بسم الله الرحمن الرحيم
معنى كلمتي قيم والقَيَّمة في القرآن إن أهم وظيفة للنقود تتمثل في إنها وحدة قياسية للسلع المتبادلة في الأسواق. لذا تعتبر النقود مخزناً لقيمة السلع الأمر الذي جعل جميع الخلائق في كل الدول في العالم تقدر أهمية السلعة ووزنها بثمنها أي بقيمتها النقدية. عليه صار الناس يصفون السلع ذات الثمن الباهظ بأنها سلعة قَيمَّة. فلا يستطيع اغتنائها إلا الأغنياء.
أما في القرآن فالأمر يختلف حيث لا تمت النقود لتقييم الأشياء بصلة. وإن معنى الشيء القيم في القرآن هو الشيء المستقيم الذي لا عوج له وليس الشيء الذي ثمنه غالي. ولهذا وصف الله كتابه بأنه قيم ولا عوج فيه في قوله تعالى: ( ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي أَنْزَلَ عَلَىٰ
عَبْدِهِ ٱلْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا) )
قَيِّماً لِّيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِّن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً) 1-2 الكهف
كما وصف الدين بأنه قيم ولما لا والكتاب هو الدين لقوله تعالى
قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّيۤ إِلَىٰ
صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ) 161 الأنعام
عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله: { ولَـمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً } قَـيِّـماً يقول: أنزل الكتاب
عَدلاً قـيـماً، ولـم يجعل له عِوَجاً، فأخبر ابن عبـاس بقوله هذا مع بـيانه معنى القـيـم أن القـيـم مؤخر بعد قوله، ولـم يجعل له عوجاً، ومعناه التقديـم بـمعنى: أنزل الكتاب علـى عبده قَـيِّـماً. وكذلك الكتب الجزئية التي تكون منها الكتاب كلها قيمة أي مستقيمة لا اعوجاج فيها لقوله تعالى
رَسُولٌ مِّنَ ٱللَّهِ يَتْلُواْ صُحُفاً مُّطَهَّرَةً)(فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ) 2-3 البينة. فجاء قول ابن جرير
في قوله تعالى: { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } كالآتي: (في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة، ليس فيها خطأ؛ لأنها من عند الله عز وجل(.
وفي الآية: (وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ ٱلقَيِّمَةِ) 5 البينة توكيد لمعنى القيمة بأنها الاستقامة والاعتدال.
أما في الآية (مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَآءً سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ) 40 يوسف فقد أوضح الله أن عبادته وحده بطاعته وحده هي الدين المستقيم.
فكل الآيات توضح أن معنى كلمة قَيَّم تعنى مستقيم ومعتدل لا اعوجاج فيه و أن كلمة القّيَّمة تعنى الاستقامة
وبالتالي نجد كثير من الكلمات في القرآن تحمل معاني مختلفة من معاني نفس الكلمات المتداولة في حياتنا.