أم هدى *
البلد : الأردن عدد المساهمات : 3 نقاط : 7 تاريخ التسجيل : 15/10/2010
| موضوع: الأسلوبية ......................للفائدة 2010-12-19, 17:29 | |
| المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية اللغة العربية قسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي
الأسلوبية دراسة وتطبيق
إعداد الدارس :عبد الله بن عبد الوهاب العمري السنة المنهجية للماجستير بقسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي
أستاذ المادة : أ.د.سعد أبو الرضا عضو هيئة التدريس بقسم البلاغة والنقد ومنهج الأدب الإسلامي
1428هـ
خطة البحث: - المقدمة : وفيها تحدثت عن أهمية الموضوع والهدف ووصف للمراجع والمصادر والصعوبات التي واجهتني والدراسات السابقة ثم الشكر لمن يستحقه . - التمهيد : وفيه تحدثت عن مفهوم الأسلوب قديما وحديثا ثم تحدثت عن مفهوم الأسلوبية ثم وضحت الفرق بينهما . - الفصل الأول الدراسة وفيه أربعة مباحث: - المبحث الاول : نشأة الأسلوبية . - المبحث الثاني : مبادئ الأسلوبية . - المبحث الثالث: اتجاهات الأسلوبية ومناهجها. - المبحث الرابع : البلاغة والأسلوبية . - الفصل الثاني : التطبيق وفيه حللت قصيدة ابن زيدون"ما على ظني باس" على الطريقة الأسلوبية. - الخاتمة وفيها أهم النتائج . - الفهارس : المصادر والمراجع –المواضيع .
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثير وبعد : فقد تعددت الاتجاهات النقدية في العصر الحديث وأصح التطور في مناهج النقد أمر ملحوظ وملموس بكثرة خاصة عند الأوروبيين وكان علينا نحن العرب أن نلحق بالركب ونرفع من شأن لغتنا لأنها هي أحق اللغات بالتطوير والتجديد كيف وهي لغة القرآن؟! وقد كان من أهم المناهج الغربية في النقد منهج الأسلوبية وهو ما سندرسه في هذا البحث ونطبق عليه وقد اخترت هذا الموضوع بالذات لما تتميزت به الأسلوبية في نظرتها الشاملة للنص ودراسته كلا كاملا من غير تجزئة , وأرجو أن أوفق في تسهيل أمر هذا المنهج وتيسيره لنفسي أولا ثم لكل من قرأ هذا البحث , وقد وجدت هذا الموضوع غنيا بالمراجع والمصادر فقد كثرت فيه الدراسات على اختلافها وتنوعها بين الصعوبة والسهولة والشمول والجزئية ومن أهما كتاب عبدالسلام المسدي الأسلوب والأسلوبية ولكنه كان صعب الفهم وقد تعبت في قراءته وفهمه كما أنه ركز على الجانب التاريخي كثيرا . وكذالك كتاب د. شكري عياد مدخل إلى علم الأسلوب وكتاب أ.د. سعد أبو الرضا النقد الأدبي الحديث وكتاب أ.محمد اللويمي في الأسلوب والأسلوبية. والذي أرجو أن أقدمه في هذا البحث هو تبسيط وتسهيل هذا المنهج حتى يتيسر فهمه وتطبيقه . وفي الختام لا يسعني إلا أن أتقدم بالشكر الجزيل لأستاذنا العزيز أ.د.سعد أبو الرضا الذي كلفني بهذا البحث أسأل الله أن يبارك في عمره وعلمه وأن ينفعنا به . وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
الفصل الأول : الدراسة . المبحث الأول : مفهوم الأسلوبية : تعددت تعريفات العلماء للأسلوبية وتنوعت وبينها تباين من حيث الصياغة والمنطلقات وهي مستوحاة من الأسلوب ولعنا نأخذ لمحة تاريخية عن هذا المصطلح . لقد عرف مصطلح الأسلوب قديما عند العرب كما عرف عند غيرهم وهو في المعجم العربي يعني: السطر من النخيل وكل طريق ممتد , والأسلوب هو الطريق والمذهب , والجمع أساليب . وقد استخدم علماء العربية هذا اللفظ في دلالات اصطلاحية متعددة , فقد ذكر ابن قتيبة مصطلح الأسلوب في قوله :"إنما يعرف فضل القرآن من كثر نظره واتسع علمه وفهم مذاهب العرب وافتنانها في الأساليب ". كما ذكره الخطابي في معرض حديثه عن إعجاز القرآن "وهنا نوع من الموازنة وهو أن يجري أحد الشاعرين في أسلوب من أساليب الكلام وواد من أوديته ويقول الباقلاني في حديثه عن الإعجاز أيضا :"وقد بينا في الجملة مباينة أسلوب نظم القرآن جميع الأساليب ومزيته عليها في النظم والترتيب " . والذي يظهر من سياق كلامهم أنهم لا يستخدمون مصطلح الأسلوب بالمعنى المستخدم الآن وإنما يعنون به الطريقة الخاصة في النظم والسمة المميزة لكلام عن كلام آخر وهذا يفيدنا أن أصل اللفظ وشيء من المعنى كان موجودا عند علمائنا الأوائل قديما . وقد تطرق عبد القاهر الجرجاني للأسلوب فقال في تعريفه:فقال هو" الضرب من النظم والطريق فيه " كما تعرض له الحازم القرطاجني وابن خلدون وهذا كله مما يؤكد وجود أصل هذا المصطلح قديما . أما عن الأسلوب عند الأوروبيين قديما فقد كان من عهد أرسطو ومن بعده وكانت تستخدم أصلا للقلم والريشة ثم استخدمت لفن النحت العمارة ثم دخلت في مجال الدراسات الأدبية , حيث صارت تعني أي طريق خاص لاستعمال اللغة بحيث تكون هذه الطريقة صفة مميزة للكاتب أو الخطيب . أما عن الأسلوب في العصر الحديث فإنه يعرّف بعدة تعريفات نظرا لتعدد الاعتبارات وهي على النحو الآتي : 1- باعتبار المرسل أو المخاطِب: هو التعبير الكاشف لنمط التفكير عند صاحبه ولذلك قالوا الأسلوب هو الرجل . 2- باعتبار المتلقي والمخاطب : هو سمات النص التي تترك أثرها على المتلقي أيا كان هذا الأثر . 3- باعتبار الخطاب : هو مجموعة الظواهر اللغوية المختارة الموظفة المشكلة عدولا , وما يتصل به من إيحاءات ودلالات .
أما عن الأسلوبية في العصر الحديث : فهي كما يقول مؤسسها الأول شارل بالي : علم يعنى بدراسة وقائع التعبير في اللغة المشحونة بالعاطفة المعبرة عن الحساسية . ويقول عبد السلام المسدي عن هذا المصطلح أنه مركب من جذر " أسلوب " ولاحقته "ـته" فالاسلوب ذو مدلول إنساني ذاتي واللاحقة تختص بالبعد العلماني العقلي الموضوعي . وعرفها جاكبسون : بأنها بحث عما يتميز به الكلام الفني عن بقية مستويات الخطاب أولا عن سائر أصناف الفنون الإنسانية ثانيا . وقد حاول أحد الباحثين أن يجمع هذه التعريفات في تعريف واحد فقال: هي جملة الصيغ اللغوية التي تعمل على إثراء القول وتكثيف الخطاب وما يستتبع ذلك من بسط لذات المتكلم وبيان التأثير على السامع. ومن هنا يتضح لنا الفرق بين الأسلوب والأسلوبية (علم الأسلوب) وهي كما يلي : الأسلوب وصف للكلام , أما الأسلوبية فإنها علم له أسس وقواعد ومجال . الأسلوب إنزال للقيمة التأثرية منزلة خاصة في السياق , أم الأسلوبية فهي الكشف عن هذه القيمة التأثرية من ناحية جمالية ونفسية وعاطفية . الأسلوب هو التعبير اللساني والأسلوبية دراسة التعبير اللساني . ملحوظة:من العلماء من قال بأن مصطلح"علم الأسلوب" مرادف للأسلوبية ومنهم من فرق فقال بأن علم الأسلوب يقف عند تحليل النص بناء على مستويات التحليل وصولا إلى علم بأساليبه . أم الأسلوبية فهي تتجاوز النص المحلل المعلومة أساليبه إلى نقد تلك الأساليب بناء على منهج من مناهج النقد المعروفة , ولكن الذي يظهر أن الفرق بينهما ضئيل جدا وأنهما يلتقيان في كثير من الجوانب .
المبحث الثاني : نشأة الأسلوبية : كانت البداية للأسلوبية قديما عند العالم السويسري فرديناند دي سوسير , الذي أسس علم اللغة الحديث وفتح المجال أمام أحد تلاميذه ليؤسس هذا المنهج وهو شارل بالي 1865-1947م فوضع علم الأسلوبية كجزء من المدرسة الألسنية , وأصبحت الأسلوبية هي الأداة الجامعة بين علم اللغة والأدب وبذلك فقد ارتبطت نشأة الأسلوبية من الناحية التاريخية ارتباطا واضحا بنشأة علوم اللغة الحديثة . ثم إن الأسلوبية كادت أن تتلاشى لأن الذين تبنوا وصايا بالي في التحليل الأسلوبي سرعان ما نبذوا العلمانية الإنسانية ووظفوا العمل الأسلوبي بشحنات التيار الوضعي فقتلوا وليد بالي في مهده ومن أبرز هؤلاء في المدرسة الفرنسية ج.ماروزو ,ولكن الحياة عادت إلى الأسلوبية بعد عام 1960م حيث انعقدت ندوة عالمية بجامعة آنديانا بأمريكا عن( الأسلوب ) ألقى فيها ر.جاكبسون محاضرته حول الألسنية والإنشائية فبشر يومها بسلامة بناء الجسر الواصل بين الألسنية والأدب . وفي سنة 1965م ازداد الألسنيون اطمئنانا إلى ثراء البحوث الألسنية واقتناعا بمستقبل حصيلتها الموضوعية عندما أصدر ت.تودوروف أعمال الشكليين الروسيين مترجمة إلى الفرنسية .
المبحث الثالث : مبادئ الأسلوبية : الاختيار: وهو من أهم مبادئ علم الأسلوب لأنه يقوم عليه تحليل الأسلوب عند المبدع , ويقصد بها العملية التي يقوم بها المبدع عندما يستخدم لفظة من بين العديد من البدائل الموجودة في معجمه فاستخدام هذه اللفظة من بين سائر الألفاظ هو ما يسمى " اختيار" وقد يسمى "استبدال" أي أنه استبدل بالكلمة القريبة منه غيرها لمناسبتها للمقام والموقف . ويتصل بهذا المبدأ شيء آخر هو ما يسمى بـ" محور التوزيع " أو " العلاقات الركنية" ويقصد بها تنظيم وتوزيع الألفاظ المختارة وفق قوانين اللغة وما تسمح به من تصرف , وهذه العملية هي التي يسميها جاكبسون: إسقاط محور الاختيار على محور التوزيع . العدول : ويسمى "الانزياح " أو"الانحراف" كما سماه ابن جني قديما, أو كما سماه جاكبسون "خيبة الانتظار" , ولهذا المبدأ أهمية خاصة في علم الأسلوب حتى سماه بعضهم " علم الانحرافات " . وهذا المبدأ ينطلق من تصنيف اللغة إلى نوعين: - لغة مثالية معيارية نمطية متعارف عليها. - ولغة إبداعية مخالفة للنمط المعياري السابق. فالعدول هو: مخالفة النمط المعيار المتعارف عليه إلى أسلوب جديد غير مألوف عن طريق استغلال إمكانات اللغة وطاقاتها الكامنة . ويتضح في هذا التعبير شرط يضبط هذا العدول حتى لا يخرج عن الحد المقبول وهو أن يكون العدول في حدود ما تسمح به قواعد اللغة , وكذلك يجب أن يكون هذا العدول ذا فائدة فليس العدول غاية في ذاته إنما المقصود منه إثارة السامع وحفزه على التقبل .
المبحث الرابع : اتجاهات الأسلوبية ومناهجها : 1- الأسلوبية التعبيرية : ويقصد بها طاقة الكلام الذي يحمل عواطف المتكلم وأحاسيسه حيث أن المتكلم يحاول أن يشحن كلماته بكم كبير من الدلالات التي يظهر أثرها على المتلقي وهي ظاهرة تكثيف الدوال خدمة للمدلولات كما يسميها البعض ويعد بالي رائدا لهذا الاتجاه . 2- الأسلوبية البنائية : وهي امتداد لآراء سوسير في التفريق بين " اللغة " و" الكلام" كما تعد امتدادا لمذهب بالي في الأسلوبية التعبيرية الوصفية , وفقد طور البنائيون في بعض الجوانب وتلافوا بعض جوانب النقص عند سابقيهم حيث عايشوا الحركة الأدبية وهنا يكون التحليل الأسلوبي خاضعا لتفسير العمل الفني باعتباره كائنا عضويا شعوريا . 3- الأسلوبية الإحصائية : وهذا الاتجاه يعنى بالكم وإحصاء الظواهر اللغوية في النص ويبني أحكامه بناء على نتائج هذا الإحصاء . ولكن هذا الاتجاه إذا تفرد فإنه لا يفي الجانب الأدبي حقه فإنه لا يستطيع وصف الطابع الخاص والتفرد في العمل الأدبي , وإنما يحسن هذا الاتجاه إذا كان مكملا للمناهج الأسلوبية الأخرى . ويبقى أن المنهج الإحصائي أسهل طريق لمن يتحرى الدقة العلمية ويتحاشى الذاتية في النقد , فيجب أن يستخدم هذا المنهج كوسيلة للإثبات والاستدلال على موضوعية الناقد أي بعد أن نتعامل مع النص بالمناهج الأخرى التي تبرز جوانب التميز في النص .
4- منهج الدائرة الفيلوجية : وهو منهج يقوم بدراسة العمل الأدبي على ثلاث مراحل هي: الأولى: أن يقرأ الناقد النص مرة بعد مرة حتى يعثر على سمة معينة في الأسلوب تتكرر بصفة مستمرة . الثانية :يحاول الناقد أن يكتشف الخاصية السيكلوجية التي تفسر هذه السمة . الثالثة : يعود مرة أخرى إلى النص لينقب عن مظاهر أخرى لبعض الخصائص العقلية . فهذه المراحل الثلاث تشكل في هيئتها الدوران حول النص مرة بعد مرة ويعتبر سبتزر أول من طبق هذا المنهج على أعمال ديدرو ورواية شارل لويس . 5- أسلوبية الانزياح : وهي تقوم على مبدأ انزياح اللغة الأسلوبية عن اللغة العادية ويعرف الأسلوب على أنه انزياح عن المعيار المتعارف عليه, فهم يعتقدون أن الأسلوب الجيد هو الذي ينحرف عن اللغة الأصلية وطريقتها الاعتيادية على اختلافهم في مدى هذا الانحراف والانزياح فمنهم من يدعو إلى الخروج عن كل قواعد اللغة وهذا ما طبقه أهل الحداثة في أدبهم , والمعتدل منهم يقول أن الانزياح يكون في حدود قواعد اللغة حيث يكون الإبداع بسلوك طرق جديدة غفل عنها الآخرين لكنها لا تخالف قواعد اللغة أي النحو ويسميها كوهمين " الانتهاك " حيث أن المبدع يعتمد في إبداعه على اختراق المستوى المثالي في اللغة وانتهاكه. 6- الأسلوبية الأدبية : وهي تعنى بدراسة الأسلوب الأدبي بجانبيه الشكلي والمضموني , ويسعى أصحاب هذا الاتجاه إلى اكتشاف الوظيفة الفنية للغة النص الأدبي وذلك عن طريق التكامل بين الجانب الأدبي الجمالي الذي يهتم به الناقد , والجانب الوصفي اللغوي اللساني . وهذا هو الذي يميز هذا الاتجاه عن الاتجاه اللغوي الذي لا يهتم بالمعنى وغنما بالشكل والصياغة . 7- الأسلوبية التأثرية : وبنصب اهتمام هذا الاتجاه على المتلقي وقياس تأثيرات النص عليه من خلال استجابته وردود فعله , حيث إن المتلقي له الحق في توسيع دلالات النص من خلال تجربته هو .
المبحث الرابع : الأسلوبية والبلاغة : هناك أوجه اتفاق كثيرة بين علم الأسلوب وعلم البلاغة كما توجد أوجه اختلاف , ولعل الوقوف على هذه الفروق يوضح لنا ويجلي مدى العلاقة والاتصال بين علم الأسلوب والبلاغة . فأما أوجه الاتفاق فهي كما يأتي : 1- أن كلا منهما نشأ منبثقا من علم اللغة وارتبط به . 2- أن مجالهما واحد وهو اللغة والأدب. 3- علم الأسلوب استفاد كثيرا من مباحث البلاغة مثل علم المعاني والمجاز والبديع وما يتصل بالموازنات بين الشعراء وأساليبهم الفردية . 4- كما أنهما يلتقيان في أهم مبدأين في الأسلوبية هما: العدول والاختيار. 5- يرى بعض النقاد أن الأسلوبية وريثة البلاغة وهي أصل لها. 6- تلتقي الأسلوبية مع البلاغة مي نظرية النظم , حيث لا فصل بين الشكل والمضمون كما أن النص لا يتجزأ . 7- البلاغة تقوم على "مراعاة مقتضى الحال" والأسلوبية تعتمد على "الموقف" وواضح ما بين المصطلحين من تقارب . أما أوجه الاختلاف فهي على النحو الآتي : 1- علم البلاغة علم لغوي قديم أما علم الأسلوب فحديث. 2- البلاغة تدرس مسائلها بعيدا عن الزمن والبيئة أما الأسلوبية فإنها تدرس مسائلها بطريقتين : - طريقة أفقية . أي علاقات الظواهر بعضها ببعض في زمن واحد . - طريقة رأسية . أي تطور الظاهرة الواحدة على مر العصور. 3- عندما تدرس البلاغة قيمة النص الفنية فإنها تحاول أن تكشف مدى نجاح النص المدروس في تحقيق القيمة المنشودة , وترمي إلى إيجاد الإبداع بوصاياها التقييمية . أما الأسلوبية فإنها تعلل الظاهرة الإبداعية بعد إثبات وجودها وإبراز خواص النص المميزة له. 4- من حيث المادة المدروسة فالبلاغة توقفت عند الجملتين كحد أقصى في دراستها للنصوص , كما أنها تنتقي الشواهد الجيدة وتجزئها . أما الأسلوبية فتنظر إلى الوحدة الجزئية مرتبطة بالنص الكلي وتحلل النص كاملا. 5- البلاغة غايتها تعليمية ترتكز على التقويم , أما الأسلوبية فغايتها التشخيص والوصف للظواهر الفنية . وبعد هذه المقارنة بين البلاغة والأسلوبية يتضح لنا أنه لا تعارض بينهما وأن الأسلوبية استفادت من البلاغة كثيرا بل إن الأسلوبية لم تنهض إلا على أكتاف البلاغة ولكنها تقدمت عليها في مجال علم اللغة الحديث ولو أن هذا التقدم لا يصعب على البلاغة أن تحوزه إذا ما استفادت من مبادئ وإجراءات علم اللغة الحديث وعلم الأسلوب والمناهج الألسنية بعامة . بل إن البلاغة وبما تملكه من إمكانات علمية ثابتة وقواعد راسخة وما بذله لها علماء البلاغة قديما وحديثا قادرة على خلق نظرية حديثة متطورة تفوق كل النظريات السابقة إذ ما التزمت بأساسها واستفادت من التطور العلمي الحديث ويظهر هذا فيما قدمه عبد القاهر الجرجاني للبلاغة من تطور بنظريته المشهورة التي قفزت بالبلاغة إلى درجات لم تصل إليها اللغات الأخرى إلا في هذا العصر فلو وجدت البلاغة من يكمل المسير الذي سار عليه عبد القاهر لما تأخرت في هذا العصر وبقيت مرمى سهام الحاقدين على العربية وأهلها . وإن أي علم يتخلف عن مواكبة تطور العلوم وتقدمها فإنه يتقادم ويذبل أمام بهرجة الحديث وإغراءه خاصة إذا وجد من يتبناه من الباحثين والعلماء المتمكنين .
الفصل الثاني : التطبيق : تحليل لقصيدة ابن زيدون : ما على ظني باس ربما أشرف بالـــــــمر ولقد ينجيـــــــــــك إغفا والمحـــــــاذير سهــــــــام ولكم أجــــدى قـعــود وكــــذا الــدهــــــــر إذا ما وبنــو الأيـــــام أخــيــــا نلبـــس الـــدنيــــا ولكـــــن يجـــرح الـــدهر وياس ء على الآمـــــــال يــــاس ل ويــــرديك احتـــراس والمقـــــادير قيـــــاس ولكـــم أكـــــدى التمــــاس عــــز نــــاس ذل نـــــاس ف : ســـــراة وخســـاس متعــــة ذاك اللبـــــاس
المستوى التركيبي : - افتتح الشاعر القصيدة بحرف النفي (ما) وهذا ينبئ عن محتوى القصيدة وكأنه عنوان لها ومفتاح يطلعنا به عن حالته النفسية الرافضة للحالة التي هو عليها وكأنه ينفي عن نفسه كل التهم التي وجهت له ومن أجلها سجن وعذب , كما أنه ينفي عن نفسه الذل والهوان والخسة . - كما يظهر التضاد سمة غالبة على النص ومستمرة فيه فنجد: يجرح-ياس, آمال- يأس , ينجيك إغفال- يرديك احتراس , قعود- التماس, أجدى-أكدى ,سراة – خساس ,عزّ-ذلّ . وهذا يمثل لنا شعور الشاعر ونفسيته حيث كان اللائق به أن يكون بجوار الأمراء والوزراء فأصبح بجوار القيود والسلاسل , بعد أن كان يأمر وينهى أصبح يستجدي ويعتذر هذا التناقض بين الواقع والذي ينبغي أوقع الشاعر في حيرة فأخذ يقارن ويسلي نفسه بأن هذه صروف الدهر قد تفعل مثل هذا . - كما أن "ربما" في البيت الثاني تكمل هذا الاتجاه من الشاعر فلم يعد يعتمد على حقيقة وإنما أصبح كل شيء يحتمل العكس فالآمال الكبيرة قد تصبح في يوم من الأيام مدعاة لليأس والقنوط . - كما أن الشاعر تردد بين الجمل الاسمية والفعلية وزاوج بينها وكأنه يوحي بأن مكانته وشرفه ثابت لم يتغير وإنما هذه العوارض لن تلبث طويلا ويعود كل شيء كما كان كما هو حال الكرماء والأعزاء في كل عصر . - كما أن الشاعر بني قصيدته على جمل قصيرة جدا فنادرا ما يزيد على مسند ومسند إليه وربما لأن حالته النفسية والشعورية لا تحتمل التطويل والتفصيل وإنما يريد أن يفرغ ما بداخله من شكوى بسرعة وينتهي , كما أنه بهذه التفعيلات القليلة القصيرة يسلي عن نفسه بعض الشيء بإنشادها والترنم بها . ولعل هذا هو ما نفسر به اختياره لهذا البحر وهو مجزوء الرمل. المستوى التصويري : تعددت الصور في الأبيات فمنها قوله "يجرح الدهر ويأس" حيث جعل الدهر كالكائن الحي يجرح ويداوي وهي استعارة . "المحاذير سهام والمقادير قياس" وهنا تشبيه بليغ مركب حيث جعل ما يحذر منه سهام لأقواس القدر. "نلبس الدنيا " فيها مجاز , حيث إن الذي يلبس هو الثوب ونحوه ولكن الشاعر رمز بالدنيا إلى النعمة والمال والرخاء وهي مع الإنسان كاللباس يلبسها حين ويخلعها حين آخر .
المستوى الإيقاعي : يبدو في القصيد ظاهرة واضحة ومستمرة وهي الصفير سواء في حرف الروي السين أو في غيره في ثنايا الأبيات , وهذه الظاهرة الصوتية تتمم ما بنينا عليه القصيدة في مستواها التركيبي من ظاهرة الضغط النفسي والشعور بالظلم واليأس حيث إن الشاعر يجد في حرف السين نوع من التنفيس الذي يبث من خلاله شكواه وحسرته على ما كان عليه من العز والنعمة والجاه . كما أنّا نجد في حركة الروي "الضمة" معنى آخر وكأنه يتأوّه ويتوجع من همه وغمه وبقائه في السجن . ونجد من المظاهر الصوتية البارزة في الأبيات السابقة حسن التقسيم في قوله: " بنو الأيام اخياف : سراة وخساس " ونجد مع التقسيم اشتراك القسمين في حرف السين وفي عدد الحروف . كما نجد الجناس غير التام في "المحاذير- المقادير" و" باس- ياس". والجانب الإيقاعي في القصيدة ذا أهمية كبيرة وقليل من الشعراء من يهم به فإن الجرس إذا كان منضبط ورنان فإنه يشد السامع ويغريه خاصة إذا توافق الإيقاع والمضمون والغرض وما إلى ذلك من التناسب المحمود .
الخاتمة : الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد : فهذا ما تيسر إعداده وتهيأ إيراده والله أسأل أن ينفع به الباحث والقارئ وأن ييسر لنا طريق العلم ويوفقنا فيه وقبل ختام هذا البحث فإني ألمح إلى بعض ما استنتجت في هذا البحث وهي على النحو الآتي: - أن الأسلوبية تطور للأسلوب الذي كان عند سوسير . - أن علم الأسلوب مصطلح مرادف للأسلوبية مع أن بعض العلماء فرق بينهما تفريق بسيط . - أن البلاغة لا يمكن أن تتعارض مع الأسلوبية بل تتكامل وتتعاضد. - أن البلاغة العربية قادرة على الرقي أى مستوى الأسلوبية وأكثر إذا جددنا في وجعلناها تواكب التطور اللغوي . - أن تعدد المناهج الأسلوبية كان نتيجة اختلاف النظرة إلى هذا العلم فمنهم من ينظر من زاوية المبدع ومنهم من ينظر من جهة المتلقي وهكذا .
هذا والله أعلم وأحكم , وما كان من تقصير وخطا فمن نفسي والشيطان وما كان من صواب فبتوفيق من الله وحده وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
كتبه : عبد الله بن عبد الوهاب العمري
ثبت المصادر والمراجع م اسم الكتاب المؤلف البيان 1 الأسلوب والأسلوبية عبد السلام المسدي الدار العربية الكتاب, تونس 2 لسان العرب, ابن منظور دار صادر ,بيروت,ط1 , 2000م 3 اللغة والإبداع مبادئ علم الأسلوب , شكري عياد الطبعة الأولى 1988م. 4 دلائل الإعجاز, . عبد القاهر الجرجاني تحقيق محمود شاكر ,مكتبة الخانجي القاهرة 1404هـ 5 الأسلوب والأسلوبية بين العلمانية والأدب الملتزم بالإسلام د.عدنان النحوي دار النحوي ,ط1 ,1419هـ 6 النقد الأدبي الحديث أسسه الجمالية ومناهجه المعاصرة روية إسلامية أ.د.سعد أبو الرضا ط2, 1428هـ 7 في الأسلوب والأسلوبية محمد اللويمي مطابع الحميضي ط1 8 الأسلوبية الرؤية والتطبيق أ.د.يوسف أبو العدوس دار المسيرة ط1, 1427هـ 9 مدخل إلى علم ألأسلوب , شكري عياد دار العلوم,ط1, 1402 10 الاتجاه الأسلوبي في النقد د. شفيع السيد دار الفكر العربي 11 البلاغة والأسلوبية محمد عبد المطلب مكتبة لبنان للنشر ,ط1, 1994م 12 ديوان ابن زيدون شرح د.يوسف فرحات دار الكتاب العربيأحببت الإفادة لمن يبحث عن الأسلوبيةفهرس الموضوعات م الموضوع رقم الصفحة 1 خطة البحث 2 2 المقدمة 3 3 الفصل الأول 4 4 المبحث الأول 4 5 الأسلوب قديما وحديثا 5 6 مفهوم الأسلوبية 6 7 المبحث الثاني : النشأة 8 8 المبحث الثالث: المبادئ 9 9 المبحث الثالث : المناهج والاتجاهات 11 10 المبحث الرابع: الأسلوبية والبلاغة 14 11 الفصل الثاني : التطبيق 16 12 تحليل قصيدة ابن زيدون 16 13 الخاتمة 19 14 ثبت المصادر والمراجع 20 15 فهرس الموضوعات 21 [img][/img][b] |
|