غالية الذرعاني مشرف منتدى
وسام النشاط : وسام المبدع : البلد : ليبيا عدد المساهمات : 268 نقاط : 511 تاريخ التسجيل : 29/04/2010 المهنة : معلمة
| موضوع: الهيكل التنظيمي لحكايات ألف ليلة وليلة 2010-10-18, 18:37 | |
| الهيكل التنظيمي لحكايات ألف ليلة وليلة
يقول الأستاذ : داوود سلمان الشويلي ،في كتابه (ألف ليلة وليلة وسحر السردية العربية ، منشورات إتحاد الكتاب العرب ، 2000م ): لم يشتهر كتاب في أرجاء العالم، مثلما اشتهر كتاب((ألف ليلة وليلة)).. ولم يؤثر كتاب –شكلاً ومضموناً- في الأدب الإنساني مثلما أثر وبشكل واسع وعميق هذا الكتاب… ولم يسهر الناس الليالي الطوال لسماع الحكايات مثلما سهروا مع هذا الكتاب… ورغم هذه الشهرة، وهذا الانتشار الواسع، وصلت الحال ببعض الفئات الاجتماعية في إحدى الدول العربية إلى حد تقديمه للمحاكمة خوفاً-كما تزعم- على خدش الأخلاق العامة، وكأن الأخلاق والقيم العامة لدى الإنسان العربي، قد غابت مئات السنين السابقة، أو أنها قد أصابها المرض تلك الفترة، ولم تكن بالحالة الصحية والصحيحة إلا في هذه الأيام وعند تلك الفئة فراحت تتباكى على ما أصابها جراء انتشار هذا الكتاب، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لأنهم في تهمتهم تلك، قد خدشوا الأخلاق العامة عند الناس. إن ((ألف ليلة وليلة)) سفر من أسفار الأمة العربية- رغم ما فيه من تأثيرات الحضارات الأخرى. إنه كتاب عربي مئة في المئة… وهو ابن حضارتها وثقافتها وأدبها. وهو إضافة إلى احتوائه على فن قصصي ذي نفس فني جيد، كثيراً ما تشدق المعنيون بتاريخ الفن القصصي بعدم احتواء الأدب العربي القديم على مثل هذا الجنس الأدبي. إن ما يحتويه هذا السفر العظيم هو نفس ما احتواه الفن القصصي الروائي من خيال خصب لا يبتعد عن الواقع إلا بما تتطلب منه أساسيات هذا الفن. وهو إضافة لذلك ينطلق من الواقع ليصب فيه.. أما ما شابه من بعض العيوب فإنها تعود إلى القاص الشعبي الذي كانت الحكايات تنتقل على شفتيه ومن خلالها إلى السامع، حتى باتت بعض الحكايات عبارة عن صيغ مختلفة لحكاية معينة.. فكان التكرار أحد العلل الفنية، إضافة إلى وجود بعض الصيغ الجاهزة في الوصف، خاصة وصف المكان ووصف الجمال البشري، ووصف الحالة النفسية…. الخ. و((ألف ليلة وليلة)) كتاب جمع فيه القاص الشعبي عشرات الحكايات التي اعتمدت أساساً على حكاية واحدة افتتح بها القاص الشعبي هذا السفر العظيم، فكان بذلك قد أبدع أسلوباً فنياً جديداً. إن الحكاية التي اعتمدها القاص الشعبي لينشر من خلالها مجموعة من الحكايات الأخرى، قد بنيت أساساً على فكرة ((أن المرأة هي أساس الخيانة والمكر)) وبهذا، فإن القاص الشعبي كان معنياً بالدرجة الأولى بتوضيح هذه الفكرة –سلباً أو إيجاباً- من خلال الفن القصصي. لأن القصة ((الأسطورة، الأيام، الخرافات.. الخ)) لها تأثيرها الكبير في حياة العرب وهم يتسامرون ويقضون ليل الخيام، وليل البيوت بعد التعب والعمل الشاق، بسرد مثل هذه الحكايات، هذا الفن الذي ابتدأ به كتاب الليالي ليؤكد صحة أو خطأ تلك الفكرة.. لأن القاص الشعبي لم يجد في المقامة أو كتب الأخبار والحوادث والسير، وكذلك كتب التاريخ، ما هو أصلح في نقل موقفه من تلك الفكرة.. فكانت الحكايات هي الوعاء الحامل لها.. وهكذا توالدت بين يديه ومن خلال الحكاية التي افتتح بها لياليه –مجموعة من الحكايات الأخرى التي قامت هي الأخرى بتوليد حكاية ثانية. بدأ الفن القصصي- أو الفن الحكائي- في((ألف ليلة وليلة)) بحكاية واحدة هي حكاية ((الملك شهريار)) الذي حكم على نصف المجتمع (النساء) بالموت بسبب خيانة زوجته له مع أحد عبيده، كما هو الحال مع أخيه الملك ((شاه زمان)) الذي وجد هو الآخر زوجته تخونه مع أحد عبيده.. وهكذا كان قراره بقتل كل امرأة بعد الدخول بها.. حتى جاء الدور لابنة وزيره، فما كان منها إلا أن تحتال عليه- هي الأخرى- بحيلة تجعله يؤجل تنفيذ حكمه بها إلى الليلة المقبلة...فكانت الوسيلة التي احتالت بها عليه هي " الحكاية" فراحت تقص على مسامعه الحكاية تلو الأخرى… وكانت لا تنتهي من قصها بسبب أن الصباح كان مدركاً لها، فتسكت عن الكلام المباح. إن هذه الحكاية، يمكن أن نطلق عليها اسم حكاية (المفتتح) ذلك لأن السرد القصصي في هذا الكتاب قد ابتدأ بها، فكانت فاتحة لـه، فجاءت كعنقود العنب في تصميمه، والرابط لمجموعة من الخيوط السميكة التي كانت هي الأخرى تحوي على مجموعة من الخيوط الخضراء الرفيعة التي تحمل حبات العنب… وهي بهذا التنظيم الفني الرائع تمثل في بنائها عنقوداً واحداً أساسه ((حكاية المفتتح)) حيث تتفرع منها، حكايات أخرى أطلقنا عليها اسم ((حكايات الإطار)) أي الجامعة لنوع آخر من الحكايات، لا تختلف عنها بشيء، ولكنها تدخل في بنائها ومحتواها، وقد أسمينا هذا النوع من الحكايات، بحكايات ((التضمين))، أي الحكايات التي جاءت ضمن حكايات ((الإطار)). وقد توالدت حكايات أخرى داخل حكايات ((التضمين)) أسميناها حكايات ((خارج السياق)). لأن حكايات ((التضمين)) لها ما يعلل سبب ورودها داخل حكايات ((الإطار)) حيث ترتبط بالمحتوى العام بوشيجة أو أخرى، كأن تكون بسبب حكمتها، لأنها تحمل دلالاتها الرمزية لحديث ما، أو أن تكون للتسلية، أو… الخ ولكن حكايات ((خارج السياق)) لا تفيد المحتوى العام لحكايات ((الإطار)) بشيء اللهم إلا إفادة حكايات ((التضمين)) منها.. إذن فالحكايات التي يتألف منها كتاب الليالي هي على أنواع أربعة: 1- حكاية المفتتح. 2- حكايات الإطار. 3- حكايات تضمينية. 4- حكايات خارج السياق. وقد جاء النوعان الأخيران ليقوما بدور: • التسلية عن أحد شخوص الحكاية. • للعبرة. • لدفع مكروه عن أحد الشخوص. • أسباب أخرى متنوعة. إن (حكاية المفتتح) قد مهدت فعل القص ((الحكي)) -شكلاً ومضموناً- ليقوم بدوره في نقل مجموعة من الحكايات الأخرى التي لا علاقة لها بالحكاية الأولى إلا بما يطيل من زمنها، وليقدم الشواهد للشخصية الرئيسية ((شهريار)) بما يعطل تنفيذه للقرار الذي اتخذه ضد جنس ((الحريم)) مؤكدة –أي الحكايات هذه- على نفس الفكرة التي بنى عليها القاص الشعبي لياليه. وأيضاً على ما يعاكسها ويقف بالضد منها في عرضه لأنواع النساء-سلوكياً- مما يدفع بـ((شهريار)) –وهذا ما تهدف إليه الليالي- إلى الرجوع عن قراره، وهكذا أصبحت((شهرزاد)) محامي الدفاع عن بنات جنسها أمام الرجل ((الحاكم = الملك)) ((شهريار)) فكان نصيبها النجاح، وانتصرت لبنات جنسها ليس أمام ((شهريار)) فحسب بل أمام كل الرجال الذين يحملون الفكرة نفسها التي كان يحملها ((شهريار)) عن المرأة وخيانتها ودهائها. وينتهي الأستاذ الشولي في دراسته للهيكلية التنظيمية لليالي ،إلى القول :إن هذه السطور معنية بالدرجة الأولى بدراسة تنظيم البنية الأساسية لحكايات الليالي، وكذلك فإن المقارنة بين بنية وأخرى تمكننا أن نصل إلى بعض النتائج التي تفيدنا في دراسة الفن القصصي- الحكائي لليالي. ومن هذه النتائج: أ-التشابه الحاصل بين حكاية وأخرى ((التشابه العام، التشابه الجزئي، التكرار)) كما في حكاية (نعم ونعمه) و(عزيز وعزيزه) وهي من أنواع حكايات (خارج السياق). ب-علاقة الشخوص فيما بينها داخل البنية الأساسية للحكاية. ج-ما أصاب الحكاية من استطرادات متنوعة، وزيادات لم تكن موجودة أساساً في النص الأصلي للحكاية التي ينقلها القاص الشعبي في الليالي... فمن خلال مقارنة الهيكل التنظيمي لحكاية ((التاجر والجني))- على سبيل المثال- مع حكاية (الحمال والبنات) نجد مدى التشابه الكبير بين جزء من الحكاية الأخيرة، مع حكاية (التاجر والجني) حيث أن مخيلة القاص الشعبي كان لها الدور الفعال في إغناء هذا الجزء الصغير ليأتي على شكل حكاية أخرى هي حكاية (التاجر والجني) ولكن بمحتوى آخر.. وكذلك نجد التشابه بين حكايتي (الحسن البصري والمجوسي) و(جان شاه اليهودي) وبين حكايتي (نور الدين ومريم الزنارية) و(علاء الدين أبو الشامات). ويستخلص الشولي النتائج التالية: 1 ـ إن القاص الشعبي قد أدخل أكثر من حكاية ضمن السياق العام للحكاية الأصل ((الإطار)). 2 ـ هناك تكرار زائد، وبصيغ جاهزة ((كليشيه)) لبعض الأحداث، كالوصف مثلاً. 3 ـ إعادة أكثر من حكاية، وقصها بصيغ مختلفة. 4 ـ تكرار لبعض الجزئيات ((ألموتيفات)) في أغلب الحكايات. 5 ـ تطوير بعض أجزاء الحكايات لتكوين حكاية مستقلة بعد إجراء التحويرات عليها ((الأماكن، الأشخاص….))الخ. أو بالعكس، حيث يقوم القاص الشعبي بتقليص بعض الحكايات الطويلة لتناسب حكايات أخرى، يدخلها ضمن سياقها العام. 6 ـ اتباع أسلوب فني في متابعة الأحداث وقطعها بين الفينة والأخرى، حيث يستعمل دائماً جملة ((أما ماكان من ….)) كجملة ربط بين الأحداث.
عدل سابقا من قبل غالية الذرعاني في 2010-10-19, 13:49 عدل 1 مرات |
|
د محمد محمد يونس علي عضو شرف
البلد : ليبيا وبلاد العرب: أوطاني عدد المساهمات : 801 نقاط : 1529 تاريخ التسجيل : 25/12/2009 المهنة : أستاذ اللسانيات المشارك
| موضوع: رد: الهيكل التنظيمي لحكايات ألف ليلة وليلة 2010-10-18, 20:35 | |
| موضوع رائع بارك الله فيك |
|