الأسس التي يقوم عليها البحث:
يمكن أن نجمل الأسس التي يقوم عليها البحث فيما يأتي:
أ- اختيار الموضوع: يعد اختيار الموضوع من العوامل المهمة في نجاح البحث، فيجب على الطالب أن يختار الموضوع الخصب الطريف القابل للدراسة، بحيث يمكن أن يجد فيه مجالًا للتجديد والتحقيق والإضافة، وأن يعرف أبعاده وغايته ويستطيع أن يوفيه حقه من البحث الدقيق والعرض المناسب فتارة يختار الموضوع لأن فيه إبهامًا وغموضًا، ومهمة الباحث في هذا هي كشف الإبهام وإزالة الغموض وإبراز موضوعه في ثوبه الجديد والصحيح، فتتسع دائرة الانتفاع به وتزداد أهميته.
وتارة أخرى يكون الموضوع ناقصًا لم يصل الدارسون إلى أبعاده وحدوده، بل تركت بعض الجوانب أو الثغرات، فلا بأس أن يختار الباحث هذا الموضوع،
وذلك ليوفي هذه الجوانب حقها من البحث الدقيق ويسد هذه الثغرات وتارة ثالثة يكون الموضوع متعلقًا بتحقيق التراث، ومهمة الباحث في هذا شاقة وصعبة ويمكن إيجازها في الآتي:
1- البحث في المكتبات العالمية عن نسخ الكتاب سواءًا كانت مخطوطة أم مطبوعة.
2- ثم يبدأ مرحلة المقارنة بين النسخ ليقف على ما بينها من فروق، فتارة تكون بزيادة في بعض النسخ ونقص في بعضها الآخر، وتارة أخرى تكون باختلاف في عبارة أو لفظ أو تحريف، ويجب على الباحث المحقق أن يقف على النص الصحيح.
3- بعد التحقق من النص الصحيح يبدأ مشيرًا إلى النص المخالف أو المحرف أو الزائد ... معقبًا عليه.
وإذا أورد المؤلف نصا من غيره رجع المحقق إلى مصدره واستوثق منه، وإذا ذكر المؤلف أسماء
لأشخاص أو لقبائل وعشائر أو لجبال وأنهار، أو لأماكن ... ذكر المحقق ترجمة موجزة لكل ما يرد من ذلك.
ب- وبعد اختيار الموضوع تبدأ مرحلة التخطيط المبدئي للبحث وذلك بوضع الخطوط الكبرى للبحث بتقسيم الموضوع إلى أبواب وفصول ومقدمة وخاتمة، تسمى "خطة البحث" من حق الباحث أن يغير من خطته إذا اقتضى البحث ذلك.
ج- مصادر البحث ومراجعه: ويجب على الباحث استقصاء جميع المصادر والمراجع التي تتصل بموضوع بحثه أو معظمها وذلك حتى تكتمل صورة البحث وقضاياه وأبعاده أمام الباحث ومما يساعد الباحث في ذلك هو اتباع ما يأتي:
1- الاطلاع على فهارس المكتبات العامة والخاصة.
2- الاطلاع على الموسوعات العلمية المتخصصة والتي تعالج الفرع الذي يندرج تحته موضوع البحث.
3- الاطلاع على فهارس المصادر والمراجع والتي تجد في أواخر الكتب التي تتصل بموضوع بحثه.
4- الاطلاع على فهارس رسائل الماجستير والدكتوراه التي لها صلة بموضوع بحثه.
5- الاطلاع على قوائم دور النشر والمكتبات التي تذكر فيها كل عام أسماء الكتب موزعة تحت فنونها.
6- الاتصال بأستاذه المشرف على بحثه وبالأساتذة المتخصصين لكبار ذوي الخبرة والمدربة في هذا التخصص.
د- جمع المادة العلمية:
ويبدأ الطالب في قراءة مصادر ومراجع بحثه قراءة فاحصة متأنية واعية، ويوجد نظامان لتسجيل المادة العلمية.
1- نظام الدوسيه المقسم وفق الأبواب والفصول بحيث يمكن نزع أو إضافة أوراق حسب ما تقتضيه طبيعة البحث.
2- نظام البطاقات تكون من حجم واحد وتقسم وفق الأبواب والفصول لكل باب أو فصل مجموعة مستقلة، ويسجل عنوان المجموعة على كل بطاقة من بطاقاتها ويفصل بين المجموعات ببطاقات مختلفة الألوان يسجل على كل بطاقة فاصلة عنوان المجموعة التابعة لها، وذلك لتسهيل مراجعتها ولضبط مادة البحث وعناصره ضبطًا دقيقًا، فيكتب الباحث ما يراه مناسبًا لبحثه في هذه البطاقات ويكتب على البطاقة اسم الكتاب
الذي نقل منه النص ورقم الجزء والصفحة والطبعة والناشر ومكان النشر ويجب أن يفرق بين ما ينقله حرفيًّا وبين ما ينقله بتصرف أو بتلخيص فيكتب في النقل الحرفي: كتاب كذا جزء كذا صفحة كذا.
وفي النقل بتصرف أو بتلخيص يكتب "انظر كتاب كذا أو يقول بتصرف أو بإيجاز".
وعلى الباحث أن يتوخى سلامة الأسلوب ووضوحه.
هـ- المخطط التفصيلي للبحث:
ومن خلال القراءة الواسعة وفي ضوء المادة الغزيرة التي جمعها الباحث يستطيع أن يضع الخطة التفصيلية للبحث ويعرضها على أستاذه المشرف فينقص أو يزيد تبعًا لحاجة البحث حتى يكون الضوء كاشفًا لكل زوايا البحث موضحًا جميع أبعاده ومسائله.
و كتابة البحث "تبييض البحث":
وهنا يبدأ الباحث في قراءة ما دونه في البطاقات وتدبره وإعادة النقل فيما سجل وكتب من نصوص ليتأكد من سلامتها ويستوثق من صحتها ومن مواضعها في مصادرها ويطمئن إلى أن كل شيء في موضعه وأن كل مسائله أخذت نصيبها من البحث، إذا اطمأن إلى ذلك بدأ في صياغة الموضوع وعرضه وإخراجه بثوبه الجديد فيدون قطوف جهوده وثمرة أفكاره وخلاصة آرائه فيناقش ويعقب، ويضعف ويرجح، وكلما انتهى من مجموعة انتقل إلى غيرها إلى أن يتم بحثه ثم يعرضه على أستاذه المشرف فإذا أقره بدأ يكتب له "مقدمة" يذكر فيها سبب اختياره لهذا الموضوع وقيمة البحث ومنهجه والجهد الذي بذله فيه ثم يختم البحث بخاتمة يلخص فيها بحثه ويشير إلى النتائج العلمية التي توصل إليها ثم يتبع ذلك بقائمة للمصادر والمراجع التي اعتمد عليها مع ذكر اسم المؤلف والناشر ومكان الطبع
وتاريخه وإذا كان المرجع محققًا أو مترجمًا ذكر اسم المحقق أو المترجم ثم يتبع ذلك بفهرس للموضوعات.
هذه هي أهم الأسس التي يقوم عليها البحث الناجح.
دراسات لغوية في أمهات كتب اللغة (ص: 241)