السلام عليكم هذا ملخص لرسالتي , وأنا عند وعدي إن شاء الله , ولكم مني خالص الود
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلقه محمَّد , وعلى آله الأطهار المُخلَصين ,وصحبه الأبرارَ المُنتَجَبين ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .
شهدت اللسانيات منذ منتصف الستينيات في أوربا , ومناطق أخر من العالم توجهاً قوياً نحو لسانيات النص والاعتراف بها بديلاً عن لسانيات الجملة، وفتحت للدرس اللساني منافذ كان لها أبعد الأثر في دراسة اللغة , و وظائفها النفسية , والاجتماعية .
ولسانيات النَّص فرع من أفرع علم اللسانيات العامة , يدرس النص ويعده الوحدة اللغوية الكبرى , ويبين جوانب عديدة فيه , منها : السّبْك , والحبك , والسياق النصي , وأثر المشاركين في النص عند إنتاجه وتلقيه .
وقد دعاني لاختيارِ الموضوعِ عنايتي الخاصةُ بالنَّصِّ القرآني الكريم , الذي هو أوثقُ نصٍّ في اللغة العربيَّة , كذلك رغبتي في دراسةِ لسانياتِ النَّصِّ , والتعرفُ على أبرز مقولاتها .
والسَّعةُ المعرفيَّة التي يمتلكها القرآن الكريم وصعوبةُ دراستِهِ برسالةِ ماجستيرٍ كُلاً واحداً , كانتا عاملين مباشرين لاختياري نصاً واحداً من نصوصِهِ المباركة , فوقعَ الاختيار على سورة ( الأنعام ) ؛ لتكونَ مجالاً تطبيقياً للسبك النَّصيّ , لِما تملكُهُ هذه السورة من وحدةِ موضوعٍ تَمَثَّلَ في البُعدِ الحجاجي الذي وظِّفَ لدعم عمليتي التواصلِ والتبليغِ , التي نزلت السورة من أجلهما , فمعظم آياتها نزلتْ في صورةِ الحِجَاج على المشركين في التوحيد والمعاد والنبوة ، وسياقُها سياقٌ واحدٌ ؛ ممَّا يدلُّ على أنَّها نزلتْ جملةً واحدةً , وهذا ما أشار إليه جملةٌ من المفسرين .
أما الرسالة فقسمتُها على ثلاثةِ فصول يتقدَّمُهنَّ تمهيدٌ وتتأخرُ عنهنَّ خاتمةٌ , ضمَّ التمهيدُ الأُطرَ النظريَّة لأهمِ المدارس اللسانيَّة القديمة والحديثة وهي : (النحو العربيَّ , والمدرسة البنيَّوية , والمدرسة التوليديَّة التحويلية ) , ليكشفَ الأُسسَ التي بُنيت عليها هذه المدارس ويُبين دواعيَ التَّحولِ والانتقالِ إلى لسانياتِ النَّصِّ . أمَّا الفصل الأوَّل فضمَّ المنحى النَّظري في لسانيات النَّصِّ وشمل ثلاثة مباحث : الأوَّل لدراسة النَّصِّ مصطلحاً ومفهوماً ووظيفةً , والمبحث الثاني خُصِصَ لدراسة لسانياتِ النصِّ مصطلحاً ومفهوماً ووظيفةً , والثالث خُصِصَ لدراسة السَّبكِ النَّصيّ مصطلحاً ووظيفةً .
أما الفصلان الآخران فكانا للمنحى التطبيقيّ , فدرس الفصل الثاني : السَّبك النَّحوي وشمل أربعة وسائل وبيان أثرها في السَّبك , هي : الإحالة , الحذف , والعطف , والشرط . أما الفصل الثالث : فدرس السَّبك المعجمي , وشمل وسيلتين وبيان أثرها في السَّبكِ وهي : التكرار , والمصاحبات المعجميَّة .
أما الخاتمةُ فكانت لبيانِ النتائج الكليَّة التي انكشفتْ لي عن طريق دراستي للسَّبكِ النَّصيّ بالمنحيين النظريّ والتطبيقيّ .
ولقد تميَّز منهجي في الرسالة بإحصاء الأدوات التي تسهم في سبك النَّصِّ , ثم تحليلِ نماذجَ منتقاة منها , وقد سعيتُ للمقابلةِ بين المفاهيمِ النَّصيّةِ في النظريَّةِ اللغويَّة العربيَّة , وبين ما قرَّ في لسانياتِ النَّصِّ عند المحدثين سواءً منهم الأجانبَ , أم الباحثين العرب .
ومن أبرز النتائج التي توصلت إليها عن طريق بحثي هي :
1- إن التراث اللغويّ العربيّ بأقسامِهِ كافة يُمثِّل صرحاً معرفياً لا بَديل للباحث اللغويّ عنه سواءً أكان يبحثُ في لسانياتِ الجُملة أم في لسانياتِ النَّصّ
2- الإحالة التي تؤدي إلى سبْكِ النَّصِّ لغويّاً هي الإحالة المقاليَّة القبليَّة أمَّا الإحالة المقاميَّة فهي تقوم بربط النَّصِّ بالسياق الذي قيـل فيه زيادةً على تفسيرها المُبهمات ( العناصر الاحاليَّة ) عن طريق تعريفها بالعناصر الاشارية التي تحيل عليها .
3- عُرِف في النحو العربيّ ضميران يؤديان وظيفة الرَّبط بين أجزاء الجملة وهما ( ضمير الفصل وضمير الشأن) , وقد عدّهما كثيرٌ من باحثي لسانيات النَّصِّ من وسائل السَّبْكِ النَّصي وقد تبين للباحث أنَّهما يؤديان وسيلة السَّبْك بين عناصر الجملة لكنَّهما لا يتجاوزان مسافة الجملة ليؤديا السَّبك بين الجمل أو على مستوى النص عامة .
4- يُعد تحديد البنيّة الدَّاخليّة للتركيب الشَّرطي أمراً بعيداً عن الواقع اللغوي ويزيد التَّعقيدات اللغوية للدارسين , فالبنيَّة الدَّاخليَّة للتركيب تخضع لتوظيف المتكلم لها في النَّصِّ , فيستعمل مثلاً فعلاً ماضيَّاً في الشَّرط , أو جملة اسميَّة في الجواب , فكُلُّ نصٍ له قواعدُه التي تحكمه , فالنَّصُّ القرآني يختلف عن النَّصِّ الشعري ولهما قواعدهما الخاصة بكلٍ منهما .
5- أدى تكرار لفظ الجلالة والألفاظ الدالة على صفات الذات المقدسة وظيفة دلاليَّة فضلاً عن وظيفته في سبْكِ النَّصِّ , فامتداده من بداية النَّصِّ إلى آخره , هو تجسيدٌ لمعنى الإلوهية والقيوميّة وسيطرة الله تعالى على كُلِّ شيءٍ .
6- إنَّ المصاحبات المعجميَّة لها أثرٌ في تَحديد دلالة كثير من الألفاظ والتراكيب القرآنية، التي لا يُمكن أنْ يُتوصل إلى فهم دلالتها في النَّصِّ القرآني مُنعزلة عن مصاحباتها , فالقارئ لا يحتاج إلى النَّظر خارج النَّصِّ ؛ فدلالة علاقة ألفاظها بعضها مع بعضها الآخر كافيّةٌ لفهم مُراد المنشئ .