مقتطفات مفيدة من كتاب الخصائص لأبي الفتح عثمان بن جنّي تحقيق عبد الحكيم بن محمّد
طبعة المكتبة التوفيقيّة القاهرة مصر
نبذة عن حياة المؤلف:هو أبو الفتح عثمان بن جني( 392 - 320هـ) الموصلي كان أبوه مملوكًا روميّا لسليمان بن فهد الازدي, الذي كان يعمل في خدمة حاكم الموصل آنذاك . وقد ظهر اهتمامه بالدراسات النحوية منـذ نشأته الأولى، حيث تذكر كتب الأخبار أنه جلس يدرّس بعض مسائل الصرف وهو في السابعة عشرة من عمره . قرأ الأدب على أبي علي الفارسي مدة أربعين سنـة و كان من أحـدق أهل الأدب و أعلمهم بالنحو و التصريف. نشأ ابن جني بالموصل و تلقى مبادئ التعلـم فيها, توثقت الصلات بينه و بين أستاذه أبي علي الفارسـي و كان كثيرا ما يذكره في كتبه و اجتمع ابن جني بالمتنبي بحلب عند سيف الدولة بن حمدان و كان المتنبي يجلّه , و يقول فيه : هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس . له مصنّفات كثيرة ورسائـل وشروح اختلف المؤرخون في عددها، من أشهرها الخصائص، وهو في اللغة ويقع في ثلاثة أجزاء؛ سرّ صناعة الإعراب في اللغة أيضًا ويقع في جزأين؛ المحتسَب في شواذّ القراءات؛ اللُّمع في النحو؛ وغير ذلك كثير.(1)
التعريف بكتاب الخصائص: الخصائص كتاب يبحث في خصائص اللّغة العربية، ألّفه العلاّمة اللغوي الشهير أبو الفــتح عثمان بن جنيّ الشهير بابن جنيّ المتوفى سنة (392 هـ، 1001م). اشتمل الكتاب على أبواب عديدة كباب الفرق بين الكلام والقول، وباب أصل اللغة: إلهام هي أم اصطلاح؟ وغيرها. وبقيّة أبوابه تختصّ باللّغة العربية: فلسفتها، ومشكلاتها. إذ يقول مؤلفه: ¸وليكون هذا الكتاب ذاهبًا في جهات النظر؛ إذ ليس غرضنا فيه الرفــــع والنصب والجرّ والجزم؛ لأن هذا أمر فُرغ منه في أكثر الكتب المصنَّفة فيه. وإنما هذا الكتاب مبنيّ على إثارة معادن المعاني، وتقرير حال الأوضاع والمبادئ، . فالكتاب في مجمله في قضايا اللغة العربية ومشكلاتها، وإن ذكرت بعض تفصيلات نحوها وصرفها للانطلاق منها إلى تلك القضايا والمشكلات. والكتاب يقع في ثلاثة مجلدات تضم 162 بابًا، تبدأ بباب القول على الفصل بين الكلام والقول، وتنتهي بباب في المستحيل وصحة قياس الفروع على فساد الأصول. (2)
و لأهمية هذا الكتاب و قيمته الأدبية و اللغوية أحببت أن أعرّف به إخواني الطلبة وقد اقتطفت منه هذه المعلومات :
1- الطائي الصغير هو أبو عبادة البحتري 284 – 204)هـ) اشتهر بوصف الطبيعة و حسن الديباجة و الطائي الكبير هو أبو تمّام (-190231هـ). (ج1ص29)
2- الأصمعيّ( 215-122هـ (. هو أبو سعيـد عبد الملـك بن قريب الأصمعي البصري كان الرشيـد يسمّيـه (شيطان الشعر) و قال الأخفش (3) : ما رأيت أحدا أعلم بالشعر من الأصمعي. ( ج1 ص 29 )
3- جمع باز أبواز, بزاة , بوازي.
قال ذو الرمّة :
كأنّ على أنيابها كل سُدفةٍ صِياحَ البوازي من صريف اللوائك (4)
قال أبو سعيد الحسن بن الحسين 212) ـ 275هـ): (باز) و ثلاثة (أبواز) فإن كثرت فهي (بيزان). ( ج 1 ص 21 )
4- أبو علي الفارسي الحسن بن أحمد 377 – 288)هـ،) أخذ عن الزجّاج و ابن السراج و قبرمان من طلبته أبو الفتح ابن جنّي و علي بن عيسى الرّبعي و لم يقل شعرا إلا ثلاثة أبيات و هي :
خضبت الشيب لمّا كان عيبا و خضب الشيب أولى أن يعابا
ولم أخضب مخافة هجر خلّ و لا عتبا خشيت و لا عتابــا
و لكنّ المشيب بدا ذميمــا فصيّرت الخضاب له عقابـــا ( ج1 ص 51 )
حكى أبو القاسم أحمد الأندلسي قال جرى ذكر الشعر بحضرة أبي علي الفارسي وأنا حاضر فقال إني لأغبطكم على قول الشعر فإن خاطري لا يوافقني إلى ذلك مع تحقيق العلوم التي هي من معادنه فقال له رجل فما قلت قط شيئا منه قال ما أعلم أن لي شعرا غير ثلاثة أبيات في الشيب و ذكر الأبيات (5)
5- ( يذر , يدع) الماضي منهما شاذّ في الاستعمال, (وذر , ودع). ( ج 1 ص 99 و 101 )
6-قال الهيثم بن الرّبيع بن زرارة :
زمان عليّ غُرابٌ غُدَافٌ فطيّره الشيب عنّي فطــارا
تقدير الكلام زمان ثبت عليّ و استقر عليّ غراب ثم حذف الفعل و أقيم الظرف مقامه و لذلك فإنّ غراب هنا تعرب فاعل .
و الغداف هو الغراب الكبير و يقال: هو الغراب ضخم الجناحين و قوله عليّ غراب غداف أراد به الشباب و الشعر الأسود. ( ج 1 ص 108 )
7- قال شاعر :
ذَرِ الآكلين الماء ظلما فما أُرى ينالون خيرا بعد أكلهم الماء
يريد قوما كانـوا يبيعون الماء فيشترون بثمنـه ما يأكلونه فاكتفى بذكر الماء الذي هو سبب المأكول من ذكر المأكول. ( ج 1 ص 144 )
8- إذا وقعت النكرة بعد المعرفة التي يتمّ الكلام بها, فتكون حينئذ مخيّرا في جعلك تلك النكرة إن شئت بدلا فتقول على هذا : مررت بزيد رجل صالح على البدل وإن شئت قلت : مررت بزيد رجلا صالحا عل الحال. ( ج 1 ص 154 )
9- الصدى في زعم الجاهلية طائر يخرج من رأس القتيل , فيصيح على قبره اسقوني , اسقوني , فإن قتل قاتله كفّ عن صياحه.
قال قطرب ( ؟ - 206هـ) :
فإن لم تثأراني من عكبّ فلا أرويتما أبــدا صديـّــا
يريد صداي. ( ج 1 ص 163 )
10- الإدراج في اللغة : الطيّ يقال لما طويته أدرجته و أدرجت الكتاب طويته. ( ج 1 ص 165 )
11- قال الهذلي ( ؟ - 27هـ) :
وإنّ حديثا منك لو تعلمينه جنى النحل في ألبان عوذ مطافل
العوذ : جمع عائذ و هي الناقة حين تضع فيقال لها عائذ و إذا تبع الناقة ولدها سميت مطفل. ( ج1 ص 194 )
12- الشاعر ذو الرّمّة( 117 - 77هـ) قال يوما :
بيضاء في نعج صفراء في برج ( 6 )
ثم انقطع عن الشعر حولا, لا يدري ما يقول, إلى أن مرّت به صينيّة فضّة قد أشربت ذهبا فقال:
كأنّها فضّة قد مسّها ذهـــب. ( ج 1 ص 277 )
إعداد الطالب : عبد الحفيظ منعو يوم 11 أكتوبر 2010 م
(1) أنظر الموسوعة العربية العالمية
(2) المصدر نفسه
(3) الأخفش، سعيد ) ؟ - 215هـ ، ؟ - 830م). أبوالحسن، سعيد بن مسعدة ، ويُلقب بالراوية، أحد الأخافشة الثلاثة، نحوي عالم باللغة، والأدب، أخذ العربية عن سيبويه. ، ولم يُرو كتاب سيبويه إلا عن طريقه.
(4) السدفة هي الظلمة أسدف الّيل أظلم أنظر القاموس المحيط للفيروز آبادي ( ج1 ص 1063) و الصريف حكّ الأنياب بعضها ببعض أنظر المعجم الوسيط لإبراهيم مصطفى , أحمد الزيّات , حامد عبد القادر و محمد النجّار طبعة دار الدعوة ( ج1 ص 168 )
(5) أنظر كتاب ثمرات الأوراق لأبن حجّة الحموي (ج 1 ص 26)
(6) البرج سعّة العين والنعج شدّة البياض أنظر كتاب التشبيهات لابن أبي عون