دموع..... آسفة
تماماً كما تفعل الوحوش والضواري فعلت،دخلت الجبل وأجارني الله به.
وحيداً دخلته، فأقبل عليّ الجبل فاتحاً صدره وذراعيه، احتضنني ثم غيّبني في داخله وخبأني، ووقف بيني وبين مطارديّ الذين هزهم ما حدث، فراحوا يصرخون، ويشتمون، ويلعنون. والجبل صامت ويبتسم وعندما استحال الوصول إليّ، أو معرفة مكاني، قال كبيرهم: "لا مفر له من الموت، سيقتله الجوع والعطش، أو تأكله وحوش الجبل" ثم صوبوا بواريدهم نحو الجبل، وراحوا يمطرونني بالرصاص، ومع هذا ظل الجبل ثابتاً في مكانه، صامتاً وصامداً، ولم يشِ بمكاني الذي استجرت به.
.....وحدي الذي فررت من القافلة.............. ووحدي الذي نجوت من المذبحة.
بكل الخوف والفزع الذي اجتاحني ركضت. لم أكن أعرف وجهتي، ولا إلى أين تقودني قدماي، رغم أني في أرض ليست غريبة عليّ، مثلما أنا لست غريب عنها، بيني وبينها تاريخ و أحلام، و كم درجت خطاي على ترابها وطرقاتها، وكم جست شعابها ووديانها، و كم لفحتني شمسها الحارقة، وما خطر له يوماً أني سأدخلها مشرداً ومنفياً، تلاحقني عصابة من القتلة، بعد أن ذبحت أهلي وعشيرتي فوق قفارها، كلانا أصبح غريب عن الآخر وكلانا لا يعرف الآخر.
أنا جزائري ....ومن قرية قبائلية .... وادعة ووديعة كالحمامة.....تتناثر بيوتها الحجرية ذات الأبواب المقنطرة، والحدائق الجميلة، على سفح جبل ممرع بالخضرة، مثل جراح في الخاصرة، تحيط بها الغابات الكثيفة، وأشجار الزيتون والصفصاف والجوز، حولها ثكنة للجيش الوطني يتأهب أفرادها للرحيل... وقرى أخرى خرائب تسكنها الأشباح والموت والبوم، والأرواح الهائمة التي تخرج في الليل من قيعان الأنهار، وأعماق الغابات، وحواصل الطير، ومن المغاور والكهوف والأودية، وهي تتدثر بدمها المطلول، وجراحاتها الطرية النازفة........... تنهّدت وقد غلبني البكاء.

وقريتي تلوح لي مثل حلم يرتعش في القلب ويضيئه، أمد ذراعيّ نحوها بشوق، أشرعهما في المدى لاحتضانها، تظل واقفة في مكانها لا تتحرك، يزداد اندفاعي نحوها، فتتحول حمامة مذعورة تقطر دماً، أتقدم أكثر، فتنهض بينهما أراض، وطرقات، وغابات، وجبال، وأنهار، ووديان، فأدرك بُعد المسافة التي باتت تفصل بيني وبين قريتي، واستحالة اللقاء.
فأتمتم بحزن وأنا أنتحب من الداخل: "يا إلهي، كم بات الزيتون بعيد عني" فقد مضى علينا زمن طويل، ونحن نهيم على وجوهنا في الأودية، والقفار، وسفوح الجبال، نضرب في الأرض، تلاحقنا عصابات القتلة، ويتخطفنا الذبح، والسبي، والتيه، والموت، حتى امتلأت الأرض والوديان بجثثنا، لقد أبيدت القافلة، ومن بقي منا مجرد أشباح كائنات بشرية، نسيت ذاكرتها الجهات والمسافات والأيام، لأنها ما عادت تعني لها شيئاً على الإطلاق وهي ترقب الموت وتنتظره.
ومع هذا يممت وجهي صوب الجنوب الشرقي، وانطلقت أعدو بعزم حصان بري مطارد.
كل شيء حدث بسرعة....... حتى أنا لا أعرف كيف حدث.

فجأة وجدت نفسي أركض، في البداية زحفا، وبعدها رحت أركض دون أن يفطنوا لفراري.
وحيداً كنت أركض مثل ضبع في البرية....مخلفاً وراءي كل شيء، لم أحمل معي إلا رعبي وفزعي، وصور الجثث والوجوه الشائهة، والبطون المبقورة التي يتزاحم فوقها الذباب، والبعوض، والغربان، والطيور الجارحة، وعري الأجساد المذبوحة بوحشية، ودماؤها المختلطة بماء البليخ ومستنقعاتها.
استغليت انشغال القتلة في المذبحة، وصراخ الضحايا، فانطلقت أركض، بدون إعداد أو تحضير رحت أركض، والموت يركض معي، والأرض تركض معي، والقافلة الذبيحة بكل خرابها وخرائبها ودمارها، وموتها، ووجوه أهلها تركض معي، هاربة خائفة، تبحث عن الخلاص، وأمل ضعيف في النجاة نبع في داخلي، شد من عزيمتي، وحثني على الفرار.
وتذكرت ما حدث.
من كل الجهات طوقوا القافلة ، أشعلوا النيران في الحافلة، وراحوا يذبحون الناس مثل الخراف، أبناء عمومتي....وأهل قريتي وجيراني..وأصدقائي... أختي تسكن المدينة جئت بها لتبقى عندنا في العطلة الربيعية مع أبنائها...احتضنت ولديها وراحت تبكي، صرخت فيها:
-ليس هذا وقت البكاء يا امرأة.
دفعتهم أمامي وانطلقنا نركض، (نورة) كانت تركض بجواري، (يوسف) كان يمسك بيدي، وأختي في الخلف وقبل أن نخرج من الحافلة ، أحاطت بنا العصابة وسدت علينا طريق الفرار، من وقتها: بدأت مسيرة التيه والموت والعذاب.
لم يفطنوا لفراري.
كما ينسل اللص تركت مكاني.
بهدوء وصمت انسللت، ورحت أدب كالنملة.
التصق بالأرض، وداخلي مترع بالخوف والمرارة والبؤس، التصق بها حتى أشعر أننا تداخلنا، صرنا شيئاً واحداً، وامتلأ كل منها بالآخر، وخيّل إليّ أني رُحت أسمع وجيب قلب الأرض، وخرير الحياة في عروقها، فأشفقت الأرض عليّ، واستجابت لي، وقد آلمها ما أنا فيه من بؤس وعذاب ومرارة، فالتصقت هي الأخرى بي، وأعطتني نفسها وصمتها، وكتمت سري.
كالثعبان رحت أنساب فوقها.
ببطء كنت أنساب، دون أن يصدر في انسيابي صوت أو حركة، أو ما يلفت الانتباه.
وعندما غيبني كثيب ترابي، رفعت سبابتي وقلت: لا إله إلا الله، ورحت أعدو، بكل ما فيّ من خوف ورغبة في الحياة كنت أركض، والأرض التي رحت أطويها، وهي تمتد أمامي كالبساط الصوفي، تغريني بالفرار والمحاولة، وانشغال القتلة بتصفية ما تبقى من أهل القافلة، شجعني على الهرب أيضاً، فقد أعمتهم رائحة الدم، وصراخ الضحايا، والفزع الذي اكتظت به العيون، فتحولوا إلى قطيع من الذئاب المسعورة التي نسيت كل شيء، ولم تعد ترى إلا الهياكل العظمية المتداعية، والأجساد البشرية الضعيفة التي هدتها المسافات، والتعب، والمرض، والجوع للرجال والنساء والأطفال القتلة الذين اقتلعونا من أهالينا من ديارنا، من مزارعنا ومن حقولنا وقرانا ، وشردونا تحت كل سماء ونجمة ، وسيروا معنا الموت.
وحيداً كنت أركض.
والقتلة مشغولون في المذبحة، والدم الطاهر يتناثر في كل الجهات، ويلطخ وجه العالم الصامت عن مذبحة ..وما يحدث لهم، وصوت الضحايا يطاردني، وعينا (نورة) الضارعتان نحوي تطاردانني، وهي تصرخ:
-لقد قتلوا يوسف يا خالي.
سقط قلبي وانكسر ظهري.
-وأمي هي الأخرى تحتضر.
استنجدت بدموعي، ورحت أبكي كالنساء.
والرجال يجرونها من شعرها، ويمزقون ثيابها ولحمها وبراءتها وهي تتمسك بالأرض والحصى والتراب، تستغيث وتستنجد، وحين اختفت مع الرجال خلف البعيد ، وفلم أعد أسمع إلا صراخها الذي ما لبث أن انقطع، عرفت أن كل شيء قد انتهى، وأن نورة الحلوة، ضاعت مني هي الأخرى ، مثل أختي وابنها يوسف، فتمزق قلبي قهراً وحزناً، مذلةً ومرارة.
لكن الجراح التي كانت تحوطني، ويداي المقيدتان، منعتاني من القيام بأي حركة، فتمنيت لو أموت أنا الآخر، أو ينطلق رصاصهم نحوي دفعة واحدة، فيمزق رأسي وصدري، لو يذبحونني من الوريد إلى الوريد، ويجزون رأسي كالخراف، أو تنشق الأرض وتبتلعني، فأختفي فيها مع عاري وذلي وعجزي ومواتي، لكن شيئاً من هذا لم يحدث، فأقعيت مثل كلب عجوز وأعمى ينتحب بمرارة، وعجز وتشظي، حتى جفت مآقيّ.
وبكل الخوف الذي يسكنني التفتتُّ إلى الخلف، فرأيتهم يندفعون وراءي كالعاصفة، فعرفت أنهم فطنوا لفراري، وظلت أنا الآخر أركض. حافياً كنت أركض.
بقدمين متورمتين، وداميتين كنت أركض.
لم أبال بالأشواك والحصى والأحجار الصغيرة التي كانت تجرح قدميّ وتدميهما، ولم أفكر بالوقوف، لأن في الوقوف موتي، فهم يتبعونني مثل كلاب الصيد المدربة، ولن تشفع لي عندهم أرض ولا سماء.
أكثر من مرة وقعت.
لكني كنت أنهض وأتابع الركض، وقلبي يخفق بشدة، دون أن يتوقف تفكيري لحظة واحدة، رغم كل الذي أنا فيه، لكن العصابة راحت تقترب مني، تطبق عليّ وتحاصرني، ارتبك تفكيري، وضاق مداي. أينما ألتفتُ كنت أرى الخيلهم مندفعة نحوي.
كل الجهات بدت لي محاصرة بالخيل والقتلة.
الحصار بات الحقيقة الوحيدة الماثلة أمام عينيّ بوضوح، الكون كله بدا لي محاصراً، الأرض والسماء، الشمس والوهاد، الليل والنهار، ومياه الأنهار محاصرة.
وشعرت أني أختنق. أموت. أنطفئ.
فأنا مجرد كائن من رماد عاجز، يحمل نعشه على كتفيه، ويفر هارباً من القتلة، والموت الذي يطاردني ويطبق عليّ من كل الجهات.
فوددت من كل قلبي لو ينبت لي جناحان لأطير محلقا بهما عالياً، عالياً، مخترقاً الفضاء والسحاب، حتى تغيبني زرقة السماء وتخفيني عن أعين المطاردين وعندما أتجاوز منطقة الخطر لن أتوقف عن الطيران، سأظل أهوم بجناحيه في الفضاء حتى أصل قريتي، وقتها سأطوي جناحيّ، وأرتمي فوق ترابها أبكي، وليحدث بعد ذلك ما يحدث، تلك كانت معجزة، لكن زمن المعجزات مضى وولى، وجاء زمن الذبح والمطاردة والتيه والموت والدم، زمن الخوف والذئاب والاغتصاب والجنون والدمار.
وعادت الأرض تضيق عليّ أكثر.
فخيلهم تكاد تدركني، وقع حوافرها بات يصل إليّ بيسر ووضوح، ثم يختلط مع دقات قلبي القوية الجامحة التي تكاد تثقب صدري بعنف شرس، ويملؤني بالخوف والمرارة والقشعريرة، فالأرض أخذت تنكمش وتتقلص، وتفر هاربة مني، وتتركني معلقاً في الفراغ، وركضي لم يعد يجدي نفعاً.
أحس أني أروح في مكاني، وأنا المشهود لي في قريتي الجبلية، أني أسرع من كلب الصيد، ولكن ماذا تفيدني كل شهادات العالم، إذا كان العجز يسكنني في هذه اللحظة، وقدماي تخونانني، تغدران بي في هذا الوقت الذي صارت فيه الخطوة تعادل العمر كله.
فقدماي باتتا لا تتحركان، أو تبتعدان بيَ عن الخطر، خاملتين، بليدتين لا تحسان محنتي ولا البلاء الذي أنا فيه، أنا واقف، وأعدائي وحدهم الذين يركضون ويطبقون عليّ.
المسافة بيني وبينهم ضاقت أكثر، وصدري يضيق بأنفاسي اللاهثة، المتقطعة، وحلقي جاف حتى اليباس، كل ما فيه كان خائفاً ويرتعش، والذاكرة تتداخل فيها الصور وتتشابك، يختلط الماضي بالحاضر في عناق باك، غارق بالدم، وموشح بالخوف والسواد والإحساس بالقهر والموت.
التفتتّ في ذعر فاضح إلى اليمين وإلى الشمال، خلفي وأمامي، عفرت عينيّ في الجهات، فارتدت خائباً، ولم أجد أثراً لكائن، فتخالجني رعب حقيقي، وأيقن أن نهايتي دنت، فاللحظة تقاطرت موتاً ودماً، وشعر بالموت يسري في روحي ودمي، فعدت أقول لا إله إلا الله. وقد أفزعتني صورة موتي التي تصورتها. داهمتني رغبة في الصراخ، عل الريح تحمل صراخي، وتطوف به في أرجاء الدنيا، فيأتيني من يسمعني، ويخلصني من فصل الجنون والرعب والموات الذي أعيشه، لكني عندما فتحت فمي التصق صراخي بسقف الحلق خائفاً ومشلولاً، ولم يقوَ على الخروج، فرحت أنتحب من الداخل بصمت.
وفي لحظة اليأس والعجز التي استولت عليّ تماماً، وهدتني تماماً، وفرغتني من أي شعور بالأمل، وباتت النجاة حلماً مستحيلاً، فكل السبل والمنافذ أغلقت في وجهي،إلا سبيل الله سبحانه وتعالى ،فهو سينجيني...وما إن فكرت في هذا...حتى لاح لي في الأفق ما يشبه الجبل اهتززت ، وارتج الأمر عليّ.
حدقت بإمعان ولهفة، فبدا لي الجبل جاثماً، بين السماء والأرض وهامته تناطح السحاب " هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه " هذا من جند الله ، وهو يوميء إليّ من بعيد ويناديني.
ارتجف قلبي واختلطت مشاعري، لكن الشك ظل في داخلي يشوش يقيني مما أحدث بلبلة في ذهني وحركتي، وأعتقد أن في الرؤيا خطأ وما أراه مجرد وهم صنعه خيالي المرتعد، لكني عندما عدت أدقق النظر ثانية، وجدت الجبل حقيقة تشمخ أمامي، فاستيقظ فيّ الأمل الذي خبا منذ لحظات مثل وردة باغتها الصباح والندى، وراح يخضر داخلي، فعدت أندفع بقوة إلى الأمام أريد الوصول إلى الجبل وأدخله، ولن يوقفني الحصار ولا الجوع والعطش، أو الخيل المندفعة وراءي، ولا الأشواك والحصى والأحجار، ولا صراخ القتلة والرصاص وقصر المسافة، لن أتوقف عن الركض، الله ينجيني وسيحدث، وعليّ أن أتعلق بها، فهي دليلي إلى الجبل، ولم تعد عيناي تبصران سوى الجبل، كل شيء غاب واختفى، والجبل وحده الذي بقي، يناطح الغيم، ويسد الأفق، والوصول إليه حلمي الذي يسكنني، والجبل يُنهض في داخلي ملجأ وملاذاً ومنارة، وروحي فرت تسبقني إليه لتتماهى مع قممه، ومغاوره، وثناياه، وخيل إليّ أن الجبل راح يتقدم نحوي، ووقع أقدامه وهي تدب على الأرض يصلني بوضوح، فعاد الأمل يورق في داخلي، ينديني ويخضرني، والمسافة بيني وبينه راحت تتقلص تذوي، تتلاشى، تموت وتنعدم، كلانا يحث الخطى نحو الآخر، يزداد اضطرابي وأنا أرى الجبل يفتح ذراعيه لاحتضاني، وتتنامى في روحي بوارق فرح، وقد خيل لي أني بتّ أسمع أصوات أفراد الجيش و ذبذبات أجهزتهم بعيدة، حتى آذان العصر من مأذنة القرية ، كنت أعيش اللحظة وأمتزج بها، وأتمتم في داخلي كالحالم: ما يحدث لا يصدق، أجل إنها المعجزة بعينها.
وأصوات خيل القتلة، ورجال العصابة والرصاص باتت تأتيني من بعيد بالكاد أسمعها، أو لم أعد أسمعها، فأبتسمُ في داخلي رضى ومسرة، وأزيد من سرعتي، والشمس وقتها كانت تجنح للغروب، فتغشاني قريتي بشوارعها وغاباتها وحدائقها وأشجار الزيتون ، وسفوحها الجبلية العالية، أمكنة كثيرة، ووجوه كثيرة لاحت لي في تلك اللحظة، فأقبلت عليها وأقبلت عليّ، وراحت أعانقها وهي تحتضنني، وكل منا يبكي على صدر الآخر، ثم لم تلبث أن ذابت فيّ، وانساحت في داخلي مثل دمي، أفقاً يضيء حلم القلب، ويطوقه من كل صوب، فأتمسك بها في صلابة، ولم أركها حتى وأنا أدخل الجبل وعندما دخلته، كان النهار يلفظ أنفاسه الأخيرة، والليل راح ينشر عباءته السوداء على الدنيا، فارتميت في حضنه منهكاً ومكدوداً، حزيناً وبائساً، ومع هذا، وفي اللحظة التي احتضنني فيها الجبل، انفجرت أضحك كالمجنون، ثم لم ألبث أن أجهش في البكاء، ووجه (نورة ) وحده الذي راح يتدفق في الذاكرة، ويحاصرني من كل الجهات....ثم أفقت على صوت من جنود الجيش ..هناك ناج إنه ينزف..ويسألني: هل هناك غيرك ....ثم يردف :لا حول ولا قوة إلا بالله..إنا لله وإنا إليه راجعون
منذ ذلك اليوم .. .... تســاؤلات كثيرة تمر بمخيلتي ....فلا أعلم إن كان للفرح طعم ُ دون أن تسبقه مرارة الحزن .!!!؟.
فالأيام تمضي والأحزان تتزاحم بدواخلي....في زمن نحن أحوج فيه إلى السعادة......في زمن كثرت فيه تلك القلوب القــاسية ..و كاد يغيب عنه أصحاب القلوب..فإلى متى وأنا لا أجيد سوى الاستسلام في شتى أموري ....فلقد أصبح لكل عضو من أعضائي موطناً من الحزن يسكنه...ويضع الأغلال والأقفال عليّ لأكتمها بين أحضاني.....ولكن اختنقت سأخرجها لترى النور لا لتذهب.....سأرسم أوجاعي على ورقة النسيــان....وأضعها في أدراج الرياح لكي يتراكم عليها الغبار لتختفي......وأبدأ بطريقٍ يكون فيه التفاؤل هدفي .........لكي لا تسيطر الأحزان عليّ من جديد...
حاولت أن تبقى عيناي جافة من الدموع في دنيا تملئها تلك القلوب القاسية.. ؟..جربت أن أرفع راية التحدي في وجه اليأس ....أحاول أن أقف وقفه صارمة في وجه أحزاني ولو بابتسامه.....أحاول أن أعايش الفرح برغم حزني الذي يسكنني..... أنه من أجل الآخرين علي أن أفرح لأفراحهم رغم أن الأحزان ملأت القلب الحسير ....أجرب أن أقف في وجه دموعي وأمنعها من السقوط .....فكرت بأن الحياة واحدة وأحاول أن أجعلها ذكرى جميلة ..
لبد أن أتعلم ألا أيأس أبدا..أبدا مهما كثرت محاولات فشلي لأني في النهاية سوف انجح..... إذن لا حياة مع اليأس ولا يأس مع الحياة ومن عمق الألم سأصنع أملاً جديداً !أظنني تعلمت أن الألم يحفز الرجال ليكونوا أقوى....و الضربات القوية التي تلقيتها ربما هشمت زجاجي ولكنها صقلت الحديدي ... إن فراق الأحبة سنة الحياة وفقدان الأخوة عرفها فلا جزع بل سأتقدم بكل هدوء !.....نعم إن المحن يحولها الدعاة لمنح والمصائب يحولها المبدعون لعجائب !
وإن كانت التجارب الكثيرة أضاعت عمري بخسائر أكبر ......لكن لم يفت الوقت لأستعيد حياتي... سأكتب اليوم كل ما يجول بخاطري بصدق لأني عندما أصحو في اليوم التالي أكيد سأجده أصدق الأشياء..
إن الإنسان مهما كان يجب أن تكون له خبرة في الحياة ومع مرور الوقت عليه أن يتعلم من سننها فمن لم يعقل سنن الحياة فقد الأمل... ومهما كانت الحياة قاسية فهي جميلة وخصوصاً عند المسلم فحياته وصفها الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال :"عجباً لأمر المسلم إن أمره كله خير ، فإن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء صبر "!
نعم إنّ مبادئ الإسلام هي أساس الحياة فسأبني هذا الأساس بذراعيّ وأنطلق إلى ما أريد !!!
أن الإسلام دين الحياة الأبدي ورسالتها الخالدة وهو اليد الأصلح التي بإمكانها أن تبسط الأمن والإستقرار في كل ربوع العالم !

قصتك بقدر ما تدمي العين والفؤاد بقدر ماتبعث من الامل في غد افضل
هي حقا حزينة لا بل مرعبة خاصة لمن عايش احداثا مماثلة في جزائرنا الحبيبة .. ايام مضت
وحملت معها الآلام وفنون الموت المختلفة ..رحل الاحباء لكنك مازلت هنا تحيا بفضل الله تعالى
تكابد احزانك وتمضي في خطى ثابتة ..والماضي يدفعنا الى الامام حتى نبني مستقبلنا كما
اراد ربنا وارتضى لنا فقد جعلنا من احياء هذه الدنيا فلنعمر فيها بعدما خربها الاخرون
ونزرع الورد بدل الشوك ونوزع الامل بدل الموت.بارك الله فيك اخي يحي
ووفقك الله وجعل الله ايامك سعادة وامنا وسلاما

السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .......الحمد لله على السلامة....أختي الكريمة ....
هذه القصة قريبة من واقعة حقيقية ,,,,حدثت في تلك الفترة الكئيبة التي مرت عليها بلادنا الحبيبة ....ومناسبتها ...أني عُدْتُ أحد قريباتي والتي أصبحت مقعدة بسبب صدمة من جراء موت كل عائلتها ومن بينها كان هروب" بنات ثلاث" من جحيم الموت....ونجاتهن من أيدي الغدر,,,,وهن مازلن على قيد الحياة إلى اليوم ....وكان هروبهن معانات حقيقية....فهذه القصة تحكي هروبا مماثلا...جسدته في شخصي...
شكرا أختي الفاضلة على ذلك التقييم .....أنا أهتم دائما بآراء إخواني في المنتدى "فيما أكتب وأسجل"

انا دائما اجل قلمك المبدع فكلماته تستحق ان تقرا لانها ولدت من قلب نقي نقاء سماء القبائل
الابية ومن تجربة حياة نحترمها ونقدرها لانسانيتها الرائعة
وكل ما تكتب ينال الاعجاب والتقدير اخي يحي

هل كلمه اسف تمحو الجرح


في هذه الحياة ومع احداث العصر وتجمد المشاعر

احيانا نتعرض لمواقف مؤلمة..

...وهذه المواقف تبقى بمثابة الجرح الدامي الذي كلما

تذكرته سالت دماء جرحك من جديد

ولكن!!!!

متميز بالكتابة .. موهوب بالابداع ........................ صاحب القلم الصادق

الذي يبني ولا يجرح يحفز ولا ينتقد المزيد من الإبداع .......................

شخصيه فريدة من نوعها

اسم كبير له بصمته في الحياة تواجده بين المتواجدين له هيبه .....................ما ارع ماتكتب ................وما اجمل ماينتقيه قلمك.مشروع كاتب كبير

شكرا أختي الفاضلة ......على تشجيعك ....شكرا جزيلا

هي قصة محزنة حقا.. تصور معاناة الانسان في تلك الفترات المرعبة .كان الله مع المظلومين

السلام عليكم ورحمة الله
قصتك أخي تمزق العين قبل البقلب ، ولكن بقيت حيا رغم المعانات والأحزان ، لعلك صورة تحكي أحزان الذين راحوا في صمت رحمهم الله ، وللاك لما ترحمنا علهم ، ولما حزننا لأحزناهم ، ولما أذرفنا دموعا رحمة بهم ، ومع ذلك كله أنت حي

والله أخي يحيى إن قصتك لمحزنة تدمي القلب وتحرق الجفن ، أستطعت أن تجعلنا نعيش معك كل سيناريوهاتها ومشاهدها الأليمة والدامية ، ولكن أخي الحبيب الولادة والفرحة بالمولود تكون دائما عقب الألم والمخاض الشديدين ، إنها الحياة هكذا تألمك كثيرا لتعطيك منها قليلا ، رغم الشدة والم والحسرة والعذاب ها أنت ماض بكل عزم وقوة ولله الحمد ، ها هي الحياة تناديك أقبل ، ولربما البلدة الوديعة ، ولربما أغصان زيتونها ، ولربما شعابها وفيافيها ، ولربما سكانها وأهلها ، ولربما ولربما ولربما ؟ ومن يدري ؟ { ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا }
والمهم في هذا كله أنك كلك أمل وانبساط أسأل الله تعالى أن يحفظك ويرعاك ، تقبل مني أخي العزيز أبلغ عبارات التقدير والاحترام
تحياتي تحياتي

شكرا أخي الطاهر .............شكرا جزيلا

خالدلطفى كتب:

شكرا أخي خالد