشت تستخدم مع الحياة الدنيا وكلمة ثويت تستخدم مع الحياة الآخرة .
وقوله :ـ
يتغنى به أخو الحـب بين الأسـى وبيـن الحنيـن
يتأسى به أخو الهم فى بلواه بين المنى وبين الظنون
{الديوان صـ 174}
فالبيت الأول فيه تقابل مع البيت الثانى استطاع الشاعر من خلاله أن يؤكد المعنى لدى المتلقى عن طريق ذكر المعنى ونقيضه فى آن واحد ، فأدى ذلك إلى خلق استمرارية فى المفاهيم داخل النص .
ويعد التداخل شكل من أشكال التقابل ؛ حيث يتداخل الطرف الأول فى الطرف الثانى ويصبح عنصراً فيه ، وأساس هذا التداخل هو اهتزاز الدلالة فى كل من الطرفين بحيث يفقد كل منهما حزء من خواصه الدلالية فيصيرا إلى شئ قريب من الاتحاد ، ولا يحدث ذلك إلا إذا سبقه عمل ذهنى يهيئ له أن يستقر فى الذهن (21) ، كما فى قول الشاعر :ـ
صور صغتها غناءً شجياً ومعانى وصفتها فى اللحون
{الديوان صـ 175}
فإذا كان كل ما فى الكون لابد له من بناء داخلى وآخر خارجى فقد طبق الشاعر ذلك على بيته السابق ، فقد استخدم مع لفظ الصور كبناء خارجى ـ فى مقابلة معنوية بين الصور كبناء خارجى والمعانى كبناء داخلى ـ الغناء كبناء خارجى أيضاً ـ فى مقابلة منه بين الغناء كبناء خارجى والتلحين كبناء داخلى ـ واهتزت دلالة الجملتين قليلاً ذلك أن الصور يستخدم معها الوصف فنقول ( منظر حسن وصورة جميلة ) ، والمعانى يستخدم معها الصياغة فنقول ( صاغ معانيه على أكمل وجه) ، ولكن الشاعر استخدم الوصف مع المعانى والصياغة مع الصور فأدى ذلك إلى نوع من التداخل بين الجملتين ، إذ يفهم معنى الجملة بناء على ما يقابلها .
ولكن التعامل الشعرى لم يكن أسير هذين الطرفين ـ التقابل بين معنيين فقط ـ بل إنه انطلق لخلق كثافة تقابلية من خلال تعدد الأطراف على نحو يمد المفارقة إلى أطول مساحة لغوية ، ومن ثم تتعدد تموجات الذهن فى مد وجزر وارتفاع وهبوط مما يشد المتلقى ويدفعه دفعاً إلى حركة مماثلة تحاول أن تتحرك مداً وجزراً تبعاً للنقلة الدلالية التى يحدثها التعدد فى مفردات التقابل ، ومن ذلك مثلا ؛
فقال فريق لا وفريقهم نعم وفريق قال : ويحك ما ندرى
فالتقابل يتحقق بين ( لا ونعم ) ثم يمتد فى شكل تخالفى إلى (ما ندرى )(22) .
وغالباً ما يكون التكثير فى مفردات التقابل منصباً على الزمن فى ثلاثيته الخالدة (الأمس ـ اليوم ـ غداً ) (23) ، وقد استخدم رامى هذه الثلاثية فى قوله :ـ
إذ حاضر حلو وماض محبب ومستقبل أيامه نضرات {الديوان صـ 47}
ويفصح النص الشعرى فى المثال السابق عن تشابك زمنى مقصود ؛ إذ إنه بذكر الشاعر الثلاثية السابقة فالمقصود منها مقابلة فى المعانى بين ما كان عليه الشاعر وما آل إليه وما سيؤول إليه .

5ـ علاقة السلب / الإيجاب
عبارة عن علاقة قائمة بين الألفاظ تبنى فيها الجملة على نفى أحد ألفاظها ثم إثباته بعد ذلك ، ومنه قوله تعالى " فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (الإسراء 23) (24) ، فالسلب متمثل فى النص فى الجملة الأولى ، والإيجاب قائم على الإثبات فى الثانية، ويحدث الترابط نتيجة توحد موضوع الخطاب وتوحد الهدف من الخطاب ؛ فموضوغ الخطاب هو " ما يدور حوله الخطاب / النص أو ما يلتقى المشاركون من أجله " (25)، فالموضوع الذى يربط بين الجملتين فى النص السابق هو "التعامل مع الوالدين " ، أما الهدف فهو المحصلة التى يتمنى المرسل تحققها لدى مستقبل النص ويتمثل فى النص السابق فى " حسن معاملة الوالدين " ، وقد وردت هذه العلاقة فى قول الشاعر :ـ
أنزلوك التراب من غير ما اسم ولك اليوم أشرف الأسماء
{الديوان صـ 172}
فصدر البيت هو جملة منفية ينفى الشاعر من خلالها إلحاق اسم بالمتحدث عنه (الجندى المجهول) ، وعجز البيت هو جملة مثبتة يثبت من خلالها الشاعر مانفاه فى صدر البيت وهو إلحاق الاسم بالمتحدث عنه ، كذلك فإن الشاعر أوجد تقابلية زمنية بين الظرف ( اليوم ) فى الجملة الثانية والفعل الماضى ( أنزلوك ) فى الجملة الأولى جعلت النفى ينتمى إلى فترة زمنية والإيجاب ينتمى إلى فترة زمنية تختلف عنها ، مما جعل هذه العلاقة مقبولة بين المعانى .
ومنه قوله أيضا :ـ
تصدع الليل بالأنين وما كنـ ـت لتبدى الأنين لو ذقت مراً
{الديوان صـ 161}
فجملة " تصدع الليل بالأنين " جملة مثبتة أثبت فيها الشاعر وقوع الحدث (صوت الأنين والتألم ) ، ثم نفى هذا الأمر عن المتحدث عنه فيما سبق فى الجملة الثانية بقوله " وما كنت لتبدى الأنين" ، ولعب التقابل الزمنى بين الفعلين ( كنت ، تصدع ) دوراً هاماً فى قبول علاقة السلب والإيجاب بين الجملتين .
وقوله :ـ
نم قريراً فليس بالميت من خلـ ـف من بعد موته ابناً أبراً
{الديوان صـ 162}
فالجملة الأولى "نم قريراً " دليل على موت المتحدث عنه ـ والده ـ فى القصيدة التى عنوانها "إلى روح أبى " ، والجملة الثانية " ليس بالميت من خلف من بعد موته ابنا أبرا " هى سلب قائم على الإيجاب فى الجملة الأولى ومرتبط به .
فاستطاع الشاعر من خلال هذه العلاقة خلق ترابط بين جمل النص ساعده فى ذلك الاختلاف الزمنى القائم بين الأفعال فى الجمل ، وكذلك التوحد فى الموضوع الذى يربط بين الجملتين المثبتة والمنفية .

6ـ علاقة السؤال / الجواب
من دواعى فصل كلام عن كلام أخر يسبقه وجود سؤال مقدر غير متصل على سطح الخطاب ، والذى يدعو إلى تقدير هذا السؤال هو بناء الخطاب على شكل زوج مكون من سؤال مقدر وجواب ظاهر ، والمقصود بكلمة "مقدر" أن السؤال غير مكتوب ولكنه يفهم من السياق(26) ، وسواء أكان الاستفهام ظاهراً أو مقدراً فإنه يعد من الأفعال الطلبية التى تعنى طلب فهم شئ ما ، وبالتالى فإن الاستفهام يتضمن أغراض خطابية متعددة لعل أبرزها فى التداول : التنبيه والإفهام والإنكار والاستغراب والحيرة والتهكم ...........إلخ .
ففى قول الشاعر :ـ
وأصغى الزمان إلى قوله يسير على وضح المنطـق
وقالوا لك العهد أن تفتدى مبادئنـا بالـدم المهـرق
{الديوان صـ 91}
ويقدر السؤال بين البيتين بـ " ماذا قالوا بعد أن أصغوا ؟ " فتكون الإجابة قول الشاعر " وقالوا لك العهد أن تفتدى مبادئنا بالدم المهرق " ، فالبيت الثانى هو إجابة لسؤال مقدر تبادر إلى الذهن من خلال البيت الأول .
ومنه قوله أيضا :ـ
ودار الزمان بنا فانتبهنا على صيحة الثائر المحنق
{الديوان صـ 91}
ويقدر السؤال بعد قول الشاعر " ودار الزمان بنا " بـ " فماذا حدث ؟ " فتكون الإجابة " فانتبهنا" ، ويتضح لنا أن الجواب فى المثال قد سبق بحرف استئناف إذ إن الاستئناف هو " جواب لسؤال مقدر ، ويكون الجواب لإفادة السامع معلومة تزيل الغموض الذى أدى إلى حاجته إلى سؤال"(27).
ففى قول الشاعر :ـ
فشكوت الهوى وقلت:غريب فى ربوع الفيوم غير مقيـم
زوديه بما يرفـــه عنه لوعة الشوق فى البعاد الأليم
فثنت طرفها حياء وقالت : سوف تنسى ريفيــة الفيوم
فلت: لا تيأسى فإن التسلى ليس من شيمة المحب الكريم
{الديوان صـ 128}
فبعد قول الشاعر " وقلت غريب فى ربوع الفيوم غير مقيم" يكمن سؤال تقتضيه المحادثة من الطرف الآخر يقدر بـ " فماذا تريد ؟ " فيجيب عنه الطرف الأول بما هو ظاهر على سطح الخطاب بقول الشاعر " زوديه بما يرفه عنه لوعة الشوق فى البعاد الأليم " ، ويدخل فى المحادثة هاهنا طرف آخر هو ذهن القارئ فيقدر سؤالاً آخر هو " فماذا فعل الطرف الآخر ؟" ليجيب عنه الشاعر قائلاً " فثنت طرفها حياءً "ليتساءل القارئ ثانية " أذلك فقط ؟ " ليجيبه الشاعر بجملة عطفت على جواب السؤال السابق " وقالت سوف تنسى ريفية الفيوم " وهنا يتساءل القارئ مرة أخرى " فماذا فعلت ؟ " ليجيبه الشاعر بقوله " قلت لا تيأسى " لتعود المحادثة تارة أخرى بين الطرف الأول والطرف الآخر فيقدر المتلقى سؤالاً يطرحه الطرف الآخر على الطرف الأول هو " لماذا لا أيأس ؟" ليجيبه الشاعر قائلاً " فإن التسلى ليس من شيمة المحب الكريم " ، ويتضح لنا من هذا المثال أن علاقة السؤال والجواب تقوم بدور أساسى فى بناء الحوار داخل النص .
ومنه قوله :ـ
لست أخشى عليكى أنى أنساك ولكن أخشى علينا الليالى
{الديوان صـ 130}
فبعد قوله " لست أخشى عليكى أنى أنساكى " يقدر سؤال يتبادر إلى ذهن المتلقى هو "إذن فمم تخشى ؟ " ، فيجيب الشاعر بقوله مستدركاً " أخشى علينا الليالى " .
وقوله :ـ
سألتنى : متى يكون التلاقى قلت : آت فى موسم البرتقال
فأجابت : هذا بعيـــــد ألا ترجع قبل هذه بليــال
{الديوان صـ 129}
فبعد قول الشاعر " سألتنى متى يكون التلاقى ؟ " يتبادر إلى الذهن سؤال يقدر بـ " فماذا قلت لها " فيلاحقنا الشاعر مجيباً " قلت آت فى موسم البرتقال " فيقدر سؤال آخر هو " فبم ردت عليك ؟ " فيجيب الشاعر على المتلقى قائلاً " فأجابت :هذا بعيد" .
فمن الملاحظ مدى قدرة هذه العلاقة على الربط بين كم كبير من الجمل دون الاعتماد على العناصر اللفظية ؛ ذلك لأنها علاقة تقوم بين المعانى داخل النص مما يشكل إحكام الترابط بين أجزاء النص واستمرارية المفاهيم فيه .
7ـ علاقة التأكيد
يعرف التأكيد على أنه " مفهوم دلالى براجماتى يستجيب لعلاقة الحبك بين القضايا ، ويعتمد على كون القضايا تشكل إحالة قبلية "(28) ، وهو ضرب من ضروب الفصل بين الجمل فهو لايفتقر إلى ما يصله بالمؤكد ، فالجمل تتصل بذات نفسها بالتى قبلها ففى قوله تعالى "أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (5)" ( سورةهود) جملة " يعلم ما يسرون وما يعلنون " لم ترتبط بما قبلها برابط شكلى إنما هى تأكيد لها دليل على أنهم مهما بالغوا فى الاستخفاء فإن الله يعلم ما يسرونه وما يعلنونه ، والجملة " إنه عليم بذات الصدور " منفصلة عن الجملة التى قبلها ، ولم ترتبط بها برابط شكلى إنما هى توكيد لها على قصر العلم على ذات الله وحده (29) .
ومن الأمثلة التى وردت فيها علاقة التأكيد فى الديوان قول الشاعر :ـ
سكنت نفسك الحزينة وارتاحت وميل النفوس حيث تطيب
{الديوان صـ 105}
فجملة " وارتاحت " هى تأكيد للجملة الأولى " سكنت نفسك " ، فالراحة تعنى السكينة والطمأنينة ، والسكينة تعنى الراحة والطمأنينة ، فالرابط بين الجملتين هو رابط معنوى يتمثل فى التأكيد ، ومنه قوله أيضا :ـ
وأخاف أن تلقى الــذى لاقيته فى الحب من وجد ومن حرقات
أجنى على نفسى وأرضى ذلّها وأرى الجناية أن تحس شكاتـى
{الديوان صـ 106}
ففى قول الشاعر "من حرقات" تأكيد لشبه الجملة قبلها " من وجد" ، فالحرقة والوجد يعطيان معنى الحزن ، وأيضا قوله " أرضى ذلها " هى جملة مؤكدة لما قبلها " أجنى على نفسى" فالذى يرضى بذلّ النفس هو من يجنى عليها .
ومنه قوله :ـ
لو كنت نائية المزار بعيدة عنى لعشت على منى ورجاء
{الديوان صـ 115}
ففى قول الشاعر " بعيدة عنى " تأكيد لقوله " نائية المزار " ، فالشخص الذى تشق علينا زيارته هو بالطبع شخص بعيد عنّا .
وقوله :ـ
وتمنيت أن ترانى وقد طـا لعت فى منزلى عروسـاً بــدراً
وتمنيت أن ترى لى حوالـ ـيك صغاراً يملأن صدرى بشراً
{الديوان صـ 161}
فالبيت الثانى هو تأكيد للبيت الأول ، حيث إن أمنية الأب برؤية ابنه متزوجاً ترتبط فى الذهن بأمنية أن يرى أحفاداً لهذا الابن نتيجة لهذا الزواج .
ومنه قوله :ـ
قلت ترعانى وترعى ولدى وتربيه على قصد السنين
{الديوان صـ 166}
فقوله " وتربيه " فى الشطر الثانى هو تأكيد لقول الشاعر قبله " وترعى ولدى " ، ذلك لأن الرعاية تتضمن التربية .
ومنه قوله :ـ
يا أبى كم رمت بك البيد من أجل بنيك الصغار قفرا فقفـرا
وتغربت فى البلاد تقاسـى من ضروب الجواء قرا وحرا
{الديوان صـ 163}
ففى جملة " وتغربت فى البلاد " تأكيد لما ورد فى البيت الأول من قوله " رمت بك البيد من أجل بنيك الصغار قفرا فقفرا " وهناك تأكيد للحالة التى ألمت بأبيه حيث يؤكد على قسوة الغربة بمعانى من قبيل : البيد وهى الصحراء بما فيها من جفاف وقحط ، وقفرا "والقفر هى الخلاء من الأرض لا ماء فيها ولا ناس ولا كلأ " ، والجواء "وهى الواسع من الأودية ".
وهنا تظهر قيمة التأكيد فى أنه يعكس انتشار المعلومات فى الخطاب بأكمله ، كما أنه يضبط التنظيم الشكلى للنص ، فهو يبدأ من مستوى دلالى براجماتى متماسك حيث ترتبط كل مجموعة من القضايا ببعضها ليصل إلى حقائق مستوى السطح .

الهوامش
1ـمحمد خطابى ـ لسانيات النص مدخل إلى انسجام الخطاب ـ المركز الثقافى العربى ـ بيروت ـ ط أولى ـ 1991م ـ صـ 13
2 ـ فاندايك ـ النص بنياته ووظائفه ـ ترجمة / محمد العمرى ضمن كتاب فى نظرية الأدب مقالات ودراسات ـ سلسلة كتب الرياض ـ الرياض ـ ط أولى ـ 1997م ـ صـ 103
3 ـ النص والخطاب والإجراء ـ ترجمة تمام حسان ـ عالم الكتب ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1997م ـ صـ 103
4 ـ دى بوجراند ـ النص والخطاب والإجراء ـ صـ 193
5 ـ تمام حسان ـ البيان فى روائع القرآن دراسة لغوية وأسلوبية للنص القرآنى ـ عالم الكتب ـ القاهرة ـ طبعة 1993م ـ جـ 2ـ صـ 405
6 ـ فاندايك ـ النص والسياق ـ ترجمة عبد القادر قنيتى ـ أفريقيا للشرق ـ الدار البيضاء ـ المغرب ـ بيروت ـ 2000م ـ صـ 143: 156
7 ـ إلهام أبو عزالة ، حلمى خليل ـ مدخل إلى علم اللغة النصى ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1997م ـ صـ 27 : 30
8 ـ سعد مصلوح ـ نحو أجرومية للنص الشعرى دراسة فى قصيدة جاهلية ـ مجلة فصول ـ المجلد العاشر ـ ـ
صـ 161، 162
9 ـ فولفجانج هاينه مان / ديتر فيهفجر ـ مدخل إلى علم لغة النص ـ صـ 39
10 ـ السابق ـ صـ 39، 40
11 ـ محمد حماسة عبداللطيف ـالإبداع الموازى ـ دار غريب ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 2001م ـ صـ 36
12 ـ محمد خطابى ـ لسانيات النص ، صـ 51
13 ـ عبدالله الغدامى ـ الخطيئة والتكفير ـ النادى الأدبى الثقافى ـ جدة ـ ط أولى ـ صـ 73
14 ـ ألبرت نيوبرت / غريغورى شريف ـ الترجمة وعلوم النص ـ ترجمة / محى الدين حميدى ـ جامعة الملك سعود ـ الرياض ـ الطبعة الاولى 2002م ـ صـ 129
15 ـ موفق الدين بن يعيش ـ شرح المفصل فى علوم العربية ـ مكتبة المتنبى ـ القاهرة (د. ت)جـ 2 ـ صـ 53
16 ـ فريد عوض حيدر ـ اتساق النص فى سورة الكهف ـ زهراء الشروق ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 2004 م ـصـ 70
17 ـ صبحى الفقى ـ علم اللغة النصى بين النظرية والتطبيق ـ دار قباء ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 2000م ـ جـ 2ـ
صـ 141
18 ـ جميل عبد الحميد ـ البديع بين البلاغة العربية واللسانيات النصية ـ الهيئة المصرية العامة للكتاب ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 1998م ـ صـ 162
19 ـ عبدالواحد حسن الشيخ ـ البديع والتوازى ـ دار الإشعاع الفنية ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ 1999م ـ صـ 51
20 ـ محمد عبدالمطلب ـ بناء الأسلوب فى شعر الحداثة ( التكوين البديعى ) ـ دار المعارف ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 1995م ـ صـ 147
21 ـ السابق ـ صـ 267
22 ـ السابق ـ صـ 282 ،283
23 ـ السابق ـ صـ 283
24 ـ عبدالواحد حسن الشيخ ـ السابق ـ صـ51
25 ـ محمود أحمد نخلة ـ علم اللغة النظامى ـ دار الفكر ـ القاهرة ـ الطبعة الثانية ـ 2001م ـ صـ 61
26 ـ عادل مناع ـ سورة هود دراسة فى نحو النص ـ رسالة ماجستير بكلية التربية جامعة عين شمس ـ 2008م ـ
صـ 278 ، 279
27 ـ منير سلطان ـ الفصل والوصل فى القرآن الكريم ـ منشأة المعارف ـ القاهرة ـ الطبعة الأولى ـ (د.ت) صـ 280
28 ـ صفيه محمد فؤاد ـ السبك والحبك فى المسرح الذهنى عند توفيق الحكيم ـ رسالة ماجستير بكلية الآداب جامعة عين شمس 2007م ـ صـ 33
29 ـ عادل مناع ـ السابق ـ صـ 268
مع فائق تحياتى

جهودك مثمرة جداااااااااااا

مشاركـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة راااااائعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة أستاذ جلال فتحي تحياتي

دكتور عبدالواحد أشكر لك مرورك أنت والأخت خديجة ، تقبلا تحيات تلميذكم

لعل هذا غيض من رسالتك الموفقة بإذن الله
جمعَ الجانب النظري أطراف الموضوع، وأجاب عما تبادر في ذهن القارئ من أسئلة، وتسلح في جمعه هذا بسلاح الاطناب الماتع.
ومن الجميل في هذا الجانب تصدير الباحث قراءته التطبيقية بنصوص يبدو اقتناعه التام بمبادئها وأخص هنا المبدئ التالي : كل نص يبتكر وسائل تماسكه الدلالية:
أما إذا انتقلنا الى الجانب التطبيقي فلا نملك إلا عبارات الشكر والتقدير على هذا المجهود الشاق فقراءة ديوان كامل وشحذ الذهن في استخلاص عناصر الاحتباك ليست بالأمر الهين
جميلة جدا علاقة التقابل وأجاد الباحث في قراءة أبيات الشاعر واستكناه أوجه العلاقة.
ولي مأخذ واحد على الجانب النظري أقرب ما يكون إلى تساؤل أو استفسار، لم أر نصا من كتب التراث وهو زاخم في هذا المجال والكثير من المراجع الوسيطة تعتبر تمثيلا لأفكار القدماء .
تحياتي وتقديري أ.جلال

أستاذة أحلام ، ردودك دائما ما تثير اهتمامى ولطالما اعتدتى على ألا تتركى ردا دون إلحاقة ببعض المآخذ ، حتى تشركى المرسل فى حديث شيق !
أما عن سؤالك فأناقشك فيه كالتالى
النظرية النصية نظرية حديثة النشأة أما معطياتها فقد ظهرت بظهور النحو العربى ، فعلماؤنا القدماء تناولوا مباحث من قبيل التكرار والمصاحبة والحذف والوصل والتعليل والتقابل والتأكيد ........... إلى آخره ـ منها ماهو باسمه الحالى ومنها ماوضعت له مصطلحات مغايرة فى النظرية النصية ـ لكن علماؤنا تناولوها من زوايا مختلفة إما بلاغية أو نحوية صرفة أو من جانب العلوم القرآنية كعلم التفسير مثلا .
أما تلك المراجع الوسيطة التى أشرت إليها فهى سمة العصر ـ سئل افرام ناعوم تشومسكى من أحد الباحثين العرب (من أين أتيت بهذه النظرية ؟) يقصد نظرية النحو التحويلى التوليدى ، قال له من الواضح أنكم لم تقرأوا تراثكم جيداً ، فعن قناعة من هنا أقول أنه لاتوجد نظرية حديثة النشأة فى علوم العربية بصفة عامة إلا كانت لها أصول تراثية وإشارات عابرة يأخذها الباحثين ليؤطروها فى نظريات حديثة تتفق ومقتضيات العصر الحديث .
تقبلى تحياتى أستاذة أحلام

سؤالى لك أستاذة أحلام
أيهما تفضلين قراءة المتن بدون شرح أم قراءة المتن بشرحه ؟
مثلا : إن قرأت ألفية ابن مالك كما هى تفهمها فى شهرين ـ مثلا ـ وإن قرأتها من خلال شرح الأشمونى على الألفية ـ تأخذ شهرا ـ وإن قرأتها من خلال حاشية الصبان على شرح الألفية فأعتقد أنها لن تتجاوز نصف الشهر .
إن كان هناك دكتور يشرح محاضراته بتقدير ممتاز والفرق بينك وبينه ستون عاما ، ومعيد يشرح محاضرات الاستاذ بتقدير ممتاز والفرق بينك وبينه عشر سنوات ، فمن أيهما ستفهم أكثر .
أعتقد أن رسالتى وصلت
تحياتى