اليوم أريد ، وعندما أريد أنا أريد ... ولا أبالي ،فالارادة لا مبالاة بشكل ما ..والشكل نفسه يقرّره من يريد ! أريد أن أفجر إحساسكم اللغوي عن طريق تفجير اللغة الأدبية !وكل أدب لغة خاصة إلى أبعد حدّ !و التفجير أفضل الكلمات عندي و أكثرها اصطخابا في رأسي ..وكم جميل هو أن تنفجر و ..تفجر !ذلك هو الأسمى ! وأحس أنّكم في صمتكم هذا تنتظرون مني أن أريكم كيف أفجر اللغة .وهذا من حقكم عليّ.سأريكم كيف أفجر اللغة ذاتيا وأفجر معها أفكاركم ومسامعكم المرهفة ،.حتى تألف لغة التفجير وتتعود على جرح لغوي من نوع آخر !
في اللغة انصتوا إليّ اذن ،فهأنذا أهامسكم، والمهامسة محاولة اقتراب من القناعات الأخرى دفعا وجذبا ،أهامسكم بصفتي انسانا ،بصفتي مخلوقا بشريا ، بصفتي آدميا صائتا بنوع من التفرد وبصفتي عبدا طائعا لإرادته _ طبعا الأدبية _باختصار ..بصفتي انسان يعي معنى هذه الصفات المعرفية المتعددة ،وتنوع الصفات دليل على هوية التعدد بما له من مرتكزات خاصة . وكل هذا مقدمة لمعرفة تتعددي الذاتي ،فلا قيمة للتعدد المتزامن مع قدرتنا وميولنا ومواهبنا المتفجرة في عصر الكتابة الملتزمة !
والكتابة مجرد صفة من صفاتي طبعا ،وقد لا تعلمون ...أنتم يا من تعيشون على عتبات الأحداث والأحاديث التي تفرزها الأرصفة بالأخبار الناضجة ...قد لا تعلمون أن لي أنا المفعم بالمواهب الخصبة_صفات أخرى كثيرة ،أعفيكم في هذه المرة ، والمرة تعني هنا أنني قد تكون لي معكم في المستقبل مرّة أخرى .. والمستقبل ارتعاشة مقبلة بكل ما ..لها من زخم أو فراغ _أعفيكم من تعدادها اليوم أو الآن ..فالآن جزء من اليوم ..يسير معه بنفس الوتيرة . وأنتم تعلمون أن التعداد نفسه .. تعدد..ولو لم يكن الأمر كذالك لتوقف الزمن عند أبينا آدم عليه السلام ..الانسان الوحيد الذي لم تشكّو بعد في وجوده ،واعترفتم به في عصر لا يعرف_إلى حدّ كبير _ غير تعدد الأجناس والصفات والقناعات والمواهب والألوان .
قلت لنباهتكم سالفا أن الكتابة صفة من صفاتي وأضيف الآن أنها _أي الكتابة _في حد ذاتها متعددة الصفات ، متنوعة الآفاق ، إنها في عرفي زهرة ياسمين تضخ عبيرها في مرافئ القلب الهنيء. وزهرة الياسمين متعددة الأوراق ومتنوعة الصفات .فهي بياض وانشراح ومنظر مغرو ..عطر !وكذلك كتابتي .إلا أن كتابتي تنضر وتزهر دائما ، لا تذبل ولا تسقط في غبار الموسم _ كزهرة السوسن في منتدانا الأدبي_ آه آه نسيت ليتني مثّلت بزهر السوسن فكم لها من عطر في منتدانا الملون بالزرقة ، وكتابتي لون من الألوان ،تعلوا وتعلو لتضارع قوس قزح**. كتابتي اذن قزحية . ولا ينبغي أن يفزعكم هذا الوصف القزحي ...فهو من خيالات شيطان عبقر !
واليكم الآن تعدد الكتابة .. والكتابة متعددة ،وكل ذلك أنا متعدد الصفات !فأنا كاتب رواية تسجد الكلمات الملهمة على شفتيه ،وكاتب قصة تأكل المسافات المترعة بعدا نور عينيه بصورة مجانية ،وشاعر تنبت الخضرة على مشارف نظراته الحالمة ،وناقد تقتات المعايير من مصارف ثقافته ،ومسرحي تظهر الأدوار من حركات .. أنامله ! ألم اقل لكم أنّ الكتابة عندي زهرة ياسمين أو زهرة سوسن .. مورقة حسب الطبيعة الفواحة ،وأنا مورق حسب الموهبة المشعة ،..فلي أوراقي الخمس كزهرة الياسمين ولا أستطيع طبعا أن أقدم لتجليكم في الاستماع نموذجا واحدا من رواياتي ،فقد تستدعي الصفة صفحات وصفحات .. قبل أن تقول شيئا محددا عن موضوع الرواية ،.. لكثرة النقط ، والفواصل ، وعلامات التعجب والاستفهام والجمل الاعتراضية ! وليس بوسعي كذالك أن أقرأ لكم قصيدة من قصائدي المورقة ..فالقصيدة يجب أن تكون طويلة طول تجربة الهم في القلب المبدع ،ولا أن أقدم شيئا ممّا كتبته من نقد خلاق ..يلغي كل القيم السابقة ويدعوا إلى تأصيل قيم أخرى جديدة.ويصعب عليّ أخيرا أن اعرض عليكم مسرحية ،تثير الغافي والصاحي على حدّ سواء وتِلّبه حتى على نفسه ،ولهذا تكتفي كتابتي الواعية ..تكتفي بتقديم قصة تهتم بالسرد وتهمل الحوار :
"امتصت الوحدة أيّامي ، وتقلص قلبي من شدّة العشق ،.. فعشت سنوات وسنوات بلا فجر ولا ...شفق ،وضاعت كل آمالي في البحث عن .. القرينة ! وعندما بلغة شفة اليأس ..تذكرت كما أن لو اسفنجة منعشة تمسحت بسطح ذهني الملتهب ،تذكرت ظلّ طفولتي وشبابي ...صديقي القديم ،الذي فرّقت بيني وبينه الأيام حتى نسيته ، وربما نسيني هو أيضا ،..هذا على قرب الحارة ! أخذت نفسي إليه ..وكان غرضي أن أمزق شفة اليأس على أعتاب بابه .فقد كانت له أخت عانس ،كنت أعلم أنها لا تزال عنده مقيمة ،أشد مما يقيم العسيب ،أردت أن أتخذها في نهاية النهايات .. قرينة بعد أن عزت وتأبت بشكل غير منظور ...قرينة القلب الملائمة ،وسردت له الأمر باختصار ،أي نقلت إليه رغبتي مباشرة ،وكنت أظن أن زواج أخته أخيرا أسمى ماتطمح إليه أيّمه ،ولكن ظِلُّ شبابي القديم راح يتشرط ..وكأنّه يبيع بقرة حلوبا ! فطلب لأخته المفعمة بالعناس المتفجر ثمنا باهضا ...حتى من الناحية العاطفية !واشترط لها تلبية كل تداعيات قلبها وقلبه المشتاقين إلى كل ثروة ورفاه !طلب لها مسكنا ،...يساكنني فيه ، وذهبا كثيرا ...وسيارة من أحدث نوع ،ترفع السمعة ،وتعوض العانس ما فاتها ،وتجري أحاديث الناس بذكرها ! لم يكن لي إلا أن أترك العانس القعيد وأعود إلى المنتدى وأصاحب وحدتي وأضيع بين الشفق والسحر " هل فهمتم قصدي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
_____________
** قزح :إله عند اليونان ،والقوس الذي يظهر بعد نزول المطر ، لما يصيب نور الشمس لزاخات المطر ، وكانه إله ذلك القوس ، ولا إله إلا الله ، فقولوا :قوس الله