منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارتفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
بتول عثمان
.
.


القيمة الأصلية

البلد :
الولايات الأمريكية المتحدة

عدد المساهمات :
93

نقاط :
257

تاريخ التسجيل :
06/10/2015


تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) Empty
مُساهمةموضوع: تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم)   تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) I_icon_minitime2015-10-20, 09:51

المبحث السادس
{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}
لقد استنتجنا من تفصيل الآيات السابقة أن بداخل كل آية منهن تثنية بمعنى توكيد لتوحيد الإله. وقد جاءت التثنية بصور مختلفة. وإذا تمعنا في الآية:{اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} نجدها قد أنزلت بالصورة التي أنزلت بها الآيتان "الرحمن الرحيم" و"مالك يوم الدين". أي أنها أنزلت باسم واحد هو "الصراط المستقيم". ولكنها اختلفت عنهما بأن ابتدئت بفعل وهو اهدنا. فهل هنالك تثنية بداخلها أم لا؟ وما هو نوع التثنية ؟
أولاً تفصيل الآية
يتم تفصيل الآية بالأسئلة الآتية: ما معنى الهدى وما معنى الصراط المستقيم؟ ما حكم طلب الهدى والصراط المستقيم وما كيفيته؟ ممن تطلب الهداية ؟ ما هي الفئات التي خصاها الله بالهداية؟ ما المقصود بالآية {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} ؟ ما سبب نزولها بهذه الصورة؟
معنى الهدى ومعنى الصراط المستقيم من الآيات
بالتدبر في الآيات التي أنزلت قبل هبوط أبينا آدم وأمنا حواء وإبليس إلى الأرض والآيات وهي{ قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} {وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 38-39البقرة . يستنبط أن معنى الهدى هو آيات القرآن حيث أستبدلت كلمة الهدي التي وردت في الآية 38 بكلمة آياتنا في الآية 39. والآيات التالية تشير إلى أن الهدى الذي أرسل للناس هو الآيات التي توضح العقيدة أي علم التوحيد الذي يزكي الناس أولاً من الشرك كما في الآيات التالية: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَن يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا} 55 الكهف. فالذي جاء للناس ليؤمنوا به هو عبادة الله وحده وأن يستغفره استعانةً به وحده. وهذا المعنى تعضده آيات سورة هود التي أوضحت هدى كل رسول لأمته كالآتي:"ألا تعبدوا إلا الله ..." "واستغفروه وتوبوا إليه" أي "أعبدوه وحده واستعينوا به وحده". فالهدى إذاً هو تأييد وتثنية وتوكيد لمعنى الآية {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}.
والآية: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَى آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا} 13 الجن هي الآية التي سمع الجن فيها الاخبار بوحدانية الخالق فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ تعني (فمن يهتدي) أي أن الهدى في هذه الآية المقصود به الإيمان بوحدانية الله.
أما الآية:{وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعَيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ} 46 المائد ة فقد وردت فيها كلمة الهدى مرتين. وأحسب أن المقصود بكلمتي هدىً ونور في المرة الأولى هو الارشاد لأمة سيدنا عيسى جميعها في بداية الأمر لتوحيد الإله. أما الهدى في المرة الثانية فهو خاص بالذين اتبعوا الهدى الذي أنزل في المرة الأولى. وكذلك الآية: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} 2 البقرة. أوضحت أن آيات الكتاب" هي هدىً للمتقين فقط. أي للذين آمنوا وعلموا حق العلم بوحدانية الإله. فنستنتج من ذلك أن الهدى جزءان:
الجزء الأول: هو الهدى الذي أنزل لكل الأمة لتعريفها بوحدانية الله. وبالتالي هو الهدى الذي إنقسمت حياله كل أمة إلى فريقين ؛ فريق آمن به وفريق كفر به. فكل من لم يصدقه فلا فائدة منه. والآيات التالية هي مثال للنوع الأول من الهدى وهي: {إِذْ جَاءتْهُمُ الرُّسُلُ مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاء رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ} (14) فصلت التي بيَّنت أن هدى الله لكل الأمم عن طريق رسلهم كان" أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ" إذاً الهدى هو عبادة الله وهو التقوى لما أوضحته آيات سورة الشعراء. فقد جاء الهدى بلفظ آخر يحمل نفس المعنى وهو توحيد الله. واللفظ هو: "اتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ". وقد نتج عن البحث أن العبادة هي التقوى والتقوى هي العبادة وكل منهما هو الإيمان والإسلام والهدى والله أعلم.
الجزء الثاني: هو الهدى الذي يوضح للذين آمنوا الصراط الصحيح الذي يوصلهم لمرضاة الله. فما هو هدى المؤمنين المتقين؟ إن الآيات التالية هي مثال للنوع الثاني من الهدى أي للارشادات التي يجب أن يتبعها من اتبع هدى العقيدة وهي: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}{وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} 151-152 الأنعام
إذاً هدى المتقين الذي ينير لهم الصراط القويم الذي يجب أن يسيروا فيه ويتبعوه وهو منهج الله في الأرض الذي يوضح أحكامه وتشريعاته ونواهيه وأوامره. والذي عبر عنه الإله بقوله تعالى "وبعهد الله َوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ" أي أرشدكم وهداكم به في الآيتين 151-152 الأنعام. كما وصف لهم قرب الزنى الذي نهى عنه بأنه ساء سبيلاً في الآية: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاء سَبِيلاً} 32 الإسراء أي أنه اتباع للصراط السيء الذي هو عكس الصراط المستقيم. وقد جاء العلم أي هدى الله لوحدانيته مكوناً من ثلاثة فروع هي:
الفرع الأول: تتكون آيات الفرع الأول بدورها من ثلاثة أجزاء.
الجزء الأول: آياته هي علوم توحيد الله والدعوة للإيمان بها. وهي الآيات التي توضح أن العقيدة أولها الإيمان بوحدانية الله وأنه هو منزل الكتب السماوية عن طريق ملائكته وكتبه ورسله للخلق. وأنه الواحد الأحد الذي خلق كل كبيرةوصغيرة ظاهرة وباطنة في هذا الكون. ولهذا يجب على الناس التفكر في خلقه لتوحيده. وكأمثلة لهذه الآيات: {إِنَّ رَبَّكُمُ الله الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ الله رَبُّ الْعَالَمِينَ} 54 الأعراف {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاء إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} 5 السجدة {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} 73 الأنعام وهو خالق الإنسان من طين {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ} 12 المؤمنون {ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ} 8 السجدة. وهو الذي خلق الإنسان في بطن أمه وجعل له السمع والأبصار والأفئدة لقوله تعالى: {وَالله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } 78 النحل وأيضاً أوضح أنه رازق الخلق في الآية:{هُوَالَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ}{ يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ
يَتَفَكَّرُونَ} 10-11 النحل كما أوضحت الآيات أنه خالق الأزواج التي هي نعمة للخلق في الآية {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} 21 الروم
الجزء الثاني: آيات التي توضح ملكية الله لليوم الآخر
إن آيات هذا الجزء توضح للخلق ملكية الله للجنة والنار ورجوع الناس إليه في ذلك اليوم لعقاب من يكفر به وجزاء من يؤمن به. كما أنها توضح لهم أن الله سيرسل الرسل بما يجب على الناس فعله لإصلاح الأخطاء التي كانت شائعة ومثال لهذا النوع من الآيات: {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} 35 الأعراف كما أنها توضح أن الله سيمتحن عباده ويفتنهم ليميز المؤمن الحق من المنافق لقوله تعالى: { أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتْرَكُوۤاْ أَن يَقُولُوۤاْ آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ } 2 العنكبوت {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (281) البقرة {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُّسَمًّى وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ بِلِقَاء رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ} (8) الروم
وأخيراً أوضح الله لخلقه أن من يؤمن بآيات اليوم الآخر عليه توكيد إيمانه بالعمل بالأعمال الصالحة لما ورد في الآية: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} (110) الكهف
الجزء الثالث: آيات وحدانية الله بملكيته للأقدار خيرها وشرها.
فالله يصيب الناس بالابتلاءات إمتحاناً لهم ليعلم بمن يوحده بالصبر عليها ويبتليهم بالنعم ليعلم بمن يوحده بالصبرعليها أيضاً. والآيات التالية خير دليل على ذلك: {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ} 185 آل عمران {فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ } {وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} 15-16 الفجر فالنعمة وعدمها امتحان والنجاح فيهما هو الصبرعليها وعدم تغييرها. كما في قوله تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُم مِّنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَن يُبَدِّلْ نِعْمَةَ الله مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُ فَإِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ} 211 البقرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ} 155 البقرة {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ الله الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} 142 آل عمران
إذاً يتلخص الفرع الأول في الإيمان بوحدانية الله عن طريق الإيمان بثلاثة أشياء هي: ملكيته للكتب والرسل والملائكة وملكيته لليوم الآخر والجنة والنار وملكيته للأقدار خيرها وشرها. فلابد للمؤمن العلم بأن إيمانه بوحدانية الله لن يكتمل أبداً إلا إذا آمن بالثلاثة أجزاء وعمل بالأعمال الصالحة.
الفرع الثاني: تنقسم آيات هذا الفرع بدورها إلى جزءين وهي آيات فرع القصص:
أولهما: هو الآيات التي توضح أن قصص ما حدث للرسل السابقين من جراء الدعوة لعبادة الله وحده هي عظة وعبرة لأمة سيدنا محمد وتثبيت للرسول صلى الله عليه وسلم وتثبيت وذكرى للمؤمنين. ومثال هذا النوع:{ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ}111 يوسف {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} 120 هود
ثانيهما: هو الآيات التي تقص القصص التي فيها وعظ وهدىً للناس. أي التي توضح لهم الأخطاء التي وقع فيها السابقون وطريقة اجتنابها والتوبة منها إن وقعوا فيها. ومثال لآيات هذا النوع من القصص هو آيات قصة أبينا آدم وإبليس اللعين:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ} {فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} {فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} {قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}{وَالَّذِينَ كَفَرواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} 34-39 البقرة
لقد وعظ الله خلقه بهذه القصة موضحاً لهم أن من يتبع أوامره ونواهيه أي هداه يأمن عدم الخوف والحزن وأن من يتبع إبليس ويكفر بآياته مصيره الخلود في النار إلا من يتوب عليه.
الفرع الثالث: تنقسم آياته إلى جزءين وهي آيات فرع الأمثال:
أولها: الآيات التي ضرب الله بها الأمثال التي تقرب الفهم للناس ليتعرفوا بها على معنى الوحدانية وهي: {ضَرَبَ الله مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} 29 الزمر فهذا المثل يوضح أننا لو كنا مملوكين لأكثر من إله لتشاكسوا فينا ولتعبنا أشد التعب ولكن ملكيتنا له وحده؛ الإله الرحيم بنا تستوجب توحيده وحمده وحده والله أعلم.
ثانيها: الآيات التي ضرب الله بها مثلاً عاقبة جحود فهي أمثال عظة وعبرة: ومثال لها الآية :{ وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِن تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث ذَّلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} 176 الأعراف والآية{ وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله فَأَذَاقَهَا الله لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} 112 النحل
فالهدى إذاً كالذكر والحمد والعبادة والإستعانة بدايته هي "لا إله إلا الله" ثم توكيده بطلب الثبات على الهدى من الله باستمرار مع العمل بالأحكام والأوامر والنواهي باستمرار بالاضافة إلى تكرار الذكر والحمد لله والتسبيح والإستغفار قولاً حتى الممات. وبتعبير آخر؛ المقصود بالهدى هو: توحيد الله أولاً ثم تكرار المثاني مع إتباع أوامره والانتهاء عن زواجره والتي تشمل العمل بالمحكمات وترك المتشابهات والهدي بقصص الأمم السابقة والأمثال المذكورة في الكتاب
معنى الصراط المستقيم من الآيات
يستنبط معنى الصراط المستقيم من الآيات الآتية: {إِنَّ الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ} 51 آل عمران {قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}161 الأنعام. لقد بيَّنت الآية 51 آل عمران أن عبادة الله هي الصراط المستقيم. وبينت الآية 161 الأنعام أن الصراط المستقيم هو الدين القيم. وبالتمعن في الآية التالية: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} 5 البينة نجد أن كلمة العبادة في نهاية هذه الآية قد استبدلت بكلمة الدين. حيث أنني أحسب أن معنى "وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ "هو وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له العبادة. مما يؤكد المعاني التي وردت في الآيتين 51 آل عمران و161 الأنعام وهي أن العبادة هي الصراط المستقيم وهي الدين وكل منهما معناه توحيد الله التوحيد الخالص وطاعته بالعمل بجميع الأعمال الصالحة مع تكرار المثاني لذلك والمثبتات المؤمن على العبادة وعلى الصراط المستقيم.
أما الآيات الآتية فقد جاءت بمعاني أخرى للصراط المستقيم وهي: { لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا هُمْ نَاسِكُوهُ فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ} 67 الحـج وفي هذه الآية توضيح بأن الهدى هو الصراط المستقيم، حيث تم استبدال كلمة الصراط بالهدى لما ورد في نهاية الآية (إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُّسْتَقِيمٍ) بدلاً عن (إنك على صراط مستقيم). أما قوله تعالى:{فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ الله الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} {وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} 125-126 لأنعام فهو توضيح إلى أن الهدى هو انشراح الصدر بالإسلام الذي هو الصراط المستقيم. كما أن الهدى للإسلام هو هدىً إلى صراط الله المستقيم. الأمر الذي يشير إلى أن كلمتي الإسلام والصراط المستقيم مترادفتان. ثم وصفت الآيات 151-153 الزواجر والأوامر بأنها الصراط المستقيم الذي يجب على المؤمن أن يتبعه وهي:{قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ الله إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ الله أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 151-153 الأنعام.
إذاً العمل بالأحكام والتشريعات بعد الإيمان بالله وحده هو السير في الصراط المستقيم وهو العمل بكل ما ورد في كتاب الله من أحكام واوامر ونواهي وما ورد في السنة المحمدية فالسير في الصراط المستقيم هو السير وفق تعليمات الله وحدوده أي وفق منهجه. إذاً هو الإيمان الحق وهو الإحسان وهو التقوى وهو الإسلام وهو الصلاح والفلاح. فكلهم مترادفات. والهدي يزيد وينقص كما جاء في الآية التالية:{وَيَزِيدُ الله الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَات خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا} 76 مريم فيزيد بتكرار أقوال الذكر والحمد والتسبيح والاستغفار وطلب الهدى باستمرار بالإضافة إلى تكرار العمل بالأحكام كالصلاة والصوم والزكاة و باقي الأحكام الأخرى بالإضافة لاتباع سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم هو توثيق وتثنية وزيادة للهدي مما يثبتها ويقويها. وينقص بنقصان أو عدم تكرار المثاني والأعمال الصالحة.ونقص الهدى هو إعوجاج عن الصراط المستقيم والتحاق بالشيطان الذي هو السبب في نقصان الهدى والإعوجاج عن الصراط مما يستوجب التوبة والرجوع للصراط.
فالموت هو نهاية صراط كل إنسان. أي أن طول الصراط المستقيم يختلف من إنسان إلى آخر . فيختلف طوله باختلاف طول عمر كل منهم.
عليه نجد أن الهدى مترادف الصراط المستقيم وكلاهما مترادف الذكر والحمد والإيمان والاسلام والتقوى...الخ إذاً نصل إلى أن تكرار طلب الهداية وطلب الثبات على الصراط المستقيم المقصود منه :
أولاً: توكيد وحدانية الله بأنه هو الهادي وهو المستعان وحده.
ثانياً: تثبيت المؤمن على الهدى والاستقامة دون الإعوجاج عنهما بتكرار طلبهما باستمرار من المولى عز وجل.
حكم طلب الهدى وطلب الصراط المستقيم وكيفيته
لقد توعد إبليس ربه بأن يغوي الناس أجمعين: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ} 39 الحجر. ولكن الله سبحانه وتعالي قال له: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} 42الحجر بذا يحتاج بنو آدم لهداية ربهم المستمرة لتحفظهم من اتباع إبليس فيثبتوا على توحيد الله فيكونوا من عباده المخلصين. إذاً لابد من دعاء الله وطلب الاهتداء إلى هداه وإلى صراطه المستقيم. وبناءً على ذلك يكون حكم طلب الهدى فرض.
كيفية طلب الهدي والصراط المستقيم
هنالك طرق مختلفة لطلب الهدى وطلب الثبات على الصراط المستقيم فمنها طرق غير مباشرة ومنها المباشرة ومنها طلب المغفرة. وقد أوضحت آيات كثيرة في القرآن توضح هذه الطرق.
كيفية الطلب بصورة غير مباشرة
إن الآيه:{رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} 101 يوسف والآية {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}128 البقرة توضحان الطلب بصورة غير مباشرة. فطلب سيدنا يوسف من ربه في الآية 101 يوسف أن يميته مسلماً ويلحقه بالصالحين هو طلب الثبات على الإسلام طيلة حياته وإلى أن يلتحق بالصالحين. وبالتالي كان طلبه للإهتداء المستمر والثبات على الصراط المستقيم لم يكن بصورة مباشرة. أما الآية 128 البقرة فقد جاء فيها طلب سيدنا إبراهيم من ربه أن يجعله مسلماً وابنه سيدنا إسماعيل ومن ذريتهما أمة مسلمة . فهل يعني هذا الطلب أن سيدنا إبراهيم وابنه لم يكونان مسلمين؟ لقد كان سيدنا إبراهيم وابنه من أعظم رسل الاسلام، ولكن طلب سيدنا إبراهيم كان للثبات على الاسلام. وقد استنتجنا أن الاسلام هو الهدى وهو الصراط المستقيم. إذاً طلب سيدنا إبراهيم كان للإستمساك هو وإبنه بالعروة الوثقى لا انفصام لها دائماً وأبداً. أي أن يكونان مهتدين وسائرين على الدرب المنشود إلى أن يلقيا ربهما.
كيفية الطلب بصورة مباشرة:
توضح الآية التالية الطلب المباشر{رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} 8 آل عمران
أما الحديث التالي: عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال: " يا معاذ، والله إني لاأحبك" فقال : "أوصيك يا معاذ بكلمات لا تدعهن في دبر كل صلاة تقول: " اللهم أعني على ذكرك ، وشكرك، وحسن عبادتك" مما يدل على عظمة هذه الكلمات لأنهن وصية الحبيب المصطفى لحبيبه. فمعاذ مؤمن أساساً وهو ذاكر وموحد أساساً بقول "لا إله إلا الله". وبالتالي أوصاه الرسول صلى الله عليه وسلم بالثبات علي إيمانه بتكرار الإعانة على الذكر والحمد والتوحيد"أي حسن العبادة لأنهم المثبتات والمثنيات والمؤكدات لكلمة التوحيد "لا إله إلا الله".والله أعلم
ثالثاً: المصدر الذي تطلب منه الهداية
تطلب الهداية من الذي أنزل الهدي لأنه الهادي وحده كما يلي:{الله لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} {نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ} 2-3 آل عمران. فتنزيل الهدى ورد في هذه الآية باسم الله الواحد الأحد الذي هو الحي القيوم. وبالتالي يمكن أن تطلب من الإله بأي من أسمائه الوتر أو الشفع. وفي الآية التالية: {تَنزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ الْعَالَمِينَ } 2 السجدة فبيَّنت أن منزل الهدى أي منزل الكتاب هو الإله الواحد الأحد ولكن باسم المكانة رب العالمين . فيمكن أن تطلب الهدايه من رب العالمين لأنه الهادي وحده الذي أنزل الهدى. وفي الآية التالية المنزل للكتاب هو الإله الواحد الأحد ولكن بالاسم الرحمن: {تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى} { الرحمن عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} 4-5 طه ولذلك يمكن أن تطلب الهداية من الإله باسمه الرحمن. وجاءت الآية:{ تَنزِيلٌ مِّنَ الرحمن الرَّحِيمِ} 2 فصلت مخبرة أن تنزيل الهدي من الإله الواحد الأحد باسمه الشفع "الرحمن الرحيم". وبالتالي يمكن أن تطلب الهداية من المولى بهذا الإسم أي من "الرحمن الرحيم" . كما جاء التنزيل من "الله العزيز الحكيم" وهو اسم للذات الإلهية مكون من ثلاثة أسماء كالاسم "الله الرحمن الرحيم" الذي ورد في الآية "بسم الله الرحمن الرحيم" ولهذا يمكن أن تطلب الهداية من الإله الواحد الأحد باسمه "الله العزيز الحكيم" أو بأي من أسمائه الثلاثية الأخرى.
رابعاً: الفئات التي خصاها الله بالهداية إلى الصراط المستقيم
إن الهدى قد أنزل تارة للرسل وتارة للناس جميعاً وتارة أخرة للمؤمنين المتقين المحسنين. فهل هو نفس الهدى أم أنه مختلف باختلاف تللك الفئات ؟ لقد أوضحت السيدة عائشة رضي الله عنها أن الهدى قد أنزل أولاً للرسول صلى الله عليه وسلم يعلمه ويهديه حتى كان خلقه القرآن. وما يعضد قولها هو أن الخطاب كان موجهاً له في كثير من السور كسورتي المدثر والمزمل. ثم أنزل الكتاب ليهدي الناس جميعاً كما في الآية: {الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} 1 إبراهيم
أما الآيات التالية فتوضح لنا الفئة الثالثة وهي فئة المؤمنين، المتقين، المحسنين، المسلمين: والآيات هي:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}{والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 2-5 البقرة و{تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ} {هُدًى وَرَحْمَةً لِّلْمُحْسِنِينَ}{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ}{أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 2-5 لقمان و{طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ} {هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}{الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} 2- 3النمل {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} 102 النحل
هذه الآيات توضح أن الكتاب قد جاء في آية هدىً للمتقين وفي آية ثانية هدىً للمحسنين وفي ثالثة هدىً للمؤمنين وفي أخرى هدىً للمسلمين. وجاء تعريف كل منهم مطابقاً للآخر حيث اشتركوا جميعهم في التعريف التالي: {الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ}. إذاً الأسماء "المؤمنون"، "المحسنون"، "المتقون" و"المسلمون" مترادفات لأنهم أسماء صفات لفئة واحدة هي فئة "الذين آمنوا وعملوا الصالحات".
خامساً: المقصود بالآية {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ} ومعناها
من تحليل الآيات يمكن استنتاج الآتي: إن كلمة اهدنا تعني أرشدنا ووفقنا للعمل بأحكامك ومنهجك. وبالتالي نستنتج أن في هذه الآية، كلمتين مستترتين وهما: اهدنا هداك وأهدنا الصراط المستقيم أي وجهنا وأرشدنا وثبتنا على اتباع هداك ووجهنا وأرشدنا وثبتنا على اتباع صراطك المستقيم.
عليه يكون المقصود بالآية هو التثنية والتوكيد لتوحيد الإله. وذلك بطلب الهدى منه وحده إيماناً بأنه لا هادي غيره. وبداخل الآية تثنية داخل الآية كما وجدت داخل الآيات الأخر. حيث أن طلب الثبات على الصراط المستقيم قد ثني وأكد طلب الثبات على الهدى. وبالتالي يكون المقصود من الآية أيضاً تثنية معاني الآيات التي سبقتها. وبذلك يكون معنى الآية هو نفس معاني الآيات التي تقدمتها. نسبة لترادف معنى الذكر والحمد والعبادة والاستعانة والهدى والصراط المستقيم. فكلهم متفقون في المعنى ومختلفون في اللفظ.
سادساً: سبب نزول الآية بهذه الصورة
إن هذه الآية محكمة قد فصلها الحكيم الخبير. وهو سبب كاف لنزولها بهذه الصورة ليظهر معناها تدريجياً بعد تفصيلها. وقد أظهر لنا التفصيل تثنية توحيد الإله بداخلها بطريقة تختلف عن طرق التثنية بداخل آيات الفاتحة الأخريات. حيث لم يتكرر الفعل اهدنا مرتين بصورة مباشرة. بالإضافة إلى أن طلب الهدى كان أمراً مستتراً قد أوضحه التفصيل، الأمر الذي يوضح معجزة القرآن اللغوية.
لقد فصل الله الآية " اهدنا الصراط المستقيم" في عدد أربعين سورة. وهي السور التي ابتدئت بالخطاب بيا أيها النبي ويا أيها الناس و يا أيها الذين آمنوا فهي قد خاطبتهم بهذه الطريقة لتجذب انتباههم لما سيأتي من الأوامر والنواهي والتشريعات السماوية والتوحيد المطلق للخالق جل وعلا و الله أعلم من قبل ومن بعد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم)

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» تفصيل الآية (الحمد لله رب العالمين)
» تفصيل الآية (الرحمن الرحيم)
» تفصيل الآية (مالك يوم الدين)
» تفصيل الآية المحكمة (بسم الله الرحمن الرحيم)
» تفصيل الآية (إياك نعبد وإياك نستعين)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  ::  التعارف والتهاني والتعازي فقط-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


تفصيل الآية (اهدنا الصراط المستقيم) 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
ننجز كتاب على النحو مجلة الخطاب ظاهرة اللغة التداولية محمد بلال الحذف اللسانيات الخيام الأشياء العربية العربي موقاي البخاري مدخل اسماعيل النص قواعد مبادئ النقد المعاصر


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | Ahlamontada.com | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | آخر المواضيع