منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنات العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 ت العربية ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اميره محمد عبد المنعم
.عضو مشارك


القيمة الأصلية

البلد :
مصر

عدد المساهمات :
13

نقاط :
35

تاريخ التسجيل :
16/12/2010


ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) Empty
مُساهمةموضوع: ت العربية ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة)   ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) I_icon_minitime2010-12-17, 17:39

فالحروف المقطعة تمثل نوعا من الغموض والإبهام والغرابه، ولم يكن هذا الأسلوب معروفا عند العرب ولم يكن لهذه الحروف معان فى اللغة العربية تدل عليها سوى مسمياتها كحروف هجائية يلتئم منها الكلام ، وقد اختلفوا فى معانى هذه الحروف وفى إعرابها، وكذلك اختلفوا فى كيفية قراءتها وعدها البعض آية وليست كذلك عند البعض الآخر
وردت هذه الحروف فى أوائل تسع وعشرين سورة من سور القرآن الكريم ولم تكن كلها على صورة واحدة
فمنها ما جاء على حرف واحد مثل
ق والقرآن المجيد
ن والقلم ومايسطرون
ص والقرآن ذى الذكر
ومنها ماجاء على حرفين وذلك فى تسع سور هى
طه ـ طس (النمل) ـ يس ـ حم(غافر) ـ حم(فصلت) ـ حم (الزخرف) ـحم (الدخان) ـحم (الجاثية) ـ حم(الأحقاف)
ومنها ما جاء على ثلاثة أحرف وذلك فى ثلاث عشرة سورة هى
الم (البقره) ـالم (آل عمران) ـ الم(العنكبوت) ـ الم(السجده) ـ الم (الروم) ـالم(لقمان)ـ الم (السجده) الم (يونس) الر (هود) ـالر(يوسف) ـ الر(إبراهيم ) ـ الر (الحجر) ـطسم(الشعراء) ـ طسم (القصص)
ومنها أربعة أحرف وذلك فى سورتين هما
المص (الأعراف)ـ المر(الرعد)
ومنها المؤلف من خمسة أحرف وذلك فى سورتين هما كهعيص(مريم) ـ حم عسق(الشورى)
وورد فى معانى هذه الحروف أقوال كثيرة منها ما ورد فى تفسير القرطبى فيقول
ٱختلف أهل التأويل في الحروف التي في أوائل السور؛ فقال عامر الشَّعْبيّ وسفيان الثَّوْرِيّ وجماعةٌ من المحدّثين: هي سِرّ الله في القرآن، ولله في كل كتاب مِن كُتُبه سِرٌّ. فهي من المتشابه الذي ٱنفرد الله تعالى بعلمه، ولا يجب أن يُتكلّم فيها، ولكن نؤمن بها ونقرأ كما جاءت. وروي هذا القول عن أبي بكر الصديق وعن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنهما. وذكر أبو اللّيث السَّمَرْقَنْدِيّ عن عمر وعثمان وٱبن مسعود أنهم قالوا: الحروف المقطّعة من المكتوم الذي لا يُفَسَّر. وقال أبو حاتم: لم نجد الحروف المقطّعة في القرآن إلا في أوائل السُّوَر، ولا ندري ما أراد الله جلّ وعزّ بها.
وقال قوم: روي أن المشركين لما أعرضوا عن سماع القرآن بمكة وقالوا:
{ لاَ تَسْمَعُواْ لِهَـٰذَا ٱلْقُرْآنِ وَٱلْغَوْاْ فِيهِ }
[ فصلت: 26] نزلت ليستغربوها فيفتحون لها أسماعهم فيسمعون القرآن بعدها فتجب عليهم الحجة. وقال جماعة: هي حروف دالة على أسماء أخذت منها وحذفت بقيّتها؛ كقول ٱبن عباس وغيره: الألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: الألف مفتاح ٱسمه الله، واللام مفتاح ٱسمه لطيف، والميم مفتاح ٱسمه مجيد. وروى أبو الضُّحَى عن ٱبن عباس في قوله. { الۤمۤ } قال: أنا الله أعلم، { الۤرۤ } أنا الله أرى، { الۤمۤص } أنا الله أَفْصل. فالألف تؤدّي عن معنى أنا، واللام تؤدّي عن ٱسم الله، والميم تؤدّي عن معنى أعلم. وٱختار هذا القول الزجاج وقال: أذهب إلى أن كل حرف منها يؤدّي عن معنًى؛ وقد تكلمت العرب بالحروف المقطعة نظماً لها ووضعاً بدل الكلمات التي الحروف منها، كقوله:
فقلت لها قِفِي فقالت قاف
أراد: قالت وقفت. وقال زهير:
بالخير خيراتٍ وإن شراً فا ولا أريد الشر إلا أنْ تَا
أراد: وإن شرًّا فشرٌّ. وأراد: إلا أن تشاء.

وقال آخر:
نادوهم أَلاَ ٱلجِمُو أَلاَتَا قالوا جميعاً كلهم أَلاَفَا
أراد: ألا تركبون، قالوا: ألا فاركبوا. وفي الحديث: " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة " قال شقيق: هو أن يقول في ٱقتل: أقْ؛ كما قال عليه السلام: " كفى بالسيف شا " معناه: شافياً.

وقال زيد بن أسلم: هي أسماء للسُّوَر. وقال الكلبي: هي أقسام أقسم الله تعالى بها لشرفها وفضلها، وهي من أسمائه؛ عن ٱبن عباس أيضاً. وردّ بعض العلماء هذا القول فقال: لا يصح أن يكون قَسَماً لأن القسم معقود على حروف مثل: إنّ وقد ولقد وما؛ ولم يوجد ها هنا حرف من هذه الحروف، فلا يجوز أن يكون يميناً. والجواب أن يقال: موضع القَسَم قوله تعالى: { لاَ رَيْبَ فِيهِ } فلو أن إنساناً حلف فقال: والله هذا الكتاب لاَ رَيْبَ فيه؛ لكان الكلام سديداً، وتكون { لا } جواب القَسَم. فثبت أن قول الكلبي وما رُوي عن ٱبن عباس سديد صحيح.

فإن قيل: ما الحكمة في القَسَم من الله تعالى، وكان القوم في ذلك الزمان على صنفين: مصدّق، ومكذّب؛ فالمصدق يصدق بغير قَسَم، والمكذب لا يصدق مع القَسَم؟. قيل له: القرآن نزل بلغة العرب؛ والعرب إذا أراد بعضهم أن يؤكد كلامه أقسم على كلامه؛ والله تعالى أراد أن يؤكد عليهم الحجة فأقسم أن القرآن من عنده. وقال بعضهم: { الۤمۤ } أي أنزلت عليك هذا الكتاب من اللوح المحفوظ. وقال قتادة في قوله: { الۤمۤ } قال ٱسم من أسماء القرآن. وروي عن محمد بن عليّ الترمذي أنه قال: إن الله تعالى أوْدع جميع ما في تلك السورة من الأحكام والقصص في الحروف التي ذكرها في أوّل السورة، ولا يعرف ذلك إلا نبيّ أو وَلِيّ، ثم بيّن ذلك في جميع السورة ليفقّه الناس.
وورد عن ابن عاشور فى كتاب التحرير والتنوير فقد قام بتقسيمها إالى أنواع

تحير المفسرون في محل هاته الحروف الواقعة في أول هاته السور، وفي فواتح سور أخرى عدة جميعها تسع وعشرون سورة ومعظمها في السور المكية، وكان بعضها في ثاني سورة نزلت وهي
{ ن والقلم }
[القلم: 1]، وأَخْلِقْ بها أن تكون مثار حيرة ومصدر، أقوال متعددة وأبحاث كثيرة، ومجموع ما وقع من حروف الهجاء أوائل السور أربعة عشر حرفاً وهي نصف حروف الهجاء وأكثر السور التي وقعت فيها هذه الحروف: السورُ المكية عدا البقرة وآل عمران، والحروف الواقعة في السور هي: أ، ح، ر، س، ص، ط، ع، ق، ك، ل، م، ن، هـ، ي، بعضها تكرر في سور وبعضها لم يتكرر وهي من القرآن لا محالة ومن المتشابه في تأويلها.

ولا خلاف أن هاته الفواتح حين ينطق بها القارىء أسماء الحروف التهجي التي يُنطق في الكلام بمسمياتها وأن مسمياتها الأصوات المكيفة بكيفيات خاصة تحصل في مخارج الحروف ولذلك إنما يقول القارىء: (أَلِفْ لاَمْ ميمْ) مثلاً ولا يقول (أَلَمَ). وإنما كتبوها في المصاحف بصور الحروف التي يتهجى بها في الكلام التي يَقُوم رسمُ شكلها مقام المنطوق به في الكلام ولم يكتبوها بدَوَالِّ ما يقرأُونَها به في القرآن لأن المقصود التهجي بها وحروف التهجي تكتب بصورها لا بأسمائها. وقيل لأن رسم المصحف سنة لا يقاس عليه وهذا أولى لأنه أشمل للأقوال المندرجة تحتها، وإلى هنا خلص أن الأرجح من تلك الأقوال ثلاثة وهي كونها تلك الحروف لتبكت المعاندين وتسجيلاً لعجزهم عن المعارضة، أو كونها أسماء للسور الواقعة هي فيها، أو كونها أقساماً أقسم بها لتشريف قدر الكتابة، وتنبيه العرب الأميين إلى فوائد الكتابة لإخراجهم من حالة الأمية، وأرجح هذه الأقوال الثلاثة هو أولها، فإن الأقوال الثاني والسابع والثامن والثاني عشر والخامس عشر والسادس عشر يبطلها أن هذه الحروف لو كانت مقتضبة من أسماء أو كلمات لكان حق أن ينطق بمسمياتها لا بأسمائها؛ لأن رسم المصحف سنة لا يقاس عليها، وهذا أولى لأنه أشمل للأقوال.

وعرفت اسميتها من دليلين: أحدهما اعتوار أحوال الأسماء عليها مثل التعريف حين تقول: الألف، والباء، ومثل الجمع حين تقول الجيمات، وحين الوصف حين تقول ألف ممدودة والثاني ما حكاه سيبويه في «كتابه»: قال الخليل يوماً وسأل أصحابه كيف تلفظون بالكاف التي في لك والباء التي في ضرب فقيل نقول كافْ، باء، فقال: إنما جئتم بالاسم ولم تلفظوا بالحرف وقال أقول كه، وبه (يعني بهاء وقعت في آخر النطق به ليعتمد عليها اللسان عند النطق إذْ أبقيت على حرف واحد لا يظهر في النطق به مفرداً).

والذي يستخلص من أقوال العلماء بعد حذف متداخِلِه وتوحيد متشاكله يؤول إلى واحد وعشرين قولاً ولشدة خفاء المراد من هذه الحروف لم أر بداً من استقصاء الأقوال على أننا نضبط انتشارها بتنويعها إلى ثلاثة أنواع:

النوع الأول يرجع إلى أنها رموز اقتضبت من كَلم أو جمل، فكانت أسراراً يفتح غلقها مفاتيح أهل المعرفة ويندرج تحت هذا النوع ثمانية أقوال: الأول أنها علم استأثر " الله تعالى " به ونسب هذا إلى الخلفاء الأربعة في روايات ضعيفة ولعلهم يثبتون إطلاع الله على المقصود منها رسوله صلى الله عليه وسلم وقاله الشعبي وسفيان. والثاني أنها حروف مقتضبة من أسماء وصفات لله تعالى المفتتحة بحروف مماثلة لهذه الحروف المقطعة رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس، وقاله محمد بن القرظي أو الربيع بن أنس " فألم " مثلاً الألف إشارة إلى أحد أو أول أو أزلي، واللام إلى لطيف، والميم إلى ملك أو مجيد، ونحو ذلك، وعلى هذا يحتاج في بيانها إلى توقيف وأنى لهم به.

الثالث أنها رموز لأسماء الله تعالى وأسماء الرسول صلى الله عليه وسلم والملائكة " فألم " مثلاً، الألف من الله، واللام من جبريل، والميم من محمد، قاله الضحاك، ولا بد من توقيف في كل فاتحة منها، ولعلنا سننبه على ذلك في مواضعه.

الرابع جزم الشيخ محي الدين في الباب الثامن والتسعين والمائة في الفصل 27 منه من كتابه «الفتوحات» أن هاته الحروف المقطعة في أوائل السور أسماء للملائكة وأنها إذا تليت كانت كالنداء لملائكتها فتصغي أصحاب تلك الأسماء إلى ما يقوله التالي بعد النطق بها، فيقولون صدقت إن كان ما بعدها خبر، ويقولون هذا مؤمن حقاً نطق حقاً وأخبر بحق فيستغفرون له، وهذا لم يقله غيره وهو دعوى.

الخامس أنها رموز كلها لأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وأوصافه خاصة قاله الشيخ محمد بن صالح المعروف بابن مُلوكة التونسي في «رسالة» له قال إن كل حرف من حروف الهجاء في فواتح السور مكنى به عن طائفة من أسمائة الكريمة وأوصافه الخاصة، فالألف مكنى به عن جملة أسمائه المفتتحة بالألف كأحمد وأبي القاسم، واللام مكنيّ به عن صفاته مثل لب الوجود، والميم مكني به عن محمد ونحوه مثل مبشر ومنذر، فكلها منادًى بحرف نداء مقدر بدليل ظهور ذلك الحرف في يس. ولم يَعْزُ هذا القول إلى أحد، وعلق على هذه «الرسالة» تلميذه شيخ الإسلام محمد معاوية «تعليقة» أكثر فيها من التعداد، وليست مما ينثلج لمباحثه الفؤاد (وهي وأصلها موجودة بخزنة جامع الزيتونة بتونس عدد 514) ويرُدُّ هذا القولَ التزام حذف حرف النداء وما قاله من ظهوره في يس مبني على قول من قال: إن يس بمعنى يا سيد وهو ضعيف؛ لأن الياء فيه حرف من حروف الهجاء ولأن الشيخ نفسه عد يس بعد ذلك من الحروف الدالة على الأسماء مدلولاً لنحو الياء من
القول السادس أنها رموز لمدة دوام هذه الأمة بحساب الجُمَّل قاله أبو العالية أخذاً بقصة رواها ابن إسحاق عن جابر بن عبد الله بن وثاب قال: «جاء أبو ياسر بن أخطب وحُيي بن أخطب وكعب بن الأشرف فسألوا رسول الله عن ألم وقالوا هذا أجل هذه الأمة من السنين إحدى وسبعون سنة فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم ص والمر فقالوا اشتبه علينا الأمر فلا ندري أبالقليل نأخذ أم بالكثير؟» ا هـ. وليس في جواب رسول الله إياهم بعدة حروف أخرى من هذه الحروف المتقطعة في أوائل السور تقريرٌ لاعتبارها رموزاً لأعداد مدة هذه الأمة، وإنما أراد إبطال ما فهموه بإبطال أن يكون مفيداً لزعمهم على نحو الطريقة المسماة بالنقض في الجدل ومرجعُها إلى المَنع والمانع لا مذهب له. وأما ضحكه صلى الله عليه وسلم فهو تعجب من جهلهم.

القول السابع أنها رموز كل حرف رمز إلى كلمة فنحو: (ألم) أنا الله أعلم، و(ألمر) أنا الله أرى، و(ألـمص) أنا الله أعلم وأفصل. رواه أبو الضحى عن ابن عباس، ويوهنه أنه لا ضابط له لأنه أخذ مرة بمقابلة الحرف بحرفِ أول الكلمة، ومرة بمقابلته بحرف وسط الكلمة أو آخرها. ونظروه بأن العرب قد تتكلم بالحروف المقطعة بدلاً من كلمات تتألف من تلك الحروف نظماً ونثراً، من ذلك قول زهير:
بالخير خيرات وإن شرٌّ فَا ولا أُريد الشر إلا أنْ تَا
أراد وإن شر فشر وأراد إلا أن تَشا، فأتى بحرف من كل جملة. وقال الآخر (قرطبي):
ناداهم ألا الجموا ألا تا قالوا جميعاً كلهم ألا فا
أراد بالحرف الأول ألا تركبون، وبالثاني ألا فاركبوا. وقال الوليد بن المغيرة عامل عثمان يخاطب عدي بن حاتم:
قلت لها قفي لنا قالتْ قافْ لا تَحْسِبَنِّي قد نسيت الإيجاف
أراد قالت وقفت. وفي الحديث: " من أعان على قتل مسلم بشطر كلمة " قال شقيق: هو أن يقول أُقْ مكان اقتل. وفي الحديث أيضاً: «كفى بالسيف شَا»، أي شاهداً. وفي «كامل المبرد» من قصيدة لعلي بن عيسى القمي وهو مولد:
ولبس العجاجة والخافقا تِ تريك المَنَا برؤوس الأسل
أي تريك المنايا. وفي «تلع» من «صحاح الجوهري» قال لبيد:
دَرَسَ المَنَا بمتالعٍ فأبَانِ فتقادمت بالحبس فالسوبان
أراد درس المنازل. وقال علقمة الفحل («خصائص» ص 82):
كأن إبريقهم ظبي على شرف مفدم بِسَبَا الكَتان ملثوم
أراد بسبائب الكتان. وقال الراجز:
حين ألقت بقُباء بَرْكها واستمر القتلُ في عبد الأشَل
أي عبد الأشهل. وقول أبي دؤاد:
يدرين حَندل حائر لجنوبها فكأنما تُذْكى سنابكها الحُبَا
أراد الحباحب. وقال الأخطل:
أمست مَنَاهَا بأرض ما يبلغها بصاحب الهم إلا الجَسْرَة الأُجُد
أراد منازلها. ووقع («طراز المجالس» - المجلس) للمتأخرين من هذا كثير مع التورية كقول ابن مكانس:
لم أنس بدراً زارني ليلة مستوفزاً مطلعاً للخطر
فلم يقم إلا بمقدار ما قلت له أهلاً وسهلاً ومَرْ
أراد بعض كلمة مرحباً وقد أكثرت من شواهده توسعة في مواقع هذا الاستعمال الغريب ولست أريد بذلك تصحيح حمل حروف فواتح السور على ذلك لأنه لا يحسن تخريج القرآن عليه وليس معها ما يشير إليه مع التورية بجعل مَرَّ من المرور.

القول الثامن أنها إشارات إلى أحوال من تزكية القلب، وجعَلها في «الفتوحات» في الباب الثاني إيماء إلى شعب الإيمان، وحاصله أن جملة الحروف الواقعة في أوائل سور القرآن على تكرار الحروف ثمانية وسبعون حرفاً والثمانية هنا هي حقيقة البضع حصل له ذلك بالكشف فيكون عدد الحروف ثمانية وسبعين وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " الإيمان بضع وسبعون شعبة " فهذه الحروف هي شعب الإيمان، ولا يكمل لأحد أسرار الإيمان حتى يعلم حقائق هذه الحروف في سورها. وكيف يزعم زاعم أنها واردة في معان غير معروفة مع ثبوت تلقي السامعين لها بالتسليم من مؤمن ومعاند، ولولا أنهم فهموا منها معنى معروفاً دلت عليه القرائن لسأل السائلون وتورك المعاندون.

قال القاضي أبو بكر بن العربي: " لولا أن العرب كانوا يعرفون لها مدلولاً متداولاً بينهم لكانوا أول من أنكر ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم بل تلا عليهم (حم فصلت وص) وغيرهما فلم ينكروا ذلك مع تشوفهم إلى عثرة وحرصهم على زلة " قلت وقد سألوا عن أوضح من هذا فقالوا
{ وما الرحمٰن }
[الفرقان: 60]، وأما ما استشهدوا به من بيت زهير وغيره فهو من نوادر كلام العرب، ومما أخرج مخرج الألغاز والتمليح وذلك لا يناسب مقام الكتاب المجيد.

النوع الثاني يجمع الأقوال الراجعة إلى أن هاته الحروف وضعت بتلك الهيئات أسماء أو أفعالاً وفيه من الأقوال أربعة.

التاسع في عداد الأقوال في أولها لجماعة من العلماء والمتكلمين واختاره الفخر أنها أسماء للسور التي وقعت فيها، قاله زيد بن أسلم ونسب لسيبويه في «كتابه» باب أسماء السور من أبواب ما لا ينصرف أو للخليل ونسبه صاحب «الكشاف» للأكثر ويعضده وقوع هاته الحروف في أوائل السور فتكون هاته الحروف قد جعلت أسماء بالعلامة على تلك السور، وسميت بها كما نقول الكراسة ب والرزمة ج ونظره القفال بما سمت العرب بأسماء الحروف كما سموا لاَمَ الطائي والد حارثة، وسموا الذهب عَيْن، والسحاب غَيْن، والحوتَ نونْ، والجبل قاف، وأقول، وحاء قبيلة من مَذحج، وقال شريح بن أوفى العنسي أو العبسي:
يذكرني حَامِيمَ والرمحُ شاجر فهَلاَّ تلا حاميمَ قبل التقدم
يريد
{ حم عسق }
[الشورى: 1، 2] التي فيها:
{ قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى }
[الشورى: 23]. ويبعد هذا القول بعداً مَّا إن الشأن أن يكون الاسم غير داخل في المسمى وقد وجدنا هذه الحروف مقروءة مع السور بإجماع المسلمين، على أنه يرده اتحاد هذه الحروف في عدة سور مثل آلم وآلر وحم.
وأنه لم توضع أسماء السور الأخرى في أوائلها.

القول العاشر وقال جماعة إنها أسماء للقرآن اصطلح عليها قاله الكلبي والسدي وقتادة ويبطله أنه قد وقع بعد بعضها ما لا يناسبها لو كانت أسماء للقرآن، نحو
{ آلم غلبت الروم }
[الروم: 1، 2]، و
{ آلم أحسب الناس }
[العنكبوت: 1، 2].

القول الحادي عشر أن كل حروفٍ مركبةِ منها هي اسم من أسماء الله رووا عن علي أنه كان يقول يا كهيعص يا حم عـسـق وسكت عن الحروف المفردة فيُرجع بها إلى ما يناسبها أن تندرج تحته من الأقوال ويبطله عدم الارتباط بين بعضها وبين ما بعده لأن يكون خبراً أو نحوه عن اسم الله مثل
{ الم ذلك الكتاب }
[البقرة: 1، 2] و
{ آلمص كتاب أنزل إليك }
[الأعراف: 1، 2].

الثاني عشر قال الماوردي: هي أفعال فإن حروف المص كتاب فعل ألمّ بمعنى نزل فالمراد { آلم ذلك الكتاب } أي نزل عليكم، ويبطل كلامه أنها لا تُقْرَأ بصيغ الأفعال على أن هذا لا يتأتى في جميعها نحو كهيعـص وأَلمص والر ولولا غرابة هذا القول لكان حرياً بالإعراض عنه.

النوع الثالث تندرج فيه الأقوال الراجعة إلى أن هاته الحروف حروف هجاء مقصودة بأسمائها لأغراض داعية لذلك وفيه من الأقوال:

القول الثالث عشر: أن هاته الحروف أقسم الله تعالى بها كما أقسم بالقلم تنويهاً بها لأن مسمياتها تألفت منها أسماء الله تعالى وأصول التخاطب والعلوم قاله الأخفش، وقد وهن هذا القول بأنها لو كانت مقسماً بها لذكر حرف القسم إذ لا يحذف إلا مع اسم الجلالة عند البصريين وبأنها قد ورد بعدها في بعض المواضع قسم نحو:
{ ن والقلم }
[القلم: 1] و
{ حم والكتاب المبين }
[الزخرف: 1]، قال صاحب الكشاف: وقد استكرهوا الجمع بين قسمين على مقسم واحد حتى قال الخليل في قوله تعالى:
{ والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى }
[الليل: 1، 2] أن الواو الثانية هي التي تضم الأسماء للأسماء أي واو العطف، والجواب عن هذا أن اختصاص الحذف باسم الجلالة مختلف فيه وأن كراهية جمع قسمين تندفع بجعل الواو التالية لهاته الفواتح واو العطف على أنهم قد جمعوا بين قسمين، قال النابغة:
واللَّهِ واللَّهِ لَنِعْمَ الفتى الْـ ـحارثُ لا النكسُ ولا الخاملُ
القول الرابع عشر: أنها سيقت مساق التهجي مسرودة على نمط التعديد في التهجية تبكيتاً للمشركين وإيقاظاً لنظرهم في أن هذا الكتاب المتلو عليهم وقد تُحدوا بالإتيان بسورة مثله هو كلام مؤلف من عين حروف كلامهم كأنه يغريهم بمحاولة المعارضة ويستأنس لأنفسهم بالشروع في ذلك بتهجي الحروف ومعالجة النطق تعريضاً بهم بمعاملتهم معاملة من لم يعرف تقاطيع اللغة، فيلقنها كتهجي الصبيان في أول تعلمهم بالكتّاب حتى يكون عجزهم عن المعارضة بعد هذه المحاولة عجزاً لا معذرة لهم فيه، وقد ذهب إلى هذا القول المبرد وقطرب والفراء، قال في «الكشاف» وهذا القول من القوة والخلافة بالقبول بمنزلة، وقلت وهو الذي نختاره وتظهر المناسبة لوقوعها في فواتح السور أن كل سورة مقصودة بالإعجاز لأن الله تعالى يقول:
فأتوا بسورة من مثله }
[البقرة: 23] فناسب افتتاح ما به الإعجاز بالتمهيد لمحاولته ويؤيد هذا القول أن التهجي ظاهر في هذا المقصد فلذلك لم يسألوا عنه لظهور أمره وأن التهجي معروف عندهم للتعليم فإذا ذكرت حروف الهجاء على تلك الكيفية المعهودة في التعليم في مقام غير صالح للتعليم عرف السامعون أنهم عوملوا معاملة المتعلم لأن حالهم كحاله في العجز عن الإتيان بكلام بليغ، ويعضد هذا الوجه تعقيب هاته الحروف في غالب المواقع بذكر القرآن وتنزيله أو كتابيته إلا في
{ كهيعص }
[مريم: 1] و
{ الم أحسِب الناسُ }
[العنكبوت: 1، 2] و
{ الم غلبت الروم }
[الروم: 1، 2] ووجه تخصيص بعض تلك الحروف بالتهجي دون بعض، وتكرير بعضها لأمر لا نعلمه ولعله لمراعاة فصاحة الكلام، ويؤيده أن معظم مواقع هذه الحروف في أوائل السور المكية عدا البقرة على قول من جعلوها كلها مدنية وآل عمران، ولعل ذلك لأنهما نزلتا بقرب عهد الهجرة من مكة وأن قصد التحدي في القرآن النازل بمكة قصد أولي، ويؤيده أيضاً الحروف التي أسماؤها مختومة بألف ممدودة مثل الياء والهاء والراء والطاء والحاء قرئت فواتح السور مقصودة على الطريقة التي يتهجى بها للصبيان في الكتَّاب طلباً للخفة كما سيأتي قريباً في آخر هذا المبحث من تفسير { الم }.

القول الخامس عشر: أنها تعليم للحروف المقطعة حتى إذا وردت عليهم بعد ذلك مؤلفة كانوا قد علموها كما يتعلم الصبيان الحروف المقطعة، ثم يتعلمونها مركبة قاله عبد العزيز بن يحيى، يعني إذ لم يكن فيهم من يحسن الكتابة إلا بعض المدن كأهل الحيرة وبعض طيء وبعض قريش وكنانة من أهل مكة، ولقد تقلبت أحوال العرب في القراءة والكتابة تقلبات متنوعة في العصور المختلفة، فكانوا بادىء الأمر أهل كتابة لأنهم نزحوا إلى البلاد العربية من العراق بعد تبلبل الألسن، والعراق مهد القراءة والكتابة وقد أثبت التاريخ أن ضخم بن إرم أول من علم العرب الكتابة ووضع حروف المعجم التسعة والعشرين، ثم إن العرب لما بادوا (أي سكنوا البادية) تناست القبائل البادية بطول الزمان القراءة والكتابة، وشغلهم حالهم عن تلقي مبادىء العلوم، فبقيت الكتابة في الحواضر كحواضر اليمن والحجاز، ثم لما تفرقوا بعد سيل العرم نقلوا الكتابة إلى المواطن التي نزلوها فكانت طيء بنجد يعرفون القراءة والكتابة، وهم الفرقة الوحيدة من القحطانيين ببلاد نجد ولذلك يقول أهل الحجاز ونجد إن الذين وضعوا الكتابة ثلاثة نفر من بني بولان من طيء يريدون من الوضع أنهم علموها للعدنانيين بنجد، وكان أهل الحيرة يعلمون الكتابة فالعرب بالحجاز تزعم أن الخط تعلموه عن أهل الأنبار والحيرة، وقصة المتلمس في كتب الأدب تذكرنا بذلك إذ كان الذي قرأ له الصحيفة غلام من أغيلمة الحيرة. ولقد كان الأوس والخزرج مع أنهم من نازحة القحطانيين، قد تناسوا الكتابة إذ كانوا أهل زرع وفروسية وحروب، فقد ورد في السير أنه لم يكن أحد من الأنصار يحسن الكتابة بالمدينة وكان في أسرى المشركين يوم بدر من يحسن ذلك فكان من لا مال له من الأسرى يفتدي بأن يعلم عشرة من غلمان أهل المدينة الكتابة فتعلم زيد بن ثابت في جماعة، وكانت الشفاء بنت عبد الله القرشية تحسن الكتابة وهي علمتها لحفصة أم المؤمنين. ويوجد في أساطير العرب ما يقتضي أن أهل الحجاز تعلموا الكتابة من أهل مدين في جوارهم فقد ذكروا قصة وهي أن المحض بن جندل من أهل مدين وكان ملكاً كان له ستة أبناء وهم: أبجد، وهوز، وحطي، وكلمن، وسعفص، وقرشت، فجعل أبناءه ملوكاً على بلاد مدين وما حولها فجعل أبجد بمكة وجعل هوزاً وحطياً بالطائف ونجد، وجعل الثلاثة الباقين بمدين، وأن كلمناً كان في زمن شعيب وهو من الذين أخذهم عذاب يوم الظلة قالوا فكانت حروف الهجاء أسماء هؤلاء الملوك ثم ألحقوا بها ثخذ وضغط فهذا يقتضي أن القصة مصنوعة لتلقين الأطفال حروف المعجم بطريقة سهلة تناسب عقولهم وتقتضي أن حروف ثخذ وضغظ لم تكن في معجم أهل مدين فألحقها أهل الحجاز، وحقاً إنها من الحروف غير الكثيرة الاستعمال ولا الموجودة في كل اللغات إلا أن هذا القول يبعده عدم وجود جميع الحروف في فواتح السور بل الموجود نصفها كما سيأتي بيانه من كلام «الكشاف».

القول السادس عشر: أنها حروف قصد منها تنبيه السامع مثل النداء المقصود به التنبيه في قولك يَافتى لإيقاظ ذهن السامع قاله ثعلب والأخفش وأبو عبيدة، قال ابن عطية كما يقول في إنشاد أشهر القصائد لاَ وبل لا، قال الفخر في تفسير سورة العنكبوت: إن الحكيم إذا خاطب من يكون محل الغفلة أو مشغول البال يُقدِّم على الكلام المقصود شيئاً ليلفت المخاطب إليه بسبب ذلك المقدم ثم يشرع في المقصود فقد يكون ذلك المقدم كلاماً مثل النداء وحروفِ الاستفتاح، وقد يكون المقدم صوتاً كمن يصفق ليُقْبِل عليه السامع فاختار الحكيم للتنبيه حروفاً من حروف التهجي لتكون دلالتها على قصد التنبيه متعينة إذ ليس لها مفهوم فتمحضت للتنبيه على غرض مهم.

القول السابع عشر: أنها إعجاز بالفعل وهو أن النبي الأمي الذي لم يقرأ قد نطق بأصول القراءة كما ينطق بها مهرة الكتبة فيكون النطق بها معجزة وهذا بيِّن البطلان لأن الأمي لا يعسر عليه النطق بالحروف.
القول الثامن عشر: أن الكفار كانوا يُعرضون عن سماع القرآن فقالوا:
{ لا تسمعوا لهذا القرآن والغَوْا فيه }
[فصلت: 26] فأوردت لهم هذه الحروف ليقبلوا على طلب فهم المراد منها فيقع إليهم ما يتلوها بلا قَصد، قاله قُطرب وهو قريب من القول السادس عشر.

القول التاسع عشر: أنها علامة لأهل الكتاب وُعدوا بها من قِبَل أنبيائهم أن القرآن يفتتح بحروف مقطعة.

القول العشرون: قال التبريزي: علم الله أن قوماً سيقولون بقدم القرآن فأراهم أنه مؤلف من حروف كحروف الكلام، وهذا وهم لأن تأليف الكلام من أصوات الكلمات أشد دلالة على حدوثه من دلالة الحروف المقطعة لقلة أصواتها.

القول الحادي والعشرون: روي عن ابن عباس أنها ثناء أثنى الله به على نفسه وهو يرجع إلى القول الأول أو الثاني.

هذا جماع الأقوال، ولا شك أن قراءة كافة المسلمين إياها بأسماء حروف الهجاء مثل ألف. لاَمْ. ميمْ دون أن يقرأوا ألَمْ وأن رسْمها في الخط بصورة الحروف يزيف جميع أقوال النوع الأول ويعين الاقتصار على النوعين الثاني والثالث في الجملة، على أن ما يندرج تحت ذينك النوعين متفاوت في درجات القبول، فإن الأقوال الثاني، والسابع، والثامن، والثاني عشر، والخامس عشر، والسادس عشر، يبطلها أن هذه الحروف لو كانت مقتضبَة من أسماء أو كلمات لكان الحق أن ينطق بمسمياتها لا بأسمائها. فإذا تعين هذان النوعان وأسقطنا ما كان من الأقوال المندرجة تحتمها واهياً، خلَص أن الأرجح من تلك الأقوال ثلاثة: وهي كون تلك الحروف لتبكيتِ المعاندين وتسجيلاً لعجزهم عن المعارضة، أو كونُها أسماء للسور الواقعة هي فيها، أو كونُها أقساماً أقسم بها لتشريف قدر الكتابة وتنبيهِ العرب الأميين إلى فوائد الكتابة لإخراجهم من حالة الأُمية وأرجح هذه الأقوال الثلاثةِ هو أولها.

قال في «الكشاف»: ما ورد في هذه الفواتح من أسماء الحروف هو نصف أسامي حروف المعجم إذ هي أربعة عشر وهي: الألف، واللام، والميم، والصاد، والراء، والكاف، والهاء، والياء، والعين، والطاء، والسين، والحاء، والقاف، والنون، في تسع وعشرين سورة على عدد حروف المعجم، وهذه الأربعة عشر مشتملة على أنصاف أجناس صفات الحروف ففيها من المهموسة نصفها: الصاد، والكاف، والهاء، والسين، والحاء، ومن المجهورة نصفها: الألف، واللام، والميم، والراء، والعين، والطاء، والقاف، والياء، والنون، ومن الشديدة نصفها: الألف، والكاف، والطاء، والقاف، ومن الرخوة نصفها: اللام، والميم، والراء، والصاد، والهاء، والعين، والسين، والحاء، والياء، والنون. ومن المُطْبَقَة نصفها: الصاد، والطاء. ومن المنفتحة نصفها: الألف، واللام، والميم، والراء، والكاف، والهاء، والعين، والسين، والقاف، والياء، والنون. ومن المستعلية نصفها القاف، والصاد، والطاء. ومن المستَفِلة نصفها: الألف، واللام، والميم، والراء والكاف، والهاء، والياء، والعين، والسين، والحاء، والنون. ومن حروف القَلْقلة نصفها: القاف، والطاء. ثم إن الحروف التي ألغى ذكرها مكثورة بالمذكورة، فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته ا هـ وزاد البيضاوي على ذلك أصنافاً أخرى من صفات الحروف لا نطيل بها فمن شاء فليراجعها. ومحصول كلامهما أنه قد قضى بذكر ما ذُكر من الحروف وإهمال ذكر ما أهمل منها حقُّ التمثيل لأنواع الصفات بذكر النصف، وترك النصف من باب «وليُقس ما لم يقل» لحصول الغرض وهو الإشارة إلى العناية بالكتابة، وحقُّ الإيجاز في الكلام. فيكون ذكر مجموع هذه الفواتح في سور القرآن من المعجزات العلمية وهي المذكورة في الوجه الثالث من وجوه الإعجاز التي تقدمت في المقدمة العاشرة من مقدمات هذا التفسير.

وكيفيةُ النطقِ أن يُنطق بها موقوفة دون علاماتِ إعراب على حكم الأسماء المسرودة إذ لم تكن معمولة لعوامل فحَالها كحال الأعداد المسرودة حين تقول ثلاثهْ أربعهْ خمسهْ. وكحال أسماء الأشياء التي تُملى على الجارد لها، إذ تقول مثلاً: ثَوْب، بِساطْ، سَيْف، دون إعراب، ومن أعربها كان مخطئاً. ولذلك نطق القراء بها ساكنة سكون الموقوف عليه فما كان منها صحيح الآخِرِ نُطق به ساكناً نحو أَلِفْ، لاَمْ، مِيمْ. وما كان من أسماء الحروف ممدود الآخر نُطق به في أوائل السور أَلفاً مقصوراً لأنها مسوقة مَساق المتهجَّى بها وهي في حالة التهجي مقصورة طلباً للخفة لأن التهَجِّي إنما يكون غالباً لتعليم المبتدىء، واستعمالها في التهجي أكثر فوقعت في فواتح السور مقصورة لأنها على نمط التعْديد أو مأخوذة منه.

ولكن الناس قد يجعلون فاتحة إحدى السور كالاسم لها فيقولون قرأتُ: { كهيعص } كما يجعلون أول كلمة من القصيدة اسماً للقصيدة فيقولون قرأت: «قِفَا نَبْكِ» و«بانت سعاد» فحينئذٍ قد تعامل جملة الحروف الواقعة في تلك الفاتحة معاملة كلمة واحدة فيجري عليها من الإعراب ما هو لنظائر تلك الصيغة من الأسماء فلا يصرف حَامِيم كما قال شُريح بن أَوفى العَنْسي المتقدم آنفاً:
يُذَكِّرُنِي حَامِيمَ والرُّمْحُ شَاجِر فهلاَّ تَلاَ حَامِيمَ قبلَ التَّقَدُّم
وكما قال الكميت:
قرأْنا لَكُم في آلِ حَامِيمَ آية تأوَّلها مِنَّا فقيهٌ ومُعْرِب
ولا يعرب
{ كهيعص }
[مريم: 1] إذ لا نظير له في الأسماء إفراداً ولا تركيباً. وأما طسـم فيعرب اعترابَ المركب المزجى نحو حَضْرَمَوْتَ ودَارَاَبجِرْدَ وقال سيبويه: إنك إذا جعلت (هُود) اسم السورة لم تَصرفها فتقول قرأت هُودَ للعَلَمِيَّة والتأنيث قال لأنها تصير بمنزلة امرأة سميتَها بعَمْرو. ولك في الجميع أن تأتي به في الإعراب على حاله من الحكاية وموقع هاته الفواتح مع ما يليها من حيث الإعراب، فإن جعلتها حروفاً للتهجي تعريضاً بالمشركين وتبكيتاً لهم فظاهر أنها حينئذٍ محكية ولا تقبَل إعراباً، لأنها حينئذٍ بمنزلة أسماء الأصوات لا يقصد إلا صُدورها فدلالتها تشبه الدلالة العقلية فهي تدل على أن الناطق بها يهيّىء السامع إلى ما يرد بعدها مثل سرد الأعداد الحِسابية على من يراد منه أن يجمع حاصلها، أو يَطرح، أو يقسم، فلا إعراب لها مع ما يلوإذا قَدَّرتها أسماء للسور أو للقرآن أو لله تعالى مقسَماً بها فقيل إن لها أحكاماً مع ما يليها من الإعراب بعضُها محتاج للتقدير الكثير، فدع عنك الإطالة بها فإن الزمان قصير.

وهاته الفواتح قرآن لا محالة ولكن اختلف في أنها آيات مستقلة والأظهر أنها ليست بآيات مستقلة بل هي أجزاء من الآيات الموالية لها على المختار من مذاهب جمهور القراء. وروى عن قراء الكوفة أن بعضها عدُّوه آياتٍ مستقلة وبعضها لم يعدوه وجعلوه جزء آية مع ما يليه، ولم يظهر وجه التفصيل حتى قال صاحب «الكشاف» إن هذا لا دخل للقياس فيه. والصحيح عن الكوفيين أن جميعها آيات وهو اللائق بأصحاب هذا القول إذ التفصيل تحكم؛ لأن الدليل مفقود. والوجه عندي أنها آيات لأن لها دلالة تعريضية كنائية إذ المقصود إظهار عجزهم أو نحو ذلك فهي تطابق مقتضى الحال مع ما يعقُبها من الكلام ولا يشترط في دلالة الكلام على معنى كنائي أن يكون له معنى صريح بل تعتبر دلالةُ المطابقة في هذه الحروف تقديريةً إن قلنا باشتراط ملازمة دلالة المطابقة لدلالة الالتزام. ويدل لإجراء السلف حكم أجزاء الآيات عليها أنهم يقرأونها إذا قرأوا الآية المتصلة بها، ففي «جامع الترمذي» في كتاب التفسير في ذكر سبب نزول سورة الروم فنَزلت:
{ الم غلبت الروم }
[الروم: 1، 2]، وفيه أيضاً: «فخرج أبو بكر الصديق يصيح في نواحي مكةٍ { الم غلبت الروم } وفي سيرة ابن إسحاق من رواية ابن هشام عنه: «فقرأ رسول الله على عُتبة بن ربيعة:
{ حم تنزيل من الرحمٰن الرحيم }
حتى بلغ قوله:
{ فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود }
[فصلت: 1 ـــ 13] الحديث.

وعلى هذا الخلاف اختُلف في إجزاء قراءتها في الصلاة عند الذين يكتفون في قراءة السورة مع الفاتحة بآية واحدة مثل أصحاب أبي حنيفة.يها، ولا معنى للتقدير بالمؤلف من هذه الحروف إذ ليس ذلك الإعلام بمقصودٍ لظهوره وإنما المقصود ما يحصل عند تعدادها من التعريض لأن الذي يتهجَّى الحروف لمن ينافي حالُه أن يقصد تعليمُه يتعين من المقام أنه يَقصِد التعريض.








الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

ت العربية ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» العربية ومحاكاة النص القرآنى حروف العطف
» العربيه ومحاكاة النص القرآنى
» العربيه ومحاكاة النص القرآنى (حروف الجر)
»  مدلول الحروف المقطعة (حم)
» من عجائب الحروف المقطعة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: منتدى اللغة العربية والقرآن-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


ت العربية  ومحاكاة النص القرآنى (الحروف المقطعة) 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
ظاهرة على قواعد مدخل كتاب اسماعيل اللغة النحو بلال البخاري مجلة النقد ننجز موقاي النص الخيام الأشياء مبادئ المعاصر الحذف العربية التداولية العربي اللسانيات الخطاب محمد


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع