عفوا سيدي

اختار مكانا ظليلا عن يساره ليركن سيارته ، ما كاد يفتح الباب ليخرج حتى انهالت عليه المرأة سبا وشتما " يا قليل الأدب ، يا وضيع ، يا عديم المروءة  ، ألا تستحيي ، أين هي الأخلاق في هذا البلد ، أنا امرأة متزوجة ولي أبناء ، وتتحرش بي ألا تستحيي."
اجتمع الناس يستطلعون الأمر ، وصاحب السيارة لا يدري بالذي جرى ولا يعرف ما يقدم وما يؤخر وأحاط به الناس من كل جانب بين مستهجن ومستقبح ، ومنهم من يستفزه بكلمة جارحة ومنهم من يلمزه. حاول تهدئتهم ليصغوا إليه وليبين لهم أن في الأمر خطأ ما ، وإذا بيد تمتد من بين الناس تقذفه بلكمة قوية، ترنح على إثرها وكاد أن يسقط لولا أن تمسك بملابس رجل ممن كانوا واقفين إزاءه ، صار يصرخ محتجا ويرفع يده ، يا ناس ما الذي فعتله ، اسمعوني يا ناس أنا لم أفعل شيئا لماذا تعرضونني لهذه الفضيحة وهذه الإهانة ؟
ـ قالت المرأة: ألا تعلم يا قليل الأدب أنك تتحرش بي وأنت راكب سيارتك  من مسافة .
ـ من أين  ؟
ـ من المكان كذا .
ـ أنا لم آت من هناك بل أتيت من هنا ، من هذه الطريق على اليمين .
قال صاحب اليد التي لكمته : كذبت .
ـ وما أدراك أني كذبت ؟
ـ لأن زوجتي هي التي قالت .
ـ لقد كذبتْ .
(لكمة  قوية )
زوجتي لا تكذب .
( رد له اللكمة  بأحسن منها  ، قائلا )
ـ بل هي كاذبة وأم الكذابين .
ـ امرأتي أم الكذابين يا وغد .
التحما في معركة شديدة تخللها لكْم ، ورفس ، وركل ، وسب ، وشتم ، وتمزيق للملابس ، وسقوط ونهوض...... وإذا بالمرأة تصرخ آه ليس هذا بل ذاك الذي يمر من هناك .
تطلع القوم إلى السيارة الشبيهة بهذه  والتي تسير على مسافة آمنة منهم وصاحبها ذو النظارات السوداء والوجه الأفطح السمين ينظر إليهم وقد علت وجهه ابتسامة ساخرة  مكتومة يرتج لها جسمه المنفوخ ، يسير ويزيد في السرعة قليلا ، قيلا ، قليلا ، إلى أن توارى عن الأظار.