بسم الله الرحمن الرحيم
معنى كلمة التوبة من آيات القرآن
إذا سألنا أي أحد عن معنى كلمة التوبة يرد بأنها الإقلاع عن الذنب والندم. ولكن إذا تدبرنا آيات الله التالية: ( أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ ٱلصَّدَقَاتِ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ ) 104 التوبة (وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) 25 الشورى
نجد أن في معنى كلمة التوبة المتعارف عليها بين الناس إجحاف في حق الله سبحانه وتعالى والعياذ بالله من ذلك، حيث وصف الله نفسه في هذه الآيات بصفة (التواب الرحيم) التي هي صفة مبالغة في قبول طلب التوبة أي طلب العفو. فإذا وضعنا معنى الإقلاع عن الذنب لكلمة التوبة يكون معنى الله تواباً هو (قلاعاً عن الذنوب) !!!!! والعياذ بالله من وصفه بذلك. فما معنى كلمة التوبة إذاً؟
إن معنى التوبة هو (
طلب المغفرة والعفو من الله) بعد الندم عن الذنب فالتوبة هي مرحلة تأتي بعد الندم عن الذنب ونية الإقلاع عنه وليس هي الندم والإقلاع عن الذنب. ووصف الله لنفسه بأنه (غافر الذنب وقابل التوب) يوضح معنى صفته التواب الرحيم. أي إنها صفة مبالغة لرحمته بقبول طلب المغفرة من خلقه أي إنه أفضل من يقبل التوبة ( أي طلب المغفرة والعفو.) والحديثان التاليان هما خير دليل على هذا المعنى. حيث يوضح الحديث الأول أن طلب المغفرة أي التوبه ينتج عن الندم على الذنب والحديث هو: . قال زر: فقلت لأبي ابن كعب: فما التوبة النصوح؟ فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال: " هو الندم على الذنب حين يفرط منك، فتستغفر الله بندامتك منه عند الحاضر ثم لا تعود إليه أبداً ). فقوله صلى الله عليه وسلم (فتستغفر الله بندامتك منه) يدل على شيئان أحدهما: أن التوبة هي طلب المغفرة لاستبدال كلمة فتتوب إلى الله بكلمة فتستغفر الله. وثانيهما أن الفاء في كلمة فتستغفر توضح أن التوبة (أي الجوء لله للعفو)يأتي بعد الندم عن الذنب. ويوضح الحديث الثاني أن الله أرحم الراحمين بأنه أفضل من يقبل طلب العبد للعفو وهو عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (قال إبليس: وعزتك لا أزال أغويهم ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفرون) أي ما طلبوا العفو مني.
إذاً التوبة هي مترادف الاستغفار والدليل المقنع على ذلك قوله تعالى
إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ ) ( وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً( (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً) 1-3 النصر.
لأننا إذا وضعنا في أذهاننا أن الترادف والإبدال هو تطابق المعنى مما يؤدي لإبدال الكلمة مكان مترادفها نجد أن كلمة (تواباُ) في الآية 3 النصر معناها (غفاراً) لأن كلمة غفاراً هي التي يستقيم بها المعنى وإلا ما هي صلة كلمة تواباً بكلمة واستفغره . ولهذا قيل أن الرسل أحسب أن قوله هذا يعني"استغفر الله وأطلب العفو منه" والله أعلم