منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة
تسجيلك في هذا المنتدى يأخذ منك لحظات ولكنه يعطيك امتيازات خاصة كالنسخ والتحميل والتعليق
وإضافة موضوع جديد والتخاطب مع الأعضاء ومناقشتهم
فإن لم تكن مسجلا من قبل فيرجى التسجيل، وإن كنت قد سجّلت فتفضّل
بإدخال اسم العضوية

يمكنك الدخول باستخدام حسابك في الفيس بوك



ستحتاج إلى تفعيل حسابك من بريدك الإلكتروني بعد تسجيلك هنا
التسجيل بالأسماء الحقيقية ثنائية أو ثلاثية وباللغة العربيّة فقط
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين

تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
» هات يدك المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-12-13, 15:27 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» بين «بياجيه» و «تشومسكي» مقـاربة حـول كيفيـة اكتسـاب اللغـةالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-12-03, 20:02 من طرف سدار محمد عابد» نشيد الفجرالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-30, 14:48 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» الرذ والديناصورالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-02, 18:04 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 18:42 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سلاما على غزةالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 18:40 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شهد الخلودالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 18:35 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تهجيرالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 18:23 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تقرير من غزة المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 18:18 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» القدس لناالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 17:51 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» يوم في غزة المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 17:45 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» شعب عجبالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-11-01, 17:41 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» سمكة تحت التخديرالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-10-07, 15:34 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» تجربة حبالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-09-16, 23:25 من طرف عبدالحكيم ال سنبل» زلزال و اعصارالمنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2023-09-14, 05:44 من طرف عبدالحكيم ال سنبل

شاطر
 

 المنطق عند جون ديوي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
غياث النجار 2
*
*


القيمة الأصلية

البلد :
سوريا

عدد المساهمات :
2

نقاط :
6

تاريخ التسجيل :
21/10/2012

المهنة :
مدرس


المنطق عند جون ديوي Empty
مُساهمةموضوع: المنطق عند جون ديوي   المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2012-10-22, 20:38





إعداد : غياث النجار

يتجه ديوي(1859-1952) بإهتمامه كله ناحية العلوم الطبيعية . وهو يأخذ بالمذهب السلوكي الذي قدمه واطسون وهو المذهب الذي يقول أن العقل ماهو الا ما يفعله الجسم ". وانتهى ديوي الى انه لاتوجد معرفة حقيقية خارج المعرفة التي ينتجها منهج العلوم الطبيعية . وإذا كان المفكرون في العصور السابقة ، التي لم تتوصل الى بعد الى التكنلوجيا التي عرفها العصر الاخير، إذا كانوا يبحثون عن اسباب الأعمال خارج نطاق التجربة ، فإن ذلك غير ممكن اليوم ، وينبغي رفض كل الافكار التي تتعالى على الطبيعة ،في هذا العصر المتقدم، والاتجاه بالكلية الى الخبرة .
ونحن الان في صدد تقديم دراسة موجزة عن كتاب اريك فروم "نظرية البحث" ترجمة زكي نجيب محود وتبيان معنى المنطق عند ديوي وعلاقته بمناهج البحث .
- تعريف ديوي للمنطق يمثل وجهة نظر مفكر براجماتي، وهو تعريف فضفاض الا انه قد يتلخص فيما يلي:
ان الصور المنطقية (تنشأ) أصلا خلال إجراءات البحث؛ ولو وضعنا هذا القول في عبارة مألوفة قلنا ان معنى فكرتنا هو أنه إذا كان البحث في البحث يؤدي بنا إلى معرفة الصور المنطقية، فإن البحث الأول نفسه هو مجال (نشأة) تلك الصور التي يجيء البحث في البحث بعدئذ فيكشف عنها الغطاء. ()

بتعبير آخر، ان طرائق التفكير تنشأ في بداية أمرها حين يتعرض الإنسان فعلا لمشكلات حقيقية يريد حلها فيحاول (استخدام) هذه الوسيلة أو تلك حتى تنحل المشكلة القائمة، فإذا جاء مفكر آخر بعد ذلك وركز فكره على تلك الطرائق ليفهمها كان بمثابة من يبحث في طرائق البحث الأولية ليلقي عليها الضوء ويجعلها موضوع معرفة، أو بعبارة أخرى الصور المنطقية تنشأ في مجال العمل ثم يسلط عليها الضوء فتعرف().
وبعد أن نعرف تلك الطرائق نسميها بالمنطق. وعلى ذلك فكل طريق للبحث، هو منطق بحد ذاته، ومنهاج البحث لا يختلف عن المنطق في شيء.
وان هناك بحوثا متعددة في تنوعها شاملة في مداها قائمة بيننا بالفعل ولكل من شاء أن يضعها موضع الفحص. فالبحث لأي علم من العلوم هو منه بمثابة دم الحياة، ما دام كل شيء وكل صناعة وكل فكرة يخضع لما يقتضيه البحث، واختصارا فإن الفرض الذي أتقدم به إنما يمثل ما هو قائم بالفعل (في شتى العلوم) فلا عبرة بعد ذلك بالريبة التي قد يحاط بها عند تطبيقه على مجال المنطق().
وهذا التعريف يشمل ما يلي:
1- انه يغفل متعمدا ذكر طرق الاستدلال الثابتة، التي يكشف عنها المنطق في تعريف أرسطو، إذ ان ديوي لا يعترف بطرق معينة سلفا للاستدلال والبحث، بل يعتقد ان هناك طرقا لا تحصى للاستدلال، وقيمة كل طريق تظهر بالنهاية عند الوصول إلى النتيجة.
2- انه يدمج مناهج البحث بالمنطق، بالأحرى يدمج المنطق بمناهج البحث، ويزعم ان مناهج البحث هي المطلوبة أساسا، وإذا كانت هناك طرق عامة ومبادئ شاملة نسميها بالمنطق، فإنها تابعة لمناهج البحث لا أكثر إذ تهمه النتيجة أكثر من المقدمات، والهدف من البحث هو الوصول إلى الحقيقة حتى إذا كان من طرق غير ثابتة الصحة سلفا.

نقد التعريف:

ان أهم بند في تعريف المنطق هو غايته وهو التجنب من الخطأ، وهو بند مغفول في التعريف السابق بينما هو في الواقع غاية علم المنطق. ثم ان انكار البديهيات العقلية، ذلك الانكار الذي يعتمد عليه مبدأ براجماتزم، غير صحيح بالرغم من ان المزيد من الاعتماد على البديهيات والإيمان بها إيمانا مطلقا وبعيدا عن الواقع هو الآخر غير صحيح، وعلى أي حال فإن هذه البديهيات بحاجة إلى أن ننظم علاقتها بين بعضها البعض، وبينها وبين الواقع الخارجي، وجزء هام من المنطق يوفي بهذه الحاجة وهو القسم الصوري منه وإغفال هذه الحاجة ومن ثم إغفال هذا الجانب من المنطق هو إغفال غير صحيح، كما فعل ديوي.

وجون ديوي، يرى ان علاقة المنطق بالفلسفة، كما علاقة المنطق بالبحث ذاته، هي علاقة جدلية فكل تغيير في أحدهما ينعكس على الآخر ويقول:

(وعلى أية حال، فالمنطق من حيث الأصول الأولية لمادته، فرع مشتق من المذهب الفلسفي بحيث تجيء وجهات النظر المختلفة إلى موضوع دراسته معبرة في النهاية عن فلسفات مختلفة. ثم تعود النتائج التي ينتهي إليها المنطق فتتخذ أداة لتأييد الفلسفات التي ما كانت تلك النتائج الا نتائجها. وما يطرأ على الذهن هو ان ذلك يؤدي إلى التنقص من شأن المنطق بجعله عاجزا عن ان يكون مستقلا بذاته، ففي ظاهر الأمر قد يبدو من غير الملائم للنظرية المنطقية ان تتشكل تبعا للمذهب الفلسفي واقعيا أو مثاليا.. عقليا أو تجريبيا.. ثنائيا أو واحديا.. ذريا أو كليا.. عضويا في منحاه الميتافيزيقي).
ومع ذلك، فحتى لا يفصح المؤلفون في المنطق عن ميولهم السابقة في اتجاهاتهم الفلسفية فالتحليل يكشف عن الرابطة (بين تلك الميول وما يذهبون إليه من نظرية منطقية…)().
ثم يكمل ديوي نظريته عن جدلية العلاقة بين المنطق والبحث ذاته، فيقول:
(ان الصور المنطقية "تنشأ" أصلا خلال إجراءات البحث)().
والواقع ان عملية البحث تفيدنا وضوحا في الرؤية باعتبارها التصاقا بالواقع وممارسة حية له.. الا ان الرؤية الحقيقية لا تأتي مباشرة من الواقع انما من العقل، إذ العقل هو الذي يضع القواعد لمعرفة الواقع والمنطق هو من العقل فهو الذي يعطينا الرؤية.. ولكن لا مجردة عن الواقع بل ملتصقة به.
وبذلك نعرف ان المنطق والبحث يكتملان، لأن المنطق يعطينا الرؤية والبحث يبلورها.
وكذلك الفلسفة هي بحوث عقلية، وواقعية في ذات اللحظة. إذ أن أي خطوة نخطوها في حقل الفلسفة نعتمد فيها على عكازتين، على عقل هاد، وعلى توجيه هذا العقل على الواقع، وبالتالي على بصيرة، وبصر لا غنى لأحدهما عن الآخر. ومن هنا فإن الفلسفة ملتصقة بالمنطق، كما ان المنطق محتاج إلى الفلسفة.


- يتصور الرأي السائد في المنطق أن مشكلة الإنسان في العلم، هي مشكلة عقلية محضة، يمكن حلها بوضع قواعد لتنظيم عملية التفكير.
إلا أن الحقيقية هي أن المشكلة نفسية، قبل أن تكون عقلية، لذا نحن بحاجة إلى معالجة النفس البشرية، قبل ان نضع قواعد لعقله، وتنظيم فكره.
ذلك لأن النفس البشرية قد تستأثر بإرادة الإنسان وتوجهها إلى حيث تتحرك أهواؤها، وهنالك تبقى قدرة الإنسان على التفكير معطلة رأسا، ولا تغنيه القواعد الموضوعة لتنظيم التفكير
من هنا فإن علم النفس لابد أن يدخل كطرف مباشر في المنطق كما يقول جون ديوي:

(إن علم النفس ذاته فرع خاص من فروع منهج البحث، فهو بصفة عامة يتصل بنظرية البحث المنطقي، بنفس العلاقة التي يتصل بها علم الطبيعة، أو الكيمياء، ولكن لما كان علم النفس أوثق إهتماما من سائر العلوم الأخرى؛ بالمركز الرئيسي، الذي يصدر عنه إجراء البحث انشاءا وتنفيذا، كان من الجائز أن يضيف إلى النظرية المنطقية، إضافات ليست في مقدور العلوم الأخرى، شريطة أن يستخدم أداة لخدمة المنطق، لا أن يكون سيفا له)().

- يقول جون ديوي: كيف نحكم ضبط المشكلة الحقيقية عند تكونها أحكاما يكفل للأبحاث التالية أن تسير نحو حل لها؟ أي كيف نحدد المشكلة؟
أولى خطوات الإجابة على هذا السؤال هي: أن نعلم بأن الموقف، ان كان غير متعين على الإطلاق، كان محالا علينا أن نحوله إلى مشكلة ذات مقومات محددة المعالم. إذا، فالخطوة الأولى، هي ان نستخرج من الموقف القائم تلك المقومات، التي تكون مقررة للأوضاع، من حيث هي مقدمات، فمثلا لو دق صوت ينذر بشبوب نار في قاعة مزدحمة، كان هناك عندئذ أشياء كثيرة غير متعينة، مما يتصل بأنواع النشاط التي يجوز ان تنتج نتيجة مناسبة للوقف، فقد يجوز أن يؤدي الأمر بأحد الحاضرين إلى النجاة، كما يجوز له ان يداس، ويخنق، ومع ذلك فللنار ما يميزها من الخصائص المعروفة، فهي مثلا معلومة المكان والمماشي وأبواب الخروج معلومة الأوضاع، وما دامت هذه الأشياء مقررة ومحددة بالقياس إلى الوجود الخارجي، كانت الخطوة الأولى بعدئذ في إقامة المشكلة: هي أن نضع تلك الأشياء في إطار المشاهدة وضعا معلوما، وسيكون إلى جانبها عوامل أخرى هي من المقومات المشاهدة أيضا، على رغم أنها ليست كالسابقة من حيث ثباتها الزمني والمكاني، مثال ذلك سلوك وحركات سائر الأفراد الحاضرين. وكل هذه الظروف المشاهدة مأخوذة معا تكون وقائع الحالة وحين تكون عناصر المشكلة، لأنها هي الظروف التي لابد ان نحسب حسابها، أو ان نأخذها بعين الاعتبار في أي حل يطرق ببالنا مما يتصل بالمشكلة القائمة.

وبتحديدنا للظروف الواقعية التي نجمعها في نطاق المشاهدة يعرض لنا حل ممكن للمشكلة التي نكون بصددها. ويسمي جون ديوي الوقائع التي تشترك في تحديد المشكلة بوقائع إجرائية. ثم يفسر ذلك بالقول: ثم ماذا نعني بقولنا عن الوقائع إنها إجرائية؟ نعني من الناحية السلبية، أنها ليست مكتفية بذاتها، ولا هي كاملة في ذاتها، بل إنها لتختار وتوصف. كما رأينا ابتغاء غرض مقصود الا وهو وضع المشكلة المتضمنة، على نحو يجعل مادتها تدل على معنى له علاقة بغرض الإشكال القائم من جهة، ويعين على اختيار قيمته وسلامته من جهة أخرى. ففي البحث، ذي الخطة المدبرة، تختار الوقائع وترتب لغرض صريح، وهو ان تؤدي هذه المهمة، فليست هي مجرد نتائج عن إجراءات المشاهدة، التي نجريها بوساطة أعضاء الحس في أجسامنا، وما يساعدها من أدوات صناعية، بل هي: وقائع بصفاتها الخاصة، وبأنواعها الخاصة، التي قصد بها ان ترتبط إحداها بالأخرى، ارتباطات معينة تتطلبها، بغية الوصول إلى نهاية معينة، ولذلك قررنا ان نسقط منها ما نجده غير مرتبط بغيره في تلك النهاية المقصودة.

وليس الإطار، الذي نحدد ضمنه مشكلتنا في البحث، هو الإطار الصغير، الذي يحتوي على المشكلة الفعلية التي ندرسها، وإنما بالإضافة إلى هذا الإطار، يجب أن يكون إطارا عاما، يحتوي على سلسلة المشاكل جميعا في وحدة تمنح الدراسة شيئا من التماسك والتفاعل والتحديد. بهذا المعنى يخلق لنا جو أوسع للبحث؛ نستطيع أن نربط من خلاله المشاهدات المتباعدة نوعا ما ببعضها، في ذلك يقول ديوي: كلما فض وجها من وجوه المشكلة خلق له سيرا معينا في العمل، قام وجه آخر على صورة شيء جديد أو حادثة جديدة، فلو لم تكن الحلقات المتشابهة منطوية تحت موقف شامل، له من الطابع الكيفي ما يتغلغل في تلك الحلقات كلها، ويمسكها معا، لكان نشاط العامل في صناعته، قفزات وانتقالات تخلو من المعنى(). يجب أن يكسب اختيار الموضوع، ذي المغزى العلمي الاجتماعي، عن عضوي الجسارة والاستعداد لعمل بعض التضحيات للوصول إلى الهدف، ويجب أن يكون متدرجا حيث يجب تعلم ألف باء العلم قبل ان نحاول الوصول إلى القمة.



حينما نريد أن نبحث عن الحقيقة، يجب أن نجعل أنفسنا تلاميذا صغارا لها، ونطور أفكارنا وفق طبيعة الحقيقة التي نحاول فهمها. ولأن حقائق الحياة هي مزيجة من التركيب والتحليل، بمعنى أنها في ذات الوقت التي هي واحدة، من ناحية التركيب، فإنها أيضا متنوعة، بسبب أنها مختلفة، بعض أجزائها عن بعض، (للجزئيات التي تشترك في تكوين الحقيقة) ولأن الحقائق التي نريد كشفها من الحياة كذلك، فإن البحث عنها، يجب ان يراعى فيه أيضا هذا المزيج من التركيب والتحليل. أما لو طغى التحليل أو التركيب، على البحث، فإنه سيكون بحثا غير سليم، ويورط صاحبه في أخطاء. ذلك لأن الحياة ليست بحيث نستطيع تركيز الانتباه ـ بشدة بالغة ـ إلى جزئياتها، دون أن نولي أي اهتمام إلى طبيعة التركيب فيها، ومعرفة ان كل شيء فيها إنما يعيش في جو معين يؤثر فيه كما يتأثر به. وليست الحياة ـ من جهة ثانية ـ كتلة واحدة، ذات صبغة واحدة، دون ان يكون لأجزائها أي سمة خاصة وأي تأثير منفرد. ولأن طائفة من الباحثين ركزوا انتباههم إلى جانب التجزؤ من الحياة أهملوا سمات كثيرة ليست هي الا نتيجة التركيب. ولأن طائفة أخرى عكسوا، فإنهم نسوا أي دور للجزئيات، وأصدروا (أحكاما كلية كاسحة). وكلاهما أخطأ، والذي أصاب: هو الذي راعى القصد بين التركيب والتحليل، ولم يمل نفسيا إلى أي جانب، على حساب الجانب الثاني.
وفي ما يلي نعرض مثالا على هذه التجزئة يذكره جون ديوي بقوله: وإنه لجدير بالذكر ان الاستطراد في النزعة نحو التجزئة، التي كان ينزعها (المذهب التجريبي) التقليدي قد أدى ـ عند تطبيق تلك النزعة نحو التجزئة على المجال الاجتماعي ـ إلى فردية ذرية فككت كل الروابط الداخلية التي تربط الأفراد في مجتمع واحد، ولم تدرك سوى المصلحة الشخصية تسيّر الأمور الاقتصادية، والقسر يسيّر الشؤون السياسية، لكي يتماسك أفراد الناس في جماعة واحدة. وإنا لنرى في المجال الاجتماعي، بوضوح: كيف أن المذهب التجريبي المقتصر على جانب واحد من الحقيقة، يستثير قيام مذهب عقلي، يقتصر هو الآخر على جانب واحد من الحقيقة، ويزوده بحججه الرئيسية، ذلك أن رد الفعل المنطقي للفردية الذرية، هو قيام نظريات عضوية في الدولة، تطوي العلاقات الرئيسية الإنسانية كافة، تحت محور السياسة، ولقد هيأت هذه الفلسفة أساسا يقوم عليه، إحياء السلطة المستبدة، وخلقت الأسس النظرية، التي تستند إليها، الدول المستبدة الحديثة، على أن اشتباك النظريات الديمقراطية في الدولة، كما قد عرفت تلك النظريات في التاريخ بالذرية الفردية القديمة ـ قد كانت من جهة أخرى مصدرا رئيسيا ـ لما أخذ يتزايد من ضعف المجتمعات الحرة، قومية كانت تلك المجتمعات، أو محلية)().
جون ديوي يفصل القول في الذوق الفطري تاريخيا، وقد يلقي ذلك ضوءا على كيفية الاستفادة منه، فيقول (بتلخيص): في عهد اليونان كانوا يقسمون العلوم نوعين، الأول: العلوم السامية، التي يشتغل بها الحكماء والفلاسفة، الثاني: العلوم الدانية، التي يقوم بها أهل الحرف والسوقة، ولم يكن النوع الثاني جديرا عندهم باسم العلم فكانوا يسمونه صناعة، أو فنا، أو حيلة، لأنه كان يعالج المواقف المشكلة، وهي متغيرة، والعلم إنما عندهم ما يعالج المبادئ العامة، التي لا تتغير. بلى حين ترتفع هذه الصناعات عن مستوى معالجة المواقف الخاصة المتغيرة، ويعني بالمبادئ المطلقة، كانت جديرة باسم العلم. ثم بدأ العلم الحديث، يربط بين العلم والعمل، ويرى: أن العلم الذي يعالج المواقف المشكلة ويساعدنا على حلها عمليا، هو العلم الوحيد الجدير باسم (العلم)()ويستنتج ديوي من كل ذلك، أن الذوق والعلم وجهان لعملة واحدة، وأنه في يومنا هذا أصبح التذوق، أكثر علمية كما أصبح العلم أقرب إلى الذوق (أي إلى الفائدة العلمية) ومن هنا تتم الاستفادة من الذوق الفطري، علميا حين نجعله طريقا إلى إيجاد مشكلة، وبالتالي طريقا إلى التفكير العلمي لحلها.
ويكون الذوق بذلك، المرحلة المتقدمة من العلم المرتجل، فهي مرحلة التحسس بالموقف المشكلوالذي يؤدي إلى الحل الذي يتطور بدوره إلى حل علمي.
فالإنسان يبدأ بتذوق الأشياء، قبل ان يبدأ بتفهمها، وشيئا فشيئا، يتحول الذوق إلى التفكير، ويتحول الاختيار الساذج إلى الا بداع والإبتكار، وهذا التحول يحدث كلما زادت معلومات الإنسان الدقيقة، ونظراته الواضحة. وأبسط مثال لذلك نجده في السياسة، فقديما كان السياسيون، يختارون آراءهم بالذوق، وحسب الحاجة العملية الملحة. فعندما كانت تواجه السياسي مشكلة كان يطرق برأسه إلى الأرض، ويستعرض شريط الأحداث التي ترتبط بموضوعه (طبعا كانت تتم معرفة ارتباط الأحداث بموضوعه، واختياره لها، بالبداهة، أي بالذوق الفطري. أيضا) وبعد لحظات تفكير سريع، وغامض، كان يرفع رأسه ويتخذ قرارا. ولكن اختلف الوضع، في الدول المتقدمة اليوم، حيث لا يتم الاختيار ذوقيا، وانما علميا، حيث يجتمع الخبراء، ويستعرضون صورة الأحداث التي يختارونها بدقة، وبمقاييس علمية ثم يأخذون بتقييمها معا تقييما منهجيا، وربما استعانوا بالعقول الاليكترونية ثم يقررون ما شاؤوا، ماذا اختلف من القديم إلى الحديث؟ وهل كانت السياسة في القديم ذوقا، وأصبحت علما؟ إنما اختلفت طريقة التفكير في مرحلته. فبينما كان مستوى التفكير قديما متدنيا، ومرتجلا، ومتسرعا، أصبح اليوم مستوى رفيعا ومتقدما وساميا. وبؤرة الفرق كانت التفكير الغامض ففي القديم كان التفكير يتم بسرعة وفي منطقة اللاوعي، حيث يتم اختيار الأحداث، وتقييمها بسرعة، وبحيث لا يستطيع صاحبها متابعة سيرها، وكان أسرع الناس بديهة هو أكثرهم علما، إذ ان القضية كانت ترتبط بسرعة البديهة، وكانت وصية الحكماء تقول: إذا أردت اختيار أمر صعب، فنم عليه، إذ ان النوم ـ لا اليقظة ـ كان كفيلا بتشغيل منطقة اللاوعي في الفكر البشري ومجموع هذه الأمور سمي ذوقا. أما اليوم فإن التفكير يتقدم خطوة خطوة، وفي الطريق المستقيم الظاهر الصريح. والسؤال الأخير: هل انتهى دور الذوق في حياة الإنسان؟ والجواب: بالطبع لا، إذ أولا: لا يمكننا أن نختار

كل شيء في حياتنا بالتفكير المنهجي الواضح، لتباطؤ هذا التفكير، ولسرعة الحياة، وإلحاح المواقف إلى قرارات مستمرة. وثانيا: لم يزل العلم غير قادر على لملمة جوانب المواضيع كلها حتى يتم البحث بمنهجية تامة في كل مراحل التفكير السابقة على القرار ولذلك يحسم المرء كثيرا من الأمور المرتبطة بقراره، بصورة بديهية ذوقية.
ذلك لأن أية ظاهرة نريد دراستها، وتقييمها، بحاجة إلى معرفة ظواهر محيطة بها، ودراستها هي الأخرى تحتاج إلى معرفة ظواهر أخرى مرتبطة بكل واحدة منها، وهكذا تتسلسل حتى يضيع الفرد، ويتصل حدود البحث إلى مناطق المجهول، التي لا يحسمها سوى الحدث أو (الذوق الفطري) فمثلا في السياسة، يصل التعقيد، والتشابك بين الأحداث حدا يستحيل على العقول الآلية فضها، ويبقى على الخبير الاعتماد على ذوقه، وحدسه واجتهاده، الذي قد يخطئ، وقد يصيب. ولذلك ترى الخبراء يختلفون بدورهم في القضايا السياسية الهامة.

وما دام الإنسان لم يصل بعلمه إلى مستوى الكمال، يبقى بحاجة إلى الذوق الفطري، بل إن الذوق الفطري، يتقدم كل كشف علمي، وما الحدس الا نوع من الذوق الفطري.. ومن هنا لم يكن الاهتمام بالحدس، والذي هو المرحلة المتقدمة من الذوق الفطري من الوجهة السيكولوجية التي تتوصل إليها من مجالات التطبيق. وإذا كان الحدس هو وصول إلى حلول (صحيحة) أو تقاربية للمشكلات، تحت ظروف قلة المعلومات، (أو الحرمان منها بالطبع) فإن ذلك لا يعني أن هذه القدرة ليست لها أهمية حين تتوفر المعلومات، ويتيسر تبادلها فإن عصرنا الحاضر، يتميز في بعض المجالات بوفرة في المعلومات، إلى حد الانفجار، الذي لا يمكن للإنسان ان يحيط بها، مهما أوتي من وقت وجهد، وإمكانات. ولذلك فهو مضطر إلى اللجوء إلى (الملخصات) التي مهما بلغت دقتها لا توفر المعلومات الكافية فهو مضطر إلى العمل في ظروف نقصان المعلومات الأولية والأصيلة ويزداد الاعتماد على المصادر الثانوية.

إعداد : غياث النجار
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بلال موقاي
نائب المدير
نائب المدير
بلال موقاي

وسام الإداري المميز

البلد :
الجزائر

عدد المساهمات :
1216

نقاط :
1939

تاريخ التسجيل :
28/04/2012

الموقع :
https://twitter.com/mougay13

المهنة :
جامعة معسكر، الجزائر


المنطق عند جون ديوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنطق عند جون ديوي   المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2012-10-22, 22:33

المنطق عند جون ديوي 146868 المنطق عند جون ديوي 146868
المنطق عند جون ديوي 976116 المنطق عند جون ديوي 976116
المنطق عند جون ديوي 457241 المنطق عند جون ديوي 457241
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
بوبكري مصطفى
.عضو مميّز


القيمة الأصلية

البلد :
ادرار الجزائر

عدد المساهمات :
40

نقاط :
66

تاريخ التسجيل :
14/08/2012


المنطق عند جون ديوي Empty
مُساهمةموضوع: رد: المنطق عند جون ديوي   المنطق عند جون ديوي I_icon_minitime2012-11-18, 18:51

المنطق عند جون ديوي 463596 المنطق عند جون ديوي 850806
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

المنطق عند جون ديوي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

 مواضيع مماثلة

-
» دور المنطق العربي في تطوير المنطق المعاصر
» عن المنطق...
» المنطق والنحو
» دروس في علم المنطق
» عبدالهادي الفضلي مذكرة المنطق

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين  :: منتديات الفلسفة والمنطق (جديد) :: منتدى المنطق والحجاج والجدل والمناظرة (جديد)-
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين على موقع حفض الصفحات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم


المنطق عند جون ديوي 561574572

فانضموا إليها

Computer Hope
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
سحابة الكلمات الدلالية
اللغة البخاري بلال ظاهرة مجلة المعاصر العربية اسماعيل مبادئ قواعد النص محمد النقد الخطاب كتاب ننجز الحذف على الخيام اللسانيات مدخل الأشياء العربي النحو التداولية موقاي


حقوق النشر محفوظة لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها

Powered by phpBB© 2010

©phpBB | منتدى مجاني | منتدى مجاني للدعم و المساعدة | التبليغ عن محتوى مخالف | ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية | آخر المواضيع