عندى أعاجيب أرويها بلا كذب ـــ على العيان فكنونى أبا العجب
رأيت ياقوم أقـواما غذاؤهم ــــ بول العجوز وماأعنى ابنة العنب
ومسنتين من الأعراب قوتهم ـــ إن يشتووا خرقة تغنى من السغب
وقادرين متى ماساء صنعهم ـــ أو قصروا فيه قالوا الذنب للحطب
وكاتبين وما خطت أناملـهم ـــ حرفا ولا قرأوا ما خط فى الكتب
وتابعين عقابا فى مسيرهـم ـــ على تكمّيهم فى البيض واليلـب
ومنتدين ذوى نبل بدت لهم ـــ نبيلة فانثنـوا منها إلى الهـرب
وعصبة لم تر البيت العتيق وقد ـــ حجت جثيا بلا شك على الركب
ونسوة بعدما أدلجن من حلب ـــ صبّحن كاظمة من غير ما تعب
ومدلجين سروا من أرض كاظمة ـــ فأصبحوا حين لاح الصبح فى حلب
ويافعـا لم يلامس قطّ غانيـة ـــ شاهدتـه وله نسل من العقـب
وشائبا غير مخف للمشيب بدا ـــ فى البدو وهو فتىّ السن لم يشب
ومرضعا بلبان لم يفـه فمـه ـــ رأيته فى شجــار بيّن السبب
وزراعا ذرة حتى إذا حصدت ـــ صارت غبيراء يهواها أخو الحطب
وراكبا وهو مغلول على فرس ـــ قد غلّ أيضا وما ينفك عن خبـب
وذا يد طلـق يقتـاد راحلـة ـــ مستعجلا وهو مأسور أخو كرب
وجالسا ماشيا تهوى مطيتـه ـــ به وما فى الذى أوردت من ريب
وحائكا أجذم الكفّين ذا خرس ـــ فإن عجبتم فكم فى الخلق من عجب
وذا شطاط كصدر الرمح قامته ــ صادفته بمنى يشكو من الحـدب
وساعيا فى مسرّات الأنام يرى ــ إفراحهم مأتما كالظلم والكـذب
ومغرما بمناجاة الرجال له ـــ وما له فى حديث الخلق من رأب
وذا ذمام وفت بالعهد ذمته ـــ ولا ذمام له فى مذهب العـرب
وذا قوى ما استبانت قط لينته ــ ولينه مستبين غير محتجـب
وساجدا فوق فحل غير مكترث ــ بما أتى بل يراه أفضل القرب
وعاذرا مؤلما من ظلّ يعذره ـــ مع التلطف والمعذور فى صخب
وبلدة ما بها ماء لمغتـرف ـــ والماء يجرى عليها جرى منسرب
وقرية دون أفحوص القطا شحنت ـــ بديلم عيشهم من خلسة السلب
وروثة قومت مالا له خطــر ـــ ونفس صاحبها بالمال لم تطب
وصحفة من نضار خالص شريت ــ بعد المكاس بقيراط من الذهب
ومستجيشا بخشخاش ليدفع مـا ـــ أظله من أعاديه فلم يخــب
وطالما مر بى كلب وفى فمه ـــ ثـور ولكنه ثـور بـلا ذنـب
وكم رأى ناظرى فيلا على جمل ــ وقد تورّك فوق الرحل والقتب
وكم لقيت بعرض البيد مشتكيا ـــ وما اشتكى قط فى جد ولا لعب
وكنت أبصرت كرازا لراعية ـــ بالدّوّ ينظر من عينين كالشهـب
وكم رأت مقلتى عينين ملؤهما ـــ يجرى من الغرب والعينان فى حلب
وصادعا بالقنا من غير أن علقت ــ كفّاه يوما برمح لا ولم يثـب
وكم نزلت بأرض لانخيل بها ـــ وبعد يوم رأيت البسر فى القلب
وكم رأيت بأقطار الفلا طبقا ـــ يطير فى القلب منصبا الى صبب
وكم مشايخ فى الدنيا رأيتهم ـــ مخلدين ومن ينجو من العطـب
وكم بدا لى وحش يشتكى سغبا ـــ بمنطق ذلق أمضى من القضب
وكم دعانى مستنج فحادثنـى ـــ فمـــا أخلّ وما أخللت بالأدب
وكم أنخت قلوصى تحت جنبذة ــ تظلّ ما شئت من عرب ومن عجم
وكم نظرت إلى من سر ساعته ــ ودمعه مستهـل القطر كالسحب
وكم رأيت قميصا ضرّ صاحبه ــ حتى انثنى واهى الأعضاء والعصب
وكم إزار لو أن الدهر أتلفـه ـــ لجف لبد حثيث السير مضطرب
هذا وكم من أفانين محبـبـة ـــ عندى ومن ملح تلهى ومن نخب
فإن فطنتم للحن القول بان لكم ـــ صدقى ودلكم طلعى على رطبى
وإن شدهتم فإن العار فيه على ـــ من لايميز بين العود والخشـب
تحياتى لجميع الأعضاء الكرام
عساه ينال إعجابكم
للأمانة الأبيات أبو محمد القاسم بن على الحريرى