التوحيد والشرك
قال شيخ الإسلام ابن تيمية (التوحيد والشرك
وهو في نفس الأمر لا إله غيره، هو أكبر من كل شيء.
وهو المستحق للتحميد والتنزيه.
وهو متصف بذلك كله في نفس الأمر.
فالعباد لا يثبتون له بكلامهم شيئا لم يكن ثابتا له، بل المقصود بكلامهم تحقيق ذلك في أنفسهم، فإنهم يسعدون السعادة التامة إذا صار أحدهم ليس في نفسه لا إله إلا الله خلص من المشركين.
فإن أكثر بني آدم، كما قال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} (يوسف:106) .
فهم يقرون أنه رب العالمين لا رب غيره، ومع هذا يشركون به في الحب أو التوكل أو الخوف أو غير ذلك من أنواع الشرك.
وأما التوحيد: أن يكون الله أحب إليه من كل ما سواه. فلا يحب شيئا مثل ما يحب الله.
ولا يخافه كما يخاف ولا يجله ويكرمه مثل ما يجل الله ويكرمه.
ومن سوى بينه وبين غيره في أمر من الأمور فهو مشرك، إذ كان المشركون لا يسوون بينه وبين غيره في كل[ أمر] 1فإن هذا لم يقله أحد من بني آدم، وهو ممتنع لذاته امتناعا معلوما لبني آدم، لكن منهم من جحده وفضل عليه غيره في العبادة والطاعة، لكن مع هذا لم يثبت ويسوي بينه وبين غيره في كل الأشياء.
فمن سوى بينه وبين غيره في أمر من الأمور فهو مشرك.
قال الله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (الأنعام:1) .
أي: يعدلون به غيره.
يقال: عدل به أي جعله عديلا لكذا ومثلا له.
وقال تعالى:{وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ} إلى قوله: {إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (الشعراء:91-98) .
وقال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ} (البقرة: من الآية165).
فلا إله إلا هو سبحانه، وما سواه ليس بإله، لكن المشركون عبدوا معه آلهة، وهي أسماء سموها هم وآبائهم ما أنزل الله بها من سلطان، كما يسمى الإنسان- للجاهل عالما وللكاذب صادقا- ويكون ذلك عنده لا في نفس الأمر، وهؤلاء آلهة في نفوس المشركين بهم ليسوا آلهة في نفس الأمر، ولهذا كان ما في نفوسهم من الشرك هو إفكا.
قال الله تعالى عن إبراهيم:{ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} (الصافات:85،86) .
وقال أيضا:{إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً} (العنكبوت: من الآية17) .
وقال:{هَؤُلاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً} (الكهف:15) .
وقال هود لقومه:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ} (هود: من الآية50) .
والموحد صادق في قوله لا إله إلا الله، وكلما كرر ذلك تحقق قلبه بالتوحيد والإخلاص.)
http://raqamiya.mediu.edu.my/BookRead.aspx?ID=1966
منقول (http://vb.mediu.edu.my/showthread.php?t=15943)[center]