منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لنافن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارفن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
اسحق علي محمد
.
.
اسحق علي محمد

القيمة الأصلية

البلد :
السودان

عدد المساهمات :
81

نقاط :
207

تاريخ التسجيل :
14/09/2012

المهنة :
محاضر+صحفي


فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 Empty
مُساهمةموضوع: فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1   فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 I_icon_minitime2013-06-11, 17:08

فن التحرير العربي
المؤلف: محمد صالح الشنطي
الناشر: دار الأندلس للنشر والتوزيع - السعودية / حائل
الطبعة: الخامسة 1422 هـ - 2001 م
عدد الأجزاء: 1
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي]
(/)
________________________________________
المقدمات
مقدمة الطبعة الخامسة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:-
فهذه مقدمة الطبعة الخامسة لكتاب فن التحرير العربي الذي كان الهدف من تأليفه بيان الأسس التي ينهض عليها فن الكتابة، وقد يسر الله سبحانه وتعالى لهذا الكتاب سبل النشر والانتشار فقرر في عدد من الكليات والجامعات، وقد عمدت إلى معاودة النظر فيه بين الفينة والأخرى؛ فرأيت أن أضيف إليه في هذه الطبعة بعض التطبيقات خصوصًا فيما يتعلق بالإملاء وذلك انسجامًا مع التوجه إلى التركيز على هذا الجانب فيما يتعلق بضوابط الرسم الكتابي، كما ألحقت به صفحات تتصل بالتعبير والإنشاء في مراحل التعليم العام أتت في سياق المنحى التعليمي الجديد الذي يؤكد أهمية إقامة أساليب تدريس هاتين المادتين على قواعد علمية تربوية تنهض بهما وتكرس الاهتمام بوسائل الارتقاء بتدريسهما وتنمية الحس اللغوي ومهارة الكتابة لدى الطلاب في هذه المرحلة من مراحل التعليم.
وقد بقي الكتاب بفصوله ومباحثه الأساسية دون تغيير فيما عدا الإضافات التى أشرت إليها، حرصًا مني على أن يظل الكتاب مؤديًا للغرض الرئيس الذي أعد من أجله.
والله أسأل أن يسدد خطانا جميعًا على طريق الأداء الأمثل لرسالتنا التعليمية التربوية، واضعين نصب أعينا حقيقة بالغة الأهمية وهى تتمثل في أن الحياة في تطور مستمر وأن المراجعة المستمرة أمرٌ ضَرُورِيٌّ؛ فالمياه الراكدة تأسن، والجمود يؤدي إلى التخلف، وأن علينا أن نطور أداءنا باستمرار، خصوصًا فيما يتعلق بتعليم لغتنا قراءة وكتابة وهى قوام هويتنا الثقافية والإنسانية، ولغة القرآن الكريم كتاب الله العزيز.
والله ولي التوفيق
د. محمد صالح الشنطي
(1/9)
________________________________________
مقدمة الطبعة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعائمه، وأصلي وأسلم على سيد الخلق والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
لم أكن أتوقع -حين أقدمت على إصدار هذا الكتاب- أن يجد الاهتمام الذي قوبل به، وكان في تصوري أنه سيكون عونًا للطلاب والمهتمين بشؤون الكتابة وحافزًا للرجوع إلى الكتب التى أشرت إليها في نهاية كل موضوع عالجته أو عرضت له.
وقد سرني أن ينتشر الكتاب وأن أتلقى بعض الملاحظات حوله من بعض الزملاء والمختصين، وهي في جملتها تنصب على تضمين الكتاب مباحث قد لا تكون من صميم مادة التحرير العربي؛ فمنها ما هو أدخل في باب البلاغة، ومنها ما هو ألصق بالنقد الأدبي؛ فباب الفصل والوصل بلاغي في الدرجة الأولي، وموضوع الوحدة والبحث الأدبي ومنهج تحليل النصوص مباحث نقدية، فضلًا عن أن الخطابة والمحاضرة فنون شفاهية في الغالب، والشعر يعتمد على الموهبة.
أما الوحدة الفنية فهي ضرورية للكتابة الإبداعية وقد مسستها مسًّا رفيقًا دون تعمق بما يكفى لإعطاء فكرة عنها.
أما البحث الأدبي فهو لون من ألوان البحث بمفهومه الواسع وهو فن من فنون التحرير، وفي منهج تحليل ما يمكن أن يعين الطالب على صقل ملكته في الكتابة الأدبية، ولم تعد الخطابة فنًّا مرتجلًا، وكذلك المحاضرة، فكلاهما يحتاج إلى الإعداد الكتابي التحريري، أما الشعر فيحتاج بجانب الموهبة إلى إعداد وتهيئة
(1/11)
________________________________________
وتوجيه شأنه في ذلك شأن القصة التي لم يعترض أحد على اعتبارها من فنون التحرير. ومن هنا كانت الموضوعات المشار إليها من صميم التحرير، وإن لم تكن كذلك؛ فهي لم تخرج من محيطه الرحب.
والكتاب في الأصل لم يعد ليكون مسايرًا لمقرر بعينه؛ وإنما قصدت من تأليفه أن يكون شاملًا جامعًا ما استطعت إلى ذلك سبيلًا.
وفي الختام أشكر كافة الأخوة الزملاء الذين تفضلوا فأثنوا على هذا المجهود المتواضع، والأخوة الذين كان ثناؤهم مشفوعًا ببعض الملاحظات النافعة التي استفدت منها في تنقيح الكتاب وإعادة النظر فيه مرة أخرى ليخرج بهذه الصورة والله من وراء القصد.
د. محمد الشنطي
حائل 1/4/1412هـ
(1/12)
________________________________________
مقدمة الطبعة الأولي
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا
هذا كتاب في التحرير العربي وهو فن يَتَأَبَّي على غير أهل الذوق والثقافة والنزوع الفطري إلى التعبير عن خلجات النفس وومضات الروح، وليس من شك أن للكلمة سلطانها الذي لا يقاوم، وتأثيرها الذي لا يدافع، وحسبنا أن نشير إلى أن معجزة الإسلام كانت معجزة بيانية قوامها الكلمة؛ ففي البدء كانت الكلمة، وكانت تحديًا غلَّابًا للكافرين والجاحدين يقول الله سبحانه وتعالى:
{وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 23-24] .
وإذا كان القرآن الكريم قد شغل أذهان وقلوب العالمين وظل منبعًا ثرَّا للفكر والمعرفة في عطاء متواصل لا ينضب له معين عبر العصور فإنه بقي ملهمًا للقرائح وشاحذًا للعقول ومعلمًا للبلاغة وفن القول. وأي بحث في الكتابة أو التحرير لا بد أن يصدر منه ويرجع إليه.
ولعل من الحوافز التي دفعتني إلى إعداد هذا الكتاب؛ إحساسي بأن مجال الحديث في هذا الميدان لا ينتهي، وهو بحاجة إلى إثراء، فمراجعه قليلة، وما كتب فيه حتى الآن -رغم أهميته- ما زال نزرًا يسيرًا، ولعل من أهم مؤلفاته كتاب الدكتور محمد علي أبو حميدة، "فن الكتابة والتعبير"، وكتاب "التحرير العربي" للدكتور أحمد شوقي رضوان والدكتور عثمان صالح الفريح الذي صدر عن جامعة
(1/13)
________________________________________
الملك سعود، و"صناعة الكتابة" للدكتور فيكتور إلك، وكتاب "فن الكتابة الصحيحة" للدكتور غازي براكس وغيرها من الكتب، وعلى الرغم مما تتميز به هذه المؤلفات من دقة علمية؛ فإن بعضها لم يُعْنَ عناية كافية شاملة بفنون التعبير المختلفة والبعض الآخر لم يستوعب الأنواع الأدبية الحديثة، ولم يهتم بالحديث عن ضوابط الكتابة، ولست أزعم أنني في هذه المحاولة قد تلافيت النقص وسددت الثغرات؛ فليس في طاقة باحث فرد أن يفعل ذلك، ولكننى حاولت أن ألم إلمامة موجزة -اعتقدت أنها مفيدة- بضوابط الكتابة، وقد اجتهدت في البحث عنها في مظانها التراثية والحديثة ما استطعت إلى ذلك سبيلًا، وعمدت إلى دراسة أنماط التحرير دون إسهاب مع بعض النماذج التطبيقية التى يمكن أن تفيد الشادين في هذا المضمار من طلبة الجامعات والكليات، وغيرهم ممن تنازعهم الرغبة إلى الولوج في ساحة الكلمة، وكذلك الذين تضطرهم ظروف عملهم إلى إتقان أنماط من التحرير العملي، وحاولت جهدي أن أوفر لهم مرجعًا قريب المتناول، سهل المأخذ، وقد عمدت إلى كتب التراث التي اهتمت بفنون الكتابة مثل صبح الأعشي للقلقشندي والبيان والتبيين للجاحظ والمثل الثائر لابن الأثير وغيرها، وحاولت أن أستشيرها وأرجع إليها وأدل القارئ عليها دون أن أغفل المراجع الحديثة، وخصوصًا فيما يتعلق بالفنون المستجدة، ولعل الأسباب التى دعتني إلى الخوض في هذا العباب هو رغبتي في أن أفتح عيون القراء على المصادر والمراجع، ولهذا عمدت إلى إثبات أهم المصادر في نهاية كل فصل مع نبذة يسيرة عن كل واحد منها كلما تسير ذلك، ورأيت الحاجة إليه ملحة، وقد قامت خطة الكتاب على أسس أعتقد أنها تلبي الحاجة إلى المعرفة الضرورية بأصول الكتابة وفنونها في صورتها المبدئية دون إيغال في فلسفة هذه الأصول أو تسطيح لها.
(1/14)
________________________________________
والكتاب يتكون من:
أولًا: مدخل: يشرح المصطلحات الأساسية الشائعة كالكتابة والتحرير والتعبير والتدوين والتأليف وما إلى ذلك. وإضاءة حول مقومات الكتابة والثقافة..
ثانيًا: الباب الأول: يتناول ضوابط الكتابة مع الإلمام بعناصر البناء التعبيري؛ فقد حرصت على معالجة أدوات الربط المختلفة، وَعَوَّلْتُ على استخدام المصطلحات الأصلية المبثوثة في كتب البلاغة والنحو دون تغيير أو تبديل، كما عملت على تلخيص أهم قواعد الإملاء وعلامات الترقيم لتكون في متناول القارئ دون الحاجة إلى البحث في مواضع أخرى، وعمدت إلى استخلاصها من مظان متعددة وأرشدت القارئ إلى أهمها وإلى مميزات كل منها في نهاية الباب، وقد قسمت هذا الباب إلى فصول ثلاثة: عناصر البناء التعبيري - أدوات الربط - ضوابط الرسم الكتابي.
ثالثًا: الباب الثاني: عالجت فيه أنماط التحرير المختلفة في ثلاث فصول: في الفصل الأول درست أنماط التحرير العملي الإجرائي كالتلخيص والتقرير والرسالة الإدارية، ويهمني أن أشير إلى أن هذا التقسيم ليس حاسمًا، ولكنه إجراء تنظيمي؛ فالكتابة -مهما كانت- لا بد أن تحتوي على جانب إبداعي وآخر وظيفي. وفي الفصل الثاني تحدثت عن فنون الكتابة الإبداعية النثرية، كالقصة والرواية والمسرحية والتراجم والسير والخطابة ثم فن الشعر. وفي الفصل الثالث عالجت الكتابة التي تقع بين النمط الإبداعي والوظيفي، كالمقالة والمحاضرة والندوة والتعليق والبحث وتحليل النصوص.
وحاولت ما أمكن أن أقدم المادة في أبسط صورة، وقد اجتهدت في بيان بعض ما يتعلق بالفنون التي لم أعثر على مراجع معتمدة لها كالتعليق والندوة من خلال ملاحظاتي الخاصة، وحاولت -جهد الطاقة- أن أقدم نماذج تطبيقية عملية من إعدادي الخاص محاولًا ربطها بالواقع المعاصر، وحرصت على توثيق المادة ما أمكن.
(1/15)
________________________________________
ولا بد أن أشير إلى أنني قد استرشدت بالكثير من المراجع الحديثة وخصوصًا تلك التي أشرت إليها في بداية هذه المقدمة.
اللهم اجعل هذا الجهد المتواضع خالصًا لوجهك الكريم، وقربى إليك يا أرحم الراحمين، وجنبني الخطل والزلل واعفُ عَنِّي وَاغْفِرْ لِي يَا قَابِلَ التَّوْبَةِ وغافر الذنب.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
د. محمد صالح الشنطي
(1/16)
________________________________________
المدخل
مفاهيم اصطلاحية
"الكتابة والإنشاء والتأليف والتحرير والتعبير"
ليس من شك أن تحديد المصطلح أمر بالغ الأهمية، فضلًا عن أنه ضرورة علمية ومنهجية، ولعل من المفيد أن نتعرف على المعنى المعجمي قبل أن نتوقف عند المعنى الاصطلاحي.
الكتابة:
فالكتابة تعني الجمع والشد والتنظيم، والذي يراجع لسان العرب يعثر إلى جانب هذا المعنى على دلالتين أخريين هما: الاتفاق على الحرية؛ فالرجل يكاتب عبده على مال يؤديه منجمًا أي يتفق معه على حريته مقابل مبلغ من المال، ثم القضاء والإلزام والإيجاب والنابغة الجعدي يقول:
يَا بِنْتَ عَمِّي، كِتَابُ اللَّهِ أَخَّرَنِي ... عَنْكُمْ، وَهَلْ أَمْنَعَنَّ كِتَابَ اللَّهِ مَا فَعَلَا
كتاب الله -هنا- بمعنى قدر الله سبحانه وتعالى1.
والمعنى الاصطلاحي يجمع هذه الدلالات المتنوعة، فالشد والجمع أمر ضروري؛ لأن الكتابة لا تقوم إلا بالصياغة المحكمة، والصياغة في حد ذاتها جمع بين الكلمات وربط لها بعضها ببعض؛ أما معنى الحرية فيتمثل في رغبة الإنسان القائمة في نفسه لتحرير ما بداخله من أفكار ومشاعر وأحاسيس؛ وأما المعنى الثالث الذي يتمثل في الإلزام فالكلمة المكتوبة تلزم صاحبها، وتعتبر شاهدًا على ما قطعه على نفسه.
__________
1 راجع ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف (د. ت) مادة كتب.
(1/19)
________________________________________
هذا يصدق على الكتابة بمعناها المطلق؛ لكن ثمة من يجعل الكتابة درجات ويربطها بالتطور العقلي والحضاري للأمم.
التدوين:
يرى البعض أن التدوين أول درجات الكتابة؛ فهو وسيلة المعرفة والتثقيف ويرى أصحاب هذا الرأي أن هناك مرحلة أساسية لا بد أن يمرَّ بها المؤلف قبل أن يقوم بعملية التأليف-وهي مرحلة تالية للتدوين- والمقصود بها مرحلة الإنشاء أي عملية بناء الجملة التي تحسن تصوير الفكرة.
ومرحلة الإنشاء هذه تشمل دور التعبير الفطري الذي يغلب عليه الإيجاز والبساطة والجزالة، وتتمثل فيها صورة الكتابة العربية في مرحلتها التأسيسية.
ثم الدور الثاني من أدوار الإنشاء قبل الدخول في مرحلة التأليف وهو دور التعبير الفني، وفيه ازدادات العبارة تركيبًا نظرًا لثراء المعنى؛ إذ يبدأ الميل إلى التفصيل والرغبة في التحليل فتتعدد وسائل الربط بين العبارات1.
التأليف:
ولم يكن الإنشاء بأدواره المختلفة بمعزل عن التأليف؛ بل كان ممهدًا له تارة ومسايرًا لارتقائه وتطوره تارة أخرى؛ فقد بدأ مرحلة السماع والتدوين مباشرة فسرعان ما تطورت العلوم وتشعبت مسالكها، وبدأ ظهور التأليف اعتبارًا من المائة الثانية بعد الهجرة، كما ازدهر التصنيف الأدبي الذي يقوم على المختارات المدونة ثم تطور فيما بعد ليصبح تأليفًا منظمًا مبوبًا على يد الجاحظ وأضرابه.
__________
1 راجع الدكتور: مصطفى الشكعة: مناهج التأليف عند العلماء العرب قسم الأدب دار العلم للملايين، بيروت سنة 1974م ص61،ص62.
(1/20)
________________________________________
مما سبق يتبين لنا أن الكتابة معنًى جامع شامل لمراحل وأنواع الإنشاء والتأليف، وأن الإنشاء يأتي بعد التدوين الذي يقتصر على مجرد التسجيل والتقييد، وفيه تبدو عملية التعبير الذاتي المستقل عن الأفكار التي تبدأ بسيطة وجزئية ثم تصبح شاملة وكافية في مرحلة التأليف.
مما سبق يتبين لنا أن الكتابة مرت بالأطوار التالية:
1- التدوين.
2- الإنشاء: مر بالدور الفطري - والدور الفني - والدور البديعي.
3- التأليف القائم على الجمع.
4- التأليف المنهجي.
5- التأليف الابتكاري أو الإبداعي. ومن المعروف أن الكتابة الإبداعية ليست مخصوصة بمرحلة معينة، ولكنها تتطور بتطور الخبرة الإنسانية1.
والآن ما هو المقصود بالتحرير الذي هو محور هذا البحث؟
إِذَا بَحَثْنَا عَنِ الْجِذْرِ اللغوي لِهَذِهِ الكلمة في المعاجم المعتمدة نجد أنها - في مادتها - الأصلية- تدل على معنيين رئيسيين هما: الشدة على إطلاقها فقد جاء في لسان العرب: واستحر القتل، وحر بمعنى: اشتد. وفي حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن جمع القرآن: "إن القتل قد استحر يوم اليمامية بالقراء، أي اشتد وكثر، وهو استفعل من الحر أي الشدة"2.
أما المعنى الثاني فهو العتق من العبودية ففي لسان العرب: حر العبد يحر حرارة بالفتح أي: صار حرًّا، ومنه حديث أبي هريرة: فأنا أبو هريرة المحرر أي المعتق وحديث أبي الدرداء: شراركم الذين لا يعتق محررهم3.
__________
1 راجع: أنيس المقدسي، الفنون الأدبية وأعلامها في النهضة العربية الحديثة، دار العلم للملايين بيروت، 1980م ص 225 وما بعدها.
2، 3 ابن منظور، لسان العرب، دار المعارف د. ت مادة حرر ص 828 وما بعدها.
(1/21)
________________________________________
ويضيف القاموس المحيط معنًى ثالثًا يُضِيءُ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا الْمُصْطَلَحِ وَهُوَ الْكِتَابَةُ الْمُدَقِّقَةُ التي لَا شَوْبَ فِيهَا1.
وَالمعاني الثلاثة يفضي بعضها إلى بعض، إذ تشير إلى الكيفية والمنهج في الكتابة؛ فالمقصود بالتحرير الضبط والتقويم وفق قواعد وأسس مقررة، فالشدة هنا مرادفة لمعنى الجدية والحزم وعدم التهاون، ولا تناقض بينهما وبين الحرية نقيض العبودية لأن الكتابة -كما سبق أن أسلفنا- لا تتم إلا حيثما يكون الكاتب حرًّا فيما يكتب فيحرر ما في نفسه من أفكار ومشاعر ويضبطها في سياق مكتوب.
فالتحرير أوضح في الدلالة على معنى الدقة والضبط والالتزام من هنا كان ألصق بالمعنى التعليمي الذي يركز على كيفية الكتابة والعمل على ضبطها وفق أصول وقواعد متعارف عليها.
أما التعبير: فهو معنى شامل إذ يمكن التعبير بالكلمة أو بالإشارة أو الصوت أو اللون أو النقش ... إلخ، وقد ارتبط التعبير في المعنى الشائع بمادة الإنشاء التي تدرس في مراحل التعليم العام، وتحمل كلمة التعبير خصوصيةً متميزةً إذ ترتبط بمرحلة التدرب على الكتابة في مختلف المجالات، وإعدد التلميذ لكي يكون قادرًا على الكتابة والحديث.
ويرى فريق من المحققين المعاصرين وعلى رأسهم الباحث اللغوي الموسوعي أبو تراب الظاهري أنه من الأخطاء الشائعة استعمال كلمة التحرير مكان الكتابة، حيث يستعملون "المحرر" بدل الكاتب. ويقولون: "رئيس التحرير"؛ وإنما هو رئيس الكتاب، فالتحرير إصلاح الخطأ وإقامة الاعوجاج في الكتابة، فهو
__________
الفيروز أبادي: القاموس المحيط، مكتب تحقيق التراث، مؤسسة الرسالة "سنة1407 سنة 1987م بيروت ص478".
(1/22)
________________________________________
أشبه بالتصحيح مستدلًا بما جاء في تاج العروس للزبيدي وغيره من المعاجم من أن تحرير الكتاب وغيره تقويمه1.
ويرى الفريق الثاني الذي يمثله اللغوي الأديب أبو عبد الرحمن بن عقيل الظاهري أن استخدام التحرير بدل الكتابة جائز على سبيل التوسع2 وعلى سبيل الشيوع أيضًا من وجهة نظره؛ فاللغة كائن حي متطور، والاستعمال اللغوي هو الفيصل في تحديد المعنى.
__________
1 راجع: أبو تراب الظاهري، كبوات اليراع، النادي الأدبي الثقافي بجدة 1982م جـ1 ص162 فما بعدها.
2 راجع: أبو عقيل الظاهري، اللغة العربية بين القاعدة والمثال الفنون الصغرى 2، النادي الأدبي بالقصيم.
(1/23)
________________________________________
الكتابة وأنواعها
الكتابة مرحلة متقدمة من مراحل تطور الحضارة الإنسانية، فهي تلي مرحلة الحديث الشفوي الذي يتوسل باللغة المحكية؛ لأن الحديث الشفوي يتم -غالبًا- دون طول تأمل أو تفكير؛ فهو عفوي تمليه الحاجة الراهنة تقتضيه متطلبات اللحظة، لذا فإنه يرتبط بقضاء الضروريات الحياتية العاجلة، أو التعبير عن المشاعر التلقائية الفورية، أما الكتابة فتَسْتَلْزِم الروية والتمهل ومداومة التفكير والنظر، ولها قواعدها ومواضعاتها، إذ تعتمد على تنظيم الأفكار بعد بلورتها وصياغتها والتحقق من تماسكها وترابطها، ولغة الكتاب تختلف عن لغة التعبير اليومي فتختفي فيها مظاهر الارتجال والسرعة، وقد واكبت نضج العقل الإنساني وارتقاء إدراكه وتكامل مفاهيمه.
والكتابة نوعان:
كتابة إجرائية عملية: تتعلق بالمعاملات والتأريخ والتوثيق، وهي ضرورة للمنافع العملية والمكاتبات الرسمية، لها قواعد محددة، وأصول مقننة وتقاليد متعارف عليها، كالتقرير والرسالة الإدارية والبحث العلمي وما إلى ذلك، ولغة هذا النوع من الكتابة منضبطة في قوالب خاصة محددة لا إيحاء فيها ولا ظلال، ودلالات الألفاظ والصيغ في متنها قاطعة باترة لا تحتمل التأويل، ولهذا فهي لا تستلزم موهبة خاصة أو ملكة متميزة، غير أن بعضها قد يقتضي قدرًا من التأثير والإقناع لبيان حاجة وقضاء أمر.
وكتابة إبداعية فنية: تحتاج إلى قدرات فطرية مركوزة في النفس وقارة في الوجدان، فهي تعبر عن رؤية متفردة ذات أبعاد شعورية ونفسية وفكرية، تنم عن حساسية خاصة تجاه التجارب الإنسانية، وتقوم على الابتكار.
(1/24)
________________________________________
لا التقليد، ويجب أَن تتوفر في صاحبها استعدادات خاصة، وخبرة فنية ومالية لها جذورها الكامنة في القريحة، تتبلور بالاطلاع والثقافة ومعاناة الحياة، وتبرز إلى الوجود بعد أن تكون قد استكملت مقوماتها، واستحكمت في نفس صاحبها، واستوت ناضجة، وهذه الكتابة الإبداعية تشمل أنواعًا أدبيةً متعددةً: كالشعر والقصة، والمسرحية والمقالة الذاتية، وغيرها. ولكل من هذه الفنون أصول العامة، وقواعده الخاصة، ولكنها جميعًا تخضع للتغيير والتطوير، وليست جامدة محددة، ثم إن الالتزام بها لا يكون على نحو حرفي، بل تتجلى موهبة الفنان وملكته كلما استطاع أن يضيف أو يحور ويعمل من خلال منظوره الخاص وفقًا لما تقتضيه التجربة الخاصة. والكتابة الإبداعية تحتاج إلى دربة ومران وصقل وتوجيه.
وقبل أن نتحدث عن فنون الكتابة والتحرير لا بد أن نتوقف عند المقومات العامة للكتابة وهي:
(1/25)
________________________________________
مستلزمات الكتابة
أولًا: إتقان الأداة:
أداة الكتابة اللغة بعلومها المختلفة، من: نحو وصرف، وبلاغة، وفقه لغة؛ وما يتصل بآدابها في مختلف العصور إبداعًا وتاريخًا، والمقصود بالنحو القواعد العامة والأساسية التي تتعلق بتركيب الجملة، وضبط مفرداتها وموقع كل مفردة في سياقها؛ وأما الصرف فهو يبحث في بناء الكلمة المفردة ومشتقاتها وأصولها، وما اعتراها من تغيير وتبديل من حيث الزيادة على حروفها الأصلية، أو الإعلال والإبدال والحذف، أما البلاغة فتبحث في وسائل تجويد المعنى واللفظ، وفنون التعبير الخيالي والمباشر، واختيار الكلمات والأساليب المناسبة الملائمة للموضوع ولأحوال السامعين دون لبس أو التواء، بحيث تثير في نفس المتلقي الشعور بالتجاوب، والانفعال بالتجربة التي تعبر عنها، ومن شأن البلاغة أن تلمح الفروق الخفية بين الاستعمالات المختلفة للألفاظ والتعابير وتشير إليها.
(1/25)
________________________________________
وفقه اللغة يبحث في أصولها ودقائقها، وأسرارها فيما يتعلق بدلالات الألفاظ وتطورها، والأصيل والدخيل فيها، والمترادف والمتضاد منها، ويعرض لأبنيتها الصوتية ومخارج الحروف، وسلالة اللغة ومجموعاتها ولهجاتها، وقد أصبح علمًا له تقنيته الخاصة التي تستعين بالأساليب العملية الحديثة، كالمعامل الصوتية بأجهزتها المختلفة.
وإتقان هذه العلوم وما يتصل بها من وعي تام بأشكال الكتابة ورسومها يعتبر من المبادئ الأساسية للكتابة، والإجادة فيها، غير أن هناك مهارات أخرى تتعلق بإتقان الأداة غير تلك التي أشرنا إليها، وتختص بكل فن من الفنون على حدة، فكتابة الشعر تستلزم معرفة جيدة بعلم العروض والقافية، أي ببحور الشعر وأوزانه، وأسبابه وأوتاده، وزحافاته وعلله، ومصطلحاته المختلفة، وكتابة القصة بأنواعها تحتاج -بالإضافة إلى الموهبة افطرية الخاصة- إلى الإلمام بقواعد القصة وأصولها وأساليبها وكذلك المسرحية وغيرها.
هذا هو المقوم الرئيس في فن الكتابة وبدونه لا تستقيم ولا تجود.
(1/26)
________________________________________
ثانيًا- التمرس بالأساليب الأدبية الرفيعة
لا يتأتى هذا الشرط إلا بالمطالعة الغزيرة الواعية للكتب الأدبية المشهورة، وقراءة الآثار النثرية والشعرية المتميزة، بما في ذلك الدواوين الشعرية التي أبدعها شعراء معروفون بموهبتهم وقدراتهم، مع العمل على تذوقها وتمثلها وفهمها. ومن شأن ذلك أن يسهم في تكوين ذائقة لغوية مدربة قادرة على التمييز بين الأساليب، والتمكن من اختيار الألفاظ المناسبة، وليس من شك في أن القاعدة الأساسي التي تبنى عليها القراءة والمطالعة هي دراسة كتاب الله دراسة عميقة، ومداومة الاطلاع على تفاسيره المعتمدة، فالقرآن الكريم هو المصدر والمرجع في فهم اللغة وتذوقها واستيعاب الأساليب وتمثلها، فلغته لغة البيان المعجز ومنهل الفصاحة والبلاغة، والإلمام بآي الذكر الحكيم يربي الذوق
(1/26)
________________________________________
ويصقل اللسان، ويؤسس ملكة الكتابة ويزود الكاتب بمدد لا ينقطع من الحجج والأسانيد، ويأتي الحديث الشريف في المرتبة الثانية بعد القرآن الكريم؛ فالرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افتخَر بفصاحته حيث جاء في حديث " أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر".
والحفظ من الضرورات التي لا غنى عنها لمن أراد أن يكون فارسًا مجليًا في ميدان الكتابة والتأليف، والذي يراجع وصايا الأدباء والشعراء للناشئة من المبدعين في كتب الأدب القديم كالعمدة لابن رشيق يقع على سرٍّ هامٍّ من أسرار الكتابة والإبداع، فهم يوصون بحفظ الدواوين والمأثورات فضلًا عن حفظ القرآن الكريم، ومعروف في هذا المقام أن الفرزدق كان قد قيد نفسه حتى حفظ كتاب الله كاملًا، كذلك فإن العديد من شعرائنا القدامى قد استظهروا عشرت الآلاف من أبيات الشعر الجيدة حتى إذا تهيأوا للكتابة، والنظم عملوا على نسيانها والتخلص من سلطانها بعد أن استقامت لغتهم واستوت قرائحهم، فالحفظ لا بد منه لإتقان الكتابة، ولكن للحفظ محاذير ينبغي أن ينتبه إلى خطورتها الكاتب وأهمها: الوقوع في أسر التقليد، والاغتراف من مخزون الذاكرة، والاعتماد عليها في الصياغة والأفكار، وبالتالي فإن ذلك يؤدي إلى ضعف القدرة على الإبداع والابتكار والوقوع في حلقة الحصار المحكمة التي تفرضها القوالب التعبيرية المحفوظة، ومن غير المنكور أو المستهجن أن يمر الكاتب في مرحلة التأثر بما يقرأ أو يحفظ فهذه مرحلة لا فكاك منها، ولكن الخطورة تكمن في استمراء هذا المنحى واستسهاله والاستسلام له، من هنا كان لا بد من الاحتراز والوعي باستبعاد المحفوظ، وإطالة التأمل في التجبة، وتمثلها قبل التعبير عنها، فلكل تجربة لغتها الخاصة وأسلوبها المتميز، وكلما انهمك الكاتب في تَمَلِّي تَجْرِبَتِهِ والإحاطة بها من جميع جوانبها كان أقدر على التخلص من حصار التقليد وسلطان النصوص المحفوظة.
وقد عقد ابن خلدون -في مقدمته المشهورة- فصلًا كاملًا عن أهمية الحفظ في تنمية ملكة اللسان والكتابة، وهو الفصل الثامن والأربعون تحت
(1/27)
________________________________________
عنوان "في أن حصول هذه الملكة بكثرة الحفظ وجودتها بجودة المحفوظ". وهو يعني بالملكة هنا ملكية الكتابة والإبداع، وقد أشار ابن خلدون إلى أن شعر الفقهاء والعلماء قاصر في البلاغة نظرًا لأن محفوظهم غني بالقوانين العلمية والعبارات الفقهية الخارجة عن أسلوب البلاغة. من هنا كانت الملكة الناشئة عن هذا المحفوظ غاية في القصور.
ويشير ابن خلدون إلى سر تفوق الإسلاميين على الجاهليين في خطبهم ومحاوراتهم فيرى أنه يعود إلى مدارسهم للطبقة العالمية من الكلام من القرآن الكريم والحديث الشريف فقد روض هذا الكلام ملكاتهم وسما بها1.
ويرى ابن الأثير أن الطريق إلى تعلم الكتابة على ثلاث شعب.
الأولى: الاطلاع على كتابة الأقدمين وتقليدهم. وهذا أدنى الطبقات.
الثانية: مزج كتابة المتقدمين باختيار الكاتب الخاص من وسائل تحسين اللفظ والمعنى، ويصف ذلك بأنه الطبقة الوسطى.
الثالثة: صرف النظر إلى حفظ القرآن الكريم وجملة مختارة من دواوين فحول الشعراء ومران النفس على المحاولة بالاقتباس والتجربة التي قد تصيب وقد تخطئ، ويصفها بأنها طريق الاجتهاد حيث يستقيم لصاحبها منهجٌ خاصٌّ في الكتابة فيصبح إمامًا في فن الكتابة إلا أنها مستوعرة جدًّا - كما يقول - ولا يستطيعها إلا من أوتي ملكة متميزة وموهبة فذة2.
وقد لا يكون الأمر على هذا النحو من التحديد والصرامة فقد استجدت نصوص واستحدثت معارف وألوان من المكاتبات والمخاطبات تحتاج إلى مطالعات أخرى، وتمرس بضروب من فنون القول لم تكن معروفة لدى فحول الشعراء، ولكن في هذا القول لابن الأثير إشارة إلى أسلوب حصيف، وتوجيه لطيف في الحث على التمرس بالنصوص الرفيعة.
__________
1 ابن خلدون: مقدمة ابن خلدون، الفصل الثامن والأربعون.
2 ضياء الدين بن الأثير: المثل السائر في أدب الكاتب.
(1/28)
________________________________________
ثالثًا: الإلمام بالثقافة العصرية الجادة *
يشهد عصرنا الراهن انفجارًا معرفيًّا فريدًا، فقد تعددت وسائل الثقافة وتكاثرت سبلها من سمعية وبصرية، ويقوم الحاسب الآلي -الآن- بدور تاريخي في إثراء الثقافة الإنسانية، بما يختزنه من معلومات وما يستثمره من طاقات وخبرات؛ كذلك فن الفيديو والتلفزيون يهيئان للإنسان الكثير من المعارف التي لم تكن ميسرة من قبل، ولكن خطورة هذه الأجهزة تكاد تساوي منافعها أو تزيد؛ فالأقمار الصناعية العالمية سوف تتمكن في وقت قريب من غزو بيوتنا بما تحمله من برامج معدة لبيئةٍ غير بِيئَتِنَا، وَتَنْتَمِي إِلَى دِينٍ غَيْرِ دِينِنَا، وَثَقَافَةٍ مُخْتَلِفَةٍ عَنْ ثَقَافَتِنَا، وَمُجْتَمَعَاتٍ فِيهَا انحلال وفساد، ومع هذا فإن الوعي بشخصيتنا الأساسية المتميزة - وقبل ذلك وبعده - بمعتقداتنا الراسخة وفهم واقعنا وإدراك جوهره لسوف يعصمنا من ضلالات المضلين وفساد المفسدين إن شاء الله.
والثقافة في مفهومها العام ليست تحصيل المعلومات واختزانها، وحشو الأدمغة بها؛ وإنما هي تَمَثُّلٌ1 لهذه المعلومات، واستخلاص لما فيها من أوجه النفع، فالثقافة سلوك ورؤية وموقف، من هنا كان المتعلم غير المثقف، فعلاوة على القراءة والاطلاع والتحصيل هناك الخبرة الحياتية التي لا تتأتى إلا لمن عركته الحياة، وسلك فجاجها المختلفة واستفاد من تجاربها، فالرحلة ثقافة لأنها تكسب الإنسان خبرة ومهارة، والكتابة الناضجة المفيدة تحتاج إلى هذه الخبرة، بل إن التجربة مادتها الرئيسية لأن بها تشكل الرؤية ومن خلالها يتخذ الموقف.
وللثقافة العامة رَوَافِدُ مُخْتَلِفَةً - كما سبق أن أشرنا- وهي تحتاج إلى بصر بالموضوعات النافعة والكتب المفيدة، وتتطلب حاسة انتقائية مرهفة، وعصرنا الذي نعيش فيه يكتظ بالإصدارات المتعددة من صحف ومجلات وكتب
__________
* الثقافة من ثقف "ككرم" ثقفًا وثقافة صار حاذقًا خفيفًا فطنًا فهو ثقف وثقف وثقيف، وثقف، وثقيف
1 التمثل: نشاط عقلي يتجه إلى إدماج موضوع معين أو موقف معين في مخطط نفس أشمل تعريف بباجيه الفرنسي "ص99- قراءة التراث النقدي -عصفور".
(1/29)
________________________________________
وأشرطة متعددة المواد؛ لهذا فإن حسن الاختيار يشكل القاعدة التي توصلنا إلى منافع الثقافة الحقيقة، وعلى الرغم من أننا في عصر التخصص إلا أنه لا بد من الإلمام بشيء من العلوم العصرية ومتابعة ما يستجد فيها، كذلك فإن علينا أن نعي ما يدور حولنا من أحداث في مختلف المجالات وأن تكون آفاقنا متسعة رحبة تستوعب ذلك كله، والثقافة ركن أساسي لا يستغنى عنه عند الشروع في كتابة أي موضوع لأن الموضوعات مترابطة يحيل بعضها إلى بعض، ويستدعي بعضها بعضا، فالكتابة في موضوع اجتماعي - مثلًا - يتطلب معرفة بأنماط العيش في مختلف المجتمعات وقد أشار الكتاب والفقهاء المسلمون إلى ألوان الثقافة المتعددة التي يدخل بعضها في باب فرض العين وبعضها الآخر فرض كفاية، ومنها ما هو مباح.
وأوضح سعيد حوى العلوم والمعارف التي تندرج تحت فرض العين قال: جمعها أصلان: معرفة حق الخالق، ومعرفة حق المخلوق على مقتضى الشريعة، ويدخل في ذلك معرفة الله والرسول والإسلام، ويدخل في ذلك معرفة الطريق لإصلاح القلب والنفس وتزكيتهما، ويدخل في ذلك تعلم الفقه المحتاج إليه كفقه الطهارة والصلاة والزكاة لمن يملك نصابًا، والصوم والحج لمن قدر عليه والنكاح والطلاق لمن أراد الدخول في الزواج والبيوع لمن أراد أن يشتغل بها، وكل من اشتغل بشيء وجب عليه علمه، لأن الحلال والحرام من العلوم المفروضة على الإنسان يدخل في ذلك علم الأخلاق محمودها ومذمومها، كالرحمة والإخلاص وكالحسد والغل، ويدخل في ذلك معرفة نواقض الإسلام والشهادتين ويدخل في ذلك معرفة النواحي الأساسية في التربية الإسلامية، ويدخل في ذلك أن يعرف الإنسان حدًّا أدنى من السيرة وحياة الصحابة، ويدخل في ذلك تجويد القرآن لمن يقرأه ويدخل في ذلك التعرف على أحوال المسلمين بقدر المستطاع، وأما العلم المسنون فهو التبحر في العلوم المفروضة فرض عين على كل إنسان، على أن لا يؤثر المندوب على الفريضة1.
__________
1 سَعِيد حَوَّى: الإسلام، مكتبة وهبة، القاهرة،104/3 نقلًا عن د/ عبد الباسط بدر: مقدمة لنظرية الأدب الإسلامي، دار المنار، جدة سنة 1985 ص35.
(1/30)
________________________________________
وقد أسفر الدرس العلمي عن تصنيف تعريفات الثقافة إلى سبعة أقسام: منها التعريفات الوصفية التي ترى أن الثقافة تشمل المعلومات والمعتقدات، والفن والأخلاق والعرف والعادات، وجميع القدرات الأخرى التي يستطيع الإنسان أن يكتسبها.
وهناك تعرفات تاريخية، فالثقافة تشمل الممارسات والمعتقدات المتوارثة اجتماعيًّا والتي تحدد جوهر حياة الأمة وفقًا لهذا اللون من ألوان التعريف.
أما التعريفات المعيارية فتركز على كون الثقافة أسلوب حياة، وعلى أن الثقافة هي القِيَمُ المْاَدِيَّةُ وَالاجْتِمَاعِيَّةُ لشعب ما.
والتعرف السيكولوجي يركز على كون الثقافة عملية تكيف وتوافق، وعلى أنها أداة لحل المشكلات وإبراز عنصر التعلم الإنساني باعتبار أن الظاهرة الثقافية تحوي كل أنشطة الإنسان التي يكتسبها عن طريق التعلم.
وهناك نوع آخر من التعريف يرى في الثقافة الخاصة بكل مجموعة بشرية نظامًا متكاملًا، أو بنية لها قوانينها ووحداتها الخاصة، فهي نموذج قائم بذاته، وتتمحور حول إشباع الحاجات الإنسانية الأساسية، فهي تنتظم الملاح المادية والمعنوية للنظام الاجتماعي.
وهناك نمط من التعريف يرى الجانب التطوري في الثقافة، فيصفها بأنها نتاج التفاعل الإنساني وأنها الأبنية العقلية التي يكتسبه الفرد من محيطه ويتطور بها عبر مراحل حياته.
أما المنظور الشامل للثقافة فيتجاوز هذه الجوانب الجزئية لينظر إلى الثقافة على أنها ظاهرة تاريخية تتضمن المنجزات في مجال العلم والفن والأدب والفلسفة والأخلاق والتربية ... إلخ، وهذا المنظور الشامل للثقافة يأخذ طابعًا فكريًّا بحيث يتم تحليله من وجهات نظر متعددة:
(1/31)
________________________________________
فهناك من يرى أن هذه الظاهرة التاريخية تخضع لمعطيات اقتصادية، وهناك من يرى أنها ذات معطًى ثابت وشامل، وما إلى ذلك1.
ونحن نرى أن كل معالجة كتابة لموضوع معين تقتضي قدرًا من الثقافة المتخصصة، فضلًا عن الثقافة الشاملة، فضياء الدين ابن الأثير يقول: إن صاحب هذه الصناعة يحتاج إلى التشبث بكل فن من الفنون حتى أنه يحتاج إلى معرفة ما تقوله النادبة بين النساء والماشطة عند جلوة العروس....إلخ2.
فالكتابة عن ظاهرة أدبية معينة يقتضي إلمامًا خاصًّا بالأدب ومقوماته، وطرائقه وأساليبه، والكتابة في أي جانب من جوانب الحياة الإنسانية يقتضي إلمامًا خاصًّا بهذا المجال، كذلك فإن معرفة النظام الإسلامي الذي قامت به كثير من المجتمعات، وفي ضوئه تم تنظيم الحقوق والواجبات للأفراد والجماعات يعتبر أمرًا مهمًّا لمن يكتب في هذا المجال، والفكر الاجتماعي متعدد الأبواب والمداخل، فهناك المداخل جميعًا كما أن الإلمام بقواعد السلوك وآدابها، والمعاملات والأسس النفسية السائدة في مجتمعاتنا، والفرق بينها وبين تلك الأسس السائدة في المجتمعات الغربية، من هنا يتبين لنا أن الموضوعات مترابطة، والظواهر متشابكة، يأخذ بعضها برقاب بعض كما قال.
__________
1 راجع: د/ سامية حسن الساعاتي، الثقافة والشخصية بحث في علم الاجتماع الثقافي دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت سنة 1983 من ص25- ص52.
2 ضياء الدين ابن الأثير، المثل السائر ج1 ص73.
(1/32)
________________________________________
رابعًا: تكوين قاعدة فكرية خاصة بالموضوع الذي يراد الكتابة فيه
لم يعرف مفهوم التحرير قائمًا على جرد الصياغة الإنشائية اللفظية، والبراعة في حشد الكلمات والقوالب، كما كان سائدًا في أوساط الطلبة في مرحلة التعليم العام، إذ لا بد من المعلومات الحقيقية المُنَظَّمَة التي تمد الكاتب العناصر الأساسية للكتابة.
(1/32)
________________________________________
من هنا كان الاطلاع على مظان الموضوع مصادره الأساسية ومراجعه أمرًا بالغ الأهمية قبل الشروع في الكتابة، وذلك لإرساء قاعدة مرجعية ينطلق منها الكاتب، ولا بد من أن يلتزم الأمانة في النقل والإشارة إلى المصادر، ويستحسن أن تصاغ الأفكار المنقولة بأسلوب الكاتب كي تبرز شخصيته الذاتية، لأن إعادة الصياغة تضفي على الفكرة رونقًا خاصًّا وتضيف إليها ظلالًا جديدة.
وعلى سبيل المثال فإنه إذا أردنا الكتابة عن الدروس المستفادة من الهجرة النبوية الشريفة نعود أولًا إلى المصادر الأساسية والمراجع الهامة على النحو التالي:
1- الآيات الخاصة بالهجرة النبوية في القرآن الكريم.
2- تفسير الآيات في كتب التفسير المعتمدة.
3- كتب السيرة النبوية المعروفة "سيرة ابن هشام" مثلًا أو "السيرة النبوية" لأبي الحسن الندوي- وكتب فقه السيرة ككتاب عماد الدين خليل في هذا الموضوع والموسوم بـ" فقه السيرة" أو كتاب الشيخ محمد الغزالي المشهور.
4- كتب المعاصرين حول هذا الموضوع مثل كتاب "عشرة أيام في حياة الرسول" لخالد محمد خالد، وعبقريات العقاد خصوصًا "عبقرية محمد" وعبقرية الصديق و"عبقرية عمر" ولا بأس من مراجعة "في منزل الوحي" لمحمد حسين هيكل، و"على هامش السيرة" لطه حسين" وإن كان الأمر يتطلب الحذر فيما يتعلق بالكتابين الأخيرين وغيرهما مما سبق ذكره.
5- إذا أمكن الاطلاع على بعض القصائد للمشاهير من الشعراء، وتلك التي تتغنى بهجرة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على وجه الخصوص فذلك أمر جيد.
وإذا كانت الكتابة جدلية أو وصفية أو تدور حول قضية من القضايا الخلافية أو كانت إبداعية تستلزم قدرًا من معاناة التجربة والتعبير عنها فإن الأمر يختلف بعض الشيء، إذ لا يكتفى بالقاعدة الفكرية، وإنما ينبغي أن تكون هناك مرجعيات أخرى ذت طابع سلوكي، وممارسة اجتماعية ومشاهدة حسية.
(1/33)
________________________________________
ففي الموضوعات الجدلية التي تستثير اهتمام قطاعات عريضة من الرأي العام يصبح الاحتكاك المباشر بالمجتمع والتعرف على وجهات النظر المتباينة فيه أمرًا ضروريًّا بالإضافة إلى معرفة ما كتب عنه ورأي الشرع فيه، كقضية المهور مثلًا، أو قضية عمل المرأة، وما إلى ذلك من أمور اجتماعية.
وفي الموضوعات الوصفية المحضة يستلزم الأمر مشاهدة حسية لما يراد وصفه ومعاناة عملية إذا كان الموصوف نسقًا من السلوك أو تجربة إنسانية خاصة؛ فوصف البيئة الطبيعية في مكان عام يحتاج إلى تأمل عياني لهذه البيئة ووصفًا لأثرها في وجدان الكاتب، كما أن الحديث عن معركة من المعارك يقتضي ضربًا من المعاناة بالإضافة إلى الرؤية المباشرة.
أما الأعمال الإبداعية فهي تستلزم خبرة أكبر بالأساليب وفنون القول وممارسة أطول للنصوص الإبداعية، فضلًا عن المعاناة الذاتية وجدانيًّا وفكريًّا.
وقد تعرض عبد الحميد الكاتب -في رسالته الشهيرة إلى الكتاب- إلى القواعد السلوكية والصفات الثقافية والفكرية التي ينبغي أن تتوفر في الكاتب وكذلك أبو هلال العسكري في الصناعتين، وابن قتيبة في أدب الكاتب1.
__________
1 راجع القلقشندي: صبح الأعشى ج1 ص85 وما بعدها.
(1/34)
________________________________________
إضاءة حول مصادر الثقافة:
مدخل

يفترض فيمن يعد نفسه للكتابة أن يلتمس ينابيع الثقافة ومصادرها، ولهذا ينصح بقراءة كتاب الله العزيز سبحانه وتعالى وحفظ ما تيسر منه، وبقراءة التفاسير المعتدة، وأن يؤخذ بعين الاعتبار ما أشار إليه العلماء من مآخذ على بعضهما البعض، ومن هذه التفاسير: تفسير الطبري وابن كثير والزمخشري وفي ظلال القرآن الذي لا يعتبره البعض تفسيرًا وإنما هو أقرب إلى النظرات المتأملة في كتاب الله بأسلوب مشرق العبارة خطه يراعُ أديب متمكن ومفكر إسلامي محتسب، ومن التفاسير الأدبية:
التفسير البياني للدكتورة عائشة عبد الرحمن. وهناك كثير من التفاسير القديمة والحديثة التي يضيق المقام عن حصرها، ولكن لابد من استشارة أهل العلم فيما يرد في بعضها، وأن تكون قراءتها حذرة ممتنعة متيقظة؛ لأنها تتصل بأشرف كتاب على وجه البسيطة هو كتاب الله عز وجل.
كذلك لا بد من قراءة كتب الأحاديث الصحيحة وشروحها وحفظ بعض أحاديث الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ومن الضروري للكاتب أن يطلع على كتب الثقافة الإسلامية من أمثال كتاب معالم الثقافة الإسلامية للدكتور عبد الكريم عثمان، وقد طبع ما يقرب من ثلاث عشرة مرة، وقد تحدث فيه عن نظرة الإسلام العامة للوجود والإنسان والكون، وتناول الإيمان بالله والنبوة والوحي وخصائص الرسالة المحمدية والحق والحرية والمساواة والعدل، وخصائص الثقافة الإسلامية وعالمية الإسلام وإنسانيته والعبادة والعمل، والمسئولية والنظام السياسي، والنظام الاقتصادي في الإسلام، والتكال الاجتماعي بما في ذلك النظام العائلي والفرد والمجتمع، والنظام الخلقي وآثار الثقافة الإسلامية، وموقف الإسلام من العلم وانفتاحه للحياة العلمية، وتناول طائفة من أعلام الثقافة الإسلامية بلغ عددهم خمسة وأبعين علمًا.
(1/35)
________________________________________
وقد سجل في نهاية الكتاب كشفًا طويلًا بمصادر الثقافة الإسلامية لعدد كبير من علماء الإسلام ينصح بمراجعته والاطلاع على هذه المصادر لاختيار أهمها والعكوف على قراءتها والاستفادة منها.
وفي الصفحات القليلة التالية سأحاول أن أشير إلى أهم الكتب التي اهتمَّتْ بالشعر وبالأدب والثقافة العامة.
من المصادر الأساسية للشعر العربي في مختلف العصور الأدبية التي يمكن للشادي في مضمار الأدب، ومن يعد نفسه للكتابة أن يطلع عليها ويحفظ بعض ما جاء فيها من نماذج شعرية رائعة:
(1/36)
________________________________________
أولًا-المعلقات:
وهي تحتوي على سبع قصائد لفحول شعراء العصر الجاهلي، حيث ذهب بعض الباحثين ومنهم ابن عبد ربه إلى أن العرب في الجاهلية قد عمدت إلى سبع قصائد تخيرتها، وكتبتها بماء الذهب، وعلقتها على أستار الكعبة، وهذا الأمر موضع خلاف بين الدارسينَ وفيه آراء متعددة: فهناك من يرى أن المعلقات عشر، والمعلقات تعتبر بحق من عيون الشعر العربي، وقراءتها والحفظ منها ضروري للأديب والمتأدب.
(1/36)
________________________________________
ثانيا - المفضليَّات:
تُنْسَبُ إلى المفضل الضبي من جيل العلماء الأول، وكان راوية عالمًا بأخبار العرب وأيامها وأشعارها ولغاتها، وقد كان مؤدبًا للمهدي، ولي عهد المنصور، وكان المفضل قد اختَارَ عَدَدًا من القصائد تعتبر من أجود أشعار العرب، أقرها الأصمعي وزاد عليها، وتتضمن المفضليات مائة وثلاثين قصيدة وفقًا لتحقيق أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون تزيد أحيانًا. وتنقص أحيانًا أخرى في بعض الطبعات.
والقصائد في غالبيتها لشعراء جاهليين، وأقلها لشعراء مخضرمين، وإسلاميين، وأطول قصائدها قصيدة سويد بن أبي كاهل، وعدتها مائة وثمانية أبيات، وقد قام كثير من الشراح بشرح هذه القصائد لأهميتها.
(1/36)
________________________________________
ثالثا: الْأَصْمَعِيَّات:
تنتسب إلى الأصمعي عبد الملك بن قريب المتوفى عام 123هـ وهو من جلة العلماء والرواة، له مؤلفات كثيرة، وقد ألفت الأصمعيات على نسق المفضليات، وتضم اثنتين وتسعين قصيدة ومقطوعة لواحد وسبعين شاعرًا من الجاهلين والمخضرمين والإسلاميين، ولكن الأصمعيات أقل شهرة من المفضليات.
(1/37)
________________________________________
رابعًا: جمهرة أشعار العرب:
لأبي زيد محمد بن أبي الخطاب القرشي المتوفى سنة 170هـ قسم القرشي مختاراته إلى سبعة أََقسام متدرجًا بها مع طبقات الشعراء، وفقًا لأَهميتها عنده، فالطبقة الأولى تضم المعلقات، والثانية المجمهرات، والثالثة المنتقيات، ثم المذهبات ثم المرائي، ثم المشويات، ثم الملحمات، وهو يرى أن الشعر قد فتح وختم بذي الرمة، وقد اختار لكل شاعر قصيدة فكان عدد القصائد تسعًا وأربعين، وقد طبعت جمهرة أشعار العرب لأول مرة في مطبعة بولاق بمصر سنة1311هـ وحققها علي البجاوي وطبعها عام 1967م.
(1/37)
________________________________________
خامسًا-الحماسة الكبرى:
لأبي تمام أبرز شعراء التجديد في العصر العباسي:
وقد عمد إلى اختيار الشعرِ بِالذي يروقه دون اعتبار لشهرة صاحبه، وكان يستبدل بالألفاظ التي لا تعجبه ألفاظًا جديدة من عنده، ويختلف عن غيره من أصحاب المختارات في أنه لم يختَر قصائد كاملة بل مقطوعات. وأطول مختاراته لا تزيد على اثنين وعشرين بيتًا، وأغلبها يتراوح بين ستة وتسعة، وقد تكون بيتًا واحدًا، وكان يغفل ذكر بعض أصحاب هذه المقطوعات، وضمت أَشعارًا للجاهلِيين والمخضرمين والإسلاميين والمولدين، صنفها تصنيفًا موضوعيًّا وفقًا لأَغراضها، وقد اختار شعرًا للنساء فكان سباقًا في هذا المضمارِ، شرحت الحماسة عدة مرات وكان طلاب الأدب يحفظونها، وقد طبعت لأول مرة عام
(1/37)
________________________________________
1878م. وحققت وطبعت بعد ذلك عدة مرات، وكان ذلك على يد شيخ المحققين عبد السلام هارون وأحمد أمين، وصدرت عن لجنة التأليف والترجمة والنشر في القاهرة في أربعة أجزاء.
(1/38)
________________________________________
سادسًا- حماسة البحتري:
وهو الوليد بن عبيد تلميذ أبي تمام توفي عام 284هـ حذا حذوَه في مختاراته، قسمها إلى مائة وأربعة وسبعين بابًا أسقط فنونًا رئيسية: كالنسيب والفخر والمدح والهجاء والوصف من حماسته، ولكنه تتبع المعاني الشعرية المتعلقة بألوان السلوك الإنساني المختلفة- كما يقول الدكتور عز الدين إسماعيل- وقد كان منهجه يقوم على أساس المعاني وليس الموضوعات.
تضمنت حماسته مقطعات لخمسمائة وعشرين شاعرًا واقتصر على الشعر الجاهلي والإسلامي والمخضرم ولم يختر لأحد من كبار الشعراء في عصره.
وهناك حماسات ومختارات متعددة مثل الحماسة الشجرية، والحماسة البصرية، وحماسة العبيدي، ولكننا نكتفي بهذا القدر لضيق الحال.
(1/38)
________________________________________
س
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج7
» فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج8
» فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج2
» فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج3
» فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج4

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  اللغة والنحو والبلاغة والأدب :: البلاغة والنقد-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


فن التحرير العربي ضوابطه وأنماطه ج1 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
النقد مجلة موقاي كتاب العربية النص مبادئ مدخل الخطاب الحذف قواعد اللغة محمد ننجز الأشياء الخيام البخاري اللسانيات اسماعيل ظاهرة العربي النحو بلال المعاصر على التداولية


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع