إن علم الصرف من أجل علوم العربية وأهمها، ولا غنى للدارسين وطلاب العلم عنه؛ لأنه أحد العلوم المتعلقة باللغة العربية، والتي تساعد في فهم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وقد كثرت فيه التآليف قديما وحديثا، وتنوعت ما بين المطولات والمختصرات، وما بين السهل اليسير، والمعقد العسير الذي يحتاج إلى توضيح وتبسيط، من خلال الحواشي والتقريرات ...
وفي نهاية القرن التاسع عشر ظهر كتاب في هذا العلم بعنوان: (شذا العرف في فن الصرف) كُتب له الذيوع والانتشار؛ لما تميز به من سمات وخصائص رفعت من قدره: كسهولة لفظه، ووضوح معناه، وخلوه من الحشو والتعقيد، وجمعه للقواعد والمسائل المهمة، وتفسيره لكثير من الكلمات الغريبة، ونسبة كثير من الآراء واللغات والقراءات إلى أصحابها، والإكثار من الأمثلة والشواهد التي توضح المسائل وتثبت القواعد في أذهان المتلقين، مع حسن التقسيم، وترابط الأفكار ....
وصاحب الكتاب هو: الشيخ أحمد بن محمد الحملاوي، نسبة إلى (مُنية الحمل) إحدى قرى مركز بلبيس بمصر، ولد سنة (1273 – 1351 هـ)، ونشأ واسع الاطلاع، غزير العلم، متمكنا من علوم اللغة. وقد نال إجازة التدريس من مدرسة دار العلوم سنة 1888م ، ثم إجازة العالمية من الأزهر الشريف، وعمل مدرسا للعربية في مدرسة دار العلوم، ثم زاول المحاماة الشرعية فترة، حتى اختارته جامعة الأزهر لتدريس التاريخ والخطابة بها،ثم عُين ناظرًا لمدرسة عثمان باشا ماهر سنة 1902م، وظل بها حتى سنة 1928م. وقد كانت له جهود في التصنيف والتأليف منها: (شذا العرف في فن الصرف)، و(زهر الربيع في المعاني والبيان والبديع)، و(مورد الصفا في سيرة المصطفى)، وديوان شعري له معظمه في المدائح النبوية. وقد توفي عام (1856هـ– 1932 م).
وكان كتاب ( شذا العرف في فن الصرف ) قد طبع سنة 1312هـ بإذن نظارة الداخلية بناء على شهادة الشيخ الإنبابي شيخ الجامع الأزهر لذلك العهد بصحته وخلوه من الخطأ، ثم طبع في العام نفسه طبعة ثانية بالمطبعة الأميرية بعد تنقيح وإضافة كثير من الأمثلة والشواهد، وتوالت طبعاته بعد ذلك عبر السنين مع كثير من التحقيقات والشروح والتعليقات، مما يؤكد أهميته وقيمته العلمية لدى طلاب العربية.
وقد ظهرت طبعة جديدة منه تشتمل على تدقيقات وتعليقات للدكتور/ عصام عبد الرحيم عارف ، حاول فيها الابتعاد عن الحشو والاستطراد في عرض القضايا العلمية أو الآراء الصرفية، فجاءت مختصرة ميسرة، خالية من التكلف والتعقيد، وكثرة النقول التي قد تثقل كاهله. ودقق جميع الشواهد: فعزا الآيات القرآنية إلى سورها، وخرج الأحاديث النبوية الشريفة من كتب الحديث لضبطها والتأكد من صحتها. ووثق الشواهد الشعرية من خلال الرجوع لمصادرها، مع نسبة المعروف منها لصاحبه، وغير المعروف وثَّقه من خلال ذكر المصادر التي أوردته. كما قام بتوثيق النصوص المنقولة، ونسبة الآراء لأصحابها ، مع توضيح الكلمات الصعبة، والمفردات الغريبة، والمصطلحات الغامضة، بالإضافة إلى الترجمات المختصرة للأعلام الواردة في الكتاب.