بسم الله الرحمان الرحيم
هذه أول مشاركة لي أتمنى أن تعجبكم وهي عبارة عن بحث لنيل الاجازة حول علم الدلالة والعلاقات الدلالية.
1-تعريف علم الدلالة
لعلم الدلالة أسماء عديدة في الفرنسية و الإنجليزية ،لكن أشهرها و أكثرها استعمالا هو مصطلح sémantique في الفرنسية ، و مقابله semantics في الإنجليزية.ومن المصطلحات التي استعملت للدلالة على هذا العلم و لم تكتب لها الغلبة نجد مثلا sematology وsemanteme وsemasiology و semology (1) .
أما في العربية فقد اختلف الدارسون في تحديد المصطلح الذي يقابلون به مصطلح semantique،فظهرت تسميات كثيرة لهذا العلم منها : علم المعنى، السيمانتيك ، علم الدلالة سواء بفتح الدال أو كسرها ،الدلاليات،الدلالية.
*****
وعلم الدلالة عند معظم اللغويين هو "العلم الذي يدرس المعنى أو ذلك الفرع من علم اللغة الذي يتناول نظرية المعنى أو ذلك الفرع الذي يدرس الشروط الواجب توافرها في الرمز حتى يكون قادرا على حمل المعنى "(2)
وهناك تعريفات أخرى لهذا العلم منها تعريف جون ليونزJohn lyons الذي يعرفه بأنه علم دراسة المعنى،و بيار جيرو الذي يعرفه بأنه علم دراسة معاني الكلمات ،أما ليرا lérat فيرى أن علم علم الدلالة هو العلم الذي يدرس معاني الكلمات و الجمل و الملفوظات .
و تجدر الإشارة هنا إلى تسجيل ملاحظة على هذه التعريفات ،فالتعريف الأول تعريف فضفاض وواسع،و يمكننا إن اعتمدناه أن ندخل أعمال الفلاسفة و علماء النفس و كل من يهتم بالمعنى، في ما يسمى علم الدلالة،ذلك أن المعنى أو دراسته ليست حكرا على اللغويين دون غيرهم.
1- أحمد مختار عمر،علم الدلالة،عالم الكتب،1998،هامش الصفحة 22.
2- نفسه،ص 11
أما التعريف الثاني فجاء أكثر تحديدا و أكثر صلة باللسانيات ،فهو يحصر مجال علم الدلالة في دراسة معنى الكلمة ،التي هي من اختصاص اللغوي أكثر من غيره.
أما التعريف الثالث فلا يقصر علم الدلالة في دراسة الوحدات المعجمية أي المنفردة، بل كذلك يدرس معاني الوحدات المركبة، ويدرس اللغة أثناء استعمالها، وهو بهذا أكثر شمول من سابقيه.
و إذا اعتمدنا هذه التعريفات جميعها سنخلص إلى أن علم الدلالة هو دراسة معاني الوحدات اللسانية ،و هذه الوحدات قد تكون كلمات أو جمل أو ملفوظات . ونشير هنا إلى أن دراسة المعنى بدأت بدراسته على مستوى الألفاظ المفردة،لكن تغير الأمر بعد ذلك وأصبحت تشمل دراسة التراكيب ،يقول جون ليونز "لقد كان علماء اللغة حتى وقت قريب يثيرون اهتماما كبيرا لوصف معاني الكلمات المستقلة أكثر من اهتمامهم بتحديد تفاصيل كيفية اشتقاق معنى الجملة من معاني الكلمات المكونة لها ...إلا أن الموقف تغير على نحو ملحوظ خلال السنوات الماضية"(1) ،وما هذا التغير الذي يشير إليه "ليونز" إلا اهتمام اللغويين بالتراكيب، فهم أدركوا أن الألفاظ المفردة قاصرة عن بيان المعنى و تحديده بشكل دقيق إلا إذ اندرجت داخل تركيب معين.
و علم الدلالة بالإضافة إلى هذا و ذاك فرع من فروع علم اللغة و مستوى من مستويات التحليل اللساني،شأنه في ذلك شأن الأصوات و التركيب و الصرف.
*****
و إذا كان موضوع علم الدلالة من خلال تعريفه هو "أي شيء يقوم بدور العلامة أو الرمز"(2) فالحق أن هذا العلم يركز على اللغة من بين أنظمة العلامات الأخرى و مع ذلك قد يدخل في دائرة بحثه بعض العلامات غير اللغوية ،ليست كمباحث أساسية ،و لكن فقط كمساعدات في تحديد المعنى ،كالتنغيم و الحركات الإيمائية في اللغة المنطوقة ، و أدوات الترقيم ،من نقط وعلامات الإستفهام، و غيرها في اللغة المكتوبة ،فتنغيم الجملة الإستفاهمية يختلف عن تنغيم جملة التعجب ،وليست أدوات الترقيم في اللغة المكتوبة أقل شأنا ،و يكفي لإبراز أهمية الترقيم أن نذكر تلك القصة المتداولة، والتي تقول أن رجلا كان متهما و كان ينتظر أمر القاضي ،فأرسل القاضي حكمه مكتوبا جاء فيه"العفو. مستحيل الإعدام "،لكن كاتب القاضي نقل مكان نقطة الوقف من مكانها الأول إلى الذي يليه فأصبحت الجملة على الشكل التالي"العفو مستحيل.الإعدام" فتغير المعنى وأعدم الرجل بسبب النقطة.
1-جون ليونز،اللغة والمعنى والسياق،ص65 عن رشيد بلحبيب،مقومات الدلالة النحوية faculty.uaeu.ac.ae/~rachid/ research/makawimat%20addalalah.htm.www
2-أحمد مختار عمر،علم الدلالة،ص11