أيام دراستي عليه حكي لي يوما الشيخ الصالح الدكتور صالح الطالب ،طيب الله ثراه وأحسن مثواه فقال: كان الطالب الليبي إذا ذهب لمصر للدراسة يعمل له امتحان شفوي ، قال : وقد اعتادوا توجيه سؤال للطلاب فيسألونه جئت بزاد أو بلا زاد ؟ فيظن الطالب أن في الأمر إعانة فيقول محاولا استدرار العطف وتحصيل شيء يتسلح به من الفقر ويواجه به غربة الوطن جئت بلا زاد ، فإذا قالها سألوه فيها نحويا . وتصوروا لو لم يكن يعرف قاعدتها أوغابت عليه طريقتها كيف يواجه تعنيف المدرس وقساوة النحوي .
، ولكي لايتطاول على طالب النحو احد فيقول له جئت بزاد بزاد او بلا زاد أردت أن أذكركم بقاعدتها فمصر تفتح لكم اليوم أبوابها و عليكم أفواهها
وعذرا أحبابي المصريين فما أردت إلا مزاحا ولا تنسوا فإنه مزاح نحوي والعرب تقول فلان أثقل من نحوي
لا الزائدة لها ثلاثة أقسام
الأول : أن تكون زائدة، من جهة اللفظ، لا من جهة المعنى كقولهم: جئت بلا زاد، وغضبت من لا شيء. فـ لا في ذلك زائدة، من جهة اللفظ، لوصول عمل ما قبلها وهو الباء إلى ما بعدها ووهو الزاد فجر بالكسرة . وليست زائدة، من جهة المعنى، لأنها تفيد النفي. ولكنهم أطلقوا عليها الزيادة لما ذكرنا.
وروي عن بعض العرب: جئت بلا شيء، بالفتح على تركيب الاسم مع لا، وجعلها عاملة أي إن شيئا اسمها ويقدر خبرها . وهو نادر، لما فيه من تعليق حرف الجر عن العمل.
الثاني : أن تكون زائدة، لتوكيد النفي. نحو: ما يستوي زيد ولا عمرو. ومنه قوله تعالى " غير المغضوب عليهم، ولا الضالين " ، فـ لا زائدة، لتوكيد النفي، قالوا: وتعين دخولها في الآية، لئلا يتوهم عطف الضالين على الذين أنعمت عليهم .
الثالث : أن تكون زائدة، دخولها كخروجها. وهذا مما لا يقاس عليه. ومنه قول الشاعر:
تذكرت ليلى، فاعترتني صبابة ... وكاد ضمير القلب لا يتقطع
فلا زائدة لا يتغير المعنى بسقوطها
وأنشدوا، على ذلك، أبياتاً أخر. وأكثرها محتمل للتأويل. منها قول الشاعر:
أبى جوده لا البخل، واستعجلت به ... نعم من فتى، لا يمنع الجود قاتله وقريبا مع قاعدة أخرى واختيار ظريف
من كتاب جنى الداني للمرادي
[center]