من يزرع الشوك لا يحصد به العنب
كان أحمد رجلا معروفا بالبخل والشح في أمواله وفي عرقه، فهو لا يساعد أحدا من أبناء قريته إلا بعد أن يتأكد من أنه سيجلب النفع من عمله، ولم يره أحد قط يتصدق أو يعمل معروفا.
وفي نفس الوقت كان دائما يفتجر بأنه لا يحتاج إلى مساعدة الآخرين لأنه رجل غني، وما دام غنيا فانه استطاع ان يحصل على جميع ما أراده. وفي ذات يوم من الأيام فقد قدّر الله أن يذوق ثمرة سوء خلقه ورداءة طبعه. وكان ذلك اليوم يوما ممطرا والمطر ينزل بغزارة مقترنا بالعاصفة مما يعوق سائقي السيارات عن رؤية ما أمامهم بالوضوح. وفي ذلك الوقت أنه قد دخل بسيارته في طريق ضيق يكفي لمرور السيارات من جهة واحدة فقد. وعلى جانبي الطريق مزارج أشجار النارجيل التي يمتلكها. وفجأة سمع صوتا قويا مخيفا، وتوقفت سيارته مباشرة. ووجد أن العاصفة قد قلّعت شجرة من أشجار النارجيل وسقطت على كبوت سيارته الأمامي وأصيب محركها بالعطف الكبير.
ففزع أحمد بما حدث وارتجف. ولم يكن في حين من الأحيان يفكر أن الحادثة كهذه ستقع عليه. وبالرغم من ذلك، لم يحمد الله على نجاته، بل أبدى غضبه الشديد على الحالة الجوية السيئة السائدة في ذلك الوقت. وما زال المطر نازلا بالغزارة، ولم يحاول أحمد الخروج من سيارته، بل كان يأمل أن يأتي إليه أهالي القرية لمساعدته في مأزقه. ولكن فقد خاب أمله. لم يأت أحد لمساعدته، لقد جاء إلى مكان الحادثة عدد منهم حاملين معهم المظلات أو الأدوية بقصد إمداد العون والاسعاف إلى ركابها، وتركوه كما هو في سيارة المحطمة.
فانتبه أحمد الى سوء معاملته للناس وعدم مساعدته لهم عند حاجتهم إليه، وندم على ذلك، فخرج من السيارة ومشى الى بيته الواقع على بعد كيلومترمن مكان الحادثة. وقد أدرك أخيرا أن من يزرع الشوك لا يحصد به العنب.