اشكالية مهمة حفزتني على البحث عن الفرق بينهما ووجدت آراء كثيرة
لكن اعجبتني هذه الكلمات علها تجيب عن تساؤلك وطبعا منقولة
عالمية الادب من منظور معاصر
يتردد اليوم بشكل واسع على المساحة الادبية مصطلح عالمية الادب وفق معان متعددة: فأحياناً يطلق المصطلح ويراد به عدد من الادباء الذين
استطاعوا ان يتجاوزوا حدود ثقافتهم القومية ليتم تكريسهم بوصفهم معترفاً بهم عالمياً. واحياناً يستخدم للدلالة على عدد من الموضوعات او التيارات التي تشكل عنصراً مشتركاً بين اداب العالم. واحياناً اخرى يطرح في مواجهة ما يسمى بمحلية الادب, بحيث يتعامل مع هذا الاخير على انه في مرتبة ادنى مما هو عالمي. كل هذه الدلالات موضع اهتمام وجدل في النقد المعاصر. ولكن ينبغي الا يخفى علينا ان ظاهرة عالمية الادب ليست وليدة الحضارة الحديثة, بل هي قديمة قد الادب نفسه, وان اتخذت تجليات مختلفة مع كل حقبة تاريخية بحسب وسائل الاتصال بين الثقافات (شفاهي, كتابي, الترجمة, النشر والتداول... الخ). وسوف نتعرض هنا الى واحدة من اهم الدراسات المعاصرة لتفسير ظاهرة عالمية الادب, وهي كتاب باسكال كازانوفا "الجمهورية العالمية للاداب" الصادر عام 1999 وسنعرض موقفنا النقدي منه. وتعود اهمية هذا الكتاب الى عدة عوامل, اولها: ان له فضل الكشف لاول مرة عن الاليات الخفية لتشكيل عالمية الادب في الحضارة المعاصرة. وثانيها: انه يتيح لنا في دراستنا هذه مناقشة المنظور الجديد الذي يطرحه لمفهوم (عالمية الادب), ومدى صلاحيته لتأسيس (مجال أدبي عالمي) يسوده العدل والجمال والحق في القرن الحادي والعشرين, مع المقارنة بينه وبين نظريات اخرى لعالمية الادب. وثالثها: ان الكتاب يزج بمفهوم عالمية الادب الى مجال علم اجتماع الادب ونظرية النقد معاً. وهو بذلك يلفت الانتباه الى ان فهمنا لعالمية الادب لا يمكن ان تلم به الدراسات المقارنة وحدها, وانما لابد من عرضه على مناهج اجتماعية ونقدية احدث لفهم اليات تكوينه وتكريسه في عالمنا المعاصر. ورابعها: ان الكتاب يحفزنا الى محاولة تعرف موقع ادبنا العربي من هذه الجمهورية, ما حققه وما قد ينتظره او يفوته من مواقع سيادية فيها, ذلك في ضوء الشروط الواقعية التي يعمل في اطارها المجال الادبي العربي بصفة خاصة, والمجال الادبي العالمي بصفة اعم. ويدعونا الكتاب في النهاية الى التفكير بشكل مستقبلي في كيفية استثمار رأسمالنا الادبي بما يفيد مجتمعنا العربي ويثري سوق الادب العالمي. تعتمد باسكال كازنوفا في كتابها (الجمهورية العالمية للاداب) - الذي حاز تقدير الاوساط الثقافية والادبية العالمية واحتفاءها - على طرح لتصور جديد لمبحث عالمية الادب, فقد شكا "الادب العالمي" مبحثاً رئيسياً من مباحث الادب المقارن وتراوح مفهومه بين النزعة الطوباوية لدى ادباء مثل هردر وجوته, التي تعود بعالمية الادب الى تعبيره عن مجموعة من المثل العليا التي يشترك فيها البشر, من دون ان تكون حكرا على ثقافة دون اخرى, والنزعة الاكاديمية لدى النقاد من امثال رينيه ويلك وادريان مارينو, والذين ينظرون الى عالمية الادب بوصفها موضوعا للنقد الادبي المقارن. يرى بورديو ان الادب في مجتمع من المجتمعات يشكل رأس مال رمزياً او ثقافياً لهذا المجتمع. وان رأس المال هذا له مجال يقوم على التنافس بين الفاعلين فيه. غير ان المفارقة تكمن في ان هذه البلدان الخاضعة للسيطرة السياسية والاستعمارية واللغوية, هي موطن الثورات الادبية الكبرى, وتتبع كازنوفا هذه البنية التراتبية لمجال الادب العالمي: تاريخها وزمانها ومكانها واسسها ومبادئها والثورات الادبية التي زلزلتها وادت الى انقلاب معاييرها (عن جريدة البينة
http://www.al-bayyna.com/modules.php?name=News&file=article&sid=25286