لِسانٌ عَرَبِيٌ مُبِين.من قلم:فتحي رَمَضَان الأَغَا.
-{فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَّنسِيّاً }مريم 23
الملحظ أن (فعل الإجاءَة)هو الوحيد على هذه الصيغة ولم يتكرر البتة في كتاب العربية الأكبر،وهو خاصّ بمريم عليها السلام،وكما أن الحدث - وهو معجزة ميلاد المسيح عليه السلام - حدثٌ مُميزٌ ومتفرد وغير مسبوق - لذا ورد الفعل مميزا وخاصا يتناسب مع معجزة الميلاد التي لم تتكرر،فالفعل مزيد بالهمزة، الملحظ أن مادة (جاءَ) وردت في البيان العالي دومًا بصيغة الماضي،ولم ترِد بصيغة المضارع ولا الأمر.وردت جاء ذات الفاعل المضمر ثماني عشرة مرة في البيان العالي ، وردت ضمن قرآن كريم مكيّ، والملحظ العام الذي يجمع تلكم الآيات الكريمات مكيها ومدنيها هو كون الفاعل مضمرا مقدرا ب ضمير"هو"، أما الملحظ الثاني فهو غلبة تعدي الفعل جاء -ذي الفاعل المضمر المقدر- إلى حرف الجر، بل إلى حرف جر واحد يطّرد ذلك في هذه المجموعة ولا يتخلف البتة. كذلك يقال إن جاء المكية ذات الفاعل المضمر تعدت لمفعول به في آية سورة النمل(فَلَمَّا جَاء سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)النمل36.
كما يلاحظ أن جاء المكية ذات الفاعل المضمر قد جمعت بين التعدي للمفعول به من ناحية،وبين التعدي لحرف الجر في آية سورة الصافات(وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )الصافات83-84 ، ومن خلال التدبر والمتابعة يتبين أن علاقة الفعل جاء- ذي الفاعل المضمر المقدر - بالمفعول به وبحرف الجر تكون في البيان العالي على النحو التالي:
1- يتعدى الفعل مكيا ومدنيا إلى حرف جر واحد ثابت هو الباء:
-(مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلاَ يُجْزَى إِلاَّ مِثْلَهَا وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ )الأنعام160
-( وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ بَلْ جَاء بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ )الصافات37-38،
-( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ )الزمر33
-( هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ )ق32-33
-( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ )الذاريات24-26
-( قَالُواْ سَلاَمًا قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ )هود69
-( قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ )يوسف72
-(وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ)يوسف 100
-(مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ )النمل89-90
-( وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاء بِالْهُدَى مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ )القصص37
-(مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)القصص84
2- ويتعدى لمفعول به فقط في حالة واحدة(فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِّمَّا آتَاكُم بَلْ أَنتُم بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ)النمل36
ويتعدى لمفعول به ولحرف جر في حالة واحدة (وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ )الصافات83-84
3 - لا يتعدى الفعل لمفعول به ولا لحرف جر في حالة واحدة(قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) نوح2-4.
والملحظ العام : الفعل جاء " المدنيّ" أياّ كان فاعله، ظاهرا أو مضمرا لا يتعدى إلى المفعول به، فهو فعلٌ لازمٌ،وهذا ملحظٌ حريّ بالتدبر والتفكر والمتابعة.
والحمدُ للهِ ربّ العَالمين..
عدل سابقا من قبل فتحي رمضان الأغا في 2013-04-06, 23:49 عدل 1 مرات