عنوان الرسالة : المشتقات في ديوان امرئ القيس
(منقول من منتدى الإيوان)
الباحث: أ / سيناء محمد صالح الصياد
الدرجة العلمية: ماجستير
الجامعة: عدن
الكلية: التربية
القسم: اللغة العربية
تاريخ الإقرار: 2006


المقدمة:
الحمد لله على نعمه ، بأن جعل لُغَتَنَا لُغَةَ القرآن وكلاماً لأهلِ الجنانِ ، ونشهد أنَّ لا إله إلا الله وأنّ محمداُ رسول الله ونصلي ونسلّم عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد ..
فهذا الموضوعُ ( المشتقات في ديوان امرىْ القيس دراسة صرفية دلالية)كانت غايتي من دراسته وضع يدي على الجوانب الصرفية والدلالية لديوان شاعر عُرف ببراعته وحسن صياغته وجمال تصويره شاعر ابتدع المعاني وتطرّق لموضوعات لم يسبق إليها ، كما أنَّ الديوان يتميز بعراقة أصوله التي تنحدر من المنابع الصافية للغتنا ، إلى جانب أنّه يعد أحد المراجع الذي يستدلَّ بها عباقرة اللغة في شروحهم لمعاني القرآن والأحاديث النبوية الشريفة وكثير من المسائل الصرفية والنحوية والدلالية .


كل هذا حثّني على دراسته وأمرٌ آخر دفعني للإقبال على هذا الموضوع بالذات هو أنّ الديوان شرح عدة شروح ولكنه لم يدرس – على حد علمي- من الناحية الصرفية أو الدلالية . كوننا بحاجة ماسة لدراسة هذه المصادر دراساتٍ جديدة نوضح أين يكمن جمال تلك التعابير ، آثرت أن تكون دراستي صرفية دلالية لأمس المعاني التي يمكن أن تقودنا إليها بنية الكلمة وكيف وظفها الشاعر في النص ، علّي بذلك أقف على مواطن الجمال في التعبير .


( فاللفظ جسم ، روحه المعنى وارتباطه به كارتباط الروح بالجسم ، يضعف بضعه ، ويقوى بقوته ، فإذا سلم المعنى واختل بعض اللفظ كان نقصاُ للشعر ، وهجنة عليـه ، كمـا
يعرض لبعض الأجسام ممن العرج ( .... ) وكذلك أن ضعف المعنى واختل بعضه كان للفظ من ذلك أوفر حظٍ ، كالذي تعرض للأجسام من المرض بمرض الأرواح).

لهذا اخترتُ أنْ يكونَ موضوعُ البحث ( المشتقات في ديوان امرئ القيس دراسة صرفية دلالية ) عسى أنْ أجد ما يفيد مكتبتنا العربية ، ويؤازر الآراء التي سبقت أو يفندها . فتقدمت بهذا الموضوع إلى رئيس قسم اللغة العربية الدكتور محمد علي يحيى الذي عرضه مشكوراً على أساتذة اللغة فباركوا الموضوع بارك الله لهم ، وأعانهم وحفظهم ذخراً للعلم والمتعلمين .


لقد قمت بتناول المشتقات في الديوان من النواحي الآتية :
النظرية .
الإحصائية لصيغ الديوان .
التطبيقية لبعض شواهد الديوان .
الصرفية .
التحليلية .


وقد تمَّ ترتيب البحث على ثلاثة فصول : الفصل الأول :كان دراسة نظرية للمشتقات . والخطوة الأولى التي بدأت بها أن وقفت على مفهوم الصرف لماله من ارتباط وثيق بالاشتقاق ، وكان الباب للدخول إلى المسائل الاشتقاقية . فتناولت فيه معنى الصرف لغة ، ثم المعنى الاصطلاحي عند اللغويين والصرفيين . وكيف تدرج العلماء في إيضاح المعنى الاصطلاحي للصرف ، مروراً بأقسام الصرف ، ونقاط التقابل بينه وبين النحو ، ثم الفائدة المرجوة من الصرف .


ثم انتقلت للحديث عن الاشتقاق ، فاتبعت النسق الأول بأن أشرت إلى معنى الاشتقاق لغة ، فجمعت أقوال علماء اللغة في مادة ( شقق ) ومعناهـا فـي القرآن الكريم . ثم المعنى الاصطلاحي للاشتقاق عند العلماء فرتبت كل المفاهيم حسب أسبقية قائليها .مشيـرة إلـى
الشروط التي أجمع العلماء على توفرها في اللفظ المشتق واللفظ المشتق منه . من ثم انتقلت للحديث عن الأهمية المرجوة من الاشتقاق وما نجنيه منه .


وحاولت جاهدة إيضاح نقاط الالتقاء والاختلاف بين الاشتقاق والصرف ، فمددت يدي لأخذ ما استطعت الوصول إليه من أراء لعلماء الصرف واللغة ثم تحريت بداية نشوء الخلاف وامتداده – حول أصل المشتقات – ودرست بعدها أنواع الاشتقاق الأربعة : وهي الاشتقاق الصغير والكبير والكبار والكُبّار ، وأقوال العلماء فيها .


وفي المبحث الثاني انتقلت للحديث عن أبنية المشتقات في كتب اللغة فتمحور الحديث حول التركيز على نقاط معينة في كل اسم مشتق ، فقد تم دراسة أبنية اسم الفاعل وصيغ المبالغة واسم المفعول والصفة المشبهة واسم المكان والزمان واسم الآلة واسم التفضيل .


وتلخصت الدراسة في :
تعريف بالاسم المشتق .
القياس المتفق عليه في كل بناء من أبنية اللفظ المشتق والشروط التي يجب توافرها فيه .
ما خرج عن القياس ويؤخذ به ( السماع ) .
تحري نقاط الخلاف عند النحاة في بعض المسائل الخاصة في البناء المشتق . ما شذّ عن القياس من ألفاظ .
أما الفصل الثاني : فدرست فيه دلالات الأبنية عامة ، وفضل العلماء في بيانها واهتمامهم باللغة ، ثم خصصت الحديث في اسم الفاعل ودلالته مستدلة بآراء علماء اللغة مع إسناد كل رأي إلى صاحبه ، وتحديد نقاط التقاء العلماء واختلافهم فيه ، بعدها قدمت دراسة إحصائية لديوان الشاعر مرتبة ما توصلت إليه ترتيباً يعتمد على الكلمات المعرفة والمنكرة ، وعلى أساس ورودها في صفحات الديوان مشيرة إلى ما تكرر منها في هامش الصفحة ، ثم اخترت جملة من الكلمات التي أرى أنها تمثل كل باب من أبواب المشتقات المدروسة فدرستها دراسة دلالية ، موضحة ما أضافتهبنية الكلمة من معنى سياق النص ، وهل كان للشاعر هدف في اختيار تلك البنية دون سواها ، وأعطيت أمثلة توضيحية لاسم الفاعل مـن الثلاثي وغير الثلاثي ، وبينت ما أضافته الصيغة التي تحول عنها اسم الفاعل من غير الثلاثي إلى الصيغة الجديدة.


وتحول الحديث بعد ذلك إلى الكلمات التي بنيت على ( اسم الفاعل ) ، إلا أنها لم تحمل على الفعل فدلت على النسب ، وقول العلماء فيها وكيفية ورودها في الديوان ، فدرست الثلاثي منها وغير الثلاثي . وكان العدول آخر ما تناولته في هذا المبحث ، فشرحت بعض الأمثلة وبينت الهدف من ذاك العدول .


وفي المبحث الثاني : تناولت صيغ المبالغة لما لها من ارتباط وثيق باسم الفاعل فهي محولة عنه فقدمت إحصاءً لكلمات الديوان ورتبتها ترتيباً يعتمد على ما جاء منها متعدياً وما جاء لازماً . ثم درستها دلالياً مقارنة باسم الفاعل ، نقاط الالتقاء والاختلاف بينهما . ووضحت الهدف من تلك الصيغ . ثم قمت بدراسة مفصلة لكل صيغة على حدة و آراء العلماء فيها مع الاستدلال بأمثلة وردت في الديوان ودلالتها في النص ، وكان للباحثة بعض الوقفات حول آراء بعض العلماء والحجج التي ساقوها لدعم آرائهم .


أما الفصل الثالث : فقسمته إلى ثلاثة مباحث :
تحدثت في المبحث الأول : عن ( اسم المفعول ) فقمت بعرض للكلمات التي ظهرت في الديوان ، مرتبة إياها وفقا للسالم والمضعف والمهموز والمعتل ثلاثياً وغيرثلاثي ، مع ذكر الصيغ التي خرجت عن قياس اسم المفعول . وبعدها تناولت دلالة اسم المفعول ، مع إظهار آراء علماء اللغة فيه ، مستدلة بأمثلة من الديوان وشارحة أساب اختيار صيغة اسم المفعول في الشاهد ، ومستشهدة بأمثلة من الثلاثي وغير الثلاثي ، ثم ذكرت دلالات المعاني الخارجة عن قياس بناء اسم المفعول و آراء العلماء فيها ، ودلالتها في الديوان ، ووقفت على دلالة اسم المفعول على النسب وأخيراً نيابة المصدر عن اسم المفعولوما هو الهدف من هذه النيابة .


والمبحث الثاني : ( كان في الصفة المشبهة )قدمت عرضاً بكل الصيغ التي استطعت إحصاءها من الديوان مقسمة تلك الصيغ وفق دلالاتها ، وكما جاءت في كتب اللغة بدءاً بما جاء من " فَعِل " اللازم وانتهاء بما جاء من " فَعَل" بعدها تناولت دلالة كل صيغة


على حده وآراء العلماء فيها ، ومعاني تلك الصيغ في الأبيات ، وكيف وظف الشاعر كل تلك الصيغ في أبياته .


أما المبحث الثالث : فكان في :اسم التفضيلواسمي الزمان والمكان واسم الآلة وتناولت فيه الجوانب التالية :
دراسة إحصائية لكل مشتق من هذه المشتقات .
آراء علماء اللغة في دلالة ما جاء منها على القياس .
آراءهم حول الشاذ منها .
أمثلة تطبيقية لديوان الشاعر ، ودراستها وبيان دلالة الصيغة في البيت الشعري ، وكيف خدمت تلك الصيغة النص ومدى التوافق بين معنى الصيغة في سياق البيت ، وآراء العلماء في معنى الصيغة .


وقد حوت خاتمة الموضوع النتائج التي تمّ التوصل إليها وأبرزها العلاقة الوثيقة بين البنية ودلالتها ، ومدى إبداع الشاعر في اختيار الصيغ المناسبة لسياق النص ، وتوظيفها لخدمته .


أما المنهج المتبع في كتابة الموضوع فكان المنهج الوصفي التحليلي ، متخذة من القواعد التي رسمها العلماء جسراً للوصول إلى صيغ الديوان ، ومن آرائهم حول البنية ودلالتها معيناً لتحليل النص الشعري ، وبيان معنى الصيغة فيه.


أما المصادر التي عُدت إليها في دراستي فكانت كتب أصول اللغة والصرف وما صنَّفه أساتذتنا وباحثونا من دراسات تتصل بهذا الجانب ، فمن الكتب التي تمثل ركيزة البحث كانت :
ديوان امرئ القيس .
كتاب سيبوية .
خصائص ابن جني .
المنصف وشرحه لابن جني .
دقائق التصريف لابن المؤدب .
شرح المفصل لابن يعيش .
الممتع في التصريف لابن عصفور .
اللسان لابن منظور .
المبدع لأبى حيان .
وجملة من الكتب التي أثرت العمل وساعدت على إخراجه .
وأخيراً آمل أن يجعل هذا العمل مرضاة لله ، ومنفعة لطلاب هداه وأن يتقبل مع ما فيه من قصور ، ويقوم ما فيه من اعوجاج ، فليس الكمال إلا لله عز وجل .

أحسنتِ أحسن الله إليكِ أستاذتنا الكريمة