منتديات تخاطب: ملتقى الفلاسفة واللسانيين واللغويين والأدباء والمثقفين تهتم بـ الفلسفة والثقافة والإبداع والفكر والنقد واللغة |
تعلن إدارة المنتديات عن تعيين الأستاذ بلال موقاي نائباً للمدير .... نبارك له هذه الترقية ونرجو من الله أن يوفقه ويعينه على أعبائه الجديدة وهو أهل لها إن شاء الله تعالى |
للاطلاع على فهرس الموقع اضغط على منتديات تخاطب ثم انزل أسفله
| |
|
|
| دراسات حديثة في العروض العربي | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
أحمد علي *
عدد المساهمات : 4 نقاط : 6 تاريخ التسجيل : 17/05/2010
| موضوع: دراسات حديثة في العروض العربي 2010-10-01, 12:47 | |
| أوتاد وأسباب وغيلان ، هذا هوعنوان بحث جديد في وزن الشعر العربي القديم ، أجرته الباحثة الشابة هازيل سكوت، خريجة كلية هافرفولد ونشرته في خريف 2009، ونصه الأصلي على الرابط : www.swarthmore.edu/SocSci/Linguistics/2010theses/hazelscott.pdf إن هذا البحث يلقي الضوء على آخر ما جد من بحوث في تطوير علم العروض العربي ويربطه بأحدث المناهج اللغوية، ولكنه قبل ذلك يستعرض منهج الخليل بن أحمد ويطبقه على قصيدتين من بحر الوافر، واحدة للخنساء والأخرى لتأبط شرا. ومع أن الباحثة خرجت بنتيجة مؤداها أن هذا المنهج قد نجح في تحليل وزن القصيدتين المذكورتين ، إلا أنها وقفت موقفا سلبيا إزاء أدوات الخليل التحليلية من سبب ووتد ، ولغته الداخلية التي لا تصلح في رأيها للبحث اللغوي الحديث ولا ترقى إلى مصاف العالمية. إنني أعرض هذه الترجمة هنا ، بهدف استطلاع آراء علماء اللغة ، والعروضيين منهم بخاصة، حول هذه المحاولات الحديثة في تطوير عروضنا العربي، آملا أن أجد تجاوبا من أعضاء هذا المنتدى العلمي للإسهام بآرائهم السديدة في نافذة جديدة نشرعها للبحث في هذا العلم الأصيل من علومنا العربية.
|
| | | أحمد علي *
عدد المساهمات : 4 نقاط : 6 تاريخ التسجيل : 17/05/2010
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2010-10-01, 12:49 | |
| ثمة أسباب عديدة تدعو إلى قراءة الشعر الممتليء بطولات وحماقة، واستعارات كاسحة، وقوافي جذابة ؛ فإلى جانب قدرة هذا الشعر على كشف الكثير من التاريخ الثقافي المشترك، وكذلك قدرته على الغوص إلى أعماق الروح الإنسانية، فإنه ، وبالنسبة للغويين، يوفر لهم فهما أعمق لطبيعة اللغة نفسها. والشعر، بوصفه مجموعة ثانوية معينة من مجاميع اللغة، يعد حالة دراسة لفهم استعمال اللغة والقواعد الأساسية التي تحكم هذا الاستعمال. إن هذا البحث يهدف إلى استكشاف النظام الوزني للشعر العربي القديم وتجسيداته النظرية، والمعلوم أن التصنيف السائد للأوزان والعائد إلى القرن الثامن الميلادي، مبني بأكمله على جهود الخليل بن أحمد ، ولذا فإني سأعمل على تقويم المحاولات الحديثة التي تسعى لوضع الأوزان ضمن نظرية أكثر عالمية ، وكذلك أحلل وزن قصيدتين عربيتين قديمتين، لملاحظة الدقة الوصفية لنظام الخليل، ومن ثم أقدم تحليلا للتفسيرات البديلة الرئيسية. وبدمج بعض المفاهيم اللغوية، من قبيل الثنائية والقيود العروضية ، إلى هذه التفسيرات، فإن النماذج الأحدث منها تبدي تحسنا في إمكانية التوصيل العامة لنظرياتها مع قدرة تفسيرية أعظم بها. إن استخدام هذا التحليل للتعرف على الأوزان الأربعة الأكثر استعمالا وتفسيرها، مثلا ، ليبرز أهمية هذه النماذج وتفوقها على عمل الخليل في تحليل هذه الأوزان . وتقع هذه الدراسة ضمن نطاق يناقش فيه التاريخ الثقافي والتطبيق الحديث لهذه الأوزان وما ينعكس من ذلك على الطبيعة الشفوية لتلك القصائد . إن الفرص المتاحة لإجراء مثل هذه المقارنات عبر- اللغوية والسهلة لتبدو حاسمة في تحقيق فهم أوسع للشعر، معزز بالمستويات المعقدة للعربية في أنماطها الوزنية ، وبالاستنتاجات التي يمكن أن تشير إلى دراسة لغوية أوسع.
المقدمة : يعرف الشعر العربي القديم تقليديا بأنه ذلك الذي يبنى على أحد الأوزان الستة عشر التي وضعها العالم النحوي الخليل بن أحمد في القرن الثامن الميلادي. ويعد هذا النظام كميا لاعتماده على وزن المقطع ، وكذلك يتألف كل بحر فيه من وحدتين أساسيتين تسميان الوتد والسبب اللذين يتألفان من مقطع إلى مقطعين. إذن ، فمن هذه المكونات السببية والوتدية تتشكل التفعيلات المختلفة للبيت وهي الوحدات التي يتميز بها كل بحر . ثم لم يلبث نظام الخليل هذا أن تميز لأبعد من ذلك بترتيبه للأوزان ذات العلاقة بينها، تلك التي لا تختلف إلا باختلاف موضع الوتد النسبي ضمن كل تفعيلة منها، مثلا، وجعله هذا الترتيب ممثلا في دوائر. ومن الممكن لنموذج الخليل هذا أن يصف معظم القصائد التقليدية عندما تتم دراسة قائمة مغايراته . لسوف أتناول قصيدتين قديمتين منظومتين على البحر الوافر ، وهو أحد الأوزان الأربعة الأكثر ذيوعا ، وأبين النجاح العام لارتباطهما بنموذج الخليل . ومع ذلك فإن المشكلة تبقى قائمة، وهي أنه كيف سيتم توافق هذا النظام ، بوحداته المعينة للتمثيل تلك، مع نظرية وزنية أكثر عالمية، ثم كيف يمكن إيجاد نظام تكون له إمكانية تفسيرية، إلى جانب كونه وصفيا ؟ إنني أقيم هنا النماذج اللغوية الحديثة الرئيسة فيما يتعلق بهذه القضايا، فلقد حاول كثير من اللغويين إعادة صياغة أوزان الخليل، ومنهم مالينح Maling (1973) التي تحتج بأن التحليل الوزني التوليدي لنموذج الخليل هو أكثرها نجاحا، كما تلمح إلى القول بأن طريقته في تنظيم الأوزان إلى دوائر تعد ضرورية لتفسير السبب في وجود ستة عشر بحرا ممكنا بالضبط ، ولتأكيد ذلك ألحقت بنظام الخليل عددا من القواعد التوليدية المعينة . ثم كان هناك آخرون مثل برينس Prince (1989) وشوه Schuh (1996) اللذان استمرا في الاقتراب من التحليل بشكل أكثر عالمية، فوجدنا برينس يؤكد على أهمية التفعيلة الكبرى Metron ، وهي وحدة فونولوجية أكبر من التفعيلة وأقل من الشطر، ويستبدل بمصطلحي الوتد والسبب المصطلحين الحديثين : القوي Strong والضعيف Week . وكذلك قام شوه بتحري بحري الكامل والبسيط ليبين أن نظرية عروضية أساسية تستخدم فكرة المقطع بوصفه وحدة وزنية، يبدو كافيا لتفسير تحقق وزن البحر في العربية. وأخيرا ، يعود الفضل ، على كل حال ، إلى جولستون Golston ورياض Riad (1997) في تفسير هذه الأوزان بشكل أفضل . ذلك أن نظريتهما استفادت من مستوى التفعيلة الكبرى واتجهت إلى الابتعاد عن الصياغات المبنية على الوتد والسبب. وكذلك فإن التركيز على الثنائية عند هذين الباحثين يبدو فعالا في ترسيخ وصفهما الواضح بصياغته الجيدة تلك. وأخيرا ، فإن تطبيق القيود العروضية، وهي الكلاش Clash واللابس Lapse، في التنبؤ بكثرة شيوع الأوزان الأربعة، يعد مثالا على هذه الإمكانية التفسيرية الفائقة للنموذج عندهم.
|
| | | أحمد علي *
عدد المساهمات : 4 نقاط : 6 تاريخ التسجيل : 17/05/2010
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2010-10-01, 12:50 | |
| الخليل والعروض : اتخذت القصائد القديمة في أوائل نشأة الشعر أشكالا متماثلة بينها في مواضيعها المشتركة وتقاليد نظمها الشفوي. فلقد كانت القطعة من الشعر تتألف من سبعة إلى عشرة أبيات في حين كان الشكل الأكثر شيوعا والأهم، عند نهاية القرن السادس الميلادي، هو القصيدة التي بات عدد أبياتها يتراوح في حدود 120 بيتا. وتتميز هذه الأشكال بما يجمع بينها من وزن وقافية، ذلك أن كل بيت من أبياتها يتكون من شطرين، ولكل من هذين الشطرين النمط الوزني ذاته الذي يتكرر على طول أبيات القصيدة. كما يظهر بيت الشعر في الكتابة وقد فصل بين شطريه بفراغ. وأما عند الإنشاد فلا تكون الوقفة العروضية بين الشطرين تامة، كما هو الحال بين الأبيات، فلا يلاحظ وجودها إلا بتكرار الوزن في كل شطر جديد وإلا بندرة تلك الأبيات المدورة التي يقع فيها التضمين (مونرو Monroe 1972 : 27). وبغض النظر عن أشكال معينة من الشعر كالمسمطات و الأراجيزالتعليمية ذات الأبيات المزدوجة القافية، تستخدم القصيدة وزنا واحدا تنتهي فيه الأبيات كلها بقافية واحدة، وغالبا ما يكون البيت الأول منها مصرعا أو مقفى . إن العربية تتمتع بقدرتها الصرفية والاشتقاقية مع وفرة جذورها ، ولذا، فإن القافية لا تشكل أي معضلة للشاعر، قال أدونيس: "كانت القافية هي العنصر الأساسي الذي ميز الشعر الجاهلي من بين أشعار الأمم الأخرى، فلم تعد القافية في الآرامية والسريانية والعبرية والإغريقية ملمحا أساسيا من ملامح الشعر بالطريقة التي كانت عند العرب. وبسبب من ذلك قال النقاد العرب القدامى إن بنية العروض في الجاهلية لم تنشأ بتأثير من قبل أي من الأقوام الأخرى وإنما كانت خالصة النسبة للعرب أنفسهم". الوزن في الشعر العربي، إذن، كمي كما هو الحال في الشعر اليوناني القديم واللاتيني. وهو نظام يستفيد من الوحدة الوسيطة، أي التفعيلة، والتي من خلالها تبنى أنماط من المقاطع على أطوالها. وهناك أنظمة مماثلة تستخدم النغمة أو النبر بدلا من طول المقطع كما في الإيامبي الخماسي في الإنجليزية حيث تتألف كل تفعيلة من زوج من المقاطع يتتابع على النحو ( قوي – ضعيف ) . وهذه الأنظمة تختلف عن غيرها من الأنظمة التي تبنى على عد أرقام المقاطع في كل بيت، كما هو الحال في الهايكو الياباني. إن الخليل بن أحمد الفراهيدي معروف بفضله على اللغة العربية، فهو أول من أسس علم العروض، وهو بالإضافة إلى جهوده في الرواية قد صنف أول معجم سماه معجم العين، فضلا عن إسهاماته في النحو التي اعتمد عليها تلميذه سيبويه في الكتاب. ولقد ولد الخليل في عمان، ولكنه عاش معظم حياته في البصرة، مركز بحث اللغة العربية، وتوفي سنة 791 م. كان تقيا بشكل كبير، فقد رفض رعاية رسمية من أحد الولاة، وأخذ بجدية واجبه للتعلم والتعليم (كارتر Carter 1998 م). ويبقى نظام الخليل هو المنهج الرسمي لوصف أوزان الشعر العربي القديم، إلا أن تحليله الوزني يظل داخليا بالنسبة للغة العربية، أو بالأحرى يكاد فهمه يقتصر على العرب أنفسهم دون غيرهم ، ولذا فإني سوف أناقش مصطلحه الذي اتبعه مع ترجمته إلى الشكل المقطعي ، وبعد ذلك أشرع في تقديم بحوره الستة عشر. من الواضح أن الخليل لم يستعمل، في بنائه للأوزان، المقاطع. ففي ذلك الوقت لم يكن العلماء العرب يعرفون مفهوم المقطع صراحة، وبدلا من ذلك اعتمدوا على وحدات لتأليف التفاعيل تسمى الوتد والسبب حيث يتألف الشطر من تفعيلتين إلى أربع ، كما ينقسم البيت إلى شطرين. وكملاحظة على الاستعارة الهيكلية تأمل في ضرورة الأوتاد والأسباب لبناء الخيمة بالعديد من الترتيبات المحتملة. لقد جرى الاقتراح أيضا بأن الأوتاد ثابتة لا تتغير بينما يمكن للأسباب أن تتراوح ما بين الشد والارتخاء، وهو ما يشكل انعكاسا ممكنا على التغيرات أو نقصا من ذلك، من خلال بنائها الخاص (مالينج 1973 م). ولكي نفهم مكونات الوتد والسبب، من الضروري لنا أن ندرك انقسام الحروف العربية إلى حروف متحركة وأخرى ساكنة، فهذا الأمر يساعد في تأطير ذلك التمييز من خلال العربية المكتوبة، بينما يكون استخدام الحركات القصيرة، وهي الفتحة والكسرة والضمة، اختياريا في التشكيل . والحرف المتحرك هو الحرف الصامت ، أو نصف العلة كالواو والياء، تليه الحركة القصيرة . وأما الحرف الساكن فهو الحرف المشكل بالسكون سواء كان هذا الحرف صامتا منعزلا أو كان حركة طويلة ( موسوعة الأدب واللغة العربية). فعلى سبيل المثال، كلمة (كتاب): تكتب بأربعة أحرف رئيسية، هي الكاف والتاء والألف والباء. فالكاف حرف متحرك لأنها متبوعة بحركة الكسرة ، وكذلك التاء تتبعها الفتحة، وأما الألف ، وهو حركة طويلة ، والباء بعدها، فكلاهما حرفان ساكنان ، لا تتبعهما الحركة. وليس هذا كما هو الحال في كلمة (كتابي) حيث تكون الباء في هذه الكلمة حرفا متحركا. ويتألف كل من السبب والوتد من حرفين إلى ثلاثة، فالسبب يتألف من حرف متحرك فآخر فساكن ، أو من حرفين متحركين. فعلى سبيل المثال تعد كلمة (في) من سبب يتألف من الحرف المتحرك وهو الفاء يليه الساكن الطويل وهو الياء . ومن الناحية الإملائية يعبر عن السبب بأنه يتألف من حرفين. كما يتألف الوتد من حرفين متحركين يعقبهما ساكن (وهو الوتد المجموع) ،أو من حرفين متحركين يتوسطهما ساكن (وهو الوتد المفروق) . فعلى سبيل المثال تعد كلمة (على ) وتدا مجموعا ، حيث العين واللام حرفان متحركان وأما الثالث وهو الألف فهو حرف ساكن. فالوتد إذن يتألف من ثلاثة أحرف (البستاني 1962م). هذا إذن هو المنهج العربي التقليدي ، ولكن هذه المصطلحات يمكن فهمها باستخدام مقاطع قياسية وتتابعات من الصوامت (ص) والحركات (ح). فالحروف المتحركة دائما هي : (ص ح) ، وهي المقطع القصير. إن تجمعات الصوامت (عناقيد الصوامت) غير مسموح بها في العربية، وكذلك فإن الحرف المتحرك المتبوع بحرف أو حرفين ساكنين بؤدى إلى نشوء المقاطع الطويلة ، نحو : ص ح ح ، ص ح ص ، ص ح ح ص . لقد عرض روجر فينش Roger Finch (1984 م) إعادة صياغة مختلفة قليلا، فهو يقترح استخدام تعبير المقطع المفتوح في مقابل المقطع المغلق بدلا من السواكن والمتحركات. فالحرف المتحرك هو ببساطة مقطع مفتوح، وأما (ص ح ص) فهو مقطع مغلق. وهو يزعم أن الحركات الطويلة يمكن تحليلها إلى حركة قصيرة متبوعة بحرف لين من جنسها homorganic glide (/ah/, /iy/, /uw/) وبذلك يمكن اعتبارها مقاطع مغلقة. هذا اقتراح مهم ومثير للتمييز الضمني من العروض الكمي الإغريقي واللاتيني. ولكن بالنسبة لأغراضنا هنا فإن تصنيف المقاطع إلى طويلة وقصيرة يبدو لنا كافيا. في القائمة التالية، والشرح الذي يعقبها ، سوف أرمز للمقطع القصير بالرمز (- ) ، وللمقطع الطويل بالرمز (/) ، وللوتد بالرمز (P) وللسبب بالرمز (K)، والحرفان الأخيران قياسيان ويفترض أنهما يشيران إلى أوائل كلمتي الوتد والسبب (في الإنجليزية). وبترجمة هذين الحرفين إلى مقاطع يمكن القول إن K = مقطع طويل ، وأن P = مقطعين قصير فطويل. إن الصياغة المقطعية قياسية في المناقشات اللغوية الحديثة وهي تحفظ تفرد عمل الخليل وإبداعه بينما تعمل على تحسين إمكانية التوصيل العامة لمنهجه. ولمزيد من التوضيح حول الوتد والسبب تأمل معي البيت الأول من نونية تأبط شرا: ألا من مبلغ فتيان فهم * بما لاقيت عند رحى بطان الكلمة الأولى (ألا) تتألف من مقطعين : (أ) ، (لا) وهي (ص ح) ، (ص ح ح) وهذا تتابع مقطعين قصير فطويل، وبذلك تكون الكلمة بأكملها وتدا. وأما كلمة (من) فهي مقطع طويل ( ص ح ص) ولذلك فهي تؤلف سببا. وليس من الضروري لمقاطع الوتد أن تحدث في نفس الكلمة، فعلى سبيل المثال تمر حدود الوتد بالكلمتين الرابعة والخامسة من هذا البيت (فتيان فهم). إن مجموعات الأسباب والأوتاد تشكل تفعيلة البحر. ولقد وضع الخليل ثماني تفعيلات أساسية مع مزاحفاتها بواسطة الجذر (ف.ع. ل) حيث وفر ذلك وسيلة إيقاعية لتذكر أوزان البحور بضروبها المختلفة، وهو يوازي استخدام النحويين لهذا الجذر في شرح الأنماط النحوية. فوزن الطويل على سبيل المثال هو: فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن - / / - / / / - / / - / / / P K P K K P K P K K وهكذا تتوالى بحور الخليل الستة عشر. إن القائمة رقم (1) تنظم الأوزان وتعرضها أولا باستخدام التفعيلات العربية (البستاني 1962 )، ثم بالصياغة التحويلية الحديثة التي تمت من قبل برينس 1989 . و كل نسق في هذه القائمة يتألف من النمط الوزني لشطر واحد (يسمى الصدر)، وهو النمط الذي يتكرر (في العجز) ليتألف من مجموعهما البيت، وهذا النسق يشتمل على بعض المغايرات الممكنة، حيث الرمز (L) يشير إلى موقع يعبر فيه عن السبب بمقطعين قصيرين، والرمز (Q) يشير إلى موقع الوتد المفروق. القائمة رقم 1 : الدائرة الأولى: - بحر الطويل : - فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن - P K P K K P K P K K
- بحر البسيط : - مستفعلن فاعلن مستفعلن (فاعلن) - K K P K P K K P (K P ) - بحر المديد : - فاعلاتن فاعلن فاعلاتن - K P K K P K P K (K P ) - الدائرة الثانية : - بحر الوافر : - مفاعلتن مفاعلتن فعولن - P L K P L K P L K - بحر الكامل : - متفاعلن متفاعلن (متفاعلن) - L K P L K P (L K P) - الدائرة الثالثة : - بحر الهزج - مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن - P K K P K K P K K - بحر الرجز - مستفعلن مستفعلن (مستفعلن) - K K P K K P (K K P ) - بحر الرمل - فاعلاتن فاعلاتن (فاعلاتن) - K P K K P K (K P K) - الدائرة الرابعة - بحر المنسرح - مستفعلن مفعولات مستفعلن - K K P K K Q K K P - بحر الخفيف - فاعلاتن مستفعلن (فاعلاتن) - K P K K Q K (K P K) - بحر المقتضب - مفعولات مستفعلن - K K Q K K P - بحر المجتث - مستفعلن فاعلاتن - K Q K K P K - بحر المضارع - مفاعيلن فاعلاتن - P K K Q K K - بحر السريع - مستفعلن مستفعلن مفعولات - K K P K K P K K Q - الدائرة الخامسة - بحر المتقارب - فعولن فعولن فعولن فعولن - P K P K P K P K - بحر المتدارك - فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن - K P K P K P (K P)
القائمة رقم 2 خلاصة الترقيم: ( - ) (ص ح) ( / ) (ص ح ص ) (ص ح ح ) (ص ح ح ص) الوتد ( P ) ( - / ) السبب ( K ) ( / ) السبب الثقيل : ( L ) ( - - ) الوتد المفروق : ( Q ) ( / - ) إن أحد مكونات عمل الخليل النهائية هي ترتيبه للأوزان ذات العلاقة المشتركة بينها ، في دوائر خمس مختلفة، وهذا ما يعكس حقيقة أنه عندما يكتب النسق بشكل دائري فإن الوزن الأول في الدائرة يولد الأوزان التالية له فيها، وذلك باختيار نقاط معينة من الدائرة يبتدأ بها. فمثلا في الدائرة 1، تتناوب في الأوزان الثلاثة كلها تفعيلات من وحدتين إلى ثلاث وحدات في تنويعات للوحدتين P K P K K ويظهر المخطط التالي الأوزان الثلاثة للدائرة الأولى، وبداية كل منها في عمود منفصل. فإذا بدأنا من اليمين ، وانطلقنا في عكس اتجاه عقارب الساعة، خرجت لنا أنساق الطويل فالمديد فالبسيط.
المخطط رقم 1 العلاقة بين أوزان الدائرة الأولى
يعد نموذج الدائرة هذا قادرا على توليد جميع الأنساق، إلا أنه لا يمكن له وحده التنبؤ بالنسق الذي سوف يكون مقبولا أو غير مقبول. ومع ذلك فهو يظهر علاقة مهمة بين الأوزان الموجودة.. إن هذا التجريد هو أحد مظاهر القوة في عمل الخليل، لأنه يكثف النظام ويحاول تحقيق مستوى إضافي من التنظيم. وكما تقول مالينح : " [,,,] إن نظام الدوائر الخليلي لا يعد تحليلا بسيطا ورائعا وذا قدرة على التكهن فحسب، ولكنه [...] يمدنا بالأساس الوحيد لوصف وزني دقيق للشعر العربي" (1973 : 12) . ومع ذلك يرى الآخرون أنه، وببساطة ، يزبد من صعوبات التوصيل في هذا النموذج. لقد كان الطويل أكثر الأوزان المستخدمة في العربية سيادة. وكانت الأوزان التالية، الأكثر شيوعا، هي الكامل والوافر والبسيط. ويستشهد غولستون ورياض بمجموعتين للشعر العربي القديم مختلفتين، إحداهما لفاديت Vadet والأخرى لستوتزر Stoetzer ، حيث يتوصلان إلى أن نسبة بحر الطويل إلى مجموع القصائد تبلغ في الأولى 50.4% وفي الثانية 35 % . ويلاحظ أن فاديت يستخدم نحوا من 2300 قصيدة ونتفة في مجموعته ، بينما يستقرئ ستوتزر في مجموعته عددا من القصائد يصل إلى 130 قصيدة رويت حتى القرن الثامن الميلادي. وتشكل هذه البحور الأربعة مجتمعة ما نسبته 80.90 % من البحور المستخدمة. أما القصيدتان اللتان سنتناولهما بالتحليل هنا فهما من بحر الوافر، وتفاعيله: - مفاعلتن مفاعلتن فعولن - -/ -- / - / -- / - / / - P L K / P L K / P K وبحر الوافر هو أحد بحرين في الدائرة الثانية، وهي المجموعة الوحيدة التي يمكن للمقطعين القصيرين المتواليين فيها أن يحل محلهما سبب واحد. ومع ذلك فهذا هو التغيير الوحيد المسموح به، وهو يقع في السبب الأول من كل تفعيلة. هذا التغيير، وغيره من الزحافات والعلل الأخرى ، سوف يتم مناقشتها عند ظهورها، وذلك بالرجوع إلى زحافات الخليل وعلله وفقا لكتاب البيان للبستاني.
رثاء صحر: قد أتممت فيما يلي تحليل البناء الوزني لقصيدة "رثاء صخر" بيتا بيتا ، وبينت مكوناتها الوزنية بالرموز . فالبيت الأول قد جرت تجزئته مع بيان مكوناته المقطعية وطول كل منها : ( - ) ( / ) ، متبوعا بالوحدات : (P) ، (K). ومن هنا فصاعدا سوف تحل (K) محل (L) ابتغاء للسهولة مع بقاء النموذج على حاله لا يتغير بتغير هذه الرموز. وأما بقية الأبيات فنثبتها بالرموز المقطعية، ورموز الوحدات P ، K . وأما الحدود بين التفعيلات فنشير إليها بخط عمودي (المترجم: اكتفيت من ذلك بالبيت الأول ، ولم أجد داعيا لتكراره في باقي الأبيات). وقد أتبعت كل بيت بتعليق عليه. 1- يؤرقني الـ|ـتذكر حيـ|ـن أمسي * فأصبح قد | بليت بفر| ط نكس ص ح / ص ح ص / ص ح / ص ح / ص ح ص | ص ح / ص ح ص / ص ح / ص ح / ص ح ص | ص ح/ ص ح ص / ص ح ص || ص ح / ص ح ص / ص ح / ص ح / ص ح ص | ص ح / ص ح ص/ ص ح/ ص ح/ ص ح ص | ص ح / ص ح ص / ص ح ص -/--/ -/--/ -// || -/--/ -/--/ -// P K K | P K K | P K || P K K | P K K | P K لاحظ أن السبب الأول مؤلف من مقطعين قصيرين ( رق ) بدلا من مقطع واحد، وأن تأثيرات الترخيم (تقصير حروف العلة) والإدغام في العربية تظهر أيضا في تقطيع البيت مذكرة بأهمية الشفاهية في هذا الشعر . وينتهي هذا البيت والأبيات التي تليه بالتفعيلة المعتلة ( P K ) بدلا من التفعيلة الصحيحة النظرية ( P L K ) . ثم إن كلا الشطرين ينتهي بالمقع ( سي) ، وهو ما يتفق ومتطلبات البيت المقفى.
2- على صخر وأي فتى كصخر * ليوم كريهة وطعان خلس هذا البيت لا يستخدم خيار المتحركين في السبب في كل تفاعيل القصيدة كما في البيت الأول، وكلا الشطرين ينتهي بنقص السبب الأخير ، كما ينتهي البيت بمقطع قصير هو السين المجرورة، والمفترض في هذا المقطع أن يتحول إلى مقطع طويل على كل حال. وهذا يعكس تقليد العربية في اعتبار كل من طول المقطع ونطق الحركات القصيرة متغيرا قبل الوقوف الطبيعي عليها . وتقترح مالينح أن التتابع( ص ح ) يعتبر مقطعا قصيرا فقط إذا كان متبوعا مباشرة بصامت (ص) فحركة (ح). وهي تحتج بأن هذا يوازي تحليل هاله Halle للعروض اليوناني الكلاسيكي ويقدم أيضا تفسيرا كافيا لسبب طول المقاطع التي ينتهي بها البيت (1973 :20) 3- وللخصم الألد إذا تعدى * ليأخذ حق مظلوم بقنس 4- فلم أر مثله رزءا لجن * ولم أر مثله رزءا لإنس
إن البيت رقم (4) يبدو شيقا لمعالجته ضمير الغائب المذكر (الهاء). فوفقا لقواعد الإملاء تبدو الهاء مقطعا قصيرا كتب بحرف واحد. بينما يشير موقعه الوزني في البيت إلى مقطع طويل. وهذا ، بالضبط ، هو أحد الأجزاء الفونولوجية التي ينبغي تفسيرها بشكل مضاد لتحققها الكتابي. إن الهاء ، بوصفها ضميرا يلي مقطعا قصيرا ، تعد في التقطيع مقطعا طويلا، فإن كانت تلي حرفا ساكنا نحو (منه) فأنت بالخيار: إن شئت جعلت المقطع قصيرا ، وإن شئت جعلته طويلا (البستاني 1962 ). إن ضمير الغائب المؤنث يكتب على النحو (ها) ، على شكل مقطع طويل ، ولعل ضمير الغائب المذكر كان يكتب في الماضي على النحو نفسه (هو). وكذلك يعالج وليام ستوتزر William stoetzer هذه القضية الخاصة في بحث له بعنوان " بعض الملاحظات حول الكمية في العروض العربي" يخرج فيه باستنتاج أن هاء المذكر الغائب ( هـ ) هي مقطع طويل. وهو يقارن أمثلة من الشعر كتبت بشكل تقليدي وعروضي تظهر فيها الهاء مقطعا طويلا. ولقد أسهم استعمال هذا التفسير في حل 90% من كل الاختلافات التي وجدت بين الوزن النظري وبين عدد يقرب من 1900 نفعيلة على بحري الوافر والكامل. 5- أشد على صروف الدهر أيدا * وأفصل في الخطوب بغير لبس 6- وأكرم عند ضر الناس جهدا * لجاد أو لجار أو لعرس 7- وضيف طارق أو مستجير * يروع قلبه من كل جرس
يشتمل الشطر الثاني على مثال آخر لظهور هاء الغائب المذكر في كلمة (قلبه) بوصفها مقطعا طويلا. 8- فأكرمه وآمنه فأمسى * خليا باله من كل بؤس 9- فلا يا صخر لا أنساك حتى * أفارق مهجتي وأشق رمسي 10- يذكرني طلوع الشمس صخرا * وأذكره لكل غروب شمس يشتمل الشطر الأول على مثال آخر لإدغام الشين في قوله : طلوع الشمس
11- ولولا كثرة الباكين حولي * على إخوانهم لقتلت نفسي 12- ولكن لا أزال أرى عجولا * وناعية تبوح ليوم نحس 13- هما كلتاهما تبكي أخاها * عشية رزئه أو غب أمس
الهاء في ضمير الغائب المذكر من (رزئه) مقطع طويل. 14- وما يبكين مثل أخي ولكن * أعزي النفس عنه بالتأسي كلمة (لكن) مثال آخر على اختلاف الشكل الكتابي عن اللفظ . 15- فقد ودعت يوم فراق صخر * أبي حسان لذاتي وأنسي 16- فيا لهفي عليه ولهف نفسي * أيصبح في الضريح وفيه يمسي
إن أبيات القصيدة الستة عشر هذه توافق بشكل ثابت وصف الخليل لبحر الوافر. وفي هذه القصيدة ثمة اثنتان وثلاثون حالة ظهر فيها السبب الأول من كل تفعيلة على شكل مقطعين قصيرين من أصل أربعة وستين موقعا محتملا في القصيدة لظهور هذين المقطعين معا.، وتنتهي الأبيات جميعا بالتفعيلة المعتلة (فعولن) التي ينتهي عشر منها بمقطع قصير. وأما باقي القضايا فقد تم حلها إبان عرضنا للإدغام وإدراك طول المقطع في الهاء، وهي ضمير المذكر الغائب. وعلى النحو نفسه تلتزم القطعة النونية بالنموذج، ولكن لا يوجد بها أية حالة لضمير الغائب المذكر . ومع ذلك فقد تم رصد حالات كثيرة من الإدغام والترخيم.، ورصد ثلاثة عشر جالة لظهور المقطعين القصيرين المتواليين في تفعيلات القطعة التي بلغت 36 تفعيلة في الحشو. وتنتهي الأبيات التسعة بتفاعيل معتلة (فعولن أو فعول) منها ستة تفاعيل تنتهي بالمقطع القصير (تحو بطان وصحصحان والجنان وغيرها). ونظرا لقدم عمل الخليل، فإنه ليس من المستغرب أن يحرز نظامه كل هذه الدقة، ومع ذلك فإن هذه الدقة في شروحه لم تكن سهلة في إدراكها على نطاق واسع ، بالإضافة إلى أنها لم تحرز القدرة على التفسير. .وفي الأقسام التي ستلي سوف أقيم بعضا من المناهج النظرية الحديثة في إطار بحثنا عن نظام أفضل.
|
| | | أحمد علي *
عدد المساهمات : 4 نقاط : 6 تاريخ التسجيل : 17/05/2010
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2010-10-01, 12:52 | |
| الاعمال العلمية الحديثة في وزن الشعر العربي: تعد رسالة الدكتوراه للباحثة جوان مالينج التي أنجزت عام 1973م ، وعنوانها" نظرية العروض العربي الكلاسيكي" هامة في تقديمها للنموذج الخليلي في إطار من منهج العروض التوليدي الحديث . وكما ذكرنا سابقا فإن مالينج تؤمن بصلاحية وفائدة النموذج الخليلي، وخاصة في نظام الدوائر، وتحاول تحديثه بشكل كبير. ولذا فهي تضع له قواعد توليدية من نحو: L H H H F F (F) (F) F P K K حيث L تشير إلى البيت ، H إلى الشطر ، P , K إلى السبب والوتد على التوالي. وتعتنق مالينج فكرة استعمال الوتد والسبب، ثم توجد العديد من القواعد الأخرى لتوليد كل بحر معين. وهي تؤيد التقليبات الدائرية التي يتيحها تقليب الدائرة (لإنتاج أنساق جديدة). ومع أن قاعدة التفعيلة عندها هي (F P K K ) إلا أن من الواضح وجود اختلافات كثيرة منها عبر البحور، وهي تفسر ذلك بواسطة السماح لعملية التدوير خلال التفعيلة أيضا. ومع أن عملها هذا لا يتجاوز إعادة الصياغة لنظرية الخليل إلا أنه يقدم مزايا كافية لمن هم على ألفة بالإطار التوليدي. ثمة آخرون، ومنهم برينس (1989م) وشوه (1996م)، ممن يتخذون المنهج التوليدي ويكيفونه إلى مدى أبعد. فبرينس يحافظ على الوتد والسبب ولكنه يعيد تصنيفهما إلى قوي وضعيف (S,W ) ، بينما يرفض شوه استخدامهما بوصفهما وحدتين أساسيتين. ويؤكد برينس على التدرج الهيكلي خلال كل بحر، فأصغر وحدة هي الموقع الوزني ( MP ) ، تليه التفعيلة الصغرى فالتفعيلة الكبرى، وأخيرا الشطر نفسه. إن الثنائية مفترضة هنا ولكنها غير مطلقة، فالتفعيلة الصغرى تتألف من موقعين وزنيين ، وكذلك تتألف التفعيلة الكبرى من تفعيلتين صغريين، غير أنه يستخدم التفعيلة الكبرى وسيلة لخلق تفعيلات ثلاثية ternary يزعم أنها توجد في بحور كالوافر مثلا، ولإكمال التحليل يعالج برينس الهياكل الأساسية على النحو التالي: P K = [ S W] P K K = [ S W] S W [S W] فهو يتوقع أن بحر الوافر يتخذ النسخة اليمنى من P K K بأعلاه، وهي ([S[S W ]]) ولكنه لا يقدم تبريرا كافيا لذلك. وأما صياغته لبحر الوافر فهي على النحو التالي: S W W S W S W S W S W S W S W P K K P K K P K K ثمة غموض مزمن يتبدى من الإمكانيات المختلفة للتفعيلة، فقد جرى اعتبار الوحدتين P ، K موقعين قويين ، كما عد التدرج الهيكلي إسهاما هاما في توضيح الأوزان، وأدى إلى فهم أعمق لتركيب وتنظيم هذه البحور, كذلك فإن الوجود المتزامن للتفعيلات الثنائية والثلاثية يعتبرغير مثالي مع ذلك ، والنظام ليس مبسطا بشكل ملحوظ
جولستون ورياض : إن بحث جولستون ورياض الصادر عام 1997م بعنوان : "فونولوجيا الوزن العربي القديم" يترجم بنجاح عظيم أوزان الخليل ويضعها في إطارها العالمي ذي النتائج التفسيرية القوية . ويرفض عملهما هذا منهجي مالينج وبرينس، ويتحول بدلا منهما إلى استخدام المقطع اللغوي بوصفه وحدة أساسية في التحليل . وبهذه الطريقة يبدو عملهما مشابها لعمل شوه، إلا أنهما يجعلان منه نظاما أكثر فاعلية، وذلك بإضافتهما قيودا عروضية إليه. والمكون الحاسم في نظريتهما هو الثنائية binarity وذلك فيما يتعلق بما يوردان من حجج على ثلاث نقاط رئيسية ، هي: - أن المواقع الوزنية تعد ، بصورة قصوى ، ثنائية الحرف (مؤلفة من حرفين ) biomoraic . - وأن التفعيلات الصغرى ، أيضا، ثنائية binary . - وأن أكثر الأوزان شعبية هي ذات التركيب الإيامبي.
وإضافة إلى ذلك ، يقدمان بديلا عن الوتد والسبب يتمثل في ثلاثة مواقع وزنية ممكنة بوصفها أصغر الوحدات الوزنية، وهي: H وتتالف من حرفين ، وهي أحادية المقطع L وتتألف من حرف واحد ، وهي أحادية المقطع LL وتتألف من حرفين ، وهي ثنائية المقطع إن تطبيق النقطة الثنائية الأولى يمنع قبول مواقع وزنية من نحو LH و LLL وهما كلتاهما ثلاثيتا الحروف trimoraic . وكذلك فإن في هذه الإعادة لصياغة المكونات الوزنية، يكافئ الموقع L مقطعا قصيرا ، والموقع LL مقطعين قصيرين . كما يفترض هذا أيضا أن الموقع الوزني H يكافئ مقطعا طويلا ، ولذا فإن المقاطع الطويلة في العربية تعد ثنائية الحرف. وهذا واضح في حالة المقطع الذي يكون ثانية حرف مد ، إلا أنه يبدو أقل وضوحا في ثنائيته حين يكون المقطع من النوع (ص ح ص). ولا يذكر لنا جولستون ورياض هذا الفرض بشكل مباشر، ولكنه يبدو عندهما مقبولا عموما. وهما يلاحظان أن هذه المواقع الوزنية الثلاث تؤلف صنفين طبيعيين natural classes هي : المقاطع المفردة ( H,L ) ويمثلهما الحرف اليوناني (σ )، وهذان الموقعان ذواتا الحرفين ( H , LL ) يمثلهما الحرف اليوناني ( ϕ). و دمج هذين الرمزين إلى ثنائية التفعيلات الصغري يؤدي إلى التحليل التالي لبحر الوافر: الشطر [ ] التفعيلة الكبرى [ ] [ ] [ ] التفعيلة الصغرى [ L H ] [H φ ] [L H] [ φ H] [L H] [ L φ ] حيثφ تبين إمكانية حدوث H أو LL . ويصف هذا النموذج الوزن بوحدات عالمية، فإذا وضعنا في اعتبارنا أن L و H ، مقطعان : قصير فطويل، على التوالي، يظهر لنا أن P = [ LH ] ، وأن K = H أو LL . فالوحدة الواحدة من [ L H ] [H φ ] في نموذج الوافر أعلاه تشير، إذن، إلى P K K . إن تعقيد العناصر في كل تفعيلة، فلا تكاد الواحدة منها تبدو مطابقة للأخرى، يشير إلى أن ثمة مستوى إضافيا من التركيب يعتبر ضروريا، وأن التفعيلة الكبرى توفر مثل هذا المستوى. وتشتمل التفعيلات الكبرى على تفعيلتين صغريين، تتألف الواحدة منهما من عنصرين ، وهو ما يساعد في تجنب الحاجة إلى التفعيلات الصغرى الثلاثية. ويحتج البعض بأن الثلاثية نادرة الوجود في الفونولوجيات الأخرى، ناهيك عن أنها غير موجودة في الفونولوجيا وعلم الصرف العربيان، ولذلك فإن جولستون ورياض يؤكدان على أهمية الاتفاق مع هذه السمات العريضة . ولا بد أن نلاحظ هنا أن التفعيلة الكبرى تشتمل على نفس المكونات التي تشتمل عليها التفعيلة في النظام الخليلي، وأن الشطر في هذا النموذج كان يتألف من ثلاث تفعيلات كبرى، إلا أنه، على الأقل، ظل يتجنب الثلاثية لأطول فترة ممكنة. إن استخدام العنصر المعتل، ممثلا بالمعين الفارغ ضمن التفعيلة الكبرى، يظهر كيف يمكن الحفاظ على الثنائية ضمن التفعيلات الصغرى والكبرى. وهذا هو ما عليه الحال الآن في أوزان كالطويل الذي كان يمثل سابقا بكلا التفعيلات الثنائية والثلاثية، نحو: P K P K K P K P K K
الطويل :
الشطر [ ] التفعيلة الكبرى [ ∅ ][ ] [ ∅ ] [ ] التفعيلة الصغرى [L H ][σ H][L H][σ H] [ L H][ σ H] [ L H ][σ H] وكذلك يصف نموذج غولستون ورياض ، بشفافية، المواقع الوزنية التي تسمح بحدوث تغييرات معينة، نحو بحر الوافر الذي يمكن في بعض مواقعه التبادل بين المقطع الطويل (H) والمقطعين القصيرين (LL). صحيح أنه يتبين من نموذج الخليل المبني على (مفاعلتن) موقع المقطعين القصيرين فيه،ولكنه لا يتضح من ذلك الموقع وحده ما إذا سيحل به موقع طويل أو أن المقطعين القصيرين يمكن استبدالهما في مكان آخر. إن استخدام الصنف الطبيعي ( ∅ ) بنجاح يظهر هذا النوع من التغير, تكمن المزية الكبرى لنموذج غولستون ورياض في قوته التفسيرية وخاصة ما يتعلق منها بتحديد الأوزان الأكثر شيوعا. وكما سبق ذكره ، فإن هذه الأوزان الأكثر شيوعا هي الطويل والكامل والوافر والبسيط التي نظم عليها ما بين 80 – 90 % من مجموع الشعر العربي القديم. وكذلك يستخدم غولستون ورياض القيود العروضية ومعها الدليل على أن النبر يلعب بعض الدور في الأوزان العربية وذلك في عملية التنبؤ بهذه الأوزان الأربعة. ويستند تحليل هذين الباحثين إلى تأكيدهم بأن الخاصية الموحدة لهذه الأوزان تكمن في بنيانها الإيامبي [LH] كما نرى في مجموعات التفعيلة الكبرى التالية بتفعيلاتها الصغرى التي يفصل بين كل اثنتين منها بنقطة. الطويل [L H ][σ ∅ ][L H][σ H] الكامل [ϕ H . L H ] الوافر [ L H .H φ ] البسيط [σ H . L H] وهذا ما يميزها عن البحور غير الإيامبية ، نحو : المديد [ σ L . H H ] . [ σ L . H ∅ ] . يعد هذا الجوهر الإيامبي حاسما في تطبيق هذين الباحثين للقيدين العروضيين : الكلاش واللابس، وهما فكرتان إيقاعيتان عالميتان ومعروفتان، لأن [LH] هي المجموعة الوحيدة لـ ( L , H ) اللذين لا ينتهك أي منهما. يعرف رايس Rice (2000م) (الكلاش) بأنه امتناع نبر مقطعين متجاورين ، وأما (اللابس) فهو امتناع توالي حرفين غير منبورين. ويسري تطبيق هذين القيدين، كليهما، خلال كل من التفعيلتين الصغرى والكبرى. ومع ذلك فإنه من المقبول، بشكل عام ، أن تعد الانتهاكات الموضعية، في حال حدوثها داخل التفعيلة الصغرى، أسوأ من تلك التي تحدث عبر حدود التفعيلة الصغرى وداخل التفعيلة الكبرى. إن جميع الأنساق الأخرى تنتهك اللابس خلال التفعيلة ، فمثلا (HL) تنتهك اللابس عندما تسمح بتوالي حرفين غير منبورين. ولنتذكر بأن H تتألف من حرفين ، وأن الحرف الأول في المقطع هو الأكثر بروزا ، إذن فالحرف الثاني غير المنبور في H يتبعه حرف المقطع L غير المنبور، وهو ما يعد انتهاكا للابس. ولاحظ ، على النقيض من ذلك، أن (LL) تعتبر تفعيلة تروكية صحيحة ، وهي لا تنتهك اللابس كما تنتهكه التفعيلة غير السوية (HL). أما البحور الوحيدة التي تتجنب هذا الانتهاك فهي تلك التي لها تفعيلات صغرى تنتهي بـ (H) نحو [LH] و [LLH] و [HH] . وهذه هي بالضبط مجموعة التفعيلات الصغرى في الوافر وغيره من البحور الأكثر شيوعا. إن الانساق التي من النوع (L H) تقع في بحور أخرى أيضا ، ولكن هذه البحور تحوي أنساقا تنتهك اللابس أيضا. فعلى سبيل المثال ، نحد التفاعيل الأساسية الأربعة في بحر الخفيف، وهي : [ σ L . H H ] . [σ H ] والتي من بينها تنتهك التفعيلة [ σ L] قيد اللابس. إن الشعراء ، وقد وضعوا ذلك الأمر في حسبانهم ، لم ينظموا على هذه البحور، ولكن هذا التطبيق للقيود اللغوية الأساسية ساعد في الإجابة عن سؤال: لماذا كانت هذه هي البحور الأكثر شيوعا؟ إن تطبيق قاعدتي الكلاش واللابس عبر التفعيلات الكبري من خلال مجموعة الأوزان الأربعة الأكثر شيوعا يكشف حقيقة أن بحر الطويل، المتربع حتى الآن على عرش أكثر الأوزان شيوعا، هو الوحيد الذي يتجنب بشكل ثابت انتهاك هاتين القاعدتين. أما بحرا الكامل[ϕ H . L H] والبسيط،[σ H . L H] فكثيرا ما ينتهكان اللابس على مستوى التفعيلة الكبرى، عبر حدود التفعيلة الصغرى. وأما الوافر فينتهك الكلاس دائما في تفعيلته الكبرى سواء كانت هذه التفعيلة مفاعيلن [LH.HH] أو مفاعلتن[LH.LLH] وتنتج إمكانية التفعيلة الأولى عن تجاور مقاطع منبورة خلال التفعيلتين الكبرى والصغرى. وأما مفاعلتن فتسبب انتهاكا عبر حدود التفعيلة، لأن LL تعد منبورة بشكل تروكي trochaically . ويمكن للبحور الثلاثة الأخرى، بطريقة مشابهة، أن تؤدي إلى انتهاكات بما يعتمد على تحققها السطحي ، إلا أن الطويل وحده يظل خلوه من الانتهاكات مضمونا. ثمة قضية واحدة لا يعالجها تحليل جولستون ورياض بشكل مباشر، وهي لزوم العلة في نهايات الأشطر . ففي القصيدتين، اللتين حللتهما ، ظهرت التفعيلة المعتلة فعولن في الأبيات جميعها. وعلى الرغم من كون هذه الظاهرة شائعة الحدوث في التقاليد الشعرية إلا أنه من غير الواضح وضع أفضل صياغة لها . إن جعل المقطع الأخير في تحليلهما يشتمل على علة إضافية فوقه لا يعد كافيا بشكل ملائم ، لأن ذلك سيؤدي إلى ترك الوافر منتهيا بـ (ϕ ). وهي ليست ابدا الحالة التي ينتهي فيها البيت بـ LL ، ولذا فمن غير المحتمل أن الموقع الملغى يترك الموقع المتغير وراءه بلا تغيير. وفيما عدا أكثر البحور ندرة، وهو الهزج ، فلا يوجد بحر ينتهي بوحدة متغيرة variable (المترجم: بل يوجد الكثير!)، لذا فربما كان هذا القيد كافيا ليمتد إلى كل المقاطع النهائية بما فيها تلك التي جاءت بها التفاعيل المعتلة، بحيث يمكن تقطيعها على أساس أنها مقاطع طويلة. لقد أوجد غولستون ورياض تحليلا مقنعا لأوزان الشعر العربي القديم . فهما إذ يستعملان ثلاث وحدات وزنية هي : H, L, LL ، يجعلان عدد الاحتمالات قليلا من ناحية، وإمكانية التنبؤ بشكل أكثراتساقا عبر التغيرات السطحية. وفوق ذلك كله فإن هذا النموذج يستخدم ملامح لغوية هامة مثل الثنائية ليجعل تحليلهما يقع في إطار النظرية ذات العلاقة وليتجنب اللاتماثلات asymmetries الناشئة عن مجموعات التفاعيل الثنائية والثلاثية التي تجدها عند برينس والخليل. وهذا ما يعمل على جعل الوزن متكاملا مع خصائص اللغة العربية، في حين يبلغ بالنظام أقصى درجات السهولة في إدراكه عالميا .
|
| | | خشان خشان *
البلد : الرياض عدد المساهمات : 7 نقاط : 13 تاريخ التسجيل : 28/09/2013
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2013-09-28, 11:56 | |
|
السلام عليكم أستاذي الكريم
الوزن الرقمي مناسب للتعبير عما تقدم ، وأنقل إليك فقرة مع بعض التعديل لتوضيح ذلك :
إن تجمعات الصوامت (عناقيد الصوامت) غير مسموح بها في العربية، بابْ = 2 ه قلْبْ = 2* ه
وكذلك فإن الحرف المتحرك المتبوع بحرف أو حرفين ساكنين بؤدى إلى نشوء المقاطع الطويلة ، نحو :
ص ح ح = 2 ، ص ح ص = 2* ص ح ح ص .= 2 ه
. فالحرف المتحرك هو ببساطة مقطع مفتوح، وأما (2* ) فهو مقطع مغلق. وهو يزعم أن الحركات الطويلة يمكن تحليلها إلى حركة قصيرة متبوعة بحرف لين من جنسها homorganic glide (/ah/, /iy/, /uw/) وبذلك يمكن اعتبارها مقاطع مغلقة. هذا اقتراح مهم ومثير للتمييز الضمني من العروضالكمي الإغريقي واللاتيني. ولكن بالنسبة لأغراضنا هنا فإن تصنيف المقاطع إلى طويلة وقصيرة يبدو لنا كافيا. في القائمة التالية، والشرح الذي يعقبها ، سوف أرمز للمقطع القصير بالرمز 1 ، وللمقطع الطويل بالرمز 2 ، وللوتد بالرمز 3 وللسبب بالرمز 2 ، والحرفان الأخيران قياسيان
ألا من مبلغ فتيان فهم * بما لاقيت عند رحى بطان - / / - / / / - / / - / / / P K P K K P K P K K
ألا 3 – من 2 – مبْ 2 – لغنْ 3 – فتْ 2 – يا 2 – نفهْ 3 – من 2 = 3 2 2 3 2 2 3 2 = 3 4 3 4 3 2 بما لا قيْ تعنْ دَ رحى بطا ني = 3 2 2 3 1 3 3 2 = 3 4 3 ((4) 3 2
|
| | | خشان خشان *
البلد : الرياض عدد المساهمات : 7 نقاط : 13 تاريخ التسجيل : 28/09/2013
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2013-09-28, 21:13 | |
| يخطئ الظن من يعتقد أن العروض الرقمي الذي ابتكره الأستاذ خشان خشان خارج عن نظام الخليل بن أحمد أو مخالف لأسس منهجه. إن الأعاريض الرقمية الأخرى التي سبقت انطلاقة مشروع خشان ، ومنها عروض الشيخ جلال الحنفي، هي التي يجب أن تعد مخالفة لنظام الخليل. فلقد رمز الشيخ ، رحمه الله، للمقطع القصير بالرمز (1) ، وللمقطع الطويل بالرمز (2) والمقطع المديد بالرمز (3) ، فكانت تفعيلة (مستفعلن ) عنده هي (2 2 1 2 )، والتفعيلة المعتلة (فاعلان) هي (2 1 3) فخالف الخليل بذلك مرة ، وخالف النظام العالمي أخرى. خالف الخليل لأنه استبدل برمزي المتحرك والساكن من الحروف رموزا للمقاطع اللغوية: القصير والطويل والمديد ، وهذا ما لم يعرفه الخليل أو ما فضل عليه نظاما أبسط يكتفى فيه ببيان نوع الحرف من حيث الحركة والسكون. وخالف النظام العالمي الذي استقرت أشكال رموزه المقطعية عند الشكلين (ب) ، ( ـــ ) للمقطعين القصير والطويل على التوالي. أما خشان فقد أبقى على رمزي المتحرك والساكن الخليليين كما هما ، ليلتفت إلى أن الخليل أهمل وضع رموز أكثر اختصارا وأقرب تصويرا لطبيعتي السبب والوتد ، فعمد إلى تعويض هذا النقص من جانبه بأن رمز للسبب الخفيف بالرمز 2 وللثقيل بالرمز (2) ( القوسان ليتميز السبب عن الخفيف) ، ثم بالرمز 3 للوتد المجموع وحده. عمل خشان يعد، إذن، إضافة إلى عمل الخليل وهو يأتي لغاية يطلبها دارسو هذا العلم ، المبتدئون منهم والمتوسطون ، بحيث لا تعدو هذه الغاية أن تكون مدعاة للبسط في الشرح وتيسير العلم على طالبيه. وهذه الإضافة التي أوجدها خشان برموزه الرقمية ، ليست جديدة على الفكر العروضي . فلقد سبق إلى ذلك جماعة المنهج التوليدي Generative Prosody وأولهم Halle ثم Maling ومن بعدهما Prince وSchuh وذلك بما ابتكروه من رموز للأسباب والأوتاد مأخوذة من الأبجدية الانجليزية، وربما من اليونانية أيضا إذا لزم الأمر. فالوتد المجموع عندهم يرمز له بالرمز (P) والوتد المفروق بالرمز (Q) وأما السبب بنوعيه فيرمزون له بالرمز (K) ، ومن ثم فهم يشرعون في دراسة هذا العلم وتقديمه للناس بلغة علمية معاصرة يمكن فهمها والاتفاق عليها بين مختلف طلاب العلم مهما اختلفت لغاتهم. فالتفعيلة K K P ترمز عندهم إلى مستفعلن ، والتفعيلة K K Q إلى مفعولات . وإذا كنا وصلنا إلى هذه النقطة ، فهل يجوز لنا الآن أن نطلق على هذا المنهج اسم العروض الأبجدي لكي يتميز عن العروض الرقمي، أم أن العبرة في الاختلاف ترجع إلى طرح المشكلة ومحاولة حلها عند الطرفين؟ من المعروف أن المنهج التوليدي يستند إلى نظرية في النحو تصدرت معظم النظريات في القرن الماضي ، وأنها حتى لو اختارت رموز خشان الرقمية بدلا من الحروف لما خرجت عن كونها توليدية المنهج. والخلاصة أن كلا منهجي خشان والتوليديين لا يعدو أن يكون إعادة صياغة للمنهج الخليلي حيث لا يخرج عنه إلا بقدر ما تفرضه عوامل الزمن الذي يفصلنا عن مؤسسه الأول في القرن الثاني للهجرة ، فهما ليسا (محاولة لإيجاد بديل جذري لعروض الخليل ) كمحاولات أصحاب نظرية النبر، كما سنرى. تلك كانت، إذن، مقدمة لا بد منها قبل الخوض في تقييم الجوانب التي عمل بها هذان المنهجان في تقديم العروض العربي وشرحه ، وأما تفاصيل النقاش في مختلف جوانبه فسوف تستكمل في حينه، إن شاء الله. كنت أتساءل وأنا أتتبع منهج العروض الرقمي عن الصلة بينه وبين العروض التوليدي، وبخاصة في مسألة التمييز بين الأصل والفرع ، أو بين البنيتين العميقة والسطحية. ولم يطل هذا التساؤل كثيرا لأني لم ألبث أن قرأت لخشان قوله: "تقلل وجهة النظر التقليدية التي سادت العالم العربي منذ الخليل إلى اليوم شأن هذه الدوائر باعتبارها استنتاجا من البحور والتفاعيل لا أصلا يمثل تصورا كليا عند الخليل انبثقت منه البحور والتفاعيل كوسيلة شرح وتوضيح". وقوله : "أصل البحر – عموما - هو الصورة القياسية له كما تظهر على ساعة البحور ( دوائر الخليل ) والتي تتجسد فيها قاعدة التناوب العامة بين الزوجي والفردي". إذن ، فصاحبا هذين المنهجين ينهلان من نبع واحد ، هو نبع الثقافة العربية ومن ضمنه فكر الخليل نفسه. وإذا كنا عرفنا البنية العميقة عند خشان ، أو الأصل، فكيف تبدو البنية السطجية في منهجه؟ لم أجد خشان ذكر المقاطع بالمفهوم اللغوي الشائع لها syllables ، وبدلا من ذلك رأيناه أكثر التصاقا بمنهج الخليل في تعامله مع البنية السطحية من خلال رموز المتحرك والساكن، بل إنه بقي مختفظا برموز الخليل التي ذكرها ابن عبد ربه في قوله: ما لها من الخطوط البائنة * دلائل على الحروف الساكنة والحلقـــــــات المتجوفات * علامــــة للمتحركـــــــــــات ولا بأس بذلك ، وإن كنا نرى أن الاتجاه في الدرس اللغوي الحديث يميل إلى اتخاذ المقطع وحدة صوتية معروفة عند مختلف الأمم ، بل إن العرب عرفوها منذ بدأ الفلاسفة المسلمون يكتبون في الموسيقى والوزن الشعري وأولهم الفارابي ثم ابن سينا وابن رشد وغيرهم. قال الفارابي : "وكل حرف غير مصوت أتبع بمصوت قصير قرن به فإنه يسمى المقطع القصير، والعرب يسمونه الحرف المتحرك، من قِبَل أنهم يسمون المصوتات القصيرة حركات " وقال : "وكل حرف لم يتبع بمصوّت أصلاً، وهو يمكن أن يقترن به، فإنهم يسمونه الحرف الساكن، وكل حرف غير مصوت قرن به مصوت طويل فإنا نسميه المقطع الطويل ". أقول ذلك لأني وجدت خشان يركز على شرح باب الساكن والمتحرك في منهاجه وبقول: ولم أكن أركز عليه ظنا مني بأنه مفهوم للجميع. ولكني اكتشفت أن كثيرين لا يتقنون هذا الموضوع ، لهذا فسأسهب في شرحه لصالح من لا يعرفه". لم تكن مالينج أول باحثة تحاول إخراج السريع من دائرة المشتبه، فلقد سبقها إلى ذلك الجوهري قبل ألف عام . هي لأنها لا تقبل نسقا ينتهي بوتد مفروق، وهو لأنه لم يقبل نسقا ينتهي بتفعيلة مفعولات، وإذن فسبب الطرد واحد عندهما. وهي أعادت السريع إلى حضن الرجز كأحد أنواعه الخاصة، وهو ألقاه بين أحضان البسيط (لأن كل ما كان على مستفعلن فاعلن فهو من البسيط طال أو قصر). لكنها اختلفت عن الجوهري في أنها جمعت ما بقي من بحور دائرة المشتبه في دائرة جديدة أعادت بها لم شملهم ثانية، وأما هو فقد واصل تشتيت بحور تلك الدائرة وإلقاءها بين أحضان بحور أخرى، بحيث صار المنسرح والمقتضب من الرجز، لأن (مفعولات) فيهما لم تكن عنده إلا زحافا لمستفعلن بعد تفريق وتده. وكذلك ألحق المجتث بالخفيف ،لأن كل ما كان من مستفعلن فاعلاتن فهو من الخفيف عنده.وأما خشان فاختط نهجا آخر، ولعله إلى نهج مالينج كان أقرب، نوعا ما ، منه إلى الجوهري. فهو قد ألغى الوتد المفروق برمته، أو لنقل إنه لم ير لهذا الوتد أثرا في بحور دائرة المشتبه وذلك بعد أن أزال الحدود التي وضعها الخليل بين التفاعيل . ولم يكتف بأن يزحزح الحد الفاصل بين مفعولات ومستفعلن وحدهما في المنسرح، كما كان أهالى الرمثة يزحزحون الخشبة بينهم وبين درعة، بل كان يقصد إلى أن يجعل من مبدأ الإزالة هذا مبدأ عاما يشمل كل التفاعيل. ولهذا وجدناه في مناسبات كثيرة يندد بوهم الحدود بين التفاعيل ، ويؤكد على أن في إزالتها تيسيرا عظيما على طلبة علم العروض ، ذلك أن كثيرا من مصطلحات الخليل ارتبط بهذه الحدود ، دون أن يكون للتفاعيل من مبرر إلا مجرد حمل هذه المصطلحات فحسب . من هنا وجدنا خشان في مناسبات عديدة يدعو إلى إزالة الحدود بين التفعيلات ، وهو هنا يختلف عن مالينج التي جعلت من حدود التفاعيل foot boundaries مبدأ أساسيا من مبادئ عروضها التوليدي وذلك لشرح قوانين معينة في الزحاف لا تكاد تنطبق إلا بمراعاة هذا المبدأ . وبهذا فقد عدّ عملها مكملا لعمل الخليل ومفسرا له . بخروج الوتد المفروق من النظام الرقمي ، بقيت فيه المكونات الثلاثة: السبب بنوعيه، والوتد المجموع. وقد رمز لهما خشان بالرمزين 2 ، 3 .وأما مالينج فقد رأينا أنها رمزت للمكونات السبب وتدية الثلاثة عندها بالرموز س ، و ، ف ، غير أنها كانت ترى أن "التحليل المنهجي الذي يقوم على استخدام وحدتين فقط هما : س ، و يبقى هدفا مرغوبا فيه من حيث أن النظام الوزني القائم على ثلاث وحدات يعد نادرا". وإذن ، فرمزا الرقمي هما ذلك الهدف المرغوب فيه عند الباحثة مالينج، ولو أنها وجدت سبيلا إلى التخلص من الوتد المفروق لكانت سلكته ، ولكن يحمد لها أنها سجلت هذه الملاحظة التي تدل على عمق معرفتها بشروط التحليل المنهجي. لقد كنا رأينا في وصف خشان لبحور دائرة المشتبه بالوحدتين الأساسيتين: 2 ، 3 ، كيف استقام له ترتيب هذه البحور بما فيها السريع الذي ينتهي عنده بثلاثة أسباب (2 2 2 ) كثيرا ما يدلعها بالرقم 6 . ورأينا أيضا كيف اختصر دائرتي المؤتلف والمجتلب في دائرة واحدة تضم الوافر والهزج وبعدهما الكامل والرجز ثم الرمل. وهذا كله مما يدخل في تيسير هذا العلم الجميل. فيما يخص اعتماد وحدتين للعروض هما السبب والوتد فإن أصل الفضل في هذا يعود إلى أستاذي أحمد مستجير وهو وإن لم يذكره تخصيصا إلا أن سياق منهجه يؤدي إليه. وللعلم فالرقمي يتعامل مع معطيات الوتد المفروق وما حوله شاملا رأيي الخليل ود. مستجير في سياق منهج الرقمي الخاص . تدرس مالينج في هذا القسم من البحث القواعد التي تربط الأنساق المؤلفة من الأسباب والأوتاد المجردة بمقابلاتها الوزنية التي تتألف من مقاطع طويلة وقصيرة. وتقول : إن وراء الفوضى الظاهرية لهذا العدد الهائل من القواعد التقليدية التي تشتق بواسطتها الزحافات ، يكمن نظام بسيط من قواعد المقابلة الوزنية . فهي مثلا تصوغ قاعدة تحويلية بسيطة على النحو التالي: "يمكن للسبب الذي يلي وتدا مجموعا أو مفروقا أن يقابله مقطع قصير" ( وطبعا هي تكتبه في صيغة معادلات النحو التوليدي التحويلي وهو ما يصعب علي نقله من خلال لوحة المفاتيح هذه). فنجد هذه القاعدة التي تقل عن سطر، قادرة وحدها على التعبير عن القبض في فعولن ومفاعيلن، والكف في فاعلاتن ومستفع لن ، والعقل في مفاعلتن. ومالينج تزعم أن قواعدها تتميز بالشمولية generalization، كما نرى في هذه القاعدة، ومع ذلك نجد أنها قصرت في تفسير عدم زحاف السبب الذي يلي الوتد المفروق في بحر المضارع ، ما جعلها تسعى إلى التملص من هذا القصور باللجوء إلى تبرير ذلك بأن المضارع بحر نادر الوجود. وعلى العموم ، فإن مقدار الجرعة الشمولية في قواعد مالينج تفوق بكثير مقدارها في قواعد الخليل التي ترتبط بتفعيلات معينة في بحور معينة، بل وفي ضروب منها دون أخرى, أنظر إليها تقول : "لقد بينا أن التغييرات المسموح بها في مواقع السبب يمكن التعبير عنها بمجموعة من القواعد التي يتحدد تطبيقها حصريا بالبيئة الوزنية المقررة بمكونات مجردة ، هي : س ، و ، ف ، وعلامة حدود التفاعيل. إن هذه المجموعة الصغيرة من القواعد تغني عن العدد الكبير من القواعد التقليدية التي لا يتحدد تطبيقها فقط بتفعيلة معينة ولكن أيضا بمجموعة معينة من ضروب البحر التي توجد فيها تلك التفعيلة، وليس البحر بأعاريضه وضروبه كلها", وعلى هذا النحو من السعي إلى إيجاد قواعد تتسم بالشمولية مع الإقلال من عددها يتميز النظام الرقمي بقاعدة ربما كانت هي الوحيدة، وهي تنص على تحول 2 إلى 1 . وقد طبقها على زحافات الخبن والطي والقبض والكف حيث لاحظت أنه كان يكتفي بزحاف سبب واحد في التفعيلة مما يشير إلى أنه ملتزم بقيد المعاقبة عند الخليل. والآن ماذا لو أن مالينج وقعت على امثلة من الدوبيت العربي أو اطلعت على كتاب الدبيتي للدكتور عمر خلوف كما اطلع عليه الأستاذ خشان، فكيف كانت ستصفه من خلال وحداتها المجردة abstract . لنفترض أولا أنها رمزت للسبب بالرمز 2 وللوتد بالرمز 3 ، وإذن فسوف نواجه النسق التالي: (هذا النسق منقول عبر عملية النسخ واللصق عن الرابط التالي
.............................
2 2 2 ]2[ {2} }2{ 3 2 2 2/ ه
2 = سبب خببي خفيف ~أو ثقيل ]2[ = سبب ممتنع الزحاف {2} = سبب خفيف مستحسن الزحاف }2{ = سبب خفيف يستحسن ةيغلب عدم زحافه 3 = وتد ويندر في 2 2 أت يأتي كلاهما ثقيلا في آن واحد |
| | | خشان خشان *
البلد : الرياض عدد المساهمات : 7 نقاط : 13 تاريخ التسجيل : 28/09/2013
| موضوع: رد: دراسات حديثة في العروض العربي 2018-03-25, 10:06 | |
| أخي وأستاذي الفاضل أحمد علي إشارة لما تفدم, وحول موضوع (دراسات حديثة ) والتي يبرز صاحبها دراسة جولستون ورياض أرجو أن تطلع على هذه الترجمة والتعليق الذي يمثل تفكيري بصوت عال وكيف ابتدأ بما أراه مماحكة وانتهى بما أراه سوء تفاهم وتضحية بالمضمون أو بعضه من أجل الشكل العالني وأنا أرى أن الشكل الخليلي منسجم مع المضمون العربي الهيكمي وهو للعربية أرقى وأفضل من الشكل العالمي. الساعة في الخالتين تمثل المنهج وعمل مقارنة بين ساعتي الخليل وأستاذنا السعيدي كفيلة بالتوضيح كما هنا يبقى الفرق أنهما قالا من البداية بأنهما يترجمان الخليل وهو قال يحطم الخليل. |
| | | | دراسات حديثة في العروض العربي | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية | |
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع | |
فانضموا إليها
|
انضم للمعجبين بالمنتدى منذ 28/11/2012
|
حقوق النشر محفوظة
لمنتديات تخاطب
المشاركون في منتديات تخاطب وحدهم مسؤولون عن منشوراتهم ولا تتحمل الإدارة ولا المشرفون أي مسؤولية قانونية أوأخلاقية عما ينشر فيها
Powered by
phpBB© 2010 |